ثلاث حالات يختلف فيها شركاء العمر
الخلافات الزوجية ترتبط بحالات (متداخلة أحياناً) يعيشها الزوجان وتؤثّر في الحلول أو محاولات فضّها. ويشرح أحد الاختصاصيين في هذا المجال في مشكلات الأزواج، أن الزواج نفسه (أو العلاقة الخصوصية فيه) هو ما يجعل التواصل بين الشريكين صعباً، لا الفارق بين الرجال والنساء.
فالرجال الذين عاينهم الاختصاصي لا يصعب عليهم حل المنازعات مع النساء، وزوجاتهم صاحبات حنكة في تداول الأمور مع الرجال. إلاّ أنهم يعجزون عن حل مشكلاتهم كمتزوجين. فإذا تُرك الزوجان يحاولان حل خلافاتهما على هواهما، فإن "تفاوضهما" يرتكز على واحدة من ثلاث حالات معنوية، وتتفرّد كل منها بقواعد تفاوض وردود فعل عاطفية.
والحالات المعنوية هي: الحميمية والنزاع والتخلي. ومهما كانت حالة الشريكين، يمكن أن يكون التفاوض صعباً جداً.
الحميمية:
الحميمية هي بمثابة هيام دائم بين الزوجين، وكأن كلاً منهما يودع "مصرف المودة"، كما يسميه الاختصاصي، "وحدات" كافية لاستمرار الحالة. ويتقيّد فيها الزوجان بقواعد العنصر "المانح" فيهما. فيفعل كل منهما ما في وسعه لإرضاء الآخر، ويتجنّب جرح شعوره. ويستطيعان البوح بالمكنونات الدفينة. والمحادثة، في حالة الحميمية، تكون على مستوى عالٍ من الاحترام ومن دون أحكام مسبقة.
ولكن، على عكس ما يمكن أن يُعتقد، لا تقود هذه الحالة الشريكين إلى السعادة الزوجية، بسبب غياب شروط التفاوض على الأمور، فكلاهما "مانح" من دون قيد. وهو الأمر الذي يجرّهما إلى الحالة الثانية وهي "النزاع".
النزاع:
ما إن يشعر أحد الشريكين بقليل من التعاسة، بسبب الآخر، حتى يستفيق فيه العنصر "السالب"، بحسب التصنيف.
وقد تمرّ الحالة بسلام إذا كان الشريك الآخر لا يزال بمزاج "المانح" فيعتذر عمّا بدر منه (مهما كانت الجهة المسببة). ولكن، إذا لم تصطلح الأمور سريعاً، يهبّ "السالب" للدفاع، وهو خير من يعلم كم من تضحيات قدّمها صاحبه في حالة الحميمية. وسرعان ما توضع قواعد لعب جديدة على أساس أن الوقت قد حان لـ "الأخذ" تعويضاً عمّا فات. وتسود الأنانية ويدخل الزوجان في حالة نزاع، بعد أن يزيح كل منهما عنصره "المانح" جانباً، معتمداً على "السالب" ويفعل ما يرضيه هو لا شريكه. وفي حالة النزاع تدور المحادثة بينهما بقلة احترام ويتخللها الغضب والحقد. وإذا طالت حالة النزاع، يتّجه الزوجان نحو الحالة الثالثة: "التخلي".
التخلّي:
إذا كان حلّ الخلافات، في حالة النزاع ، بالمواجهة ، فإن حلّها في حالة التخلي يكون بالفرار. وفيها، يحاول العنصر "السالب" إقناع أحد الشريكين بأن الآخر لا يستحق الجهد المبذول، ولا بد من سلوك اتجاه الطلاق على المستوى العاطفي. ففي حالة التخلّي لا يعود يشعر الطرفان أنهما في نعيم الحب، فيرفعان دفاعاتهما العاطفية، الواحد بوجه الآخر. وهكذا يستقل الشريك عن شريكه تماماً، إلاّ في السكن والمال ورعاية الأولاد، وأيضاً في الحفاظ على مظاهر الهناء أمام الجيران والأصدقاء. ولا يعود أحد يكترث بالآخر.
لكن، إذا كانت حالتا الحميمية والنزاع تحبطان محاولات التفاوض على حل المشكلات، فلا بد لأحد الشريكين في حالة التخلّي (التي لا تدوم طويلاً، عادة) من أن يحاول كسر الجمود والجفاء. فإذا نجح في مسعاه، قد يعودان معاً إلى حالة الحميمية.
* * *
منقول