الحمد لله الذي أضحك و أبكى و أمات و أحيا و الصّلاة و السّلام على الذي ضحك يوم طلبتْ الأعراب منه مالاً و بكى يوم موت ولده إبراهيم و على آله و صحبه إلى يوم الدّين..


أمّا بعد:


أظلّني همٌّ و دثّرني غمٌّ و زمّلني فراق!!!!


ظلٌ يُلاحقني...و ظلالٌ أدركتني....حتى بلغ الفؤاد الحنجرة....و ضاقت بي الأرض بما رحبتْ....


ركبتُ بحر الحزن و تكسرتْ دونيَ الواح و دثر...و تلاطمتْ بيَ أمواج و زبد...حتى غرقتُ و غرقتْ معي أمتياتٌ نسجتُ خيوطها في دجى الليل و قبيل سحره...


ذاك الأسد بزئيره...بات سنّوراً ترك سؤراً!!!


قويٌ أمام المهالك و المسالك,ضعيف أمام فراق الأحبّة ...فلا تسل حالي و مآلي!!!!

لا أستطيع أنْ أشمّ عبق صباحٍ ليس فيه والدٌ!!! و لنْ أصبر على غياب قرص ذاك اليوم و تحت الثرى



فلذة!!!قطعة منّي بله أنا قطعة منه و الله المستعان
لم يمرّ يومٌ من أيّام الله تعالى الاّ و أراه أمام ناظري (شفاه الله) حتى للقيلولة حظها في ذلك....


لكثرة ما أراه حفظتُ تقاسيم وجهه و خطوط وجنتيه و عروق يديه تالله لكأنّي أسمع دقات قلبه!!! فأنا أجري به مجرى الدّم...

لم يغبْ عن مخيلتي في ليلي و نهاري...
و أكثر ما أراه هو حديث نفسٍ الاّ رؤيا ...عجزتُ عن تعبيرها أو تعاجزتُ...
مراتٌ كثيرة أُحاول إقناع نفسي أنّها من قبيل أضغاثٍ!!! لكنّها رؤيا صادقة صالحة....
سأَحملها بقوّة السّيف على محملٍ حسنٍ...شاءتْ أو أبتْ....


و سأكتمها حتى يقضي الله تعالى أمراً كان مفعولاً....

بإيجازٍ...دون تذيلٍ...والدي وطنٌ للوباء...
سكنٌ للأسقام!!! حجرةٌ للأمراض!!! تكاثرتْ عليه و نامتْ عنده و باضتْ و أنتجتْ!!! و الله المستعان


أعلم أنّ وقع هذه الكلمات صعب على قلوبكم....لكنْ منْ عاشها و راقب سيرها لهو أشدّ وقعاً....


أين هي خيوط العنكبوت لتخيّط فؤاداً ...مزّقه همٌ و رقّعه غمٌّ!!!!

يا ربّ....يا رافع السّماء...أرني يوماً أبيضاً في والدي.....


أرني كيف تشفي منْ بات قاب قوسين أو أدنى من ال م و ت....
تركتُ جمعها لكم...لا أقوى على وصل حروفها و تشكيلها فتنقيطها ؟؟؟ حسبي الله و نعم الوكيل.

يا ربّ...يا محي العظام و هي رميم...أرني كيف تحي قلب والدي حتى يتطمئنّ قلبي....و تهنأ نفسي....و تسكن جوارحي....

يا ربّ..إذا ذُكرَ الجود فأنت أنت...و إذا ذُكرَ العطاء فأنت أنت...لا أسألك إلاّ والداً معافى .....يغدو و يروح كما عهدناه في غابر الأزمان....

بإنتظار جودك...و كرمك...و أنت الحييّ لا تردّ يدا عبدٍ صفرا....و إنْ ردّتْ فبعدلك و إنْ لم تردّ فبفضلك....

كتبه: علي سعد سليم