تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 15 من 15

الموضوع: أسئلة أجاب عنها الشيخ أبو الحسن المأربي عن مسألة المتقدمين و المتأخرين في الحديث

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    128

    افتراضي أسئلة أجاب عنها الشيخ أبو الحسن المأربي عن مسألة المتقدمين و المتأخرين في الحديث

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    هذا تفريغ من شريط لشيخنا حفظه الله في مسألة التفريق بين المتقدمين والمتأخرين :

    سؤال: ظهرت طائفة من طلاب العلم مؤخرا تدعو إلى التمسك بمنهج المتقدمين وترك ما عليه الأئمة المتأخرون، زاعمين أن بينهم اختلافا كبيرا وتباينا ظاهرا ، فما حقيقة دعوة هؤلاء ، وهل هم متفقون في دعوتهم على ما بينهم من بعد في البلاد ؟؟

    الجواب :

    أقول: من ناحية مذهب المتقدمين ومذهب المتأخرين، وهذه الشنشنة التي كثر الكلام حولها، وطلبة العلم لا يكادون يتركون شيئا إلا وقد تلقفوه والتقطوه دون إدراك منهم لحقيقة هذه المقالات، و دون إدراك منهم لمآل هذه المقالات في دعوتهم .. عندما يقال " متقدمون ومتأخرون " و " أن المتأخرين خالفوا مذهب المتقدمين " .. فأنا أقول: لا شك أنه يجب على المتأخر والمعاصر والسابق واللاحق أن يأخذ بطريقة المتقدمين التي بثوها في كتبهم والتي بينوها في المراجع التي وصلت إلينا منهم، ولا يسعنا الخروج عن طريقة المتقدمين؛ لكن .. من أين لنا أو لهؤلاء أن المتأخرين خالفوا المتقدمين ؟ أنا الذي أعتقده وأدين الله به أن من يسمون بالمتأخرين كالحافظ ابن حجر والحافظ الذهبي والحافظ العراقي وابن الصلاح والنووي وأمثال هؤلاء .. خدموا مذهب المتقدمين ونصروه وأشادوا به وبينوه وشرحوه ومهدوه وقربوه للناس أحسن بمرات لا توصف بالنسبة لمن جاء بعدهم من طلبة العلم أو بالنسبة للمعاصرين الذين يتكلمون بهذا، هذا الذي أدين الله به، أن المتأخرين خدموا مذهب المتقدمين .. أقول " خدموا " ولا أقول " هدموا " كما يتصور هؤلاء الذين يتكلمون بهذه الكلمة، وأقول إن كل مسألة أصاب فيها هؤلاء القائلون بهذه المقالة أنا أثبتها من كلام المتأخرين .. أنهم سُبقوا إليها، أي مسألة أصابوا فيها، سأثبتها من كلام المتأخرين الذين يعتقدون أنهم قد انسلخوا من مذهب المتقدمين، موجود هذا الكلام في كلام المتأخرين، أي مسألة أصابوا فيها مسبوقون إليها .. هذه الدعوة فقط أوغرت صدور طلبة العلم على العلماء، وأدخلت في صدور طلبة العلم التهوين والتحقير للعلماء ، بأن هؤلاء لم يفهموا مذهب المتقدمين، بأن هؤلاء ما عرفوا ولم يتذوقوا ما كان عند المتقدمين .. وهذا افتراء وظلم، عندما يقال في الحافظ ابن حجر والحافظ الذهبي وابن الصلاح وفلان وفلان ما فهموا مذهب المتقدمين، ونحن نراهم يرد بعضهم على بعض بطريقة المتقدمين، فإذا عرف أحدهم تعريفا أورد عليه إيراد واستدل على هذا الإيراد بنص من كلام الأئمة المتقدمين .. ما كان هَمّ المتأخرين التعريفات – كما يقال – إنهم تأثروا بعلم الكلام وأصبح همهم التعريفات حتى سموا كتبهم علم المصطلح، وكان هذا العلم معروفا بعلم معرفة علوم الحديث، والآن أصبح عند الناس معروفا بالمصطلح، لاعتنائهم ولتشبثهم بقضية التعريف،وكأن هؤلاء يعرفون تعريفات لا واقع لها عند المتقدمين، هذا ظلم .. وهذا أقل أحواله جهل حقيقة ما عليه المتقدمون فضلا عن المتأخرين .. المتقدمون الذين نقول نحن ننصر مذهبهم ونقوم به وندافع عنه .. الحقيقة أن الكثير ما فهِم مذهبهم فضلا عن أن يفهم مذهب المتأخرين الذين هم عنده قد أخذوا أو قبضوا بمعاول الهدم ليهدموا هذا الصرح العظيم .. ألا وهو مذهب المتقدمين.
    ما هي المسائل التي يتكلم بها كثير من طلبة العلم بأن المتأخرين خالفوا مذهب المتقدمين ؟
    يقولون: إن المتأخرين ما عندهم سبر للمتون، ما عندهم نقد للمتون ؟ أهم شيء عندهم النظر في الأسانيد! سبحان الله! هم قد نصوا بأنه لا يلزم من صحة الإسناد صحة المتن، ما قالوا هذا ؟؟ ولا يلزم من ضعف الإسناد ضعف المتن، صرحوا بهذا وقالوه، فكيف يقال إنهم إذا صح عندهم السند .. وكأنه ثقة عن ثقة عن ثقة عن ثقة يساوي صحيح ؟؟ ثقة عن ثقة عن صدوق عن ثقة يساوي حسن ؟ ما شاء الله ! هذا مستوى الحافظ ابن حجر ؟؟ هذا مستوى ابن رجب ؟ هذا مستوى الأئمة الذين جاءوا بعد ذلك ؟ وأكون أنا – الذي لا أبلغ عشر معشارهم – الذي فهمت وأتقنت طريقة المتقدمين ؟؟ لا !!
    المتأخرون عندهم سبر للمتون، وعندهم نظرة دقيقة للمتن، لكن المتأخر – نظرا – لقلة حصيلته العلمية – إذا سمع حديثا ظن أنه يخالف أصلا، فإذا به يرده، ثم تفحص كلام المتأخرين فلم يجد أحدا رده، إنما اتفقوا على تصحيحه، قال: إذن هؤلاء لا يلتفتون إلى النكارة في المتن، مع أنه لو اتسعت حصيلته وكثر علمه لوجد لهذا المتن شاهدا - لقلة علمه - غاب عنه، فظن أن هذا الحديث يخالف الأصول، ولهذا أمثلة كثيرة .. لا يتسع المقام لضرب الأمثلة، ولكن أقول: قلة العلم سبب في دعوى النكارة والمخالفة، ولذلك ابن خزيمة محمد بن إسحاق – رحمه الله –عندما يقول " اتوني بأي حديث يعارض آخر، فسأجمع بينهما "، هذا نتيجة ماذا ؟ أنه مغامر ؟ لا ! نتيجة أن عنده من العلم والحصيلة الواسعة – حتى وصفه تلميذه ابن حبان وشبّهه برجل قام على رأس جبل وجمعت السنة بين يديه في شعب، فهو يأخذ منها ما يريد وما يشتهي، لأنه استحضر السنة، وجمع أطرافها في الغالب، فكلما كثرت حصيلة علم الرجل كلما قلت دعوى النكارة، لماذا ؟ لأنه يجد لهذا المتن مخارج ومحامل يحمله عليه، بخلاف الإنسان الذي ما معه إلا عدد يسير من العلم، سمع هذا الحديث .. خالف ما يعرف فادعى فيه النكارة، فلما التفت .. هل أحد سبقه بالنكارة ؟ لا ! المتأخرون قالوا فيه بالقبول وصححوه : إذن المتأخرون لا يلتفتون إلى المتن ! وأقول: الحقيقة أن القصور في الإلمام بالمتون هو الذي فتح هذا الباب، أقول هذا وأنا أستحضر تماما بعض المواضع التي حكم فيها بعض المتقدمين بالنكارة وصححها المتأخرون أو بعضهم، وهنا نقطة لا بد أن تبين، لو قال أبو حاتم في حديث " هذا الحديث منكر " فجاء الحافظ ابن حجر أو من بعده فصحح هذا الحديث .. قالوا: إذن ابن حجر أو هذا المصحح لا يلتفت إلى النكارة في المتن، أو لا يأبه إلى مذهب المتقدمين ولا يبالي به، أقول: لا ! متى نقول هذا القول ؟ أقول: إذا أمكن أن تجمع بين كلام المتقدم وكلام المتأخر فلا تعارض ولا تناقض، فمن الممكن عندما قال أبو حاتم " هذا حديث منكر " أي: من هذا الوجه، أي: بهذا السند، والذي جاء بعده، عندما قال " حديث صحيح " أي: بمجموع طرقه، ففي هذه الحالة لا مخالفة، وقد وجد ذلك بكثرة، كم من حديث يطلق أبو حاتم فيه القول بأنه منكر فيقول ابنه " يعني: بهذا السند "، وكم من حديث يطلق فيه أبو حاتم في موضع من علله بأنه منكر وفي موضع آخر يقيد، ويقول بهذا السند، ونحن نعلم في كتب العلل أنهم يطلقون النكارة على أحاديث أصلها صحيح، وهذا موجود بكثرة، وقد يقول " هذا غير محفوظ " والحديث في الصحيحين، وهو يعني " غير محفوظ من حديث فلان، أو من رواية فلان عن فلان، وإن كان محفوظا من غير هذا الوجه " .. في هذه المسائل ينبغي التوسع والاستقراء التام في معرفة كلام أهل العلم، حتى لا نحملهم ما لم يقولوا، وليس ذلك فقط .. نرجع ونتهم الأئمة الآخرين الذين منّ الله عليهم بالعلم والفهم، فالمسألة الأولى .. مسألة النظر في المتون والعلل المتنية، وأن المتأخرين – ولله الحمد – لم يغب عنهم هذا الأمر، وباشروه وعملوا به، ولكن عند المعاصر، ربما أنه – لقلة علمه وعدم اتساع حصيلته - لم ير ما رآه غيره .. فإذا أمكن الجمع بين كلام المتقدم والمتأخر فلا مناص عن ذلك، أما إذا تعارض كلامهما ولا يمكن تأويل هذا الموضع .. إما أنك أن تأخذ بكلام المتقدم أو بكلام المتأخر .. فأنا عن نفسي، وأنصح به إخواني: أننا لا نعدل عن كلام المتقدم ولا نرضى به بديلا. إذا كان هناك تناقض معناه: إن أخذت بكلام المتأخر تركت كلام المتقدم، فأقول: إن المتقدمين وقفوا على أصول الرواة، ووقفوا على رواية مشايخهم وزملائهم وتلامذتهم، وعرفوا النكارة، وعرفوا الأمر أكثر من المتأخرين .. كما تعرفون، قال ابن حبان: " دخلت حمص، فكان جل همي أن اعرف حديث بقية، فتتبعت حديثه عاليا ونازلا ". من في إمكانه أن يتتبع اليوم حديث الرواة عاليا ونازلا ؟ ليس باستطاعتنا هذا الأمر، فإذا أمكن الجمع فهو الواجب، وإلا فلا أظن رجلا قد تشبع بهذا العلم وألفت نفسه هذا العلم يترك كلام المتقدم، لأن المتقدم بعرف ما لا يعرفه المتأخر .. هذه المسألة الأولى التي خالف فيها المتأخرون - عند من ورد السؤال عنه - المتقدمين.
    المسألة الثانية
    غير مسألة المتن، الشواهد والمتابعات .. هل الحديث الضعيف يشتد بالضعيف الآخر إذا اختلفت المخارج على الشروط السابقة أم لا ؟ قال قائلهم: إن المتقدمين لم يعملوا بذلك، ولم يقولوا بهذا الشرط ! سبحان الله ! ألم يقل الشافعي في الرسالة إن الحديث المرسل يتقوى بكذا وكذا وكذا .. ، ومنه مرسل آخر مثله إذا اختلفت المخارج، أو موصول ضعيف، أو اتصل بعمل أو بفتوى صحابي، أو بغير ذلك ؟ أيقال إن الشافعي ليس من المتقدمين ؟ بقي لنا سؤال: ما حدود المتقدمين من المتأخرين ؟؟ لكن أنا أتركه للأخير .. طيب .. عندما يقولون الشافعي متساهل ولم يُعرف بالحديث فهذه فرية أخرى، الشافعي أعرف بالحديث وألصق بالحديث منهم، والشافعي ما أخطأ – كما قالوا – إلا في حديث واحد، والشافعي مدحه الإمام أحمد في هذا الشأن، لكن ممكن أن يقولوا: هذا في باب الأصول، وشرط الأصوليين يختلف عن شرط المحدثين، فنقول لهم: مع أن هذا كلام باطل، إلا أن هناك أدلة أخرى، ماذا يقولون في تعريف الترمذي في تعريف الحديث الحسن ؟ الترمذي متقدم أم لا ؟ ربما يقولون: الترمذي ليس له صلة بهذا العلم، كيف وهو صاحب العلل ؟ والترمذي من علماء العلل ومن علماء هذا الشأن، وهو تلميذ الإمام البخاري، الفارس في هذا الميدان، قد يقولون " متساهل "، نقول: لكِنّكم – إذن - تحتاجون إلى قيود في هذا القول، تقولون: هذا ليس معروفا عن مذهب المتقدمين، الذين ليسوا بأصوليين، وليسوا بمتساهلين، وكلما أتينا لكم بمثال، ضعوا له شرطا أو قيدا جديدا في قاعدتكم حتى تسلم لكم القاعدة من الإيراد، لكن أقول: بقي إيراد ثالث، وهو: جاء في كتاب الضعفاء الكبير للعقيلي في ترجمة ابن أخي عبد الله بن وهب، فيما أذكر الجزء الرابع صفحة 80 أو 88 .. ابن معين عدّ ابنَ أخي عبد الله بن وهب ... لا .. ابنَ أخي الزهري .. فيما أذكر .. عَدّهُ من جملة الضعفاء، قال العقيلي: وأما محمد بن يحيى الذهلي – تعرفون أنه شيخ الإمام البخاري وشيخ الإمام مسلم، وكانوا يقولون لاعتنائه بحديث الزهري " إنه محمد بن يحيى الزهري " وليس الذهلي، حتى ألف كتابا سماه " الزهريات " في حديث الزهري – فقد قسم تلامذة الزهري إلى ثلاث طبقات، الأولى طبقة الاحتجاج والقبول والقوة، هم الذين بِهم يُخْتبر ويُمتحن تلامذة الزهري، فمن وافقهم فقد أصاب ومن خالفهم فقد أخطأ، وهؤلاء مثل مالك بن أنس، ومثل معمر وسفيان بن عيينة .. الذين هم أهل التثبت وأهل الملازمة وأهل المعرفة لحديث شيخهم، وأما ابن أخي الزهري فهو في الطبقة الثانية، أهل الضعف والاضطراب، هذا ما يقول محمد بن يحيى الذهلي، قال: فإذا اختلف أصحاب الطبقة الثانية في حديثٍ نظرنا في أهل الطبقة الأولى، هل وافقهم أحد أم لا .. اختلف اثنان في الطبقة الثانية فننظر في الطبقة الأولى من يوافقهم على هذا، فإذا رأينا من الطبقة الأولى من يوافق رواية أحد هذين الاثنين رجحنا رواية الذي ووفق في الطبقة الأولى وتوبع، وكانت الثانية خطأ بلا شك، فإذا لم نجد في الطبقة الأولى،طبقة الاحتجاج – وهنا يبدأ الشاهد – نظرنا في الطبقة الثانية طبقة الضعف والاضطراب هل تابع أحد هذين الاثنين رجل في الطبقة الثانية على قوله، فإذا كان كذلك قبلنا رواية الاثنين ورددنا رواية الواحد، [ هنا قبول رواية الاثنين، قبول رواية ضعيف مع ضعيف أم لا ؟؟ بقي ما هو أظهر في ذلك ] فإذا لم نجد لأحد هذين الاثنين في الطبقة الثانية من يشده – أو بهذا المعنى – نظرنا في الطبقة الثالثة .. .. الطبقة الثالثة لا شك أنها أشد ضعفا من الطبقة الثانية، قال رحمه الله: ويعرف ذلك كله بالشواهد والدلائل. قال: وقد روى ابن أخي الزهري ثلاثة أحاديث لم نجد لها أصلا عند الطبقة الأولى، ولا الثانية ولا الثالثة، إذن معناها: لو وُجد لها ما يشدها من الطبقة الثانية أو الثالثة ما سماها أنها ليس لها أصل .. هذا النص من محمد بن يحيى الذهلي، وهو إمام متقدم، ويسوقه العقيلي - تلميذ البخاري، وهو إمام متقدم – مقرا له دليل في هذا الموضع أن من مذهب المتقدمين تقوية الضعيف بالضعيف .. إذن – يا إخوان – عندما قالوا هذه المقالة، بأن المتقدمين ليس من مذهبهم تقوية الضعيف بالضعيف .. أنا أقول أن هذا ناشئ عن عدم اطلاعهم،وفوق كل ذي علم عليم، ورحم الله امرأ انتهى إلى ما سمع، فلو أنه قال " لا أعلم ذلك " لكان له عذر، أما أنه يصرح ويدعي أن هذا مذهب المتقدمين، ولا يكتفي بهذا، بل يكر على المتأخرين وينقض بنيانهم ويرميهم بأنهم لا يعرفون طريقة المتقدمين وأنهم .. وأنهم .. لا شك بأن القائل بهذا القول يكون قد وقع في باب عظيم من الخطأ والانحراف عن النهج العلمي السديد وعن الطريقة العلمية التي عرفت عن أهل العلم.
    المسألة الثالثة التي قيل إن المتأخرين خالفوا فيها المتقدمين: " مسألة الجهالة " : لا شك أني لا أستحضر كل الأشياء، لكني أذكر لكم ما أستحضره في مجلسي هذا. قالوا: إن المتقدمين ليس عندهم قانون مطرد في من وُصفوا بالجهالة، فمرة يصححون حديث المجهول، ومرة يضعفونه، وأما المتأخرون فإنهم وضعوا قاعدة مطردة وأطلقوها في جميع المجاهيل، وقالوا إن رواية المجهول لا تقبل ! أقول: مع أن هذا النقل أيضا ليس بصحيح عن المتأخرين، فأنت تعرفون أن كثيرا من المتأخرين أيضا يقبلون رواية المجهول، وعُدّ ذلك من تساهلهم، لكن لنجعل كلامنا على الأئمة النقاد المعروفين، قالوا إنهم ردوا رواية المجهول مطلقا، وأما المتقدمون فإنهم يفصلون، فمرة يكون الحديث عندهم صحيحا ومرة يكون ضعيفا، فيأتي السؤال: المجهول يكون مرة عند المتقدمين صحيحا لذاته، ومرة يكون ضعيفا لذاته، أم لقرائن أخرى ؟؟ إن قال: لا، إن المتقدمين يضعفون رواية الراوي المجهول مرة ويصححونها مرة دون أي قرينة أخرى، فقد رمى المتقدمين بالتناقض، فكيف يكون هذا الراوي الذي هو في حيز الجهالة مرة يكون مقبولا ومرة يكون مردودا مع التجرد عن القرائن ؟ فإن قلنا وإن تجرد عن القرائن فمرة كذا ومرة كذا، فنحن نكون بهذا قد أسأنا إلى المتقدمين، ونقول لهم إنكم تصححون وتضعفون بأهوائكم، فما الذي جعلكم تقبلون هذا الرجل في هذا الحديث ثم تردونه في الحديث الآخر وليس معه في هذا الحديث الذي قبلتموه فيه أي قرينة تزيد عن الحديث الذي رددتموه فيه ؟؟ معنى هذا أننا نرمي المتقدمين بالتناقض وعدم الفهم، وحاشاهم من ذلك، فإن قال إنهم مرة يصححون ومرة يضعفون حديث المجهول لقرائن، قلنا جزاك الله خيرا، وهذا الذي نريد أن تقوله، وهذا عين قولنا ! إذن، عندما صححوا حديث المجهول، لعلهم صححوه لطرق أخرى، لعلهم صححوه لأنهم يعلمون أن لهذا الحديث أصلا، لعلهم صححوه لقرينة كذا أو لقرينة كذا، عَلِمَها من علمها وجهلها من جهلها .. إذن، القول بأن المتقدمين يصححون حديث المجهول ويضعفون حديث المجهول .. أحيانا وأحيانا .. إذا آل إلى هذا الأمر .. أنهم يدورون مع ذلك بالقرائن، وحكمهم في ذلك راجع للقرائن، إذن لا إشكال، وهذا عين قولنا، وهذا لا يلزم منه كلامٌ على المتأخرين، ولا يلزم المتأخرين من ذلك عيب ولا لوم. لأن عندهم أيضا أن المجهول يصحح حديثه إذا جاء من طرق أخرى، أما المجهول وحده فلا، ونحن نريد أيضا في هذا الموضع أن نلزم المخالف بإلزام آخر، نقول له: ما حكم رواية الضعيف عندك ؟ يقول: الضعيف عندي مردود، بمعنى أني أتوقف فيه حتى يتقوى .. وقد يقول: وإن تقوى من طريق أخرى لا أقبله .. لكن دعنا مع الصنف الذي يرى أنه يتقوى بمثله، فنقول له: لو أوقفناك على كلام عند المتقدمين أنهم صححوا مرة رواية الضعيف وضعفوا مرة روايته، هل تقول في النهاية إن المتأخرين أيضا أخطئوا عندما أطلقوا عدم قبول رواية الضعيف ؟؟ لأنه قد ثبت عن المتقدمين أنهم مرة ضعفوا رواية الضعيف ومرة صححوا رواية الضعيف نفسه، هذا موجود، أنتم تعرفون أن الإمام البخاري أخرج احتجاجا لبعض الضعفاء، وإن كان البعض قد يكابر في بعض الضعفاء ويقول " ليسوا بضعفاء "، هذه مسألة أخرى، البحث في الرواة أمر سهل، ارجع إلى كتب الجرح والتعديل، وكلام الأئمة حاكمٌ على الجميع، لكني أقول في هذا الموضع: إذا كنا نسلم أن المتقدمين مرة يصححون للضعيف ومرة يضعفون له، ورأينا أن المتأخرين – ووافقناهم نحن على ذلك – على إطلاق أن رواية الضعيف لا تقبل، فلماذا لا نجعل صنيع المتقدمين في المجهول وصنيع المتأخرين في المجهول مثل صنيع المتقدمين والمتأخرين في الضعيف ؟ ولا نتكلم على علمائنا ونرميهم بالتناقض، أو نرميهم بالجهل بطريقة القوم، أو نرمي علماءنا بأنهم ما أحسنوا فهم طريقة المتقدمين، مما يجعل الصبية ويجعل الأحداث والرعاع والضعفة وأحيانا يكون أيضا الذين ليس لهم أهلية بأن يكونوا من طلبة العلم يتجرءون فيقولون في ابن حجر كذا وفي الذهبي كذا، مما يجعل بعض الناس يتجرأ ويقول لا حاجة لنا بكتب المصطلح ولا بكتب المتأخرين، هذا من الخطأ وعدم وضع الشيء في موضعه الصحيح، وأنا أعدّ الذي يرمي المتأخرين بهذه الافتراءات .. ليس بموفق .. أنه ما وفقه الله في هذا الأمر، وقد يكون محروما، وقد حرم نفسه خيرا كثيرا عندما أعرض عن كلام المتأخرين ..
    أنا أريد أن أقول لتعرفوا فهم .. ولتعرفوا قدر .. لا أقول فهم ولكن أقول قدر خدمة المتأخرين لنا، وأننا عالة عليهم، شيء سهل جدا .. عندما تقرؤون في تهذيب الكمال أو في تهذيب التهذيب، ترَوْن المزي يقول " فلان بن فلان، روى عن فلان وفلان وفلان، روى عنه فلان وفلان وفلان "، وأحيانا يزيد المسألة بيانا وإيضاحا فيقول " روى عن فلان، ويشير برموز البخاري ومسلم وأبي داود والنسائي "، تصوروا أنتم كيف وصل المزي – رحمه الله – إلى هذه النتيجة، بأن فلانا هذا مشايخه كذا وكذا ويسوقهم على نسق وعلى حروف المعجم في التلامذة وفي الشيوخ، هذا نتيجة الحفظ، فكأنه – مثلا – عندما أراد أن يعرف مشايخ وتلامذة هذا الرجل أدار بخاطره وبذهنه جميع روايات هذا الرجل في كتب السنة، أو في الكتب التي اشترط أن يتكلم حولها، سواء كتب الأئمة الستة، أو في بعض الكتب الأخرى ... فجال بخاطره رواية هؤلاء وبسرعة خرج " يروي عن فلان في كذا وعن فلان في كذا " ، أنت الآن أيها الطالب الذي قد نفعك الله، وأنك قد أتيت بما لم يأت به الأوائل وتعرف ما لا يعرف هؤلاء الناس أنا أطلب منك أن تجمع لي تلامذة ابن لهيعة ومشايخ ابن لهيعة، بدون الرجوع إلى كتب الرجال، ماذا يقع للإنسان ؟؟ يمكن أن يبقى عمره كاملا ويقرأ كتب السنة المطبوعة والمخطوطة وينتظر المفقودة حتى يقف على روايات ابن لهيعة في كل هذه الكتب ويرى أن تلميذه فلان وشيخه فلان !! وأحيانا يكون للأئمة نقد آخر، يقولون روى عن فلان على قول فلان، أو كما قيل، يشككون في أن الشيخ هذا أو أن هذا الراوي شيخ لفلان في هذه الرواية، هذا علم ثاني .. علم العلل .. أدخلوه في هذا الموضع، فعرفوا الحديث وعرفوا ما حوله من كلام وإشكالات وكذا وكذا، وترجح عندهم أن ذكر هذا الرجل كشيخ لهذا التلميذ في هذه الرواية غير محفوظ، إنه من رواية فلان بن فلان، ذاك الذي تحته في السند، فأخطأ وخالفه فلان وفلان وفلان، حتى لم يسموا هذا الرجل شيخا له في هذه الرواية .. علم يا إخوان !! جهد عجيب !! إذا أردت أن تترجم لتلامذة ابن لهيعة ومشايخه تأخذ عمرك، فاحمد الله أنه قدر 8500 ترجمة عندك في تهذيب التهذيب، 8500 ترجمة أو نحوها أتتك بين يديك مذللة مسهلة لتستفيد منها .. ثم في النهاية .. هؤلاء الناس ما فهموا كلام المتقدمين .. هؤلاء الناس ما عرفوا .. وأنت عالة عليهم قلبا وقالبا وظاهرا وباطنا !! إذا قالوا ابن لهيعة روى عن فلان وروى عنه فلان، ولم يقولوا في الترمذي ولا في كذا ولا في كذا، أبهمها المزي، أنا أريد منك أن تثبت لي أين روى ابن لهيعة، أين شيخ ابن لهيعة هذا، وفي أي رواية ؟؟ في أي كتاب ؟؟ إذا لم يقل المزي " في الترمذي " .. فأنت الذي تبين لي أين رواية الترمذي .. هذا الرواي عن هذا الشيخ .. كيف تفعل ؟؟ تحتاج إلى قراءة واستقراء واطلاع، حتى تصل في النهاية .. رحمك الله بالمزي، فقال لك بين قوسين " ت " أو " خ " أو " م " أو "ع " .. رحمك الله بهذه الجهود، التي لو بقيت أنت وأمثالك وأمثالك ما وصلت إلى شيء منها يذكر، فمع ذلك – في النهاية – نتنقص هؤلاء القوم ونراهم لا يحسنون العلل !! سبحان الله !! من الذي علمنا العلل ؟؟ أنتم تعرفون من أين جاء العلماء بقواعد علوم الحديث هذه، أو ما يسميه الكثير من الناس بقواعد المصطلح ؟؟ أنا أريد من رجل لا يرى الاستفادة من كتب المصطلح أن يعرف لي الحديث الصحيح، متى يكون الحديث صحيحا، ويخبرني بأدلته في ما قال !! لن يأتي بجديد، بعد بحث طويل، وسيصدق عليه قول القائل: " تمخض الجبل فولد فأرا " ، ما أتى بشيء يذكر، إما أن يقول بقول المتقدمين هؤلاء أو ما يسمونهم بالمتأخرين، وإما أن يخالف فيخطئ، عندما قالوا الحديث الصحيح هو الذي يتصل إسناده .. هؤلاء عملوا .. أعطوا نظرة وتأملا لكتب العلل ولكتب التخاريج، ولأحكام الأئمة المتقدمين على الرواية وعلى الأحاديث، فرأوا الأئمة المتقدمين إذا كان الحديث فيه انقطاع جلي أو خفي لا يحكمون عليه بالصحة، واسقترؤوا هذا .. فقالوا: هذا معناه أن الحديث لا يكون صحيحا إلا إذا اتصل، ثم رأوا الأئمة المتقدمين إذا كان في الحديث رجل في عدالته أو في ضبطه طعن توقفوا في تصحيح روايته، قالوا إذن يشترط أن يكون راويه عدلا ضابطا، ثم رأوا الأئمة المتقدمين إذا كان فيه شذوذ .. مخالفة، لا يصححونه، قالوا: ولا يكون شاذا .. ولا يكون معللا .. إذن هذه الشروط ما جاءت من فراغ، ولا جلسوا تحت هذه النخلة أو هذه الشجرة، في الظلال وقالوا: نجلس ونقسم تقسيمات .. مصطلحات علم الكلام .. علماء الكلام الذين تكلموا في السفسطة .. جمعوا بين النقيضين وفرقوا بين المتماثلين .. علماء الحديث بهذه المثابة ؟؟ تأثروا بهذه الكتب ؟؟ صحيح يمكن أن يكون عندهم مبالغة في بعض المواضع، أو في تقرير تعريف من التعاريف أو حد من الحدود، لكن الأصل في ذلك أيضا هو خدمة ما عليه المتقدمون، وليس البعد بالناس والذهاب بهم والرغبة بهم عن طريق المتقدمين، إنها خدمة طريق المتقدمين .. قد تملون كثرة الكلام في هذه المسألة .. الحقيقة أن الكلام فيها ذو شجون .. وله أهميته، لاسيما وقد أُلِّفت في ذلك كتب، وعقد لذلك مجالس، ورُمي بهذه الكتب وهذه المجالس علماء، فمن حق هؤلاء العلماء علينا، ونحن لهم تبع، ونحن ننتمي لهذه الدعوة المباركة .. أننا ننتصر لهم، وأن نبين حقهم وفضلهم بالمعروف، دون تنقص ودون احتقار ودون ازدراء المخالفين لنا في ذلك، إننا نتكلم عن فكرة ولا يهمنا أن الذي يتكلم بهذه فلان بن فلان، أو ذاك أو زيد أو عمر، ما يهمنا هذا الشيء، إنما يهمنا هذه المقالة، ما حكمها وما مدى صحتها وما مقدار قوتها في ميزان النقد العلمي ؟؟ فباب الجهالة من جملة المسائل التي رمي بها أيضا العلماء .. كذلك التفرد .. باب الشذوذ .. أبواب كثيرة .. خلاصة هذا: أن ما أصاب فيه القائلون بمذهب المتقدمين والمتأخرين أنهم مسبوقون إليه، وما أخطئوا فيه فيمكن أن نلخصه في نقاط:
    - أوغروا صدور الشباب – بحسن نية، وهذا الذي نعتقده، أنهم قصدوا خيرا، ما قصدوا سب العلماء، وإنما قصدوا الدفاع عن هذا العلم ونصرته - على علمائهم.
    - أرادوا – بحسن نية – أن يسلخوا جهود وثمرة عدة قرون في هذه الأمة، ويضيعوا الاستفادة منها، ومآل كلامهم دفن هذه الثروة العظيمة التي هي حصيلة وثمرة هذه القرون التي تسمى بالمتأخرين، والتي ، كما عرفها بعضهم بأنها بعد انقطاع الإسناد، الإسناد الذي هو إسناد التصنيف والكتب المشهورة، وأما هذه الأمة – ولله الحمد – فقد اختصت بالإسناد، ولا يزال الإسناد فيها باقيا ولله الحمد، وذلك لأن الله حفظ لهذه الأمة هذا العلم المبارك، ألا وهو علم الإسناد، وإن كنا نرى من جهلة من ينتمي إلى الدعوة ومن ينتمي إلى العلم من يخذل عن علم الإسناد، ويقول " لسنا في زمن حدثنا وأخبرنا، ولسنا في حاجة لمعرفة صحيح وضعيف، الناس وصلوا للقمر وأنتم عندكم صحيح وضعيف .. " ، أنا أعتقد أن قائل ذلك غير ملم بالموضوع، إن لم يكن والعياذ بالله قد زج به للطعن في هذا الدين، لأنه ما أثر الطعن في علم الإسناد إلا عن الزنادقة .. لا أستطرد بعيدا عن المسألة التي أنا بصددها .. فإني أرى أن الذين ولجوا هذا الباب أوغروا صدور الشباب على العلماء، وأراهم يعتدون برأيهم وكأنه وحي، نسأل الله العفو والعافية، وأراهم ينزلون أنفسهم خلاف ما هم عليه، فإنهم يظنون أنهم أتوا بما لم يأت به الأوائل، وعرفوا ما لم يعرفه فلان وفلان، وكأن هذا الدين قد اندرس، أليس النبي عليه الصلاة والسلام قال: إن الله يبعث لهذه الأمة كل مائة عام من يجدد لها دينها ؟؟ من سنة 800 إلى الآن ما أحد عرف هذا العلم إلا اليوم ؟؟ من بعد ما انقطع الإسناد وتصنيف الكتب ما أحد عرف هذا العلم إلا في زماننا ؟؟ أين تجديد الدين ؟ وإذا كان علم الحديث قد اندرس فأين الدين الذي انجدد، فأنا أحذر الشباب من أن يكونوا أذنا صاغية لكل كلمة، ولكل غريب، لأني أعرف أن كثيرا من الشباب يعجبهم الغريب، وصدق عبد الله بن المبارك " العلم ما جاء من ههنا وههنا وههنا وههنا "، أي من جميع الجهات، العلم هو المشهور، المشهورات هي التي عليها العلم، وهي التي عليها المعلوم من الدين بالضرورة، وواجبات الدين، فأكثر الغرائب ضعاف، ولا يتتبع الغريب إلا الغريب، و يتتبع الشواذ إلا الشاذ، لكن أريد أن أقول: بعد أن بينت حكم المسألة، ما أريد أيضا لطلبة العلم أن يغالوا في الحط على المخالفين لهم هذه المسألة، فمنهم من يقول ليس عندهم علم بالكلية .. لا .. الأمر ليس كذلك .. عندهم علم وعندهم اطلاع، ولكن ما كل من أوتي العلم يوفق في وضعه في موضعه، ورب رجل يكون عنده العلم الكثير وهو ينظر إلى العلماء هذه النظرة فلا يوفق، ويحرم الخير الكثير، فلا نريد أن نرمي المخالف لنا بأنه يريد الظهور ويريد أن يعرف .. خالف تعرف .. ما نريد أن ندخل في النوايا ولا في الضمائر، يهمنا أن نرد على المسألة العلمية، فإذا سقطت المسألة العلمية سقط هذا القول، أما نية القائل .. فنحسن بالناس الظنونا، ونرجو لهم الخير وندعو لهم بالخير ونطلب من الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذه الفئة وهذه الطائفة من أنصار الحق والهدى، فإنهم والله لو نصروا هذا الحق وأدخلوا في قلوب الشباب حب العلماء وتوقيرهم وإجلالهم وإكبارهم، سواء المتقدم منهم أو المتأخر، فإنهم بذلك والله قوة لدعوتنا وعضد وساعد لنا في هذه الدعوة، وإنا لنتحسر والله – ولا نحب أن نتكلم – عندما نرى هذه الطاقات وهذا الفهم وهذا الإقبال وهذا الجد وهذا الاجتهاد تتجه هذا الاتجاه، أسأل الله سبحانه وتعالى أن يردنا جميعا للحق ردا جميلا، وأن لا يجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا وأن يوفقنا لقول الحق، وجزاكم الله خيرا.


    سؤال: هل القائلون بهذا القول هم جميعا على قول سواء ؟؟


    جواب: ليسوا في ذلك سواء، هناك من ادعى على المتقدمين والمتأخرين قولا، وهناك من ينفي هذا القول، وما أحد يقلد أحدا، إنما نحن نتفق معهم – على جميع أصنافهم – بأن كلام المتقدمين له وجاهته وله مكانته ولا يسهل على النفس تجاوزه أو عدم المبالاة به، لكن المسائل التي تكلمنا عليها من قبل لا نقرهم عليها .. هناك أيضا بعض المسائل حول المجهول .. بعض طلبة العلم يرى أن هذا المجهول ينظر في حديثه ويحكم عليه بما يستحق، فإذا سئل عن رجل مجهول قد روى حديثا يقول: هاتوا ننظر هذا المتن، هل هو يوافق الأصول والمنقول أم يخالف، فإن وافق بقية روايات السنة وظاهر القرآن والسنة فيكون المتن صحيحا، وبذلك يكون الراوي ثقة، وإذا كان هذا المتن يخالف المنقول أو المعقول أو غير ذلك فإنه يكون ضعيفا أو منكرا وبذلك يكون ضعيفا، فعلى ذلك – بهذا القول – يلزمهم أن طبقة المجهول وقسم المجهول يمحى من الوجود، لماذا ؟ لأن أي راوي إذا روى رواية يكون عندنا أحد أمرين، إما خالف المنقول وإما وافقه، فإن خالف فضعيف وإن وافق فثقة، إذن متى يكون المجهول مجهولا ؟؟ لا يوجد مجهول !! وإذا قالوا: نعم، يأتي علينا وقت نكون فيه قد مررنا على جميع من وصف بالجهالة وقد عرفنا حاله مدحا أو قدحا، فإذا وصل بهم الأمر إلى ذلك فنستطيع حينذاك أن نقول " أنتم خالفتم مذهب المتقدمين " ! لأن المتقدمين عندهم قسم اسمه مجهول، فإذا أنتم ألغيتم هذا القسم فأنتم خالفتم مذهب المتقدمين، وليس العلماء.
    هناك مسألة التفرد .. يقولون: إن المتقدمين كانوا يردون الروايات إذا تفرد صاحبها، فيأتي المتأخر، الذي لا يفهم كلامهم ولا يعرف مرادهم ولا يدرك غور كلامهم، فإذا به يقول – متعقبا قول أحد الأئمة المتقدمين " تفرد به فلان ": فلان ثقة وتفرده مقبول، فهذه علة عليلة، فيقول: إنه لم يفهم أن التفرد علة عند المتقدمين، فأقول: التفرد ليس دائما علة عند المتقدمين .. المتقدمون أحيانا يعلون بالتفرد، وأحيانا – وهو الغالب – يقبلون رواية الثقة وإن تفرد، لأنه لا يشترط في الثقة أن يتابع، ولا يشترط في الحديث الصحيح أن يأتي من وجهين فثلاثة فأكثر، الأصل أن الثقة وحده يكفي، وقد قامت الأدلة بقبول خبر العدل، ولو قلنا بأن خبر الواحد لا يكفي لذهبنا إلى المعتزلة ... أريد أن أنبه إلى أنك لو تأملت الأحاديث التي قال فيها الأئمة " هذا الحديث تفرد به فلان ولم يتابع عليه " مع أن فلانا هذا ثقة، وقد يكون ثقة ثبتا، بل وقد يكون مالك بن أنس، ومع ذلك ترى بعض الأئمة يقول " هذا الحديث رواه مالك ولم يتابع عليه " ، هل معنى ذلك أننا كلما انفرد مالك بحديث لا نقبله ؟ لا ! متى يقول العلماء هذه الكلمة ؟ متى يقولها العلماء في الثقة أو في الثقة الثبت أو في الإمام الحافظ، ويقولون هذه الكلمة معلِّين بها هذه الرواية ؟ إنما يقولون هذا إذا ظهرت نكارة في السند أو في المتن ! وإلا فلا يقولونها، فإن التفرد مقبول من الثقة ! فيأتي بعض من لا يحسن هذه المسألة فيقول إن الأئمة يضعفون بالتفرد، والمتأخرون يقبلون التفرد !! والحقيقة ليست كذلك .. الأئمة يضعفون بالتفرد ويذكرون التفرد علةً إذا كان لهذه العلة وجاهة، في نكارة سند أو متن، أما إذا لم يكن لها وجاهة فلا، وقد مررت في سؤالات ابن معين على أمثلة كثيرة في هذا، وقد مررت في كتب العلل على أمثلة كثيرة في هذا – حتى أني الآن لا أستحضر مثالا – توضح أنهم أعلوا بالتفرد على سبيل الإعلال لا على سبيل الإخبار، ما أعلوا بالتفرد إلا وهناك نكارة في سند أو في متن، أم مجرد أن يشير العلماء إلى أن هذا الحديث تفرد به فلان أو لم يروه عن فلان إلا فلان كما يفعله البزار والطبراني في معاجمه وأبو نعيم في الحلية وابن أبي شيبة، عندما يقول تفرد به فلان .. مع أنهم لا يسلم لهم في كثير من المواضع، صرحوا بالتفرد وكان هناك من يتابع ويقوي .. يصيب في بعض المواضع بإطلاق التفرد .. لكن في كثير من المواضع يقولون ذلك لا على سبيل الإعلال، فترى البزار أحيانا يقول " تفرد به فلان " ويصحح الحديث، فإذا كان ذكر التفرد على سبيل الإخبار فهذا أمر ليس له صلة بالإعلال، أما إذا كان ذلك على سبيل الإعلال فلذلك علة أخرى ولا يلزم الناقد أن يذكر كل أدلته في العلة .. علة أخرى في السند أو في المتن .. كأن يكون هذا المتفرد - إذا لم يكن بذاك في التفرد - يروي عن شيخ قد اشتهر بكثرة حديثه وكثرة تلامذته، ثم يروي عنه أصلا، فيقال في هذه الحالة: أين تلامذة فلان ؟؟ أين فلان وفلان الذي ما رووا هذه الزيادة، أو هذا الحديث، حتى تفرد به فلان وإن كان صدوقا، وإن كان ثقة ؟؟ إذن هناك قرائن، ليس التفرد دائما دليل على العلة، ولكن إذا كان هناك مسوغ لهذه العلة فإنهم يعرجون على التفرد، هذه مسألة مهمة جدا، وينبغي أن تتنبهوا لها، وهي ما تأتي إلا بالاستقراء والمتابعة لكلام أهل العلم، فإنك تجد لذلك أمثلة، فإذا وفقك الله لسعة الحصيلة وكثرة الاطلاع وإلى ممارسة هذا الفن وإلى مذاكرة أهل العلم .. حذار حذار أن تنصرف عن الأئمة الكبار وعن العلماء وعن المشايخ، الذين لهم أكثر من خمسين أو ستين سنة وهم يبحثون في هذا العلم، ثم تنصرف عنهم وتبدأ بأخذ هذا العلم عن حدثٍ صغير قد لا يحسن ما يتكلم به .. لا بد أن تفهم هذا .. مذاكرة أهل العلم، أهل الممارسة وأهل الخبرة، ولعلكم كنتم تسمعون كثيرا في الأسئلة التي كنت ألقيها على شيخنا محمد ناصر الدين الألباني، فكان كثيرا ما يقول: هناك علم جلي، وهناك علم خفي !! العلم الخفي : الممارسة والخبرة !! وللعجب أننا نقبل كلام المتمرسين في الصناعات الدنيوية، في النجارة، في الحدادة، في ورشة، في مستشفى، أما إذا جئنا عند علماء الحديث قلنا إنهم لا يحسنون الفهم ! فهذا – والعياذ بالله – من سوء الفهم، والله المستعان.

    انتهى.


    أهم مادة للشيخ في هذه المسألة هي عنعنة أبي الزبير عند المتقدمين والمتأخرين في هذا الرابط
    http://www.sulaymani.net/catplay.php?catsmktba=150

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    551

    افتراضي رد: أسئلة أجاب عنها الشيخ أبو الحسن المأربي عن مسألة المتقدمين و المتأخرين في الحديث

    بارك الله فيكم.
    هذا كلام متين.
    وقد سمعت الشيخ أسامة القوصي يقول عن هؤلاء:
    (خوارج حديث!).

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,089

    افتراضي رد: أسئلة أجاب عنها الشيخ أبو الحسن المأربي عن مسألة المتقدمين و المتأخرين في الحديث

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علي الفضلي مشاهدة المشاركة

    وقد سمعت الشيخ أسامة القوصي يقول عن هؤلاء:
    (خوارج حديث!).
    يبدو أن لوثة (خوارج) _بغير حق_ لا تنفك عن ذهن من أخطأ في مسائل الإيمان ولم يحررها على أصول أهلها حتى ألزقوها في كل رأي لمن خالفهم
    ترويجا لكلامه وإنفاقا له في سوق أتباعه والبائعين عقولهم له يصرفها كيف شاء

    وقد نبهت إخواني ممن يحمل هذا الفكر ونبه غيري من العلماء على فساد هذه الطريقة الخلفية
    وبينوا الفرق بين المسائل الاعتقادية والأصولية وبين المسائل الفرعية والعلمية
    وبينوا كيفية التعامل مع من أخطأ في دقيق العلم وبين من أخطأ في جليه
    وبينوا الفرق بين مسائل الاجتهاد ومسائل الخلاف
    وبينوا الفرق بين الخلاف السائغ المعتبر وعكسه
    وكلام أبي العباس ابن تيمية وغيره في هذا كثير محكم منتشر

    لكن القوم بضاعتهم في العلم مزجاة
    وكثيرا ما يخطئوا في تنزيل العلم النظري على الواقع العملي

    أسأل الله لهم الهداية والزيادة من العلم النافع

    ولا أدري كيف يأخذ العلم على من يقرر في دروسه أن مشايخ الاسكندرية ليسوا بسلفيين لأنهم يدرسون الفقه على أحد المذاهب الأربعة ومتون في المذاهب الأربعة

    فمن كان هذا مبلغ علمه كيف يؤخذ بقوله في دقائق علم الحديث

    اللهم اكشف عنا هذه الغربة وأرحنا من لوثة التعالم التي عصفت بعقول الطلبة والجدد من طلاب الحق
    قال السراج البلقينـي في محاسن الاصطلاح ص176:
    " لكن الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض "

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,089

    افتراضي رد: أسئلة أجاب عنها الشيخ أبو الحسن المأربي عن مسألة المتقدمين و المتأخرين في الحديث

    وفقكم الله

    تقدم الكلام عن مسألة التفريق بين منهج المتقدمين والمتأخرين في علم الحديث والنقد والتعليل

    فهذا مما قتل بحثا على المنتديات كملتقى أهل الحديث وهنا وغيرها وفي الكتب أيضا

    لذلك سأكتفي بالإحالة على بعض الراوبط التي عالجت هاتين المسألتين


    لكني أريد أن أنبه هنا على أمر تقدم التنبيه عليه في بعض الروابط المحال عليها وهو أن بعض ما يقوله المخالفون لهذه الدعوة حق لكن أصحاب هذه الدعوة لم يخالفوه ولم يقولوا بنقيضه وإنما ألزق بهم خطأً إما لقلة الاطلاع على كلامهم في كتبهم وأشرطتهم وإما تنفيرا عن أشخاصهم ثم عن دعوتهم لاختلافهم معهم في أمور أخرى وإما كذبا وزورا لضعف الحجة وقلة العلم وغلبة الهوى

    ونحسب الشيخ المأربي سدده الله من الصنف الأول

    فمن هذه الأمور وهي كثيرة اتهامهم لهم بأنهم يزهدون بعلم المتأخرين وينفرون الطلبة من كتبهم وجهودهم
    وهذه فرية ما بعدها فرية
    وأين هذا في كتب القوم أو أشرطتهم وأين هو في منطوقهم أو مفهوم كلامهم أو عامه أو خاصه....
    بل أشرطتهم وكتبهم طافحة في الحث على الاعتناء بجهود المتأخرين والاستفادة منها في فهم كلام المتقدمين

    لكن ذنبهم الوحيد أنهم أحيوا في قلوب طلبة العلم اليوم الاعتناء بكلام المتقدمين والتنبيه على أنه إذا خالف تقعيد أو تقرير المتأخر لتقعيد أو تقرير أو عمل المتقدم قدم المتقدم لعلمه وجلالته والاتفاق على صحة منهجه

    ذنبهم أنهم دعوا إلى سبر كلام المتقدمين وضم النظير إلى نظيره ومعرفة علة الفرق والجمع في أحكامهم كما فعل الحافظ ابن رجب وغيره
    وما زال في كل عصر من العصور من يسلك هذه الطريقة من المحققين في علم الحديث وغيره
    فعلم السلف أولى ما ضيع الوقت في معرفة قواعده وأصوله وعلله

    وما برز من برز من المتأخرين إلا لأنه انسلخ عن رتابة أهل عصره في هجر كلام السلف والتفقه فيه ومعرفة مآخذ أحكامهم
    وهذا في شتى العلوم كالعقائد والفقه والعربية لا يقتصر على علم الحديث

    فالدعوة إلى هذا المنهج من صميم السلفية ومنهج أهل الحق أقصد الدعوة إلى الاعتناء بكلام السلف وأحكامهم وسبره

    وإلا فإننا نعذر بعض إخواننا في مخالفتهم لنا في هذه القضية وإن رمونا بالبدعة وأمروا بهجرنا
    فإن فقه الخلاف وأدب الطلب مغيب عند أكثرهم

    فعلم الحديث ما زال حيا وكثير من مباحثه ومسائله تحتاج إلى تحرير واستقراء وتقييد وتفصيل يعلم هذا أهل الشأن والاختصاص

    فهل ترضون أن تهمكم بأنكم تسدون باب الاجتهاد كما اتهمتمونا بذلك

    ومما ألزق زورا بهذه الدعوة وأصحابها أنهم لا يرون تقوية الخبر بالشواهد والمتابعات
    وهذا يقال فيه ما قيل في سابقه

    وإنما ذنب القوم أنهم أنكروا توسع المتأخرين كالسيوطي وغيره في هذه المسألة
    أنكروا التوسع ولم ينكروا أصل المسألة
    ووضعوا بعض الشروط التي فهموها من كلام المتقدم وأحكامه وغفل هنا بعض المتاخرين والمعاصرين
    وكيف ينكرون شد الخبر بآخر وهو مقرر في كلام أئمتهم الذين يدعون إلى انتهاج منهجهم كعبد الله بن المبارك والشافعي وأحمد وغيرهم

    أكتفي بهاتين التهمتين لأن أصحاب هذه الدعوة بينوا حقيقة دعوتهم أحسن بيان وتبرؤوا من هذه التهم في أكثر من موضع

    وطالب الحق لا يأخذ مذهب عالم أو جماعة من كلام من خالفه مطلقا إلى مع بعض أهل البدع لا كلهم
    فكيف وكتب ذاك العالم ناطقة ببيان منهجه وفي متناول اليد



    المقصود أن بعض الطلبة يقف على هذا الحق في كلام المخالفين لهذه الدعوة فيحكم بصواب قولهم قبل التحقق من صحة تبني المردود عليه لهذا القول الذي بان له بطلانه أم لا

    وهذا بعيد عن التحقيق والتدقيق وليس هو من الحزم في العلم وطلبه
    قال السراج البلقينـي في محاسن الاصطلاح ص176:
    " لكن الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض "

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,089

    افتراضي رد: أسئلة أجاب عنها الشيخ أبو الحسن المأربي عن مسألة المتقدمين و المتأخرين في الحديث

    قال السراج البلقينـي في محاسن الاصطلاح ص176:
    " لكن الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض "

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,089

    افتراضي رد: أسئلة أجاب عنها الشيخ أبو الحسن المأربي عن مسألة المتقدمين و المتأخرين في الحديث

    وأسأل الله أن يطرح البركة في الوقت للعودة إلى كلام الشيخ المأربي والجواب عنه بالتفصيل
    قال السراج البلقينـي في محاسن الاصطلاح ص176:
    " لكن الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض "

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    128

    افتراضي رد: أسئلة أجاب عنها الشيخ أبو الحسن المأربي عن مسألة المتقدمين و المتأخرين في الحديث

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمجد الفلسطيني مشاهدة المشاركة
    يبدو أن لوثة (خوارج) _بغير حق_ لا تنفك عن ذهن من أخطأ في مسائل الإيمان ولم يحررها على أصول أهلها حتى ألزقوها في كل رأي لمن خالفهم
    ترويجا لكلامه وإنفاقا له في سوق أتباعه والبائعين عقولهم له يصرفها كيف شاء
    وقد نبهت إخواني ممن يحمل هذا الفكر ونبه غيري من العلماء على فساد هذه الطريقة الخلفية
    وبينوا الفرق بين المسائل الاعتقادية والأصولية وبين المسائل الفرعية والعلمية
    وبينوا كيفية التعامل مع من أخطأ في دقيق العلم وبين من أخطأ في جليه
    وبينوا الفرق بين مسائل الاجتهاد ومسائل الخلاف
    وبينوا الفرق بين الخلاف السائغ المعتبر وعكسه
    وكلام أبي العباس ابن تيمية وغيره في هذا كثير محكم منتشر
    لكن القوم بضاعتهم في العلم مزجاة
    وكثيرا ما يخطئوا في تنزيل العلم النظري على الواقع العملي
    أسأل الله لهم الهداية والزيادة من العلم النافع
    ولا أدري كيف يأخذ العلم على من يقرر في دروسه أن مشايخ الاسكندرية ليسوا بسلفيين لأنهم يدرسون الفقه على أحد المذاهب الأربعة ومتون في المذاهب الأربعة
    فمن كان هذا مبلغ علمه كيف يؤخذ بقوله في دقائق علم الحديث
    اللهم اكشف عنا هذه الغربة وأرحنا من لوثة التعالم التي عصفت بعقول الطلبة والجدد من طلاب الحق
    بارك الله فيك
    لا شك ان رمي الشخص من خالفه انه خارجي في مسألة ليس لها علاقة بمنهج الخوارج خطأ ظاهر ومثلهم الذين يرمون من خالفهم انهم مرجئة في مسألة ليس لها علاقة بمنهج المرجئة
    و كل صنف يرمي الاخر بعدم تحرير منهج أهل السنة في الإيمان
    إسأل الله ان يصلحني و الصنفين و يرزقنا الإنصاف و الوسطية و إتباع منهج العلماء الكبار في النوازل العصرية

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,089

    افتراضي رد: أسئلة أجاب عنها الشيخ أبو الحسن المأربي عن مسألة المتقدمين و المتأخرين في الحديث

    أرجو عدم الخروج عن الموضوع
    قال السراج البلقينـي في محاسن الاصطلاح ص176:
    " لكن الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض "

  9. #9

    افتراضي رد: أسئلة أجاب عنها الشيخ أبو الحسن المأربي عن مسألة المتقدمين و المتأخرين في الحديث

    لسم ا لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد أرى أن علم الحديث يحتاج الى مدرسة حديثية مجتهدة تسعى الى خدمة الحديث على ثلاثة مستويات ضرورية لبلورته و الدفع به الى الأمام و هذه المستويات هي:1/على مستوى التخريج و سبر طرق الأحاديث:لا بد من تأسيس مدرسة حديثية على هذا المستوى فتعكف على كتب الحديث التي ما زالت موجودة قبل اندراسها لتؤلف موسوعة أطراف تخريجية تشمل عمل الحافظ المزي و الحافظ البوصيري و الحافظ ابن حجر و الطرابلسي ثم تضيف الى هذا الصرح الشامخ ما تم العثور عليه بعد تحقيقه من الكتب و حينئذ سيتبين من المخطئ ومن الصائب من الذين حكموا على الحديث و ذلك لأن مذهب المتقدمين و المتأخرين سواء و هو أن الباب اذا لم نجمع جميع طرقه لا يمكننا الحكم عليه 2/و من مهام هذه المدرسة الحديثية أيضا تأليف موسوعة في علم الرجال تنطلق من كتاب المزي ثم الكتب الأخرى التي اعتنت برجال الأسانيد في الصحاح و ما كان على شرطها و السنن و ما كان على شرطها و المسانيد و الأجزاء الحديثية و المعاجم و الموطآت الخ...فهذا جانب مكمل للأول بل لا يستغني عنه 3/التمييز بين المدارس الحديثية و التحكيم بينها فيما اختلفت فيه فمن المعلوم عند المحدثين أنه توجد مدارس متشددة وأخرى معتدلة و أخرى متساهلة فكيف نوفق بينها و من ذلك بعض تهذيب بعض أعمال الجهابذة بعد التدقيق فمثلا أنا أبحث منذ سنين حول حديث من تكلم فيه من رجال الشيخين و قد دفعني ذلك الى البحث حول ظاهرتين أساسيتين هما:التليس و الاختلاط أما التدليس فقد وجدت تحفظا حول تقسيم ابن حجر للمدلسين الى خمس طبقات و ذلك لأنني وجدته أدرج في الطبقة الثالثة و هي التي لا يقبل من رواية أهلها الا ما صرحوا بالتحديث به و منهم أبي الزبير و ابن جريج و الوليد ابن مسلم و جماعة من رجال الصحيحين أو أحدهما و قد خرجوا لهم بالعنعنة في حين بين الذهبي أنهم جرحوا بما لا يرد حديثهم و كذلك فيما يخص بالاختلاط أو التخريف فان ابن السبط العجمي و ابن الكيال ميزا فيما يخص بثقات هذه الفئة بعض من روى عنهم بعد الاختلاط فاذا به يروي عنهم في الصحيحين أو أحدهما الخ...و للحديث بقية

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    128

    افتراضي رد: أسئلة أجاب عنها الشيخ أبو الحسن المأربي عن مسألة المتقدمين و المتأخرين في الحديث

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمجد الفلسطيني مشاهدة المشاركة
    أرجو عدم الخروج عن الموضوع
    كلامي - بارك الله فيك - تعليق على مشاركتك و لم أخرج عن ما تضمنته مشاركتك فإن كانت مشاركتك تضمنت خروج عن الموضوع !! فأرجوك ان لا تخرج فأنا لا أسمح لك بالخروج عن موضوعي ( إبتسامة )

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    128

    افتراضي رد: أسئلة أجاب عنها الشيخ أبو الحسن المأربي عن مسألة المتقدمين و المتأخرين في الحديث

    وقد قام إبن عقيل في موضوعه بنقل هذه الأسئلة و نسبها للشيخ مقبل - رحمه الله - و هذا خطأ يستغرب كيف يحدث
    رابط موضوع إبن عقيل المشار إليه
    http://majles.alukah.net/showthread....E3%C3%D1%C8%ED

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    128

    افتراضي رد: أسئلة أجاب عنها الشيخ أبو الحسن المأربي عن مسألة المتقدمين و المتأخرين في الحديث

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمجد الفلسطيني مشاهدة المشاركة
    وأسأل الله أن يطرح البركة في الوقت للعودة إلى كلام الشيخ المأربي والجواب عنه بالتفصيل
    امين نسأل الله ان يسر لك ذلك حتى تفيدنا

  13. #13

    افتراضي رد: أسئلة أجاب عنها الشيخ أبو الحسن المأربي عن مسألة المتقدمين و المتأخرين في الحديث

    بارك الله فيك
    كلام طيب ونفيس

  14. #14

    افتراضي رد: أسئلة أجاب عنها الشيخ أبو الحسن المأربي عن مسألة المتقدمين و المتأخرين في الحديث

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ولد برق مشاهدة المشاركة
    هناك مسألة التفرد .. يقولون: إن المتقدمين كانوا يردون الروايات إذا تفرد صاحبها، فيأتي المتأخر، الذي لا يفهم كلامهم ولا يعرف مرادهم ولا يدرك غور كلامهم، فإذا به يقول – متعقبا قول أحد الأئمة المتقدمين " تفرد به فلان ": فلان ثقة وتفرده مقبول، فهذه علة عليلة، فيقول: إنه لم يفهم أن التفرد علة عند المتقدمين، فأقول: التفرد ليس دائما علة عند المتقدمين .. المتقدمون أحيانا يعلون بالتفرد، وأحيانا – وهو الغالب – يقبلون رواية الثقة وإن تفرد، لأنه لا يشترط في الثقة أن يتابع، ولا يشترط في الحديث الصحيح أن يأتي من وجهين فثلاثة فأكثر، الأصل أن الثقة وحده يكفي، وقد قامت الأدلة بقبول خبر العدل، ولو قلنا بأن خبر الواحد لا يكفي لذهبنا إلى المعتزلة ... أريد أن أنبه إلى أنك لو تأملت الأحاديث التي قال فيها الأئمة " هذا الحديث تفرد به فلان ولم يتابع عليه " مع أن فلانا هذا ثقة، وقد يكون ثقة ثبتا، بل وقد يكون مالك بن أنس، ومع ذلك ترى بعض الأئمة يقول " هذا الحديث رواه مالك ولم يتابع عليه " ، هل معنى ذلك أننا كلما انفرد مالك بحديث لا نقبله ؟ لا ! متى يقول العلماء هذه الكلمة ؟ متى يقولها العلماء في الثقة أو في الثقة الثبت أو في الإمام الحافظ، ويقولون هذه الكلمة معلِّين بها هذه الرواية ؟ إنما يقولون هذا إذا ظهرت نكارة في السند أو في المتن ! وإلا فلا يقولونها، فإن التفرد مقبول من الثقة ! فيأتي بعض من لا يحسن هذه المسألة فيقول إن الأئمة يضعفون بالتفرد، والمتأخرون يقبلون التفرد !! والحقيقة ليست كذلك .. الأئمة يضعفون بالتفرد ويذكرون التفرد علةً إذا كان لهذه العلة وجاهة، في نكارة سند أو متن، أما إذا لم يكن لها وجاهة فلا، وقد مررت في سؤالات ابن معين على أمثلة كثيرة في هذا، وقد مررت في كتب العلل على أمثلة كثيرة في هذا – حتى أني الآن لا أستحضر مثالا – توضح أنهم أعلوا بالتفرد على سبيل الإعلال لا على سبيل الإخبار، ما أعلوا بالتفرد إلا وهناك نكارة في سند أو في متن، أم مجرد أن يشير العلماء إلى أن هذا الحديث تفرد به فلان أو لم يروه عن فلان إلا فلان كما يفعله البزار والطبراني في معاجمه وأبو نعيم في الحلية وابن أبي شيبة، عندما يقول تفرد به فلان .. مع أنهم لا يسلم لهم في كثير من المواضع، صرحوا بالتفرد وكان هناك من يتابع ويقوي .. يصيب في بعض المواضع بإطلاق التفرد .. لكن في كثير من المواضع يقولون ذلك لا على سبيل الإعلال، فترى البزار أحيانا يقول " تفرد به فلان " ويصحح الحديث، فإذا كان ذكر التفرد على سبيل الإخبار فهذا أمر ليس له صلة بالإعلال، أما إذا كان ذلك على سبيل الإعلال فلذلك علة أخرى ولا يلزم الناقد أن يذكر كل أدلته في العلة .. علة أخرى في السند أو في المتن .. كأن يكون هذا المتفرد - إذا لم يكن بذاك في التفرد - يروي عن شيخ قد اشتهر بكثرة حديثه وكثرة تلامذته، ثم يروي عنه أصلا، فيقال في هذه الحالة: أين تلامذة فلان ؟؟ أين فلان وفلان الذي ما رووا هذه الزيادة، أو هذا الحديث، حتى تفرد به فلان وإن كان صدوقا، وإن كان ثقة ؟؟ إذن هناك قرائن، ليس التفرد دائما دليل على العلة، ولكن إذا كان هناك مسوغ لهذه العلة فإنهم يعرجون على التفرد، هذه مسألة مهمة جدا، وينبغي أن تتنبهوا لها، وهي ما تأتي إلا بالاستقراء والمتابعة لكلام أهل العلم، فإنك تجد لذلك أمثلة،
    مما قاله الشيخ :
    ((التفرد ليس دائما علة عند المتقدمين ..
    الأئمة يضعفون بالتفرد ويذكرون التفرد علةً إذا كان لهذه العلة وجاهة، في نكارة سند أو متن، أما إذا لم يكن لهاوجاهة فلا،
    ما أعلوا بالتفرد إلا وهناك نكارةفي سند أو في متن،
    علة أخرى في السند أو في المتن...كأن يكون هذا المتفرد - إذا لم يكن بذاك في التفرد - يروي عن شيخ قد اشتهر بكثرةحديثه وكثرة تلامذته، ثم يروي عنه أصلا، فيقال في هذه الحالة: أين تلامذة فلان ؟؟أين فلان وفلان الذي ما رووا هذه الزيادة، أو هذا الحديث، حتى تفرد به فلان وإن كانصدوقا، وإن كان ثقة ؟؟ إذن هناك قرائن، ليس التفرد دائما دليل على العلة، ولكن إذاكان هناك مسوغ لهذه العلة فإنهم يعرجون على التفرد، هذه مسألة مهمة جدا))
    هذا ـ في الحقيقة ـ عين ما يدعو إليه من يقول بهذا التفريق !
    وما علمت من يقول برد الحديث لمجرد التفرد ...
    ولك أن تنظر مثلا ((شرح منظومة لغة المحدث)) لصاحبه طارق عوض الله ...
    أو ((الحديث المنكر )) لصاحبه عبد الرحمن السلمي ...
    ويراجع أيضا دروس المشايخ : الشريف العوني وعبد الله السعد
    وجماعة من المتأخرين والمعاصرين لا يرون الذي ذكره الشيخ المأربي، فيقبلون التفرد -مطلقا- عمن يجمع حديثهم بأصل !
    بل منهم من يتوسع حتى يقوي مفاريد الضعفاء بالشواهد وإن كانت من هذا النوع !
    وفي بقية كلام الشيخ ما يحتاج إلى تعليق ، إلا أن هذه النقطة أهم ما استوقفني الآن، والله أعلم .

  15. #15

    افتراضي رد: أسئلة أجاب عنها الشيخ أبو الحسن المأربي عن مسألة المتقدمين و المتأخرين في الحديث

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمجد الفلسطيني مشاهدة المشاركة
    وأسأل الله أن يطرح البركة في الوقت للعودة إلى كلام الشيخ المأربي والجواب عنه بالتفصيل
    بانتظاركم يا شيخ .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •