بشرى المشتاق في إثبات صفة الساق:
الحمد لله وكفي والصلاة والسلام على المصطفى ثم بعد :
هذا بحث جمعته حول (إثبات صفة الساق) وقد قسمته إلى عدة مباحث :
المبحث الأول :الأدلة في إثبات صفة الساق.
المبحث الثاني :ما يستفاد من تلك النصوص
المبحث الثالث : كشف الشبهات ورد الإعتراضات
المبحث الأول :الأدلة في إثبات صفة الساق:
قال الله تعالى((يوم يكشف عن ساق ويدعون الي السجود فلا يستطيعون)){ القلم : 42 }
وهذه الآية يفسرها ماجاء في البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بعد حيث طويل( فيأتيهم الجبَّار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة فيقول أنا ربكم فيقولون أنت ربنا ، فلا يكلمه إلا الأنبياء . فيقولون هل بينكم وبينه آية تعرفونه ؟ فيقولون الساق . فيكشف عن ساقه فيسجد له كل مؤمن)). (أخرجه البخاري في التفسير (4919)، وفي التوحيد (7439)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه)
فتبين من هذا الحديث أن الساق مضافة لله تعالى فهي صفة من صفاته جلا جلاله .
قال الإمام الشوكاني رحمه الله : ((و قد أغننا الله سبحانه في تفسير الآية بما صح عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم كما عرفت و ذلك لا يستلزم تجسيماً و لا تشبيهاً فليس كمثله شيء
د عوا كل قول عند قول محمدٍ فما آمن في دينه كمخاطر))(1)
المبحث الثاني :ما يستفاد من هذه النصوص؟
إعلم رحمك الله أن مذهب السلف في الصفات أنهم يجرونها على ظاهرها من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تكييف :
قال الإمام أحمد – رحمه الله - : (لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لا يتجاوز القرآن والحديث) [ ينظر: المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد ص( 116 ) ]
وقال الإمام الآجري : هذه من السنن التي يجب على المسلمين الإيمان بها ولا يقال فيها : كيف؟ ولِمَ ؟ بل تستقبل بالتسليم والتصديق، وترك النظر، كما قال من تقدَّم من أئمة المسلمين )) كتاب الشريعة للإمام الآجري (ص 262) .
وقال الأوزاعي – رحمه الله -: (كنا – والتابعون متوافرون – نقول: إن الله فوق عرشه، ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته) [ ينظر: الأسماء والصفات للبيهقي ص( 408 )
وقال الإمام الشافعي – رحمه الله - : (لله أسماء وصفات لا يسع أحد جهلها، فمن خالف بعد ثبوت الحجة عليه كفر ، وأما قبل قيام الحجة فيعذر بالجهل) [ ينظر: مناقب الشافعي للبيهقي ( 1/412 )]
وقال ابن عبد البر – رحمه الله -: (أهل السنة مجتمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها وحملها على الحقيقة لا على المجاز؛ إلا أنهم لا يكيفون شيئاً من ذلك، وأما أهل البدع من الجهمية والمعتزلة والخوارج فينكرونها ولا يحملونها على الحقيقة ويزعمون أن من أقر بها مشبه، وهم عند من أقر بها نافون للمعبود، والحق فيما قاله القائلون بما نطق به الكتاب والسنة وهم أئمة الجماعة) [ ينظر: التمهيد لابن عبد البر ( 7/145 )]
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ومذهب سلف الأمة وأئمتها أن يوصف الله بما وصف به نفسه ، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم؛ من غير تحريف ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ولا تمثيل ؛ فلا يجوز نفي صفات الله التي وصف بها نفسه، ولا يجوز تمثيلها بصفات المخلوقين، بل هو سبحانه: ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )[ ينظر: مجموع الفتاوى ( 5/195 ) ]
وعلى هذا فإن صفة الساق قد وردت في السنة ووصف الله بها نفسه فلا يسعنا إلا إثباتها لله تعالى على الوجه الذي يليق بجلاله من دون تمثيل ولا تكييف.
وقد ثبت هذا عن أبي هريرة رضي الله عنه:
قال السيوطي ـ رحمه الله ـ في الدر المثور : ( أخرج ابن مندة في الرد على الجهمية عن أبي هريرة قال : قال الرسول صلى الله عليه و آله و سلم يوم يكشف عن ساق قال يكشف الله عز وجل عن ساقه )([2)
كما ثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه:
وعن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ في قوله جل و عز " يوم يكشف عن ساق " قال : عن ساقيه . قال أبو عبد الله : هكذا في قراءة ابن مسعود.(3).
يتبع..