الرد على اخواننا المالكية
الذين لا يرون قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة
القول بقراءة الفاتحة في صلاة الجنازة قول قوي معتبرو هو مذهب جماعة من الصحابة , لا يعرف لهم مخالف الا ابن عمر الذي ذكر روايته الامام مالك في موطئه من طريق نافع عنه أنه كان لا يقرأ شيئا في صلاة الجنازة
, أما القراءة فقد أثبتها ابن عباس وقال انها سنة وحق , وهذا الكلام حكمه الرفع عند أهل الحديث بالاتفاق كما قال الحاكم في المستدرك , ولذلك رواه البخاري في صحيحه على أنه حديث له حكم الرفع محتجا به , فقال البخاري مبوبا
((بَابُ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الكِتَابِ عَلَى الجَنَازَةِ))
وَقَالَ الحَسَنُ: " يَقْرَأُ عَلَى الطِّفْلِ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا فَرَطًا وَسَلَفًا وَأَجْرًا "
1335- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ طَلْحَةَ، قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، ح حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَلَى جَنَازَةٍ فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ قَالَ: «لِيَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ»
والحسن هو البصري,
وروى الشافعي وغيره هاته القصة عن ابن عباس وفيها أنه جهر بالقراءة , وهذا فعله عمدا ليعلمهم القراءة , كما جاء ذلك صريحا في رواية الشافعي
((أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَجْهَرُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ عَلَى الْجَنَازَةِ وَيَقُولُ: «إِنَّمَا فَعَلْتُ لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ»
وروى أيضا عن أبي أمامة مثل ما روى ابن عباس باسناد صحيح ((عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ رَجُلٌ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ السُّنَّةَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَازَةِ أَنْ يُكَبِّرَ الْإِمَامُ ثُمَّ يَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى سِرًّا فِي نَفْسِهِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَخْلُصُ الدُّعَاءَ لِلْجَنَازَةِ فِي التَّكْبِيرَاتِ ، لَا يَقْرَأُ فِي شَيْءٍ مِنْهُنَّ، ثُمَّ يُسَلِّمُ سِرًّا فِي نَفْسِهِ ))
فقد قال أيضا ( أَنَّ السُّنَّةَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَازَةِ )) ,
وروي أيضا عن سهل بن حنيف مثل ذلك وأيضا عن غيره , قال ابن عبد البر في الاستذكار وهو من أئمة المالكية الأندلسيين (3-41)
((وروي عن بن عَبَّاسٍ وَعُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ وَأَبِي أُسَامَةَ بْنِ سهل بن حنيف أنهم كانوا يقرؤون بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ عَلَى الْجِنَازَةِ
وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ كُلُّهُمْ كَانَ يَرَى قِرَاءَةَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ فِي أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ فِي الصَّلَاةِ ..)) انتهى كلامه
وقوله (بمكة والمدينة ) يرد قول من زعم أن عمل أهل المدينة المجمع عليه هو ترك القراءة على الجنائز , نعم ثبت القول بترك قراءتها عن ابن عمر وبعض التابعين كسالم بن عبد الله من فقهاء المدينة وكذا جماعة من أهل العراق كابن سيرين والشعبي وهو مذهب أبي حنيفة وسفيان اضافة الى مالك ,
وقال بالقراءة أيضا جماعة من التابعين و هو مذهب الشافعي وأحمد واسحاق ,
وهو الأقوى من حيث الدليل المرفوع الى النبي عليه الصلاة والسلام من رواية ابن عباس وأبي أمامة ,
ويؤيده عموم قوله عليه السلام (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) ,
ولا خلاف بينهم أن هاته تسمى صلاة , الا ما روي عن الشعبي وهو شذوذ منه .
أما استدلالهم على ترك القراءة بأن هذه صلاة انما شرع فيها الدعاء لا القراءة , فالجواب أن لا تعارض بين الأمرين فيقرأ أولا ثم يدعو , بل تقديم القراءة أدعى لاجابة الدعاء لأن الفاتحة هي ثناء على الله تعالى والدعاء ينبغي أن يتقدمه ثناء ثم صلاة على النبي عليه الصلاة والسلام , والحمد لله رب العالمين.