بارقة أمل

بدرية الغنيم


كم هو جميل تحقيق أهدافنا أو بعض أحلامنا، كم هي سعادة الإنسان لا توصف حينما يحقق هدفاً سعى وبذل لأجله الكثير، فنسي حينها كل تلك الصعاب في نشوة انتصاره وتحقيق حلمه، لكن هل دائما تصل إمكانياتنا إلى حجم طموحاتنا؟ وهل دائما تكون أيامنا مواتية لتلك الطموحات أم أنها في أحيان كثيرة لا تكون كذلك بل تجد نفسك وحيدا ترقب أملا تحطم أمام ناظريك وبنياناً انهار أمام عينيك بذلت فيه كل جهدك وإمكانياتك المادية والمعنوية؟ فحينها وإن بدا شعور الحزن مستحوذا على مشاعرنا باعثا حرارته مع أنفاسنا التي تنبعث من صدورنا فإن في قرارة أنفسنا جذوة لا تنطفئ وحماس بإذن الله لا يخبو لنعيد الكرة مرة أخرى حتى وإن سد باب فقد فتح أمامنا ألف باب؛ لأن ذلك هو سمة المؤمن، عدم التخاذل والضعف والانهزام، بل تراه راضيا مقبلا على الحياة يرضى بقضاء الله، يجد برده بين جنبيه عن تلك الظروف التي يّسرها الله له، وعدم ضيق أو تبرم لما فاته من حظوظ الدنيا.
هكذا أحسبك أختي.. ولا أزكي على الله أحدا، أحسبك ذات عزم قوي وطموحات وثّابة، لا تفت في عضدك ابتلاءات بفقد بعض المحبوبات، التي قد تُخفي في داخلها أموراً قد تكون متلفات أو مكروهات، وقد دبر المولى صرفها عنك لحكمة يراها رب العباد غابت معانيها عنك بالرغم من رؤيتنا لها بأنها أمور طيبة.
أختي.. إن المؤمن صادق العزيمة كما هو صادق التوكل على الله، وصادق مع نفسه في رضاه بما اختاره الله له.. رضا يوقد جذوة حماسه لاستقبال ما اختاره الله له من أمر، مظهرا رضاه في صور منها حماس يتجدد.. حماس أعلى من حماسه فيما لو حصل على ما صُرف عنه. فهل تراك أختي كذلك.. قد أشبعك الرضا حتى طفح البشر والحماس على تصرفاتك أم أنك تلك التي فرح الشيطان بشعورها بالخذلان وخيبة أمل، فدفنت تلك الطاقات والتفوق تحت رماد خيبة الأمل وأصبحت عضوا نائما إن لم يكن ميتا لا نفع للمسلمين منه يرتجى؟
لا أظنكِ كذلك ولا يمكنني تصوركِ بهذه الصورة.. فأنت ابنة الإسلام الحرة الأبية الفارة إلى الله في لحظات فرحكِ وحزنكِ، والراضية بقضاء الله وإن خالف هواك، والشاكرة لنعمائه عند تحقق رغباتكِ.. فاحمدي الله على أن يسر لك طريقا آخر ولم يسدها جميعا عليك.
أختي.. دعيني أرى بارقة الأمل والرضا تلوح على محياكِ لتذهب بسنا ضوءها بأبصار اليأس حتى لا يعرف لك طريقاً، وتحرق ببرقها كل أمل للشيطان في النيل منكِ وإقعادكِ عن نفع نفسكِ وأخواتكِ، وستمطر بإذن الله وستثمر تلك الجهود الجديدة لذلك الباب الجديد الذي دلفته كارهة، وكوني أختي بما عند الله أوثق مما عند الناس، والله يرعاكِ ويسدد خطاكِ وجزاكِ الله خيرا أن قرأتِ مقالتي التي تفرستها في صفحات وجهكِ وفلتات لسانكِ، وعذراً على هذا التطفل لكنه شعور الأخوة في الله أقلقني أن أراكِ بوجه جديد لم أعهده.