فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في صوم يوم عرفة وحده

[عبدالله المنفي]

فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في صوم يوم عرفة وحده إذا صادف الجمعة
الـفتـوى رقـم 6655 من فتاوى اللجنة الدائمة :

س: قد احتدم النقاش بين طلاب العلم فضلاً عن العامة في صوم يوم الجمعة ، إن وافق يوم عرفة ؛ فهل يجوز صومه منفرداً إن جاء يوم
( جمعة ) أم يجب صوم يوماً قبله أو بعده ، علماً بأنه إن جاء يوم جمعة تعارض مع أحاديث النهي عن صوم يوم الجمعة ،
فنرجوا من فضيلتكم إزالة الإلتباس وتوضيح الحكم الشرعي الصحيح؟. ولكم من الله خير الجزاء .

ج : يشرع صوم يوم عرفة إذا صادف يوم جمعة ولو بدون صوم يوم قبله ؛ لما ثبت عن النبي من الحث على صومه وبيان فضله وعظيم ثوابه ، قال رسول الله : « يوم عرفة يكفر سنتين : ماضية ومستقبلة ، وصوم يوم عاشوراء يكفر سنة ماضية » ( 28 ) رواه أحمد ومسلم وأبو داود .
وهذا الحديث مخصص لعموم حديث : « لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا من يصوم يوماً قبله أو بعده » رواه البخاري ومسلم .

فيكون عموم النهي محمولاً على ما إذا أفرده المسلم بالصوم ؛ لكونه يوم جمعة ، أما من صامه لأمر آخر رغب فيه الشرع وحث عليه فليس بممنوع ، بل مشروع ولو أفرده بالصوم ، لكن إن صام يوماً قبله كان أولى لما فيه من الاحتياط بالعمل بالحديثين ، ولزيادة الأجر .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو / عبدالله بن قعود
عضو / عبدالله بن غديان
نائب رئيس اللجنة / عبدالرزاق عفيفي
الرئيس / عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

.

[محمد طه شعبان]

ولكن الراجح - والله أعلم - قول من قال: يجب صوم يوم قبله؛ وذلك لعموم حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا يَصُمْ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَّا أَنْ يَصُومَ قَبْلَهُ يَوْمًا أَوْ يَصُومَ بَعْدَهُ يَوْمًا»، ولا دليل على استثناء يوم عرفة، وأما الفضل الوارد في صوم يوم عرفة فلا يدل على استثنائه.

[أبو البراء محمد علاوة]

بارك الله فيك : النهي عن صيام الجمعة (من العام غير المحفوظ) أي من العام الذي دخله التخصيص ؛ بدليل صيام يوم ويوم ، فلابد وأن يصادف يوم جمعة منفردًا ، أما عن صيام يوم عرفة (من العام المحفوظ) أي من العام الذي لم يدخله التخصيص ، لذا يقدم العام المحفوظ (صيام عرفة وإن صادف يوم الجمعة منفردًا) على العام غير المحفوظ (النهي عن صيام الجمعة منفردًا) ، وهذا كله بناءً على القول بحرمة صيام الجمعة منفردًا وإلا ففي المسألة خلاف مشهور والله أعلم .

[محمد طه شعبان]

وصوم يوم عرفة من العامِّ غير المحفوظ؛ حيث خرج منه الحاج، فإنه لا يصومه

[أبو مالك المديني]

وصوم يوم عرفة من العامِّ غير المحفوظ؛ حيث خرج منه الحاج، فإنه لا يصومه

نفع الله بك أبا أسماء .
لكن ليس كذلك ؛ لأن صوم يوم عرفة لا يحرم على الحاج ، لعدم ورود دليل المنع من ذلك أعني النهي ، ليس هناك نهي ، إنما الأولى له عدم صيامه ؛ ليكون أقوى له على الطاعة مما يكون من أفعال في هذا اليوم من دعاء وذكر وتهليل وتكبير وغيره ، فإذا صام يوم عرفة فإن ذلك يؤثر عليه حتما ، وكذا على ما يأتي من أفعال يوم الحج الأكبر ( يوم العيد ) حيث المشقة والتعب .
نسأل الله أن يرزقنا وإياكم الحج العام القادم وأعواما عديدة .

[محمد طه شعبان]

نفع الله بك أبا أسماء .
لكن ليس كذلك ؛ لأن صوم يوم عرفة لا يحرم على الحاج ، لعدم ورود دليل المنع من ذلك أعني النهي ، ليس هناك نهي ، إنما الأولى له عدم صيامه ؛ ليكون أقوى له على الطاعة مما يكون من أفعال في هذا اليوم من دعاء وذكر وتهليل وتكبير وغيره ، فإذا صام يوم عرفة فإن ذلك يؤثر عليه حتما ، وكذا على ما يأتي من أفعال يوم الحج الأكبر ( يوم العيد ) حيث المشقة والتعب .
نسأل الله أن يرزقنا وإياكم الحج العام القادم وأعواما عديدة .

نعم شيخنا بارك الله فيك، أقصد أن السنة وردت بفطره، وكما قلتم: الأولى إفطاره. فيكون من العامِّ المخصوص؛ لأن إفطاره أولى من صيامه، وأما لغير الحاج، فصيامه أولى من إفطاره.

[محمد طه شعبان]

ثم نحن نقول: لو فرضنا جدلًا أن هذا عامًّا محفوظًا وذاك غير محفوظ؛ فالعامُّ المحفوظ يُقَدَّم على غير المحفوظ في حال التعارض؛ ولا تعارض ها هنا، بل سنعمل بالدليلين معًا، وإعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما.
الخلاصة: أن قاعدة "العام المحفوظ يقدم على غير المحفوظ" يستعملها العلماء في حال حدوث تعارض بين دليلين، فلا مدخل له ها هنا.

[محمد طه شعبان]

فالعامُّ المحفوظ يُقَدَّم على غير المحفوظ في حال التعارض.
الخلاصة: أن قاعدة "العام المحفوظ يقدم على غير المحفوظ" يستعملها العلماء في حال حدوث تعارض بين دليلين

مثال ذلك: تقديم حديث أَبي قَتَادَةَ الأنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ المَسْجِدَ، فَلاَ يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ»، على حديث أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ»؛ فهنا لا بد من العمل بأحد الحديثين وترك الآخر، فقدم العلماء حديث أبي قتادة؛ لأنه لم يخصص بشيء، وأما حديث أبي سعيد فمخصوص بركعتي الطواف أو بصلاة الكسوف، أو بأي صلاة لها سبب؛ كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم راتبة الظهر بعد العصر.
فلما كان حديث أبي سعيد من العام غير المحفوظ؛ حيث دخله التخصيص، وحديث أبي قتادة من العام المحفوظ - وكان لا بد من العمل بأحد الحديثين - فإن العلماء قَدَّموا حديث أبي قتادة على حديث أبي سعيد.
فاتضح بهذا أن هذه القاعدة لا مدخل لها ها هنا في مسألتنا؛ لأننا سنعمل فيها بالحديثين معًا.

[محمد طه شعبان]

أليس كذلك؟

[أبو مالك المديني]

لعدم ورود دليل المنع من ذلك أعني النهي

تصحيح : لعدم ثبوت ، وإلا فقد ورد ذلك لكن لا يثبت .

[أبو مالك المديني]

أليس كذلك؟

بلى ، وفي نفس الوقت : لا .
" بلى " على ما ذكرتَ لا أخالفك فيه ـ مع العلم بأن هذا محل خلاف عند العلماء ـ كما تعلم أبا يوسف ـ وغير الحاج لم يخرج إلا بالنظر إلى حاله ، لكونه يضعف إذا صام هذا اليوم ، وإلا فليس هناك دليل يثبت حتى ندخله في التخصيص ، فلا تخصيص إلا بدليل ، ولا دليل يصح هنا .
و " لا " على ما إذا عرف أن النهي عن صوم يوم الجمعة منفردا ؛ لأنه يوم عيد للمسلمين ، فإذا صامه المسلم قاصدا إياه ، فلا يجوز ، أما إذا أراد صومه مع يوم قبله أو بعده ، فهو لم يقصده لذاته ، فإذا لم يقصده لذاته ، أذن له الشرع بصيامه شريطة أن يصوم يوما قبله أو بعده .
ولا شك بأن الأولى والأحوط الخروج من الخلاف ، وعلى المسلم أن يصوم مع عرفة اليوم الذي قبله . وهذا الذي أقوله للناس إذا سئلت عن ذلك ، وأقربها بالأمس وقبل الأمس ، وهو الذي قالته اللجنة الدائمة . والله أعلم .

[محمد طه شعبان]

أتذكر يومًا أني كنت أسير مع أخي أبي البراء ونحن خارجون من درس الشيخ طارق بن عوض الله منذ ما يقرب من سبع سنوات، فتكلمنا في مسألة التفات المؤذن يمينًا وشمالًا في الحيعلتين، فقلت له: أنا أميل إلى قول من يقول بأن وجود مكبرات الصوت يغني عن هذا الالتفات؛ لأن المقصود منه التسميع، ومكبرات الصوت أغنت عن هذا.
فقال لي: ولكن عِلَّة التسميع ليست مذكورة في الحديث، وإنما السنة وردت بذلك، فنحن نلتزم بالسنة.
وأنا هنا أجيب بنفس جوابه، فأقول: إن القول بأن عِلَّة النهي هي قصد يوم الجمعة بذاته، ليست مذكورة في الحديث؛ فَلِمَ نقيد نحن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير دليل؟
هذا أولًا.
ثانيًا: هل يصح هنا استخدام قاعدة تقديم العام المحفوظ على غير المحفوظ؟

[أبو البراء محمد علاوة]

أتذكر يومًا أني كنت أسير مع أخي أبي البراء ونحن خارجون من درس الشيخ طارق بن عوض الله منذ ما يقرب من سبع سنوات، فتكلمنا في مسألة التفات المؤذن يمينًا وشمالًا في الحيعلتين، فقلت له: أنا أميل إلى قول من يقول بأن وجود مكبرات الصوت يغني عن هذا الالتفات؛ لأن المقصود منه التسميع، ومكبرات الصوت أغنت عن هذا.
فقال لي: ولكن عِلَّة التسميع ليست مذكورة في الحديث، وإنما السنة وردت بذلك، فنحن نلتزم بالسنة.
وأنا هنا أجيب بنفس جوابه، فأقول: إن القول بأن عِلَّة النهي هي قصد يوم الجمعة بذاته، ليست مذكورة في الحديث؛ فَلِمَ نقيد نحن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير دليل؟
هذا أولًا.
ثانيًا: هل يصح هنا استخدام قاعدة تقديم العام المحفوظ على غير المحفوظ؟

بارك الله فيك ، دمت ذاكرًا حافظًا .

[محمد طه شعبان]

بارك الله فيك ، دمت ذاكرًا حافظًا .

آمين آمين

[أبو البراء محمد علاوة]

أتذكر يومًا أني كنت أسير مع أخي أبي البراء ونحن خارجون من درس الشيخ طارق بن عوض الله منذ ما يقرب من سبع سنوات، فتكلمنا في مسألة التفات المؤذن يمينًا وشمالًا في الحيعلتين، فقلت له: أنا أميل إلى قول من يقول بأن وجود مكبرات الصوت يغني عن هذا الالتفات؛ لأن المقصود منه التسميع، ومكبرات الصوت أغنت عن هذا.
فقال لي: ولكن عِلَّة التسميع ليست مذكورة في الحديث، وإنما السنة وردت بذلك، فنحن نلتزم بالسنة.
وأنا هنا أجيب بنفس جوابه، فأقول: إن القول بأن عِلَّة النهي هي قصد يوم الجمعة بذاته، ليست مذكورة في الحديث؛ فَلِمَ نقيد نحن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير دليل؟
هذا أولًا.
ثانيًا: هل يصح هنا استخدام قاعدة تقديم العام المحفوظ على غير المحفوظ؟

لكن ألا ترى التغاير بين المسألتين ، ففي مسألة الآذان لم يكن نص ، أما مسألة صيام الجمعة وجد النص المعارض ، أليس كذلك ؟

[أبو البراء محمد علاوة]

ثانيًا: هل يصح هنا استخدام قاعدة تقديم العام المحفوظ على غير المحفوظ؟

نعم ، ظني أنها تصح .

[محمد طه شعبان]

أين التعارض يا أبا البراء، مع إمكان العمل بالدليلين؟

[محمد طه شعبان]

أكرر لك مرة أخرى معنى التعارض:
مثال ذلك: تقديم حديث أَبي قَتَادَةَ الأنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ المَسْجِدَ، فَلاَ يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ»، على حديث أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ»؛ فهنا لا بد من العمل بأحد الحديثين وترك الآخر، فقدم العلماء حديث أبي قتادة؛ لأنه لم يخصص بشيء، وأما حديث أبي سعيد فمخصوص بركعتي الطواف أو بصلاة الكسوف، أو بأي صلاة لها سبب؛ كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم راتبة الظهر بعد العصر.
فلما كان حديث أبي سعيد من العام غير المحفوظ؛ حيث دخله التخصيص، وحديث أبي قتادة من العام المحفوظ - وكان لا بد من العمل بأحد الحديثين - فإن العلماء قَدَّموا حديث أبي قتادة على حديث أبي سعيد.
هذا هو التعارض، وأما مع إمكان العمل بالدليلين معًا؛ فأين التعارض؟!!

[أبو البراء محمد علاوة]

التعارض أن النبي صلى الله عليه وسلم رغَّب في صيام يوم عرفة ولم يقيده بيوم بعينه سواء الجمعة أو غيره ، ونهى عن إفراد الجمعة بصيام .

[محمد طه شعبان]

التعارض أن النبي صلى الله عليه وسلم رغَّب في صيام يوم عرفة ولم يقيده بيوم بعينه سواء الجمعة أو غيره ، ونهى عن إفراد الجمعة بصيام .

وهل يتعذر الجمع بين الدليلين؟
إن قلتَ: يتعذر.
قلتُ لك: إنْ تعذر بالنسبة لك، فلم يتعذر لغيرك؛ فينبغي الجمع بين الدليلين.
وإنْ قلتَ: لا يتعذر.
إذًا نكون اتفقنا أنه لا تعارض.