تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: القول الفصل في عدم مشروعية وصل النافلة بالفرض .

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    845

    افتراضي القول الفصل في عدم مشروعية وصل النافلة بالفرض .

    القول الفصل في عدم مشروعية وصل النافلة بالفرض :
    الأحاديث الواردة في النهي عن وصل النافلة بالفرض دون خروج أو كلام :
    (1) أخرج مسلم في صحيحه (3/601) حديث (883) :
    عن عُمَرَ بن عَطَاءِ بْنِ أَبِي الْخُوَارِ ، أَنَّ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ ، أَرْسَلَهُ إِلَى السَّائِبِ ، ابْنِ أُخْتِ نَمِرٍ، يَسْأَلُهُ عَنْ شَيْءٍ رَآهُ مِنْهُ مُعَاوِيَةُ فِي الصَّلاَةِ . فَقَالَ : نَعَمْ . صَلَّيْتُ مَعَهُ الْجُمُعَةَ فِي الْمَقْصُورَةِ . فَلمَّا سَلَّمَ الاْمَامُ قُمْتُ فِي مَقَامِي . فَصَلَّيْتُ. فَلَمَّا دَخَلَ أَرْسَلَ إِلَيَّ فَقَالَ : لاَ تَعُدْ لِمَا فَعَلْتَ. إِذَا صَلَّيْتَ الْجُمُعَةَ فَلاَ تَصِلْهَا بِصَلاَةٍ حَتَّى تَكَلَّمَ أَوْ تَخْرُجَ . فَإِنَّ رَسُولَ اللّهِ أَمَرَنَا بِذلِكَ . " أَنْ لاَ تُوصَلَ صَلاَةٌ بِصَلاَةٍ حَتَّى نَتَكَلَّمَ أَوْ نَخْرُجَ " .

    قال البيهقي ـ رحمه الله ـ في السنن الكبرى (2/191) : " وهذه الرواية تجمعُ الجمعةَ وغيرَها حيث قالَ : « لا تُوْصَلُ صلاةٌ بصلاة ٍ» ، ويجمعُ الإمامَ والمأمومَ " . أهـ
    قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (7/429) :
    " ففي هذا ارشاد إلى طريق الأمن من الالتباس ، وعليه تحمل الأحاديث المذكورة . ويؤخذ من مجموع الأدلة أن للإِمام أحوالاً ؛ لأن الصلاة إما أن تكون مما يتطوع بعدها أو لا يتطوع ، الأول اختلف فيه هل يتشاغل قبل التطوع بالذكر المأثور ثم يتطوع ؟ وهذا الذي عليه عمل الأكثر ، وعند الحنفية يبدأ بالتطوع . وحجة الجمهور حديث معاوية .
    ويمكن أن يقال : لا يتعين الفصل بين الفريضة والنافلة بالذكر ، بل إذا تنحى من مكانه كفى .
    فإن قيل : لم يثبت الحديث في التنحي ، قلنا : قد ثبت في حديث معاوية « أو تخرج » ويترجح تقديم الذكر المأثور بتقييده في الأخبار الصحيحة بدبر الصلاة .
    وزعم بعض الحنابلة أن المراد بدبر الصلاة ما قبل السلام ، وتعقب بحديث « ذهب أهل الدثور » فإن فيه : « تسبحون دبر كل صلاة » وهو بعد السلام جزماً ، فكذلك ما شابهه . وأما الصلاة التي لا يتطوع بعدها فيتشاغل الإِمام ومن معه بالذكر المأثور ولا يتعين له مكان بل إن شاؤوا انصرفوا وذكروا ، وإن شاؤوا مكثوا وذكروا " . أهـ

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ في مجموع الفتاوى(24/202 ، 203) : " والسنة أن يفصل بين الفرض والنفل في الجمعة ، وغيرها . كما ثبت عنه في الصحيح : « أنه ـ صلى الله عليه وسلّم ـ نهى أن توصل صلاة بصلاة ، حتى يفصل بينهما بقيام أو كلام » فلا يفعل ما يفعله كثير من الناس ، يصل السلام بركعتي السنة ، فإن هذا ركوب لنهي النبـي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ ، وفي هذا من الحكمة التمييز بين الفرض وغير الفرض ، كما يميز بين العبادة وغير العبادة .
    ولهذا استحب تعجيل الفطور، وتأخير السحور، والأكل يوم الفطر قبل الصلاة ، ونهى عن استقبال رمضان بيوم أو يومين ، فهذا كله للفصل بين المأمور به من الصيام ، وغير المأمور به ، والفصل بين العبادة وغيرها . وهكذا تمييز الجمعة التي أوجبها الله من غيرها .
    وأيضاً فإن كثيراً من البدع كالرافضة وغيرهم لا ينوون الجمعة بل ينوون الظهر، ويظهرون أنهم سلموا، وما سلموا، فيصلون ظهراً ويظن الظان أنهم يصلون السنة ، فإذا حصل التمييز بين الفرض والنفل كان في هذا منع لهذه البدعة ، وهذا له نظائر كثيرة ، والله سبحانه أعلم ". أهـ

    وقال القشيري في كتابه السنن والمبتدعات ص (70) تحت باب ( في بدع ما بعد التسليم ) : " ووصل السنة بالفرض من غير فصل بينهما منهيٌّ عنه كما في حديث مسلم : فإن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمرنا بذلك أن لا نوصل صلاة بصلاة حتى نتكلم أو نخرج ، وظاهر النهي التحريم " . أهـ

    (2) أخرج عبد الرزاق في مصنفه (2/432) حديث (3973) ، وأحمد في مسنده (5/368) ، وأبو يعلى في مسنده (13/107) حديث (7168) من طريق الأزرق بن قيس ، عن عبد الله بن رباح ، عن رجل من أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ صلى العصر ، فقام رجل يصلي ، فرآه عمر فقال له : اجلس ، فإنما هلك أهل الكتاب أنه لم يكن لصلاتهم فصل ، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ : " أحسنَ ابنُ الخطاب ".

    والأزرق بن قيس ، هو الحارثي البصري ، ثقة . التقريب (302) .
    وعبد الله بن رباح ، هو الأنصاري المدني ، ثقة . التقريب (3307) .

    قال الهيثمي في المجمع (2/489) : " رواه أحمد ، وأبو يعلى ، ورجال أحمد رجال الصحيح " .
    وقال الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (6/1/105) حديث (2549) ، و (7/1/522) حديث (3173) : " إسناده صحيح ، رجاله ثقات " .
    وقال في (6/1/105) : " والحديث نص في تحريم المبادرة إلى صلاة السنة بعد الفريضة دون تكلم أو خروج " . أهـ

    قلت : ولعل نهي عمر للرجل أنه أراد أن يتطوع بعد العصر وهو وقت نهي ، ولكن الشاهد هو قوله : " اجلس ، فإنما هلك أهل الكتاب أنه لم يكن لصلاتهم فصل " . والله أعلم .

    (3) أخرج أبو داود في سننه (1/611، 612) حديث (1007) وغيره ، عَنِ الأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ ، قَالَ : صَلَّى بِنَا إِمَامٌ لَنَا ، يُكْنَى أَبَا رِمْثَةَ ، فَقَالَ : صَلَّيْتُ هَذِهِ الصلاَةَ ، أَوْ مِثْلَ هَذِهِ الصلاَةِ ، مَعَ النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قَالَ : وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ـ رضي الله عنهما ـ يَقُومَانِ فِي الصَّفِّ الْمُقَدمِ عَنْ يَمِينِهِ ، وَكَانَ رَجُلٌ قَدْ شَهِدَ التَّكْبِيرَةَ الأُولَى مِنَ الصلاَةِ ، فَصَلَّى نَبِيُّ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ثُمَّ سَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ ، حَتى رَأَيْنَا بَيَاضَ خَدَّيْهِ ، ثُم انْفَتَلَ كَانْفِتَالِ أَبِي رِمْثَةَ ، يَعْنِي نَفْسَهُ ، فَقَامَ الرجُلُ الَّذِي أَدْرَكَ مَعَهُ التكْبِيرَةَ الأُولَى مِنَ الصلاَةِ يَشْفَعُ ، فَوَثَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ فَأَخَذَ بِمَنْكِبِهِ فَهَزَّهُ ، ثُم قَالَ : اجْلِسْ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَهْلِكْ أَهْلُ الْكِتَابِ ، إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ صَلَوَاتِهِمْ فَصْلٌ ، فَرَفَعَ النَّبِيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ بَصَرَهُ ، فَقَالَ : " أَصَابَ اللهُ بِكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ".
    وإسناده ضعيف .
    لكن صح من وجه آخر ـ كما تقدم ـ .
    أنظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (7/1/325 ، 524) حديث (3173) .

    قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في تهذيب سنن أبي داود (7/429) : " قالوا : فمقصود عمر ، أن اتصال الفرض بالنفل إذا حصل معه التمادي وطال الزمن ظن الجهال أن ذلك من الفرض ، كما قد شاع عند كثير من العامة : أن صبح يوم الجمعة خمس سجدات ولا بد ، فإذا تركوا قراءة ( الم تنزيل ) قرأوا غيرها من سور السجدات ... " .

    وفي وصل النافلة بالفريضة دون فصل تفويت لسنة أخرى وهي الأذكار التي تقال دبر الصلوات المكتوبة :
    ومنها : حديث أهل الدثور ، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ : وفيه : ( تسبحون ، وتحمدون ، وتكبرون ، خلف كل صلاة ثلاثاً وثلاثين ) قال أبو صالح الراوي عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ ، لما سئل عنكيفية ذكرهن ، قال : يقول : سبحانالله ، والحمد لله ، والله أكبر ، حتى يكون منهنكلهن ثلاثاً وثلاثين . أخرجه البخاري (843) في الأذان ، وفي (6329) في الدعوات ،ومسلم (595) ، (143) .

    وحديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أيضاً ، قال:قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين ،وحمد الله ثلاثاً وثلاثين ، وكبر الله ثلاثاً وثلاثين وقال تمام المائة : لا إلهإلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، غفرت خطاياهوإن كانت مثل زبد البحر " . رواه احمد في المسند (2/371) ، ( 2/483) ، ومسلم (597) .

    وحديث كعب بن عجرة ـ رضي الله عنه ـ ، عن رسول الله ـ صلى اللهعليه وسلم ـ : قال : " معقبات لا يخيب قائِلُهن ـ أو فاعلهن ـ دبر كل صلاة مكتوبة :ثلاثاً وثلاثين تسبيحةً ، وثلاثاً وثلاثين تحميدةً ، وأربعاً وثلاثين تكبيرة ) رواهمسلم (596) ، والترمذي(2/249) ، والنسائي (3/75) .

    وحديث زيد بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ قال : " أمروا أن يسبحوا دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين ،ويحمدوا ثلاثاً وثلاثين ، ويكبروا أربعاً وثلاثين، فأتى رجل من الأنصار فيمنامه ، فقيل له : أمركم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن تسبحوا دبر كلصلاة ثلاثاً وثلاثين ، وتحمدوا ثلاثاً وثلاثين ، وتكبروا أربعاً وثلاثين ؟ قال:نعم . قال : فاجعلوها خمساً وعشرين ، واجعلوا فيها التهليل ( يعني : خمساً وعشرين)، فلما أصبح ؛ أتى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فذكر ذلك له ؛ قال:اجعلوها كذلك " . أخرجه الأمام احمد (5/184) ، والنسائي (3/76) ، والترمذي (3413) ،والحاكم (1/253) وقال : " صحيح الإسناد ".. وله شاهد من حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ نحوه .
    انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة ص (1/1/ 210 ، 211 ) .

    وغيرها من الأحاديث :

    قال ابن الأثير الجزري في النهاية في غريب الحديث (3/267) : " سُمِّيت مُعَقّباتٍ لأنَّها عادَتْ مرَّة بعد مرَّة ، أو لأنَّها تقال عَقِيب الصَّلاة . والمُعقِّب من كلِّ شيء : ما جاءَ عَقِيبَ ما قبله ".
    قال الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في سلسلة الأحاديث الصحيحة (1/1/211) بعد أن خرج عدة أحاديث في الذكر بعد المكتوبة آخرها حديث كعب بن عجرة ـ رضي الله عنه ـ المتقدم الذكر : " قلت : الحديث نصٌّ على أن هذا الذكر إنما يقال عقب الفريضة مباشرة ، ومثله ما قبله من الأوراد وغيرها ، سواء كانت الفريضة لها سنة بعدية أو لا . ومن قال من المذاهب بجعل ذلك عقب السنة ـ فهو مع كونه لا نصَّ لديه بذلك ـ فإنه مخالف لهذا الحديث وأمثاله مما هو نصٌّ في المسألة ، والله ولي التوفيق " . أهـ

    يتبع .. (2) ..
    واجعَل لوجهكَ مُقلَتَينِ كِلاَهُما مِن خَشيةِ الرَّحمنِ بَاكِيَتَانِ
    لَو شَاءَ رَبُّكَ كُنتَ أيضاً مِثلَهُم فَالقَلبُ بَينَ أصابِعِ الرَّحمَنِ


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    845

    افتراضي رد: القول الفصل في عدم مشروعية وصل النافلة بالفرض .

    ما روي في ذلك من آثار وأقوال :
    أخرج البخاري في صحيحه (2/251الفتح ) حديث (848) قال :
    وقال لنا آدمُ : حدَّثَنا شُعبةُ ، عن أيُّوبَ ، عن نافعٍ ، قال : « كان ابنُ عمرَ يُصلِّي في مكانهِ الذي صلَّى فيه الفريضةَ ، وَفعَلهُ القاسمُ ، وَيُذكَرُ عن أبي هُرَيرةَ رَفعَهُ : لا يَتطوَّعُ الإِمامُ في مكانهِ . ولم يصح » .

    قال الحافظ في الفتح (2/604) : " قوله : (وقال لنا آدم إلخ ) هو موصول ، وإنما عبر بقوله : « قال لنا » لكونهه موقوفاً مغايرة بينه وبين المرفوع ، هذا الذي عرفته بالاستقراء من صنيعه . وقيل إنه لا يقول ذلك إلا فيما حمله مذاكرة ، وهو محتمل لكنه ليس بمطرد ، لأني وجدت كثيراً مما قال فيه : «قال لنا» في الصحيح قد أخرجه في تصانيف أخرى بصيغة «حدثنا» ، وقد روى ابن أبي شيبة أثر ابن عمر من وجه آخر عن أيوب ، عن نافع ، قال : «كان ابن عمر يصلي سبحته مكانه».
    وقوله : ( وفعله القاسم ) أي ابن محمد بن أبي بكر الصديق ، وقد وصله ابن أبي شيبة عن معتمر ، عن عبيد الله بن عمر ، قال : « رأيت القاسم وسالماً يصليان الفريضة ثم يتطوعان في مكانهما » .
    قوله : (ويذكر عن أبي هريرة رفعه) أي قال فيه : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ .
    قوله : (لا يتطوع الإِمام في مكانه) ذكره بالمعنى ، ولفظه عند أبي داود : « أيعجز أحدكم أن يتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو عن شماله في الصلاة » ، ولابن ماجه « إذا صلى أحدكم » ، زاد أبو داود يعني في السبحة ، وللبيهقي : « إذا أراد أحدكم أن يتطوع بعد الفريضة فليتقدم » الحديث .
    قوله : ( ولم يصح ) هو كلام البخاري ، وذلك لضعف إسناده واضطرابه تفرد به ليث بن أبي سليم وهو ضعيف ، واختلف عليه فيه .
    وقد ذكر البخاري الاختلاف فيه في تاريخه ، وقال : « ولم يثبت هذا الحديث » وفي الباب عن المغيرة بن شعبة مرفوعاً ـ أيضاً ـ بلفظ : « لا يصلي الإِمام في الموضع الذي صلى فيه حتى يتحول » رواه أبو داود وإسناده منقطع " .

    قال الحافظ ابن رجب في فتح الباري (7/428 ، 429) : " ويذكر عن أبي هريرة ـ رفعه ـ : " لا يتطوع الإمام في مكانه " ، ولم يصح .
    هذا الذي ذكر أنه لا يصح ، خرجه الإمام أبو داود ، وابن ماجه من رواية ليث ، عن حجاج بن عبيدٍ ، عن إبراهيم بن إسماعيل ، عن أبي هريرة ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال : " أيعجز أحدكم أن يتقدم أو يتأخر ، أو عن يمينه أو شماله في الصلاة " يعني : في السبحة .
    وليس في هذا ذكر الإمام ، كما أورده البخاري .
    وضعف إسناده من جهة ليث بن أبي سليمٍ ، وفيه ضعفٌ مشهورٌ . ومن جهة إبراهيم بن إسماعيل ، ويقال فيه : إسماعيل بن إبراهيم ، وهو حجازي ، روى عنه عمرو بن دينارٍ وغيره . قال أبو حاتمٍ الرازي : مجهولٌ .
    وكذا قال في حجاج بن عبيد ، وقد اختلف في اسم أبيه .
    واختلف في إسناد الحديث على ليثٍ أيضاً.
    وخرج أبو داود ، وابن ماجة ـ أيضاً ـ من حديث عطاءٍ الخراساني ، عن المغيرة بن شعبة ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال : " لا يصلي الإمام في مقامه الذي صلى فيه المكتوبة حتى يتنحى عنه " .
    وقال أبو داود : وعطاء الخراساني لم يدرك المغيرة " . أهـ

    وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (2/605) :
    وروى ابن أبي شيبة بإسناد حسن ، عن علي ، قال : «من السنة أن لا يتطوع الإِمام حتى يتحول من مكانه»

    وقال الحافظ ابن رجب في فتح الباري شرح صحيح البخاري (7/429) : " وروى حربٌ بإسناده ، عن عطاءٍ، أنه قال فيمن صلى المكتوبة : " لا يصلي مكانه نافلةً إلا أن يقطع بحديثٍ ، أو يتقدم أو يتأخر ".
    وعن الأوزاعي ، قال : " إنما يجب ذلك على الإمام ، أن يتحول من مصلاه " .
    قيل له : فما يجزئ من ذلك ؟ قال : أدناه أن يزيل قدميه من مكانه . قيل له : فإن ضاق مكانه ؟ ، قال : فليتربع بعد سلامه ؛ فإنه يجزئه .
    وروى ـ أيضاً ـ : بإسناده ، عن ابن مسعودٍ ، أنه كان إذا سلم قام وتحول من مكانه غير بعيدٍ .
    قال حربٌ : ثنا محمد بن آدم ، حدثنا أبو المليح الرقي ، عن حبيبٍ ، قال : كان ابن عمر يكره أن يصلي النافلة في المكان الذي يصلي فيه المكتوبة ، حتى يتقدم أو يتأخر أو يتكلم " .
    وهذه الرواية تخالف رواية نافع التي خرجها البخاري .
    وقد ذكر قتادة ، عن ابن عمر، أنه رأى رجلاً صلى في مقامه الذي صلى فيه الجمعة ، فنهاه عنه ، وقال : لا أراك تصلي في مقامك .
    قال سعيدٌ : فذكرته لابن المسيب ، فقال : إنما يكره ذلك للإمام يوم الجمعة .
    وعن عكرمة ، قال : إذا صليت الجمعة فلا تصلها بركعتين حتى تفصل بينهما بتحولٍ أو كلامٍ .
    خرَّجهما عبد الرزاق .
    ومذهب مالك : أنه يكره في الجمعة أن يتنفل في مكانه من المسجد ، ولا ينتقل منه وإن كان مأموماً ، وأما الإمام فيكره أن يصلي بعد الجمعة في المسجد بكل حالٍ .
    وقد قال الشافعي في سنن حرملة : حديث السائب بن يزيد ، عن معاوية في هذا ثابتٌ عندنا ، وبه نأخذ .
    قال: وهذا مثل قوله لمن صلى وقد أقيمت الصلاة : " أصلاتان معاً ؟ ! " كأنه أحب أن يفصلهما منها حتى تكون المكتوبات منفرداتٍ مع السلام بفصلٍ بعد السلام .
    وقدروي أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ اضطجع بعد ركعتي الفجر .
    وروى الشافعي ، عن ابن عيينة، عن عمروٍ ، عن عطاءٍ ، عن ابن عباسٍ ، أنه كان يأمر إذا صلى المكتوبة ، فأراد أن يتنفل بعدها أن لا يتنفل حتى يتكلم أو يتقدم .
    قال : وقال الشعبي : إذا صليت المكتوبة ، ثم اردت أن تتطوع ، فاخط خطوةً . أهـ

    القول فيما ورد عن ابن عمر في ذلك :
    أما أثر ابن عمر المتقدم الذي رواه ابن أبي شيبة من وجه آخر عن أيوب ، عن نافع ، قال : «كان ابن عمر يصلي سبحته مكانه» .
    قلت : لعله كان يقطع بينهما بحديثٍ ، يدل على ذلك أنه كان ـ رضي الله عنه ـ ينهى عن ذلك :
    قال حربٌ ، حدثنا محمد بن آدم ، حدثنا أبو المليح الرقي ، عن حبيبٍ ، قال : كان ابن عمر يكره أن يصلي النافلة في المكان الذي يصلي فيه المكتوبة ، حتى يتقدم ، أو يتأخر ، أو يتكلم " .
    وهذه الرواية تخالف رواية نافع التي خرجها البخاري .
    وقد ذكر قتادة ، عن ابن عمر ، أنه رأى رجلاً صلى في مقامه الذي صلى فيه الجمعة ، فنهاه عنه ، وقال : لا أراك تصلي في مقامك .
    وكذا الجواب عما جاء من فعل القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ، الذي رواه ـ أيضاً ـ ابن أبي شيبة عن معتمر ، عن عبيد الله بن عمر ، قال : « رأيت القاسم وسالماً يصليان الفريضة ثم يتطوعان في مكانهما » .

    الأحاديث الضعيفة الواردة في وصل النافلة بالفريضة دون خروج أو كلام ، وخاصة فيما ورد في صلاة المغرب :
    (1) عن حذيفة ، قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " عجلوا بالركعتين بعد المغرب فإنهما يرفعان مع المكتوبة " .
    رواه المروزي في قيام الليل ـ كما في مختصره للمقريزي ص (83) ـ ، وابن عدي في الكامل (3/1057) ، والديلمي في مسند الفردوس (3/11) حديث (4009) من طريق محمد بن الفضل ، عن زيد العمي ، عن أبي العالية ، عن حذيفة به .
    وإسناده واه .
    محمد بن الفضل ، هو ابن عطية ، كذبوه . التقريب (6225) .
    وزيد العَمّي ، هو ابن الـحواري ، ضعيف . التقريب (2131) .
    قال ابن عدي : " هذا البلاء فيه أظنه من محمد بن الفضل ، وهو خراساني أضعف من زيد " .
    وقال الشيخ الألباني في الضعيفة (8/316) حديث (3855) : " ضعيف جداً " .
    ورواه البيهقي في شعب الإيمان (6/315) حديث (2804) من طريق سويد بن سعيد ، عن عبد الرحيم بن زيد العمي ، عن أبيه به .
    وفي إسناده : سويد بن سعيد ، صدوق في نفسه إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه " . التقريب (2690) .
    وعبد الرحيم بن زيد العمي البصري ، وهاه ابن معين ، فقال : " ليس بشيء " ( تاريخ الدوري 2/362) ، ونقل ابن الجوزي عنه أنه قال : كذاب . ( الضعفاء والمتروكون لابن الجوزي 2/102) .
    قال البخاري في التاريخ الكبير (6/102) : " تركوه " .
    وقال أبو حاتم في الجرح (5/339 ، 340) : " تُرك حديثه ، وكان يفسد أباه يحدث عنه بالطامات " .
    وقال ابن حبان في المجروحين (2/150 ، 151) : " يروي عن أبيه العجائب " .
    وقال الحافظ في التقريب (4055) : " متروك " .
    فالإستاد ضعيف جداً .
    قال الشيخ الألباني في ضعيف الجامع ص (540) رقم (3687) : " ضعيف " .

    (2) وروى عبد الرزاق في مصنفه (3/70) حديث (4833) ، وابن أبي شيبة في مصنفه (2/198) ، وأبو داود في المراسيل ص (111) حديث (73) ، والمروزي في قيام الليل ـ كما في مختصره ص (83) ـ من طريق مكحول ، قال : بلغني أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : « مَنْ صَلَّىٰ بَعْدَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ كُتِبَتَا لَهُ فِي عِليينَ » .
    وهذا مرسل .
    قال الشيخ الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (1/172) : " إسناده ضعيف مرسل " .

    (3) وأخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه (7/583 ، 584) ترجمة بكر بن أحمد بن محمي النساج ، ومن طريقه أبي القاسم بكر بن أحمد بن محمي ، عن يعقوب بن إسحاق بن تحية ، عن يزيد بن هارون ، عن حميد ، عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قَالَ النَّبِيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ : « مَنْ صَلَّىٰ بَعْدَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَنْطِقَ مَعَ أَحَدٍ ، يَقْرَأُ فِي الأُولَىٰ بِـ ( الْحَمْدِ ) و ( قُلْ يَا أَيّهَا الْكَافِرُونَ ) ، وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بِـ ( الْحَمْدِ ) و ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) ، خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَمَا تَخْرُجُ الْحَيَّةُ مِنْ سَلْخِهَا » .
    موضوع :
    أبو القاسم بكر بن أحمد بن محمي ، قال ابن الجوزي في العلل المتناهية (1/435) : " مجهول الحال " .
    وقال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان (2/335) رقم (1558) : " هذا الرجل لم يكن من أهل الحديث ، وإنما جميع ما سمعه ثلاثة أحاديث سمعها منه جماعة " .
    وقال أيضاً ـ كما في تنزيه الشريعة لابن عراق (1/177) : " بكر ليس بمجهول العين ، فقد روى عنه الحافظ أبو نعيم ، والحافظ أبو يعلى الواسطي ، ولم أر من تكلم فيه بجرح ولا تعديل " .
    ويعقوب بن إسحاق بن تحية أبو القاسم الواسطي ، قال عنه ابن الجوزي في الضعفاء والمتروكين (3/215) : " مجهول " ، وكذا في العلل (1/435) ، والموضوعات (1/287) .
    وقال الذهبي في ديوان الضعفاء ص (445) ، وفي ميزان الاعتدال (4/448) : " ليس بثقة وقد اتهم " .
    قال ابن الجوزي : " هذا حديث لا يصح " .
    وقال الذهبي : " وضع على يزيد بن هارون ، عن حميد ، عن أنس " .
    قلت : ولم ينفرد أبو القاسم به ، بل تابعه جعفر بن محمد المؤدب الواسطي وهو ثقة . أخرجه الخطيب في تاريخه (16/422) ترجمة يعقوب بن إسحاق بن تحية الواسطي ، من طريق جعفر بن محمد بن أحمد بن الحكم الواسطي ، عن يعقوب بن إسحاق بن تحية به .
    فتبقى علة الحديث : يعقوب بن إسحاق بن تحية الواسطي .
    وفي الباب أحاديث أخرى لاتصح كلها موضوعة أعرضت عن ذكرها لذلك .

    هل هذا الحكم خاص بالفريضة والنفل ، أم يشمل النافلة والنافلة :
    نصوص أكثر العلماء تدل على أن هذا الحكم خاصٌ بالفريضة والنافلة فلا يصل النافلة بالفريضة بل يستحب أن يفصل بينهما ، وعلل ذلك بعضهم بخشية التباس النافلة بالفريضة وأن يُزاد في الفريضة ما ليس منها ، كما ورد في قولعمرـ الذي تقدم ـ وأقره النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ للرجل الذي أراد أن يتطوع بعد سلام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الفريضة ، " اجْلِسْ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَهْلِكْ أَهْلُ الْكِتَابِ ، إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ صَلَوَاتِهِمْ فَصْلٌ ، فَرَفَعَ النَّبِيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ بَصَرَهُ ، فَقَالَ : " أَصَابَ اللهُ بِكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ".
    ففيه أن سبب هلاك أهل الكتاب هو عدم فصلهم بين صلواتهم .
    ومن العلماء من ذهب إلى أن هذا الحكم عام فيشمل النافلة والنافلة فيفصل بينهما بكلامٍ أو خروج ، ويؤيده العلة التي عللوا بها وهي تكثيرُ مواضع السجود حتى تشهد له يوم القيامة .

    قال الشوكاني ـ رحمه الله ـ في نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار (3/239) : " والعلة في ذلك تكثير مواضع العبادة ، كما قال البخاري والبغوي ، لأن مواضع السجود تشهد له كما في قوله تعالى : (يومئذٍ تحدث أخبارها) [الزلزلة 4] أي تخبر بما عمل عليها . وورد في تفسير قوله تعالى : ( فما بكت عليهم السماء والأرض ) [الدخان 92] إن المؤمن إذا مات بكى عليه مصلاه من الأرض، ومصعد عمله من السماء . وهذه العلة تقتضي أيضاً أن ينتفل إلى الفرض من موضع نفله ، وأن ينتقل لكل صلاة يفتتحها من أفراد النوافل ، فإن لم ينتقل فينبغي أن يفصل بالكلام لحديث النهي: «عَنْ أَنْ تُوصَلَ صَلاَةٌ بِصَلاَةٍ حَتَّى يَتَكَلَّمَ الْمُصَلِّي أَوْ يَخْرُجَ» أخرجه مسلم وأبو داود " . أهـ

    والذي يظهر حمل كلامه على الاستحباب للعلة المذكورة ، وهي تكثير مواضع السجود ، أما الفرض والنفل فيحمل على الوجوب لورود النص الصريح في ذلك . والله أعلم .

    تم بحمد الله تعالى ..
    أبو عبد الرحمن ضيدان اليامي
    07/03/1431 هـ



    واجعَل لوجهكَ مُقلَتَينِ كِلاَهُما مِن خَشيةِ الرَّحمنِ بَاكِيَتَانِ
    لَو شَاءَ رَبُّكَ كُنتَ أيضاً مِثلَهُم فَالقَلبُ بَينَ أصابِعِ الرَّحمَنِ


  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    191

    افتراضي رد: القول الفصل في عدم مشروعية وصل النافلة بالفرض .

    وفيت و كفيت
    فتح الله عليك

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    الدولة
    الجزائر - باتنة -
    المشاركات
    486

    افتراضي رد: القول الفصل في عدم مشروعية وصل النافلة بالفرض .

    بارك الله فيك
    وجزاك الله خيرا
    قال الإمام الشاطبي:
    "خذ من العلم لبه، ولا تستكثر من ملحه، وإياك وأغاليطه".

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    845

    افتراضي رد: القول الفصل في عدم مشروعية وصل النافلة بالفرض .

    الأخ الفاضل الحبروك ـ حفظه الله ـ .
    الشيخ الباتني ـ حفظه الله ـ سررت بكم كثيراً . لا حرمكم الله الأجر والثواب .
    واجعَل لوجهكَ مُقلَتَينِ كِلاَهُما مِن خَشيةِ الرَّحمنِ بَاكِيَتَانِ
    لَو شَاءَ رَبُّكَ كُنتَ أيضاً مِثلَهُم فَالقَلبُ بَينَ أصابِعِ الرَّحمَنِ


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •