" بيان خطأ الاستدلال بقوله عليه الصلاة والسلام " لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك " على جواز الاجتهاد في الرقية "
إن الاستدلال بالنص العام على أمر لم يجر عمل الصحابة رضي الله عنهم عليه ولم ينقل إلينا عنهم هو الابتداع في الدين .
وفهم هذا الأصل مهم جدا لكل طالب علم حريص على اتباع السنة وعدم الوقوع في البدعة .
وفيما يلي أقوال العلماء التي تبين هذا الأصل .
قال الإمام الشاطبي في الموافقات - (ج 3 / ص 252) :
" المسألة الثانية عشرة :
كل دليل شرعي لا يخلو أن يكون :
1 : معمولا به في السلف المتقدمين دائما أو أكثريا،
2 : أو لا يكون معمولا به إلا قليلا أو في وقت ما،
3 : أو لا يثبت به عمل؛
فهذه ثلاثة أقسام:
ثم شرح القسم الثالث قائلا في ص 280:
" والقسم الثالث: أن لا يثبت عن الأولين أنهم عملوا به على حال؛ فهو أشد مما قبله، والأدلة المتقدمة جارية هنا بالأولى،
وما توهمه المتأخرون من أنه دليل على ما زعموا ليس بدليل عليه ألبتة؛
إذ لو كان دليلا عليه؛ لم يعزب عن فهم الصحابة والتابعين ثم يفهمه هؤلاء،
فعمل الأولين كيف كان مصادم لمقتضى هذا المفهوم ومعارض له ،
ولو كان ترك العمل؛
فما عمل به المتأخرون من هذا القسم مخالف لإجماع الأولين،
وكل من خالف الإجماع؛ فهو مخطئ،
وأمة محمد صلى الله عليه وسلم لا تجتمع على ضلالة،
فما كانوا عليه من فعل أو ترك؛ فهو السنة والأمر المعتبر، وهو الهدى،
وليس ثم إلا صواب أو خطأ؛
فكل من خالف السلف الأولين فهو على خطأ، وهذا كافٍ ."
وقال الإمام الألباني رحمه الله تعالى :
" فهذه القاعدة يدخل تحتها مئات المسائل وهي :
" كل نص يتضمن أجزاء كثيرة بعض هذه الأجزاء التي تُفقد من عموم النص لم يجر عمل السلف عليه فلا يجوز العمل به وهو الابتداع في الدين .
وبسبب غفلة جماهير المسلمين في القرون المتأخرة عن هذه القاعدة الهامة أحدثوا في الدين من البدع ما أضاعوا بها كثيرا من السنن مصداقا لقول بعض السلف ما أحدثت بدعة إلا وأميتت سنة "
وقال الألباني أيضا . مبينا القاعدة بالأمثلة :
" وهنا مسالة فيها دقة وفي اعتقادي ليس فقط طلاب العلم بل وكثير من العلماء أنفسهم لا ينتبهون لها هذه النقطة هي :
أن الاستدلال بعمومات النصوص على العبادات العملية التي جرى عليها السلف الصالح لا يجوز علما بل لا بد من أن يكون الاستدلال مقرونا بسنة عملية .
أن لم نقل بهذا الكلام فقد وافقنا المبتدعة كلهم جميعا على بدعهم التي نحن أهل السنة متفقون جميعا على إنكارها عليهم بحجة من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد .
فهم لا يأتوننا إلا بأدلة عامة
نأتي مثلا للتثويب له علاقة بالآذان .
نأتي الزيادة التي توجد على الآذان في المقدمة والمؤخرة في البلدان العربية مثل سوريا وغيرها .
أيضا إذا حاججناهم بمنطق السنة والحديث السابق ..ومن أحدث في أمرنا ...
قالوا يا أخي شو فيها الصلاة على الرسول بعد الآذان شو فيها ؟!.
وذكر الله قبل الآذان شو فيها ؟!.
وكل هذا وهذا عليه نصوص من الكتاب والسنة .
نحن لا نستطيع أن نقول لا نصوص هناك لأنهم يجابهوننا يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما
ليه أنتم تنكروا الصلاة على الرسول بعد الآذان ؟! .
جوابنا : أن هذا الذي أنتم تفعلونه لم يكن في عهد السلف الصالح ولو كان خيرا لسبقونا إليه .
ونحن لا ننكر صلوا عليه بل نصلي عليه ربما أكثر منكم .
ولكن نضع الشيء في محله .
كذلك الذكر اذكروا الله ذكرا كثيرا نحن نفعل إن شاء الله لكن هذا الذكر بين يدي الآذان لم يكن في عهد الرسول عليه السلام
وهنا لفتة دقيقة لا بد أن ننتبه لها هل ورد نص أنه نهى الرسول عن الزيادة على الآذان أولا وآخرا ؟
ولا فقط علمنا أن السلف الصالح ما كان يفعل ما يفعله الخلف من بعدهم من الزيادة عن الأذان في أوله وآخره
الجواب : ليس عندنا نص أن الرسول نهى أو أقل من ذلك أن السلف في زمن الرسول ما كانوا ما عندنا نص ما كانوا يزيدون عن الأذان في أوله أو آخره .
إذن من أين نحن نأتي بالحجة على هؤلاء المبتدعة بأنكم خالفتم السلف .
هنا بيت القصيد من هذه الكلمة نأتي بقولنا لو كان هذا لفعلوه لو كان هذا الذي تفعلونه أنتم اليوم في عهد السلف الصالح لفعلوه ولو فعلوه لنقل إلينا
إذن بهذا الاستنباط العلمي عرفنا أكثر البدع التي وقع فيها المبتدعة .
ويشترك أهل السنة جميعا على إنكارها ... "
سلسلة الهدى والنور .
قلت : فالصحابة رضي الله عنهم هم الذين نقلوا لنا " لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك " .
ولم يفهموا منه الاجتهاد في الرقية ولم يجر عملهم على الاجتهاد في الرقية بل كانوا يعرضونها على النبي عليه الصلاة والسلام في حياته ليقرها .
وبعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام لم يجتهد الصحابة رضي الله عنهم كلهم أجمعون ولو بنصف رقية بالرغم من أن عددهم نحو 114 ألفا .
وعاش آخرهم بعد نحو مائة عام بعد وفاته عليه الصلاة والسلام .
وفي ذلك يقول الإمام الشاطبي : " وما توهمه المتأخرون من أنه دليل على ما زعموا ليس بدليل عليه ألبتة؛
إذ لو كان دليلا عليه؛ لم يعزب عن فهم الصحابة والتابعين ثم يفهمه هؤلاء"
فهل الصحابة رضي الله عنهم كلهم أجمعون لم يفهموا من الدليل الذي نقلوه بأنفسهم ما فهمه منه المتأخرون .
فلم يجتهد الصحابة رضي الله عنهم كلهم أجمعون ! واجتهد هؤلاء !! .
قال ابن كثير في تفسيره (ج 7 / ص 278) :
" وأما أهل السنة والجماعة فيقولون في كل فعل وقول لم يثبت عن الصحابة: هو بدعة ؛
لأنه لو كان خيرا لسبقونا إليه، لأنهم لم يتركوا خصلة من خصال الخير إلا وقد بادروا إليها "
وكما قيل : كل خير في اتباع من سلف .......... وكل شر في ابتداع من خلف
المعيصفي .
22جمادي الأولى
13/3/2015