المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو فهر السلفي
هذا المعنى بالصورة التي اعتدنا تطبيقه بها في زماننا هو تصور حادث في منهجيات البحث عند المعاصرين..
إنْ قصدتَ المؤاخذة بالجملة والجملتين وما جرى مجراهما في هذا السبيل؛ فنعم.
وإن قصدتَ مطلق النقل: فدعوى ممجوجة كما سيأتي.
أما من طالع كتب العلماء على اختلاف أزمانهم بل وأديانهم = يجد أن هذا التدقيق في العزو والرد لم يكن عندهم من الواجبات المتحتمات أبداً،وإلا لما خالف هذا الواجب ذلكم الجم الغفير من العلماء الذين يشيع في كلامهم النقل من غير عزو شيوعاً لا يتسق وعلمهم وديانتهم إن عددناه محرماً(عندهم)
يَرِد عليك: أن بين المتقدمين أنفسهم من كان يصف قرينه أو من قبله بالاختلاس والسطو على كتبه أو كتب الآخرين؟ بل ويأخذه بذلك على وجه المذمة والتنقيص!
بل لجماعة من الأئمة: مصنفات محضة في السرقات الأدبية والشعرية والعلمية! وليست أفرادها بالتي تخفى على أمثالكم يا رعاكم الله.
وهذا سافر: على كون الأمر بيننا وبينهم محض وفاق لولا تشعيث المتأخرين لوجوه مفهوم السطو والأخذ به؟
والحق: أن تلك القضية غَوْرٌ بعيد على غير المتأمل، ومرامٌ شَطَطٌ على دون المتأهِّل!
وميزان هذا الأمر: فيه تفصيل عام وخاص.
1- أما العام: فيتعلق بأصل السطو والسرقة.
2- وأما الخاص: فيتعلق بأصل السارق المتهم؟
وهذا التفصيل يحتاج إلى تفصيل؟ ليس يسعه وقتي الآن؟
وقد كنتُ أوْمَضتُ إلى معناه فيما رددنا به على من تعلق بأمثال ما نحن بصدده في سبيل وصْمِ علامة العراق أبي المعالي الآلوسي بالسطو على مقاطع من كلام ابن خلدون في كتابه: ( بلوغ الأماني ) دون نسبة الكلام إليه؟
وكان من كلامنا في درء تلك الجناية أنْ قلنا:
ومن تأمل كتب الآلوسي الأدبية واللغوية - لا سيما: ( بلوغ الأرب ) - وجد فيها كثيرا من المعاني - وربما الألفاظ - التي يجدها في أسفار من سبقه إلى الكتابة في هذا السبيل.
ومردُّ أكثر ذلك: إنما هو لاتفاقه مع من سبقه في اتحاد المراجع الذي ينهل الجميع منها.
وأنا لا أنكر أن يكون الآلوسي قد استفاد من كتب سواه في هذا الصدد، وربما نقل معاني كلامهم ومعاقده في الجملة، لكنه أخذ ذلك جسدًا فزاده رُوحَا، وأوحى إلى الأسماع أطيب ما يُوحَى!
وكم كان يأخذ المعنى ذَهَبًا فيجعله يتوقَّدُ لَهَبًا، ويتناوله قَبَسًا ثم يُطْلِعه في أُفُقِ البلاغة شُهبًا، مع ما ينشره عليه من الفوائد التي ترقص من أجلها الأعطاف طربًا، وتهتزُّ لها الرءوس عجبًا!
وغير ذلك من المحاسن التي تقف الأفهام دون غايتها، وتُؤمن الأسماع - عند السماع - بعظيم آيتها!
ولقد نظرت في كتب الرجل: فإذا هو كثير التصريح بالعزو إلى كتب من سبقه، بل تلك هي عادته على الحقيقة، فمتى وجدنا من كلامه ما يخالف هذا الأصل = حملناه على السهو والغفلة عن الإحالة؟ دون ما يوهم السطو والاختلاس من كلام الآخرين!
ومثله في تلك البابة: أكثر علماء الإسلام من المتقدمين والمتأخرين.
وهذا بخلاف من كانت عادته سرقة جهود غيره في كل مرة! وفي حق أمثالهم ينزل كلام السيوطي في كتابه ( الفارق بين المصنف والسارق ) وكذا كلام ابن حجر وغيره في هذا الصدد!
والله المستعان لا رب سواه.
ويمكن أن تكون تلك الإجابة: هي نفسها ما يمكن الإجابة به على تلك النقولات في كتب شيخ الإسلام ابن القيم دون نَسَبٍ إلى أصحابها؟
وليس الغمز في أمانة ابن القيم في النقل: من مُحْدَثات تلك الأيام!
فمن قبل: اتهمه الكوثري بأنه اختلس الأبحاث الحديثية وغيرها في كتابه: ( زاد المعاد ) من كتاب ( المورد الهني في شرح سيرة الإمام عبد الغني ) للحافظ قطب الدين الحلبي صاحب ( تاريخ مصر ).، وكذا من كتب غيره من الحفاظ.
وكذا اتهمه بالسطو على ما شذَّ به - في نظر الكوثري - هو وشيخه - يعني أبا العباس النميري - من المسائل التي خالفا فيها أئمة الإسلام - في نظر الكوثري - بكونهما إنما أخَذَاها بالنص من كتب أبي محمد الفارسي، بعد أن زادا في كلامه ونقصا منه لحاجة في النفس!
وقد قضينا على مؤتفكات الكوثري في مكان آخر.
وحسْبُك من شرٍّ سماعُه!
والله المستعان لا رب سواه.