بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فلا شك عند المشتغلين بهذا الفن أن كتاب الراوي (يعني أصله الذي دون فيه حديثه الذي سمعه ) له أهمية كبيرة في علم العلل والنقد وتأثير جوهري على روايات الراوي صحة وضعفا
ومن طالع كتب المتقدمين من أئمة العلل والنقد علم مدى أهمية كتاب الراوي عندهم في الحكم على حديثه
فكثيرا ما تجد في كلامهم "كتابه صحيح"
" أما أصله فصحيح"
"إذا حدث من كتابه فصحيح وإذا حدث من حفظه فيهم"
" لم يكن في كتابه" "ليس في كتب فلان"
ونحو هذا كثير
ومنه قول عبد الرحمن بن مهدي :"كتاب أبي عوانة أحب إلي من حفظ هشيم وحفظ هشيم أحب إلي من حفظ أبي عوانة"
ومنه قول أحمد "إذا حدث أبو عوانة من كتابه فهو أثبت وإذا حدث من غير كتابه ربما وهم"
ومنه قول البخاري: "ما حدث عبد الرزاق من كتابه فهو أصح"
والأمثلة على ذلك كثيرة فلا نطيل وستأتي
ولست هنا بصدد الكلام على أهمية كتاب الراوي عند المتقدم في مجال النقد والتعليل فهو موضوع كبير نوعا ما وقد قرأت قبل فترة أن بعض المشايخ _أظنه الدريس_كتب فيه بحثا ولست بالمتأكد فلينظر
ولكن في هذه العجالة أردت ذكر بعض الأمثلة على صنيع الرتوت من أهل الحديث في إعلال الحديث لعدم وجوده في أصل الراوي أو كتابه
ولا شك أن لهذه المسألة ضوابط وقيود فهي ليس على إطلاقها وقد سألت عنها الشيخ المحقق الشريف حاتم العوني فذكر على عجالة ضابطين سأذكرهما فيما بعد
ولست هنا للكلام علي هذه الضوابط ولست أهلا لذلك ولكن مرادي الأكبر هنا ذكر بعض الأمثلة على هذا المسلك للتدليل على أنه طريق من طرق التعليل عند المتقدم
لا سيما وقد غفل عنه كثير من المشتغلين بهذا الفن بل بعضهم أنكره وهزأ من المتقدمين من أجله وذلك لأنه لم يفهم كلامهم ولم يمارسه.
وتظهر فائدة العلم بهذا الباب من تضعيف بعض أحاديث الثقات وتصحيح بعض أحاديث الضعاف
وهذا من صميم علم العلل وأصعبه وأدقه
_ وذلك عندما يكون الراوي ضعيفا وكتابه صحيح ونقف على ما يدل على أن هذا الحديث الفلاني موجود في كتابه أو حدث به من كتابه
_ أو ثقة إذا حدث من كتابه لا من غيره ونقف على ما يدل على أن الحديث الفلاني غير موجود في كتابه أو حدث به من غير كتابه