تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: اللمعة في استحباب التحلق والتدريس يوم الجمعة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    454

    افتراضي اللمعة في استحباب التحلق والتدريس يوم الجمعة

    بسم الله وبعد :
    فهذا العنوان هو عبارة عن كتاب كبير أعددته وأكملته قبل عدة سنوات جمعت فيه المئات والمئات من الآلف والآلاف من أئمة السلف ممن كانوا يتحلقون يوم الجمعة قبل الصلاة، ومن المعلوم أن حلق الجمعة يحضرها كل المسلمين بلا استثناء لمكان الجمعة خاصة عند الأولين، لم ينكر هذا التحلق أحد منهم فكان أمرا مشروعا بإجماع السلف ، والعجب كل العجب هو تسارع جماعة من المتأخرين لتبديع هذا الفعل المشتهر جدا بين الأولين، وقد أجبت في الكتاب على كل شبههم ومواردهم الجديدة ،
    ونظرا لطول الكتاب جدا فقد رأيت أن أكتب المرة بعد المرة بعض الآثار عن السلف فأقول :
    الدليل الثاني عشر: حديث السائب رضي الله عنه : قال أبو بكر في المصنف (1/468) باب الحديث يوم الجمعة قبل الصلاة : ثنا ابن المبارك عن أسامة بن زيد عن يوسف بن السائب عن السائب بن يزيد رضي الله عنه قال:" كنا نتحلق يوم الجمعة قبل الصلاة ",
    وهذا حديث حسن له حكم الرفع ، ورجال إسناده كلهم ثقات، فابن المبارك حجة إمام, وقد تابعه عبد الله بن وهب كلاهما عن أسامة بن زيد وهو الليثي, وهذا قال عنه ابن معين: ثقة حجة, وقال مرة: ليس به بأس, وقال الفسوي في التاريخ:" هو عندنا وعند أهل المدينة ثقة مأمون"، وقال المزي:" استشهد به البخاري, وروى له الباقون", وقال ابن عدي في الكامل: ليس به بأس, وقال أيضا:" روى عنه عبد الله بن وهب نسخة صالحة "، وهذا الحديث منها، وهو صحيح على شرط مسلم .
    وقد أخطأ في حقه ابن حجر فقال عنه :" صدوق يهم"، لأن يحيى بن سعيد القطان ترك التحديث عنه، لكن هذا لا يضره لكون يحيى من المتشددين، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في المجموع (24\350):" وشعبة ويحي بن سعيد وابن مهدي ومالك ونحوهم قد كانوا يتركون الحديث عن أناس لنوع شبهة بلغتهم لا توجب رد أخبارهم, فهم إذا رووا عن شخص كانت روايتهم تعديلا له, وأما ترك الرواية فقد يكون لشبهة لا توجب الجرح وهذا معروف في غير واحد قد خرج له في الصحيح "، وأسامة هذا ممن خرج له في الصحيح .
    وأما يوسف بن السائب ففيه احتمالان :
    أحدهما : أن لا يكون في المصنف تصحيف ولا وهم , فيكون يوسف بن السائب قد نسب إلى جده لأمه, واسمه يوسف بن عبد الله بن يزيد, وهذا قال عنه ابن حبان في الثقات (5/551)" يروي عن أبيه وله صحبة, روى عنه ابنه محمد بن يوسف"، وعلى هذا فيكون أسامة بن زيد قد روى الحديث من الوجهين: عن محمد بن يوسف كما سيأتي، وعن يوسف بن السائب كلاهما عن السائب بن يزيد به، وفي هذا قوة للحديث .
    إلا أن هذا الاحتمال الثاني هو الأقوى : وهو أن الصواب فيه هو محمد بن يوسف بن السائب فسقطت كلمة محمد من المطبوع، أو يكون قد حدث خطأ من بعض الرواة ، وهذا أقوى الاحتمالات لأمور:
    أولاها: وهو أن أسامة بن زيد معروف بالرواية عن محمد بن يوسف، ومحمد معروف بالرواية عن جده السائب بن يزيد،
    والأمر الثاني: ما قاله البخاري في التاريخ الكبير (1/264):" محمد بن يوسف بن عبد الله بن يزيد, وأمه بنت السائب...وقال لي ابن أبي شيبة نا حفص عن محمد بن يوسف بن السائب عن السائب ", فدل هذا على أن الراوي هنا هو محمد بن يوسف بن السائب، فإما سقطت كلمة محمد من المطبوع، أو من حفظ أحدهم والله أعلم .
    ثم وجدت ذلك الأخير صريحا بحمد الله تعالى، ففي كتاب العلل لابن أبي حاتم (ر610) قال: سمعت أبا زرعة وحدثنا عن ابن أبي شيبة عن ابن المبارك عن أسامة بن زيد عن يوسف بن السائب عن السائب قال:" كنا نتحلق يوم الجمعة قبل الجمعة" سمعت أبا زرعة يقول: هكذا قال، وإنما هو: أسامة بن زيد عن محمد بن يوسف عن السائب "، فزال الاحتمال وصح هذا الأثر ، بل قد ورد صريحا أيضا أنه محمد نفسه كما قال أبو زرعة الحافظ .
    والأمر الثالث: أنه قد جاء ذكر محمد بن يوسف على الصواب عند أبي نعيم في طبقات الأصبهانيين (4/190) من ترجمة عبد الله بن أبي عمرو, وقال عنه: شيخ ثقة، ثم قال: ثنا عبد الله بن أبي عمرو نا هارون بن طريف المكي نا ابن وهب نا أسامة بن زيد أن محمد بن يوسف حدثه أنه سمع السائب بن يزيد رضي الله عنه يقول:" كنا نتحلق يوم الجمعة قبل النداء الأول، فإذا نودي للصلاة قمنا "، فصح هذا الخبر وبالله التوفيق، وله شواهد أخرى من حديث السائب ستأتي .
    وهذا الحديث يفيد استمرارية الصحابة رضي الله عنهم على هذا التحلق، وذلك مأخوذ من لفظة: "كنا", التي تفيد الاستمرارية منذ عصر النبي عليه السلام إلى عصر أصحابه ، يؤيد ذلك رواية " قبل النداء الأول"، وقد وجد النداءان بعد عصر النبوة، ولما سيأتي من شواهد أخرى ، في تحلق عامة الصحابة الكرام، يوم الجمعة قبل خروج الإمام، في عدد كبير، وجم غفير ، من غير إنكار من كبير ولا صغير .
    فإذا قد تبينت لك هذه البراهين، فإن فيما سنذكر منها أو ذكرناه ، لدلالات كافيات على مشروعية التدريس أيام الجمعات قبل الصلوات، ومن لم يكتف بذا، فسنُقفي له بذاك الجمع الهائل من الدلائل لعله عن تبديعه ينكف، وللسنة ينصرف، ولآثار الأصحاب يغترف, لكن الله هو الهادي وحده إلى الصواب .

    الدليل الثالث عشر: .................


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زياني مشاهدة المشاركة
    لم ينكر هذا التحلق أحد منهم فكان أمرا مشروعا بإجماع السلف ، والعجب كل العجب هو تسارع جماعة من المتأخرين لتبديع هذا الفعل المشتهر جدا بين الأولين، وقد أجبت في الكتاب على كل شبههم ومواردهم الجديدة ،

    ليتك تخبرنا مَن نقل الإجماع؟، وماذا يعني عندك الإجماع؟
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زياني مشاهدة المشاركة

    وهذا حديث حسن له حكم الرفع ،

    وكيف له حكم الرفع، أهذا الأمر لا مجال له من الاجتهاد ...
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    فتوى ابن عثيمين رحمه الله:
    سئل الشيخ العثيمين رحمه الله في " فتاوى نور على الدرب " (ج188/ص92 ) :
    الدرس الذي يكون قبل الأذان يوم الجمعة ما حكمه وما حكمه إذا كان بشكل مستمر؟
    فأجاب:
    أما الدرس الخاص الذي يكون بين عالم وتلاميذه فهذا لا بأس به، إلا أنه نهي عن التحلق يوم الجمعة إذا كان في ذلك تضييق على من يأتون إلى الجمعة.
    و أما إذا كان عامّا مثل أن يكون الدرس في مكبر الصوت عامًا على جميع الحاضرين فإن هذا منكر وبدعة .
    أما كونه منكرًا فلأن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على أصحابه حين كانوا يصلون أوزاعًا فيجهرون بالقراءة فقال عليه الصلاة والسلام: كلكم يناجي ربه فلا يؤذين بعضكم بعضا بالقراءة ؛ لأنه إذا رفع صوته شوش على الآخرين ، فهذا وجه كونه منكرًا .
    فإن هذا الذي يحدث الناس بمكبر الصوت يوم الجمعة يؤذي الناس؛ لأن من الناس من يحب أن يقرأ القرآن ، و من الناس من يحب أن يتنفل بالصلاة ، و من الناس من يحب أن يفرغ نفسه للتسبيح والتهليل والتكبير، وليس كل الناس يرغبون أن يستمعوا إلى هذا المتحدث، فيكون في هذا إيذاء لهم.
    ومن أجل هذا أنكر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على أصحابه الذين يجهر بعضهم على بعض.
    وأما كونه بدعة، فلأن هذا لم يحدث في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهو صلى الله عليه وسلم أحرص الناس على تبليغ الرسالة، ولم يحصل وذلك لأنه سوف يحصل للناس التذكير و الموعظة في الخطبة المشروعة التي ستكون عند حضور الإمام .اهـ

    روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال:
    «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشراء و البيع في المسجد و أن تنشد فيه الأشعار و أن تنشد فيه الضالة و عن الحلق يوم الجمعة قبل الصلاة»أخرجه أحمد 2/179( 6676 ) و " أبو داود " ( 1097)
    و " ابن ماجة " (749) و في ( 766 ) و ( 1133)و " التِّرمِذي " (322) و" النَّسائي " ( 2/47 )

    أقوال العلماء في معنى الحديث هذا، و قد اختلف العلماء في تأويله؛
    - فقيل: المراد به كراهة التحلق للتدريس.
    قال الإمام البغوي ـ رحمه الله ـ في "شرح السنة" (3/374): "وفي الحديث كراهية التحلُّق والاجتماع يوم الجمعة قبل الصلاة لمذاكرة العلم، بل يشتغل بالذكر و الصلاة والانصات للخطبة ثم لا بأس بالإجتماع والتحلُّق بعد الصلاة في المسجد و غيره".
    وقال الرازي في " تفسيره " ( 4/15 ) : واعلم أن الحديث الذي رويناه يدل على كراهية التحلق والاجتماع يوم الجمعة قبل الصلاة لمذاكرة العلم بل يشتغل بالذكر و الصلاة والانصات للخطبة ثم لا بأس بالاجتماع والتحلق بعد الصلاة.
    وقال الخطابي في "معالم السنن " ( 1/247 ): إنما كره الاجتماع قبل الصلاة للعلم و المذاكرة، و أمر أن يشتغل بالصلاة، وينصت للخطبة والذكر، فإذا فرغ منها كان الاجتماع والتحلق بعد ذلك.

    و قيل: المراد من النهي عن التحلق إذا عم المسجد.
    قال البيهقي مترجما للحديث في "سننه " ( 3/234 ): باب من كره التحلق في المسجد إذا كانت الجماعة كثيرة و المسجد صغيرا وكان فيه منع المصلين عن الصلاة.
    و أوضح هذا في كتاب " الآداب " له ( 1/326 ) فقال: وأما الذي رويناه عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، في النهي عن ذلك يوم الجمعة قبل الصلاة، فهو لما ذكرنا من المعنى في الترجمة.
    وكذا قال النووي رحمه الله في " الخلاصة " ( 2/787 ) في ترجمة الحديث: (باب النهي عن التحلق في الجامع قبل الصلاة إذا كان فيه تضييق على المصلين ، سواء التحلق للعلم أو غيره)
    وقال الطحاوي في " شرح معاني الآثار " ( 4/359 ): التحلق في المسجد قبل الصلاة مما عمه من ذلك فهو مكروه، ومالم يعمه منه ولم يغلب عليه فليس بمكروه.
    وقال الخطيب البغدادي رحمه الله في كتابه " الفقيه و المتفقه " ( 3/74 ): هذا الحديث محمول على أن تكون الحلقة بقرب الإمام، بحيث يشغل الكلام فيها عن استماع الخطبة، فأما إذا كان المسجد واسعًا والحلقة بعيدة من الإمام، بحيث لا يدركها صوته فلا بأس بذلك.
    وقد رأيت كافة شيوخنا من الفقهاء، والمحدثين يفعلونه، وجاء مثله عن عدة من الصحابة و التابعين رضي الله عنهم .اهـ

    - و قيل: إنما المراد النهي عن التحلق للحديث في أمور الدنيا.
    قال الشيخ ابن جبرين حفظه الله في كتابه " فصول و مسائل تتعلق بالمساجد " ( 1/38 ):
    وأما النهي عن التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة فيظهر أنهم كانوا يتحلقون في المسجد يتناجون إذا جمعهم المسجد للصلاة، فربما حضرت الصلاة وهم يحلقون، وذلك مما يشوش على المصلين، حيث أمروا إذا دخلوا في المسجد لصلاة أن يقوموا في الصفوف، ويكملوا الصفوف الأول فالأول، ولا يتفرقون، وذلك لأن التحلق يشغلهم عن القراءة و التنفل بالصلاة، ويسبب تقطع الصفوف، فيخرج الإمام و هم حلق يتناجون، وقد يكون حديثهم في أمور دنيوية، يتساءلون فيها، لبعد عهدهم بالتلاقي، فيغتنمون ذلك التلاقي، فربما قطع الصفوف، مع كونهم مأمورين بالتبكير يوم الجمعة، والتراص في الصفوف، فالتحلق يخالف هيئة اجتماع المصلين، فمن حضر للصلاة فعليه أن لا يهتم بسواها، فالتحلق فيه غفلة عن الأمر الذي جاؤا لأجله ، الذي هو العبادة والانصات للخطبة.اهـ
    و =قال في بعض دروسه ( الدرس الخمس من " أصول السنة للإمام أحمد " ):
    كان الصحابة إذا جاءوا لصلاة الجمعة يكون بعضهم بعيد العهد بإخوته فيتحلقون حلقاً في المسجد، فيرقى النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر وهم لا يزالون حلقاً، هناك حلقة، وهناك حلقة، وهناك أخرى، وهناك رابعة، وهناك خامسة، فنهى عن التحَلُق يوم الجمعة قبل الصلاة، أي: الذي يقصدون به التحدث فيما بينهم، وأمرهم إذا دخلوا للمسجد أن يصفوا صفوفاً، وأن يكونوا صفوفاً على هيئتهم حتى يأتي الإمام وهم على مصافهم، حتى لا يحصل اختلال و اضطراب عندما يريدون أن يأخذوا مصافهم .اهـ
    وقال – حفظه الله – في بعض فتاواه ( 13/45 ): وقد ورد النهي عن التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة. وهو نهي للذين يدخلون المسجد لصلاة الجمعة. نهى عن تحلقهم في نواحي المسجد يتناجون، فيدخل الإمام وهم كذلك، فأمروا بأن يصفوا في أماكنهم للصلاة.اهـ
    قلت: ويؤيد هذا التأويل رواية ابن خزيمة و فيها: " نهى النبي صلى الله عليه و سلم ... عن التحلق للحديث يوم الجمعة قبل الصلاة - يعني في المسجد – "
    و في " مصنف " ابن أبي شيبة ( 5408 ): "
    نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحلق للحديث يوم الجمعة قبل الصلاة ".
    و اللام في قوله: " للحديث " للتعليل. و المعنى منها ظاهر. والحديث: الكلام الذي يكون بين المتجالسين.
    كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه و سلم :
    (سيكون فى آخر الزمان قوم يجلسون فى المساجد حلقا حلقا إمامهم الدنيا فلا تجالسوهم فإنه ليس لله فيهم حاجة). الصحيحة رقم 1163

    - وقيل: المراد بالنهي التحلق مطلقا سواء كان للمذاكرة أو للمحادثة أو لغيرهما؛ لأنه يقطع الصفوف ويخل بانتظامها.
    قال العراقي: حمله أصحابنا و الجمهور على بابه لأنه ربما قطع الصفوف مع كونهم مأمورين يوم الجمعة بالتبكير والتراص في الصفوف الأول فالأول.
    وقال ابن العربي في " عارضة الأحوذي " ( 2/119 ): وإنما نهى عن التحلق يوم الجمعة لأنهم ينبغي لهم أن يكونوا صفوفا، يستقبلون الإمام في الخطبة ويعتدلون خلفه في الصلاة.اهـ
    وقال التوربشتي – كما في " مرقاة المفاتيح " ( 3/222 ) -: النهي يحتمل معنيين؛ أحدهما أن تلك الهيئة تخالف اجتماع المصلين.
    والثاني أن الاجتماع للجمعة خطب جليل عن الأمر الذي ندبوا إليه.اهـ
    قلت: ولا شك أن المعنى الأول هو المراد. لأن الحديث صريح في النهي عن " التحلق "، و رسول الله صلى الله عليه و سلم هو أفصح مَن نطق. و" التحلق " عند العرب هو الجلوس جماعات مستديرة. قال في " تاج العروس " ( 1/6264 ): تَحَلَّقوا: إِذا جَلَسُوا حَلْقَةً حَلْقَةً، منه الحَدِيثُ : " نهى عن التحلّق قَبْلَ الصَّلاة . وفي " لسان العرب " ( 10/58 ): الحِلَقُ - بكسر الحاء و فتح اللام - جمع الحَلْقة مثل قَصْعة وقِصَعٍ، وهي الجماعة من الناس مستديرون كحلْقة الباب و غيرها. والتَّحَلُّق تفَعُّل منها، وهو أَن يتَعمَّدوا ذلك. وتَحلَّق القومُ جلسوا حَلْقة حَلْقة.اهـ
    قلت: نفهم مما سبق أن المراد من " التحلق " المنهي عنه في الحديث، هو التوزع في حلق كثيرة مبثوثة. وقد ورد ذلك صريحا، وهو بلفظ "النهي عن الحِلَقِ " - على الجمع - . وهذا أمر له نظائر في السنة، ففي " صحيح " مسلم ( 996 ) عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : " ... ثم خرج علينا فرآنا حِلَقًا فقال: « ما لي أراكم عزين ».قال: ثم خرج علينا فقال: « ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها ؟ ». فقلنا : يا رسول الله و كيف تصف الملائكة عند ربها ؟ قال: « يتمون الصفوف الأول و يتراصون فى الصف ».
    قوله ( عزين ) ؛ مفردها عزة و هي الجماعة المتفرقة و المراد ما لي أراكم أشتاتا متفرقين .
    و كثرة الحِلَق وقت الصلاة - و إن كانت للمذاكرة ، إلا أن يكون المسجد واسعا – يفسد نظم الصفوف و يشوش على سكينة المكان .
    فالنهي في الحديث – على هذا الوجه - إنما هو عن هيئة الإجتماع، وليس عن مضمونه، وهذا ظاهر.

    http://www.kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=46390
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زياني مشاهدة المشاركة

    وأما يوسف بن السائب ففيه احتمالان :
    أحدهما : أن لا يكون في المصنف تصحيف ولا وهم , فيكون يوسف بن السائب قد نسب إلى جده لأمه, واسمه يوسف بن عبد الله بن يزيد, وهذا قال عنه ابن حبان في الثقات (5/551)" يروي عن أبيه وله صحبة, روى عنه ابنه محمد بن يوسف"، وعلى هذا فيكون أسامة بن زيد قد روى الحديث من الوجهين: عن محمد بن يوسف كما سيأتي، وعن يوسف بن السائب كلاهما عن السائب بن يزيد به، وفي هذا قوة للحديث .
    إلا أن هذا الاحتمال الثاني هو الأقوى : وهو أن الصواب فيه هو محمد بن يوسف بن السائب فسقطت كلمة محمد من المطبوع، أو يكون قد حدث خطأ من بعض الرواة ، وهذا أقوى الاحتمالات لأمور:
    أولاها: وهو أن أسامة بن زيد معروف بالرواية عن محمد بن يوسف، ومحمد معروف بالرواية عن جده السائب بن يزيد،
    والأمر الثاني: ما قاله البخاري في التاريخ الكبير (1/264):" محمد بن يوسف بن عبد الله بن يزيد, وأمه بنت السائب...وقال لي ابن أبي شيبة نا حفص عن محمد بن يوسف بن السائب عن السائب ", فدل هذا على أن الراوي هنا هو محمد بن يوسف بن السائب، فإما سقطت كلمة محمد من المطبوع، أو من حفظ أحدهم والله أعلم .
    ثم وجدت ذلك الأخير صريحا بحمد الله تعالى، ففي كتاب العلل لابن أبي حاتم (ر610) قال: سمعت أبا زرعة وحدثنا عن ابن أبي شيبة عن ابن المبارك عن أسامة بن زيد عن يوسف بن السائب عن السائب قال:" كنا نتحلق يوم الجمعة قبل الجمعة" سمعت أبا زرعة يقول: هكذا قال، وإنما هو: أسامة بن زيد عن محمد بن يوسف عن السائب "، فزال الاحتمال وصح هذا الأثر ، بل قد ورد صريحا أيضا أنه محمد نفسه كما قال أبو زرعة الحافظ .
    والأمر الثالث: أنه قد جاء ذكر محمد بن يوسف على الصواب عند أبي نعيم في طبقات الأصبهانيين (4/190) من ترجمة عبد الله بن أبي عمرو, وقال عنه: شيخ ثقة، ثم قال: ثنا عبد الله بن أبي عمرو نا هارون بن طريف المكي نا ابن وهب نا أسامة بن زيد أن محمد بن يوسف حدثه أنه سمع السائب بن يزيد رضي الله عنه يقول:" كنا نتحلق يوم الجمعة قبل النداء الأول، فإذا نودي للصلاة قمنا "، فصح هذا الخبر وبالله التوفيق، وله شواهد أخرى من حديث السائب ستأتي .

    يبقى أنه اجتهاد، وللرأي فيه مجال ومجال ...
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    لطيفة :
    قال الخطابي في معالم السنن 1 / 247 :
    ومن باب التحلق يوم الجمعة
    قال أبو داود: حدثنا مسدد نا يحيى عن ابن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن البيع والشراء في المسجد وأن تنشد فيه ضالة وأن ينشد فيه شعر ونهى عن الحلق قبل الصلاة يوم الجمعة. الحلق مكسورة الحاء مفتوحة اللام جماعة الحلقة ، وكان بعض مشايخنا يرونه أنه نهى عن الحَلْق بسكون اللام وأخبرني أنه بقي أربعين سنة لا يحلق رأسه قبل الصلاة يوم الجمعة، فقلت له: إنما هو الحلق جمع الحلقة؛ وإنما كره الاجتماع قبل الصلاة للعلم والمذاكرة وأمر أن يشتغل بالصلاة وينصت للخطبة والذكر ، فإذا فرغ منها كان الاجتماع والتحلق بعد ذلك . فقال قد فرجت عني وجزاني خيراً وكان من الصالحين رحمه الله.أهـ

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    454

    افتراضي

    أبو البراء قلت : يبقى أنه اجتهاد "،
    اعلم أني قلت ذلك قبل ان يتبين لي الصواب، ثم زال الاحتمال والشك بعد ورود اليقين :
    فتأمل فيما قلته :" ثم وجدت ذلك الأخير صريحا بحمد الله تعالى، ففي كتاب العلل لابن أبي حاتم (ر610) قال: سمعت أبا زرعة وحدثنا عن ابن أبي شيبة عن ابن المبارك عن أسامة بن زيد عن يوسف بن السائب عن السائب قال:" كنا نتحلق يوم الجمعة قبل الجمعة" سمعت أبا زرعة يقول: هكذا قال، وإنما هو: أسامة بن زيد عن محمد بن يوسف عن السائب "، فزال الاحتمال وصح هذا الأثر ، بل قد ورد صريحا أيضا أنه محمد نفسه كما قال أبو زرعة الحافظ .
    والأمر الثالث: أنه قد جاء ذكر محمد بن يوسف على الصواب عند أبي نعيم في طبقات الأصبهانيين (4/190) من ترجمة عبد الله بن أبي عمرو, وقال عنه: شيخ ثقة، ثم قال: ثنا عبد الله بن أبي عمرو نا هارون بن طريف المكي نا ابن وهب نا أسامة بن زيد أن محمد بن يوسف حدثه أنه سمع السائب بن يزيد رضي الله عنه يقول:" كنا نتحلق يوم الجمعة قبل النداء الأول، فإذا نودي للصلاة قمنا "، فصح هذا الخبر وبالله التوفيق، وله شواهد أخرى من حديث السائب ستأتي .
    "

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زياني مشاهدة المشاركة
    أبو البراء قلت : يبقى أنه اجتهاد "،
    أعني أنه اجتهاد من السائب بن يزيد، سيَّما مع وجود النهي عن التحلق قبل الجمعة.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •