بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على المبعوث بشيرا و نذيرا و للعالمين رحمة و سراجًا منيرا فإنّ أعظم رُزءٍ أصاب أمّة الإسلام هو وفاة نبيِّها العظيم ثم إنقطاع الوحي مع ذلك فإنا لله و إنا إليه راجعون لكنّ الله تعالى يقول "فإنك ميِّتٌ و إنّهم ميتون".
فهذه قصيدة في وفاة المصطفى عليه الصلاة و السلام و هي عينية نادرة نقلت بعضها من مخطوط من مكتبة أولحبيب و الله المستعان.
وفاةُ رسول الله أكبر عبرة ***** بها يتسلى القلب عن كل مصيبة
فما موته إلاّ أشدّ بلية على ***** الخلق طرًا في الوجود و غصة
بمثل ربيع الأول انحمّ جسمُه ***** و قد أخذته غمرة بعد غمرة
فبات على فُرْشِ الضنى مسهَّدا ***** و أصبح مغمورا بأوجع حمية
و من شدّة الأوجاع عصَّب رأسه ***** و قد جاءه الدّاعي ينادي برحلة
فأُُخرِجَ في يوم الخميس مودِّعا ***** و في وجهه قد لاح أفقاع صفرة
فقام قياما فوق منبره و قدْ ***** رأى أنْ ينادي لاجتماع الوصية
فقال بلال أيُّها الناس أقبِلوا ***** فجاء إليه كلُّ من في المدينة
و لما استقروا في المقام بجمعهم ***** بدأهم رسول الله قصدا بخطبة
فأوصاهم فيها بتقوى إلهه ***** و حذَّرهم فيها وقوع العقوبة
و أنْ يحفظوا فرْضَ الإله و نفْلِه ***** و أنْ يقفوا في حدِّ شرع الشَّريعة
و أنْ يُكرموا فيها ممالك خدمةٍ ***** و يرْعَوا نِساءًا في نصيحة عشرة
و ودّعهم فيها وداع مفارق ***** إلى الأهل و الأوطان في أشدِِّ أُهْبَة
و قد ضجّت الأصحابُ عند وداعه ***** و صاروا حيارى من تألُّم و حُرْقَة
و عاد لبيتِ لعائشة و قد ***** علاه أنينًا من تزايد لوعة
و لما عليه اشتدَّ وجدُ تمرُّض ***** فكان ببردِ الماءِ يُلقَي بجبهة
يقول جِهارًا أنَّ للموت سكرةً ***** ويطلُب من مولاه تهوينَ سكرة
و جاء إليه الرُّوحُ جبريلُ عايدًا ***** و معه من الأملاك أكبرُ عصبة
فقال له جبريل بعدك لم أكُنْ ***** إلى الأرض يا حبيبي بقية
لأجلك سمَّانِي الإلهُ أمينه ***** و في الذِّكر جاء المدح في بقوة
و أمنتُ من مكر الإله لأنّه ***** علي لقد أثنى بطوع و سطوة
فقال له المختار هل أنت مُخبرٌ ***** بشيئ أرى منه كمال المسرّة
فقال له جبريل حور الجِنان قدْ ***** تبدّتْ منَ الأشواقِ تزهوا بفرحة
و إنّك قبل الرُّسُلِ و الخلْقُِ قائمٌ ***** منَ القبْرِ تأتي الحشْر في خيْر رِِكْبَة