تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: لماذا يدعو الإنسان ولا يستجاب له؟ _ للشيخ العثيمين - رحمه الله

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    443

    افتراضي لماذا يدعو الإنسان ولا يستجاب له؟ _ للشيخ العثيمين - رحمه الله

    وسُئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ عمن يدعو ويستبطىء الإجابة ويقول: قد دعوت الله ـ عزَّ وجلَّ ـ فلم يستجب لي.؟
    فأجاب فضيلته ـ رحمه الله ـ بقوله:
    الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وأسأل الله تعالى لي ولإخواني المسلمين التوفيق للصواب عقيدةً وقولاً وعملاً يقول الله ـ عزَّ وجلَّ ـ: {وَقَالَ رَبُّكُـمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 06]، ويقول السائل إنه دعا الله ـ عزَّ وجلَّ ـ ولم يستجب الله له فيستشكل هذا الواقع مع هذه الاية الكريمة التي وعد الله تعالى فيها من دعاه بأن يستجيب له، والله سبحانه وتعالى لا يخلف الميعاد. والجواب على ذلك أن للإجابة شروطًا لابد أن تتحقق وهي:
    الشرط الأول: الإخلاص لله عزَّ وجلَّ بأن يخلص الإنسان في دعائه فيتجه إلى الله سبحانه وتعالى بقلب حاضر صادق في اللجوء إليه عالم بأنه عزَّ وجلَّ قادر على إجابة الدعوة، مؤمل الإجابة من الله سبحانه وتعالى.
    الشرط الثاني: أن يشعر الإنسان حال دعائه بأنه في أمس الحاجة؛ بل في أمس الضرورة إلى الله سبحانه وتعالى، وأن الله تعالى وحده هو الذي يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء.
    أما أن يدعو الله ـ عزَّ وجلَّ ـ وهو يشعر بأنه مستغنٍ عن الله سبحانه وتعالى وليس في ضرورة إليه وإنما يسأل هكذا عادة فقط أو للتجربة فإن هذا ليس بحري بالإِجابة.
    الشرط الثالث: أن يكون متجنبًا لأكل الحرام فإنَّ أكل الحرام حائل بين الإنسان والإجابة كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى: {يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ للَّهِ إِن كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [البقرة: 271]، وقال تعالى: {يأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُواْ صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}[المؤمنون:15]، ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلّم الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذِّي بالحرام قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «فأنى يستجاب لذلك» (5).
    فاستبعد النبي صلى الله عليه وسلّم أن يستجاب لهذا الرجل الذي قام بالأسباب الظاهرة التي بها تستجلب الإجابة وهي:
    أولاً: رفع اليدين إلى السماء أي إلى الله ـ عزَّ وجلَّ ـ لأنه تعالى في السماء فوق العرش، ومد اليد إلى الله ـ عزَّ وجلَّ ـ من أسباب الإجابة كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد في المسند: «إن الله حييّ كريم يستحيي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صِفْرًا» (6).
    ثانيًا: هذا الرجل دعا الله تعالى باسم الرب «يا رب يا رب» والتوسل إلى الله تعالى بهذا الاسم من أسباب الإجابة؛ لأن الرب هو الخالق المالك المدبر لجميع الأمور فبيده مقاليد السموات والأرض ولهذا تجد أكثر الدعاء الوارد في القرآن الكريم بهذا الاسم: {رَّبَّنَآ إِنَّنَآ سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ * فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ مِّنذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّه ُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِّن عِندِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ} [آل عمران: 391 ـ 591].
    فالتوسل إلى الله تعالى بهذا الاسم من أسباب الإجابة.
    ثالثًا: هذا الرجل كان مسافرًا والسفر غالبًا من أسباب الإجابة؛ لأن الإنسان في السفر يشعر بالحاجة إلى الله ـ عزَّ وجلَّ ـ والضرورة إليه أكثر مما إذا كان مقيمًا في أهله، لاسيما في الزمن السابق «وأشعث أغبر» كأنه غير مَعْنِي بنفسه كأن أهم شيء عنده أن يلتجىء إلى الله ويدعوه على أي حال كان هو، سواء كان أشعث أغبر أم مترفًا، والشعث والغبر له أثر في الإجابة كما في الحديث الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلّم أن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا عشية عرفة يباهي الملائكة بالواقفين فيها يقول «أتوني شعثا غُبْرًا ضاحين من كل فج عميق».
    هذه الأسباب لإجابة الدعاء لم تُجْدِ شيئًا لكون مطعمه حرامًا وملبسه حرامًا وغذِّي بالحرام قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «فأنى يستجاب لذلك» فهذه الشروط لإجابة الدعاء إذا لم تتوافر فإن الإجابة تبدو بعيدة، فإذا توافرت ولم يستجب الله للداعي فإنما ذلك لحكمة يعلمها الله ـ عزَّ وجلَّ ـ ولا يعلمها هذا الداعي فعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم وإذا تمت هذه الشروط ولم يستجب الله ـ عزَّ وجلَّ ـ فإنه إما أن يدفع عنه من السوء ما هو أعظم، وإما أن يدخرها له يوم القيامة فيوفيه الأجر أكثر وأكثر؛ لأن هذا الداعي الذي دعا بتوفر الشروط ولم يستجب له ولم يصرف عنه من السوء ما هو أعظم يكون قد فعل الأسباب ومُنِعَ الجواب لحكمة فيعطى الأجر مرتين: مرة على دعائه ومرة على مصيبته بعدم الإجابة فيدخر له عند الله ـ عزَّ وجلَّ ـ ما هو أعظم وأكمل. ثم إن المهم أيضًا أن لا يستبطىء الإنسان الإجابة فإن هذا من أسباب منع الإجابة كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم: «يستجاب لأحدكم ما لم يعجل قالوا: كيف يعجل يا رسول الله؟ قال: يقول: دعوت ودعوت ودعوت فلم يستجب لي» (7)فلا ينبغي للإنسان أن يستبطىء الإجابة فيستحسر عن الدعاء ويَدَع الدعاء بل يلح في الدعاء فإن كل دعوة تدعو بها الله عزَّ وجلَّ فإنها عبادة تقربك إلى الله ـ عزَّ وجلَّ ـ وتزيدك أجرًا فعليك يا أخي بدعاء الله ـ عزَّ وجلَّ ـ في كل أمورك العامة والخاصة الشديدة واليسيرة ولو لم يكن من الدعاء إلا أنه عبادة لله سبحانه وتعالى لكان جديرًا بالمرء أن يحرص عليه،
    والله الموفق.
    ====
    (5) رواه مسلم، كتاب الزكاة، باب قبول الصدقة...، رقم (5101).
    (6) رواه الترمذي، كتاب الدعوات، باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلّم....، رقم(6553)، وأبوداود، كتاب الصلاة، باب الدعاء، رقم(8841)، وابن ماجة، كتاب الدعاء، باب رفع اليدين في الدعاء، رقم(5683).
    (7) رواه البخاري، كتاب الدعوات، باب يستجاب للعبد ما لم يعجل، رقم(0436)، ومسلم، كتاب الذكر والدعاء...، باب بيان أنه يستجاب للداعي ما لم يعجل...، رقم(5372).
    ====
    المصدر: موقع الشيخ محمد صالح العثيمين - رحمه الله
    http://www.ibnothaimeen.com/all/book...le_17859.shtml
    والله أعلم

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    42

    افتراضي رد: لماذا يدعو الإنسان ولا يستجاب له؟ _ للشيخ العثيمين - رحمه الله

    جزاكم الله خيرا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    أرض الله الواسعة
    المشاركات
    3

    افتراضي رد: لماذا يدعو الإنسان ولا يستجاب له؟ _ للشيخ العثيمين - رحمه الله

    جزاك الله خير
    قال تعالى
    وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    749

    افتراضي رد: لماذا يدعو الإنسان ولا يستجاب له؟ _ للشيخ العثيمين - رحمه الله

    جزاك الله كل خير ورحم الله الشيخ رحمة واسعة

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    443

    افتراضي رد: لماذا يدعو الإنسان ولا يستجاب له؟ _ للشيخ العثيمين - رحمه الله

    الأخوة الأفاضل أشكر لكم مشاركتكم القيمة وجزاكم الله خيراً ونفع بكم..

    ورحم الله الشيخ بن عثيمين و رفع منزلته ونفع بعلمه..

    آمين

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    443

    افتراضي رد: لماذا يدعو الإنسان ولا يستجاب له؟ _ للشيخ العثيمين - رحمه الله

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    جزاك الله عنا خير الجزاء
    قياس الحياة ليس في طول بقائها و لكن في قوة عطائه

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    443

    افتراضي رد: لماذا يدعو الإنسان ولا يستجاب له؟ _ للشيخ العثيمين - رحمه الله

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أسماء مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    جزاك الله عنا خير الجزاء
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    وجزاكم بمثله وأفضل .. وشكر الله مشاركتكم
    قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر تنفض الخطايا كما تنفض الشجرة ورقها" الأدب المفرد للبخاري / عن أنس

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •