مع أني لا أود تكرار موضوعاتي حيث كنت كتبت الموضوع قبل أيام في الملتقى الصديق ، وللإخوان هناك مداخلات ، وطلبا للفائدة من الإخوان الكرام ، صحبت الموضوع معي إلى هذا المجلس المبارك ، بأمل الاستزادة راجيا من الإخوان المشاركة والمدارسة .
والذي رأيته في ذلك ما ذكره الإمام الشافعي رحمه الله بأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث بالهدي ولم يرد عنه أنه أمسك عن شيء أو أمر به .. الخ . ويظهر بُعد هذا الاستدلال للفوارق بين الهدي والأضحية ، على أن مشروعية الأضحية في أيام الحج والأمر بالإمساك عن الشعر والظفر لمريد الأضحية يشعر المرء بأن من مقاصد الشريعة أن يكون المسلمون في أرجاء الدنيا على صلة بروح الحج وشعائره ، تذكيرا للأمة بعظم هذا الوقت الجليل .
على كل حال لا أطيل في هذا ، وأدخل في صلب الموضوع .
من المعلوم أن الراجح من قولي أهل العلم أن الأضحية سنة ، فأقول : إنه لا يترتب على مخالفة أحكام النافلة الخارجة عنها إثم ، بخلاف ما هو منها فإنها لا تجزئ كما في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أربع لا تجوز في الأضاحي العوراء البين عورها ، والمريضة البين مرضها ، والعرجاء البين ضلعها ، والكسيرة التي لا تنقي " رواه الخمسة ، وقال الترمذي : حسن صحيح ، وصححه النووي . وقد أجبت في الملتقى الصديق عن بعض الإشكالات في هذا كالتسبيح في صلاة النافلة والطهارة لها والضحك فيها .
ومنطلق ذلك أن البعد عن الإثم وتجنبه أولى من فعل النافلة ، وقد رأيت أن مشايخنا الأجلاء يفتون بأن الإنسان يمضي في أضحيته ، وهو آثم بأخذ شعره أو أظفاره ، وقد سُئلت أن امرأة كانت تريد أن تضحي وأنها احتاجت لقص شعرها ، وكانت تقول بأنها تريد أن تترك الأضحية لكي لا تأثم ! وهي وجهة صحيحة ، فإن السلامة من الإثم أولى من فعل النافلة ، ولم أر في أحكام الشريعة أن الشارع رغب بنافلة ثم رتب إثما عليها ، بل حتى لو خالف الإنسان وضحى بعوراء بينة العور فإن غاية ما في الأمر أن الأضحية لا تجزئ فقط ولا يأثم بذلك . إذ هي كلها نافلة فكيف يقال بأنه يأثم .
وللفائدة فإن جمهور أهل العلم كمالك والشافعي حملوا النهي على كراهة التنزيه ، وذهب أبو حنيفة إلى أنه لا كراهة في ذلك وأنه لا بأس بأخذ الشعر والظفر ، وأما الإمام أحمد وإسحاق فحملوا النهي على التحريم .
والذي يظهر والله أعلم بأن حمل الحديث على كراهة التنزيه أولى وألصق بأصول الشريعة وقواعدها .
كما أنه قد ذهب بعض أهل العلم إلى وقف الحديث على أم سلمة رضي الله عنها ، قال الدارقطني رحمه الله : الصحيح أنه موقوف . اهـ ورواية الرفع أولى مع الحاجة إلى مزيد البحث في وقف الحديث أو رفعه .
ويمكن الذهاب إلى الموضوع في الملتقى الصديق على هذا الرابط .