تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 4 من 5 الأولىالأولى 12345 الأخيرةالأخيرة
النتائج 61 إلى 80 من 85

الموضوع: هل وقع أحدكم على نص صحيح صريح في أن الأئمة الأربعة حرموا حلق اللحية ؟

  1. #61
    تاريخ التسجيل
    Feb 2010
    المشاركات
    167

    افتراضي رد: هل وقع أحدكم على نص صحيح صريح في أن الأئمة الأربعة حرموا حلق اللحية ؟

    عفا الله عنك , ما الفرق بين مخالفة المشركين وبين عدم مشابهتهم ؟!
    فترك مشابهتهم تعني مخالفتهم, ومخالفتهم تعني ترك مشابهتهم, وهي المصلحة المتحققة من وجوب إعفاء شعر الذقن والعارضين على كل من وجدت فيه علة الحكم وهي نبات الشعر في أماكن من الوجه .
    فالحكمة والعلة متلازمتان, فالعلة محققة للحكمة, فالحكمة هي الغاية من العلة التي هي سبب ثبوت الحكم الشرعي على المكلف, والأصوليون قد لا يفرقون بين الحكمة والعلة ولكن ذلك في باب الأحكام المستنبطة بالقياس, وليس في باب الأحكام المنصوص عليها في الكتاب والسنة, وفي ظني من هنا وقع لك ولغيرك الاشتباه والخلط وبين أثر الحكم وهو الحكمة وبين سببه الذي هو العلة .
    وإليك تتمة الفائدة من كتاب العلة عند الأصوليين حيث يقول مؤلفه وفقه الله : (( ومن المقرر في دين الإسلام أن الأحكام الشرعية ما شرعت عبثاً ، وإنما شرعت لمصلحة العباد في الدنيا والآخرة ، وهي إما جلب مصلحة أو تكميلها ، أو دفع مفسدة أو تقليلها . وهذا شامل لجميع أحكام الشريعة سواء كانت عبادات أم معاملات . فمن استقراء وتتبع الأحكام الشرعية في الكتاب والسنة وجدها لا تخرج عن هذا ، ومن ذلك قول الله تعالى : ( فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر ) [البقرة : 184] فأباح للمريض والمسافر الفطر في رمضان وذلك لدفع المشقة عنهما . وقوله تعال : ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ) [المائدة : 90] فحرم الشارع الخمر والميسر والحكمة من ذلك صيانة العقل ومنع ما يترتب عليها من مفاسد ومنها العداوة والبغضاء كما قال الله تعالى : ( إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون ) [المائدة:91] .
    فالملاحظ في الأحكام الشرعية هو تحقيق المصلحة : من جلب نفع أو دفع ضر. وهذه هي الحكمة التي أراد الشارع تحقيقها بتشريع ذلك الحكم .
    والاعتبار في تقدير المصالح والمفاسد هو تقدير الشارع ، وليس تقدير الناس ، لأن الناس تختلف عقولهم ، وتتباين أفهامهم ، وتتعدد أهوائهم ، وتكثر رغباتهم ، فقد يقدمون مصالحهم الخاصة على المصالح العامة فتهدر المصالح العامة ، وتسود الفوضى والاضطراب في الأحكام . كما أن الحكمة قد تكون خفية لا يمكن التحقق من وجودها ، وقد تكون أمراً غير منضبط يختلف باختلاف الأحوال أو باختلاف الناس ، لذلك لا يربط التشريع ـ غالباً ـ الحكم بحكمته ، وإنما يربطه بالوصف الظاهر المنضبط ، وهذا الوصف هو مظنة لتحقق حكمة الحكم حيث يغلب مع هذا الوصف تحقق الحكمة من الحكم وهو الذي يسميه الأصوليون : علة الحكم أو مناطه . وهذا هو معنى قولهم : أن الحكم يدور مع علته لا مع حكمته وجوداً وعدماً ؛ أي إذا وجدت العلة وجد الحكم ، وإذا انتفت العلة انتفى الحكم بخلاف الحكمة . فمثلاً : النوم يوجب النقض للطهارة ، وذلك لخروج الخارج بواسطة استطلاق الوكاء بالنوم ، ولكن إدراك الخارج وقت النوم لا يتحقق ، فعلق الشارع النقض على النوم الذي نتحققه لغالب وجود علة النقض ، وهو الخارج . وكذلك : السفر في رمضان علة تبيح الفطر وقصر الصلاة ، والحكمة من ذلك دفع المشقة ، والمشقة أمر تقديري غير منضبط تختلف باختلاف الأشخاص والأحوال ، فإن انتفت المشقة حيث كان السفر لا مشقة فيه، فإنه مع ذلك يبيح له الفطر وقصر الصلاة ؛ لأن السفر هو علة الحكم والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً وليس مع حكمته. فيتبين من هذا أن الحكمة هي المصلحة التي قصد الشارع تحقيقها أو تكميلها ، أو المفسدة التي قصد الشارع درؤها أو تقليلها .والعلة هي الوصف الظاهر المنضبط الذي بني عليه الحكم وجوداً وعدماً . لأنه مظنة تحقق المصلحة المقصودة من تشريع الحكم . فربط الحكم بالعلل يؤدي إلى ضبط الأحكام واستقرار أوامر التشريع ووضوحها )) . انظر كتاب العلة عند الأصوليين .

  2. #62
    تاريخ التسجيل
    Feb 2010
    المشاركات
    167

    افتراضي رد: هل وقع أحدكم على نص صحيح صريح في أن الأئمة الأربعة حرموا حلق اللحية ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله الشهري مشاهدة المشاركة
    أما علة السفر فلم يرد ذكر العلة أصلاً في اي من طرق الحديث لا بالمنطوق ولا بالمفهوم المعتبر ، ومع ذلك فإن المشقة أيضاً قد اعتبرها بعض العلماء علة صالحة لتعليق الحكم عليها ، فهي عندك حكمة وعندهم علة ، وهذا مشاحة في الاصطلاح
    أرجو الإفادة بالإحالة على هذا القائل من العلماء ومحل قوله فضلًا .

  3. #63
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    1,184

    افتراضي رد: هل وقع أحدكم على نص صحيح صريح في أن الأئمة الأربعة حرموا حلق اللحية ؟

    عفا الله عنك , ما الفرق بين مخالفة المشركين وبين عدم مشابهتهم ؟!فترك مشابهتهم تعني مخالفتهم, ومخالفتهم تعني ترك مشابهتهم
    أجاب الله دعوتك. لم أقل ترك المشابهة وإنما حصول المشابهة ذاتها ،فوقوع المشابهة هو العلة لا ترك المشابهة كما قوّلتني من تلقاء نفسك ، فالعلة التي من أجلها نهى عن حلق اللحية هي أن في حلقها مشابهة للكفار ، وهذا منطوق النصوص ، هذه هي العلة أما الحكمة فهي تحقيق المخالفة ، أي أن مقصد الشارع من وضع تلك العلة (أو السبب في عرف بعضهم وهو حكم وضعي والحكم الوضعي أمارات نصبها الشارع للدلالة على الحكم) هو تمييز المسلمين عن غيرهم لا أن تمييز المسلمين عن غيرهم هو العلة ، فإنها هذا لازم ما الزمتني به مما لم أقله.
    فالحكمة والعلة متلازمتان, فالعلة محققة للحكمة, فالحكمة هي الغاية من العلة التي هي سبب ثبوت الحكم الشرعي على المكلف, والأصوليون قد لا يفرقون بين الحكمة والعلة ولكن ذلك في باب الأحكام المستنبطة بالقياس, وليس في باب الأحكام المنصوص عليها في الكتاب والسنة, وفي ظني من هنا وقع لك ولغيرك الاشتباه والخلط وبين أثر الحكم وهو الحكمة وبين سببه الذي هو العلة .
    في بعض كلامك هنا ما يوافق مشاركتي السابقة وفي الباقي كلام بعيد الصلة عن أصل الموضوع ، كذلك الأمر فيما نقلت من الكتاب المذكور فهو عمومي جداً لا يمس تفاصيل الموضوع ، لا سيما مبحث العلة.
    انظر:
    أصول الفقه ، للدكتور عياض السلمي ، ص 180-181 : لبيان إمكان التعليل بالحكمة وتعليق الحكم عليها - خلافاً لقولك
    والحكمة لا يعلق بها الحكم لعدم انضباطها
    وقد أجاد في بيان أنه ممكن واختار القول الصواب فيها ، فانظره مشكوراً ، فإنك إذا قرأته وخاصة قوله:"...غير ممكن عند جماهير العلماء" ، تفهم أن بعض العلماء - جرياً على أصلٍ لهم مختلف - يعللون أحياناً بغير المنضبط ، كالمشقة فإنها غير منضبطة عند البعض ، وكمثال عملي لهذا الأخير انظر : سبل السلام ، جـ 4 : ص 115 . حيث إمكان تعليق الحكم بالمشقة متى وجدت في السفر.


  4. #64
    تاريخ التسجيل
    Feb 2010
    المشاركات
    167

    افتراضي رد: هل وقع أحدكم على نص صحيح صريح في أن الأئمة الأربعة حرموا حلق اللحية ؟

    بارك الله فيك ونفع بك .
    وقولك ( وقوع المشابهة هو العلة , وهو منطوق النصوص ) قد أبعدت النجعة في ذلك حقيقة .
    فعبارة النص في الحديث ( خالفوا المشركين ) ولم تكن العبارة ( إذا شابهتموهم فخالفوهم ) !
    واعلم أن المقصود بالمشركين في إعفاء اللحى هم المجوس وليس عامة المشركين, فالمشركون في عهده صلوات الله وسلامه عليه كانوا يطلقون لحاهم كما تعلم من العرب أو من اليهود .
    وهل تعتقد يا أخي أن الأمر أمر به النبي صلى الله عليه وسلم لوقوع المشابهة في عصره ؟
    ومن المعلوم أن العرب لم تكن تحلق لحاها في الجاهلية ولا في صدر الإسلام إلى عهد قريب, فزعمك بأن العلة وقوع المشابهة تقتضي وقوعها وقت الأمر بالحكم وهذا باطل تمامًا والله الموفق .

    وأما قولك حول ( إمكان التعليل بالحكمة وتعليق الأمر عليها ) فهذا في القياس الذي يستنبط به أحكام الفروع, أو في الاستصلاح كما نبه عليه الدكتور عياض بعد أن ذكر الأقوال في التعليل بالحكمة فقال : (( والكلام هنا ينبغي أن يقصر على تعليل يبنى عليه قياس، أو يبنى عليه تعدية الحكم إلى غير المنصوص عليه بطريق الاستصلاح )). انتهى
    وقال أيضًا : (( وإنما مرادهم عدم جواز التعليل الذي يبنى عليه قياس )) . انتهى
    وسبق أن نبهتك لهذا في المشاركة السابقة بقولي (( والأصوليون قد لا يفرقون بين الحكمة والعلة ولكن ذلك في باب الأحكام المستنبطة بالقياس, وليس في باب الأحكام المنصوص عليها في الكتاب والسنة, وفي ظني من هنا وقع لك ولغيرك الاشتباه والخلط وبين أثر الحكم وهو الحكمة وبين سببه الذي هو العلة )).

    وأما قولك ( وقد أجاد في بيان أنه ممكن واختار القول الصواب فيها ، فانظره مشكوراً ، فإنك إذا قرأته وخاصة قوله:"...غير ممكن عند جماهير العلماء )
    فهذا لا يوجد في كلام الدكتور, وغاية ما حرره الدكتور بأن الحكمة لا يعلل بها إلا إذا انضبطت, والحكمة إذا انضبطت أصبحت علة يعلق عليها الحكم, كما مثل لذلك بعلة قتل القاتل, وقال أن الحكمة ( حفظ النفس ) ولا يصلح التعليل بها, وضبطها العلماء, بالقتل عمدًا وعدوانًا, فأصبح الحكم يدور مع العلة لا مع الحكمة.
    قال الدكتور عياض : (( وأما الحكمة فلا يمكن تعليق الحكم بها دائما؛ إذ لا يجوز أن نقول : كل قتل يغلب على الظن أنه يحفظ النفوس يكون مشروعا، ولكنها قد تكون مما ضبطه الشارع بضابط خاص أو عام فيصلح التعليل بها، وقد تكون غير مضبوطة بضابط محدد فلا يعلل بها إلا ما ورد فيه النص، وما كان أولى منه أو مساويا له في الإفضاء إلى الحكمة جزما من غير أن يترتب عليه مفسدة أخرى أو يخالف نصا أو إجماعا.
    فما ضبطه الشرع بضابط خاص يسمى علة في القياس الشرعي، وما ضبطه بضابط عام يكون قاعدة كلية شهدت لها جزئيات كثيرة في الشريعة بالاعتبار أخذ من مجموعها هذه القاعدة، ويدخل في ذلك مقاصد الشارع والقواعد الضابطة لها. وما كان مساويا للمنصوص أو أولى منه في تحقيق مقصود الشرع هو مفهوم الموافقة، وهو عند الأكثر في معنى النص فلا يسمى قياسا)). انتهى
    على العموم يا أخي أرجو أن تتذكر أن الهدف من المشاركة والنقاش, تبادل الفوائد وليس الغرض المغالبة ونحوه, ولا أظن فيك إلا الخير, غير أن النفس قد تتفلت من ربقتها وإن كان صاحبها من الذين يزمونها بزمام ويخطمونها بخطام وهذا الظن بطلبة العلم من أمثالك . والله يرعاك ويسدد خطاك .

  5. #65
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    1,184

    افتراضي رد: هل وقع أحدكم على نص صحيح صريح في أن الأئمة الأربعة حرموا حلق اللحية ؟

    وفيك بارك ومنك تقبّل.

    وقولك (
    وقوع المشابهة هو العلة , وهو منطوق النصوص ) قد أبعدت النجعة في ذلك حقيقة .
    فعبارة النص في الحديث ( خالفوا المشركين ) ولم تكن العبارة ( إذا شابهتموهم فخالفوهم ) !

    أعلم أن العبارة لم تكن كذلك ، ولكن المقصود الذي لا أظنه خافياً هو أن الرسول نهى عن حلق اللحية لما يقع في حلقها من المشابهة ، فهذا ما نطق به النص. فكيف يكون في الأخذ بما نطق به النص إبعاد للنجعة.
    واعلم أن المقصود بالمشركين في إعفاء اللحى هم المجوس وليس عامة المشركين, فالمشركون في عهده صلوات الله وسلامه عليه كانوا يطلقون لحاهم كما تعلم من العرب أو من اليهود .
    وهل تعتقد يا أخي أن الأمر أمر به النبي صلى الله عليه وسلم لوقوع المشابهة في عصره ؟
    ومن المعلوم أن العرب لم تكن تحلق لحاها في الجاهلية ولا في صدر الإسلام إلى عهد قريب, فزعمك بأن العلة وقوع المشابهة تقتضي وقوعها وقت الأمر بالحكم وهذا باطل تمامًا والله الموفق .
    أخرج الإمام أحمد بسند صحيح عن أبي أمامة أنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم على مشيخة من الأنصار بيض لحاهم فقال يا معشر الأنصار حمروا وصفروا وخالفوا أهل الكتاب ، قال فقلنا : يا رسول الله ان أهل الكتاب يتسرولون ولا يأتزرون فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : تسرولوا وائتزروا وخالفوا أهل الكتاب قال فقلنا : يا رسول الله ان أهل الكتاب يتخففون ولا ينتعلون ، قال فقال النبي صلى الله عليه و سلم : فتخففوا وانتعلوا وخالفوا أهل الكتاب قال فقلنا : يا رسول الله ان أهل الكتاب يقصون عثانينهم ويوفرون سبالهم قال فقال النبي صلى الله عليه و سلم : قصوا سبالكم ووفروا عثانينكم وخالفوا أهل الكتاب.

    وموضع الشاهد من إيراد هذا الحديث هو التأكيد - كما حصل ذلك مراراً في الحديث - على أن المشابهة علة متأكدة يعلق عليها الحكم ، فالصحابة رضي الله عنهم يذكرون الشيء فيه "المشابهة" - وربما لو زادوا الرسول لزادهم ونهاهم عن أشياء أخر - وهو بأبي هو وأمي يُرتِب على ذلك في كل مرة الحكم ، فلا أدل من هذا الحديث في كون المشابهة هي علة الأمر بالمخالفة ، وحديث الأمر بإعفاء اللحية كذلك فلا حاجة لإعادة التدليل ، وبيان موضع الاحتجاج في كل مرة.

    و
    أما قولك حول (
    إمكان التعليل بالحكمة وتعليق الأمر عليها ) فهذا في القياس الذي يستنبط به أحكام الفروع, أو في الاستصلاح كما نبه عليه الدكتور عياض بعد أن ذكر الأقوال في التعليل بالحكمة فقال : (( والكلام هنا ينبغي أن يقصر على تعليل يبنى عليه قياس، أو يبنى عليه تعدية الحكم إلى غير المنصوص عليه بطريق الاستصلاح )). انتهى

    كلام الشيخ جاء في معرض الرد على المتاثرين بنظرة الأشاعرة فقصر التعليل على ما ذكرت أنت ، وهو المجال الذي نحن بصدده ، وليس فيما ذكرتَ إشكال أصلاً بل هذا محل اتفاق بيني وبينك ، فكلامنا إمكان التعليل بالحكمة ، وأنت أطلقت المنع ، والشيخ فصّل ، وقد قال :"وأما الحكمة فلا يمكن تعليق الحكم بها دائماً" ، فيفهم منه أنه يمكن في أحوال وبضوابط.
    ولا خلاف أيضاً أنه لا ينبغي التعليل بالقياس مع وجود النص ، بشرط أن يكون النص نصاً بالفعل لا يحتمل أن يكون إلا كذلك. ونصوص الإعفاء ، مثلها مثل نصوص الأمر بلبس الإزار والتحمير والتصفير، علة الأمر فيها بالمخالفة هو ما يقع من المشابهة
    .
    وسبق أن نبهتك لهذا في المشاركة السابقة بقولي (( والأصوليون قد لا يفرقون بين الحكمة والعلة ولكن ذلك في باب الأحكام المستنبطة بالقياس, وليس في باب الأحكام المنصوص عليها في الكتاب والسنة, وفي ظني من هنا وقع لك ولغيرك الاشتباه والخلط وبين أثر الحكم وهو الحكمة وبين سببه الذي هو العلة )).
    لا خلط إن شاء الله ، بل إنك فرقت في البدء بين الحكمة والعلة ، ثم بعد أن بينت لك وجه الاتفاق والافتراق ، رجعت إلى القول بأن الأصوليين قد لا يفرقون بين الحكم والعلة. وفي الحقيقة العلة ليست سبباً للحكمة وإنما الأدق أنها ضابط للحكمة فهي مشتملة عليها (عياض السلمي ، ص181).

    وأما قولك (
    وقد أجاد في بيان أنه ممكن واختار القول الصواب فيها ، فانظره مشكوراً ، فإنك إذا قرأته وخاصة قوله:"...غير ممكن عند جماهير العلماء )
    فهذا لا يوجد في كلام الدكتور.


    بالطبع لا يوجد في كلام الدكتور ، والتنبيه على هذا تحصيل حاصل. هذا كلامي وليس كلام الدكتور ولكني اختصرت مواضع من كلامه لتجلية موضع الشاهد بعبارتي ثم أحلتك لاختصار الوقت.
    وغاية ما حرره الدكتور بأن الحكمة لا يعلل بها إلا إذا انضبطت, والحكمة إذا انضبطت أصبحت علة يعلق عليها الحكم, كما مثل لذلك بعلة قتل القاتل, وقال أن الحكمة ( حفظ النفس ) ولا يصلح التعليل بها, وضبطها العلماء, بالقتل عمدًا وعدوانًا, فأصبح الحكم يدور مع العلة لا مع الحكمة.
    بارك الله فيك ، أقول: غاية ما حرره الدكتور هو غاية ما أريد.
    قولك :"أن الحكمة لا يعلل بها إلا إذا انضبطت, والحكمة إذا انضبطت أصبحت علة يعلق عليها الحكم" ، هو بالضبط ما أريدك أن تفهمه لأنك قد صرحت سابقاً أن الحكمة لا يُعلل بها ، ولا يعلق عليها الحكم ، لأنها - حسب قولك - لا تنضبط. ثم بينتُ لك أن هذا غير صحيح ، وجئت لتؤكد هذا الأمر هنا ، فلا خلاف الآن في هذه الجزئية بعد أن أصبح القول الصواب فيها واضحاً.

    على العموم يا أخي أرجو أن تتذكر أن الهدف من المشاركة والنقاش, تبادل الفوائد وليس الغرض المغالبة ونحوه, ولا أظن فيك إلا الخير, غير أن النفس قد تتفلت من ربقتها وإن كان صاحبها من الذين يزمونها بزمام ويخطمونها بخطام وهذا الظن بطلبة العلم من أمثالك . والله يرعاك ويسدد خطاك .
    أجاب الله دعوتك. هذا حال أخيك الفقير ، وأكذب على الله إن ظننتُ بنفسي أنها بلغت شأناً لا تحتاج معه إلى خطام أو زمام.
    = = = = = = = = = = =
    بالمناسبة: الكلام في الحكمة وعلاقتها بالمقاصد وأثر ذلك في تقريرالأحكام من المباحث التي تناولها العلماء المتقدمون على استحياء ولم يحرروا القول فيها ، كما قال الشيخ عياض (ص 180 )، وقد فصّل القول فيها الدكتور عبدالعزيز الربيعة في كتابه القيم :
    أصول الفقه : حقيقته ومكانته وتاريخه ، وتتبع تاريخ الاهتمام بهذه الجزئية في كلام وسط بين الإخلال والتطويل.


  6. #66
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    1,184

    افتراضي رد: هل وقع أحدكم على نص صحيح صريح في أن الأئمة الأربعة حرموا حلق اللحية ؟

    على العموم يا أخي أرجو أن تتذكر أن الهدف من المشاركة والنقاش, تبادل الفوائد وليس الغرض المغالبة ونحوه, ولا أظن فيك إلا الخير, غير أن النفس قد تتفلت من ربقتها وإن كان صاحبها من الذين يزمونها بزمام ويخطمونها بخطام وهذا الظن بطلبة العلم من أمثالك . والله يرعاك ويسدد خطاك .
    فائــدة: قال ابن عبدالبر في "جامعه": قال عمر بن عبد العزيز: "ما رأيت أحداً لاحى الرجال إلا أخذ بجوامع الكلم " ، فعلّق يحيى بن مزين: يريد بالملاحاة هنا: المخاوضة والمراجعة على وجه التعليم والتفهم والمدارسة.

  7. #67
    تاريخ التسجيل
    Feb 2010
    المشاركات
    167

    افتراضي رد: هل وقع أحدكم على نص صحيح صريح في أن الأئمة الأربعة حرموا حلق اللحية ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله الشهري مشاهدة المشاركة

    فائــدة: قال ابن عبدالبر في "جامعه": قال عمر بن عبد العزيز: "ما رأيت أحداً لاحى الرجال إلا أخذ بجوامع الكلم " ، فعلّق يحيى بن مزين: يريد بالملاحاة هنا: المخاوضة والمراجعة على وجه التعليم والتفهم والمدارسة.
    كنت أرغب في التوقف, ولكنك هيضتني بهذا الأثر, فالحمد لله على توفيقه, فإن كان الخلاف إنما هو في الحكمة المنضبطة, فلا خلاف حقيقة, ولكن يجب أن تتنبه أن الحكمة المنضبطة ليست هي الحكمة التي كنت تنازع فيها, فالحكمة المنضبطة هي خارجة عن محل النزاع في الخلاف الأصولي ( إمكان التعليل بالحكمة وهل يعلل بها أو لا يعلل بها ), وقد نص الدكتور عياض على ذلك, وأن حقيقة الخلاف الأصولي أنه قائم على أصول الفرقتين المعتزلية والأشعرية في أغلبه, وثمرة الخلاف إنما هو في باب الاستدلال بالقياس والاستصلاح, وكل هذا لا يفيدك في بحثك الأصلي, فأنت رعاك الله ظننت أن التعليل بالحكمة ممكن في الأحكام الشرعية المنصوص عليها في الكتاب والسنة, وهذا ما جعلك تجنح إلى إمكانية رفع التكليف بوجوب إعفاء اللحى للرجال إذا انتفت الحكمة !
    وهذا غلط لا يقول به أحد من أهل العلم, وإن وجد فمبني على أصول باطلة عقلية كإيجاب الأصلح عقلًا وهكذا والله أعلم .
    ولا أظن إلا أنك تقصد انتفاء العلة في بعض الأعيان دون بعض, كالرجل الأمرد الذي لا ينبت له شعر في الوجه, فهذا بعينه منتفية في حقه علة وجوب الحكم, فليس عليه التكلف بإنبات الشعر أو زرعه أو تثبيت شعر مستعار, لأن العلة هي نبات الشعر الطبيعي, ومتى نبت وجب تركه معفيًا, وأما إن كانت العلة هي المخالفة أو وقوع المشابهة كما تظن , لكان هذا من التكليف بما لا يطاق على الأمرد, أو التكليف بما فيه حرج ومشقة عليه, لأن الأمر عام في الأفراد, مطلق في الأوصاف, وهو على الوجوب, والواجب لا يسقط إلا مع العجز, واليوم يستطيع الأمرد تركيب لحية صناعية أو زراعة لحية عن طريق الطب الحديث أو في المستقبل !!
    فإن قلت : إنما الأمر موجه لمن له لحية, فالواجب عليه إعفاءها !
    قلنا : هذا هو , فالحكم إنما يدور مع نبات الشعر في الوجه وهي العلة .
    وليس العلة مخالفة المشركين ومتى تحققت إمكانية المخالفة وجب الفعل على كل قادر غير عاجز ومنهم الأمرد فتأمل .
    والظاهر أن الخلاف بيننا لفظي, إذن رجعنا إلى أن العلة والتي يدور عليها الحكم وجودًا وعدمًا, هي غير الحكمة والتي هي ثمرة الحكم لا سببه أو مقتضاه أو علامته أو دليله وهذه اسماء للعلة التي يدور معها الحكم وجودًا وعدمًا .
    وهنا فائدة : أن العلة بهذا المعنى لا تخفى وهي متلازمة مع الحكم, وأما الحكمة فقد تظهر إما نصًا أو استنباطًا وقد تخفى إما على بعض دون بعض أو قد تخفى كلية وهذا ما يسميه أهل العلم بأن الحكم تعبدي أو أن الحكمة غير معقولة المعنى, فهذا فرق مهم بين العلة والحكمة .
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله الشهري مشاهدة المشاركة
    أخرج الإمام أحمد بسند صحيح عن أبي أمامة أنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم على مشيخة من الأنصار بيض لحاهم فقال يا معشر الأنصار حمروا وصفروا وخالفوا أهل الكتاب ، قال فقلنا : يا رسول الله ان أهل الكتاب يتسرولون ولا يأتزرون فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : تسرولوا وائتزروا وخالفوا أهل الكتاب قال فقلنا : يا رسول الله ان أهل الكتاب يتخففون ولا ينتعلون ، قال فقال النبي صلى الله عليه و سلم : فتخففوا وانتعلوا وخالفوا أهل الكتاب قال فقلنا : يا رسول الله ان أهل الكتاب يقصون عثانينهم ويوفرون سبالهم قال فقال النبي صلى الله عليه و سلم : قصوا سبالكم ووفروا عثانينكم وخالفوا أهل الكتاب.
    هذا الحديث فيه كلام, فقد تفرد به القاسم بن عبد الرحمن الشامي مولى آل أبي سفيان, وكان رجلًا خيارًا فاضلًا, أدرك جمع من الصحابة, وصحب أبا أمامة رضي الله عنه .
    ولكن اختلف فيه أئمة الجرح والتعديل, فلم يرضه شعبة ورمى الإمام أحمد أحاديثه بالنكارة, ولكن وثقه ابن معين ويعقوب بن شيبة والترمذي, وحسَن حاله البخاري إذا روى عنه الثقات وكذلك أبو حاتم الرازي فقال : لا بأس به, حديث الثقات عنه مستقيم, وإنما يُنكر عنه الضعفاء .
    والصواب : أنه صدوق حسن الحديث إذا روى عنه ثقة, ويُنظر في أفراده .
    وهذا الحديث من رواية الثقة عبد الله بن العلاء بن زبر, وإن كان من مفاريد القاسم, ولكن قد نفى عنه النكارة الإمام أبو حاتم الرازي, فالحديث حسن .
    ولكن لو تأملت الحديث أخي الكريم تجده غير صالح لك في الحجية, لأن الكلام في أوله فيه إثبات اللحى عند أهل الكتاب وذلك في قوله (( مشيخة من الأنصار بيض لحاهم فقال يا معشر الأنصار حمروا وصفروا وخالفوا أهل الكتاب )) وهذه العبارة تقتضي أن أهل الكتاب لهم لحى ولكنهم لا يصبغونها, فكيف تكون الدلالة لهذا الحديث مطابقة لدلالة حديث (( اعفوا اللحى )) بمعنى لا تحلقوها ؟
    فهذا الحديث لو ثبت لكان الأمر بالإعفاء يتضمن أمرين :
    1- عدم الحلق .
    2- عدم التقصير والشاهد قوله (( يا رسول الله ان أهل الكتاب يقصون عثانينهم ويوفرون سبالهم قال فقال النبي صلى الله عليه و سلم : قصوا سبالكم ووفروا عثانينكم وخالفوا أهل الكتاب )) .
    فهذه فائدة معترضة فيها الرد على من يرخص في الأخذ من اللحية ويقصر حكم التحريم على الحلق فقط .
    ونعود لأصل النقاش الذي كان في تحديد علة الحكم الذي يدور معها وجودًا وعدمًا, فلو تأملت الحديث لوجدت أن الأوامر مختلفة والعلل مختلفة والحكمة واحدة :
    - فعلة الخضاب ابيضاض اللحى, والثمرة مخالفة أهل الكتاب .
    - وعلة الجمع بين الإزار والسروال ترك الاقتصار على التسرول, والثمرة مخالفة أهل الكتاب .
    - وعلة الجمع بين التخفف والتنعل ترك الاقتصار على التخفف, والثمرة مخالفة أهل الكتاب .
    - وعلة توفير اللحى ترك قص اللحية المعفية, والثمرة مخالفة أهل الكتاب .
    فهذه الأحكام إنما تدور وجودًا وعدمًا مع عللها لا مع الحكمة منها, وهذا واضح إن شاء الله , والله الموفق .

  8. #68
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    1,184

    افتراضي رد: هل وقع أحدكم على نص صحيح صريح في أن الأئمة الأربعة حرموا حلق اللحية ؟

    جزاك الله خيرا. من الصعب أن يقبل الناس الصواب من اقرانهم ، لا سيما إذا كان من أقزام المتأخرين مثلي. ما الحل ؟ لعل كلام شيخ الإسلام يوضح رأيي في المسألة. قال رحمه الله:
    "وقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله : « جزوا الشوارب ، وأرخوا اللحى ، خالفوا المجوس » . فعقب الأمر بالوصف المشتق المناسب ، وذلك دليل على أن مخالفة المجوس أمر مقصود للشارع ، وهو العلة في هذا الحكم ، أو علة أخرى، أو بعض علة ، وإن كان الأظهر عند الإطلاق : أنه علة تامة. ولهذا [أي لكون الأظهر أنها علة تامة] لما فهم السلف كراهة التشبه بالمجوس ، في هذا وغيره ، كرهوا أشياء غير منصوصة بعينها عن النبي من هدى المجوس".

    انتهى من : "اقتضاء الصراط" ، ص 128 ، تحقيق / العقل.


    مرة أخرى: العلة منصوص عليها ، لا غبار عليها ، فكيف نعدل عن المنصوص عليه إلى اعتبار ذات نفس خروج الشعر علة ؟


  9. #69
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: هل وقع أحدكم على نص صحيح صريح في أن الأئمة الأربعة حرموا حلق اللحية ؟

    بارك الله فيك ، وفي الأخ أبي الفداء وليعذرني على عدم التعليق
    هل لي ألا أعذرك الآن؟ - ابتسامة
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  10. #70
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    1,184

    افتراضي رد: هل وقع أحدكم على نص صحيح صريح في أن الأئمة الأربعة حرموا حلق اللحية ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الفداء مشاهدة المشاركة
    هل لي ألا أعذرك الآن؟ - ابتسامة
    حيال الله أبا الفداء.
    الآن شيء ، وذلك الوقت شيء....تذكر أني لم أقطع طريق الرجوع على نفسي وإنما علقته بزيادة التحرير، والشروع من جديد متى اجتمع في العلم شيء جديد...آن لك الآن أن تبتسم

  11. #71
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: هل وقع أحدكم على نص صحيح صريح في أن الأئمة الأربعة حرموا حلق اللحية ؟

    طيب، لا بأس: (ابتسامة)
    قلتَ بارك الله فيك:
    وإنما المقصود أن العلة تفقد أثرها واعتبارها ، فلا يجب علينا الإعفاء كما لو كانت العلة حاضرة ، أي يكون الإعفاء للإباحة
    فكيف يجتمع قولك هذا مع قولك:
    العلة منصوص عليها ، لا غبار عليها ، فكيف نعدل عن المنصوص عليه إلى اعتبار ذات نفس خروج الشعر علة
    دعني أعيد صياغة سؤالي الذي اعتذرتَ عن إجابته في نهاية حوارنا السابق.
    على التسليم بإمكان المخالفة تنزلا، (ولا نسلم به لوجود الملتحين والحلقاء في سائر طوائف المشركين في كل زمان)، وعلى المذهب الذي اخترته لنفسك فيها (الاستحباب)، ألست ترى، أحسن الله إليك، أن التعليل بالمخالفة معناه أنهم إن كانوا حلقاء فيلزمك أن تستحب إعفاءها تعليلا، وإن كانوا ملتحين فيلزمك أن تستحب حلقها تعليلا كذلك، لأن الحكم متعلق بالمخالفة في ذلك، لا بأحد الفعلين دون الآخر (الإعفاء أو الحلق)؟ فكيف يستقيم لك أن تبقى على استحباب إعفائها على أي حال، مع كونك تقول بهذا التعليل؟ ألا ترى أنك مازلتَ تتمسك في هذه المسألة بأن العلة منصوص عليها في الحديث، مع أنك لا تعلل بها أصلا في الحقيقة؟ أليس هذا تناقضا؟
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  12. #72
    تاريخ التسجيل
    Feb 2010
    المشاركات
    167

    افتراضي رد: هل وقع أحدكم على نص صحيح صريح في أن الأئمة الأربعة حرموا حلق اللحية ؟

    لا أدري هل تحرر عندك أن النزاع هو حول (( الوصف المشتمل على الحكمة الباعثة على تشريع الحكم )) سواء سميتها علة أو حكمة منضبطة أو غير ذلك ؟!
    فهل أنت تعتقد أن (( مخالفة المشركين وأهل الكتاب )) أو (( وقوع المشابهة )) كما زعمت وجود الفرق بينهما هو (( الوصف المشتمل على الحكمة الباعثة على تشريع الحكم )) ؟؟؟
    فالمسألة واضحة جدًا يا أخي بأن (( إعفاء اللحى )) هو الوصف المشتمل على (( مخالفة المشركين )) والتي هي الحكمة أو (( المصلحة )) الباعثة على تشريع الحكم .

    وأنا لازلت أظن بأنك قد خلطت بين كلام أهل العلم عن العلة في باب القياس, والتي تستخرج من الحكمة ومظنتها, وبين العلة بمعنى الوصف المنضبط المشتمل على المصلحة الباعثة على تشريع الحكم .
    ففي باب القياس يعمل الفقيه بمسلك من مسالك العلة على إيجاد العلة الجامعة بين الأصل والفرع, بالنظر في المصلحة (( الحكمة )) التي شرع لأجلها حكم الأصل, وهذه المصلحة (( الحكمة )) يُخرّج منها وصف مناسب لتعليق حكم الفرع عليها, وهذا ما يسمى بتحقيق المناط, والأول تخريجه .
    وهذا عين ما فعله شيخ الإسلام فيما نقلته فهو ينص على الحكمة الباعثة لتشريع الحكم وظننته ينص على علة حكم إعفاء اللحى وجز الشوارب والتي هي الوصف الظاهر المنضبط !!
    فقوله رحمه الله (( فعقب الأمر بالوصف المشتق المناسب وذلك دليل على أن مخالفة المجوس أمر مقصود للشارع وهو العلة في هذا الحكم أو علة أخرى أو بعض علة وإن كان الأظهر عند الإطلاق أنه علة تامة .
    ولهذا لما فهم السلف كراهة التشبه بالمجوس في هذا وغيره كرهوا أشياء غير منصوصة بعينها عن النبي صلى الله عليه وسلم من هدى المجوس )) . انتهى
    فهو هنا ينص على العلة الجامعة وهي ركن من أركان القياس, ولا ينص على العلة بمعنى (( الوصف الظاهر المنضبط الذي يشتمل على المصلحة [ الحكمة ] الباعثة على تشريع الحكم )), وهذا ظاهر في قوله (( ولهذا لما فهم السلف كراهة التشبه بالمجوس في هذا وغيره كرهوا أشياء غير منصوصة بعينها عن النبي صلى الله عليه وسلم من هدى المجوس )) ثم ذكر الأثار عن الإمام أحمد بكراهية حلق القفا, وجعل العلة مخالفة المجوس, وهي علة في الفرع مستنبطة من حكمة حكم الأصل, فالحكمة في الأصل مخالفة المجوس, وأما حكم الأصل فهو الأمر بإعفاء اللحى وجز الشوارب, وعلته وجود شعر الوجه وهو الوصف الظاهر المنضبط المشتمل على الحكمة الباعثة لتشريع الحكم .

    واعلم يا أخي أن بحث شيخ الإسلام كله حول دفع قول شبيه بقولك, وشيخ الإسلام يقرر أن المخالفة مقصودة وعين الأفعال التي تؤدي إلى المخالفة مقصودة كذلك فيقول رحمه الله : (( وهذا وإن دل على أن مخالفتهم أمر مقصود للشرع فذلك لا ينفي أن تكون في نفس الفعل الذي خولفوا فيه مصلحة مقصودة مع قطع النظر عن مخالفتهم فإن هنا شيئين :
    أحدهما : أن نفس المخالفة لهم في الهدى الظاهر مصلحة ومنفعة لعباد الله المؤمنين لما في مخالفتهم من المجانبة والمباينة التي توجب المباعدة عن أعمال أهل الجحيم وإنما يظهر بعض المصلحة في ذلك لمن تنور قلبه حتى رأى ما اتصف به المغضوب عليهم والضالون من مرض القلب الذي ضرره أشد من ضرر أمراض الأبدان .
    والثاني : أن نفس ما هم عليه من الهدى والخلق قد يكون مضرا أو منقصا فينهى عنه ويؤمر بضده لما فيه من المنفعة والكمال وليس شيء من أمورهم إلا وهو إما مضر أو ناقص لأن ما بأيديهم من الأعمال المبتدعة والمنسوخة ونحوها مضرة وما بأيديهم مما لم ينسخ أصله فهو يقبل الزيادة والنقص, فمخالفتهم فيه بأن يشرع ما يحصله على وجه الكمال ولا يتصور أن يكون شيء من أمورهم كاملا قط )). انتهى

    وأما مسألتك يا عبد الله, وهي انتفاء الحكم الشرعي بانتفاء حكمته, قد نص عليها بعينها السبكي في الأشباه والنظائر (ص 191) فقال :
    مسألة : إذا قطع بانتفاء الحكمة في صورة من الصور ففي ثبوت الحكم خلاف.
    قال الغزالي وتليمذه محمد بن يحيى : يثبت الحكم للمنضبطة فإن الحكم قد صار معلقًا بها, ولا نظر بعدها إلى الحكمة.
    وقال الجدليون : لا يثبت لانتفاء الحكمة فإنها أصل العلة. انتهى المقصود
    فقولك حفظك الله هو قول الجدليين كما قد ذكرت لك سابقًا, فلعلك تحقق البحث مرة أخرى.

  13. #73
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    المشاركات
    18

    افتراضي رد: هل وقع أحدكم على نص صحيح صريح في أن الأئمة الأربعة حرموا حلق اللحية ؟

    إعمالا لجميع الأدلة الواردة في باب اللحية نقول : الواجب شرعا هو توفير اللحية .

  14. #74
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    1,184

    افتراضي رد: هل وقع أحدكم على نص صحيح صريح في أن الأئمة الأربعة حرموا حلق اللحية ؟

    مرحباً بك أخي وأجزل الله ثوابك.

    دعني أعيد صياغة سؤالي الذي اعتذرتَ عن إجابته في نهاية حوارنا السابق.
    على التسليم بإمكان المخالفة تنزلا، (ولا نسلم به لوجود الملتحين والحلقاء في سائر طوائف المشركين في كل زمان)، وعلى المذهب الذي اخترته لنفسك فيها (الاستحباب)، ألست ترى، أحسن الله إليك، أن التعليل بالمخالفة معناه أنهم إن كانوا حلقاء فيلزمك أن تستحب إعفاءها تعليلا، وإن كانوا ملتحين فيلزمك أن تستحب حلقها تعليلا كذلك
    أولاً: الحكم معلق بعلة ثابتة بطريق معتبرة وهي الترتيب على الوصف المناسب.
    ثانياً: هذه العلة هي "المشابهة" أو "ما يقع من المشابهة".
    ثالثاً: إذا وجدت العلة وجد الحكم ، أي إذا ترتب على الحلق المشابهة المنهي عنها ، وجب تركها وإعفاؤها.
    رابعاً: فعلى هذا: يجب الإعفاء في حال كون الحلق شعاراً اختص أو امتاز به أهل ملة من ملل الكفر، لما يحصل من المشابهة لهم.
    خامساً: إذا صار الحلق منتشراً وسمة غالبة على شعوب الأرض - مسلمها وكافرها - ولم تعد صفة يمتاز بها أهل ملة من ملل الكفر - كما هو الحال في شأن البدلة والكرفتة ، أو ما يعرف عند البعض باللباس الإفرنجي - فإن المشابهة انتفت، فما الحكم؟ الحكم لا ينعكس ، كما تصورت ، أي يجب الحلق: وإنما ينتقل للإباحة (لا الإستحباب)، كما قد نبهت عليه سابقاً و أعدت اقتباسه أنت من كلامي. إن شئت فاعف لحيتك أو احلقها ، لأنه لم يعد للعلة أثر، كما في مثال الإفرنجي لما كان فيه مشابهة لمن يختص بهم هذا اللباس منعه كثير من العلماء قديماً ، وأما اليوم فيكاد يجمع العلماء المعاصرون على إباحته (لا استحبابه). وأنت تعلم - للتذكير فقط - أن العلة إذا انتفت لا تعكس الحكم ، إنما تنفيه فقط. وقد قال أخوك سابقاً عند انتفاء العلة (وعلامته في مسألتنا ذيوع الحلق وانتشاره حتى يفقد اختصاصه بالكفار) أن الإعفاء يؤول:
    ...للإباحة ، وإذا ضممنا سائر الأدلة الدالة على فضل اللحية
    ككونها من سنن المرسلين أو من سنن الهدى ، فإن الإعفاء يكون للاستحباب ، ولا ينهض الأمر للوجوب إلا مع قيام العلة مرة أخرى.

    فالاستحباب جاء من أدلة أخرى ، ولم يجيء من انتفاء العلة فحسب.
    فإذا صارت اللحية سمة عامة للكفار مثلاً [1]، ما العمل؟ هل نحلق حتى نحقق المخالفة كما ذكرت؟
    لا طبعاً ، كما لو أطبق كفار الأرض على إنهاك الشوارب ، فإنه لا "يجب" علينا "وجوباً" أن نعفيها. لا أنا ولا أنت يمكن أن يقول بهذا إن شاء الله.
    = = = = = = = = = = = = = =
    [1] وقضية هل هذا ممكن أو غير ممكن مسألة أخرى.

  15. #75
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: هل وقع أحدكم على نص صحيح صريح في أن الأئمة الأربعة حرموا حلق اللحية ؟

    كما في مثال الإفرنجي لما كان فيه مشابهة لمن يختص بهم هذا اللباس منعه كثير من العلماء قديماً ، وأما اليوم فيكاد يجمع العلماء المعاصرون على إباحته (لا استحبابه)
    هذا قياس مع الفارق، بارك الله فيك. فإن هذا اللباس الإفرنجي لم يرد أمر في النهي عنه بعينه، وإنما منعناه أول ظهوره لأنه كان علامة على الكفار حيث ظهر، فلما لم يعد كذلك وعمت به البلوى انتفت علة المنع فرجع إلى الأصل في الألبسة وهو الإباحة! أما مسألتنا هذه، ففيها أمر صريح بالإعفاء والتوفير، يتبعه أمر بالمخالفة، فلو جعلنا الأخير علة للأول (طردا لقاعدة العلة المنصوصة التي أوافقك عليها من حيث الأصل)، لم يصح أن نقول إن الحلق (أو ضده) يؤول إلى الإباحة في أي حال من الأحوال، فإن كان الغالب على القوم الإعفاء، وقلنا نحن بإباحة الحلق، فقد أبحنا - كذلك - الإعفاء، وهذا يوقعنا في المشابهة الممنوعة، والعكس بالعكس، فلإعمال هذه العلة يلزمنا أن نقول: عند غلبة الحلق يجب الإعفاء والعكس صحيح، أما إن لم يكن أي الفعلين غالبا فقد أبطلنا الحكم وأسقطنا العلة (لا أنها تنتفي)، لأنك إن أعفيت فقد وافقت بعضهم، وإن حلقت فقد وافقت بعضهم كذلك (وقد تقدم أن كلا من الحلق والإعفاء شعار لبعض الطوائف، لعامة بعضهم ولرؤوس وكهنة البعض الآخر)، بخلاف اللباس الإفرنجي الذي لم يعد شعارا لأمة من الأمم فضلا عن أن يكون شعارا لأهل ملة من الملل! فالحاصل أن الصورتين لا تستويان، والله أعلم.
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  16. #76
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    1,184

    افتراضي رد: هل وقع أحدكم على نص صحيح صريح في أن الأئمة الأربعة حرموا حلق اللحية ؟

    سوف أتجاوز التعليق على التفاصيل وأعود لأصل الموضوع. مرة أخرى وقعت في الخطأ الذي وقع فيه الأخ طارق. الأمر بالمخالفة ليس هو العلة ، الأمر بالمخالفة هو ناتج العلة والعلة هي وقوع المشابهة ، وفي مسألتنا تحديداً الأمر بالمخالفة، أي الأمر بالإعفاء - سواء حملناه على الاستحباب كما هو اختيار كثير من العلماء أو الوجوب - عُلّق بعلة تامة في الأظهر - كما صرح بذلك شيخ الإسلام - ورد بها النص ، ولم يعلّق بمثلة كما يدعيه البعض ولا غير ذلك من التكلفات البعيدة. ما حكم حلق اللحية قبل ورود الشرع؟ حلق اللحية عادة مثلها مثل إعفاء اللحية والتحمير والتصفير ولبس السراويل ، والأشياء قبل ورود الشرع ، لا سيما مالا ضرر فيه أو ضرره خفيف كما قال الأصوليون، على الإباحة ، لا الحظر خلافاً لمن يقول بذلك على الصواب. ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لما رأى في الحلق موافقة للمشركين ، وإن كان الغالب على العرب أنهم لا يحلقون، أمر بالإعفاء لكي لا يأت آت من بعد أمره فيحلق استصحاباً للأصل في هذه العادة ، ولذلك لو أرد أن يبين الرسول لأمته أن الحلق لذاته حرام أو الإعفاء لذاته واجب بصرف النظر عن المشابهة مطلقاً لبيّن ذلك دون ترتيب للحكم على ذكر وصف مناسب ، أو لكان ذكر الوصف المناسب في الحديث لغواً ، ولكننا ننزه - وأنت احرص مني على ذلك إن شاء الله - الشارع عن ذلك. خذ مثالاً مماثلاً - والشرع لا يفرق بين المتماثلات - وهو إخبار الصحابة للرسول بأن أهل الكتاب يقصون عثانينهم ويوفرون سبالهم [1] ، وقص العثانين وتوفير السبال قبل ورود الشرع على الإباحة لا إشكال في هذه العادات في ذاتها، فأمرهم بالمخالفة بإعفاء العثانين وقص السبال ، أيضاً لعلة المشابهة.، فمتى انتفت المشابهة، فحلق اللحية في غاية أحواله مكروه إن كان المناظر يصرُّ ألا أخرج عن سلف لي في هذا الموضوع ، وإن كان لا يصر فعودة الحلق إلى الإباحة الأصلية (أي حكمها قبل ورود الشرع) لا إشكال فيه من جهة النظر.
    = = = = = = = = = = = = = = = =
    [1] ومن المهم جداً ملاحظة أن الصحابة هم المبادرون وليس الرسول هو من بادأهم بالحكم والأمر بالمخالفة ، فلم رأى إدراكهم لمقصد المخالفة أمرهم بتحقيق المقصد الذي لا حظوه، مما يؤكد أن المشابهة هي العلة الحاسمة في الموضوع، ومعها يدور الحكم، فيثبت الوجوب أو الاستحباب إن وجدت وينعدما إن انتفت فيعود الحكم في هذه العادات إلى حالها قبل ورود الشرع.

  17. #77
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: هل وقع أحدكم على نص صحيح صريح في أن الأئمة الأربعة حرموا حلق اللحية ؟

    بارك الله فيك.. قول القائل إن الأمر بالمخالفة في هذا الحديث ليس تعليلا، لا يلزم منه ما تفضلت به من جعلها زيادة لا فائدة فيها! فإسقاط التعليل هنا غايته أن يكون الحديث مشتملا على جملة من الأوامر المستقلة التي لا تربطها علاقة العلية، وهذا لا إشكال فيه - ما دام له مستنده - حتى وإن كان مقتضاه مخالفة قاعدة من قواعد التعليل!
    ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لما رأى في الحلق موافقة للمشركين ، وإن كان الغالب على العرب أنهم لا يحلقون، أمر بالإعفاء لكي لا يأت آت من بعد أمره فيحلق استصحاباً للأصل في هذه العادة
    هذا لا أسلم لك به لأن أمر اللحية فيه أدلة أخرى ووجوه أخرى للمنع من حلقها قد تقدم الكلام فيها، وهي مما يمنع من طرد تلك العلة ههنا.
    ولذلك لو أرد أن يبين الرسول لأمته أن الحلق لذاته حرام أو الإعفاء لذاته واجب بصرف النظر عن المشابهة مطلقاً لبيّن ذلك دون ترتيب للحكم على ذكر وصف مناسب
    هذا استدلال بمحل النزاع، بارك الله فيك.
    أو لكان ذكر الوصف المناسب في الحديث لغواً
    كسابقه، وقد بينت أنه لا يكون كذلك عند من لا يراه ذكرا للوصف المناسب في هذا الحديث.
    والشرع لا يفرق بين المتماثلات
    وهو كذلك لا يساوي بين المفترقات. وحلق اللحية يرد عليه ما لا يرد على هذا المثال الذي تفضلت بذكره، بارك الله فيك.
    فمتى انتفت المشابهة، فحلق اللحية في غاية أحواله مكروه إن كان المناظر يصرُّ ألا أخرج عن سلف لي في هذا الموضوع
    نعم المناظر يصر على هذا، بارك الله فيك. فإن الذي ندين الله به أن الحق لا يخرج عن مجموع أقوال السلف، رحمهم الله ورضي عنهم. ولا أعلم أحدا من أهل العلم من المتقدمين أو المتأخرين - على قدم هذه المسألة في تاريخ الأمة وتتابع الأعصار عليها - قال بأن الحلق والإعفاء يمكن أن يصير حالهما إلى الإباحة الأصلية التي كانت قبل ورود الشرع!
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  18. #78
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    2,858

    افتراضي رد: هل وقع أحدكم على نص صحيح صريح في أن الأئمة الأربعة حرموا حلق اللحية ؟

    بارك الله فيكم على الفوائد الطيبة.
    في وقت من الأوقات، كثرت التفجيرات ضد الأجانب في المملكة، فما كان من الأجانب إلا التخفي عند خروجهم.
    ومن ذلك، لبس الرجل الأوروبي -على سبيل المثال- ثوب وغترة وعقال، وكذلك إعفاء اللحية.
    واستحسن كثير من الأجانب هذا الصنيع.
    فما الذي يجب على المسلم في هذا الحال؟
    هل نطالبه بتغيير ملبسه وحلق لحيته -مثلا- لتحقيق المخالفة؟
    أم أن المقصد الشرعي قد تحقق بالصغار الذي لحق بالكفار؟
    المخالفة لها علة، وليست غاية في نفسها.. ولنفس العلة تشبه الكفار بالمسلمين كما في المثال.
    فالمخالفة تمييز المسلم عن غيره، وبالتالي الأحكام المترتبة على ذلك. والمخالفة ليست في اللحية وحدها، بل في أمور عديدة.. تتحقق بجميعها -أو ببعضها- تمييز المسلم عن غيره بما يمكن تمييزه به.. وبعضها منصوص عليه والبعض الآخر غير منصوص عليه.. وإنما المطلب الشرعي في المخالفة وحسب.
    وليس هناك نص في مسألة الشعر -مثلا-، فيمكن هذا ويمكن غيره.. حسب الحال. فأي حال يمكن به تحقيق المخالفة.
    بعكس اللحية فإنها صفة أتت في السمت اللازم بموجب نصوص شرعية صريحة اللفظ والدلالة.
    فإن أتت بالمخالفة.. كان ونعم.
    وإن أتت بالصغار.. فقد تحقق مقصد أعلى.

    وقريب من هذا..
    مشابهة الأمة بالحرة في الحجاب -مثلا-، فلا يمكن القول بأن الحرة تخلع حجابها حتى لا تتشبه بالأمة.
    وإن انتهت العلة، ولا يوجد إماء في عصرنا، لا يفيد ترك الأمر الشرعي، بل يجب على الحرة الالتزام بالأمر الشرعي المنصوص عليه.
    وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا
    ـــــــــــــــ ـــــــــــ( سورة النساء: الآية 83 )ــــــــــــــ

  19. #79
    تاريخ التسجيل
    Feb 2010
    المشاركات
    167

    افتراضي رد: هل وقع أحدكم على نص صحيح صريح في أن الأئمة الأربعة حرموا حلق اللحية ؟

    الاضطراب دليل على فساد الأقوال ...
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله الشهري مشاهدة المشاركة
    الأمر بالمخالفة ليس هو العلة ، الأمر بالمخالفة هو ناتج العلة والعلة هي وقوع المشابهة
    وقد كان منه قبل ذلك سلمه الله من الاضطراب :
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله الشهري مشاهدة المشاركة
    نقل عبد الله الشهري عن شيخ الإسلام قوله محتجًا به : فعقب الأمر بالوصف المشتق المناسب ، وذلك دليل على أن مخالفة المجوس أمر مقصود للشارع ، وهو العلة في هذا الحكم .



    قال عبد الله الشهري : العلة منصوص عليها ، لا غبار عليها ، فكيف نعدل عن المنصوص عليه
    فالعلة منصوص عليها يا عبد الله أم هي مستنبطة من المنصوص ؟
    فإن قلت : منصوص عليها !
    قلت لك : هذا غير صحيح, وليس في النص إلا الأمر بالمخالفة, سواء في حديث أبي أمامة والذي فيه قصة المشيخة من الأنصار رضي الله عنهم جميعًا والأمر بمخالفة أهل الكتاب, أو في أحاديث الصحيحين والتي فيها الأمر بمخالفة المشركين من المجوس .
    ولا يسعفك وقوع المشابهة بترك الخضاب, لتعممه على بأقي الأفعال المأمور بها, فالنص بوقوع المشابهة جاء في ترك الخضاب فقط, فأين الدليل المنصوص - وتنبه لقيد المنصوص - على أن علة الأمر بالإعفاء أو الأمر بترك قص اللحى المعفية هي وقوع المشابهة ؟
    أو هذا تعليل عقلي ؟!
    وكيف يا أخي تترك الأوصاف الظاهرة المنضبطة, وأهل الأصول مجمعون على أن مناط الحكم ( العلة ) يجب أن يكون وصفًا ظاهرًا منضبطًا, ثم تجنح لعلة عقلية في ذهنك, لا ظاهرة ولا تنضبط فضلًا عن أن تكون منصوصًا عليها ؟

    والأعجب من صنيع عبد الله الشهري, مناقشة الإخوة له مع التسليم بما يقول من عجائب وغرائب أصولية وفقهية !
    فالأخ عبد الله تجاهل تمامًا دلالة الحديث الذي فيه ذكر مخالفة المجوس, وحمله على حديث أبي أمامة رضي الله عنه والذي فيه ذكر مخالفة أهل الكتاب, وذلك لتقرير أمرين في ظني:
    الأول : توجيه الحكم إلى الاستحباب مطلقًا, وقد نص على ذلك للأسف وقال :
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله الشهري مشاهدة المشاركة
    على الاستحباب كما هو اختيار كثير من العلماء
    نعم كثير من العلماء من معتزلة وأشعرية وعقلانية عصرية, وهم ممن يقرر أن الأصل في الأوامر المطلقة الاستحباب, أو غير ذلك من أصول باطلة, وأما الحق فخلافه وهو ما قرره المحققين من أهل العلم, فخلاف من ذاك أصله لا يعتد به, إلا على المنهج المحدث لتمييع مسائل الدين بدعوى التيسير أو مطلق وجود الخلاف.

    الأمر الثاني : تقرير أن العلة مجرد وقوع المشابهة .
    وقد سبق بيان تناقضه, وقبل ذلك بينت خطأ تصوره لمفهوم العلة في إطلاق أهل العلم, فذهب هداه الله يحتج بكلام لم يعرف مقصود صاحبه, وخلط بين الوصف الظاهر المنضبط والذي هو مناط الحكم في الأصل والحكم يدور معه, وبين الوصف المشتق المناسب كقوله ( خالفوا المجوس ) فعُلم بمسلك الإيماء والتنبيه أن مخالفة المجوس علة بمعنى الحكمة من إيجاب الإعفاء, وهي إما جزء علة أي أحد المصالح وهناك غيرها من المصالح أو أنها علة تامة بمعنى المصلحة الوحيدة من هذا الفعل الواجب المعين وهذا معنى قول شيخ الإسلام : (( وهو العلة في هذا الحكم أو علة أخرى أو بعض علة وإن كان الأظهر عند الإطلاق أنه علة تامة )) وأخونا عبد الله يكرر على مسامعنا بأن العلة منصوصة, وينقل عن شيخ الإسلام أن الأمر علق بالوصف المشتق المناسب , وإنما هو نوع من أنواع مسلك الإيماء والتنبيه والتي هي طريقة من طرق معرفة العلة بمعناها العام عند الأصوليين, وعبد الله يردد علينا أن العلة منصوصة, العلة منصوصة وينسب فهمه لشيخ الإسلام الذي استخرجها بمسلك الإيماء لا بالنص كما زعم عبد الله وفقه الله !

    أخيرًا : لا تتجاهل يا عبد الله أن الأحاديث في الباب دلت على منع الحلق وهذا مقتضى دلالة حديث مخالفة المجوس, وحديث مشيخة الإنصار دل على منع القص أي التقصير بالمنطوق الصريح, فإن كان ذلك كذلك, فهذا يقضي على دعوى الاستحباب, لأن التنبيه إلى استحباب الحلق كما تزعم يغني عن السؤال عن التقصير يا رعاك الله, والله المستعان .
    وفي ظني أن الإخوة الأفاضل الذي يطلبون النص على تحريم حلق اللحى, كمن يطلب نصًا عن الأئمة على تحريم الزنا !!!
    فكيف يُطلب التنصيص على المنصوص ؟
    والائمة تعرضوا للأخذ ولم يتعرضوا للحلق .

  20. #80
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    1,184

    افتراضي رد: هل وقع أحدكم على نص صحيح صريح في أن الأئمة الأربعة حرموا حلق اللحية ؟

    بارك الله فيك.. قول القائل إن الأمر بالمخالفة في هذا الحديث ليس تعليلا، لا يلزم منه ما تفضلت به من جعلها زيادة لا فائدة فيها! فإسقاط التعليل هنا غايته أن يكون الحديث مشتملا على جملة من الأوامر المستقلة التي لا تربطها علاقة العلية، وهذا لا إشكال فيه - ما دام له مستنده - حتى وإن كان مقتضاه مخالفة قاعدة من قواعد التعليل!
    اتفق معك ، المخالفة مقصد شرعي - وبالتالي فيها فائدة - وليست علة، فالعلة ما يقع من المشابهة، والمقصد تحقيق المخالفة و هذا التعبير أدق.

    هذا لا أسلم لك به لأن أمر اللحية فيه أدلة أخرى ووجوه أخرى للمنع من حلقها قد تقدم الكلام فيها، وهي مما يمنع من طرد تلك العلة ههنا.


    عدم التسليم أمر راجع للنظر فالخصم لا يسلّم أيضاً، وأما استفادة المنع من الحلق من أدلة أخرى فهو أيضاً لا أسلم به لأنها لا تنهض للدلالة على ذلك إلا بتكلف، وأثر العلة لا يضعف بمثل هذه الوجوه الضعيفه.

    هذا استدلال بمحل النزاع، بارك الله فيك.

    كسابقه، وقد بينت أنه لا يكون كذلك عند من لا يراه ذكرا للوصف المناسب في هذا الحديث.


    هذا مما يبين أن دعوى التحريم المطلق للأخذ من اللحية أو حلقها، مع دعوى نقل الإجماع على ذلك، مما لا يساعده النظر.

    نعم المناظر يصر على هذا، بارك الله فيك. فإن الذي ندين الله به أن الحق لا يخرج عن مجموع أقوال السلف، رحمهم الله ورضي عنهم. ولا أعلم أحدا من أهل العلم من المتقدمين أو المتأخرين - على قدم هذه المسألة في تاريخ الأمة وتتابع الأعصار عليها - قال بأن الحلق والإعفاء يمكن أن يصير حالهما إلى الإباحة الأصلية التي كانت قبل ورود الشرع!

    نعم ، إن كان لم يكن لي سلف في القول الفقهي فإن لي سلف في المنهج الأصولي الذي بنيت عليه ، وهو مسألة ما إذا اختلف المتقدمون في مسألة على قولين ، فهل يجوز إحداث قول ثالث بعدهم ؟ فيه خلاف ، منعه البعض وأميل إلى جواز ذلك واختار الجواز وفاقاً للبعض العلماء
    لانتفاء المحاذير المتوهمة التي اعترض بها بعض المعترضين. قولي الفقهي هو ثمرة هذا الأصل الذي بنيت ، ولا شك أن من يتبنى الجواز في هذه المسألة الأصولية قلة ، والأكثر على المنع، ولذلك لا تعجب إذا خُرّجت على هذا الأصل أقوال فقهية نادرة أو لم يقل بها أحد من المتقدمين.


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •