هذا تلخيص ومقتطفات لبحث متميز ضمن تقرير البيان الاستراتيجي الخامس , الذي يحمل عنوان [ الواقع الدولي ومستقبل الأمة ] , ونظراً لأهمية موضوع البحث , وتميز طرح الكاتب ؛ رأيت أن أعرض الملخص , ومن أراد استتمام الفائدة فليقرأ البحث مفصلاً وغيره في التقرير :


ـــــــــــــــ ــــ


* التيارات السلفية تتفق من حيث ظروف نشأتها ، ومن حيث التناقض الغريب بين انتشارها الواسع جغرافياً ، وضعف تماسكها التنظيمي ، فالسلفيون موجودون تقريباً في كل دولة وكل مدينة ، إلا أن أتباعهم مع ذلك قليلو العدد نسبياً مشتتون مقارنة بالجماعات الإسلامية السياسية ، ولا تشذ عن هذه القاعدة إلا دولة أو دولتان تتمتع فيهما التيارات السلفية بالأغلبية وسط العمل الإسلامي ، وبشيء من التماسك والقوة .

* يستخدم الغربيون عادة منهجاً إسقاطياً في التعامل مع القوى الممثلة للإسلام ، وقبل عدة قرون عندما كان الخطر الإسلامي متمثلا في العثمانيين الأتراك يدق أبواب أوروبا الغربية ، كانت مبادئ الإسلام وأصوله ومصادره وتعاليمه تذكر في سياق عنصري منسوبة إلى الأتراك .
* يرجع الخلط بين السلفية العلمية أو الدعوية وبين التيارات الجهادية إلى افتراض مسبق بأن التيار الجهادي هو مرحلة متطورة للتيارات السلفية ، وبالتالي تصبح كل جماعة سلفية مشروعاً جهادياً محتملاً إذا توفرت الظروف الملائمة ، وحتى قبل أن تتوفر الظروف فإن التيارات السلفية في التحليل الأمريكي تقدم دعماً بشرياً غير محدود للتيارات الجهادية .
* القول بأن أتباع الجماعات السلفية يشكلون دعماً بشرياً أساسياً لجماعات الجهاد هو ادعاء غير صحيح ، بل إن الواقع الإحصائي يقدم لنا إثباتاً غاية في الأهمية ،إذ بينما يتعلق الادعاء بحدوث انتقالات فردية بين الجماعات السلفية والجماعات الجهادية ، فإن هناك حالات متكررة تنتقل فيها جماعات جهادية بأسرها إلى صف التيارات السلفية ، كما هو الحال مع جماعتي الجهاد والجماعة الإسلامية في مصر .
* هناك فئات أخرى بخلاف المحللين الغربيين يعملون على ترسيخ هذه العلاقة الوهمية بين التيارات السلفية والجهادية ، أو تنظيم القاعدة على وجه التحديد ، وهم : الشيعة ، والطرق الصوفية .
* استطاعت الدعوة السلفية أن تخترق حتى أكثر الدول العربية تطرفاً في علمانيتها – تونس – وبرز ما أصبح يعرف في تعبير بعض الإسلاميين بـ" الظاهرة السلفية الجديدة " وهو ما دفع بأحد قياديي حركة النهضة – محمد بن سالم – إلى مهاجمة هذا النجاح السلفي ، فاعتبر أنه تنامى بسبب " إغلاق المساجد أمام الدعاة الحقيقيين وأمام المشايخ الحقيقيين "
* ينصرف جزء كبير من طاقة العمل لدى طائفة من التيارات السلفية في التعامل مع الإشكاليات الداخلية ، والخلافات البينة ، وفي بعض الحالات تتفرغ جماعات بأسرها لمهاجمة وانتقاد جماعات سلفية أخرى .
* في قضية الانتماء ظلت السلفية ردحا من الزمن تتميّز بسهولة الانتماء إليها ، لا توجد إجراءات أو ترتيبات ، فقط المطلوب هو الالتزام بالكتاب والسنة وتعظيم الأوامر والنواهي ، وبخلاف بعض الأوامر الشرعية ، فإن أغلب التزام المرء يكون بينه وبين ربه ، هكذا يصير المرء سلفياً .
* كثير من التيارات السلفية سلكت نهجاً تغييرياً متطوراً ، سعياً لبذل جهد أكبر في إصلاح المجتمعات التي تنتمي إليها ، ولكن تعاني كثير منها مما يمكن تسميته " انعكاسات النشأة السلفية" ويقصد بها بعض الصفات والسمات التي تعوق عملية التطور داخل التيار السلفي وتجعل من عملية التجديد مخاطرة غير مأمونة العواقب .
* لا شك أن العناية الفائقة من قبل التيارات السلفية بالعلوم الشرعية تدريساً وتعليماً وتأليفاً عقوداً طويلة أفرزت علماء ومتخصصين في الدراسات الشرعية ، لكن كان المتوقع أن تخرج هذه النشاطات العلمية المكثفة أجيالاً من العلماء – القادة – المؤهلين لقيادة الأمة وتوجهها ، ولكن بدلاً من ذلك أصبحت التيارات السلفية في كثير من الدول الإسلامية تعاني هي نفسها من أزمة مرجعية علمية ، ويفتقد كثير منها إلى علماء بارزين يقودون الحركة أو التيار ويشرفون على عملية التعلم والتعليم بداخلة .
* قضية تكفير الأنظمة في الدول العلمانية ‘ مسألة خلافية داخل التيارات السلفية ، إلا أنها تأخذ في مناحي الخلاف أكبر من حجمها الطبيعي ، إذ تتفق أغلب التيارات السلفية على التعاطي مع الدولة وأجهزتها من الناحية العملية في العموم ، حتى من قبل من يكفرونها .
* لم تكن السلفية في بداياتها الأولى في التاريخ المعاصر ، سلفية ساكنة ، أو مجرد حركة علمية تتركز في المساجد ، وينحصر جل نشاطها في الدروس والخطب ، بل كانت حركة تغييرية إصلاحية تهدف إلى الرجوع بالمجتمع إلى الإسلام الحنيف من خلال عمل دعوي جديين شاملين ، لذا فإن العودة بهذه التيارات السلفية إلى ماضيها الأول هي العودة إلى الأصول .
* إن تاريخ السلفية القديم مشرف , ويحمل قدراً كبيراً من الإنجازات على مستوى الأمة الإسلامية , والذي نعتقده أن السلفية الدعوية ممثلة في بعض فصائلها تسير على ذات النهج لتصل القديم بجديده , وإن المخالفين لها مطالبون بالدليل على انحرافهم عن نهج مؤسسي التيارات السلفية الأوائل .
* تحمل التيارات السلفية والإسلامية عموماً في الدول العلمانية حلم إقامة الدولة الإسلامية , إلا أن التجارب الماضية تكشف عن كون هذا الحلم أو الهدف عسير المنال , ويحتاج إلى مراحل متتالية من الجهد والعمل المتواصل ؛ ولأن الهدف هو المعيار الأول لقياس أداء الجماعة والتيار , فإن التمسك به في الفترة الحالية لن يسفر إلا عن مزيد من الإحباط والتخبط , لذا فمن المقترح أن يرفع في هذه المرحلة هدف آخر , هو : أسلمة المجتمع ,أي السعي لإعادة جميع الحياة والأنشطة الاجتماعية إلى جادة الإسلام .
* تحتاج السلفية الدعوية إلى إعادة تطوير وتجديد , بما يتناسب مع مستجدات الواقع , وهذا لن يتأتى إلا بقدرة الحركة على استيعاب الطاقات الفكرية بداخلها , والسماح بقدر من تبادل الآراء والنقاش حول القضايا المحورية , والحذر من تقديس وتكديس المتغيرات والأشخاص وتحويلها إلى ثوابت راسخة .