تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 22

الموضوع: نظرات في " القول الموثوق في تصحيح حديث السوق " لسليم الهلالي

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي نظرات في " القول الموثوق في تصحيح حديث السوق " لسليم الهلالي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أما بعد:

    فقد اقتنيتُ قريبًا رسالة "القول الموثوق في تصحيح حديث السوق"، تأليف: أبي أسامة سليم بن عيد الهلالي، ط 1427 دار الصواب للكتاب، ودار الإمام أحمد. وهي طبعة جديدة، زاد فيها المؤلف - كما يقول (ص7) - "فوائد زوائد شرائد"!

    وحديث السوق هذا من الأحاديث التي كثر حولها الكلام، وهو - عند التأمل - من الأدلة البيّنة الظاهرة على الفرق بين منهج المتقدمين ومنهج المتأخرين ومن تابعهم من المعاصرين في علم الحديث النبوي.

    وقد علقتُ ببعض تعليقاتٍ على الكتاب في بعضِ مواضع فيه تحتاج إلى نظر، وأنشر ذلك هاهنا مطولاً، وليس قصدي تتبع كل ما في الكتاب.

    وإلى سليم الهلالي أشير بقولي: "المؤلف".

    أسأل الله التوفيق والهداية والسداد.

    1- قال (ص11): "والبزار في البحر الزخار"، وليس للبزار كتاب بهذا الاسم.

    2- ينقل (ص12، 13 وغيرهما) كلمات بعض الأئمة المتقدمين في جرح بعض الرواة وتعديلهم، ثم يقول: "ونقله عنه... والمزي في تهذيب الكمال، والحافظ في تهذيبه...". والحافظ إنما نقل ما نقل عن تهذيب الكمال؛ لأنه يهذبه، فذِكْرُ نقله إلى جانب نقل المزي في تهذيب الكمال= حشوٌ.

    3- يُضاف إلى الأقوال في عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير: قولُ يعقوب بن شيبة فيه، قال - كما في ملخص من مسند يعقوب بن شيبة (4ب) -: "لم أرَ أحدًا من أصحابنا ممن يتكلم في الحديث إلا وهو يضعفه ويضعف أحاديثه، وأحاديثه منكرة".

    4- ذكر (ص16) متابعة محمد بن واسع - من رواية أزهر بن سنان عنه - عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن جده.

    ثم ذكر أقوال الأئمة في تضعيف أزهر بن سنان هذا، ثم قال (ص18): "ومن تأمل أقوال أهل العلم فيه؛ وجدها تليِّنه؛ لكنها لا تطرحه، فقد قال ابن عدي في الكامل (1/420): ولأزهر بن سنان غير ما ذكرت من أحاديث، وليس بالكثير، وأحاديثه صالحة، ليست بالمنكرة جدًّا، وأرجو أنه لا بأس به.
    وقال ابن أبي حاتم؛ كما في إكمال تهذيب الكمال (2/49): هو ثقة...


    إلى أن قال: "وبذلك يتبين أن أزهر بن سنان لين الحديث، وليس بمتروك؛ فإنه لا يحكم على راوٍ بأنه متروك حتى تتفق كلمات أئمة الجرح والتعديل على ذلك".

    ثم نقل عن بعض كتب المصطلح، وليس فيها ما يفيد قاعدته هذه!

    بل إنه اعتبر عمرَو بن دينار قهرمان آل الزبير متروكًا (ص12) ولم تتفق كلمة أئمة الجرح والتعديل على ذلك، ففيهم من ضعفه فحسب، وبعضهم ذكر أنه يكتب حديثه.

    والحكم بالترك على الراوي يكون بالنظر في حاله عمومًا، وكلام الأئمة المفصل فيه، وإلا لما حُكم بالترك على من خولف في تركه، وهذا منتفٍ في تطبيقات الأئمة وأقوالهم.

    وهذه أقوال الأئمة في أزهر بن سنان:
    - ابن المديني: قال أبو غالب الأزدي: ضعفه علي بن المديني جدًّا في حديث رواه عن ابن واسع.
    - يحيى بن معين: لا شيء. وفي رواية: ليس بشيء. وفي رواية: ليس بثقة (هذه الأخيرة لم يذكرها المؤلف، وهي في تاريخ دمشق: 56/139).
    - يعقوب بن شيبة: ضعيف الحديث جدًّا، ضعفه أهل الحديث.
    - أبو داود السجستاني: ليس بشيء.
    - ابن حبان: قليل الحديث، منكر الرواية في قلته، لم يتابع الثقات فيما رواه.
    - الساجي: فيه ضعف - لم ينقل المؤلف هذه الكلمة، وهي في تهذيب الحافظ -.
    - ابن أبي حاتم - فيما نقله مغلطاي -: ثقة.
    - ابن عدي: ولأزهر بن سنان غير ما ذكرت من أحاديث، وليس بالكثير، وأحاديثه صالحة، ليست بالمنكرة جدًّا، وأرجو أنه لا بأس به.

    وعلى قلة كلام الأئمة فيه إلا أن أكثره في أنه ليس بشيء، ضعيف جدًّا، وأن حديثه - على قلته - منكر.

    وكلمة: "ليس بشيء" جرح شديد، قرنها أحمد بن حنبل بالترك والوضع، وقرنها ابن معين مرةً بالكذب، وتجد كثيرًا ممن قال فيهم ابن معين: "ليس بشيء"= من المتروكين ومنكري الحديث ونحوهم، وكذلك الحال عند أبي داود السجستاني.

    وقد استقرأ غير واحد من الباحثين هذه الكلمة عند ابن معين، فخلص إلى أن معظمها يفيد الضعف الشديد. وإن كان لهذه الكلمة مقاصد أخرى عنده - أي: ابن معين -؛ كقلة الحديث= إلا أنها هنا بمعنى الجرح ولا شك،
    - بدلالة الرواية الأخرى عنه، التي قال فيها: "ليس بثقة"،
    - ولتضافر كلمة الأئمة على جرح أزهر، فدل على أنه أراد بها الجرح.

    فكيف إذا انضم إلى ذلك قول من قال في أزهر: "منكر الرواية"، وإذا انضمَّ إليه أيضًا: أن كل هذه الكلمات جاءت مع قلة حديثه، وغلبة المناكير مع قلة حديث الراوي دليل على ضعفه الشديد، وسقوطه ووهائه.

    ومن العجب الشديد اعتبار المؤلف (ص19) أن رواية أزهر "معتبرة، يعتضد بها"، بينما كلمات الجرح الشديد الصارخة من الأئمة تتوالى: "ليس بشيء"، "لا شيء"، "ليس بثقة"، "ضعيف الحديث جدًّا"، "منكر الرواية"!

    وأما نقل مغلطاي عن ابن أبي حاتم توثيقه أزهر، فيظهر أنه خطأ، لأن ابن أبي حاتم نقل في الجرح قول ابن معين: "لاشيء"، ولا يُظن به أن يوثّق من جرحه ابن معين ذلك الجرح. وقد عُهد عن مغلطاي الأوهام الشنيعة في نقولاته. ولم يذكر في نقله هذا مصدرًا، فاحتمال الوهم قوي.

    وأما كلمة ابن عدي، فمناقشتها من أوجه:
    الأول: أنه لا يُسلَّم أن قول ابن عدي: "وأرجو أنه لا بأس به" يفيد تحسين حديث الراوي، أو التخفف فيه دائمًا، بل من معانيها عنده أنه لا يتعمد الكذب في حديثه، وقد ذكر هذا المعلميُّ - رحمه الله - في غير موضع من حواشيه ( منها: حاشية الفوائد المجموعة، ص35، 459 ).

    الثاني: أن قوله: "أحاديثه صالحة، ليست بالمنكرة جدًّا" يحتمل أن أحاديثه منكرة، إلا أنها لا تصل إلى أن تكون "منكرة جدًّا"، وبينهما فرق، والنكارة باقية.

    الثالث: أن ابن عدي - مع أنه ذكر أن أحاديث أزهر صالحة - ذكر أن حديثه ليس بالكثير، وكون أحاديث الراوي صالحةً يقتضي النظرَ في مروياته، والتأكدَ من خلوّها من النكارة، لأنها لم تبلغ مرتبة الصحة التي تُقبل الرواياتُ عندها، فإذا كان ذلك مع قلة حديثه؛ كان الأمر آكد، لأنه لو كان ثقةً أو صدوقًا لضبط أحاديثَهُ القليلة أو أكثرها، ولَمَا كان عامتها صالحًا ( ليس صحيحًا أو قويًّا ).

    الرابع: أن حديثنا هذا خارجٌ - بلا شك ولا إشكال - عن كلمة ابن عدي عند ابن عدي نفسه، فإن ابن عدي ذكر هذا الحديث من رواية أزهر بن سنان عن ابن واسع في ترجمة أزهر، وقد قال هو في مقدمة كاملِهِ مبيِّنًا طريقتَهُ فيه: "وذاكرٌ لكلِّ رجلٍ منهم مما رواه ما يُضَعَّف من أجله، أو يَلحقُهُ بروايته له اسمُ الضعف"، وقال الذهبي: "يروي - أي: ابن عدي - في الترجمة حديثًا أو أحاديث مما يُستنكر للرجل"، وقال السبكي: "وذكر في كل ترجمة حديثًا فأكثر من غرائب ذاك الرجل ومناكيره" (انظر: ابن عدي ومنهجه في كتاب الكامل، لزهير عثمان علي نور: 1/189، 190).

    فابن عدي - إذن - يرى هذا الحديث مما يستنكر لأزهر، وكلمتُهُ تلك في بيان حال أزهر إنما كانت في غير ما ذكرَهُ من مناكير، قال: "ولأزهر بن سنان غير ما ذكرت من أحاديث، وليس بالكثير، وأحاديثه صالحة، ليست بالمنكرة جدًّا، وأرجو أنه لا بأس به".

    ثم على التسليم بأن أزهر "لين الحديث، وليس بمتروك"، فإنه في محمد بن واسع ضعيف جدًّا، منكر الحديث، فقد أنكر عليه ابن المديني حديثًا له عنه، وأخرج العقيلي في ترجمته غيرَ حديثٍ له عنه لإثبات أحقّيته بالذكر في كتاب الضعفاء، وأنكر عليه ابن حبان حديثًا له عنه، وأنكر عليه ابن عدي - كما سبق - غيرَ حديثٍ عن ابن واسع، وحمّله الذهبي نكارةَ حديثٍ أنكره أبو حاتم على محمد بن واسع، رواه عن سالم عن ابن عمر، ولعله حديثُنا هذا.

    وأنكر حديث السوق ذاتَهُ على أزهر بن سنان: ابنُ معين ( كما في تاريخ دمشق: 56/139 )، وأبو داود ( كما في سؤالات الآجري: 2/49 )، والعقيلي، وابن عدي - كما سبق عنهما -، وأبو نعيم الأصبهاني - كما سيأتي عنه قريبًا -.

    5- ذكر (ص19، 20) إعلال رواية أزهر عن ابن واسع بالتفرد، ونقله عن أبي نعيم الأصبهاني، ولم ينقل أن الترمذي قال فيه - بعد أن أخرجه -: "هذا حديث غريب".

    ثم قال المؤلف - رادًّا على الإعلال بالتفرد -: "والجواب من وجوه:
    1- أن أزهر بن سنان لم يتفرد به عن محمد بن واسع، فقد أخرج العقيلي في الضعفاء الكبير (1/152) حديث أزهر، ثم ساق له متابعًا عن محمد بن واسع، قال: حدثناه أحمد بن الحسين الحذاء، قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم الزيدي، قال: حدثنا إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، قال: حدثنا يزيد الدورقي - أبو الفضل، صاحب الجواليق - قال: كان محمد بن واسع الأزدي لا يزال يجيء إلى دكان، فيقعد ساعة في أصحاب الجواليق، فنرى أنه يذكر ربه، فحدثنا قال: كنت بخراسان مع قتيبة، فاستأذنته في الحج، فأذن لي، فلقيت سالم بن عبد الله، فسمعته يذكر أنه من دخل السوق فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له...


    إلى أن قال: "قال العقيلي: وهذا أولى من حديث أزهر".

    واعتبارُهُ هذه الروايةَ متابعةً لأزهر بن سنان عجب!

    أ- فرواية أزهر جاءت هكذا: عن محمد بن واسع، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به.
    ورواية يزيد الدورقي هذا جاءت هكذا: عن محمد بن واسع، عن سالم بن عبد الله به.

    فكيف صارت هذه متابعة؟!

    بل هذه مخالفةٌ في جعل الحديث من كلام سالم، لا من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -.

    ب- ثم قول العقيلي - الذي نقله المؤلف -: "وهذا أولى من حديث أزهر"= يقطع بأنّ اعتبارَ هذه الرواية متابعةً= خطأٌ، لأنه يرجحها على الرواية الأصلية، وما عهدنا في علم الحديث روايةً متابِعَةً أرجحَ من الروايةِ المتابَعَة!!

    والعجب يزداد أنه قرر بعدُ فقال: "وبهذا تبطل دعوى تفرد أزهر عن محمد بن واسع"!!

    6- قال المؤلف في الأجوبة عن الإعلال بتفرد أزهر (ص21): "قول أبي نعيم: وحدث به الأئمة عن يزيد: أحمد بن حنبل وأبو خيثمة وطبقتهما.
    وهذا لا يخفى تقويةٌ منهم للحديث
    ".

    وحكايةُ كلامِهِ هذا تغني عن الرد عليه، ولازمه أن نقوّي جميع ما للضعفاء في مسند أحمد بروايةِ أحمدَ وغيرِهِ إياه، وهذا لا يقول به من شم رائحة علم الحديث!!

    7- قال المؤلف في سياق ما أُعلت به رواية أزهر (ص21): "الثانية: قول العقيلي: وهذا أولى من حديث أزهر... والصواب: أن حديث أزهر أولى - على ضعفه - من وجوه:
    1- أن أزهر - على ضعفه - يصلح للاعتبار بحديثه، والرواية التي اعترض بها العقيلي راويها غير معروف.
    2- أن الراوي عند العقيلي قصر، فلم يسق الإسناد، بل قطعه عند سالم بن عبد الله
    " ا.هـ.

    قال: "من وجوه"، وهما وجهان.

    فأما الأول، فقد سبق أن أزهر منكر الحديث، ضعيف جدًّا، لا يصلح للاعتبار.

    وردُّهُ على العقيلي بأن الراويَ غيرُ معروفٍ عجيبٌ، فأنت ترى العقيلي - وهو إمام من كبار الأئمة الحفاظ - يرجح روايةَ راوٍ على روايةِ راوٍ آخرَ ضعيفٍ، فهل خفي على العقيلي أن أزهر أقوى من هذا الراوي - لو كان الأمر كذلك كما يقول المؤلف -، فذهب يرجح روايتَهُ عليه؟!

    بل ترجيحُ العقيلي كافٍ في اعتبار يزيد الدورقي هذا أقوى من أزهر، وإن كان هذا لا يفيد كونَهُ ثقةً أو في أعلى مراتب الحفظ.

    وأما الثاني مما ذكره - وهو التقصير -، فالرواية صريحة في أن قائل تلك الكلمات هو سالم بن عبد الله: قال يزيد الدورقي عن محمد بن واسع: "... فلقيت سالم بن عبد الله، فسمعته يذكر أنه من دخل السوق...".

    ثم على التسليم بأن هذا تقصير، فالتقصير قد يكون صوابًا، وخلافُهُ خطأً، وهذا مثالٌ - في أمثلة - على ذلك، فإن العقيلي رجّح الروايةَ التي قصر راويها على الرواية المسندة، فدلّ على أن التقصير هنا هو الصواب، وأن ذكر ابن عمر وأبيه ورفع الحديث= خطأ مرجوح.

    8- ذكر المؤلف (ص21) العلة الثالثة في رواية أزهر، وهي النكارة التي أشار إليها الذهبي في تفسيره كلمة أبي حاتم الرازي. ثم أطال في بيان أن المنكر محصور فيما تفرد به الضعيف أو خالف. ثم قال (ص24): "أزهر بن سنان لم يتفرَّد به؛ كما بينتُ في الرد على العلة الأولى، ولم يخالف، فمن أين جاءت النكارة؟".

    وعلى التسليم بالحد الذي ذكره للمنكر - وهو بعيد كل البعد عن أقوال الأئمة وكلماتهم وتطبيقاتهم - فإن تفردَ أزهر بهذا الحديث ثابتٌ، والردُّ على علة التفرد ردٌّ واهٍ.

    ثم على التسليم بأنه توبع، فالمتابِعُ غير معروف - عند المؤلف -، وأزهر منكر الحديث - كما سبق -، فهل تزول النكارةُ بمتابعةِ مجهولٍ لمنكَرِ حديثٍ؟!

    فثبت أن هذه المتابعة ( متابعة محمد بن واسع ) متابعةٌ واهيةٌ منكرةٌ ساقطة، لا يُعتدّ بها. وأقوى أسانيدها: الرواية الموقوفة على سالم.

    9- ذكر المؤلف (ص24) متابعة المهاصر بن حبيب، يعني: لعمرو بن دينار عن سالم عن أبيه عن جده.

    ثم أطال في تعيين المهاصر، وتقوية روايته، ثم أطال جدًّا في تقوية الراوي عنه ( سليمان بن حيان أبي خالد الأحمر ).

    إلى أن قال (ص31): "ناهيك أنه لم يتفرد عن مهاصر بن حبيب به؛ بل تابعه غيره، فقد قال المزي في تحفة الأشراف (8/58): ورواه أبو خالد الأحمر، عن المهاصر بن حبيب، عن سالم، عن أبيه، عن جده، ورواه غيره عن المهاصر، فلم يقل: عن جده".

    ولا أدري، هل يخفى على صغار الطلبة أن هذه مخالفة لا متابعة؟!!

    فإن قلت: إن عمر - رضي الله عنه - وابنه صحابيان، فلا يضر سقوط أحدهما من الإسناد.
    فالجواب: أن لو ثبت أن المهاصر يسقط عمر مرة ويذكره مرة، فهذا اضطراب منه، قد يضعف الرواية.

    على أن هذه المخالفة ليست علّة حقيقيةً لهذه الرواية، ويأتي.

    ثم نقل المؤلف نقلاً مطولاً (ص32-39) عن الألباني - رحمه الله - من سلسلته الصحيحة.

    لكنهما لم يجيبا عن العلة القادحة في رواية المهاصر هذه، التي بينها الأئمة المتقدمون، فانظر في كلامهم، و"كن حريصًا على فهمه فهمًا صحيحًا، والاستفادة منه":

    - قال الإمام الحافظ علي بن المديني: "وأما حديث مهاجر عن سالم فيمن دخل السوق، فإن مهاجر بن حبيب ثقة من أهل الشام، ولم يلقَهُ أبو خالد الأحمر، وإنما روى عنه ثور بن يزيد، والأحوص بن حكيم، وفرج بن فضالة، وأهل الشام. وهذا حديث منكر من حديث مهاجر من أنه سمع سالمًا. وإنما روى هذا الحديث شيخٌ لم يكن عندهم بثبت، يُقال له: عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير، حدثناه زياد بن الربيع عنه به، فكان أصحابنا يُنكرون هذا الحديث أشد الإنكار لجودة إسناده... ولو كان مهاجر يصح حديثه في السوق لم يُنكَر على عمرو بن دينار هذا الحديث".

    تنبيه: "مهاجر" في هذا النص مصحفة عن "مهاصر".

    - وقال الإمام الحافظ يعقوب بن شيبة السدوسي في مسنده - كما في الملخص منه -: "وهذا الحديث من هذا الوجه رجاله ثقات، غير أن أبا خالد لم يلقَ مهاصر بن حبيب، ومهاصر بن حبيب شامي ثقة، روى عن ثور بن يزيد، والأحوص بن حكيم، والمتقدمون، ومن دونهم في السن فرج بن فضالة ونحوه، وقال علي بن المديني في هذا الحديث بعينه: أبو خالد الأحمر لم يدرك مهاصرًا، ولم يسمع منه".

    فالعلة القادحة في الإسناد: الانقطاع بين أبي خالد الأحمر ومهاصر بن حبيب.

    وقد ذكر ابن حبان في الثقات (5/454) أن مهاصر بن حبيب توفي سنة ثمان وعشرين ومائة.

    وسأل هارونُ بن حاتم أبا خالد الأحمر: متى ولد؟ فقال - كما في تهذيب الكمال (11/397) -: "سنة أربع عشرة ومائة".

    وهارون بن حاتم وإن تُكُلِّم فيه في الحديث، إلا أن له نقلَهُ في مثل هذا ليس مما يُتشدد فيه، بل هو من المصنفين في التاريخ - كما في الميزان (4/282) -، ولذا قَبِل نقلَهُ هذا الذهبيُّ - كما في تذكرة الحفاظ (1/272) -، وابنُ حجر - كما في التقريب (2547) -.

    وهذا يفيد أن مهاصر بن حبيب توفي ولأبي خالد الأحمر نحو أربع عشرة سنة.

    وولادة أبي خالد الأحمر كانت في جرجان - كما قال ابن نمير (تاريخ جرجان، ص216) -، ثم انتقل إلى الكوفة فنشأ بها - كما قال العجلي (تهذيب التهذيب: 4/159) -.

    ومهاصر بن حبيب من أهل الشام، وروى عنه أهل الشام، ولم يُذكر برحلة.

    وهذا يفيد أن نشأة أبي خالد الأحمر كانت بين جرجان والكوفة، ولم يُذكر أنه ورد الشام، وموت مهاصر كان في وقت فتوة أبي خالد ونشأته، ويبعد جدًّا أن يكون أبو خالد قدم الشام ولم يبلغ الرابعة عشرة، فإن النقلة من جرجان إلى الكوفة طويلة، ثم إن نشأة أبي خالد كانت في الكوفة، ويصدق على من بلغ الرابعة عشرة أنه ناشئ.

    وهذه قرائن قوية تقطع بصحة ما حكم به الإمامان ابن المديني وتلميذه يعقوب بن شيبة من الانقطاع بين أبي خالد ومهاصر بن حبيب، فليس بينهما لقاء ولا سماع، والمعاصرة الواقعة هنا لا تكفي في إمكان السماع - لو قلنا بأن المعاصرة كافية في الاتصال -.

    وانظر إلى قول ابن المديني: "ولو كان مهاجر يصح حديثه في السوق لم يُنكَر على عمرو بن دينار هذا الحديث"، وهذا كلام نفيس جدًّا، فكيف يصح هذا الحديث عن مهاصر بإسناد صحيح، ثم يتوجه إنكار الأئمة كلُّه إلى عمرو بن دينار؟! ولو كان الأئمة يرون صحة هذا الوجه، لأثبتوا به صحة رواية عمرو بن دينار، ولَمَا أنكروا عليه، لوجود هذا المتابع الثقة.

    ثم إن هذا الإسناد - على انقطاعه - منكر، أنكره ابن المديني، ونقل إنكاره عن أصحابهم - كما سبق -، وأصحابهم هم أهل الحديث النقاد. ولعل نكارته في أن الحديث معروف مشهور من رواية عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير عن سالم، فمن أين وقع مهاصر بن حبيب على روايته عن سالم؟! ولا يبعد أن يكون أبو خالد الأحمر أخذه عن بعض الضعفاء أو المتروكين، ممن قلب الراوي من عمرو بن دينار إلى مهاصر بن حبيب.

    10- ذكر المؤلف (ص40-42) ثلاث متابعات أخرى، وكفانا مؤنة بيان ضعفها الشديد ووهائها وعدم الاستشهاد بها.

    فثبت من هذا كله أن متابعة محمد بن واسع ضعيفة جدًّا منكرة، ومتابعة مهاصر بن حبيب منكرة منقطعة، ولا يبقى إلا رواية عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير عن سالم، وقد بيّن المؤلف أول الأمر أن إسنادها ضعيف جدًّا، وأن راويها عمرو هذا متروك.

    وتقوية هذه المناكير ببعضها دليلٌ على تساهل المتأخرين وعامة المعاصرين في باب التقوية بالشواهد والمتابعات.

    11- ذكر المؤلف (ص43) الشاهد الأول للحديث، وهو من رواية يحيى بن سليم الطائفي عن عمران بن مسلم عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر مرفوعًا.

    ثم ذكر إنكار هذا الحديث على عمران بن مسلم، وأن بعض العلماء فرقوا بين عمران بن مسلم وعمران القصير، وأطال في ترجيح أنهما واحد.

    والذين فرقوا بين الاثنين هم كبار أئمة الحديث: البخاري ويعقوب بن سفيان الفسوي وابن أبي خيثمة وابن أبي حاتم والعقيلي وابن عدي، وساوى بينهما الدارقطني وابن حبان والمزي وابن حجر.

    والناظر لأول وهلة يعرف أن الجمهور من أئمة الحديث على التفريق بينهما، وقول الجمهور أقوى في الغالب.

    على أن التفريق أو المساواة بينهما ليس له كبير أثر - كما سيأتي -.

    ثم ذكر المؤلف (ص47) العلة الثانية التي أُعلّ بها هذا الحديث، وهي: "قول ابن أبي حاتم في العلل (2/181): وهذا الحديث هو خطأ، إنما أراد عمرانَ بن مسلم، عن عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير، عن سالم، عن أبيه، فغلط، وجعل بدل عمرو: عبد الله بن دينار، وأسقط سالمًا من الإسناد. قال أبو محمد: حدثنا بذلك محمد بن عمار، قال: حدثنا إسحاق بن سليمان، عن بكير بن شهاب الدامغاني، عن عمران بن مسلم، عن عمرو بن دينار، عن سالم، عن أبيه، عن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكره.
    ووافق الدارقطنيُّ ابنَ أبي حاتم في التعليل، ولكنه حمّل الخطأ في الحديث وعصّب الجناية بيحيى بن سليم الطائفي


    إلى أن قال المؤلف: "تعليل ابن أبي حاتم الحديث بعمران...".

    وواضحٌ لكل ناظر أن ابن أبي حاتم لم يعلّ في كلامه الحديثَ بعمران، إنما بمن روى عنه، وأن ذلك الراوي كان يريد أن يرويَ الحديث عن عمران بن مسلم، عن عمرو بن دينار، فجعله عن عمران بن مسلم عن عبد الله بن دينار.

    ولو كان يعلّ الحديث بعمران بن مسلم؛ لَمَا أسند لبيان العلّة روايةَ عمران نفسه، وإنما كان سيُسند رواية من خالفه!

    ثم أطال المؤلف (ص48-50) في بيان أن من خالف يحيى بن سليم الطائفي ( وهما: بكير بن شهاب الدامغاني ويوسف بن عطية الصفار ) متروكان، ولا تُقوَّى روايتهما على رواية يحيى. قال: "ولا شك أن عمران القصير، والراوي عنه يحيى بن سليم خير منهما بكثير".

    وعلى التسليم بأن رواية هذين الرجلين لا تعلّ رواية يحيى بن سليم الطائفي، فالأمر على مرتبتين:

    الأولى: أنه قد أسنده الذهبي في سير أعلام النبلاء (17/498) من طريق سليمان بن المعافى قال: حدثنا أبي، حدثنا موسى بن أعين، عن أبي الأشهب، عن عمران بن مسلم، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، عن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به.

    وهذا الإسناد صالح غريب - كما قال الذهبي عقبه -، إلا أن فيه رواية عمران بن مسلم مباشرةً عن سالم بن عبد الله، ويظهر أن في الإسناد سقطًا، والمعروف - من الروايات الأخرى وكلام الأئمة - أن شيخ عمران بن مسلم في هذه الطريق ( سالم عن أبيه عن جده )= إنما هو عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير، فلعله سقط من إسناده ذكرُهُ.

    - فإن صح إثباته؛ فهذه الرواية تقضي على رواية الطائفي، فإسنادها صالح مقبول إلى أبي الأشهب، وهو جعفر بن حيان. وقد تُكُلّم في سماع سليمان بن المعافى من أبيه، وأن روايته عنه وجادة. إلا أنه صرح بالسماع هنا بصيغة ( حدثنا )، وهذه الصيغة لا تقال في مثل الوجادة. ومثل هذه القضايا غير مؤثرة كثيرًا عند المحدثين المتأخرين؛ لأن رواية الكتب منتشرة عندهم.

    وعلى هذا يكون يحيى بن سليم الطائفي خالف أبا الأشهب جعفر بن حيان عن عمران بن مسلم، وأبو الأشهب أوثق من الطائفي بمراحل.

    - وإن لم يصح إثبات عمرو بن دينار في الإسناد؛ فيظهر أن رواية عمران بن مسلم عن سالم بن عبد الله منقطعة، فإنه روى عنه بواسطة في غير هذا الإسناد، ولم يُذكر سالم في شيوخه، ولا هو ذُكر في تلامذة سالم، ولم يصرّح بالتحديث في روايته عنه.

    وقد يكون - على هذا الاحتمال - أسقَطَ عمرَو بن دينار قهرمان آل الزبير بعضُ رواة هذا الإسناد ممن دون عمران بن مسلم.

    ولا يمكن اعتبار عمران بن مسلم متابعًا لقهرمان آل الزبير عن سالم بن عبد الله؛ لما سبق، ولأنه يلزم - على تقوية رواية يحيى بن سليم الطائفي عن عمران بن مسلم، وهذا قول المؤلف - أن تكون رواية عمران مضطربة، فرواه أبو الأشهب مرةً عنه بإسقاط عمرو بن دينار، ورواه يحيى بن سليم عنه أخرى بذكره، أو أنه دلّس في روايته، فأسقط شيخَهُ المتروكَ مرةً، وأثبته أخرى.

    وما سبق من أن رواية عمران عن سالم فيها شبهة انقطاع، وأن الواسطة فيها: عمرو بن دينار= أقوى.

    المرتبة الثانية: أنّ كون الطائفي يروي عن عمران فحسب كافٍ في بيان النكارة وشدة الضعف، والعجيب أن المؤلف نقل أقوال ابن حبان - وهو ممن سوى بين عمران بن مسلم وعمران القصير، وهذا ترجيح المؤلف - في أن رواية يحيى بن سليم الطائفي عن عمران منكرة، ثم لم يلتفت لذلك.

    قال ابن حبان (في المجروحين: 2/104، 105): "عمران بن مسلم القصير المنقري، كنيته أبو بكر، من أهل البصرة. يروي عن عبد الله بن دينار والحسن. روى عنه البصريون والغرباء. فأما رواية أهل بلده عنه؛ فمستقيمة تشبه حديث الأثبات، وأما ما رواه عنه الغرباء مثل سويد بن عبد العزيز ويحيى بن سليم وذويهما؛ ففيه مناكير كثيرة. فلست أدري أكان يدخل عليه فيجيب؟ أم تغير حتى حمل عنه هذه المناكير؟
    على أن يحيى بن سليم وسويد بن عبد العزيز جميعًا يُكثِرَان الوهم والخطأ عليه
    ".

    وقال (في الثقات: 7/242): "عمران بن مسلم القصير المنقري، من أهل البصرة، كنيته أبو بكر. يروي عن أبى رجاء العطاردي وعطاء. روى عنه شعبة والبصريون. وهو الذي روى عنه يحيى بن سليم، إلا أن في رواية يحيى بن سليم عنه بعض المناكير".

    وقال (في مشاهير علماء الأمصار، ص154): "عمران القصير، وهو عمران بن مسلم المنقري، أبو بكر. من المتقنين، ليس في أحاديثه التي رواها بالبصرة إلا ما في أحاديث الناس. ما حدث بمكة فيها مناكير كثيرة، كأنه يحدثهم بها من حفظه، فكان يهم في الشيء بعد الشيء، سماع يحيى بن سليم وسويد بن عبد العزيز عنه كان بمكة".

    وكل هذا يدلّك على أن رواية يحيى بن سليم عن عمران بن مسلم فيها مناكير كثيرة، وهذا الصنف من الروايات لا يصحح ولا يستشهد به، بل هذه رواية منكرة، أنكرها غير واحد من الأئمة، وهذا دالٌّ على سقوطها ووهائها.

    وكان الدارقطني أعلّه أولاً بوهم يحيى بن سليم، ثم ذكر من خالفه، وهذا يشعر بأن العلة باقية حتى لو لم تصح المخالفة، قال (في العلل: 12/386): "يرويه عمران بن مسلم القصير، واختلف عنه، فرواه يحيى بن سليم الطائفي عن عمران بن مسلم عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر. ووهم فيه، وكان كثير الوهم في الأسانيد. وخالفه بكير بن شهاب الدامغاني ويوسف بن عطية الصفار...".

    وقال أبو داود في مسائله عن أحمد (1879): قلت لأحمد: يحيى بن سليم عن عمران القصير عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من قال في سوق من أسواق المسلمين" مثل حديث قهرمان آل الزبير؟ قال أحمد: "عمران لم يحدث عن عبد الله بن دينار، وهذا حديث منكر". فقلت لأحمد: لعله غير ذاك، أعني: لعل عمران هذا غير عمران بن مسلم أبي بكر البصري القصير؟ فسكت أحمد.

    12- ذكر المؤلف (ص50) أن حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر يروى من وجه آخر: عن مسروق بن المرزبان، عن حفص بن غياث، عن هشام بن حسان، عن عبد الله بن دينار به.
    ثم أطال في رد كلام الذهبي لما تعقب الحاكم بأن مسروق بن المرزبان ليس بحجة.

    فذكر أن صالح جزرة قال في مسروق: صدوق، وأن ابن حبان ذكره في الثقات.

    وذكر أن أبا زرعة الرازي روى عنه، وأن من عادة أبي زرعة أنه لا يروي إلا عن ثقة. وهذه الحجة لا تستقيم مع تضعيف بعض الأئمة مسروقًا - وقد نص على هذا الألباني رحمه الله في أجوبته أسئلة أبي الحسن المأربي (س34) -، بل إنّ فيها نظرًا على إطلاقها، قال ابن رجب (في شرح العلل: 1/386): "والذي يتبين لي من عمل الامام أحمد وكلامه أنه يترك الرواية عن المتهمين والذين كثر خطؤهم للغفلة وسوء الحفظ، ويروي عمن دونهم في الضعف، مثل من في حفظه شيء ويختلف الناس في تضعيفه وتوثيقه، وكذلك كان أبو زرعة الرازي يفعل".

    ثم ذَكَرَ قول أبي حاتم الرازي في مسروق: "ليس بقوي، يكتب حديثه"، ثم قال: "مع أنه روى عنه"، ورواية الإمام عنه لا تفيد توثيقه مطلقًا - كما سبق -.

    ثم قال المؤلف: "أما قوله - يعني: قول أبي حاتم في مسروق -؛ فهو تليين منه لمسروق، لا ينزل بحديثه عن مرتبة الاحتجاج، ولا يفيد الضعف الذي يرد به الخبر".

    لكن المؤلف غفل أو تغافل عن كلمة أبي حاتم الأخرى التي نقلها ابن حجر في التهذيب، قال في أبي هشام الرفاعي: "هو مثل مسروق بن المرزبان"، وأبو هشام هذا قال فيه أبو حاتم: "ضعيف، يتكلمون فيه"، وقال البخاري: "رأيتهم مجتمعين على ضعفه".

    والمقصود أن في مسروق هذا ضعفًا لا يخفى.

    وإذا نظرت إلى شيخه ( حفص بن غياث )، وجدت كبار الأئمة يروون عنه، كعلي بن المديني وإسحاق بن راهويه وأحمد بن حنبل وغيرهم، وبعضهم قد أنكر هذا الحديث وضَعَّفه، فمن أين أتى مسروق الضعيفُ هذا بهذه الرواية؟! وكيف تفرد بها عن هؤلاء الأئمة، الذين لو عرفوا أنّ الحديث الذي أنكروه عند شيخهم حفص بن غياث بسند صحيح؛ لسارعوا إلى روايته، ولَمَا حكموا بنكارته وضعفه.

    هذا زيادةً على أن رواية مسروق بن المرزبان هنا تؤدي إلى جعل حفص بن غياث يخالف جماعة من الرواة، فيهم بعض الثقات - ويأتي -، وهذه المخالفة تؤكد تخليط مسروق في هذا الحديث.

    13- نقل (ص52) عن صاحب رسالة "بذل الجهد"= أنه أعل رواية مسروق بأن عبد الله السهمي وفضيل بن عياض وعبد الأعلى بن سليمان وسويد بن سعيد رووه عن هشام بن حسان عن عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير عن سالم عن أبيه عن جده.

    ثم أخذ يجيب عن هذه الروايات:

    أ- فأما رواية الفضيل بن عياض، فقد أخرجها ابن عدي من طريق يحيى بن طلحة اليربوعي عن الفضيل. قال المؤلف (ص53): "هذا إسناد ضعيف، آفته يحيى بن طلحة، وهو ابن أبي كثير اليربوعي"، إلى أن قال: "فإن قيل: تابعه محمد بن يحيى المكي... أخرجه أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الأصبهاني المعروف بأبي الشيخ الأنصاري في طبقات المحدثين بأصبهان...: حدثنا عبد الله بن بندار الضبي، قال: ثنا محمد بن يحيى المكي، قال: ثنا فضيل بن عياض به.
    قلت
    - والكلام للمؤلف - : عبد الله بن بندار مجهول؛ ترجم له أبو نعيم في ذكر أخبار أصبهان (2/60)، وقال: كان من الصالحين، توفي سنة أربع وتسعين ومائتين.
    فمثله لا يحتج به
    " انتهى كلامه.

    وقد ترجم لعبد الله بن بندار قبل أبي نعيم: أبو الشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان (3/376)، وقال: "كان من عباد الله الصالحين"، فكأن أبا نعيم استفاد هذه الكلمة من أبي الشيخ، ثم قال أبو الشيخ: "حكي عن محمد بن يحيى بن منده أنه لما بلغه موته قال: ( ما خلف بعده مثله ) ".

    وجهالة حال عبد الله بن بندار هذا لا تضر، فالمتأخرون ممن هم في طبقته كان جلّ رواياتهم بالكتب والإجازات، ولم يكن الحفظ مشهورًا عندهم، ثم الرجل قد أثنى عليه أبو الشيخ وابن منده بما ذُكر.

    ومن كانت هذه حالُهُ فلا يصح أن يطلق عليه كما أطلق المؤلف: "لا يحتج به"! بل هو صالح، خاصة إذا توبع ولم يأتِ بما يستنكر، وقد توبع شيخُهُ هنا، وإن كان متابِعُهُ ( يحيى بن طلحة اليربوعي ) لين الحديث - حسب قول ابن حجر في التقريب -؛ إلا أن هذا يفيد أن لروايته أصلاً، ثم قد توبع شيخُ شيخه - وهو الفضيل -، كما سبق ويأتي.

    ب- وأما رواية عبد الأعلى بن سليمان عن هشام بن حسان، فقد أعلّها المؤلف بعبد الأعلى نفسه، وذكر أنه ضعيف، ثم ذكر أنه مستور الحال، وقد ذكره ابن حبان في الثقات.

    ومن كانت هذه حاله؛ فيصح أن يكتب حديثه، ويصلح في المتابعات، خاصة أنه تابعه الفضيل بن عياض وغيره من الثقات.

    ج- وأما رواية سويد، فقد أخذ يعلها بسويد بن سعيد، بعد أنْ ذكر أنَّ الدارقطني ذكر روايته - أي: رواية سويد بن سعيد - في العلل (2/49).

    ولن تجد ذكرًا لسويد بن سعيد هناك، فإنما هو سويد بن عبد العزيز، ويبدو أن المؤلف تابع صاحب رسالة ( بذل الجهد ) على هذا الخطأ - إن كان صاحب الرسالة قد أخطأ، ولم يُخطَأ عليه، فليست الرسالة بين يديّ -.

    فهل يصدق في المؤلف نحو ما ذكره هو (ص56) في بعض الدكاترة المحققين الذين "قلدوا دكتورًا مفهرسًا لا يعرف من علم الحديث إلا فهرسته، وليته يتقنها!! عندئذٍ - والكلام للمؤلف - تذكرت كلمة الإمام الكبير، الحافظ الذهبي، والتي أوردها أثناء ترجمة أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - في تذكرة الحفاظ (1/4): ( وإن عرفت إنك مخلط مخبط مهمل لحدود الله؛ فأرحنا منك، فبعد قليل ينكشف البهرج، وينكب الزغل، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله، فقد نصحتك؛ فعلم الحديث صلف، فأين علم الحديث؟ وأين أهله؟ كدت إن لا أراهم إلا في كتاب، أو تحت تراب ) "؟!!

    وسويد بن عبد العزيز ضعيف جدًّا، له مناكير، وفي روايته هذه مخالفةٌ كما ذكر الدارقطني، فليست مفيدة شيئًا.

    فهذه جملة ما أجاب به المؤلف على هذه المتابعات، وفيه تعسف - كما ظهر - في تضعيفها لئلا يثبت بها خطأ مسروق بن المرزبان الضعيف في روايته عن حفص بن غياث عن هشام بن حسان.

    ومن أعجب العجب أن المؤلف أغفل رواية عبد الله بن بكر السهمي التي أخرجها الطبراني في الدعاء بإسناد صحيح من طريق أبي بكر بن أبي شيبة عن عبد الله بن بكر، وهي أقوى هذه المتابعات وأصحها، وعبد الله بن بكر ثقة حافظ، وروايته هذه كافية في القضاء على رواية مسروق بن المرزبان، ولا أدري ما الذي دعا المؤلف إلى إغفالها مع أنه ذكرها في الإجمال قبل أن يفصّل الجواب عن كل متابعة؟!!!

    ولا يضرها ما أخرجه تمام في فوائده (1598-الروض) عن محمد بن حميد الكلابي، عن أحمد بن منصور الرمادي، عن عبد الله بن بكر السهمي به؛ فجعله من مسند ابن عمر، فإن ابن عساكر ترجم لمحمد بن حميد هذا (52/371) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً، وتفرُّده عن الثقة الإمام أحمد بن منصور الرمادي بهذه الرواية المخالِفة يقتضي نظرًا، خاصةً أنه جعل الرمادي يخالف اثنين: أبا بكر بن أبي شيبة في روايته عن السهمي، وأحمد بن يحيى السوسي في روايته عن عبد الأعلى بن سليمان، ثم جعلهما ( السهمي وعبد الأعلى ) يخالفان الجمع ( الفضيل بن عياض ومن معه ). فروايته هذه خطأ، أو تقصير منه في ذكر عمر - رضي الله عنه -.

    ولم يذكر المؤلف متابعةً أخرى - مع أنه وقف على روايةٍ للحديث قبلها بأسطر في مصدرها -؛ أخرجها الرامهرمزي في المحدث الفاصل (ص333) عن عبد الله بن أحمد، عن إبراهيم بن سعيد الجوهري، عن روح بن عبادة، عن هشام بن حسان، به.

    وعبد الله بن أحمد هو ابن معدان الغزَّاء الثغري، وقد أكثر عنه الرامهرمزي، وأخرج له غير رواية عن إبراهيم بن سعيد الجوهري، وهذا يدل على أنه مقبول الرواية ما لم يأتِ بمنكر.

    وشيخه هنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ثقة حافظ، وشيخه روح بن عبادة - المتابِع للفضيل بن عياض ومن معه - ثقة حافظ أيضًا.

    فاجتمعت أربع متابعات: الفضيل بن عياض، وعبد الأعلى بن سليمان، وعبد الله بن بكر السهمي، وروح بن عبادة، وأسانيدها صحيحة أو صالحة، وهي باجتماعها أقوى - بلا ريب - من رواية مسروق بن المرزبان عن حفص بن غياث.

    فهذه أسانيدٌ بين الصلاح والصحة اجتمعت، لكن المؤلف أبى إلا أن يضعفها جميعًا، ويصحح رواية مسروق بن المرزبان عليها، فهل يُوجَّهُ إليه كلام الألباني - رحمه الله - الذي نقله هو في كتابه هذا (ص38): "أنه لا يتبنى قاعدة تقوية الضعيف بكثرة الطرق التي لم يشتد ضعفها، كما قرره ابن الصلاح في المقدمة، وأشاد بها شيخ الإسلام ابن تيمية في غيرما موضع من كتبه وفتاويه..."؟!!

    ولا أدري لمَ يقوِّي المؤلف أولَ كتابه بعضَ المناكير ببعض، ويأبى هنا أن يقوي ما يُحتمل ضعفُهُ بمثله؛ بل بأسانيد صحيحة؟!!

    ورواية مسروق التي يقويها المؤلف جاءت على جادة مسلوكة، وهي رواية عبد الله بن دينار عن ابن عمر، واحتمال الوهم إلى سالك الجادة أقرب مِنه إلى مَنْ خالفها، فإنَّ مَنْ روى الحديث عن هشام عن عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن جده ( وَهُم جماعة )= سيكون أكثر تثبتًا وحفظًا؛ لغرابة هذا الإسناد، وعدم اشتهاره. أما عبد الله بن دينار عن ابن عمر؛ فكلٌّ يُحسن هذا.

    وانظر عللاً أخرى في رواية مسروق هذه في تخريج الذكر والدعاء، للشيخ ياسر بن فتحي (2/688).

    فثبت أن رواية مسروق خطأ، وأن الروايات الأخرى عن هشام بن حسان ثابتة، وتعيد الحديث إلى عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير.

    14- ذكر (ص58) الشاهد الثاني، وهو حديث عبد الله بن عباس - رضي الله عنه -، وكفانا مؤنة تضعيفه وبيان شدة نكارته.

    15- ذكر (ص68) أحاديث الباب، وبدأها بحديث بريدة - رضي الله عنه -، وفي بعض أسانيده: قال شعيب بن حرب: نا جار لنا يكنى أبا عمر. قال المؤلف: "وأبو عمر؛ هو محمد بن أبان الجعفي، كما في التاريخ الكبير، وهو ضعيف".

    وقال (ص70): "وعند ذكر البخاري محمد بن أبان هذا في التاريخ الكبير؛ أثبت أنه جار لشعيب بن حرب؛ فتدبر".

    والذي في التاريخ الكبير (1/179): محمد أبو عمر، قال شعيب بن حرب: هو جار لنا. سمع علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة، عن أبيه، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل السوق قال: بسم الله... قال محمد: هذا لا يتابع عليه".

    ولما ذكر البخاري محمد بن أبان هذا قال (1/34): "محمد بن أبان بن صالح بن عمير، عن أبي إسحاق وحماد بن أبي سليمان. يتكلمون في حفظه. حديثه في الكوفيين. قال عبد الله بن عمر بن محمد بن أبان بن صالح بن عمير: نحن من العرب، وقع علينا سبي في الجاهلية، وتزوج محمد في الجعفيين، فنسب إليهم. مولى لقريش، أبو عمر".

    وهذا لا يفيد أن البخاري عيّن أبا عمر بأنه ابن أبان الجعفي كما تُوهِمُ عبارة المؤلف. وتكفي في تعيينه الروايات الأخرى.

    وقد ذكر المؤلف أن الألباني - رحمه الله - ضعّف الحديث، وكأنه أقرّه، والحق أنه منكر، لتفرد محمد بن أبان به - كما حكم البخاري -، وتفردات الضعفاء منكرة - كما قرر المؤلف (ص22) -، خاصة إذا أنكر الأئمةُ على الضعيف تفرُّدَهُ، والبخاري يشير إلى ذلك بقوله: "لا يتابع عليه".

    ولا يظهر من متن هذا الحديث شهادة للحديث الأصلي، ففيه دعاء جديد للسوق، وليس الذكر المذكور في حديث ابن عمر، ولا فضلَهُ.

    16- حديث عليّ - رضي الله عنه - موضوع - كما بيّن المؤلف (ص71) -.

    17- ذكر المؤلف (ص71) حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وقد جاء من طريق عثمان بن صالح السهمي عن ابن لهيعة عن أبي قبيل حيي بن هانئ عن عبد الله بن عمرو به.

    قال (ص71): "وأما ما يخشى من ضعف ابن لهيعة - لاحتراق كتبه واختلاطه -؛ فهو مأمون هنا، فالراوي عنه - عثمان بن صالح السهمي - سمع منه قبل احتراق كتبه؛ قاله ابن سيد الناس في النفح الشذي (2/803)".

    وقد تعقب محقق النفح الشذي الشيخ أحمد معبد عبد الكريم عَدَّ ابنِ سيد الناس عثمانَ بن صالح فيمن سمع من ابن لهيعة قبل احتراق كتبه، وأثبت أنه سمع بعد ذلك منه، وأن سماعه قبل احتراق الكتب محتمل، إلا أنه ليس كذلك مطلقًا. ولا أدري لمَ لمْ يلتفت المؤلف إلى هذا؟!

    ثم لعثمان هذا مناكير عن ابن لهيعة، قال البرذعي (في سؤالاته أبا زرعة: 2/417): "رأيتُ بمصر نحوًا من مائة حديث عن عثمان بن صالح عن ابن لهيعة عن عمرو بن دينار وعطاء عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، منها: "لا تُكرم أخاك بما يشق عليه". فقال - يعني: أبا زرعة الرازي -: ( لم يكن عثمان عندي ممن يكذب، ولكن كان يكتب الحديث مع خالد بن نجيح، وكان خالد إذا سمعوا من الشيخ أملى عليهم ما لم يسمعوا، فبُلُوا بـه ) ".

    وكلا الاحتمالين قائم: أنه سمع من ابن لهيعة بعد الاحتراق، وأن خالد بن نجيح - وهو كذاب - أدخل هذا الحديثَ فيما أدخل.

    هذا كلُّه على التسليم بأن حديث ابن لهيعة قبل احتراق كتبه مقبول، وإلا فالذي يترجح أن ابن لهيعة ضعيف مطلقًا، وله تخاليط وأغاليط.

    وتفرده بهذا الإسناد الغريب مظنة الخطأ والنكارة.

    ويُنظر في سماع أبي قبيل من عبد الله بن عمرو، فإن له روايات بواسطة عنه.

    18- ذكر (ص72) حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، ونقل عن الألباني - رحمه الله - تضعيفه إياه بعلي بن زيد بن جدعان، إلا أنه قال: "فمثله صالح للاستشهاد"، لكن عليًّا هنا قد تفرد عن أبي عثمان النهدي، وبيّن المؤلف أن المتابعة التي ذكرها ابن كثير منكرة، ولا تفيد، فراويها زياد الجصاص منكر الحديث، ضعيف جدًّا، واقتصر الألباني - رحمه الله - على كون زياد هذا "ضعيفًا اتفاقًا"، والظاهر أنه شديد الضعف، وقد قال غير واحد من الأئمة: إنه متروك. بل ربما كان علي بن زيد بن جدعان أخذ هذا الحديث عن هذا المتروك، فهو به أولى.

    والراوي عن زياد الجصاص ( محمد بن عقبة الرفاعي ) ليس بالمشهور - كما قال الألباني -، قال فيه أبو حاتم: شيخ.

    وبالنظر إلى متن الحديث، تجد أنه - لو استُشهِدَ به - استُشهِدَ للفضل الوارد في حديث السوق، وهو الذي دعى ابن كثير إلى أن يقول: "وفي معنى هذا الحديث..."، وأما تخصيص ذكرٍ أو دعاءٍ بدخول السوق، فليس في هذا الحديث ما يشهد له.

    19- ذكر المؤلف (ص74) موقوفَ ابن مسعود - رضي الله عنه -، وذكر أن سليم بن حنظلة روى عنه جمع من الثقات، ووثقه ابن حبان، وقال له ابن مسعود: أنت إمامنا.

    فأما قوله "وثقه ابن حبان"؛ فصوابه: ذكره في الثقات، وبينهما فرق لا يخفى.

    وقد قال المؤلف في كتابه هذا (ص41): "وأما توثيق ابن حبان؛ فلا يحتج به؛ لأنه يوثق المجاهيل، كما لا يخفى على طلاب العلم الجادين".

    وأما قول ابن مسعود لسليم: أنت إمامنا، ففي إسناده اختلاف ذكره البخاري في التاريخ الكبير (4/124).

    وعلى كلٍّ؛ فليس في حديث ابن مسعود - فيما يظهر - شهادة للحديث الأصلي، وهو ذكر دخول السوق والأجر المترتب عليه.

    20- ذكر المؤلف (ص75) مرسل أبي صالح ذكوان السمان، وكفانا بيان وهاء إسناده وسقوطه.

    خلاصة:

    1- ورد الحديث من طريق سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، عن أبيه، عن جده، وجاءت الرواية عنه من طريق خمسة رواة:
    أ- عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير، وهو متروك الحديث.
    ب- محمد بن واسع، ومتابعته هذه منكرة، تفرد بها أزهر بن سنان، وهو ضعيف جدًّا، منكر الحديث على قلّته.
    ج- مهاصر بن حبيب، وهذه المتابعة منقطعة منكرة أيضًا.
    د- عبيد الله بن عمر، وإسناد هذه المتابعة واهٍ بمرة - كما قال المؤلف -.
    هـ - أبو عبد الله الفراء، وإسناد متابعته هذه ضعيف جدًّا - كما قال المؤلف أيضًا -.

    2- من شواهد الحديث التي عُضِّد بها: حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر، وقد جاء عن عبد الله من طريق راويين:
    أ- عمران بن مسلم، ومتابعته هذه منكرة، تفرد بها يحيى بن سليم الطائفي، وروايته منكرة عن عمران.
    ب- هشام بن حسان، ومتابعته هذه منكرة معلولة، سببها خطأ أخطأه مسروق بن المرزبان، وهو ضعيف.
    وكلا هاتين الروايتين عائدٌ إلى الرواية الأصلية ( رواية قهرمان آل الزبير ).

    ويأخذك العجب ممن يستشهد لحديثٍ بالحديث نفسِهِ!

    3- من شواهد الحديث: حديث عبد الله بن عباس، وقد بيّن المؤلف سقوطه وشدة ضعفه.

    4- في الباب أحاديث لا يقوم منها ما يشهد لحديث ابن عمر ( حديث السوق ):
    أ- حديث بريدة، منكر، تفرد به محمد بن أبان، وهو ضعيف.
    ب- حديث علي، موضوع.
    ج- حديث عبد الله بن عمرو، منكر، تفرد به ابن لهيعة، وعنه عثمان بن صالح، وفي رواية عثمان عن ابن لهيعة مناكير.
    د- حديث أبي هريرة، منكر، تفرد به علي بن زيد بن جدعان، وجاءت متابعة له لا تفيده.
    هـ- موقوف ابن مسعود، في بعض رواته جهالة، وليس في متنه شهادةٌ لحديث ابن عمر.
    و- مرسل أبي صالح السمان، منكر.

    فهذه طرقُ الحديث، وهذه شواهدُهُ، فأنى له الصحة!

    ولا يمكن أن تُقوَّى هذه الروايات ببعضها ألبتة إلا على التساهل في تقوية المناكير ببعضها، ولا يصح هذا، وليس من منهج أئمة الحديث المتقدمين، وهؤلاء أعمدة علم الحديث وواضعوه، ومنهم يُستقى ويُستفاد، ولا يُرَدُّ بتنظيراتِ غيرِهم أو تطبيقاتهم على تنظيراتهم وتطبيقاتهم.

    وقد كثرت رواياتُ هذا الحديث، ووقف عليها الأئمة المتقدمون، ومع ذلك تجد الإمام يعقوب بن شيبة يقول: "هو حديث ليس بصحيح الإسناد، ولا له مخرج يرضاه أهل العلم بالحديث".

    وهذا يدلّ على أن الرضا ببعض تلك المخارج، وتقوية الحديث بها= ليس من سبيل أهل العلم بالحديث.

    هذا، والله أعلم،
    وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    ملحوظة:
    استفدتُ - ويُستفاد - من هذه الموضوعات:
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=538
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=3331
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=8361
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=75269

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,642

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد بن عبدالله مشاهدة المشاركة
    وحديث السوق هذا من الأحاديث التي كثر حولها الكلام، وهو - عند التأمل - من الأدلة البيّنة الظاهرة على الفرق بين منهج المتقدمين ومنهج المتأخرين ومن تابعهم من المعاصرين في علم الحديث النبوي.

    نفع الله بك أخي محمد
    يسرني متابعتك لصفحتي على الفيسبوك
    http://www.facebook.com/profile.php?...328429&sk=wall

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    3,215

    افتراضي رد: نظرات في "القول الموثوق في تصحيح حديث السوق" لسليم الهلالي

    شكرا لك
    ومع ذلك تجد الإمام يعقوب بن شيبة يقول: "هو حديث ليس بصحيح الإسناد، ولا له مخرج يرضاه أهل العلم بالحديث".
    قال الامام المنذري رحمه الله :
    وناسخ العلم النافع :
    له أجره وأجر من قرأه أو كتبه أو عمل به ما بقي خطه ،
    وناسخ ما فيه إثم :
    عليه وزره ووزر ما عمل به ما بقي خطه .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي رد: نظرات في "القول الموثوق في تصحيح حديث السوق" لسليم الهلالي

    بارك الله فيكما.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    22

    افتراضي رد: نظرات في "القول الموثوق في تصحيح حديث السوق" لسليم الهلالي

    جزاكم الله خيرًا

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    403

    افتراضي رد: نظرات في "القول الموثوق في تصحيح حديث السوق" لسليم الهلالي

    جزاكم الله خيرا يا شيخ محمد .
    وهل من بحث شافٍ حول ضابط تقوية الحديث بالطرق الضعيفة ؟

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    المشاركات
    2,120

    افتراضي رد: نظرات في "القول الموثوق في تصحيح حديث السوق" لسليم الهلالي

    جزاكم الله خيرا
    منذ مدة وأنا أستنكر متنه..
    إذا لو كان صحيحا..لذهبنا نسكن الأسواق!
    وكنت أرجو أن يتهيأ لي النظر إلى بحث مستفيض في تخريجه..
    نفع الله بكم..وزادكم من فضله

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,089

    افتراضي رد: نظرات في "القول الموثوق في تصحيح حديث السوق" لسليم الهلالي

    إذا لو كان صحيحا..لذهبنا نسكن الأسواق!
    بارك الله فيك أخي أبا القاسم
    نقد الحديث إما أن يتوجه إلى سنده أو متنه أو كليهما معا
    وما ذكرته نقد للمتن ونقد المتون له ضوابط وشروط
    وما ذكرته لا يستقيم أن يكون قادحا في المتن ولا تعلل المتون بمثل هذا
    وقد كان ابن عمر يخرج للسوق ليس لشيء إلا لطرح السلام
    وأنا أعلم أن كلمتك عابرة إلا أن المخالف سيتخذها ممسكا ويقول أنظروا بما يعللون الأحاديث؟!
    بارك الله فيكم
    قال السراج البلقينـي في محاسن الاصطلاح ص176:
    " لكن الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض "

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: نظرات في "القول الموثوق في تصحيح حديث السوق" لسليم الهلالي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو القاسم مشاهدة المشاركة
    منذ مدة وأنا أستنكر متنه..
    إذا لو كان صحيحا..لذهبنا نسكن الأسواق!
    وفقك الله، قد يقال: إن ذاك مخصوص بالدخول فقط، أي بالانتقال من خارج السوق إلى داخل السوق.
    فعلى ذلك كان ينبغي أن تتخذ بيتا على باب السوق ( ....... ابتسامة ........ ).
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    359

    افتراضي رد: نظرات في "القول الموثوق في تصحيح حديث السوق" لسليم الهلالي

    نقد المتون بابٌ خلص لجهابذة النقاد

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    المشاركات
    2,120

    افتراضي رد: نظرات في "القول الموثوق في تصحيح حديث السوق" لسليم الهلالي

    أضحك الله سنك يا شيخ أبا مالك..ورفع قدرك
    أخي العزيز أمجد..إنما هذه نكارة قلبية لا أعلنها..أو أجزم بها حتى يظهر لي الدليل
    ومعلوم أن الأجر العظيم جدا إذا رتب على شيء لا يظهر منه وجه في ذلك..كان محل نظر..
    وفي قضيتنا هذه خاصة..فقد ثبت أن الأسواق قابل بها النبي صلى الله عليه وسلم المساجد..
    كما عند مسلم "أحب البلاد إلى الله مساجدها وأبغض البلاد إلى الله أسواقها "
    والله الموفق

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,089

    افتراضي رد: نظرات في "القول الموثوق في تصحيح حديث السوق" لسليم الهلالي

    إنما هذه نكارة قلبية لا أعلنها..أو أجزم بها حتى يظهر لي الدليل
    أحسنت فما من علة في المتن إلا وتفسيرها في السند لكنها كثيرا ما تخفى على المشتغلين بهذا الفن

    ومعلوم أن الأجر العظيم جدا إذا رتب على شيء لا يظهر منه وجه في ذلك..كان محل نظر..
    هذا صحيح نبه عليه ابن القيم وغيره

    وفي قضيتنا هذه خاصة..فقد ثبت أن الأسواق قابل بها النبي صلى الله عليه وسلم المساجد..
    كما عند مسلم "أحب البلاد إلى الله مساجدها وأبغض البلاد إلى الله أسواقها "
    لا يلزم من استحباب الذكر في موضع أفضلية هذا الموضع
    كما هو في الخلاء وغيره
    بوركت
    قال السراج البلقينـي في محاسن الاصطلاح ص176:
    " لكن الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض "

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: نظرات في "القول الموثوق في تصحيح حديث السوق" لسليم الهلالي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمجد الفلسطينى مشاهدة المشاركة
    لا يلزم من استحباب الذكر في موضع أفضلية هذا الموضع
    كما هو في الخلاء وغيره
    بوركت
    وفقك الله، لعله يعني شيئا آخر، فأذن لي:
    الإشكال أن ذم الأسواق ينصرف في الذهن إلى عدم الدخول إليها إلا للضرورة، ولا يظهر بادي الرأي معنى للذم إلا ذلك.
    فإذا كان دعاء دخول السوق له هذا الثواب العظيم لوجدنا الصحابة يسارعون إلى الإكثار من الدخول لتحصيل هذا الثواب العظيم، فكيف يكون الشيء مطلوبا مذموما في آن واحد من وجه واحد؟

    المقصود أن التعارض حاصل بين حديث ذم الأسواق وهذا الحديث.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    المشاركات
    2,120

    افتراضي رد: نظرات في "القول الموثوق في تصحيح حديث السوق" لسليم الهلالي

    جزاك الله خيرا يا شيخ أبا مالك..
    ما شعرت أن شخصا تكلم بلساني قط..مثل اليوم!
    فسبحان الله(!!)

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,089

    افتراضي رد: نظرات في "القول الموثوق في تصحيح حديث السوق" لسليم الهلالي

    بارك الله فيكم

    دخول السوق إما أن يكون لغرض دنيوي أو أخروي
    فالأول قد يكون حراما كما هو في حق أصحاب الصخب ورفع الأصوات والشجار والحسد ونحوه
    وقد يكون مكروها أو مباحا كالذهاب للشراء أو البيع المطلق على تفصيل من حيث الحاجات والضرورات

    والثاني كالذهاب لتذكير الناس ووعظهم وتكثير الحسنات بطرح السلام وإعانة المحتاج ونحوه
    إذا تقرر هذا لم يكن هذا الشيء مذموما ممدوحا في آن واحد من وجه واحد
    لأن الوجوه تعددت فشتان ما بين الدخولين
    وسياق الحديث يدل على أن المذموم الدخول الأول لا الثاني

    وأما عدم وروده عن الصحابة فلا يعترض به علينا لأن لا نقول بتصحيح الحديث فنحن نتكلم على جزئية معينة وإلا فالحديث ضعيف كما تقدم في كلام العلماء

    ومما يدل على عدم التعارض بين الحدثين ما ذكره البخاري في الأدب المفرد قال:حدثنا إسماعيل قال حدثني مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أن الطفيل بن أبي بن كعب أخبره : أنه كان يأتي عبد الله بن عمر فيغدو معه إلى السوق قال فإذا غدونا إلى السوق لم يمر عبد الله بن عمر على سقاط ولا صاحب بيعة ولا مسكين ولا أحد إلا يسلم عليه قال الطفيل فجئت عبد الله بن عمر يوما فاستتبعني إلى السوق فقلت ما تصنع بالسوق وأنت لا تقف على البيع ولا تسأل عن السلع ولا تسوم بها ولا تجلس في مجالس السوق فاجلس بنا ها هنا نتحدث فقال لي عبد الله يا أبا بطن وكان الطفيل ذا بطن إنما نغدو من أجل السلام على من لقينا
    قال السراج البلقينـي في محاسن الاصطلاح ص176:
    " لكن الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض "

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    المشاركات
    2,120

    افتراضي رد: نظرات في "القول الموثوق في تصحيح حديث السوق" لسليم الهلالي

    أخي الكريم أمجد..
    لم يحرم أحد دخولا مطلقا للسوق
    فكلامك بارك الله فيك بعيد عن محل النقاش..
    ولا يخفاك أن الصحابة لو بلغهم فضل دخول السوق..بهذا القدر الكبير الوارد...
    لنقل إلينا حرصهم على ذلك لتحقيق هذه الفضيلة..كما نقل حرصهم على ما هو دون ذلك بكثير
    وحيث إن الإسناد ضعيف..فكلامي الأصلي عن المتن منسجم مع السند..
    ولله الحمد..
    أما دخول الخلاء..فالذكر الوارد فيه للوقاية من الشياطين الساكنة فيه
    وليس فيه من قال كذا عند دخول الخلاء فله آلاف مؤلفة من الحسنات
    فعلم الفرق بين الفضل والأجر المترتب على ذكر ما في حالة مخصوصة..
    وبين مطلق الذكر المنوط بسبب..
    فالأولى تقتضي الحرص على إيجاد هذه الحالة المخصوصة..وهو دخول السوق..والثانية :لا
    وقد سبق بيان كراهة الله للأسواق..ومقابلت ها بالمساجد..
    وهذا تناقض ظاهر

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    412

    افتراضي رد: نظرات في " القول الموثوق في تصحيح حديث السوق " لسليم الهلالي

    هل وقفت أخي محمد على رسالة بذل الجهد في تخريج حديثي السوق والزهد للشيخ عادل السعيدان تقديم الشيخ مقبل لأن الشيخ الألباني نقدها وحذر منها ؟
    وهل عندك جواب عن رد الشيخ الألباني ؟ بارك الله فيك.

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي رد: نظرات في " القول الموثوق في تصحيح حديث السوق " لسليم الهلالي

    وفيك بارك الله.
    يبدو أنك لم تقرأ النظرات أخي (عبدالله).
    وجزاك الله خيرًا.

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    412

    افتراضي رد: نظرات في " القول الموثوق في تصحيح حديث السوق " لسليم الهلالي

    سوف أقرأه مرة أخرى قرأته قديما بل طبعته !!!
    لكن ما رأيك الآن في رسالة رسالة بذل الجهد في تخريج حديثي السوق والزهد هل وقفت عليها بدون واسطة ؟
    نتمى منك نشرها على شبكة بصيغة pdf

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Aug 2009
    الدولة
    الإسكندرية ـ مصر
    المشاركات
    40

    افتراضي رد: نظرات في " القول الموثوق في تصحيح حديث السوق " لسليم الهلالي

    جزاك الله خيرًا يا شيخ محمد على هذا النقد الرائع ، ونفعنا بعلومك.

    وقد وقفت مؤخرًا على بحث نفيس للدكتور ماهر الفحل في كتابه ((الجامع في العلل والفوائد)) (5/259-270) انتهى فيه إلى نكارة هذا الحديث.
    قال الدكتور : (( من خلال ما تقدم يتبين أن الطريق المعتمد في هذا الحديث هو طريق عمرو بن دينار. وأن الطرق الأخرى تحصّل بها التفرد من المتروكين والهلكى ، بل وخالف بعضهم بعضًا ؛ لذلك فإن الحديث كيفما دار دار على ضعيف لا يحتمل هذا. ))
    وقد سمعت الشيخ المحدث عبد الله السعد يقول مثل ذلك أيضًا، وأن الطرق خلا طريق عمرو بن دينار معلولة.
    وكما قال يعقوب بن أبي شيبة : ((...إنا نرجو من ثواب الله عزوجل على هذة الكلمات ما روى في هذا الحديث، وأكثر منه، فهو أهل الفضل والإحسان....))

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •