رمضان.. كيف نستقبله؟ وكيف نغتنمه؟
السيد العربي بن كمال
تقديم:
إن الحمد لله - تعالى - نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ به من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله اللهم صلى على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وآل بيته كما صليت على آل إبراهيم انك حميد مجيد،
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) 102: آل عمران.
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَـقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) 1: النساء.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلً سَدِيدًا * يُصْلِـحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) 71: الأحزاب.
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وبعد:
فإن شهر رمضان من الأزمان التي لها عند المسلمين مكانةٌ عظيمةٌ، هذه المكانة ليست مجرد شجون وتقدير لما لا يرتبطون به، لا بل هي مكانةٌ ترتبط بها القلوب والأبدان لما تجده النفوس من بهجةٍ وفرحةٍ واطمئنان وحب للخيرات وفعل للطاعات وتهيؤ عظيم في القلوب ولين في الأبدان لفعل الخيرات وترك المنكرات، ولاشك أن هذا يشعر به كل مسلم وإن قل إيمانه؛ لأن شهر رمضان هو زمنُ لين القلوب واطمئنانها ولو نسبياً، وزمنُ تعاون الناس على كثير من البر والطاعات، وفعل الخيرات، فأنت ترى الناس تختلف مسالكهم في رمضان عن غيره لوقوع الصيام منهم جماعة مما يجعل لهم صورة جماعية طيبة في بعض الأمور كاجتماع الناس في البيوت للإفطار حتى تخلو الطرقات في القرى والمدن من المارة إلا القليل، والتي لا تكون كذلك في مثل هذه الأوقات في غير رمضان، وغير ذلك من المظاهر الجماعية والتي تحدث في رمضان ولا يمكن أن تحدث في غيره باستقراء الواقع إلا أن يشاء الله شيئا، وذلك -مثلا - مثل اجتماع الناس على قيام رمضان، ومثل امتلاء المساجد في صلاة الفجر على غير عادة الناس في غير رمضان في أزماننا، هذا وغيره كثير يدل دلالة واضحة على تلك المكانة التي هي لهذا الشهر في قلوب العامة والخاصة من المسلمين، وتلك المكانة التي تكون في القلوب تتفاوت في قلوب المسلمين بما يترتب عليه تفاوتا بينا في مسالكهم وعاداتهم في هذا الشهر أفرادا وجماعات، وهذا التفاوت ليس هو فقط في المقدار والأثر والقوة لا بل هو أيضا في نوعه بمعنى أنه ليس فقط تفاوتا في كمه وقوته بل في كيفيته ونوعيته، وصدق ربنا إذ يقول: ( إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) 4: الليل.
نعم فإن سعى الناس عموما في أمر دينهم ودنياهم لشتى خاصة في مثل تلك الأزمان الفضيلة، فبين مقدر لقدره ومضيع، وكاسب وخاسر، وموفق ومغبون، وضال ومهتد، وتقي وفاجر عافانا الله من التضيع والخسران والغبن والضلال والفسوق والكفران، وجعلنا بفضله ومنه وجوده من المؤمنين الفائزين في الدنيا والآخرة في رمضان وغيره من شهور العام، آمين.
أيها الأخوة الكرام: كيف نستقبل.. ونغتنم.. رمضان؟
وقبل الإجابة أسأل نفسي وإياك أخي الكريم سؤالا يقرب المسألة، وهذا السؤال هو لو أن لك صاحب أو قريب أو رحم عزيز عليك، غاب عنك أحد عشر شهرا ثم علمت بمجيئه إليك زائرا عما قريب، ماذا أنت صانع لملاقاة واستضافة هذا الضيف والجائي الكريم العزيز عليك، ماذا أنت صانع؟، سأترك الإجابة لك، ولكن بشرط أن تجيب بأنصاف وموضوعية.
وإذا وفقك الله لإجابة صحيحة منصفة بما يليق وشأن ضيفك وزائرك الذي افترضنا أنه عزيز، بل عزيز عليك جدا.. جدا فاسأل نفسك ماذا هو الحال إذا كان هذا الزائر هو شهر رمضان المبارك؟
ونحن سوف نستقبل في غضون أيام هذا الضيف، هل تعرفه، وماذا أعددت له وكيف ستستقبله وتتعامل معه؟
أولا: من هو شهر رمضان؟
هـو: الشهر التاسع في ترتيب الشهور التي هي عند الله اثني عشر شهرا من يوم أن خلق الله السموات والأرض، وعلى الترتيب الذي أنشأه عمر رضى الله عنه، قال - تعالى -: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) الآية 36: التوبة.
وهو: الشهر الذي أنزل الله فيه القرآن، قال - تعالى -: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) الآية 185: البقرة.
وهو: الشهر الذي ابتعث الله فيه نبيه وخليله وخاتم رسله محمد - صلى الله عليه وسلم -.
وهو: الشهر الذي جعل الله منه إلى رمضان ما بعده كفارة: بوب مسلم في كتاب الطهارة: باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر. وفيه: عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر.
وهو: الشهر الذي إذا دخلت أول ليلة من لياليه كان ما كان من الخير: اسمع: عند البخاري في كتاب الصوم: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة.
وفي رواية عنه أيضا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين.
وهـو: الشهر الذي جعل الله فيه لأصحاب الذنوب والخطايا المخرج وكذلك لطالبي الجنة والعلو في الدين: فعند البخاري في كتاب التوحيد: عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (من آمن بالله ورسوله، وأقام الصلاة، وصام رمضان كان حقا على الله أن يدخله الجنة، هاجر في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها)، قالوا: يا رسول الله أفلا ننبئ الناس بذلك؟ قال: (إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة).
وعند مسلم في كتاب صلاة المسافرين: عن أبى هريرة حدثهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه).
وهو: الشهر الذي جعل الله فيه العمرة كحجة ليس هذا فحسب بل كحجة معه - صلى الله عليه وسلم -: فعند البخاري في كتاب الحج: عن عطاء قال: سمعت ابن عباس - رضي الله عنهما - يخبرنا يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لامرأة من الأنصار سماها ابن عباس فنسيت اسمها: (ما منعك أن تحجين معنا؟) قالت: كان لنا ناضح فركبه أبو فلان وابنه لزوجها وابنها وترك ناضحا ننضح عليه، قال: فإذا كان رمضان اعتمري فيه فإن عمرة في رمضان حجة.
وفي رواية: ((عمرة في رمضان تعدل حجة)) متفق عليه. وفي رواية: قال: (( فإن عمرة في رمضان تقضي حجة أو حجة معي)).
قوله: ((عمرة في رمضان تعدل حجة)) في الثواب، لا أنها تقوم مقامها في إسقاط الفرض؛ للإجماع على أن الاعتمار لا بجزيء عن حج الفرض، وقال ابن العربي: حديث العمرة هذا صحيح وهو فضل من الله ونعمة فقد أدركت العمرة منزلة الحج بانضمام رمضان إليها، وقال ابن الجوزي: فيه أن ثواب العمل يزيد بزيادة شرف الوقت كما يزيد بحضور القلب وخلوص المقصد.
وهـو: الشهر الذي جعل الله فيه ليلة هي خير من ألف شهر في دين وعمل العبد المؤمن: فعند البخاري في كتاب صلاة التراويح: عن عائشة قالت كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجاور في العشر الأواخر من رمضان ويقول: (( تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان)).
وعند مسلم في كتاب صلاة المسافرين: عن زر قال سمعت أبي بن كعب يقول وقيل له إن عبد الله بن مسعود يقول من قام السنة أصاب ليلة القدر فقال أبي: والله الذي لا إله إلا هو إنها لفي رمضان يحلف ما يستثني ووالله إني لأعلم أي ليلة هي هيَ الليلة التي أمرنا بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقيامها هي ليلة صبيحة سبع وعشرين وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها.
وأنت تعلم قوله - تعالى -: (ليلة القدر خير من ألف شهر).
وهـو: خير الشهور على المؤمنين وشر الشهور على المنافقين: ففي الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( أظلكم شهركم هذا بمحلوف رسول الله ما مر على المسلمين شهر هو خير لهم منه ولا يأتي على المنافقين شهر شر لهم منه إن الله يكتب أجره وثوابه من قبل أن يدخل ويكتب وزره وشفاءه من قبل أن يدخل ذلك أن المؤمن يعد فيه النفقة للقوة في العبادة ويعد فيه المنافق اغتياب المؤمنين واتباع عوراتهم فهو غنمٌ للمؤمن ونقمةٌ على الفاجر)) أحمد. والبيهقي، عن أبي هريرة. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب.
وإذا نظرت لهذا الحديث الجامع ترى أن ذلك وكأنه واقع يراه القاصي والداني، المؤمنون يعدون عدة البر يجهز زكاة ماله لينفقها في رمضان، ويرتبون المال للتوسيع على الأهل والأولاد، ويعدون أسباب إعانة المساكين والفقراء، وكذا إطعام الصائمين، وفي المقابل المنافقون ممن يعدون العدة بالأفلام والتمثليات والفوازير إلخ.. فصدق الصادق المصدوق هو غنمٌ للمؤمن ونقمةٌ على الفجر.
ولو ظللت أعرف بمن يكون هو هذا الضيف العزيز ما وفيت الكلام على مكانته ولكن المقصود هو كيف نستقبل هذا الضيف المكرم؟
كيف؟
ومن ثم لابد أن أذَكِر أولاُ بأمور هامة أولها: نحن المسلمين: لكم أسأنا استقبال هذا الضيف لأنه لطالما يزورنا ويأتينا كل عام في نفس الموعد وهو ضيف كريم يأتي بالهدايا الكثيرة العظيمة النفع التي يحتجها كل أحد من الخلق وخاصة المسلمين ونحن نقابل لك بأن نأخذ من هداياه ما يعجبنا ونرمى في وجهه ما لا يعجبنا ونحن في ذلك من المغبونين، وصدق ربنا إذ يقول: ( إن سعيكم لشتى).
نعم إن سعى العباد في الدين لشتى، وخاصة في رمضان، فمضيع ومستهتر ومغبون ومفتون وغير ذلك من مسالك الباطل والتضييع، ولكن هناك أهل الحكمة وشكر النعمة.. جعلنا الله منهم.. أهل تقدير العطايا والمنح الربانية- الذين يرجون ثواب ربهم ويخافون عذابه ويتقون سخطه بطلب مرضاته - نعم هم من يطلبون النجاة ويسلكون مسالكها فيعرفون لرمضان قدره ويستقبلونه بالتوبة وفعل الخيرات وترك المنكرات، يحكى عن السلف أنهم كانوا يظلون ستة أسهر يدعون ربهم أن يبلغَهم رمضان، فإذا جاء أحسنوا استقباله، فإذا رحل عنهم ظلوا ستة أشهر بعده يسألون الله قبول ما قدموا فيه من الصيام والقيام والصدقة وغير ذلك مما قدموا من البر أرأيت كيف كان حالهم، وكيف صار حالنا، نسأل الله أن يصلحنا ويصلح بنا ويحسن مآلنا ويجعلنا في شهر رمضان من الفائزين، كان السلف أذا انقضى رمضان يقولون رمضان سوق قام ثم انفض ربح فيه من ربح وخسر فيه من خسر.
نحن يا سادة: كم من مرات ومرات جعلناه يرحل عنا وهو حزين لا يرى منا إلا الوكسة والجري وراء الدنيا الحقيرة والرضا بالدنية في الدين، والميل مع الذين يتبعون الشهوات ميلا عظيما، والتولي عن العمل لله، ويري كذلك زهدنا في أخرتنا وعدم نصرتنا لربنا، ففعل المنكرات، وسهرٌ أمام التلفاز في الليالي الرمضانية - هكذا يسمونها من يقيمونها - وهى في الحقيقة ليالي شيطانية لا رمضانية، فالليالي الرمضانية هي ليالي القيام واجتماع الناس في المساجد والتسحر استعدادا لصيام يرضاه الله - جل وعلا - وغير ذلك من الذكر والتلاوة هذه هي الليالي الرمضانية، وكذلك لكم رحل عنا رمضان وهو يرى حال المسلمين المتردي الذين هم في أشد الحاجة لما جاءهم به من الخير الكثير الذي جعله الله لعباده التائبين المقبلين الذين يبحثون عن مخرج من ورطة الذنوب وتخفيفا لثقلها عن عاتقهم.
نحن أيها الأخوة: يأتينا هذا الشهر هذه المرة وهناك متغيرات كثيرة الشيشان وما أدراك ما الشيشان وتدنيس بيت المقدس والتعدي عليه من أبناء القردة والخنازير، والهوان والاستضعاف الذي تعيش فيه الأمة دولا وجماعات وأفراد حكاما ومحكومين، فقتل وتشريد وهدم للبيوت وتحريق للممتلكات، قتل للأطفال والكبار والنساء والرجال إبادة هنا وهناك، ومسح للدول الإسلامية من على خريطة العالم كما يحدث في فلسطين والشيشان، وغطرسة كافرة تعربد بحقد أسود وجبروت طاغي في كل حدب وصوب، وإذلال للقادة والملوك والممكنين قبل المستضعفين، ووصف للإسلام والمسلمين بالإرهاب وغير ذلك، فانا لله وانأ إليه راجعون.
إن رمضان ذلك الضيف الكريم يأتي هذه الزيارة ونحن نعانى من انهزامية يزرعها فينا دعاة السلام، عفوا بل دعاة الاستسلام والذلة لغير الله مع الإعراض عن الله، انهزامية يزرعها فينا دعاة العلمانية، ويدعمها حبنا للدنيا الذي هو من أعظم أسباب تلك الانهزامية ففي الحديث الصحيح من حديث ثوبان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة إلى قصعتها. قيل يا رسول الله: فمن قلة يومئذ؟ قال: لا، ولكنكم غثاء كغثاء السيل يجعل الوهن في قلوبكم وينزع الرعب من قلوب عدوكم لحبكم الدنيا وكراهيتكم الموت)) . أخرجه أحمد وأبو داود.
* يأتي علينا هذا الضيف يا سادة ونحن نلعق مرار تسلط اليهود على بيت المقدس وتكبرهم علينا حكاما ومحكومين، دولا وجماعات وأفراد، نلعق مرارة إبادة الروس الملاحدة الملاعين للمسلمين في الشيشان انتهكوا حرماتهم وهدموا وخربوا أرضهم وانتهكوا أعراضهم ومسحوا دولة معترف بها في المجتمع الدولي مسحوها أو هكذا يحاولون ولن يمكن الله لهم، فانا لله وإنا إليه راجعون.
خلاصة القول: أن هذا الضيف العزيز الكريم بما كرمه به الله - تعالى - يأتي علينا ونحن أزلة مستضعفين أنهكتنا ذنوبنا وشهواتنا وحرمنا طلب المقامات العلية، مقامات الجهاد والمجاهدة مقامات البذل لله - تعالى - مقامات عز الطاعة والإنابة إلى الله - تعالى -، خلاصة القول أن هذا الضيف سوف يجيء ليجد فينا ومنا حالا لا يسر حبيب ولكن يسر عدو، يسر الشيطان الذي يقعد للمسلم بكل صراط، يسر اليهود الذين برون منا الانهزامية أمام تصلفهم وكبرهم، فاجتماعات ولجان، ومؤتمرات لا تتمخض إلا عن زيادة ذل وهوان، إنا لله وإنا إليه راجعون.
حالٌ لا يسر إلا دعاة الاستسلام لليهود؛ لأنهم قُهروا نفسيا أمام الدولة العظمى كما يحلوا لهم أن يسموها للغطرسة الأمريكية، تلك الأسطورة التي هي إلى زوال تقريبا خاصة بعد ما أوضح مدى خوار الأسطورة التي لا تقهر والأمن الذي لا يخترق، ها قد أخذ الله القرية الظالمة بعض الأخذ، وهو على كل شيء قدير، وإن هلاكهم قريب، ألم تر تلك الآية التي ظهرت في عقر دارهم، فنحن نخور ونركع في محراب الطغيان الأمريكي.. واليهودي، وغيره، وطبعا لا يجر ذلك إلا إلى الصغار والذل لا العز والكرامة.. فحسبنا الله ونعم الوكيل، فحالنا يا سادة يسر كل عدو قل أو كثر، بعد أو قرب، والى الله المشتكى ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم
* هذا بعض ما ينبغي أن نعرفه ابتداء، وذلك قبل أن نتكلم عن كيفية استقبال هذا الضيف العزيز،
* ولابد هنا أيها الأخوة الكرام من معرفة أن هذا الضيف: يأتي ومعه كثير من أسباب الإعانة والتغيير التي يمن الله بها على عباده المؤمنين الذين يؤمنون أنهم لا ينبغي لهم أن يهنوا ولا ينبغي أن يحزنوا، ولا ينبغي بحال أن ينهزموا أو يضعفوا أو يصيبهم الخور أمام عدوهم، ولا ينبغي كذلك أن يذلوا لغير الله - تعالى - المعز المذل الكبير المتعال الذي إذا أراد شيئا قال له كن فيكون بيده الخير وهو على كل شيء قدير، وذلك لأنه - سبحانه - قد وعدهم بأنهم الأعلون إن كانوا مؤمنين، قال - تعالى -: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)39: آل عمران، وكذلك هم يستبشرون بوعد الله - تعالى - حيث قال: (وَعَـدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنـُوا مِنْكُمْ وَعَمِلـُوا الصَّالِحـَاتِ لَيَسْتَخْلِفَن َّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنّ َ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنّ َهُم مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ) 55: النور.
ولذلك لابد، ثم لابد أن أردنا الخلاص مما نحن فيه من الغبن وقلة الإيمان وكثرة الشرور، أن نكون من أولئك الذين يقدرون هذا الضيف قدره ويحفظون عليه مكانته التي أنزلها الله إياه، ويتنعمون بكثير الفضائل والكرائم والهبات والهدايا والنعم الربانية التي يبعث بها الله - تعالى - مع هذا الضيف العزيز، أليس كذلك، لابد أن نجعل استقبالنا لهذا الضيف الكريم نقطة تحول كبيرة في حياتنا الإيمانية وفي أنفسنا، نقطة تحول نتحول بها:
يتبع