تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: ـ قواعد وأصول في منهج تلقي العقيدة السلفية

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي ـ قواعد وأصول في منهج تلقي العقيدة السلفية

    أولًا: مصدر العقيدة هو الكتاب والسنة الصحيحة وإجماع السلف الصالح:
    هذه المصادر هي أساس دين الإسلام، ويرتكز على ثلاثة أصول وهي:
    1 ـ تعظيم النصوص الشرعية والانقياد لها.
    2 ـ الاعتماد على الأحاديث الصحيحة.
    3 ـ صحة فهم النصوص.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فَمَنْ بَنَى الْكَلَامَ فِي الْعِلْمِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْآثَارِ الْمَأْثُورَةِ عَنْ السَّابِقِينَ فَقَدْ أَصَابَ طَرِيقَ النُّبُوَّةِ وَكَذَلِكَ مَنْ بَنَى الْإِرَادَةَ وَالْعِبَادَةَ وَالْعَمَلَ وَالسَّمَاعَ الْمُتَعَلِّقَ بِأُصُولِ الْأَعْمَالِ وَفُرُوعِهَا مِنْ الْأَحْوَالِ الْقَلْبِيَّةِ وَالْأَعْمَالِ الْبَدَنِيَّةِ عَلَى الْإِيمَانِ وَالسُّنَّةِ وَالْهَدْيِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ فَقَدْ أَصَابَ طَرِيقَ النُّبُوَّةِ وَهَذِهِ طَرِيقُ أَئِمَّةِ الْهُدَى ([1]).

    ثانيًا: كل ما صح من سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجب قبوله والعمل به، وإن كان آحادًا في العقائد والأحكام وغيرها:
    لأن كل ما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو حق وصدق ولا ريب فيه، قال تعالى: "وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى" ]النجم: 2-3[.
    وقد أمر الله سبحانه بطاعة نبيه -صلى الله عليه وسلم- فقال تعالى: "وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" ]الحشر: 7[.

    ثالثًا: المرجع في فهم الكتاب والسنة، هو النصوص المبينة لها بفهم السلف الصالح:

    قال عمر بن الخطاب في رسالته لأبي موسى الأشعري: ثُمَّ الْفَهْمَ الْفَهْمَ فِيمَا أَدْلَى إلَيْك مِمَّا وَرَدَ عَلَيْك مِمَّا لَيْسَ فِي قُرْآنٍ وَلَا سُنَّةٍ، ثُمَّ قَايِسْ الْأُمُورَ عِنْدَ ذَلِكَ وَاعْرَفْ الْأَمْثَالَ، ثُمَّ اعْمِدْ فِيمَا تَرَى إلَى أَحَبِّهَا إلَى اللَّهِ وَأَشْبَهِهَا بِالْحَقِّ ([2]).
    قال ابن القيم: صِحَّةُ الْفَهْمِ وَحُسْنُ الْقَصْدِ مِنْ أَعْظَمِ نِعَمِ اللَّهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَى عَبْدِهِ، بَلْ مَا أُعْطِيَ عَبْدٌ عَطَاءً بَعْدَ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ وَلَا أَجَلُّ مِنْهُمَا، بَلْ هُمَا سَاقَا الْإِسْلَامِ، وَقِيَامُهُ عَلَيْهِمَا، وَبِهِمَا يَأْمَنُ الْعَبْدُ طَرِيقَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ الَّذِينَ فَسَدَ قَصْدُهُمْ وَطَرِيقُ الضَّالِّينَ الَّذِينَ فَسَدَتْ فُهُومُهُمْ، وَيَصِيرُ مِنْ الْمُنْعَمِ عَلَيْهِمْ الَّذِينَ حَسُنَتْ أَفْهَامُهُمْ وَقُصُودُهُمْ، وَهُمْ أَهْلُ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ الَّذِينَ أُمِرْنَا أَنْ نَسْأَلَ اللَّهَ أَنْ يَهْدِيَنَا صِرَاطَهُمْ فِي كُلِّ صَلَاةٍ، وَصِحَّةُ الْفَهْمِ نُورٌ يَقْذِفُهُ اللَّهُ فِي قَلْبِ الْعَبْدِ، يُمَيِّزُ بِهِ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ، وَالْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَالْهُدَى وَالضَّلَالِ، وَالْغَيِّ وَالرَّشَادِ، وَيَمُدُّهُ حُسْنَ الْقَصْدِ، وَتَحَرِّي الْحَقَّ، وَتَقْوَى الرَّبِّ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَة ِ، وَتَقْطَعُ مَادَّتُهُ اتِّبَاعَ الْهَوَى، وَإِيثَارَ الدُّنْيَا، وَطَلَبَ مَحْمَدَةِ الْخَلْقِ، وَتَرْكَ التَّقْوَى ([3]).

    ومن الأصول التي يجب الاعتماد عليها في فهم النصوص فهم الصحابة -رضي الله عنهم- ففيهم تكلم النبي -صلى الله عليه وسلم- و نزل الكتاب وهم معه، فهم أعلم الناس بمراد الله وبمراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خاصة بعد ما كثرت البدع وقلَّ العلم وفسدت الأفهام وهجرت السنة.

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية: يَحْتَاجُ الْمُسْلِمُونَ إلَى شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا مَعْرِفَةُ مَا أَرَادَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِأَلْفَاظِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِأَنْ يَعْرِفُوا لُغَةَ الْقُرْآنِ الَّتِي بِهَا نَزَلَ، وَمَا قَالَهُ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَسَائِرُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي مَعَانِي تِلْكَ الْأَلْفَاظِ، فَإِنَّ الرَّسُولَ لَمَّا خَاطَبَهُمْ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَرَّفَهُمْ مَا أَرَادَ بِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ، وَكَانَتْ مَعْرِفَةُ الصَّحَابَةِ لِمَعَانِي الْقُرْآنِ أَكْمَلَ مِنْ حِفْظِهِمْ لِحُرُوفِهِ وَقَدْ بَلَّغُوا تِلْكَ الْمَعَانِيَ إلَى التَّابِعِينَ أَعْظَمَ مِمَّا بَلَّغُوا حُرُوفَهُ ([4]).

    رابعًا: أصول الدين كلها بينها النبي -صلى الله عليه وسلم- وليس لأحد أن يحدث شيئًا زاعمًا أنه من الدين

    لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما مات إلا بعد أن أتم الله به الدين، قال تعالى: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا" ]المائدة: 3[.

    خامسًا: التسليم لله ولرسوله -صلى الله عليه وسلم- ظاهرًا وباطنًا، فلا يعارض شيئًا من الكتاب والسنة الصحيحة بقياس ولا ذوق ولا كشف ولا قول شيخ ولا إمام ونحوه،

    قال تعالى: "فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" ]النساء: 65[.

    أما القياس ففي الأمور الاجتهادية وارد، وأما في العقيدة فغير وارد؛ لأن العقيدة ثوابت وغيب، فلا يجوز أن يكون في الغيب قياس؛ لأن أمور الغيب غير مدركة، وأمور الشهادة معلومة؛ فكيف نقيس غائبًا على شيء معلوم؟!

    أما الذوق: فهو التشهي وميل النفس، والدين لا يُبنى على التشهي وميل النفس.

    أما الكشف: هو أن يكشف لهم من معاني القرآن والسنة ومن أمور الغيب ما لا يعلمه بشر إلا من كشف له، كما زعم بعض غلاة الصوفية، وهذا من أبطل الباطل، وقد رد عليه الأئمة منهم ابن تيمية في رده على أبي حامد الغزالي، حيث قال: هذا الكلام مضمونه أنه لا يستفاد من خبر الرسول -صلى الله عليه و سلم- شيء من الأمور العلمية بل إنما يدرك ذلك كل إنسان بما حصل له من المشاهدة والنور والمكاشفة، وهذان أصلان للإلحاد فإن كل ذي مكاشفة إن لم يزنها بالكتاب والسنة وإلا دخل في الضلالات ([5]).

    أما قول الشيخ والإمام: بأن يقدم كلامه على كلام الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- وهذه من الطامات. وممن انحرف في هذا الباب الرافضة الإمامية، والصوفية الباطنية، والفلاسفة الباطنية، وجهلة مقلدي المذاهب الأربعة.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فمن أوجب طاعة أحد غير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في كل ما يأمر به وأوجب تصديقه في كل ما يخبر به وأثبت عصمته أو حفظه في كل ما يأمر به ويخبر من الدين فقد جعل فيه من المكافأة لرسول الله والمضاهاة له في خصائص الرسالة بحسب ذلك، سواء جعل ذلك المضاهي لرسول الله صلى الله عليه و سلم بعض الصحابة أو بعض القرابة أو بعض الأئمة والمشايخ أو الأمراء من الملوك وغيرهم ([6]).

    سادسًا: العقل الصريح موافق للنقل الصحيح:

    العقل خلق الله والدين أمره، فلا يمكن أن يتعارض الخلق والأمر؛ لأن كلاهما من الله -عز وجل- وكلاهما على الكمال والحق .

    - اعلم أن للعقل منزلة عظيمة في دين الله، فقد جعله الله أداة للفهم ومناطًا للتكليف وأمر بحفظه ورعايته وحرَّم كل ما يفسده ويؤثر عليه، مثل شرب الخمر، وحثَّ الناس على التدبر والتفكر في آيات الله، قال تعالى: "أَفَلَا تَعْقِلُونَ " "أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ" "أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ" "أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ".
    وقد ضل أناس وانحرفوا عن الصراط المستقيم في مسألة استخدام العقل، ما بين مفرطين في إهمال العقل وهم الصوفية الحُهال الذين ألغوا عقولهم، فكلما كان الشيخ أحمق وأجهل، كان بالله أعرف وعندهم أعظم.
    وبين المقدسين للعقل وهم المتكلمون والجهمية ومن سار على نهجهم، فهم جعلوا العقل ندًا للشرع وحكمًا عليه، ومقدمًا عليه.

    سابعًا: يحب الالتزام بالألفاظ الشرعية في العقيدة وتجنب الألفاظ البدعية التي أحدثها الناس:

    ذلك حتى لا نقع في الألفاظ المحدثة التي تشتمل على معانٍ باطلة، فقد قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِين َ عَذَابٌ أَلِيمٌ" ]البقرة: 104[.

    ثامنًا: أن العصمة للنبي -صلى الله عليه وسلم- والأمة في مجموعها معصومة من الاجتماع على ضلالة؛

    لحديث ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لن يجمع الله أمتي على ضلالة" ([7]).
    أما آحاد الأمة فلا عصمة لأحد منهم، وما اختلف فيه الأئمة وغيرهم فمرجعه إلى الله ورسوله، وما قام عليه الدليل، مع الاعتذار للمخطئ من مجتهدي الأمة.

    ـ اعلم أن للعلماء زلات، وأنهم ليسوا مُحِقِّين على طول الخط، فإذا حكم العلماء الراسخون في العلم، بأن هناك ذلة لعالم ما فالواجب علينا رد هذه الزلة وعدم العمل بها ونعتذر للعالم؛ لأنه اجتهد فأخطأ.
    ــ اعلم أن العالم الحق هو الذي اشتهرت في الناس أمانته، ولم يجرحه أحد من العلماء الكبار الثقات.
    ـ اعلم أن لكل مجتهد نصيب وليس كل مجتهد مصيب([1])، لحديث عمرو بن العاص : أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر" ([2]).


    ([1]) انظر للفائدة: كتاب تنبيه الهُمام فيمن لهم أجران (39 – 41) للمؤلف.

    ([2]) متفق عليه: البخاري (7352)، مسلم (1716).




    ([1])مجموع الفتاوى (2/278).

    ([2]) جزء من رسالة عمر رضي الله عنه، لأبي موسى الأشعري، أخرجها الدارقطني في السنن (4381)، وابن أبي الدنيا في القضاء (80)، والخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه (1/492).
    قال ابن تيمية في منهاج السنة (6/71) (ورسالة عمر المشهورة في القضاء إلى أبي موسى الأشعري تداولها الفقهاء، وبنوا عليها واعتمدوا على ما فيها من الفقه، وأصول الفقه).
    وقال ابن حجر في التلخيص الحبير (4/196) (وساقه ابن حزم من طريقين، وأعلهما بالانقطاع، لكن اختلاف المخرج فيها مما يقوي أصل الرسالة، لا سيما في بعض طرقه أن راويه اخرج الرسالة مكتوبة).
    وقال ابن القيم في إعلام الموقعين ( 1/76) (وهذا كتاب جليل تلقاه العلماء بالقبول، وبنوا عليه أصول الحكم والشهادة، والحاكم والمفتي أحوج شيء إليه وإلى تأمله والتفقه فيه).
    وللشيخ مشهور حسن حفظه الله بحث قيم ومفيد في تخريج هذه الرسالة في تحقيقه لإعلام الموقعين (2/ 159 – 163).

    ([3]) إعلام الموقعين (1/113).

    ([4]) مجموع الفتاوى (4/12).

    ([5]) درء تعارض العقل والنقل (2/80).

    ([6])رسالة في التوبة (1/273).

    ([7]) حسن لغيره: أبو داود (1510)، الترمذي (2167)، ابن ماجه (3950)، الحاكم (1/115)، اللفظ له.
    حسنه بمجموع طرقه الألباني في الصحيحة (1331)، وكذا شيخنا العزازي في تحقيقه للفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي (1/408 – 409)

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: ـ قواعد وأصول في منهج تلقي العقيدة السلفية

    قال شيخ الإسلام في الفتاوى (5/6) : (فمن المحال في العقل والدين أن يكون السِّراجُ المُنير الذي أخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور وأنزل معه الكتاب بالحق ؛ ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وأمر الناس أن يردوا ما تنازعوا فيه من أمر دينهم إلى ما بعث به من الكتاب والحكمة وهو يدعو إلى الله وإلى سبيله بإذنه على بصيرة وقد أخبر الله بأنه أكمل له ولأمته دينهم وأتم عليهم نعمته - محال مع هذا وغيره : أن يكون قد ترك باب الإيمان بالله والعلم به مُلتبسًا مُشتبهًا ولم يميز بين ما يجب لله من الأسماء الحسنى والصفات العليا وما يجوز عليه وما يمتنع عليه ، فإن معرفة هذا أصل الدين وأساس الهداية وأفضل وأوجب ما اكتسبته القلوب وحصلته النفوس وأدركته العقول فكيف يكون ذلك الكتاب وذلك الرسول وأفضل خلق الله بعد النبيين لم يحكموا هذا الباب اعتقادًا وقولًا) .
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: ـ قواعد وأصول في منهج تلقي العقيدة السلفية

    وقال أيضًا (5/ 6 - 7) : (ومن المحال أيضًا أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد علم أمته كل شيء حتى الخراءة وقال : (تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك) ، وقال فيما صح عنه أيضًا : (ما بعث الله من نبي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينهاهم عن شر ما يعلمه لهم) ، وقال أبو ذر : لقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علمًا . وقال : عمر بن الخطاب : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاما فذكر بدء الخلق ؛ حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه رواه البخاري .

    ومحال مع تعليمهم كل شيء لهم فيه منفعة في الدين - وإن دقت - أن يترك تعليمهم ما يقولونه بألسنتهم ويعتقدونه في قلوبهم في ربهم ومعبودهم رب العالمين الذي معرفته غاية المعارف وعبادته أشرف المقاصد والوصول إليه غاية المطالب . بل هذا خلاصة الدعوة النبوية وزبدة الرسالة الإلهية فكيف يتوهم من في قلبه أدنى مسكة من إيمان وحكمة أن لا يكون بيان هذا الباب قد وقع من الرسول على غاية التمام ثم إذا كان قد وقع ذلك منه : فمن المحال أن يكون خير أمته وأفضل قرونها قصروا في هذا الباب زائدين فيه أو ناقصين عنه) .
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: ـ قواعد وأصول في منهج تلقي العقيدة السلفية

    وقال أيضًا (5/ 7 - 8) : (ثم من المحال أيضًا أن تكون القرون الفاضلة - القرن الذي بعث فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم - كانوا غير عالمين وغير قائلين في هذا الباب بالحق المبين ؛ لأن ضد ذلك إما عدم العلم والقول وإما اعتقاد نقيض الحق وقول خلاف الصدق . وكلاهما ممتنع .

    أما الأول : فلأن من في قلبه أدنى حياة وطلب للعلم أو نهمة في العبادة يكون البحث عن هذا الباب والسؤال عنه ومعرفة الحق فيه أكبر مقاصده وأعظم مطالبه ؛ أعني بيان ما ينبغي اعتقاده لا معرفة كيفية الرب وصفاته . وليست النفوس الصحيحة إلى شيء أشوق منها إلى معرفة هذا الأمر . وهذا أمر معلوم بالفطرة الوجدية فكيف يتصور مع قيام هذا المقتضي - الذي هو من أقوى المقتضيات - أن يتخلف عنه مقتضاه في أولئك السادة في مجموع عصورهم هذا لا يكاد يقع في أبلد الخلق وأشدهم إعراضًا عن الله وأعظمهم إكبابًا على طلب الدنيا والغفلة عن ذكر الله تعالى ؛ فكيف يقع في أولئك ؟

    الثاني : وأما كونهم كانوا معتقدين فيه غير الحق أو قائليه : فهذا لا يعتقده مسلم ولا عاقل عرف حال القوم) .
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •