التبرك والاستشفاء بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وآثاره الحسية :

التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أرشد إليه وأقره عليه الصلاة والسلام ليثبت مشروعيته . وجاءت الأحاديث الصحيحة في ذلك منها :


التبرك به في حياته :

عن أنس بن مالك قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل بيت أم سليم فينام على فراشها وليست فيه .
قال : فجاء ذات يوم فنام على فراشها فأتيت فقيل لها هذا النبي صلى الله عليه وسلم نام في بيتك على فراشك .
قال : فجاءت وقد عرق واستنقع عرقه على قطعة أديم على الفراش ففتحت عتيدتها فجعلت تنشف ذلك العرق فتعصره في قواريرها ففزع النبي صلى الله عليه وسلم .
فقال ما تصنعين يا أم سليم .
فقالت يا رسول الله نرجو بركته لصبياننا .
قال : أصبت "
رواه مسلم .


وعن المسور بن مخرمة " ما تنخم رسول الله صلى الله عليه وسلم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم ، فدلك بها وجهه وجلده ، وإذا أمرهم ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه " البخاري.

وعن أنس بن مالك : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى منى ، فأتى الجمرة فرماها ، ثم أتى منزله بمنى ونحر ، ثم قال للحلاق خذ وأشار إلى جانبه الأيمن ، ثم الأيسر ، ثم جعل يعطيه الناس "
رواه مسلم .

التبرك بآثاره بعد وفاته :

عن عثمان بن عبد الله بن موهب . قال : « أرسلني أَهلي إِلى أم سلمة بقدح من ماء ، وكان إذا أصاب الإِنسانَ عينٌ ، أو شيء بعث إليها مخضبه، فأخرجت من شعر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وكانت تُمسكه في جُلْجُلٍ من فضة ، فَخَضْخَضَتْهُ له ، فشرب منه ، قال : فاطلعت في الجُلْجُلِ ، فرأَيت شَعَرَاتٍ حُمْرا».
أَخرجه البخاري.


وعن عبد الله بن كيسان ، مولى أسماء بنت أبي بكر قال : فقالت أسماء : " هذه جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخرجت إلي جبة طيالسة كسروانية لها لبنة ديباج ، وفرجيها مكفوفين بالديباج ، فقالت : هذه كانت عند عائشة حتى قبضت ، فلما قبضت قبضتها ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلبسها ، فنحن نغسلها للمرضى يستشفى بها "
رواه مسلم .

أقوال العلماء :
قال الصنعاني رحمه الله تعالى في سبل السلام - (ج 2 / ص 88) :
" وفيه استشفاء بآثاره صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم وبما لامس جسده الشريف."

وقال الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى في الاعتصام - (ج 1 / ص 293) :
" فالظاهر في مثل هذا النوع أن يكون مشروعا في حق ولايته واتباعه لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يتبرك بفضل وضوئه ويتدلك بنخامته ويستشفى بآثاره كلها ويرجى نحو مما كان في آثار المتبوع الأصل صلى الله عليه و سلم "

قلت : فأما الآثار النبوية الحسية فليس في زماننا شيء منها يمكن أن نثبت نسبته للنبي عليه الصلاة والسلام بالسند الصحيح .
لذلك فإن الاستشفاء ببركة آثاره الحسية قد انتهى وبقي الاستشفاء بآثاره المعنوية ألا وهي الرقية كما وردت عنه صلوات ربي وسلامه عليه .


المعيصفي .
12 شوال 1436