وقول العقيلي فيه (له مناكير عن حميد وثابت) ، هذا الاصطلاح لا يفيد تضعيف الرّجل ؛ لأنّهم قد يقولون عن راوٍ: يروى المناكير ، وله مناكير ، ونحو ذلك ، ولا يُريدون بذلك تضعيفه ، بل قد يكون عندهم ثقة ويقولون فيه ذلك لتفرّده.
قال الحافظ ابن حجر في (مقدمة فتح الباري) في ترجمة ثابت بن عجلان الأنصاري:
(( قال العقيلي: لا يُتابع على حديثه. وتعقّب ذلك أبو الحسن ابن القطان بأنّ ذلك لا يضرّه إلاّ إذا كثرتْ منه روايةُ المناكير ، وهو كما قال )). انتهى
وقال الحافظ السّخاوي في (فتح المغيث) ص162:
(( قال ابن دقيق العيد في "شرح الإلمام": قولهم: "رَوَى مناكير" لا يقتضي بمجرّده تركَ روايته ، حتّى تكثر المناكير في روايته... )). انتهى
وأبو عبدة قليل الحديث بشهادة ابن حجر نفسه ، فمن أين له الإكثار من رواية المناكير تلك الكثرة الّتي تُرَدُّ بها روايته ويُحشر في الضّعفاء؟! وخاصّة إنّ بعض ما رواه لم ينفرد به ، وليس فيما يرويه شذوذاً!!.
هذا إنْ قلنا: إنّ العقيلي لا يُفهم من عبارته ضعف الرّجل ، ومع ذلك لو افترضنا أنّه يقصد ضعفه ، فحكمه عليه مردود! ؛ حتّى يكون الجرح مفسّراً ، فإنْ لم يكن مفسّراً يُرد ولا يُقبَل كما نص على ذلك أهل الشأن .
أضف إلى هذا أنّ العقيلي نَفَسُه حادٌّ في جرح الرّواة ، حتّى إنّه طعن في الإمام العظيم شيخ المحدثين علي ابن المديني !! ، فردّ عليه الحافظ الذّهبي في (الميزان) ج2 ص230 وقال في ردّه: (( أفمالكَ عَقْـلٌ يا عُقَيْلِي؟! أتدر فيمن تتكلم؟! ... كأنّكَ لا تدري أنَّ كل واحدٍ من هؤلاء أوثق منك بطبقات؟! بل وأوثق من ثقاتٍ كثيرين لم توردهم كتابك)) .
فإنْ تكلّم الإمام العقيلي في إمام الأئمة على ابن المديني بغير حُجّة ، فلا يُستبعد أنْ يطعن في أمثال يوسف بن عبدة أيضاً بغير حُجّة.
وأما قول ابن حجر عنه (لين الحديث) فذلك عند الحافظ أي إنّه قليل الحديث ولم يثبت فيه ما يُترك حديثه من أجله ، ولم يُتابع فيما يرويه .