قال تعالى:" قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6) " الكافرون.
وقال تعالى: " إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3) " النصر .
وقال تعالى:" تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)" المسد .
وقال تعالى:" قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4) " الإخلاص .

هذه السور فيها من الترابط العجيب والجميل لمن تدبرها.

أولا : في سورة الكافرون أمرنا الله بعبادته وحده ولا شريك له وبالبراءة من الكافرين ومما يعبدون من دون الله أي البراءة من جميع معتقداتهم وأقوالهم وأفعالهم التي يتقربون بها إلى آلهتهم والتي هي دينهم أي مخالفتهم فيها جميعا بما أمر الله ونبيه وإن زعموا أنهم يعبدون الله فإنهم لم يؤمنوا لا بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ولا بالقرآن ككتاب منزل ولم يتبعوا كليهما لأن الإيمان قول وعمل فكفى بذلك دليلا على كفرهم. وثانيا أمرنا بعدم قبولها أبدا والتمسك بدين الله حتى الموت.

ثانيا في سورة النصر أخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بمجيء نصر الله والفتح ودلنا على علامتهما وهي دخول الناس في دين الله أفواجا ثم أمره بأمر . وهذه السورة نزلت بعد فتح مكة فهو وعد بفتوحات ونصر الله يتبعهما دخول الناس في دين الله أفواجا.

ثالثا في سورة المسد أخبرنا الله تعالى أنه تبت يدا أبي لهب وتبت يدا من يعينه. وهذه السورة نزلت قبل أن يهلك ابو لهب وزوجته.

رابعا في سورة الإخلاص وهي إخبار الله تعالى عن نفسه المقدسة المتصفة بالأحدية والصمدية فلذلك لا نسب له ولا نظير له.

والربط كالتالي : إذا عبدتم الله وحده ولا شريك له وتبرأتم من الكفار ومن دينهم وتمسكتم بدينكم حتى الموت أتى نصر الله والفتح ولرأيتم الناس يدخلون في دين الله أفواجا إذا لتبت أيادي الكفار وأعوانهم ذلك بأن الله هو الأحد وأن الله هو الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد. ومن أحديته وصمديته جل جلاله أنه قدر مقادير الخلائق قبل خلقهم ووضع سننا كونية وشرعية فمن أخذ بها وصل ومن أعرض عنها هلك. قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ (20) كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (21) وقال تعالى: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51).

فالسببان الأساسيان للنصر والفتح ودخول الناس في دين الله افواجا هما عبادة الله وحده ولا شريك الله كما يحب ويرضى و البراءة من الكفار ومما يعبدون قال تعالى: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَن َّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4) رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (5) لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (6) عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (7). والعكس صحيح !!!!