تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: ((خذوا عني مناسككم)) لا يدل على الوجوب !!!

  1. افتراضي ((خذوا عني مناسككم)) لا يدل على الوجوب !!!

    ((خذوا عني مناسككم)) لا يدل على الوجوببعض الاستدلالات تدل على غفلةٍ فقهية ؛ لأنها استدلالاتٌ في غاية الضعف ، ولا تصمد عند أدنى تمحيص . ومع ذلك ما زالت تتكرر ، وتتكاثر الأخطاء المترتبة على غفلة استدلالاتها المتكررة !وبعض هذه الاستدلالات بدأت عند بعض أهل العلم السابقين على وجه الخطأ منهم ، والغفلة والخطأ والنسيان لا يكاد ينجو منها أحد ؛ إلا من عصمه الله تعالى ؛ لكن غفلة العالم طارئة ، سريعةُ الزوال ، بخلاف غفلة غير الفقيه : فإنها غفلةٌ أصليةٌ ، كثيرةُ الطامات ، ملازمةٌ له في غالب تَـفَـهُّمِه الضعيفِ ونظرِه الكليل .وبعض مثل هذه الاستدلالات الضعيفة بدأت عند علماء آخرين على وجه الاستكثار من الأدلة القوية والضعيفة ، على منهج كان يستحسنه بعضهم ، هو منهج ( اجتماع الجيوش الإسلامية ) ، يوردون فيه الدليلَ الصحيحَ والضعيفَ مع علمهم بصحة الصحيح وضعف الضعيف ، حتى يصل هذا المنهج إلى ذِكر الرُّؤى والأحلام ! كما بدأت أمثال هذه الاستدلالات عند طائفة أخرى من الأئمة على وجه الاستشهاد والاعتضاد ، لا على وجه الاستقلال بالاستدلال والاعتماد . فليس إيرادهم لها استدلالا ، وإنما استئناسًا فقط .فإذا بهذه الاستدلالات (بعد أمدٍ) تُصبح عند آخرين أدلةً مستقلة ، بها يحلّون ويحرمون ، وعليها يعتمدون فيما يوجبون ويستحبّون . بل تصبح أصلا يقوم عليه فقهُ البابِ ، مما يُركّب عليها ركامًا من الأحكام الخطأ والفتاوى الغلط .ومن هذه الاستدلالات مما يتعلق بالحج : الاستدلال بحديث النبي صلى الله عليه وسلم : (( خذوا عني مناسككم )) على وجوب أفعال النبي صلى الله عليه وسلم في الحج ؛ إلا ما ورد فيه الدليل الخاصُّ الدالُّ على استحبابه ، بحجة أنه حديثٌ تَضمّنَ أمرًا : ( خذوا) ، والأمر يقتضي الوجوب ، وهو أمر قولي قد بيّنه النبي صلى الله عليه وسلم بفعله ، والفعل إذا خرج مخرج البيان للقول كان له حكم القول ، فإذا دل القول على الوجوب دل الفعل على الوجوب .خلاصة هذا القول : أن الأصل في أفعاله صلى الله عليه وسلم في الحج الوجوب ، حتى يأتي ما يدل على الاستحباب ؛ استنادًا إلى هذا الاستدلال .هذه هي خلاصة هذا التقرير الضعيف جدًّا ! ولبيان تهافت هذا القول وجوهٌ عديدة سأكتفي بأوضحها:الأول : أنهم يبنون هذه الخلاصة على تقرير أصولي لا يستقيم بفهمهم له ، ولا يطّردون هم أنفسهم فيه ، ويخالفونه في كثير جدا من المسائل ، حتى في مسائل الحج نفسها .فهم يبنون هذا الأصل على كون القول المفسَّر بالفعل ، يكون حكمُ الفعل فيه حكمَ القول ، فإذا دلَّ القولُ على الوجوب كان هذا الفعل المفسِّرُ والمبيِّنُ فعلا واجبًا .وهذا التقرير بهذا الإطلاق خطأ ، ولا يطرد فقيهٌ في الاستدلال به على هذا الإطلاق ، مما يدل على أنه تقرير مختل غير مستقيم . والمشكلة أن بعضا من تقريرات علماء الأصول قديما وحديثا تنبه (بشيء من التعقل في فهمها) على خلل مثل هذا الإطلاق ، يخرج منها القارئ باستشكال مثل ذلك الفهم الذي نرد عليه ، ومن آخرهم الدكتور محمد بن سليمان الأشقر ( رحمه الله ) في رسالته ( أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم ودلالتها على الأحكام الشرعية ) . ومع ذلك ما استفادوا من ذلك التنبيه ، ومروا عليه مرور الغفلة عنه .والذي كان يجب أن يُفهم عن هذا التقرير ، لكي يكون أولَ ضابطٍ يجعله تقريرًا صحيحًا مبنيًّا بناءً علميا : هو أن يُقال في تقريره : إن الفعل لا يكون له حكم القول الذي خرج مخرج البيان له ؛ إلا أن يكون القولُ المبـيَّـنُ بالفعل قولا مجملا ، لا يُفهم معناه ولا يُمكن الائتمار به إلا بالبيان الفعلي . فمثلا : لماذا لم يجعل العلماء صفة غسل النبي صلى الله عليه وسلم الواردة في السنة الفعلية صفةً دالةً على الوجوب ، فقد أمر الشرع وأوجب الغسل من الحدث الأكبر ؟ وورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بصفة معينة ، مثل أنه كان يتوضأ وضوء الصلاة ، ثم يفيض الماء على جسده . فلماذا لم يوجب العلماء هذه الصفة في غسل الجنابة ؟السبب : هو أن الغسل لفظ عربي مبيَّن ، ليس مجملا ، ويعرف العربي من مجرد إطلاقه أنه هو تعميم الجسد بالماء .ولذلك لم تكن تفاصيل فعله صلى الله عليه وسلم في الغسل بيانًا لمجملٍ أصلا ، وإنما كانت بيانا للصفة الأكمل والفعل الأتم .وكذلك الأمر في الحج : فالحج منسكٌ يعرفه العرب من بقايا ملة إبراهيم (عليه السلام) ، وكانوا يحجون قبل الإسلام وبعده ، ويعرفون عامة مناسكه ، من وقوف بعرفة ومزدلفة ومبيت بمنى ورمي للجمار وطواف وسعي ونحر .. وغير ذلك ، رغم ما حرّفَ بعضُهم في بعضه وما بدّلوا . ولذلك كان الأمر بالحج ليس أمرا مجملا بيّنه الفعلُ النبوي . وإن كان الفعل النبوي قد بيّن تفاصيلَه ، وصحّحَ أخطاء العرب وتحريفَ بعضِهم في بعضه .ويشهد لذلك (وإن كان الأمر غير محتاج لاستشهاد) أمران :الأول : أن الصحابة قد حجوا سنة تسع من الهجرة ، قبل حج النبي صلى الله عليه وسلم في سنة عشر ، مما يدل على أن حجته صلى الله عليه وسلم (في حجة الوداع) لم تكن بيانا لخطاب مجمل في قوله صلى الله عليه وسلم : (( خذوا عني مناسككم )) .والثاني : أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال هذا الحديث في يوم النحر ، بعد أن رمى الجمرة ، وبعد أن مضى عدد من مناسك الحج ، ولم يقله صلى الله عليه وسلم قبل الحج . ولو كان الحج مجهولا تماما ، لا يَبِينُ إلا بفعله صلى الله عليه وسلم ، لأمرهم بذلك من قبل أن يُنشئ النيةَ بالحج ، ولما تركهم حتى تمضي نصف مناسكه أو أكثر . ولذلك لم يكن قوله صلى الله عليه وسلم : (( خذوا عني مناسككم )) وجوبا مجملا ، كما قيل ، ولذلك لم يكن فعله صلى الله عليه وسلم بيانا لمجمل أصلا .الثاني : أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد بفعله بيان ما أجمله في قوله ، وكان قوله يدل على الوجوب ، فإنه صلى الله عليه وسلم يقتصر في الفعل على الفعل الواجب ، ولا يخلطه بمستحباته . كما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يبين لأصحابه أول وقت الصلاة وآخره ، فإنه لم يصل الصلاة في وقتها المستحب من أول الوقت أو آخره ، بل صلى في أول الوقت مباشرة في يوم ، ثم صلاها في آخره في يوم آخر ، ثم بين لهم أن ما بينهما هو وقت الصلاة .أما بغير ذلك ، فلا يصح الاستدلال بمجرد الفعل على بيان القول الواجب .وإلا فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( صلوا كما رأيتموني أصلي )) ، ولاشك أن مجرد فعل النبي صلى الله عليه وسلم لشيء من أفعال الصلاة لا يدل على وجوبه ، وإلا للزم من ذلك أن يكون الأصل في أفعاله صلى الله عليه وسلم في الصلاة الوجوب ، حتى يأتي ما يدل على عدمه .وحديث (( صلوا كما رأيتموني أصلي )) قرين قوله صلى الله عليه وسلم (( خذوا عني مناسككم )) ، في الصيغة ( الأمر ) وفي إحالة بيانها إلى الفعل .وحتى أبين ذلك أكثر وأيسر فهمه أقول : نحن نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحج بعد الهجرة ، وبعد إيجاب الحج ؛ إلا حجة واحدة ، هي حجة الوداع . وأنه كان عليه الصلاة والسلام حريصا على أداء حجه على أكمل وجه ، بجميع واجباته وسننه ، وكذلك فَعَل صلى الله عليه وسلم . فكيف يحيل صلى الله عليه وسلم أصحابه ( رضوان الله عليهم ) في بيان القدر الواجب من حجه إلى فعله ، وهو عليه الصلاة والسلام كان يعلم أن كثيرا من أفعاله في الحج هي من مستحبات الحج ، إن لم تكن غالبها ؟!ومما يدل على خلل التأصيل الذي يزعم أن الأصل في أفعاله صلى الله عليه وسلم في الحج هو الوجوب ، أخذا من حديث (( خذوا عني مناسككم )) : أن كثيرا من أفعال الحج لا قائل بوجوبها ، أو كان القول بوجوبها في غاية الضعف ، رغم عدم ورود ما يستثنيها . ككثير من تفاصيل الأركان في الطواف والسعي وعموم المناسك : كاستلام الحجر أو الإشارة إليه ، وكالدعاء وهيئته في السعي ، وكمواقف الدعاء بعد رمي الجمار وطوله ... في قائمة طويلة جدا .وبذلك يكون قوله صلى الله عليه وسلم (( خذوا عني مناسككم )) ، معناه : خذوا عني الصفة الأتم والأكمل للحج ، والصفة الأتم هي التي تمت بأركانها وواجباتها ومستحباتها ، وليست بأركانها وواجباتها فقط . ويكون كما يقول اليوم عالمٌ من العلماء للناس : ((حجوا كحجي)) ، من باب تعليم الجاهل ، لا من باب بيان اللفظ المجمل .ولذلك كان الاستدلال لإيجاب فعل في الحج بمجرد فعله صلى الله عليه وسلم استدلالا في غاية الضعف ، ومتناقضا بعدم اطراد المستدلين به في كثير من أفعال الحج .ولذلك كم أتمنى أن لا أسمع ولا أقرأ قولا بوجوب فعلا في الحج اعتمادا فقط على قوله صلى الله عليه وسلم : (( خذوا عني مناسككم)) ؛ لأنه حديث لا يدل على الوجوب .

    كتبهظ/ الشريف حاتم العوني.
    أبو عاصم أحمد بن سعيد بلحة.
    حسابي على الفيس:https://www.facebook.com/profile.php?id=100011072146761
    حسابي علي تويتر:
    https://twitter.com/abuasem_said80

  2. #2

    افتراضي رد: ((خذوا عني مناسككم)) لا يدل على الوجوب !!!

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوعاصم أحمد بلحة مشاهدة المشاركة
    ((خذوا عني مناسككم)) لا يدل على الوجوببعض الاستدلالات تدل على غفلةٍ فقهية ؛ لأنها استدلالاتٌ في غاية الضعف ، ولا تصمد عند أدنى تمحيص . ومع ذلك ما زالت تتكرر ، وتتكاثر الأخطاء المترتبة على غفلة استدلالاتها المتكررة !وبعض هذه الاستدلالات بدأت عند بعض أهل العلم السابقين على وجه الخطأ منهم ، والغفلة والخطأ والنسيان لا يكاد ينجو منها أحد ؛ إلا من عصمه الله تعالى ؛ لكن غفلة العالم طارئة ، سريعةُ الزوال ، بخلاف غفلة غير الفقيه : فإنها غفلةٌ أصليةٌ ، كثيرةُ الطامات ، ملازمةٌ له في غالب تَـفَـهُّمِه الضعيفِ ونظرِه الكليل .وبعض مثل هذه الاستدلالات الضعيفة بدأت عند علماء آخرين على وجه الاستكثار من الأدلة القوية والضعيفة ، على منهج كان يستحسنه بعضهم ، هو منهج ( اجتماع الجيوش الإسلامية ) ، يوردون فيه الدليلَ الصحيحَ والضعيفَ مع علمهم بصحة الصحيح وضعف الضعيف ، حتى يصل هذا المنهج إلى ذِكر الرُّؤى والأحلام ! كما بدأت أمثال هذه الاستدلالات عند طائفة أخرى من الأئمة على وجه الاستشهاد والاعتضاد ، لا على وجه الاستقلال بالاستدلال والاعتماد . فليس إيرادهم لها استدلالا ، وإنما استئناسًا فقط .فإذا بهذه الاستدلالات (بعد أمدٍ) تُصبح عند آخرين أدلةً مستقلة ، بها يحلّون ويحرمون ، وعليها يعتمدون فيما يوجبون ويستحبّون . بل تصبح أصلا يقوم عليه فقهُ البابِ ، مما يُركّب عليها ركامًا من الأحكام الخطأ والفتاوى الغلط .ومن هذه الاستدلالات مما يتعلق بالحج : الاستدلال بحديث النبي صلى الله عليه وسلم : (( خذوا عني مناسككم )) على وجوب أفعال النبي صلى الله عليه وسلم في الحج ؛ إلا ما ورد فيه الدليل الخاصُّ الدالُّ على استحبابه ، بحجة أنه حديثٌ تَضمّنَ أمرًا : ( خذوا) ، والأمر يقتضي الوجوب ، وهو أمر قولي قد بيّنه النبي صلى الله عليه وسلم بفعله ، والفعل إذا خرج مخرج البيان للقول كان له حكم القول ، فإذا دل القول على الوجوب دل الفعل على الوجوب .خلاصة هذا القول : أن الأصل في أفعاله صلى الله عليه وسلم في الحج الوجوب ، حتى يأتي ما يدل على الاستحباب ؛ استنادًا إلى هذا الاستدلال .هذه هي خلاصة هذا التقرير الضعيف جدًّا ! ولبيان تهافت هذا القول وجوهٌ عديدة سأكتفي بأوضحها:الأول : أنهم يبنون هذه الخلاصة على تقرير أصولي لا يستقيم بفهمهم له ، ولا يطّردون هم أنفسهم فيه ، ويخالفونه في كثير جدا من المسائل ، حتى في مسائل الحج نفسها .فهم يبنون هذا الأصل على كون القول المفسَّر بالفعل ، يكون حكمُ الفعل فيه حكمَ القول ، فإذا دلَّ القولُ على الوجوب كان هذا الفعل المفسِّرُ والمبيِّنُ فعلا واجبًا .وهذا التقرير بهذا الإطلاق خطأ ، ولا يطرد فقيهٌ في الاستدلال به على هذا الإطلاق ، مما يدل على أنه تقرير مختل غير مستقيم . والمشكلة أن بعضا من تقريرات علماء الأصول قديما وحديثا تنبه (بشيء من التعقل في فهمها) على خلل مثل هذا الإطلاق ، يخرج منها القارئ باستشكال مثل ذلك الفهم الذي نرد عليه ، ومن آخرهم الدكتور محمد بن سليمان الأشقر ( رحمه الله ) في رسالته ( أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم ودلالتها على الأحكام الشرعية ) . ومع ذلك ما استفادوا من ذلك التنبيه ، ومروا عليه مرور الغفلة عنه .والذي كان يجب أن يُفهم عن هذا التقرير ، لكي يكون أولَ ضابطٍ يجعله تقريرًا صحيحًا مبنيًّا بناءً علميا : هو أن يُقال في تقريره : إن الفعل لا يكون له حكم القول الذي خرج مخرج البيان له ؛ إلا أن يكون القولُ المبـيَّـنُ بالفعل قولا مجملا ، لا يُفهم معناه ولا يُمكن الائتمار به إلا بالبيان الفعلي . فمثلا : لماذا لم يجعل العلماء صفة غسل النبي صلى الله عليه وسلم الواردة في السنة الفعلية صفةً دالةً على الوجوب ، فقد أمر الشرع وأوجب الغسل من الحدث الأكبر ؟ وورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بصفة معينة ، مثل أنه كان يتوضأ وضوء الصلاة ، ثم يفيض الماء على جسده . فلماذا لم يوجب العلماء هذه الصفة في غسل الجنابة ؟السبب : هو أن الغسل لفظ عربي مبيَّن ، ليس مجملا ، ويعرف العربي من مجرد إطلاقه أنه هو تعميم الجسد بالماء .ولذلك لم تكن تفاصيل فعله صلى الله عليه وسلم في الغسل بيانًا لمجملٍ أصلا ، وإنما كانت بيانا للصفة الأكمل والفعل الأتم .وكذلك الأمر في الحج : فالحج منسكٌ يعرفه العرب من بقايا ملة إبراهيم (عليه السلام) ، وكانوا يحجون قبل الإسلام وبعده ، ويعرفون عامة مناسكه ، من وقوف بعرفة ومزدلفة ومبيت بمنى ورمي للجمار وطواف وسعي ونحر .. وغير ذلك ، رغم ما حرّفَ بعضُهم في بعضه وما بدّلوا . ولذلك كان الأمر بالحج ليس أمرا مجملا بيّنه الفعلُ النبوي . وإن كان الفعل النبوي قد بيّن تفاصيلَه ، وصحّحَ أخطاء العرب وتحريفَ بعضِهم في بعضه .ويشهد لذلك (وإن كان الأمر غير محتاج لاستشهاد) أمران :الأول : أن الصحابة قد حجوا سنة تسع من الهجرة ، قبل حج النبي صلى الله عليه وسلم في سنة عشر ، مما يدل على أن حجته صلى الله عليه وسلم (في حجة الوداع) لم تكن بيانا لخطاب مجمل في قوله صلى الله عليه وسلم : (( خذوا عني مناسككم )) .والثاني : أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال هذا الحديث في يوم النحر ، بعد أن رمى الجمرة ، وبعد أن مضى عدد من مناسك الحج ، ولم يقله صلى الله عليه وسلم قبل الحج . ولو كان الحج مجهولا تماما ، لا يَبِينُ إلا بفعله صلى الله عليه وسلم ، لأمرهم بذلك من قبل أن يُنشئ النيةَ بالحج ، ولما تركهم حتى تمضي نصف مناسكه أو أكثر . ولذلك لم يكن قوله صلى الله عليه وسلم : (( خذوا عني مناسككم )) وجوبا مجملا ، كما قيل ، ولذلك لم يكن فعله صلى الله عليه وسلم بيانا لمجمل أصلا .الثاني : أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد بفعله بيان ما أجمله في قوله ، وكان قوله يدل على الوجوب ، فإنه صلى الله عليه وسلم يقتصر في الفعل على الفعل الواجب ، ولا يخلطه بمستحباته . كما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يبين لأصحابه أول وقت الصلاة وآخره ، فإنه لم يصل الصلاة في وقتها المستحب من أول الوقت أو آخره ، بل صلى في أول الوقت مباشرة في يوم ، ثم صلاها في آخره في يوم آخر ، ثم بين لهم أن ما بينهما هو وقت الصلاة .أما بغير ذلك ، فلا يصح الاستدلال بمجرد الفعل على بيان القول الواجب .وإلا فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( صلوا كما رأيتموني أصلي )) ، ولاشك أن مجرد فعل النبي صلى الله عليه وسلم لشيء من أفعال الصلاة لا يدل على وجوبه ، وإلا للزم من ذلك أن يكون الأصل في أفعاله صلى الله عليه وسلم في الصلاة الوجوب ، حتى يأتي ما يدل على عدمه .وحديث (( صلوا كما رأيتموني أصلي )) قرين قوله صلى الله عليه وسلم (( خذوا عني مناسككم )) ، في الصيغة ( الأمر ) وفي إحالة بيانها إلى الفعل .وحتى أبين ذلك أكثر وأيسر فهمه أقول : نحن نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحج بعد الهجرة ، وبعد إيجاب الحج ؛ إلا حجة واحدة ، هي حجة الوداع . وأنه كان عليه الصلاة والسلام حريصا على أداء حجه على أكمل وجه ، بجميع واجباته وسننه ، وكذلك فَعَل صلى الله عليه وسلم . فكيف يحيل صلى الله عليه وسلم أصحابه ( رضوان الله عليهم ) في بيان القدر الواجب من حجه إلى فعله ، وهو عليه الصلاة والسلام كان يعلم أن كثيرا من أفعاله في الحج هي من مستحبات الحج ، إن لم تكن غالبها ؟!ومما يدل على خلل التأصيل الذي يزعم أن الأصل في أفعاله صلى الله عليه وسلم في الحج هو الوجوب ، أخذا من حديث (( خذوا عني مناسككم )) : أن كثيرا من أفعال الحج لا قائل بوجوبها ، أو كان القول بوجوبها في غاية الضعف ، رغم عدم ورود ما يستثنيها . ككثير من تفاصيل الأركان في الطواف والسعي وعموم المناسك : كاستلام الحجر أو الإشارة إليه ، وكالدعاء وهيئته في السعي ، وكمواقف الدعاء بعد رمي الجمار وطوله ... في قائمة طويلة جدا .وبذلك يكون قوله صلى الله عليه وسلم (( خذوا عني مناسككم )) ، معناه : خذوا عني الصفة الأتم والأكمل للحج ، والصفة الأتم هي التي تمت بأركانها وواجباتها ومستحباتها ، وليست بأركانها وواجباتها فقط . ويكون كما يقول اليوم عالمٌ من العلماء للناس : ((حجوا كحجي)) ، من باب تعليم الجاهل ، لا من باب بيان اللفظ المجمل .ولذلك كان الاستدلال لإيجاب فعل في الحج بمجرد فعله صلى الله عليه وسلم استدلالا في غاية الضعف ، ومتناقضا بعدم اطراد المستدلين به في كثير من أفعال الحج .ولذلك كم أتمنى أن لا أسمع ولا أقرأ قولا بوجوب فعلا في الحج اعتمادا فقط على قوله صلى الله عليه وسلم : (( خذوا عني مناسككم)) ؛ لأنه حديث لا يدل على الوجوب .

    كتبهظ/ الشريف حاتم العوني.
    هو بيان للواجب كقوله أيضا (صلوا كما رأيتموني أصلي ) هو أيضا بيان للواجب

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    845

    افتراضي رد: ((خذوا عني مناسككم)) لا يدل على الوجوب !!!

    قال أبو الحسن نور الدين السندي (المتوفى : 1138هـ) في حاشيته على سنن النسائي (5/271) : "خُذُوا مَنَاسِككُم" أَي تعلموها مني واحفظوها ، وَهَذَا لَا يدل على وجوب المَنَاسِك ، وَإِنَّمَا يدل على وجوب الأَخذ والتعلم ، فَمن اسْتدلَّ بِهِ على وجوب شَيْء من المَنَاسِك فدليله فِي مَحل النّظر ".أهـ
    واجعَل لوجهكَ مُقلَتَينِ كِلاَهُما مِن خَشيةِ الرَّحمنِ بَاكِيَتَانِ
    لَو شَاءَ رَبُّكَ كُنتَ أيضاً مِثلَهُم فَالقَلبُ بَينَ أصابِعِ الرَّحمَنِ


  4. افتراضي رد: ((خذوا عني مناسككم)) لا يدل على الوجوب !!!

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ضيدان بن عبد الرحمن اليامي مشاهدة المشاركة
    قال أبو الحسن نور الدين السندي (المتوفى : 1138هـ) في حاشيته على سنن النسائي (5/271) : "خُذُوا مَنَاسِككُم" أَي تعلموها مني واحفظوها ، وَهَذَا لَا يدل على وجوب المَنَاسِك ، وَإِنَّمَا يدل على وجوب الأَخذ والتعلم ، فَمن اسْتدلَّ بِهِ على وجوب شَيْء من المَنَاسِك فدليله فِي مَحل النّظر ".أهـ
    أحسنت بارك الله فيك.
    أبو عاصم أحمد بن سعيد بلحة.
    حسابي على الفيس:https://www.facebook.com/profile.php?id=100011072146761
    حسابي علي تويتر:
    https://twitter.com/abuasem_said80

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    97

    افتراضي رد: ((خذوا عني مناسككم)) لا يدل على الوجوب !!!

    السؤال المهم ماهو الواجب الذي لم يستدل له بدليل غير هذا الدليل او بعبارة أخرى هل أوجب أحد من أهل العلم منسكا من مناسك الحج لهذا الدليل فقط
    اللهم ارحمني والمسلمين

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •