الفتاةُ المسلمةُ كما تُمثِّلها لِيَ الخواطر ❀ النحلة الدءوب لا تقع إلا على المراتع الجميلة كالأزهار- وليس للنحلة غيرُها- فتجتلب منها مادة قوتها لتصنع بها حياتها ولو لم يكن لها من شرف المكانة وعلو الشأن إلا أن خالقها ذكرَها في كتابه وامتدحها وصوّرها بأحلى ما يُنسب إليها: العسل, حتى إذا وُصف أحدُهما ذُكر الآخر..لو لم يكن للنحلة إلا ذاك لكفاها عن أن تحلِّق وتطير وهذا سر جمالها والنظرِ فيها..وفي الفتاة المسلمة مُثُل من ذلك عُلْيا: فهي صادقةُ الفؤاد قصيرة العين عفيفةُ اللسان طاهرةُ الذيل محمودة في أمرها كله,لا تُحْوِجُ غيرها إلى امتداحها إذ هي الممدوحة, ولا تُلْجِئُها ضرورة إلى اعتذار فهي الطاهرة ولا مندوحة! ❀ خشوع في صلاة, ضراعة في دعاء, أنشودة جميلة, حياء مستحيٍ, مسك مفتت, زهرة فواحة, روضة غنّاء, لؤلؤة في محّارة, رقة النسيم, عشرة الندى للورد..أليس للفتاة المسلمة من كل واحدة مثال؟ بلى! ألا يجتمع لفتاة مسلمة أن تكون خاشعة ضارعة, تالية حادية, جميلة حيِيَّة, فواحة الخُلُق, روضة علم وأدب, قرارُها في بيتها: لا خرّاجة ولاّجة؟ بلى بلى!! ❀ الفتاة المسلمة! أتمثَّلُها كريمةَ النفس, شريفةَ الطبع,نبيلةَ الغاية, بعيدةَ النظر, ليِّنة في خِفَّة لا هيِّنة مع كُلْفة, ما وجدتْ مِن مِسْكِ أخلاقها طيِّبةٌ صالحةٌ إلا أقبلت وانتعشت, وما رأتها خبيثةٌ طالحةٌ إلا أدبرت وانكمشت, تحيا بالإيمان في حركتها وسكونها, في قيامها وقعودها, في ملبسها ومطعمها ومشربها, متحدثةً وصامتةً وفيما بينهما:(مبتسمةً.. ). في قرارِها: بيتِها, وفي نفسها- أعلى وأغلى-, مع إخوتها ومع والديها- أحلى وأجلى-, بين الصالحات تحبُّهن, ومع "الأزهار الذاوية "- العاصيات- تدعوهن وتبعث روح الحياة فيهن بما معها من كتاب ربها وسُنّة حبيبها المصطفى-صلى الله عليه وسلم-. ❀أديبة أريبة, ذواقة للجمال, ذات نفس شاعرة وقلب مطبوع, تسمع قول الناس:" من تحلَّى فَبِالحُسْن تجلَّى" فتأوي إلى حجابها, تأنس به وتدعو إليه لأنه قمةُ الحُسن عندها وموضعُ الجمال منها, فتتمسكُ به مسْكَ البخيل بماله... أما الفن عندها فَشِعْرٌ عذْبٌ وحُداءٌ لطيف وصورة جميلة ولونٌ زاهٍ وما عداها فخِفَّة وطَيشٌ ورٌعونة.. وأعلى من ذلك كُلِّه: (خلقٌ حسن) ينشرح به صدرُها وتستقيمُ به حياتُها وتُرضِي به ربَّها ... ❀ أَحَبُّ وقت إلى نفسها وأرجى لحظةٍ لديها: ساعةَ تخلو بنفسها تُناجي ربها فلا تلبثُ كذلك حتى تُرسِل العينُ دموعَها من خشية الله ومحبته والشوق إليه, يالِلّه! ما أحرَّها من دموع وما أجملها من لحظات تسوق إلى جنة الله ورضوانِه وتُبْعِدُ عن سَخَطه ونيرانه. ❀ تحب العُزلة والتحفُّظ لتَسلَم من العثرة بالتلفُّظ , فلا كذبَ ولا غيبةَ ولا نميمةَ ولا شهادةَ زورٍ ولا فحشَ ولا بذاءةَ .. وتحفظ عليها قلبها, فلا حسدَ ولا حقدَ ولا بغضَ ولا عشقَ ولا هوى, ولكنها مع هذا, تصل رحمها وتكرم ضيفها وتحسن إلى جارها و تعاشر بالمعروف, ولكن.. ❀ احذري- أُخيَّةُ – تلك الأنوثةَ الغَزَليةَ التي تفرغكِ من وظيفتكِ فتجعلكِ بطّالة الفكر, فارغةٌ للهو فارغة إلا من اللهو. إنها فتنة فتّانة, ومصيبة وَلُود تُفضي بصاحبتها إلى أشباح عاطفية وهزائم نفسية.. ❀ الفتاة المسلمة صورة! والفتاة المرسومة الملوَّنة هي كذلك! غيرأنّ الأولى صُوِّرت لوظيفة بل خُلقتْ لحقيقة كونية: إنها عبادة الله و توحيده وإرضاؤه. أما الثانية فدعْكَ منها لأنها لم تُصوَّر إلا ِلحالة نفسية, تماما على النحو الذي يريده ويُديرُه الرسام, فاختاري أيّتَهما.. ❀ الأخبار الشائعة والأحلام الضائعة والفنون المائعة..لا تعمل في قلب تلك الفتاة مثقال ذرة لأنها صلبة الفؤاد, ماضية العزيمة, صحيحة العقيدة, لا تلفُّ لفَّ المهزوزات بل تقر في مكانها, ولا تضطرب شأنَ المتقفِّزات بل تَثبت من أوانها. ❀ هي- كما تمثلها لي الخواطر- دامية القلب, مكلومة الفؤاد لما ترى من فساد وتبرُّج وجنون, ولما تسمع وتقرأ(فهي قارئة) عن استعمار أهل الكفر والضلال وغزو ذوي السخافة(الثقافة) الغربية من رسمِ فاضح و موسيقا صاخبة وتمثيل كاشف وتعارفٍ و"تمايع" واختلاطٍ.. كل ذلك تحت اسم:الفن التشكيلي(بل التشكيكي) فاعلمي- أُخيَّةُ – ألاَّ سبب لذلك كله سوى البعد عن الشريعة بشيئين: تغييب المصحف و التشكيك في السنة.. إنهما مصدر قوتك وفلاحك, فالزميهما تكوني قوية أربع مرات: زوجة سعيدة, أمّا صالحة, مربية ناجحة و..واحدة في الجنة... هذه بعض ملامح الفتاة المسلمة كما تمثلها لي الخواطر. جمال الدين السُّلَميّ الجزائريّ(بكر الصغير) الثلاثاء8 جمادى الأولى 1429