اختلف العلماء في مسِّ المرأة فرجها هل ينقض الوضوء أم لا ؟
فقيل : ينقض الوضوء مطلقًا ، وهو مذهب الشافعية ، ورواية عند أحمد ، والأشهر من مذهب المالكية ؛ قاله ابن عبدالبر في الكافي . الكافي في فقه أهل المدينة 12.
وقيل : لا ينقض مطلقًا ، وهو مذهب الحنفية . شرح فتح القدير 1/56.
واستدل القائلون بالنقض بما يلى :
1- عن بسرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا مس أحدكم فرجه فليتوضأ) ، والمرأة مثل ذلك . ابن حبان 1117.
.
وأجيب : بأن قوله : (والمرأة مثل ذلك) من قول الزهري ، ومما يدل عليه أن سائر الرواة رَوَوْه عن الزهري بدون هذه الزيادة ؛ قاله البيهقي ، وبمثل هذا قال ابن عدي: (وهذا الحديث بهذه الزيادة في متنه : (والمرأة مثل ذلك) ، لا يرويه عن الزهري غير ابن نمر هذا) . الكامل 3/160، وابن نمير هو : عبدالرحمن بن نمر اليحصبي .
2- حديث عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أيُّما رجلٍ مسَّ فَرْجَه فليتوضَّأ، وأيما امرأة مسَّت فرجها فلتتوضأ) . المنتقى لابن الجارود 19، والدارقطني في سننه 534، والبيهقي في السنن الكبرى 637، وصححه الألباني في صحيح الجامع 2725.
3- حديث أم حبيبة ، قالت : سمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (مَن مسَّ فَرْجَه، فليتوضأ) . حسن لغيره : ابن ماجه 481، والطبراني في الكبير 451، والبيهقي 1/130، وأبو يعلى في مسنده 7144 .
4- حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا أفضى أحدُكم بيدِه إلى فَرْجِه ليس دونها حجابٌ ، فقد وجَب عليه الوضوء) . حسن لغيره : البيهقي 522، 523، الدارقطني 542، وابن حبان 1118، وقال ابن حبان : حديث صحيح مسنده، عدول نقلته، وصححه الحاكم في المستدرك .
ووجه الاستدلال أن الحديث علَّق الوضوء بمس الفرج ، فما ثبت لفرج الرجل ثبت لفرج المرأة إلا بدليل ، كما أن كلمة (فَرْجه) ، اسم جنس مضاف ، فيعم كل فَرْج ، وذِكْر الذَّكَر في حديث بُسرةَ لا يقتضي تخصيص الفرج ؛ لأن الذكر بعض أفراده ، وذكر فرد من أفراد المطلق أو العام بحكم يوافق المطلق والعام لا يقتضي التخصيص .
• بينما استدلَّ القائلون بعدم النقض بالبراءة الأصلية ؛ لعدم وجود دليل صحيح ؛ لأن الأحاديث التى ورد فيها الفَرْج لا تخلو من مقالٍ .
وأجيب : بأن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده إن كان ضعَّفه الإمام أحمد ، فقد صحَّحه غيره ، مثل البخاري فيما نقله عنه الترمذي .
وقالوا : إن فرج المرأة كذَكَر الرجل ، وتمسَّكوا بحديث طلق بن علي ، وقد تقدَّم الكلام عليه فيما قبل .
والراجح - والله أعلم - القول بالنقض ؛ لصحة الأحاديث، ودخول فرج المرأة في عموم النهي .