بسم الله الرحمن الرحيم الحق نوعان: حق موجود وبه يتعلق الخبر الصادق، وحق مقصود: وبه يتعلق الأمر الحكيم والعمل الصالح، وضد الحق: الباطل؛ والله هو الحق المبين.والحق له معنيان أحدهما: الموجود الثابت، والثاني: المقصود النافع؛ كقول النبي: "الوتر حق".والباطل نوعان أيضا: أحدهما: المعدوم؛ وإذا كان معدوما كان اعتقاد وجوده والخبر عن وجوده باطلا؛ لأن الاعتقاد والخبر تابع للمعتقد المخبر عنه، يصح بصحته ويبطل ببطلانه؛ فإذا كان المعتقد المخبر عنه باطلا كان الاعتقاد والخبر كذلك؛ وهو الكذب.الثاني: ما ليس بنافع ولا مفيد؛ كقوله تعالى: {وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا}، وكقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كل لهو يلهو به الرجل فهو باطل إلا رميه بقوسه وتأديبه فرسه وملاعبته امرأته فإنهن من الحق"، وقوله عن عمر: "إن هذا رجل لا يحب الباطل"، وما لا منفعة فيه: فالأمر به باطل وقصده وعمله باطل.وإذا تأملت أصحاب الأهواء وجدتهم لا يميزون بين الحق والباطل؛ بين الحق الموجود الذي ينبغي اعتقاده والباطل المعدوم الذي ينبغي نفيه؛ ولا بين الحق المقصود الذي ينبغي اعتماده قولا وفعلا والباطل الذي ينبغي اجتنابه وتركه، بل يقصدون ما هووه وابتدعوه، فاتبعوا شهواتهم وشبهاتهم من غير برهان من الله.وأصدق الحق الموجود: ما أخبر الله بوجوده، وأصدق الحق المقصود ما أمر الله به؛ وإن شئت قلت أصدق خبر عن الحق الموجود خبر الله، وخير أمر بالحق المقصود أمر الله، والإيمان يجمع هذين الأصلين: تصديقه فيما أخبر وطاعته فيما أمر، وإذا قرن بينهما قيل: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات}، والعمل خير من القول كما قال الحسن البصري: "ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي؛ ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل". وصل اللهم وسلم على نبينا محمد.