تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: بيع المـــــرابحة من أهم عقود التمويل المعاصرة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي بيع المـــــرابحة من أهم عقود التمويل المعاصرة

    بيع المرابحة من أهم العقود المعاصرة للتمويل في المصارف الإسلامية ، وهذا بحث ومقال مختصر عن هذا العقد ، ولقد كتبت مصنفات مطولة في هذا العقد بين مؤيد له ومعارض ـ أو بمعنى أخر : بين مجيز ومانع ـ ومن أفضل ما كتب في هذ الصدد ما سطره العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله في كتابه : المرابحة للآمر بالشراء . فمن شاء أن يرجع إليه فليرجع ، فهو مهم في بابه ، لكني رأيت بحثا مختصرا لبعض الفضلاء ، فأحببت أن أنقله هنا للفائدة .

    تعريف المرابحة:

    تطلق ويراد بها اصطلاحًا عند الفقهاء المرابحة البسيطة وهي:البيع برأس المال وربح معلوم كما يعرفها الحنابلة ويوافقهم غيرهم
    فالمرابحة عند الفقهاء المتقدمين، ليست هي مرابحتنا في الوقت الحاضر التي تراد عند الإطلاق ، فهي المرابحة للآمر بالشراء أو المرابحة المركبة،وأطلق عليها بعض المعاصرين (بيع المواعدة) (المرابحة للواعد بالشراء) لكي لا تلتبس بالمرابحة البسيطة ، ولأن الوعد أساس فيها فجميع صورها مبنية على الوعد ملزما كان أو غير ملزم، ولأن لفظ الأمر قد يشعر بالتزام المصرف بتنفيذ أمر العميل، وتشعر بالتزام العميل بالشراء وهي بهذه التسمية تمثل صور
    المرابحة الملزمة وغير الملزمة كما أنها تبين مرحلتي العقد. (المواعدة ثم إبرام العقد )فهذه التسمية أدل وأقرب إلى حقيقتها، كما أن تسميتها ببيع المرابحة للآمر بالشراء مناسب لأن له أصلا من إطلاقات الفقهاء لفظ الأمر عليها مع عدم إرادة الإلزام.
    أهمية بيع المرابحة:
    تعد المرابحة من أهم أساليب الاستثمار الإسلامية التي نشأت بديلاً للمعاملات الربوية.
    فمن أبرز الأسباب وجودها:
    1- بديل شرعي للاستثمارات الربوية السائدة في البنوك.
    2- انخفاض جانب المخاطرة، لا سيما مع الإلزام بالوعد.
    3- سهولة عقدها لأن مراحلها محددة.
    4- بالنسبة للعميل الحصول على التمويل المحتاج إليه.
    5- الاستفادة من خبرة البنك في دراسة الجدوى وتقييم البضاعة.
    6- أن السلعة التي يريدها العميل قد تكون في دولة خارجية فيطلب العميل من البنك استيرادها.

    وصف المرابحة المشهورة:
    ومنه يتبين أن الصورة موجودة لدى الفقهاء المتقدمين وقد أجازها جمهورهم وقد عرفت هذه المعاملة عند المعاصرين بتعريفات هي في الحقيقة بيان لصورها،ومنها:
    1- أن يتقدم العميل للمصرف طالبا منه شراء السلعة المطلوبة بالوصف الذي يحدده العميل وعلى أساس الوعد منه بشراء تلك السلعة فعلاً مرابحةً بالنسبة التي يتفقان عليها حيث يتم دفع الثمن مقسطا حسب الإمكانية. "الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية"
    ويؤخذ عليه أنه قصر الصورة على الأخذ من المصرف.ولذا الأولى اتفاق بين طرفين.
    2-قيام البنك بتنفيذ طلب المتعاقد معه على أساس شراء الأول ما يطلبه الثاني بالنقد الذي يدفعه البنك - كليًّا أو جزئيًّا - وذلك في مقابل التزام الطالب بشراء ما أمر به وحسب الربح المتفق عند الابتداء."قانون البنك الإسلامي الأردني".
    3- أن يتفق البنك والعميل على أن يقوم البنك بشراء سلعة ليست عنده على أن يشتريها العميل منه بعد ذلك بسعر عاجل أو آجل تحدد فيه نسبة الزيادة مسبقاً.
    مراحل المرابحة:
    و يتبين مما تقدم أن للمرابحة ثلاثة مراحل:
    1- مرحلة المواعدة (تبدأ من طلب العميل من البنك شراء السلعة حتى شراء المأمور لها)
    2- مرحلة الشراء و التملك (تمتد من شراء البنك إلى بيعها للعميل).
    3- مرحلة البيع (بيع المصرف السلعة على العميل إلى نهاية سداد الأقساط).
    ويمكن أن تختصر إلى مرحلتين: 1- المواعدة. 2- البيع.
    ويتبين أن من ابرز الفروق بين المرابحة البسيطة والمركبة ما يلي:
    1- العلاقة في المرابحة البسيطة تنحصر بين طرفين، والمرابحة المركبة بين ثلاثة.
    2- المركبة فيها مواعدة، بخلاف البسيطة لأن المبيع في حوزة البائع.
    3- في المركبة ثلاث مراحل بخلاف البسيطة فهي مرحلة واحدة.
    4- المرابحة البسيطة تكون حالة ومؤجلة، أما المركبة فيكون الثمن مؤجلاً غالباً.
    5- المخاطرة في البسيطة أكثر من المركبة.
    وغيرها من الفروق، ومنه يتبين الاختلاف الجذري بين البيعتين.
    صور بيع المرابحة:
    1- أن تكون المواعدة غير ملزمة وليس ثم ذكر مسبق لمقدار الربح.
    فالأئمة الأربعة على الجواز، لعدم وجود الالتزام مع عدم النص على الربح المورث عند المالكية شبه السلف الذي جر نفعا..
    2- أن تكون المواعدة غير ملزمة مع ذكر مسبق لمقدار الربح، فالخيار لكلا الطرفين وهي جائزة عند الجمهور، وخالفت المالكية لشبهة الربا واعتبروه من العينة المحرمة كما ذكر ابن رشد وكأنه سلف ثمن السلعة ثم يأخذه وزيادة الربح بعد الأجل. وبجوزاها صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم (40، 41) وأخذ بها مصرف الراجحي و بنك البلاد،
    3- أن تكون المواعدة ملزمة للطرفين مع ذكر مقدار الربح، صدر بها فتوى المؤتمر الأول للمصرف الإسلامي دبي 1399هـ. والمؤتمر الثاني، وقرار دلة البركة 1403هـ. وعمل بها مصرف قطر الإسلامي، والبنك الإسلامي السوداني والأردني.
    4- أن تكون المواعدة ملزمة لأحد الطرفين مع ذكر مقدار الربح ولها حالتان:
    أ*- أن يكون الإلزام على البنك دون العميل ويبتدئ إلزام المصرف بعد شراء السلعة، وممن عمل بها بنك البركة وبنك فيصل الإسلامي وبنك التضامن، واختار القول بها الدكتور الصديق الضرير.
    ب*- أن يكون الإلزام للعميل دون المصرف ولم أقف على تطبيق لها.
    والظاهر هو منع الأئمة لهاتين الصورتين للإلزام فيهما الذي أورث محاذير شرعية، ستأتي الإشارة لها.
    حكم عقد المرابحة:
    يتبين مما تقدم أن عقد المرابحة يتكون من عناصر رئيسة هي:
    1. وعد ملزم من المشتري للمصرف بشراء السلعة وقد يكون الوعد غير ملزم.
    2. عقد بيع بين المصرف والبائع المالك للسلعة.
    3. عقد بيع مرابحة بين المصرف والمشتري.
    إذا لا بد من معرفة حكم تلك العناصر ليتبين لنا حكم المرابحة.
    حكم الإلزام بالوعد:
    المقصود بالوعد لدى المتقدمين هو الوعد بالمعروف، وهو الذي جرى فيه الخلاف بين المالكية القائلين بالإلزام على تفصيل عنده-سيأتي- وبين الجمهور القائلين بعدم الإلزام بالوعد بناء على أن الوفاء بالوعد مستحب وليس واجبا ويستدلون على ذلك ببعض الأدلة -وإن كان فيها ضعف -ومنها ما روي عن النبي rأنه قال:«إذا وعد أحدكم أخاه ومن نيته أن يفي فلم يف فلا شيء عليه».
    كما يعللون بأن معنى الوعد هو إخبار بإنشاء معروف في المستقبل فهو تبرع محض،و لا يجب على المتبرع إتمام وعده،كما أن عقود التبرعات كالهبة لا تلزم قبل قبضها،ولذلك الفقهاء متفقون على أن من وعد بمال فأفلس الواعد أو مات فإن الموعود لا يطالب مع الغرماء بما وعد به.
    وأما دليل القائلين بالإلزام بالوعد بالمعروف وهم المالكية واختيار شيخ الإسلام فهو قوله تعالى:﴿يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون﴾[الصف:2] وبمثل حديث: «آية المنافق ثلاث:.. إذا وعد أخلف».
    والخلاف المتقدم في الإلزام بالوعد قد سحبه بعض المعاصرين للمعاوضات وهذا خطأ واضح يتصادم مع مذهب المالكية فضلا عن مصادمته لقواعد شرعية سيأتي بيانها،فيمكن القول أن أيا من الفقهاء المتقدمين لم يقل بالتسوية بين الوعد في المعروف والوعد في المعاوضات من جهة اللزوم بل يمكن أن نكون أكثر تحديدا لنقول إن أيا منهم لم يقل بالإلزام بالوعد في المعاوضات لما ينشأ عنه من محاذير شرعية تقدمت الإشارة لها.
    ولذا عرفه ابن عرفة المالكي بعيدا عن المعاوضات: "بأنه إخبار عن إنشاء المخبر معروفا في المستقبل".
    ولذا فالمالكية الذين قالوا بالإلزام بالوعد منعوا الصور الواردة في المعاوضات، ولم يجيزوا صورة المرابحة كما تقدم، ويبن هذا:
    *أ- أنهم ينصون على المواعدة وهي تكون من طرفين في معاوضة يصيرها عقداً بخلاف الحال هنا فهي وعد من طرف واحد في غير معاوضة.
    ولذا ينصون: "الأصل منع المواعدة بما لا يصح وقوعه في الحال حماية". قاعدة 69 عند الونشريسي، وقد جاء في شرح القاعدة كما في إيضاح المسالك: "ومن ثم منع مالك المواعدة في العدة وعلى بيع الطعام قبل قبضه وقت نداء الجمعة وعلى ما ليس عندك".
    *ب- ثم إن نسبة القول بلزومه قضاء عند المالكية غير دقيق فقد نقل عليش في فتاواه (فتح العلي المالك ...) أربعة أقوال:
    أ-يقضى بها مطلقا ولم ينسبه لأحد. ب- ولا يقضى به مطلقا.
    ج- يقضى به إن كان مبنيا على سبب وهو قول أصبغ.
    د-إن كان مبنيا على سبب ودخل الموعود في شيئ وهذا مذهب ابن القاسم..
    وأجيب: بأنه إذا جاز في التبرعات ففي المعاوضات أولى لما يترتب عليها من التزامات مالية، وضرر مع عدم الإلزام بالوعد.
    ورد هذا الجواب: بأن ذلك يترتب عليه محاذير شرعية منها:1- بيع ماليس عنده لأن الوعد إذا كان ملزما انقلب عقدا، ومن المعلوم أن المأمور بالشراء لم يملك السلعة الموعود بها عند التواعد.
    2- تأجيل البدلين عند التواعد.3-انعدام شرط الرضا عند العقد اللاحق.
    ولذا جاز الغرر في التبرعات ولم يجز في المعاوضات، لما في المعاوضة من معنى مختلف،وأما الضرر المدعى مع عدم الإلزام فيقابله ضرر مدعى مع الإلزام،وهو أظهر لاسيما مع مشروعية الخيار للآمر بديلا عن الإلزام.
    حكم بيع المرابحة للآمر بالشراء:
    تقدم ذكر صور بيع المرابحة وتبين منها أن الخلاف يكاد ينحصر في صورتين:
    أولاهما: -والخلاف فيها أخف – هي الصورة التي تقوم على تحديد الربح مع مواعدة غير ملزمة.
    فاختلفوا فيها على قولين:
    القول الأول: ذهب المالكية إلى المنع. واختاره ابن عثيمين والألباني.
    وحجتهم أنها حيلة لأكل الربا .
    قال ابن رشد في المقدمات (2/532): " والعينة على ثلاثة أوجه: جائز ومكروهة ومحظورة، فالجائزة أن يمر الرجل بالرجل من أهل العينة، فيقول له: هل عندك سلعة كذا أبتاعها منك، فيقول له: لا. فينقلب عنه على غير مراوضة ولا مواعدة، فيشتري تلك السلعة التي سأله عنها، ثم يلقاه فيخبره أنه قد اشترى السلعة التي سأله عنها فيبيعها بما شاء نقدا أو نسيئة. والمكروهة أن يقول له: اشتر سلعة كذا وكذا، فأنا أربحك فيها وأشتريها منك، من غير أن يراوضه على الربح، والمحظورة أن يرواضه على الربح".
    وقال في الشرح الصغير للدردير (3/129): معلقا على الصورة نفسها "فالعينة : وهي بيع - من طلبت منه سلعة للشراء وليست عنده، لطالبها بعد شرائها - جائزة ، إلا أن يقول الطالب: اشترها بعشرة نقدا، وأنا آخذها منك باثني عشر إلى أجل، فيمنع لما فيه من تهمة سلف جر نفعا ؛ لأنه كأنه سلفه عشرة ثمن السلعة يأخذ عنها بعد الأجل اثني عشر".
    فالمشتري أراد المال، والمصرف ومن في حكمه أراد بيعها له بأجل بثمن أزيد، ولم يرد شرائها لنفسه فلذا اعتبرها المالكية عينة وحرموها.
    ونوقش هذا بما يلي:
    1. أن البيع والشراء تم بأركانه وشروطه الشرعية، وليس من نواقضها إرادة المال –كما هو الأمر هنا-، ولا عدم إرادة السلعة كما هو حال المأمور فلا يشترط لصحة البيع أن يكون لاقتناء أو استهلاك، بل حال كثير من التجار، أنهم يشترون ليبيعوا ويفيدوا من فارق السعر.
    2. أن بينها وبين العينة فروقاً، منها:
    § تمحض قصد المال في العينة بخلاف صورة المرابحة للآمر بالشراء فإن قصد السلعة حاضر لدى المشتري (الآمر).
    § كما أن صورة العينة الواردة التي يتمحض فيها قصد المال ويحتال فيها على الربا هي ما إذا كانت بين طرفين.
    3. كما أن بعضهم حمل كلام المالكية في هذه الصورة على من عرف بالعينة والحيل الربوية ولذا ينصون على كونه من أهل العينة كما تقدم من كلام ابن رشد وبين سبب ذلك بقوله: "يتهمون فيما لا يتهم فيه أهل الصحة لعملهم بالمكروه واستباحتهم له".
    4. كما أن بين ربح المرابحة وفائدة القرض اختلافاً لأن الربح المذكور لا ينفك
    عن تحريك للسلعة ودوران المال بين عدة أطراف، مما يفيد الاقتصاد.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    Lightbulb رد: بيع المـــــرابحة من أهم عقود التمويل المعاصرة

    القول الثاني: قول الجمهور بالجواز، وقد سبقت الإشارة إليه من كلام محمد بن الحسن، والشافعي، وابن القيم، وعليه أكثر علماء العصر وبه صدرت قرارات المجامع الفقهية والمؤتمرات كمؤتمر المصرف الإسلامي الأول والثاني وكذا الهيئات الشرعية للبنوك، واستدلوا:
    بأن الأصل في البيوع الحل، وهذه من صور البيوع، وهي تخالف الربا لوجود مخاطر البيع والشراء مع عدم الإلزام بالوعد،بل يتملك البنك للسلعة ثم يبيعها بعد ذلك،وهذا هو الراجح لموافقة الأصل وعدم الدليل على المنع.
    ثم اختلف القائلون بالجواز في المرابحة الملزمة"المشتمل على وعد ملزم"على ثلاث أقوال:
    1- منعه إذا كان مع إلزام بالوعد، وعليه الجمهور من الأحناف والشافعية والحنابلة، وهو الذي يستفاد من مذهب المالكية من باب أولى لأنهم منعوا من المراوضة مع مواعدة غير ملزمة فمع الإلزام أولى، واختاره ابن باز و بكر أبو زيد، وغيرهم من المعاصرين.
    2-جواز العقد مع الوعد الملزم للطرفين، اختاره مصطفى الزرقا وسامي حمود والشاذلي وعبد الستار أبو غدة وابن منيع، و به صدرت فتاوى الهيئات الشرعية للبنوك. وفتوى المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي سنة 1403 أن المواعدة على بيع المرابحة للآمر بالشراء : بعد تملك السلعة المشتراة للآمر، وحيازتها ثم بيعها لمن أمر بشرائها بالربح المذكور في الموعد السابق، هو أمر جائز شرعا طالما كانت تقع على المصرف الإسلامي مسئولية الهلاك قبل التسليم، وتبعة الرد فيما يستوجب الرد بعيب خفي ".
    " وأما بالنسيبة للوعد، وكونه ملزما للآمر أو للمصرف أو كليهما فإن الأخذ بالإلزام هو الأحفظ لمصلحة التعامل واستقرار المعاملات، وفيه مراعاة لمصلحة المصرف والعميل، وإن الأخذ بالإلزام أمر مقبول شرعا، وكل مصرف مخير في أخذ ما يراه في مسألة القول بالإلزام حسب ما تراه هيئة الرقابة الشرعية لديه " اهـ.

    2- الجواز مقيد إذا كان الإلزام لطرف واحد وهو ما يفهم من قرار المجمع اختاره د.الضرير.
    أدلة القول الأول: وهو المنع من الإلزام مطلقاً.
    أن الإلزام بالمواعدة يصيرها عقداً حيث وجد فيها معناها وهو الربط والشد، ويترتب على ذلك محاذير شرعية لا انفكاك منها:
    1- بيع المأمور ما لا يملك.
    قال الشافعي: "وإن تبايعا به على أن ألزما أنفسهما فهو مفسوخ من قبل شيئين أحدهما أنه تبايعاه قبل أن يملكه البائع". (الأم 3/39)
    وقد تقدم النقل عن مالك وتفسيره في المرابحة عند الفقهاء.
    وقال الباجي: "وفيها -أي المرابحة- بيع ما ليس عنده لأن المبتاع بالنقد قد باع من المبتاع بالأجل البعير قبل أن يملكه". (المنتقى 5/38)
    ونوقش بأن الوعد الملزم اتفاق وليس بيعاً، وذلك :
    1-أن المصرف المأمور يمكنه بيع البضاعة لو امتنع الآمر الشراء مع مطالبته بالتعويض.
    2-أن الآمر والمأمور ينشئان عقد بيع من جديد بعد شراء المأمور للبضاعة.
    ويجاب: بأن ذلك لا يؤثر في تحقيق معنى العقد الذي يلزم كلا من الطرفين من إنشاء البيع على الصورة المتفق عليها سابقاً.
    2- ومما يترتب على الإلزام بالوعد، انعدام شرط الرضا، حيث يتم العقد اللاحق بناء على العقد السابق.
    3- أنها من البيعتين في بيعة حيث فسرها العلماء بأنها اشتراط عقد في عقد.
    ونوقش: بعدم التسليم لأن لها تفسيرات أخرى أرجح، وقد تقدم الكلام عليها.
    وأجيب: بأنها تكون قد تضمنت سعرين أحدهما النقد مع صاحب البضاعة والثاني الأجل مع الآمر، ويجاب: بأنهما في عقدين منفصلين.
    4- أن المرابحة مع الإلزام تكون من بيع الدين بالدين لأن العميل الآمر لا يقدم ثمن السلعة ولا يقدم له المأمور البضاعة.
    5- أنه مع الإلزام يكون الربح فيما لم يضمن، وقد نهى rعن ذلك.
    6- أن الإلزام بالوعد ينشأ منه الغرر وفي ثمن السلعة لأنه غير معلوم وقت الإلزام.
    ومما يقوى الأخذ بهذا القول أنه لم ينقل عن أحد المتقدمين جوازها بل نقل المنع عنهم كما نص عليه محمد بن الحسن والشافعي وابن رشد وابن القيم وغيرهم.
    وإنما نشأ القول بالإلزام لدى المعاصرين ومن أوائل القائلين به الزرقا في المدخل الفقهي ثم تبعه والشاذلي ثم مختار السلامي ومحمد تقي العثماني وابن منيع وأبو غدة والقره داغي.
    أدلة القائلين بالجواز:
    1- أن الأصل في البيوع الحل.
    ونوقش بأن ذلك مع عدم الدليل على المنع فإن قام الدليل فإنه ينقل عن هذا الأصل.
    2- أن الوعد ملزم قضاء طبقا للمذهب المالكي وهو ما دلت عليه أدلة وجوب الوفاء بالوعد فيتعين الإلزام به.
    ونوقش :بعدم التسليم لما تقدم في حكم الإلزام بالوعد.
    3- من أدلة المجيزين:أن تصحيح بيع المرابحة مع الإلزام هو ما تقتضيه المصلحة لكل من الطرفين، وبه يحصل استقرار المعاملات.
    ونوقش: بأنها مصلحة ملغاة غير معتبرة لما ينشأ عنها من مخالفات شرعية.
    ثم إن المصلحة قد تكون في عدم الإلزام ولذا جعل الشارع الخيار للمتعاقدين ما داما في مجلس العقد.
    4- القياس على السلم بجامع أن كلا منهما بيع لسلعة لا يملكها البائع عند التعاقد.
    ونوقش: بأن السلم يكون الثمن فيه معجلاً، والسلعة موصوفة في الذمة، بخلاف المرابحة فالثمن مؤجل والعين معينة.
    أدلة القول الثالث:
    استدل أصحاب القول الثالث بأن الممنوع هو المواعدة من طرفين التي تشبه العقد أما من طرف واحد فلا محذور.
    ونوقش:
    *أ- بأن المنع نشأ بسبب الإلزام وهو موجود سواء على طرف واحد أو طرفين، والمحاذير واردة منها عدم الرضا ووجود الغرر. وهي من قبيل العقد مع الخيار وهو ممنوع مع عدم الملك وتأجل البدلين كما هو الحال هنا.
    *ب- كما لا يسلم بأن الممنوع هو المواعدة بل نص المالكية على المنع من الوعد أيضا في المعاوضات وهو ما تفيده بعض النقول حتى في المذاهب الأخرى.
    وأما الاستدلال بكلام الشافعي: " والذي قال أربحك فيها بالخيار إن شاء أحدث فيها بيعا وإن شاء تركه" فهو مناقش بآخر كلامه وفيه: " ويكونان بالخيار في البيع الآخر فإن جدداه جاز" (الأم 3/39)

    سبب الخلاف:
    وسبب الخلاف هو اختلافهم في حكم الإلزام بالوعد وهل الإلزام بالوعد يقلبه عقداً؟ أم لا؟

    صور تطبيقية في المرابحة المركبة:
    1-توكيل المصرف للعميل الآمر بالشراء بإجراء عملية التملك ثم البيع لنفسه مباشرة.
    صورة هذه المسألة: أن يوكل المصرف عميله الآمر بالشراء بأن يشتري السلعة للمصرف، مع توكيل العميل ببيع السلعة لنفسه بمجرد شرائها، بربح محدد ومتفق عليه مسبقا.
    وهذه الصورة داخلة في ربح ما لم يضمن؛ لأن السلعة لا تدخل في ضمان المصرف، وإنما ينتقل ضمانها من البائع إلى العميل مباشرة،وهي أقرب للصورية،وحقيقته ا أن المصرف يقرض العميل بفائدة ولذلك لاتوجد سلعة في بعض الحالات، وحتى مع وجودها لاعلاقة حقيقية للمصرف بها تجيز له الاسترباح منها.
    وقد أكدت ذلك توصيات ندوة البركة التاسعة:((وبعد اطلاع اللجنة على الفتوى الأولى ‏ ‏لندوة البركة الأولى ‏ ‏بجواز التوكيل لشخص بشراء سلعة معينة ثم بيعها لنفسه بالثمن المحدد من الموكل رأت أن تلك الفتوى هي في التوكيل بوجه عام في البيع المطلق وأنها لا تتناول حالة توكيل المصرف لعملية الآمر بالشراء في بيع المرابحة؛ ذلك لأن لبيع المرابحة اعتبارات خاصة يختلف بها عن البيع المطلق، حيث يجب أن يكون للمصرف فيه دور بارز أساسي في شراء السلعة لنفسه أولاً وتسلمها ثم بيعها للآمر بالشراء للابتعاد عن صورة التمويل ‏الربوي، ولكيلا تختفي صورة الضمان الذي يحل به الربح لذا رأت اللجنة الأخذ بالرأي القائل ‏ ‏بعدم جواز هذا التوكيل بخصوص بيع المرابحة للآمر بالشراء))
    2-وأخف صورية من التطبيق السابق أن يوكل المصرف المأمورُ الآمرَ بالشراء بقبض السلعة بعد شراء المأمور لها.وهي غير جائزة أيضا لأنه باعها قبل أن يقبضها فلم يتحقق معه الضمان المبيح للربح ولذا نهي عن بيع المبيع قبل قبضه لأنه من ربح مالم يضمن وهو مجاف للعدل.
    3- من صيغ المرابحة التطبيقية ما يكون بصيغة الاعتماد المستندي وهو مصطلح يراد به تعهد مصرفي بالوفاء مشروط بمطابقة المستندات للتعليمات ويستخدم في التجارة الخارجية،إلا أن المصرف في هذه الحالة يكون هو المشتري من المصدر ولا يجوز للبنك أن يفتح اعتماداً مستندياً بناءً على طلب عميله ولحسابه، ثم بعد وصول البضاعة باسم العميل الذي استوردها يستبدل البنك الاعتماد السابق إلى مرابحة.فيكون العميل كأنه اتفق مع المورد مباشرة ، ودخل البنك صوريا في هذه المعاملة ؛ فتصبح شبيهه بالعينة.
    4-من الصيغ التطبيقية تجديد المرابحة على السلعة نفسها.بأن يتم بيع السلعة على أكثر من شخص فيؤدي لبيع مالا يملك،وتكون المرابحة صورية وتتحول لقرض جر نفعا بسبب أن من رابح على سلعة غير موجودة يكون أقرض وكان الوفاء بأزيد.
    5-إلزام المأمور بالشراء"البنك " للآمر بالشراء وهو العميل بتحمل مخاطر البضاعة التي طلب شراءها، وهذا محرم لأن الضمان يتبع الملك،فالخراج بالضمان،والعميل ليس مالكا،موهو من ربح مالم يضمن،فالمالك يربح والعميل وهو الآمر بالشراء-ولم يشتر بعد-يضمن،وهذا مجاف للعدل مشبه للربا.
    6-أخذ مبلغ نقدي من الآمر بالشراء في مرحلة المواعدة ، سواء أكان هامش الجدية، أم دفعة مقدمة ضماناً من العميل على حساب قيمة البضاعة التي سيشتريها، أم عربوناً، أو أي مبلغ نقدي آخر. أو كمبيالات أو سند الأمر لأنه من الإلزام بالوعد الذي سبق الكلام عنه.
    7-اشتراط البنك تحويل على العميل الآمر بالشراء تحويل راتبه إلى البنك في مرحلة المواعدة، وهذا مما منعته اللجنة الدائمة للإفتاء إما 1-لأنه من البيعتين في بيعه لأن حقيقة تلك الحسابات الجارية قروض وكأن الصورة أبيعك بشرط أن تقرضني 2-أو لأنها اجتماع سلف وبيع ووجه ذلك أن البنك لا يبيع الواعد إلى بشرط أن يسلفه قيمة راتب .
    وقول ثان بالجواز بناء على الأصل،وأما المنع لأجل البيعتين في بيعة فقد تقدم بيان المقصود بالنهي وأن مثل هذه الصورة ليست محلا له،وأما المانع الثاني فيقال بأن المقصود في الحديث ما كان تحايلا على الربا بأن يحابيه في الثمن لأجل القرض،يقول شيخ الإسلام:فجماع معنى الحديث أن لا يجمع بين معاوضة وتبرع لأن ذلك التبرع إنما كان لأجل المعاوضة لا تبرعا مطلقا فيصير جزءا من العوض".وكما خصت الشرطان الممنوعة في البيع في آخر الحديث بما كان حيلة على الربا فكذا هنا،وهو ماليس مقصودا هنا لأن الشرط لأجل الاستيثاق ولذا يمكن العميل بسحب ما زاد على مقدار القسط، كما ان الذي يشترط ذلك هو المقترض لا المقرض،كما أن قيمة السلعة لا تختلف بالشرط ولا تتأثر به فلا تقع المحاباة المقصودة بالمنع.
    8-طلب البنك من العميل الآمر بالشراء كفيلاً غارماً في مرحلة المواعدة، أو رهنا،محل خلاق بين الفقهاء في حكم اخذ الرهن أو الضمان قبل ثبوت الدين،والأقرب الجواز وهو مذهب الحنفية والمالكية وقول عند الحنابلة هو الصحيح في مسألة الضمان عندهم، ومبتنى الجواز هو الأصل وهو الحل ولا دليل على المنع. على أن يُنص أن يكون التزام الكفيل أو ثبوت الرهن معلقاً على بيع السلعة للعميل وثبوت الدين في ذمته.
    9-قيام المأمور بالشراء "البنك"بشراء السلعة مع عدم تسجيلها باسمه جائز؛لأن ملكية المبيع تنتقل إليه بالعقد، ولا تحتاج إلى التسجيل لكونه إجراءا توثيقيا لتأكيد العقد. إلا أنه لا يسوغ أن تكون الوثائق والعقود والمستندات الصادرة عند إبرام عقد شراء السلعة باسم العميل. ولكن يجوز ذكر اسم العميل في بوليصة الشحن مع اسم البنك أو وكيله لمجرد الإحاطة. حتى لا تكون من الصورية المؤدية للربا لاسيما مع عدم صحة توكيل الواعد بالشراء.
    10-إعادة جدولة المديونية وذلك بالاتفاق على تغيير مقدار وأوقات أقساط المرابحة بعد التعاقد جائز بشرط ألا يتضمن زيادة على مبلغ المرابحة الإجمالي المتفق عليه وأن يكون بالعملة نفسها، حتى لا يكون ربا.
    11-وأخيرا من الصور التطبيقية المستجدة المرابحة بربح متغير،وقد وقع فيها خلاف بين المعاصرين ويراد بها أن يكون الربح غير محدد عند التعاقد ولكنه مرتبط بمؤشر منضبط كمؤشر هامش الربح في عقود المرابحات في البنوك الإسلامية وذلك في وقت السداد في المستقبل.وقد وقع الخلاف فيها بين على قولين:
    القول الأول: الجواز. واستدلوا بأدلة منها:
    أولاً : الأصل الشرعي في العقود وهو الصحة والإباحة.
    ثانياً: قياس المرابحة بربح متغير على بعض البيوع الجائزة حالة أو مؤجلة :
    1 - البيع بسعر المثل أو بما ينقطع به السعر:وهو أن يبيعه السلعة من غير تحديد ثمنها ولكن بما يتبايع به الناس عادة أو بما يتفق عليه بثمنها في المساومة.فالثمن هنا كالمرابحة بربح متغير غير مسمى في العقد وإنما يتحدد بناء على سعر السوق،وهذا البيع قال بجوازه أحمد في رواية عنه واختاره ابن تيمية وابن القيم ونوقش: بعدم التسليم بالنسبة،فرواية أحمد وقول شيخ الإسلام يراد به البيع بسعر المثل السائد حين التعاقد لا البيع بسعر المثل في المستقبل ،وهو ما نص عليه في كتاب العقود فقال " فالذي رأيته من نصوص أحمد أنه إذا كان البائع عالما بقدر الثمن جاز للمشتري أن يشتريه منه بذلك الثمن وإن لم يعلم قدره ، فإنه ثمن مقدر في نفس الأمر وقد رضي هو بخبرة البائع وأمانته ، وأما إذا كان السعر لم ينقطع بعد ولكن ينقطع فيما بعد ويجوز اختلاف قدره فهذه قد منع منه ( أي الإمام أحمد) لأنه ليس وقت البيع ثمن مقدر في نفس الأمر والأسعار تختلف باختلاف الأزمنة فقد يكون سعره فيما بعد العقد أكثر مما كان وقت العقد فأما إذا باعه بقيمته وقت العقد فهذا الذي نص أحمد على جوازه ).
    3- البيع بشرط النفقة مدة معلومة :كأن يبيعه السلعة ويجعل الثمن نفقة المشتري على البائع أو ولده مدة معلومة كشهر مثلا، وأجاز هذه الصورة « الحنابلة والمالكية» جوزوا ذلك في الإجارة .وكذلك في المرابحة المتغيرة فإن الثمن قد يزيد وقد ينقص وإنما ساغ ذلك لأن للنفقة عرف يرجع إليه عند التنازع وكذلك في الربح المتغير إذا كان له عرف منضبط يمكن إن يربط به فيصح .ونوقش: بأن النفقة ليست دينا في الذمة لأنها تسقط بالعجز والموت،بخلاف الدين المؤجل كما أنها تختلف باليسار والإعسار،فيتبين أن القياس مع الفارق.
    3- السلم بسعر السوق وهو السلم في سلع موصوفة من غير أن تحدد كميتها وإنما تحدد بناء على سعرها في السوق وقت التسليم .ونوقش:بعدم التسليم بأن قيمة السلم تتحدد عند التسليم بل عند العقد وهو مفهوم كلام شيخ الإسلام في السلم الذي لم يحدد ثمنه عند التعاقد فيكون بثمن المثل عند التعاقد مؤجلا حسب وقت التسليم، فلو كان بعد سنة وسعره عند التعاقد ألف وبعد سنة ألف ومائة فيكون ثمنه ألف ومائة.وهذا واضح في مستند التسليم هو القيمة المحددة عند التعاقد وليس لاحقا،بخلاف الربح المتغير الذي يتغير لاحقا،كما أن دين السلم ثابت ولا يتغير بخلاف دين المرابحة فإنه يتغير بتغير المؤشر.
    القول الثاني: المنع من صحة المرابحة بربح متغير.ووجهوا قولهم:
    1- أن ذلك من الربا، ووجهه: أن المرابحة تثبت دينا ثم إن الثمن قد يزيد عند حلول الأجل عما كان عليه عند العقد كأن يكون هامش الربح في السوق عند إبرام العقد (5%) ثم عند حلول الأجل يرتفع إلى (7%) وهذه الزيادة من الربا لأنها على دين ثابت بالذمة .
    ونوقش ذلك : أن الدين ليس فيه زيادة لأن العاقدين لم ينظرا أصلا إلى هامش الربح في السوق عند العقد وإنما جرى العقد على السعر اللاحق ابتداء فالذي استقر في ذمة المشتري هو المبلغ الأخير فقط دون ما قبله ،كما أن الربا لا يتحقق إلا بالزيادة على الدين المستقر وهو ما ليس في مسألتنا.
    وأجيب:بعدم التسليم بالأمرين؛فالواق ع أن هامش الربح يتحدد عند التعاقد للفترة الأولى ثم يتحدد في نهاية الفترة الأولى ليحتسب للفترة الثانية وهكذا،فالهامش ثابت ومحدد لكل فترة قبل بدايتها لكنه يتغير من فترة لأخرى،وأما كون الربا لا يتحقق إلا باستقرار الدين في الذمة فغير صحيح لأن الاستقرار لا أثر له في ثبوت الربا من عدمه بل هو يعني قابلية الدين للفسخ فهو يختلف من جهة درجة المخاطرة وبالتالي في حكم الغرر لافي تعلقه بالذمة وترتب الربا على الزيادة فيه،ولذلك فإن دين السلم غير مستقر عند الجماهير ومع ذلك لا يجوز تراضي المتعاقدين على تأخيره بزيادة لأنه ربا اتفاقا.
    2- الغرر : ووجهه: أن الثمن مجهول عند العقد فهو من بيوع الغرر.
    ونوقش: بأن تعريفات الغرر بمعنى واحد وهو جهالة العاقبة . وهذا الوصف لا ينطبق على المرابحة التي يكون فيها الربح مرتبطا بمعيار منضبط لا مجال للنزاع فيه لأن الثمن يؤول إلى العلم .والفقهاء يكادون يتفقون على أنه ليس كل جهالة تفسد العقد وإنما ما أدى إلى النزاع .
    كما أن من شروط الغرر المؤثر ألا تدعوا إلى العقد حاجة ؛ لأن تحريمه اشد ضررا من كونه غررا ، والمرابحة بربح متغير مما تدعوا إليها الحاجة وبها مصلحة العاقدين إذ يندر في عقود التمويل طويلة الأجل استقرار أسعار المرابحات بل تتذبذب فيحتاج كل من العاقدين لحماية نفسه بربط الربح بحسب ربح السوق وقت السداد والشارع لا يحرم ما يحتاج اليه الناس من البيع لأجل نوع من الغرر بل يبيح ما يحتاج اليه من ذلك.
    وكذلك من شروط الغرر المؤثر أن يكون كثيرا والجهالة هنا يسيرة لان راس المال وجزء من الربح معلومات ابتداء والمتغير انما هو بعض الربح .
    وأجيب عن ذلك: بعدم التسليم بعدم انطباق وصف الغرر فالثمن مجهول العاقبة والفرق قد يكون كبيرا فالبيع بثمن مستقبلي لا يختلف عن بيع الحصاة والملامسة والمنابذة التي انعقد الإجماع على منعها فجميعها تتضمن الالتزام مقدما بعوض متغير وهو ما يؤدي لتضرر أحد الطرفين وانتفاع الآخر وهو الغرر المتفق على تحريمه.والحاجة المدعاة يمكن دفعها ببدائل مشروعة.
    3- من البيعتين في بيعة : ووجهه: أن الثمن متردد ومحتمل لأكثر من قيمة ففيه شبهة البيعتين في بيعة.
    ونوقش بأن أهل العلم اختلفوا في تأويل الحديث :فمنهم من فسره باشتراط عقدين في عقد ، ومنهم من فسره بقلب الدين في صورة بيع الدين المؤجل على المدين إلى أجل آخر بزيادة عليه ومنهم من فسره ببيع العينة ،ومنهم من جعل المقصود النهي عن اجتماع عقدين كل واحد منهما مباح في حال انفراده وإذا جمع بينهما ترتب الوقوع في محظور من ربا ( كالعينة والجمع بين القرض والبيع )،وأما المعاملة محل البحث فليس فيها إلا بيعة واحد بثمن واحد وليس فيها بيعتان ولا مدخل للربا ولا للغرر فيها ولا تؤدي إلى النزاع .
    وأجيب :بأن الثمن غير مستقر ومتردد وهذا ممنوع بالاتفاق وهو موافق لبيوع الغرر الممنوعة، ولا يتنافى هذا مع التفسيرات المذكورة فيمكن أن ينطبق النهي على أكثر من صورة.

    قرار مجمع الفقه الإسلامي:
    قرار رقم: 40 - 41 (2/5 و 3/5) [1] بشأن الوفاء بالوعد، والمرابحة للآمر بالشراء:
    أولاً: أن بيع المرابحة للآمر بالشراء إذا وقع على سلعة بعد دخولها في ملك المأمور، وحصول القبض المطلوب شرعاً، هو بيع جائز، طالما كانت تقع على المأمور مسؤولية التلف قبل التسليم، وتبعة الرد بالعيب الخفي ونحوه من موجبات الرد بعد التسليم، وتوافرت شروط البيع وانتفت موانعه.
    ثانياً: الوعد – وهو الذي يصدر من الآمر أو المأمور على وجه الانفراد – يكون ملزماً للواعد ديانة إلا لعذر، وهو ملزم قضاء إذا كان معلقاً على سبب ودخل الموعود في كلفة نتيجة الوعد. ويتحدد أثر الإلزام في هذه الحالة إما بتنفيذ الوعد، وإما بالتعويض عن الضرر الواقع فعلاً بسبب عدم الوفاء بالوعد بلا عذر.
    ثالثاً: المواعدة – وهي التي تصدر من الطرفين – تجوز في بيع المرابحة بشرط الخيار للمتواعدين، كليهما أو أحدهما، فإذا لم يكن هناك خيار فإنها لا تجوز، لأن المواعدة الملزمة في بيع المرابحة تشبه البيع نفسه، حيث يشترط عندئذ أن يكون البائع مالكاً للمبيع حتى لا تكون هناك مخالفة لنهي النبي rعن بيع الإنسان ما ليس عنده.
    لوضع أصول تعصم من وقوع الخلل في التطبيق، وتعين على مراعاة الأحكام الشرعية العامة أو الخاصة ببيع المرابحة للآمر بالشر.
    عبدالله بن منصور الغفيلي
    الأستاذ المساعد بقسم الفقه المقارن بالمعهد العالي للقضاء

  3. افتراضي رد: بيع المـــــرابحة من أهم عقود التمويل المعاصرة

    بارك الله فيكم.
    أبو عاصم أحمد بن سعيد بلحة.
    حسابي على الفيس:https://www.facebook.com/profile.php?id=100011072146761
    حسابي علي تويتر:
    https://twitter.com/abuasem_said80

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي رد: بيع المـــــرابحة من أهم عقود التمويل المعاصرة

    وممن كتب في هذا النوع من العقود د. محمد صرصور في كتابه : بيع المرابحة للآمر بالشراء (( دراسة تطبيقية )) .وكذا : بيع المرابحة للآمر بالشراء د. عبد العظيم أبو زيد .
    وكذا : بيع المرابحة والتقسيط ودورها في المعاملات المصرفية في الفقه الإسلامي
    د . المكاشفي طه الكباشي
    عضو مجمع الفقه الإسلامي السوداني وأستاذ الدراسات العليا
    بجامعة ام درمان الإسلامية ـ السودان - الخرطوم
    وكذا : عقد المرابحة ضوابطه الشرعية وصياغته المصرفية وانحرافاته التطبيقية
    د الواثق عطا المنان محمد أحمد
    أستاذ القانون التجاري المساعد- كلية الشريعة والقانون بجامعة أم درمان الإسلامية
    والمنتدب بالمعهد العالي للدراسات المصرفية والمالية
    وغير ذلك من المصنفات والأبحاث في هذا الشأن . والله الموفق .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •