تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 15 من 15

الموضوع: حديث الافتراق "تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة"-منقول-

  1. #1

    افتراضي حديث الافتراق "تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة"-منقول-

    حديث الافتراق
    "تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة"
    بين القبول والرد
    دراسة حديثية إسنادية
    كلية الشريعة
    قسم التفسير والحديث
    جامعة الكويت
    2009
    بحث محكم في مجلة جامعة صنعاء للقانون والدراسات الإسلامية في العدد العاشر
    ملخص البحث
    هذه دراسة حديثية إسنادية للأحاديث الواردة في افتراق الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، من خلال جمعها وتخريجها من مصادرها، ودراسة أسانيدها، ومعرفة صحيحها من سقيمها، ومعرفة سبب تجنب البخاري ومسلم تخريج شيء من طرقها مع كثرتها، وبيان عللها، التي حالت بينهم وبين تخريجها في صحيحيهما.
    المقدمة :
    الحمد لله رب العالمين وصل الله وسلم على نبينا محمد الأمين وآله وصحبه أجمعين أما بعد :
    فهذه دراسة حديثة نقدية إسنادية لحديث الافتراق " تفترق أمتي على ثلاث سبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة" فإنه مع شهرته وكثرة طرقه، إلا أن الشيخين البخاري ومسلما تنكبا عنه ولم يخرجاه،وحكم بعدم صحته ابن حزم فقال"لا يصح أصلا من طريق الإسناد وما كان هكذا فليس حجة عند من يقول بخبر الواحد".[1]
    وغمز في قوة صحته شيخ الإسلام ابن تيمية ـ مع أنه يصححه ـ فقال "فمن كفر الثنتين والسبعين فرقة كلهم فقد خالف الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين لهم بإحسان، مع أن حديث " الثنتين والسبعين فرقة" ليس في الصحيحين، وقد ضعفه ابن حزم وغيره، لكن حسنه غيره أو صححه، كما صححه الحاكم وغيره".[2]
    وقال الشوكاني "زيادة "كلها في النار" لا تصح مرفوعة ولا موقوفة"[3]،وقد أورده في الفوائد المجموعة.[4]
    وفي المقابل صحح حديث الافتراق الترمذي وابن حبان والحاكم وتابعهم جماعة من المتأخرين، فاقتضى هذا الخلاف الشديد دراسته لمعرفة العلة في تنكب الشيخين عن إخراجه، وهل له إسناد على شرطهما أو شرط أحدهما، يلزم منه تصحيحه على ذلك الشرط، وذلك بجمع طرقه كلها ودراستها دراسة نقدية، فاشتملت هذه الدراسة على حديث:
    1 ـ عوف بن مالك .
    2 ـ ومعاوية بن أبي سفيان .
    3 ـ وعبد الله بن عمرو .
    4 ـ وسعد بن أبي وقاص .
    5 ـ وعمرو بن عوف المزني .
    6 ـ وأبي أمامة الباهلي .
    7 ـ وأنس بن مالك .
    8 ـ وأبي هريرة رضي الله عنهم أجمعين.
    أولا: تخريج حديث عوف بن مالك مرفوعاً:
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة فواحدة في الجنة وسبعون في النار، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة فإحدى وسبعون في النار وواحدة في الجنة، والذي نفس محمد بيده لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة واحدة في الجنة وثنتان وسبعون في النار، قيل يا رسول الله من هم؟ قال الجماعة".
    رواه ابن ماجه[5] واللفظ له، وابن أبي عاصم[6]، واللالكائي[7]، كلهم من طريق عباد بن يوسف حدثنا صفوان بن عمرو عن راشد بن سعد عن عوف بن مالك به.
    قال البوصيري في زوائد ابن ماجه "هذا إسناد فيه مقال راشد بن سعد قال فيه أبو حاتم صدوق، وعباد بن يوسف لم يخرج له أحد سوى ابن ماجة، وليس له عنده سوى هذا الحديث، قال ابن عدي روى أحاديث تفرد بها، وذكره ابن حبان في الثقات، وباقي رجال الإسناد ثقات".[8]
    وعباد بن يوسف ذكره ابن عدي في الضعفاء وقال عنه "روى عن صفوان بن عمرو وغيره أحاديث ينفرد بها"[9]، وأورده الذهبي في المغني في الضعفاء وقال"ليس بالقوي"[10]، وقال عنه الحافظ ابن حجر"مقبول" [11] أي حيث يتابع وإلا فلين.
    وهذا الحديث من روايته عن صفوان، ولم يتابع عليه، فروايته تعد منكرة لتفرده، مع عدم قوته،كما قال الذهبي "وإن تفرد الصدوق ومن دونه يعد منكراً، وإن إكثار الروي من الأحاديث التي لا يوافق عليها لفظاً أو إسنادا يصيره متروك الحديث".[12]
    وله علة أخرى وهي المخالفة، فقد خالفه جماعة من الثقات فرووه عن صفوان بن عمرو بإسناد آخر من حديث معاوية بن أبي سفيان لا عن عوف بن مالك!
    فاجتمعت فيه ثلاث علل: ضعف في راويه، وتفرده فيه، ورجحان رواية مخالفيه.
    ثانيا: تخريج حديث معاوية بن أبي سفيان:
    رواه الطيالسي[13]، وأحمد[14]، والدارمي[15] عن أبي المغيرة، وكذا رواه الآجري[16] من طريق أبي المغيرة.
    وأبو داود[17] من طريق أبي المغيرة وبقية بن الوليد قالا حدثنا.
    وابن أبي عاصم[18] من طريق بقية.
    وابن بطة [19] من طريق إسماعيل بن عياش قال حدثنا، ومن طريق الحكم بن نافع.[20]
    والحاكم[21] واللالكائي[22]من طريق الحكم بن نافع.
    كلهم الطيالسي والحكم بن نافع وإسماعيل بن عياش وأبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج وبقيه بن الوليد عن صفوان قال حدثني أزهر بن عبد الله عن أبي عامر عبد الله بن لحي عن معاوية مرفوعاً "ألا إن من كان قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنثين وسبعين ملة، وإن هذه الملة ستفرق على ثلاث وسبعين: ثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة وهي الجماعة"،وفيه زيادة "وإنه سيخرج من أمتى أقوام تجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلب لصاحبه" أو"الكلب بصاحبه لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله" وهذا لفظ أبي داود في سننه.
    ورواية الطبراني "حججنا مع معاوية بن أبي سفيان فلما قدمنا مكة أخبر بقاص يقص على أهل مكة مولى لبني مخزوم فأرسل إليه معاوية فقال : أمرت بهذا القصص ؟ قال : لا قال : فما حملك على أن تقص بغير إذن ؟ قال : ننشر علما علمناه الله فقال معاوية : لو كنت تقدمت إليك قبل مدتي هذه لقطعت منك طائفا[23]، ثم قام حتى صلى الظهر بمكة ثم قال : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن أهل الكتاب افترقوا على ثنتتين وسبعين ملة وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة - يعني الأهواء - وكلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة " وقال : "إنه سيخرج من أمتي أقوام تتجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه فلا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله " والله يا معشر العرب لئن لم تقوموا بما جاء به محمد صلى الله عليه و سلم لغيركم من الناس أحرى أن لا يقوم به"
    فهؤلاء خمسة من كبار علماء الشام ومحدثيه يروونه عن صفوان بن عمرو بخلاف رواية عباد بن يوسف مما يدل على وهمه وأنه أخطأ في الإسناد كله، فليس للحديث أصل عن عوف بن مالك!
    وإنما حديث عوف بن مالك مشهور من رواية نعيم بن حماد عن عيسى بن يونس عن حريز بن عثمان عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك مرفوعاً "تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة أعظمها فتنة على أمتي قوم يقيسون الأمور برأيهم ".
    وهو مما أنكره الأئمة على نعيم بن حماد وضعفوه بسببه، وقال يحيى بن معين عن هذا الحديث :" لا أصل له " [24]
    وقال الحافظ عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي دحيم بعد أن رد هذا الحديث : "هذا حديث صفوان بن عمرو، حديث معاوية". [25]
    أي هذا الحديث مشهور عن صفوان من حديث معاوية لا عن حريز بن عثمان من حديث عوف بن مالك!
    وقد رواه أحمد بن عبد الرحمن بن وهب عن عمه عبد الله بن وهب عن عيسى بن يونس عن صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك كما رواه نعيم بن حماد[26].
    وأورده ابن عدي [27]في ترجمة أحمد بن عبد الرحمن وعده من منكراته مع كونه من رجال مسلم[28]، وقال ابن عدي : "هذا حديث رواه نعيم بن حماد عن عيسى و الحديث له وأنكروه عليه، وأنكروه على أبي عبيد الله ـ أحمد بن عبد الرحمن ـ أيضـاً " أي أن الحديث هو عن عيسى عن حريز بن عثمان لا عن صفوان بن عمرو .
    وقد كتب أبو حاتم إلى أحمد بن عبد الرحمن بن وهب منكرا عليه هذا الحديث"بلغني أنك رويت عن عمك عن عيسى بن يونس حديث عوف بن مالك تفترق أمتي وليس هذا من حديث عمك ولا روى هذا".[29]
    والحاصل أن صفوان بن عمرو إنما روى عنه الحفاظ الثقات حديث الافتراق عن أزهر عن عبد الله بن لحي عن معاوية، وخالفهم عباد بن يوسف مع ضعف فيه، فرواه عن صفوان بن عمرو عن راشد بن سعد عن عوف بن مالك نحو حديث معاوية!
    فوافقهم في لفظه وخالفهم في إسناده كله.
    كما رواه أحمد بن عبد الرحمن عن عمه عن عيسى بن يونس عن صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير عن أبيه عن عوف بن مالك .
    فأخطأ على صفوان بن عمرو في إسناده ولفظه!
    والصحيح عن صفوان ما رواه عنه الحفاظ الأثبات من أهل بلده وهم خمسة من العلماء الكبار ومن خالفهم فقد وهم فلا أصل لهذا الحديث عن عوف بن مالك، لا باللفظ الذي رواه نعيم بن حماد، ولا بالإسناد الذي رواه عباد بن يوسف، ومخالفة عباد بن يوسف لرواية الجماعة الحفاظ تقضي على روايته بالبطلان والنكارة، إذ اجتمع في روايته ثلاث علل: ضعفه، وتفرده بالغرائب عن المشاهير، ومخالفته لرواية الجماعة الحفاظ .
    فإذا ثبتت رواية من رواه عن صفوان عن أزهر عن عبد الله بن لحي عن معاوية ـ كما هي رواية جماعة الحفاظ من أصحاب صفوان ـ ففي هذه الرواية أزهر بن عبد الله وهو الحرازي، وقد طعن فيه أبو داود وأورده ابن الجارود في الضعفاء[30]، وكان ناصبياً يسب علياً رضي الله عنه[31]، ولهذا ذكره الذهبي ولم يزد على قوله فيه "ناصبي " [32] وقال عنه ابن حجر : "صدوق تكلموا فيه للنصب" [33] ، وكان من رجال الحجاج بن يوسف وجنده وممن أسروا أنس بن مالك[34]!
    قلت :كذا قال الحافظ "صدوق"وفيه نظر للآتي :
    1 ـ إن الأئمة القدماء اختلفوا في تحديد شخصه ـ لجهالته ـ على أربعة تراجم فقد ذكره ابن أبي حاتم في أربعة مواطن تارة في : أزهر بن زيد، وتارة في: أزهر بن سعيد، وتارة في أزهر بن عبد الله بن جميع، وتارة في أزهر بن عبد الله.[35]
    ولم يذكر في كل هذه المواطن فيه جرحاً ولا تعديلاً عن أحد من الأئمة.
    وكذا فرق بينهم البخاري.[36]
    ونقل المزي عن البخاري قوله :" أزهر بن يزيد، وأزهر بن سعيد، وأزهر بن عبد الله، الثلاثة واحد".[37] وقد ذكره ابن حبان في أربع تراجم ولم يذكر فيه ما يدل على أنه عرفه، ولذا لم يتكلم فيه بجرح ولا تعديل.[38]
    وقد فرق المزي بين أزهر بن سعيد الجرازي، وأزهر بن عبد الله بن جميع الحرازي[39]، ولم يذكر فيهما جرحاً ولا تعديلاً.
    2 ـ إنه على فرض صحة قول الحافظ أنهما رجل واحد فقد تكلم فيه أبو داود وذكره ابن الجارود في الضعفاء، وقال الأزدي:"يتكلمون فيه "[40] وأورده الذهبي في ديوان الضعفاء وقال:"كان يقع في علي"[41]، ولم يوثقه سوى العجلي[42]، وقال ابن سعد:"قليل الحديث".[43]
    فإذا كان قليل الحديث، وغير معروف عند الأئمة إلا من طريق الرواية، ومتكلما فيه، ومعدودا في الضعفاء، ولم يوثقه إلا المتساهلون بتوثيق المجاهيل، فمثله مردود الرواية خاصة فيما انفرد به، ولا يقبل منه مثل هذا التفرد، خاصة وأنه لم يصرح بالسماع، فالحديث منكر، وأحسن أحواله ضعيف، فإن النصب بدعة كالرفض، فمن سب علياً كان كمن سب أبا بكر أو عمر أو عثمان رضي الله عنهم جميعاً، وهذا يخرجه عن حد العدالة عند كثير من الأئمة، والخلاف في رواية المبتدع إنما هو فيمن اشتهر بصلاحه وعبادته وصدقه، أما أزهر هذا فقد كان من رجال الحجاج بن يوسف وجنده وممن أسروا أنس بن مالك حين خرج على الحجاج بن يوسف مع أهل العراق. وهو شامي غال في النصب قال ابن معين عنه "أزهر الحرازي وأسد بن وداعة كانوا يسبون عليا بن أبي طالب، وكان ثور بن يزيد لا يسب عليا، فإذا لم يسب جروا برجله".[44]
    وعلى كل فحديثه هذا عن ابن لحي عن معاوية لم يتابعه عليه أحد، وليس مثله حجة، بل أحسن أحواله حسن الحديث إذا لم يتفرد، وقد تفرد هنا، وروى ما قد يوافق هواه، فأوهن حديثه.
    ثالثا: تخريج حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه في الافتراق:
    رواه الترمذي[45]، والآجري[46]، وابن بطة[47]، والحاكم[48]، واللالكائي[49]، كلهم من طرق عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي عن عبد الله بن يزيد عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً وفيه :" إن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة، كلهم في النار إلا ملة واحدة، قالوا : ومن هي يا رسول الله ؟ قال : ما أنا عليه وأصحابي " .
    وقال الترمذي بعد روايته :" غريب لا نعرفه مثل هذا إلا من هذا الوجه "!
    وفيه علل ثلاث:
    1 ـ ضعف شديد في عبد الرحمن بن زياد الأفريقي حتى قال عنه ابن حبان"يروي الموضوعات عن الثقات، ويأتي عن الإثبات ما ليس من حديثهم "[50] ، وقال عنه ابن عدي : "عامة حديثة وما يرويه لا يتابع عليه"[51]، وقال عنه أحمد :" ليس بشيء، منكر الحديث " [52]وقال عنه أبو الحسن ابن القطان :"والحق فيه أنه ضعيف لكثرة روايته المنكرات وهو أمر يعتري الصالحين". [53]
    2 ـ تفرده بهذا الإسناد ولهذا قال الترمذي :"غريب من هذا الوجه" فهو من مناكيره التي اشتهر بها .
    3 ـ أنه مدلس وقد عده ابن حجر في المرتبة الخامسة الذين لا يقبل حديثهم حتى لو صرحوا بالسماع.[54]
    وقد رواه بالعنعنة، وقد قال عنه ابن حبان :"كان يدلس على محمد بن سعيد بن أبي قيس المصلوب".[55]
    وهذا شر أنواع التدليس، فلا يمكن قبول حديثه هذا عن عبد الله بن عمرو، وأقل أحوال روايته هذه أنها منكرة كما هو شأن روايات الضعفاء إذا تفردوا، فكيف إذا كانوا يدلسون على الوضاعين والمتروكين ؟! ولهذا قال الحاكم ـ مع تساهله ـ بعد روايته لهذا الحديث :"لا تقوم به الحجة".[56]
    رابعا: تخريج حديث سعد بن أبي وقاص :
    رواه البزار[57]، والآجري[58]، وابن بطة[59]، كلهم من طريق موسى بن عبيدة عن ـ عبد الله بن عبيدة[60] ـ عن عائشة بنت سعد ـ بن أبي قاص عن أبيها [61] ـ مرفوعاً: " افترقت بنو إسرائيل على إحدى وسبعين ملة، ثم إن أمتي ستفترق على مثلها، كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة".
    وهذا لفظ ابن بطة، وقال البزار"وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن سعد إلا من هذا الوجه ، ولا نعلم روى عبد الله بن عبيدة، عن عائشة، عن أبيها إلا هذا الحديث".
    وهذا الحديث من هذه الطريق منكر، فمداره على موسى بن عبيده وهو منكر الحديث حتى قال عنه أحمد: "لا يكتب حديث موسى بن عبيدة وإسحاق بن أبي فروة وجوبير وعبد الرحمن بن زياد" [62] وقال أيضاً:"لا تحل الرواية عنه"[63] ، وقال أيضاً :"منكر الحديث" [64]، وقال :"لا يكتب حديثه، حديثه منكر"[65]، وكذا قال أبو حاتم والساجي[66]، ولم يتابع على هذا الحديث عن سعد بن وقاص، فروايته منكرة لا يفرح بها في الشواهد، مع اضطرابه في إسناده.
    خامسا: تخريج حديث عمرو بن عوف المزني :
    رواه الحاكم[67] من طريق إسماعيل بن أبي أويس عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده مرفوعا"إلا أن بني إسرائيل افترقت على موسى على إحدى وسبعين فرقة كلها ضالة إلا فرقة واحدة الإسلام وجماعتهم، وأنها افترقت على عيسى بن مريم على إحدى وسبعين فرقة كلها ضالة إلا فرقة واحدة الإسلام وجماعتهم، ثم أنهم يكونون على اثنتين وسبعين فرقة كلها ضالة إلا فرقة واحدة الإسلام وجماعتهم".
    وقد قال الحاكم عن هذا الحديث بعد روايته "تفرد به كثير بن عبد الله ولا تقوم به الحجة"، وقال عنه ابن حبان:"منكر الحديث جداً، يروي عن أبيه عن جده نسخة موضوعة لا يحل ذكرها في الكتب ولا الرواية عنه إلا على جهة التعجب".[68]
    سادسا:حديث أبي أمامة رضي الله عنه :
    رواه ابن أبي شيبة ـ وعنه ابن أبي عاصم[69] ـ عن قطن بن عبد الله.[70]
    ورواه الطبراني[71] من طريق محمد بن عبيد بن حساب عن حماد بن زيد، ومن طريق داود بن أبي السليك، وقريش بن حيان، وسلم بن زرير.
    واللالكائي[72] من طريق داود بن أبي السليك، وسليم بن زرير.
    والداني[73] من طريق يحي بن سلام عن حماد بن سلمة.
    والبيهقي من طريق حماد بن زيد.[74]
    كلهم قطن وحماد بن زيد وداود وقريش وسليم وحماد بن سلمة عن أبي غالب عن أبي أمامة وفيه :"تفرقت بنو إسرائيل على سبعين فرقة، فواحدة في الجنة، وسائرها في النار، ولتزيدن هذه الأمة عليهم واحدة، فواحدة في الجنة، وسائرها في النار " فقلت : فما تأمرني ؟ فقال :" عليك بالسواد العظم ".
    قال : فقلت في السواد العظم ما ترى ؟ قال : " السمع والطاعة خير من المعصية والفرقة" وهذا لفظ رواية الداني.
    قال البيهقي بعد تخريجه للحديث "قال أبو سليمان الخطابي رحمه الله فيما بلغني عنه "قوله ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة" فيه دلالة على أن هذه الفرق كلها غير خارجين من الدين، إذ النبي صلى الله عليه وسلم جعلهم كلهم من أمته، وفيه أن المتأول لا يخرج من الملة وإن أخطأ في تأويله، قال الشيخ ـ أي البيهقي ـ رحمه الله :ومن كفر مسلما على الإطلاق بتأويل لم يخرج بتكفيره إياه بالتأويل عن الملة..".[75]
    ولهذا الحديث علة فقد رواه الناس عن أبي غالب عن أبي أمامة ليس فيه حديث الافتراق هذا وإنما حديثه في شأن الخوارج وأنهم شر قتلى ..... الخ !
    كذا رواه كل من :
    1 ـ حماد بن سلمة :
    كما عند الطيالسي[76]، وأحمد[77]عن وكيع وأبي كامل، ورواه الترمذي[78]من طريق وكيع، والطبراني [79] من طريق طالوت بن عباد وأحمد بن يحيى.
    جميعهم الطيالسي ووكيع وأبو كامل وطالوت وأحمد بن يحيى عن حماد بن سلمة عن أبي غالب عن أبي أمامة مرفوعاً في شأن الخوارج، ولم يذكر أحد منهم تلك الزيادة التي زادها يحيى بن سلام عن حماد بن سلمة كما عند الداني في الفتن!
    ويحيى بن سلام ذكره الذهبي وقال :"ضعفه الدار قطني، وقال ابن عدي يكتب حديثه مع ضعفه".[80]
    فهذه الرواية منكرة من حديث حماد بن سلمة.
    2 ـ سفيان بن عينية :
    كما عند الحميدي[81]، وابن ماجه[82] عن سهل بن أبي سهل، وعبد الله بن أحمد[83] عن أبي خيثمة.
    ثلاثتهم : الحميدي وسهل وأبو خيثمة عن سفيان عن أبي غالب عن أبي أمامة مرفوعاً في شأن الخوارج وأنهم شر قتلى ... الخ كما رواه الجماعة عن حماد بن سلمة.
    3 ـ معمر بن راشد :
    رواه عنه عبد الرزاق[84]، وعنه أحمد[85] ، وعنه ابنه عبد الله[86]، عن عبد الرزاق عن معمر عن أبي غالب عن أبي أمامة مرفوعاً نحو رواية سفيان بن عينية وحماد بن سلمة.
    4 ـ الربيع بن صبيح :
    كما عند الترمذي[87] من طريق وكيع عن الربيع وحماد بن سلمة عن أبي غالب عن أبي أمامة به نحو رواية ابن عينية ومعمر وحماد بن سلمة وقال الترمذي : "حديث حسن" .
    وكما عند الطبراني[88] من طريق عاصم بن علي عن الربيع بن صبيح به نحوه .
    5 ـ سلام بن مسكين :
    6 ـ وجعفر بن سليمان :
    7 ـ أشعث بن عبد الملك :
    رواه الطبراني [89] من طرق عنهم عن أبي غالب عن أبي أمامة مرفوعاً نحو رواية الجماعة في شأن الخوارج .
    8 ـ عمران بن مسلم :
    كما عند الطبراني[90] من طريقه به نحو رواية الجماعة .
    9 ـ عبد الله بن شوذب :
    10 ـ مبارك بن فضالة :
    كما عند الطبراني[91] من طرق عنهما عن أبي غالب به نحو رواية الجماعة.
    11 ـ علي بن مسعدة :
    رواه الطحاوي[92] من طريقه به نحوه .
    فهؤلاء أحد عشر راويا فيهم جماعة من الأئمة الحفاظ كابن عينيه ومعمر بن راشد وحماد بن سلمه وجعفر بن سليمان والربيع بن صبيح ومبارك بن فضالة لم يذكر أحد منهم في روايته حديث الافتراق، وقد ثبت أنه لا يصح عن حماد بن سلمه لضعف يحيى بن سلام وتفرده بهذه الزيادة عن جميع أصحاب حماد من الحفاظ الثقات.
    كما أن قطن بن عبد الله ضعيف وقد قال الألباني عن إسناد حديثه : "إسناده ضعيف، قطن بن عبد الله مجهول الحال".[93]
    وداود بن أبي السليك قال عنه الحافظ :"مقبول".[94]
    وقد روى داود الحديث عن أبي غالب عن أبي أمامة مطولاً وفصل بين حديث الخوارج المرفوع عن حديث الافتراق الموقوف على أبي أمامة من قوله لم يرفعه إلى النبي r.
    وكذا وقع في رواية حماد بن زيد عند الطبراني، فقد رواه مطولاً في شأن الخوارج ورفع الحديث إلى النبي r ثم قال أبو أمامة :" إن بني إسرائيل تفرقت ..الخ ".
    قال أبو غالب:" قلت: يا أبا أمامة : ألا تراهم ما يعملون ؟ قال : عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم ".
    وقد كشفت هذه الرواية وجه الخلل في رواية يحيى بن سلام الذي جعل هذا الحوار بين أبي أمامة والنبيr، بينما هو بين أبي غالب وأبي أمامة ؟
    كما كشفت رواية حماد بن زيد ورواية داود بن أبي السليك وجه الخلل في رواية من روى عن أبي غالب حديث الافتراق مرفوعاً إلى النبي r بينما الصواب أنه موقوف من كلام أبي أمامة، وإنما المرفوع حديث الخوارج، والدليل عليه أن الحفاظ رووا قول أبي أمامة لما سئل هل سمع حديث الخوراج من رسول الله r فقال : "إني إذا لجريء!كيف أقول هذا عن رأيي، لقد سمعته غير مرة ولا مرتين" بعد روايته لقصة الخوارج وأنهم شر قتل تحت أديم السماء.فوهم قطن بن عبد الله فرواه كما عند ابن أبي عاصم في السنة عن أبي غالب عن أبي أمامة قال : "افترقت بنو إسرائيل على إحدى وسبعين فرقة" فقال له رجل : من رأيك أم سمعته من رسول الله r ؟ فقال : " إني إذا لجريء، بل سمعته من رسول الله r غير مرة ولا مرتين ولا ثلاثة".
    وإنما قال أبو أمامة هذا الكلام بعد أن ذكر حديث الخوارج كما في روايات الحفاظ الإثبات، وكما فصلته رواية حماد بن زيد وداود بن أبي سليك .
    وكذا وهم قريش بن حيان وسلم بن زرير حيث جعلا كلام أبي أمامة الموقوف في الافتراق مرفوعاً إلى النبيr !
    وسلم بن زرير ضعفه يحيى بن معين، مع كونه من رجال الشيخين.[95]
    وذكره النسائي في الضعفاء وقال:" ليس بالقوي" [96].
    وقال ابن حبان:" كان الغالب عليه الصلاح يخطئ خطأ فاحشاً، لا يجوز الاحتجاج به إلا فيما وافق الثقات". [97]
    وقد يكون هذا الوهم من أبي غالب نفسه،فقد قال عنه ابن معين "صالح الحديث"[98]،وقال الدارقطني تارة "ثقة"وتارة "يعتبر به"[99]،وأجمل ابن حجر فيه القول بقوله "صدوق يخطئ".[100]
    وقال عنه ابن سعد :" منكر الحديث".[101]
    وقال عنه النسائي:"ضعيف".[102]
    وقال عنه أبو حاتم :"ليس بالقوي ".[103]
    وقال عنه ابن حبان :" منكر الحديث على قلته لا يجوز الاحتجاج به، إلا فيما يوافق الثقات، وهو صاحب حديث الخوارج".[104]
    وقد روى هذا الحديث عن أبي أمامة جماعة سوى أبي غالب فلم يذكروا إلا حديث الخوارج وليس في روايتهم حديث الافتراق، ومنهم :
    أ- شداد بن عبد الله :
    كما عند عبد الله بن أحمد[105]، والحاكم.[106]
    ب - سيار الشامي : رواه أحمد.[107]
    ج- صفوان بن سليم : كما عند أحمد.[108]
    فاجتمع في رواية حديث الافتراق عن أبي غالب أربع علل :
    1 ـ أن أكثر الرواة رووا عنه حديثه في الخوراج ليس فيه حديث الافتراق.
    2 ـ وأن رواية حماد بن زيد وداود بن أبي سليك فرقتا بين روايته لحديث الخوارج المرفوع، وروايته لحديث الافتراق الموقوف عليه من كلامه، وفصلتا بينهما وكشفتا وهم من وهم عليه في ذلك.
    3 ـ أن أبا غالب متكلم فيه وقد ضعفه جماعة من الأئمة، وذكر ابن حبان أن سبب تضعيفه كونه منكر الحديث لا يقبل منه إلا ما تابعه عليه الثقات .
    4 ـ أن الثقات غيره ممن رووا هذا الحديث عن أبي أمامة لم يذكروا حديث الافتراق هذا، فعلى فرض ثبوته عنه فهو من مناكيره التي تفرد بها مع ضعفه .
    سابعا: حديث أنس بن مالك في الافتراق :
    وقد رواه عنه جماعة:
    1ـ قتادة بن دعامة:
    رواه ابن ماجه[109]، وأبن أبي عاصم[110]، كلاهما عن هشام بن عمار ثنا الوليد بن مسلم ثنا الأوزعي ثنا قتادة عن أنس مرفوعاً" إن أمتي ستفترق على أثنيتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة ".
    وفيه أربعة علل :
    أولا: ضعف في هشام بن عمار كما قال الحافظ ابن حجر عنه : "صدوق كبر فصار يتلقن".[111]
    ثانيا: كون الوليد بن مسلم مشهورا بتدليس التسوية، ولم يذكر فيه سماع قتادة من أنس، فقد يكون أسقط بين قتادة وأنس راويا ضعيفا، ومثله لا يقبل منه إلا أن يصرح بالسماع بين كل راو شيخه.[112]
    ثالثا: عنعنة قتادة وهو مشهور بالتدليس وقد جعله الحافظ في المرتبة الثالثة[113] فلا يقبل من حديثه إلا ما صرح فيه بالسماع .
    رابعا : مخالفة هشام بن عمار أو شيخه الوليد بن مسلم لرواية الجماعة عن الأوزاعي:
    حيث رواه كل من :
    1 ـ معاوية بن صالح :
    أخرجه اللالكائي[114]من طريقه عن الأوزعي أن يزيد الرقاشي حدثه أنه سمع أنس بن مالك يقول فذكر نحو حديث قتادة.
    2ـ يحيى بن عبد الله البابلتي:
    حيث رواه أبو نعيم وابن عساكر[115] من طرق صحيحة إلى يحيى بن عبدالله ثنا الأوزاعي قال حدثني يزيد عن أنس فذكره مطولاً ولفظه"قال ذكر رجل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا قوته في الجهاد واجتهاده في العبادة فإذا هو قد أشرف عليهم فقالوا هذا الذي كنا نذكره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إني لأرى في وجهه سفعة من الشيطان" ثم أقبل فسلم عليهم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم "هل حدثت نفسك حين أشرفت علينا أنه ليس في القوم أحد خيرا منك" قال نعم ثم مضى فاختط مسجدا وصفن بين قدميه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من يقوم إليه فيقتله؟" قال أبو بكر أنا فانطلق إليه فوجده قائما يصلي فهاب أن يقتله فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "ما صنعت؟" قال وجدته يا رسول الله قائما يصلي فهبت أن أقتله، فقال رسول الله "أيكم يقوم إليه فيقتله؟" فقال عمر أنا فانطلق ففعل كما فعل أبو بكر فقال رسول الله "أيكم يقوم إليه فيقتله؟" فقال علي أنا قال "أنت له إن أدركته"، فانطلق فوجده قد انصرف فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له "ما صنعت؟" قال وجدته يا رسول الله قد انصرف،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "هذا أول من يخرج من أمتي لو قتلته ما اختلف اثنان بعده من أمتي" ثم قال "إن بني إسرائيل تفرقت على إحدى وسبعين فرقة، وإن أمتي ستفترق على ثنتين وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة" قال يزيد وهي الجماعة. رواه عكرمة بن عمار وغيره عن يزيد نحوه".
    والبابلتي ابن امرأة الأوزاعي، وقد صرح بالسماع منه هنا، وقد تكلم ابن معين في سماعه منه، وقال ابن عدي عنه "ليحيى البابلتي عن الأوزاعي أحاديث صالحة وفي تلك الأحاديث أحاديث ينفرد بها عن الأوزاعي...والضع على حديثه بين".[116]
    وهذا الحديث لم ينفرد به، بل توبع عليه، تابعه معاوية بن صالح، وكذلك فضيل بن عياض.
    3ـ فضيل بن عياض:
    رواه الخطيب البغدادي بإسناد صحيح إلى عبد الرحمن بن مهدي بن هلال الواسطي عن فضيل عن الأوزاعي عن يزيد الواسطي "كذا" عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة".[117]
    فثبت بذلك أن الأوزعي إنما يروي هذا الحديث عن يزيد الرقاشي لا عن قتادة كما وهم عليه هشام بن عمار .
    وقد رواه عن يزيد الرقاشي أيضاً :
    1 ـ عكرمة بن عمار وغيره :
    ذكره أبو نعيم في الحلية، وقد أخرج رواية عكرمة أبو يعلي الموصلي[118] بنحو رواية أبي نعيم عن الأوزاعي.
    2 ـ محمد بن يعقوب :
    أخرجه ابن عدي في كامله من طريقه عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم "قال إن بني إسرائيل افترقوا على اثنين وسبعين فرقة، وإن هذه الأمة تفترق على ثلاثة وسبعين فرقة ،كلها في النار إلا فرقة واحدة، قالوا يا رسول الله ومن تلك الفرقة الواحدة؟ قال الجماعة جماعتكم وأمراؤكم".[119]
    قال ابن عدي بعد حديثه "ومحمد بن يعقوب هذا بعض أحاديثه فيها نكارة".
    قال الذهبي "ذكر له ابن عدى أحاديث منكرة لها شواهد".[120]
    فثبت بذلك أن الحديث هو حديث يزيد الرقاشي وهو محفوظ عنه من رواية عكرمة بن عمار ومحمد بن يعقوب، وكذلك من رواية الأوزاعي التي حفظها عنه معاوية بن صالح ويحيى بن عبد الله البابلتي وفضيل بن عياض.
    فإما أن يكون هشام بن عمار أخطأ ووهم في رواية هذا الحديث عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي فجعله عن قتادة مع أنه عن يزيد الرقاشي.
    أو يكون الوليد بن مسلم رواه عن الأوزاعي عن قتادة عن الرقاشي، فأسقط الرقاشي من الإسناد، ودلسه تدليس التسوية، كما هو مشهور عنه، قال الدارقطني "الوليد بن مسلم يرسل في أحاديث الأوزاعي، عند الأوزاعي أحاديث عن شيوخ ضعفاء، عن شيوخ أدركهم الأوزاعي مثل نافع والزهري وعطاء، فيسقط الضعفاء ويجعلها عن الأوزاعي، عن نافع والزهري وعطاء".[121]
    وهذا متحقق هنا فإن قتادة يروي عن أنس بن مالك، وقد سمع منه، كما يروي أيضا عن الرقاشي عن أنس، والأوزاعي يروي عن قتادة، وأيضا عن الرقاشي، فجاء الوليد بن مسلم ورأى في الإسناد الرقاشي وهو ضعيف، فأسقطه ودلسه تدليس التسوية، ليصبح كل رجال الإسناد ثقات!!
    ويرجح هذا الاحتمال أن هذا الإسناد "هشام بن عمار عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي" إسناد شامي، و"قتادة عن أنس" إسناد عراقي بصري، ولا يتصور أن يفوت أصحاب قتادة الحفاظ الأثبات مثل هذا الحديث مع جلالة هذا الإسناد ثم لا يرويه أحد من أهل العراق ولا يحدث به إلا هشام بن عمار عن الوليد بن مسلم!
    أو يكون الأوزاعي سمعه من الرقاشي ومن قتادة غير أن قتادة دلسه ورواه بالعنعنة، ويكون قد سمعه من الرقاشي فأسقطه من الإسناد، والرقاشي من شيوخ قتادة، وقد روى قتادة عنه عن أنس، فلا يبعد أن يكون هذا مما سمعه منه أو بلغه عنه فأسقطه من الإسناد ودلسه عنه.
    ويزيد بن أبان الرقاشي قال عنه مسلم : " متروك الحديث" [122] ، وكذا قال عنه أحـمد"متروك الحديث".[123]
    كما رواه عن أنس أيضا:
    2 ـ عبد العزيز بن صهيب :
    رواه أبو يعلي[124]، والآجري[125]، وابن بطة[126]، كلهم من طرق عن مبارك بن سحيم عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس مرفوعاً:"افترقت بنو إسرائيل على إحدى وسبعين فرقة وإن أمتي ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا السواد الأعظم ".
    وقال الهيثمي عن هذا الطريق:"فيه مبارك بن سحيم وهو متروك ".[127]
    وهو كما قال ففي تهذيب المزي"قال عبد الله بن أحمد بن حنبل سمعت أبي يقول وعرضت عليه أحاديث مبارك بن سحيم الذي حدثنا عنه سويد فأنكرها ولم يحمده أظنه قال ليس بثقة، وأنكرها إنكارا شديدا وأظنه قال اضربوا عليه، وقال أبو زرعة واهي الحديث منكر الحديث ما أعرف له حديثا صحيحا وقد حسنوه بمولى عبد العزيز بن صهيب، وقال أبو حاتم منكر الحديث ضعيف الحديث، وقال البخاري منكر الحديث، وقال النسائي ليس بثقة ولا يكتب حديثه، وقال في موضع آخر متروك الحديث، وقال أبو بشر الدولابي متروك الحديث، وقال الحاكم أبو أحمد ذاهب الحديث، وقال أبو حاتم بن حبان ينفرد بالمناكير لا يجوز الإحتجاج به".[128]
    3 ـ زياد بن عبد الله النميري:
    رواه أحمد[129] عن وكيع عن عبد العزيز بن الماجشون عن صدقة بن يسار عن زياد عن أنس مرفوعاً ولفظه:"إن بني إسرائيل قد افترقت على ثنتين وسبعين فرقة، وانتم تفترقون على مثلها، كلها في النار، إلا فرقة ".
    وزياد النميري قال عنه ابن حبان :" منكر الحديث يروي عن أنس أشياء لا تشبه حديث الثقات لا يجوز الاحتجاج به، تركه يحيى بن معين ".[130]
    فلا تنفع متابعة مثله.
    4 ـ سعيد بن أبي هلال :
    رواه أحمد[131] عن حسن عن ابن لهيعة ثنا خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن أنس مرفوعاً نحو حديث النميري وزاد في آخره : "قالوا : يا رسول الله من تلك الفرقة ؟ قال : الجماعة الجماعة ".
    وفيه علتان :
    أولا: ضعف ابن لهيعة قال عنه الحافظ:" اختلط في آخر عمره، وكثر عنه المناكير في رواياته، وقال ابن حبان كان صالحاً، ولكنه كان يدلس عن الضعفاء "[132]، وقد جعله الحافظ في كتابه هذا في المرتبة الخامسة وهم الذين يضعف حديثهم حتى لو صرحوا بالسماع .
    وقال ابن حبان :" أما رواية المتأخرين عنه بعد احتراق كتبه ففيها مناكير كثيرة، فوجب التنكب عن رواية المتقدمين عنه قبل احتراق كتبه لما فيها من الأخبار المدلسة عن الضعفاء والمتروكين، ووجب ترك الاحتجاج براوية المتأخرين عنه بعد احتراق كتبه لما فيه مما ليس من حديثه ". [133]
    ولم يروه عنه قدماء أصحابه وهم العبادلة الأربعة : عبد الله بن المبارك، وعبد الله بن يزيد المقرئ، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، وعبد الله بن وهب.[134]
    ثانيا:أن سعد بن أبي هلال لم يسمع من أنس قال المزي:" روى عن أنس بن مالك، يقال:مرسل" [135]، وجزم بذلك ابن حجر فقال:" روى عن جابر وأنس مرسلا ".[136]
    هذا مع أنه ولد سنة 70 بمصر ونشأ بالمدينة.
    فثبت بذلك معاصرته لأنس فروايته عنه مع عدم سماعه منه تكون تدليساً أو إرسالاً خفياً .ولم يصرح هنا بالسماع، وقد قال فيه أحمد : " ما أدري أي شيء يخلط في الأحاديث ؟". [137]
    وعلى كل حال إن سلم الحديث من ضعف ابن لهيعة وتخليط لم يسلم من إرسال سعيد وتدليسه!
    5 ـ سليمان بن طريف:
    رواه الأجري [138]، وابن بطة[139] كلاهما من طريقين عن شبابه بن سوار أخبرنا سليمان بن طريف عن أنس مرفوعاً : "... وستفترق أمتي على ما افترقت عليه بنو إسرائيل وستزيد فرقة واحدة لم تكن في بني إسرائيل" وقد قال الشيخ الألباني : " وابن طريف هذا لم أجد له ترجمة ". [140]
    كذا قال الألباني ـ رحمه الله تعالى ـ مع إن هذا الراوي من رجال التهذيب؟!
    وإنما أوردوه في الكني بسبب الخلاف في اسمه قال الحافظ ابن حجر : " أبو عاتكة اسمه طريف بن سليمان ويقال سليمان بن طريف كوفي ويقال بصري، روى عن أنس، قال أبو حاتم : ذاهب الحديث، وقال البخاري : منكر الحديث، وقال النسائي ليس بثقة ذكره السليماني فيمن عرف بوضع الحديث " [141] ، وقد ذكره ابن أبي حاتم فيمن اسمه طريف[142]. وقد قال عنه ابن عدي: " منكر الحديث ... وعامة ما يرويه عن أنس لا يتابعه عليه أحد من الثقات". [143]
    6ـ زيد بن أسـلم :
    رواه الآجري[144]، وابن بطة[145] كلاهما من طريق أبي معشر نجيح بن عبد الرحمن عن يعقوب بن زيد التيمي عن زيد بن أسلم عن أنس مرفوعاً مطولا وفي آخره : قيل من هم يا رسول الله؟ قال:"الجماعة ".
    وفيه علتان :
    الأولى:ضعف نجيح بن عبد الرحمن حتى قال عنه البخاري "منكر الحديث" [146] ، وقد اختلط بأخرة وفحش حتى قال عنه ابن حبان" كان ممن اختلط في آخر عمره ... فكثر المناكير في روايته من قبل اختلاطه فبطل الاحتجاج به ". [147]
    الثانية:أن زيد بن أسلم كثير الإرسال وروى عن جماعة من الصحابة لم يسمع منهم مع إدراكه لهم كمحمود بن الربيع ولهذا ذكر ابن عبد البر ما يدل على أنه كان يدلس[148].وقد روى هذا الحديث بالعنعنة ولم يصرح بالسماع فهو منقطع.
    7ـ يحيى بن سعد الأنصاري :
    رواه العقيلي[149] من طريق عبد الله بن سفيان الخزاعي عن يحيى بن سعيد عن أنس مرفوعاً: "تفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة واحدة " قيل : يا رسول الله ما هذه الفرقة ؟ قال:"من كان على ما أنا عليه اليوم وأصحابي" .
    وقال العقيلي بعد روايته لهذا الحديث :" ليس له من حديث يحيى بن سعيد أصل، وإنما يعرف هذا الحديث من حديث الأفريقي"، وقال عن عبد الله بن سفيان :" لا يتابع على حديثه" .
    فهذه كل طرق هذا الحديث عن أنس رضي الله عنه مدارها كلها على الضعفاء والمتروكين وليس فيها إسناد واحد سالم من الإعلال، بل كلها مناكير، ولهذا تنكب عنها أصحاب الكتب الستة سوى ابن ماجة فأخرج رواية قتادة المعلولة، ولذا يظهر تساهل الشيخ الألباني في قوله عن حديث أنس هذا : "حديث صحيح ... والحديث صحيح قطعا له ستة طرق أخرى عن أنس، وشواهد عن جمع من الصحابة ".[150]
    وقد ثبت بدراسة طرقه كلها أنه لا يثبت عن أنس لا من طريق صحيح ولا حسن ولا حسن لغيره لشدة ضعف الطرق عنه!
    8- حديث أبي هريرة رضي الله عنه :
    رواه أحمد[151]، وأبو داود[152]، والترمذي[153] وقال :" حسن صحيح "، وابن ماجه[154]، والموصلي[155]، وابن حبان[156]، والحاكم.[157]
    كلهم من طرق عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة مرفوعا: " افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة" وهذا لفظ الرواية الأولى عند ابن حبان وباقي الروايات نحوه وليس في الحديث زيادة:" كلها في النار إلا واحدة "!
    قال الحاكم بعد تخريجه للحديث"وقد احتج مسلم بمحمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة"، وقد تعقبه الذهبي فقال"ما احتج مسلم بمحمد بن عمرو منفردا بل بانضمامه إلى غيره".
    وهو الصحيح كما قال المزي وابن حجر "روى له البخاري مقرونا بغيره ومسلم في المتابعات".[158]
    وهذا الحديث هو أصح حديث يروى في الافتراق ومداره على محمد بن عمرو بن وقاص الليثي، وقد أجمل الحافظ ابن حجر أقوال الأئمة فيه فقال :" صدوق له أوهام " [159]، وقال عنه يحيى بن معين : "ما زال الناس يتقون حديثه".[160]
    وقد تفرد محمد بن عمرو بهذا الحديث عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة من دون كل أصحاب أبي سلمة، ومن دون أصحاب أبي هريرة من الحفاظ الإثبات مع كثرتهم، ولم يروه أحد منهم، وهذا يوهن من قوته كما قال الذهبي : "وإن تفرد الصدوق ومن دونه يعد منكراً، وإن إكثار الراوي من الأحاديث التي لا يوافق عليها لفظاً أو إسنادا يصيره متروك الحديث".[161]
    ولهذا لم يخرج له مسلم هذا الحديث في صحيحه حيث لم يجد من تابعه عليه لا عن أبي سلمة ولا عن أبي هريرة.
    وإذ ثبت كل ذلك ظهر جلياً سبب تنكب البخاري ومسلم عن تخريج هذا الحديث مع شهرته وشيوعه وكثرة طرقه إذا لم يجدا له طريقاً واحداً صحيحا على شرطهما! بل ولم يبوب البخاري له بابا في جامعه مع أنه ربما بوب لترجمة بحديث ليس على شرطه، فدل ذلك على أن كثرة طرق الحديث قد تكون سبباً للإعراض عنه إذا كان مدارها كلها على الضعفاء، إذ في رواجها بينهم دون الثقات مع عناية الحفاظ الإثبات على حفظ الصحيح وجمعه وروايته ما يؤكد بطلانها وإن كثرت طرقها، إذ بعيد أن تروج وتشتهر كل هذا الاشتهار ولا يسلم لها طريق واحد من رواية الثقة عن الثقة .
    كما قال المحقق أحمد شاكر :"وبذلك يتبين خطأ كثير من العلماء المتأخرين في إطلاقهم أن الحديث الضعيف إذا جاء من طرق متعددة ضعيفة ارتقى إلى درجة الحسن أو الصحيح، فإنه إذا كان ضعف الحديث لفسق الراوي أو اتهامه بالكذب ثم جاء من طرق أخرى من هذا النوع : ازداد ضعفاً إلى ضعف، لأن تفرد المتهمين بالكذب أو المجروحين في عدالتهم، بحيث لا يرويه غيرهم يرفع الثقة بحديثهم، ويؤيد ضعف روايتهم"[162] .
    كما يظهر تساهل من صححوا هذا الحديث أو حسنوه بكثرة طرقه.[163]

  2. #2

    افتراضي رد: حديث الافتراق "تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة"-منقول-

    وقد ضعف هذا الحديث ابن حزم، كما غمز شيخ الإسلام ابن تيمية في صحته بإعراض الشيخين عن تخريجه،مع أنه يرى صحته، فقال : "فمن كفر الثنتين والسبعين فرقة كلهم فقد خالف الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين لهم بإحسان، مع أن حديث " الثنتين والسبعين فرقة" ليس في الصحيحين، وقد ضعفه ابن حزم وغيره، لكن حسنه غيره أو صححه، كما صححه الحاكم وغيره،ورواه أهل السنن من طرق،وليس قوله "ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة" بأعظم من قوله تعالى "إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا" وقوله "ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوق نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا". وأمثال ذلك من النصوص الصريحة بدخول من فعل ذلك النار ومع هذا فلا نشهد لمعين بالنار، لإمكان أنه تاب أو كانت له حسنات محت سيئاته أو كفر الله عنه بمصائب أو غير ذلك كما تقدم، بل المؤمن بالله ورسوله باطنا وظاهرا الذي قصد اتباع الحق وما جاء به الرسول إذا أخطأ ولم يعرف الحق كان أولى أن يعذره الله في الآخرة من المتعمد العالم بالذنب، فإن هذا عاص مستحق للعذاب بلا ريب، وأما ذلك فليس متعمدا للذنب بل هو مخطئ والله قد تجاوز لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان"[164] ،وقال قبل ذلك"وإذا قال المؤمن "ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان"يقصد كل من سبقه من قرون الأمة بالإيمان وإن كان قد أخطأ في تأويل تأوله فخالف السنة، أو أذنب ذنبا فإنه من إخوانه الذين سبقوه بالإيمان فيدخل في العموم، وإن كان من الثنتين والسبعين فرقة، فإنه ما من فرقة إلا وفيها خلق كثير ليسوا كفارا بل مؤمنين، فيهم ضلال وذنب يستحقون به الوعيد كما يستحقه عصاة المؤمنين، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يخرجهم من الإسلام بل جعلهم من أمته، ولم يقل إنهم يخلدون في النار فهذا أصل عظيم ينبغي مراعاته". [165]
    وقد قال الشوكاني "زيادة "كلها في النار" لا تصح مرفوعة ولا موقوفة"[166]،وقد أورده في الفوائد المجموعة.[167]
    بينما قال الألباني"الحديث ثابت لا شك فيه، ولذلك تتابع العلماء خلفا عن سلف على الاحتجاج به....ولا أعلم أحدا قد طعن فيه إلا من لا يعتد بتفرده وشذوذه".[168]
    وقال أيضاً : "هذا المتن المحفوظ ورد عن جماعة من الصحابة منهم أنس بن مالك رضي الله عنه وقد وجدت له عنه وحده سبع طرق ".[169]
    وفي كلامه هذا نظر إذ لم يتتابع العلماء خلفاً عن سلف على الاحتجاج بهذا الحديث، بل تنكب عن إخراجه الشيخان ولم يحتجا بشيء من أسانيد وطرق هذا الحديث مع كثرتها، وإنما صححه المتساهلون كالترمذي وابن حبان والحاكم ومن حديث أبي هريرة وحده فقط[170]، وليس فيه زيادة " كلها في النار إلا واحدة"، ومداره على محمد بن عمرو، وكل من لم يحتج بما تفرد به محمد بن عمرو أو لم يحتج به مطلقاً من المتقدمين فهو قائل برد هذا الحديث، ولا يشترط أن يحكم الإمام الناقد على كل حديث بعينه بالرد بل حكمه على الراوي حكم على مروياته إذا لم يتابع عليها، وليس في كل طرق هذا الحديث طريق واحد أجمع المتقدمون على الاحتجاج بكل رواته، فلا يمكن والحال هذه ادعاء تتابع العلماء خلفا عن سلف على الاحتجاج بهذا الحديث، نعم لو جاء هذا الحديث من طريق احتج البخاري ومسلم به ـ وإن لم يخرجاه ـ لكان لهذا القول وجه والأمر على خلاف ذلك فلا تصح هذه الدعوى، وتصحيح المتساهلين في التصحيح كالترمذي وابن حبان والحاكم لا يخرجه عن كونه حديثا غريبا تفرد به راو متكلم فيه، وتنكب البخاري ومسلم عن الاحتجاج بمحمد بن عمرو كاف في إثبات هذه الدعوى، وكذا تنكبهما عن إخراج هذا الحديث مع كثرة طرقه.
    نتائج البحث
    وبعد جمع كل طرق هذا الحديث المشهور، ودراسته دراسة نقدية إسنادية، وصل الباحث إلى ما يلي:
    1 ـ ثبت أن حديث عوف بن مالك منكر لضعف عباد بن يوسف، ولتفرده بهذا الحديث، ومخالفته الثقات الذين رووا الحديث عن صفوان، حيث خالفوه في إسناد وجعلوه من حديث معاوية بن أبي سفيان ليثبت بذلك أنه لا أصل له عن عوف بن مالك،وأنه خطأ من عباد بن يوسف ولم يتابع عليه .
    2 ـ كما ثبت ضعف حديث معاوية لأن مداره على أزهر بن أبي عبد الله، وهو ناصبي غال، يسب عليا رضي الله عنه،وقد طعن فيه أبو داود وذكره ابن الجارود في الضعفاء، وقد تفرد بهذا الحديث عن معاوية، مما يقضي بأنه منكر وأحسن أحواله أنه حديث ضعيف .
    3 ـ وكذلك ثبت ضعف حديث عبد الله بن عمرو وأنه حديث منكر، لأن مداره على عبد الرحمن بن زياد الأفريقي وهو شديد الضعف منكر الحديث، وقد تفرد بهذا الحديث ولم يتابع عليه، وقد اشتهر برواية الغرائب والمناكير، ورواه بالعنعنة، وهو مشهور بالتدليس بل شر أنواعه وهو التدليس عن المتروكين مما يدل على أنه حديث منكر، ولا أصل له عن عبد الله بن عمرو .
    4 ـ كما ثبت أيضا أن حديث سعد بن أبي وقاص حديث منكر، إذا مداره على موسى بن عبيدة ، وهو منكر الحديث لا يكتب حديثه، وقد تفرد بهذا الحديث ولم يتابع عليه من حديث سعد مما يقضي على حديثه هذا بالنكارة.
    5 ـ وكذا ثبت أن حديث عمرو بن عوف المزني باطل لا أصل له، إذا مداره على كثير بن عبد الله، وهو منكر الحديث جداً، يروي عنه أبيه عن جده نسخة موضوعة وهذا الحديث منها .
    6 ـ وثبت أيضاً أن حديث أبي أمامة في الافتراق مداره على أبي غالب، وقد ضعفه النسائي، وقال عنه ابن سعد وابن حبان :" منكر الحديث "، وقد اختلف عليه الرواة الذين ذكروا حديث الافتراق عنه، وقد كشفت رواية حماد بن زيد وداود بن أبي السليك أن حديث الافتراق موقوف على أبي أمامة من كلامه لم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم،فوهم عليه بعض الرواة وجعلوه مرفوعاً، وعلى كل حال فتفرده بهذا الحديث مع ضعفه يجعل حديثه هذا في عداد المناكير على فرض ثبوت الرواية عنه مرفوعة، فكيف وقد جاءت أيضاً موقوفة وهو الصحيح؟
    7 ـ كما ثبت أيضا أن حديث أنس مع كثرة طرقه عنه ليس فيها إسناد واحد صحيح ولا حسن بل ولا ضعيف، بل مدارها كلها على المتروكين كيزيد بن أبان الرقاشي، وقد قال عنه مسلم " متروك الحديث"، ومبارك بن سحيم وهو" متروك "، وزياد النميري وهو " منكر الحديث " كما قال ابن حبان، وابن لهيعة وهو " متروك بعد اختلاطه"وقد رواه بالعنعنة وهو مشهور بالتدليس، وسليمان بن طريف وهو "منكر الحديث" ومتهم بالوضع، ونجيح بن عبد الرحمن وقد قال عنه البخاري :" منكر الحديث "، وسعد بن سعيد وهو " متروك الحديث " كما قال النسائي، وهذه كل طرقه عن أنس، لا يصح منها شيء، فبان خطأ قول الشيخ الألباني بأنه صحيح قطعا عن أنس اغترارا برواية قتادة المعلولة المدلسة عن الرقاشي.
    8 ـ كما ثبت أن حديث أبي هريرة هو أحسنها حالاً ـ وإسناده حسن ـ وليس في حديثه زيادة :"كلها في النار إلا واحدة"، ومداره على محمد بن عمرو الليثي وهو صدوق له أوهام، وقد تفرد بهذا الحديث عن أبي سلمة عن أبي هريرة، ولهذا تجنب مسلم تخريج حديثه هذا، مع أنه أخرج له أحاديث أخرى في المتابعات،
    وعلى كل فكل طرق هذا الحديث مناكير وغرائب ضعيفة ومنكرة، وأحسنها حالا حديث أبي هريرة وهو حديث حسن، مع تساهل كبير في تحسينه لتفرد محمد بن عمرو به، وهو صدوق له أوهام خاصة في روايته عن أبي سلمة عن أبي هريرة، ولهذا كان القدماء يتقون حديثه كما قال يحيى بن معين.
    والله تعالي أعلم .
    المصادر والمراجع
    1. الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة : أبو عبدالله عبيدالله بن محمد بن بطة العكبري الحنبلي تحقيق : د.عثمان عبدالله آدم الأثيوبي، الطبعة الثانية ، 1418، دار الراية – الرياض.
    2. الأدب المفرد: محمد بن إسماعيل البخاري، تحقيق فؤاد عبد الباقي، الطبعة الثالثة سنة 1409هـ، البشائر، بيروت.
    3. الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان:ترتيب ابن بلبان، تحقيق:شعيب الأرنؤوط الطبعة الثانية ، 1414 - 1993 ، مؤسسة الرسالة – بيروت.
    4. الاستذكار: أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر، تحقيق:سالم محمد عطا ومحمد علي معوض الطبعة الأولى 1421 – 2000، دار الكتب العلمية – بيروت.
    5. إعلام الموقعين :محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد طبعة دار الفكر ، بيروت .
    6. تاريخ بغداد : أحمد بن علي أبو بكر الخطيب البغدادي، دار الكتب العلمية – بيروت.
    7. التاريخ الكبير : محمد بن إسماعيل البخاري، ط سنة 1361هـ ، إدارة المعارف العثمانية، الهند.
    8. تحفة الأشراف: أبو الحجاج يوسف بن الزكي المزي، تحقيق عبد الصمد شرف الدين، ط2 سنة 1403هـ، المكتب الإسلامي، بيروت .
    9. التقريب: أحمد بن علي ابن حجر، تحقيق محمد عوامة، ط3 سنة 1411هـ، دار الرشيد، سوريا.
    10. التمهيد: يوسف بن عبد البر ، طبعة ثانية سنة 1402هـ ، وزارة الأوقاف المغربية.
    11. تهذيب التهذيب: أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني، الطبعة الأولى ، 1404 - 1984، دار الفكر ، بيروت.
    12. تهذيب الكمال: المزي، تحقيق بشار عواد، ط1 سنة 1413هـ، الرسالة، بيروت.
    13. الثقات: ابن حبان، ط1 سنة 1393هـ ، دائرة المعارف العثمانية ، الهند .
    14. الجامع الصحيح المختصر:محمد بن إسماعيل البخاري، تحقيق مصطفى البغا، الطبعة الثالثة 1400 – 1987، دار ابن كثير، اليمامة – بيروت.
    15. الجامع: الترمذي، تحقيق أحمد شاكر ، وكمال الحوت ، دار الكتب العلمية، بيروت .
    16. الجرح والتعديل: ابن أبي حاتم، تحقيق المعلمي، ط1 سنة 372هـ دائرة المعارف العثمانية، الهند.
    17. حلية الأولياء : أبو نعيم الأصبهاني، دار الكتب العلمية ، بيروت.
    18. سلسلة الأحاديث الصحيحة، محمد ناصر الدين الألباني، الطبعة الرابعة سنة 1398هـ ، المكتب الإسلامي ـ بيروت.
    19. سلسلة الأحاديث الضعيفة:محمد ناصر الدين الألباني، الطبعة الرابعة سنة 1398هـ ، المكتب الإسلامي، بيروت.
    20. السنن :سليمان بن الأشعث أبو داود السجستاني، ، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الفكر.
    21. السنن :محمد بن يزيد بن ماجه، تحقيق فؤاد عبد الباقي ، طبعة أولى، المكتبة الإسلامية اسطنبول.
    22. السنن الصغرى:أحمد بن شعيب النسائي، بعناية عبد الفتاح أبو غدة، ط2 1409هـ البشائر، بيروت.
    23. السنن الكبرى: أحمد بن شعيب النسائي، تحقيق البنداري، ط1 سنة 1411هـ، دار الكتب العلمية، بيروت .
    24. السنن الكبرى: أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، الطبعة الأولى، دائرة المعارف العثمانية، تصوير دار المعرفة، بيروت .
    25. السنة : عبد الله بن أحمد بن حنبل، تحقيق : د. محمد سعيد سالم القحطاني ، الطبعة الأولى، 1406، دار ابن القيم – الدمام.
    26. سير أعلام النبلاء :محمد بن أحمد الذهبي، تحقيق جماعة، ط9 سنة 1413هـ، الرسالة، بيروت.
    27. شرح أصول اعتقاد أهل السنة : هبة الله بن الحسن بن منصور اللالكائي أبو القاسم، تحقيق :أحمد سعد حمدان، : دار طيبة - الرياض ، 1402.
    28. الشريعة : محمد بن الحسين الآجري، دار الكتب العلمية – بيروت.
    29. شعب الإيمان:أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، تحقيق : محمد السعيد بسيوني زغلول، الطبعة الأولى ، 1410 دار الكتب العلمية – بيروت.
    30. صحيح مسلم بن الحجاج بشرح محي الدين النووي: ط3 سنة 1404 نشر دار إحياء التراث العربي بيروت.
    31. صحيح مسلم :مسلم بن الحجاج، ترقيم عبد الباقي، ط1، المكتبة الإسلامية، استانبول.
    32. الضعفاء وأجوبة أبي زرعة : أبو زرعة الرازي، تحقيق سعدي الهاشمي، ط1 سنة 1402 الجامعة الإسلامية، المدينة المنورة.
    33. ضعيف الأدب المفرد : محمد ناصر الدين الألباني، الطبعة الأولى سنة 1994م ، دار الصديق .
    34. الطبقات: محمد بن سعد، تحقيق محمد عبد القادر، ط1 سنة 1410هـ دار الكتب العلمية، بيروت.
    35. طبقات المدلسين: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، تحقيق: د. عاصم بن عبد الله القريوتي، الطبعة الأولى ، 1403 – 1983، مكتبة المنار – عمان.
    36. الفصل في الملل والنحل : علي بن أحمد ابن حزم ، مكتبة الخانجي ـ القاهرة.
    37. الفوائد:تمام بن محمد الرازي أبو القاسم، تحقيق : حمدي عبد المجيد السلفي، الطبعة الأولى ، 1412، مكتبة الرشد – الرياض.
    38. فتح الباري: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، تحقيق محب الدين الخطيب، ترقيم عبد الباقي ط1 سنة 1410هـ نشر دار الكتب العلمية، بيروت .
    39. الكاشف : محمد بن أحمد الذهبي ، تحقيق عوامة ، الطبعة الأولى سنة 1416هـ، دار القبلة، جدة.
    40. الكامل في الضعفاء: عبد الله بن عدي الجرجاني، تحقيق سهيل زكار، ط3 سنة 1409، دار الفكر، بيروت.
    41. لسان الميزان: أحمد بن علي ابن حجر، ط1 دار الكتاب الإسلامي، القاهرة .
    42. المجروحين: محمد بن حاتم بن حبان، تحقيق محمود زايد، ط2 سنة 1402هـ دار الوعي، حلب.
    43. مجمع الزوائد :أبو بكر الهيثمي، الطبعة الثالثة سنة 1402هـ، الكتاب العربي ، بيروت.
    44. مجموع الفتاوى: أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية، جمع ابن القاسم، طبعة سنة 1412هـ عالم الكتب، الرياض.
    45. المستدرك على الصحيحين: محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري، ترقيم:مصطفى عبد القادر عطا، الطبعة الأولى ، 1411 - 1990 دار الكتب العلمية، بيروت.
    46. المستدرك: محمد بن عبد الله الحاكم ط1 سنة 1335هـ دائرة المعارف العثمانية .
    47. المسند: أحمد بن حنبل، ط3، تصوير المكتب الإسلامي .
    48. المسند : أحمد بن حنبل ، تحقيق أحمد شاكر، ط1 سنة 1377هـ، دار المعارف، القاهرة.
    49. مسند الشاميين: سليمان بن أحمد بن أيوب أبو القاسم الطبراني، تحقيق :حمدي بن عبد المجيد السلفي، الطبعة الأولى ، 1405 – 1984، مؤسسة الرسالة – بيروت.
    50. مسند أبي يعلى: أحمد بن علي بن المثنى أبو يعلى الموصلي التميمي، تحقيق :حسين سليم أسد، الطبعة الأولى ، 1404 – 1984، دار المأمون للتراث – دمشق.
    51. مسند الطيالسي : أبو داود سليمان بن داود البصري الطيالسي، دار المعرفة ـ بيروت.
    52. مصباح الزجاجة : البوصيري، تحقيق الكشناوي، ط 1403 ، دار العربية، بيروت.
    53. المصنف: أبو بكر بن أبي شيبة، تحقيق كمال الحوت ، طبعة أولى سنة 1988م بيروت.
    54. المصنف:عبد الرزاق بن همام الصنعاني، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي ط1 سنة 1982م المكتب الإسلامي، بيروت .
    55. المعجم الأوسط : سليمان بن أحمد الطبراني، تحقيق محمود الطحان، الطبعة الأولى سنة 1405هـ، المعارف، الرياض.
    56. المعجم الكبير: سليمان بن أحمد الطبراني، تحقيق حمدي عبد المجيد، ط2، وزارة الأوقاف العراقية.
    57. الموطأ: مالك بن أنس، تحقيق عبد الباقي، طبعة سنة 1406هـ ، دار إحياء التراث العربي .
    58. منهاج السنة : ابن تيمية، تحقيق محمد رشاد سالم، ط 1 ، مؤسسة قرطبة.
    Abstract
    Critical Study of the Hadith "traditions"
    Taftarg ommati" "
    By Dr . hakem Al Mutairi
    This research is critical study of the narrations, of this Hadith, specially the prophetic Traditions Which AL Hakem and abn Habban narrated in their books regarding this subject, and other narrations, which confirm or object this narrations. The researcher has proved in this critical study That these narrations are not Sound in these form in according to method of Hadith,s scholars "Muhadetheen " that why AL Bukhari and Muslim did not narrate this narrations in their books"AL Saheihein".

    [1] الفصل في الملل 3/138
    [2] منهاج السنة 5/ 169 ولم يرد شيخ الإسلام هنا تضعيف الحديث لأنه أثبت صحته في مواضع أخرى وإنما قصد بيان أنه ليس من الصحيح المتفق على صحته.
    [3] فتح القدير 3/110
    [4] الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة رقم 87
    [5] السنن ح رقم 3992
    [6] السنة ح رقم 63
    [7] شرح أصول السنة ح رقم 149
    [8] مصباح الزجاجة 4/179
    [9] الكامل في الضعفاء 4/346
    [10] رقم 3059
    [11] التقريب رقم 3154
    [12] ميزان الاعتدال 3/140-141
    [13] المسند ح رقم 2754
    [14] المسند 4/102
    [15] السنن ح رقم 2423
    [16] الشريعة ص 18
    [17] السنن ح رقم 4596
    [18] السنة ح رقم 2 و 69
    [19] الإبانة ح رقم 266
    [20] الإبانة ح رقم 268
    [21] المستدرك 1/128
    [22] شرح أصول السنة ح رقم 150
    [23] وفي المستدرك (طائفة) أي لولا أنه لم يسبق مني نهي لك عن القصص والوعظ لقطعت منك عضوا وجزءا نكالا لك على ذلك.
    [24] تاريخ بغداد 13/307 وانظر الكامل في الضعفاء 3/429 و 7/17
    [25] تاريخ بغداد 13/307
    [26] تاريخ بغداد 13/310
    [27] الكامل في الضعفاء 1/185
    [28] انظر تهذيب الكمال 1/387
    [29] الضعفاء وأجوبة الرازي 2/714
    [30] انظر تهذيب التهذيب 1/205
    [31] انظر تهذيب التهذيب 1/205
    [32] الكاشف رقم 257
    [33] التقريب رقم 310
    [34] تهذيب التهذيب 1/205
    [35] الجرح والتعديل 2/312
    [36] التاريخ الكبير 1/456-459
    [37] تهذيب الكمال 2/328 ولم أقف عليه في التاريخ الكبير
    [38] الثقات 4/38-39 وانظر تهذيب التهذيب رقم "56"
    [39] تهذيب الكمال2/325 و 327
    [40] انظر تهذيب التهذيب 1/250
    [41] رقم "300" وقال قي الميزان "699" "حسن الحديث"
    [42] الثقات رقم "56"
    [43] الطبقات رقم "3881"
    [44] الكامل في الضعفاء 2/102
    [45] السنن ح رقم 2641
    [46] الشريعة ص 15
    [47] الإبانة ح رقم 264 و265
    [48] المستدرك 1/128
    [49] شرح أصول السنة ح رقم 146و147
    [50] المجروحين 2/50
    [51] الكامل 4/281
    [52] انظر تهذيب التهذيب 6/174
    [53] انظر تهذيب التهذيب 6/174
    [54] تعريف أهل التقديس ص 63 و ص 178 رقم 143
    [55] المجروحين2/50
    [56] المستدرك 1/128
    [57] المسند ح رقم 119
    [58] الشريعة ص 17
    [59] الإبانة ح رقم 263 و 267
    [60] "عبد الله بن عبيدة "ليس في رواية الآجري وسقط من رواية ابن بطة الثانية
    [61] "بن أبي وقاص عن أبيها" سقط من الإبانة في الرواية الأولى
    [62] انظر تهذيب التهذيب 10/357
    [63] انظر تهذيب التهذيب 10/357
    [64] المصدر السابق 10/358
    [65] المصدر السابق 10/358
    [66] المصدر السابق 10/359
    [67] المستدرك 1/129
    [68] المجروحين 2/221-222
    [69] السنة ح رقم 68
    [70] المصنف 7/554
    [71] المعجم الكبير ح رقم 8035 و ح رقم 8051 و ح رقم 8053 و ح رقم 8054
    [72] شرح أصول السنة ح رقم 151 و 152
    [73] السنن الواردة في الفتن ح رقم 285
    [74] السنن الكبرى 10/ 208
    [75] السنن الكبرى 10/ 208
    [76] المسند ح رقم 1136
    [77]المسند 5/256 و5/262
    [78] السنن ح رقم 3000
    [79] المعجم الكبير ح رقم 8034
    [80] الميزان 4/381
    [81] المسند ح رقم 908
    [82] السنن ح رقم 176
    [83] السنة 2/643
    [84] المصنف 10/152
    [85]المسند 5/253
    [86] السنة 2/643
    [87] السنن ح رقم 3000
    [88] المعجم الكبير ح رقم 8037
    [89] المعجم الكبير ح رقم 8038 و 8039
    [90] المعجم الكبير ح رقم 8044
    [91] المعجم الكبير ح رقم 8049 و 8050
    [92] شرح مشكل الآثار ح رقم 2519
    [93] انظر تعليقه على السنة لابن أبي عاصم ص 34
    [94] التقريب رقم 1786
    [95] انظر تهذيب الكمال 11/223
    [96] الضعفاء رقم 236
    [97] المجروحين 1/340
    [98] انظر تهذيب الكمال 34/171
    [99] انظر تهذيب الكمال 34/171
    [100] التقريب رقم 8298
    [101] انظر تهذيب الكمال 34/171
    [102] الضعفاء رقم 665
    [103] الجرح والتعديل 3/316
    [104] المجروحين 1/267
    [105] السنة 2/644
    [106] المستدرك 2/149-150 وقال " صحيح على شرط مسلم" ووافقه الذهبي.
    [107]المسند 5/250
    [108] المسند 5/269 وإسناده صحيح.
    [109] السنن ح رقم 3993
    [110] السنة ح رقم 64
    [111] التقريب رقم 7303
    [112] انظر التبيين لأسماء المدلسين لسبط ابن العجمي ص 13 و60 وطبقات المدلسين رقم 127
    [113] تعريف أهل التقديس رقم 92
    [114] شرح أصول السنة ح رقم 148
    [115] أبو نعيم في حلية الأولياء 3/52 ،وابن عساكر في تاريخ دمشق 65/73 ، ووقع في إسناد الحلية "أبو الأشعث الحراني"،وفي تاريخ دمشق"أبو سعيد" وهو خطأ والصواب "أبو شعيب الحراني" وهو أبو شعيب عبد الله بن الحسن بن أبي شعيب الحراني،ابن امرأة البابلتي، ثقة مأمون. انظر تاريخ الإسلام للذهبي 22/178
    [116] الكامل في الضعفاء 7/250
    [117] المتفق والمفترق 3/61
    [118] المسند ح رقم 4127
    [119] الكامل في الضعفاء 6/166
    [120] ميزان الاعتدال 4/70
    [121] سؤالات السلمي للدارقطني رقم 377
    [122] الكني رقم 2323
    [123] انظر تهذيب الكمال 32/67
    [124] المسند ح رقم 3938 و 3944
    [125] الشريعة ص 17
    [126] الإبانة ح رقم 271
    [127] مجمع الزوائد 8/10
    [128] تهذيب الكمال 27/176
    [129] المسند 3/120
    [130] المجروحين 1/306
    [131] المسند 3/145
    [132] تعريف أهل التقديس رقم 140
    [133] المجروحين 2/13
    [134] انظر الكواكب النيرات ص 384
    [135] تهذيب الكمال 11/95
    [136] تهذيب التهذيب 4/94
    [137] المصدر السابق
    [138] الشريعة ص 17
    [139] الإبانة ح رقم 270
    [140] الصحيحة 1/360
    [141] تهذيب التهذيب 12/141-142
    [142] الجرح والتعديل 4/494
    [143] الكامل في الضعفاء 4/118
    [144] الشريعة ص 16
    [145] الإبانة ح رقم 269
    [146] التاريخ الكبير 8/114
    [147] المجروحين 3/60
    [148] تهذيب التهذيب 3/397 وانظر جامع التحصيل رقم 211
    [149] الضعفاء 2/262
    [150] انظر حاشية السنة لابن أبي عاصم ح رقم 64
    [151] المسند 2/332
    [152] السنن ح رقم 4596
    [153] السنن ح رقم 3991
    [154] السنن ح رقم 3991
    [155] المسند ح رقم 5910 و 5978
    [156] الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ح رقم 6247 و 6731
    [157] المستدرك 1/128
    [158] تهذيب الكمال 26/217، وتهذيب التهذيب 9/334
    [159] التقريب رقم 6188
    [160] تهذيب الكمال 26/216
    [161] ميزان الاعتدال 3/140-141
    [162] الباعث الحثيث ص 34
    [163] انظر الصحيحة للألباني رقم 203 و 204
    [164] منهاج السنة 5/169 ، وقد ضعفه ابن حزم في كتابه الفصل 3/138 وقال لا يصح أصلا من طريق الإسناد.
    [165] منهاج السنة 5/162 ـ 163
    [166] فتح القدير 3/110
    [167] الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة رقم 87
    [168] الصحيحة 1/362
    [169] الضعيفة 3/126 ولم يلتفت إلى أن كل طرقه معلولة مدارها على المتروكين و أهل المناكير ؟!
    [170] وقد أورد الحاكم حديث معاوية كشاهد لحديث أبي هريرة واحتج بمجموع أسانيده.

  3. #3

    افتراضي رد: حديث الافتراق "تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة"-منقول-

    أخي الحبيب عبد الرحمن رضي الله عنك
    أولا جزاك الله خيرا على رسالتك لي وقد أحسنت القصد لكنك أخطأت الرجل ..

    ثانيا واضح جلي أن الدكتور حاكم يذهب لتوهين الحديث كما ختم بذلك رسالته .
    وكنتَ سألتني عما ترجح لي ، فأقول والله المستعان أن الحديث صحيح ، وسأذكر بعد قليل إن شاء الله من صححه من الأئمة وأهل الفضل .

    وأعتذر عن تلبية طلبك بالتعليق على هذا البحث الطيب لأني وجدت مواضع كثيرة منه تحتاج لتعليقة عليها ، بل ربما تخريج الطريق كاملا ..

    وسأكتفي بسرد من صحح بعض طرق الحديث مع التنبيه على أن ما ختم به الباحث بحثه من مقدمة رتب عليها كلامه وهي أن إعراض الشيخان عن إخراجه مع شهرته مما يشير لضعفه ، وهذه قاعدة لو اطردت - هذا لو صحت أصلا - لضاعت السنن !


    صفوة القول / المقال يحتاج لرد موسع وإن شاء الله سآخذ المقال على ملف وورد وكلما تيسر لي علقت على ما يحتاج لذلك ثم أضعه ها هنا إن شاء الله .. والله أعلم ..

  4. #4

    افتراضي رد: حديث الافتراق "تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة"-منقول-

    من بحثي : دفع الشقاق عن حديث الافتراق صـ98

    نظرا لخروج من يدعي أن حديث الافتراق لم يصححه أحد من الأئمة ، أو ضعفوا جملة منه ، أحببت أن أذكر أقوال الأئمة المصحيحين لهذا الحديث ؛ ليقف البصير على أقوالهم ، ويوقن أن دعوة من ادعى عدم تصحيحهم له ، أنها كضرطة عير في فلاة .
    · فممن حكم على الحديث بالصحة أو الحسن :
    أولا : طريق أنس بن مالك – رضي الله عنه - :
    فممن قال بصحته وثبوته عنه في الجملة :
    1- الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني ؛ حيث قال عن إسناد ابن أبي عاصم : حديث صحيح ... والحديث صحيح قطعا ؛ لأن له ست طرق أخرى عن أنس([1]) .
    2- فقد قال بعد دراسته لهذا الحديث من طريق أنس :
    (( فإذا استبعدنا الطرق الأربعة الأخيرة – يعني : طريق سليمان بن طريف ، وعبد العزيز بن صهيب ، ويحيى بن سعيد ، والزبير بن عدي -، بقي لدينا ست طرق ، كلها ضعيفة ضعفا منجبرا ؛ وهي تؤكد ثبوت الحديث عن أنس – رضي الله عنه - )) ([2]).
    3- الشيخ سعد بن عبد الله السعدان ، فقال بعد أن أشار إلى تسع طرق عن أنس :
    (( وكل طريق لا يخلو من مقال ، لكن الطرق بمجموعها تبين أن الحديث يصح ))([3]) .

    ثانيا : طريق عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما - :
    فقد نقل ابن القيم ([4])، والعراقي ([5])، والسخاوي ([6])تحسين الترمذي له ، ولم يتعقبوه .
    وقال المباركفوري ([7]): (( تحسين الترمذي له لاعتضاده بأحاديث الباب )) .
    واحتج به : الآجري ([8])، والبيهقي ([9])، والسمعاني ([10])، والأصبهاني ([11])، وشيخ الإسلام ([12])، وابن القيم ([13])، وابن كثير([14]) ، والشاطبي([15]) .
    وحسنه الألباني([16]) ، وسليم الهلالي([17]) ، وعلي حسن الحلبي ([18]).
    ثالثا : طريق عوف بن مالك – رضي الله عنه - :
    فممن جوَّد إسناده : العراقي ([19])، والألباني ([20])، وعبد الكريم مراد([21]) .
    وحسنه الشيخ سليم الهلالي ([22])، وسلمان العودة ([23])، وصححه الألباني في موضع آخر([24]).
    رابعا : حديث معاوية بن أبي سفيان – رصي الله عنهما - :
    ذهب جماعة من أهل العلم إلى تقوية هذا الحديث وقبوله ؛ منهم :
    1- الحاكم ؛ فقال بعد أن أورد الحديث من رواية أبي هريرة ، ومعاوية : (( هذه أسانيد تقام بها الحجة في تصحيح هذا الحديث )) ، وأقره الذهبي ([25]).
    2- ابن تيمية ؛ قال : (( هذا حديث محفوظ من حديث صفوان بن عمرو عن الأزهر بن عبد الله الحرازي ، عن أبي عامر عبد الله بن لحي عن معاوية ـ، رواه عنه غير واحد )) ([26]).
    3- ابن كثير ؛ أشار إلى تقويته في تفسيره ، وحسنه في الفتن والملاحم ([27]).
    4- العراقي ؛ فقد حكم عليه من رواية أبي داود أن إسناده جيد ([28])، وكذا الشيخ عبد الكريم مراد([29]) .
    5- وقد حسنه جماعة من أهل العلم ، مثل : الحافظ ابن حجر ([30])، والألباني ([31])، وسليم الهلالي([32]) ، وعلي الحلبي ([33])، وسلمان العودة ([34])، ومحققو المسند ([35])، وسعد السعدان ([36])، وعبد الله الدميجي([37]) .
    6- وقد صححه : ابن الوزير ([38])، والألباني ([39])، وشعيب الأرناؤوط([40]) ، وحسين سليم أسد ([41])، والشيخ علي محمد جماز([42]) .
    خامسا : حديث أبي هريرة – رضي الله عنه - :
    فقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى تصحيحه ، ومنهم من حسنه ؛ فأما من صححه :
    الترمذي ([43])؛ وأقره : المنذري ([44])، والسخاوي([45]) ، والشوكاني([46]) ، وابن حبان ([47])، والحاكم ، وأقره الذهبي ([48])، والشاطبي ([49])، ورمز له السيوطي بالصحة ([50]).
    وأما من حسنه ، منهم :
    العلامة الألباني ([51])، وسليم الهلالي([52]) ، وعلي الحلبي ([53])، والشيخ عبد الكريم مراد ([54])، ([55]) ، وشعيب الأرناؤوط ([56])، ومحققو المسند ([57])، وحسين أسد([58]) ، وعبد السلام علوش ([59])، وغيرهم .
    سادسا : حديث أبي أمامة صدي بن عجلان – رضي الله عنه - :
    فقد حسنه جماعة من أهل العلم ، منهم :
    الترمذي ([60])، وسليم الهلالي ([61])، والعودة([62]) ، ومحققو المسند ([63])، وحسين أسد ([64])، وغيرهم .
    فهذا بعض ما تيسر لي من أقوال أهل العلم ، في شأن قبول هذا الحديث ، و إن كانوا قبلوا بعض طرقه ، فقبولهم له من حيث الجملة أولى ؛ فقد جاء عن شيخ الإسلام أنه قال: إن أكثر أهل العلم قبلوها وصدقوها – أي روايات الحديث - ([65])، وقال – أيضا - : (( الحديث صحيح مشهور في السنن والمسانيد )) ([66]).
    وقال الحاكم في أول كتابه في المستدرك :(( هذا حديث كبير في الأصول )) ([67])، وقال المقبلي : (( حديث افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة ، رواياته يشد بعضها بعضا ، بحيث لا يبقى ريبة في حاصل معناها ))([68]).والله أعلم .



    ([1]) ظلال الجنة : (1/32-33) ،وانظر : الصحيحة : (1/359) ، وصحيح ابن ماجه : (2/364، 3227) .

    ([2]) صفة الغرباء : (صـ 369) .

    ([3]) حديث افتراق الأمم ، للصنعاني ، (صـ 53) ، هامش .

    ([4]) حاشيته على سنن أبي داود : (12/222) .

    ([5]) المغني عن حمل الأسفار : (2/884) .

    ([6]) الأجوبة المرضية : (2/570) .

    ([7]) تحفة الأحوذي : (7/400).

    ([8]) الشريعة : (1/302) .

    ([9]) الاعتقاد : (309) .

    ([10]) في كتابه الانتصار ، نقله عنه ابن القيم :(مختصر الصواعق :2/507) .

    ([11]) الحجة في بيان المحجة : (1/109) .

    ([12]) مجموع الفتاوى : (3/159، 369 ،370) ، (5/19-20، 72) ،(16/ 567) ،(24/171).

    ([13]) مختصر الصواعق : (2/410) .

    ([14]) تفسير القرآن العظيم : (1/347، 390) ،(2/433، 466) ، (3/434) ، (4/53) .

    ([15]) الاعتصام : (2/699، 759) .

    ([16]) انظر : صحيح سنن الترمذي : (2/334) ، صحيح الجامع : (2/943) .

    ([17]) نصح الأمة : (صـ 26) .

    ([18]) الأربعون حديثا : (صـ14) .

    ([19]) المغني عن حمل الأسفار : (2/885) .

    ([20]) السلسلة الصحيحة : (3/480، ح:1492) ، وظلال الجنة :(1/32، ح:62) .

    ([21]) حديث تفرق الأمة : (صـ 48) .

    ([22]) نصح الأمة : (صـ18) .

    ([23]) صفة الغرباء : (صـ25) .

    ([24]) صحيح سنن ابن ماجه : (2/364، ح:3226) ، وصحيح الجامع ك (1/245، ح:1085) .

    ([25]) تلخيص المستدرك ، مع المستدرك : (1/128) .

    ([26]) اقتضاء الصراط المستقيم : (1/122) .

    ([27]) انظر : تفسير ابن كثير : (1/391) ، والنهاية في الفتن والملاحم : (1/19) .

    ([28]) المغني عن حمل الأسفار : (2/884) .

    ([29]) حديث تفرق الأمة : (صـ48) .

    ([30]) الكافي الشاف : (4/63) .

    ([31]) صحيح سنن أبي داود : (3/116) ، والصحيحة : (1/358، ح:204) .

    ([32]) نصح الأمة : (صـ11) .

    ([33]) الحوادث والبدع ، للطرطوشي ، بتحقيقه : (صـ331/ه:1) .

    ([34]) صفة الغرباء : (صـ 23) .

    ([35]) المسند : (28/ 135) .

    ([36]) حديث افتراق الأمة : (صـ 19) .

    ([37]) الشريعة للآجري ، بتحقيقه : (1/314، ه: 29) .

    ([38]) الروض الباسم : (2/523- 541) .

    ([39]) صحيح الجامع : (1/516) ، صحيح الترغيب : (1/97، ح:48) .

    ([40]) جامع الأصول : (10/32،ه:2) .

    ([41]) مسند الدارمي : (3/1637 ،ه:2) بتحقيقه ، وكذا : مسند أبي يعلى : (6/227) .

    ([42]) مسند الشاميين من مسند الإمام أحمد : (1/156) .

    ([43]) الجامع : (5/26) .

    ([44]) مختصر السنن : (7/3) ، وانظر : التحفة : (7/398) .

    ([45]) المقاصد الحسنة : (صـ259) .

    ([46]) الفوائد المجموعة : (صـ 502) .

    ([47]) صحيح ابن حبان : (14/ 140- إحسان ) .

    ([48]) المستدرك مع تلخيص الذهبي : (1/128) .

    ([49]) الاعتصام : (2/698) .

    ([50]) الجامع الصغير ، مع الفيض : (2/20، ح: 1223) .

    ([51]) السلسلة الصحيحة : (1/356،ح:203) ، وظلال الجنة : (66- 67) .

    ([52]) نصح الأمة : (صـ 9) .

    ([53]) الحوداث والبدع : (صـ 33، ه: 3) .

    ([54]) حديث تفرق الأمة : (صـ 48) .

    ([55]) صفة الغرباء : (صـ 21) .

    ([56]) الإحسان : (14/ 140، ه: 2) بتحقيقه .

    ([57]) (14/124) ، (19/ 242) ، ( 28/ 136) .

    ([58]) مسند أبي يعلى : (7/ 33) ، (10/ 317، 502) .

    ([59]) المستدرك ، بتحقيقه : (1/335) .

    ([60]) الجامع : (5/226، ح: 3000) ، وقال : حديث حسن .

    ([61]) نصح الأمة : (صـ 19) .

    ([62]) صفة الغرباء : (صـ37).

    ([63]) ( 19/ 242) .

    ([64]) مسند الحميدي ، بتحقيقه : (2/154، ه: 2) .

    ([65]) مجموع الفتاوى : (16/491) .

    ([66]) نفسه : (3/345) .

    ([67]) (1/218) .

    ([68]) العلم الشامخ : (صـ 512) .

  5. #5

    افتراضي رد: حديث الافتراق "تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة"-منقول-

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوسفيان الذهبي مشاهدة المشاركة
    صفوة القول / المقال يحتاج لرد موسع وإن شاء الله سآخذ المقال على ملف وورد وكلما تيسر لي علقت على ما يحتاج لذلك ثم أضعه ها هنا إن شاء الله .. والله أعلم ..
    حفظك أبا سفيان وبارك فيك

    ونحن في إنتظار بقية تلك التعليقات أسأل الله أن لا يحرمك أجرها

  6. #6

    افتراضي رد: حديث الافتراق "تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة"-منقول-

    جزاكم الله خيرا

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    المشاركات
    29

    افتراضي رد: حديث الافتراق "تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة"-منقول-

    أقول للأخ أبي سفيان الذهبي حفظه الله.
    قلتَ في أول خلاصة بحثك: أحببتُ أن أذكرأقوال الأئمة المصحيحين لهذا الحديث.
    أقول: ليس كل من ذكرته هو من الأئمة، وليس كل من ذكرته يحتج به عند كل أحد، بل إن بعضا ممن ذكرته فيه ما فيه، إما من جهة العدالة، أو من جهة الصنعة.
    وبالجملة كل من ذكرت فهو على منهج المتأخرين سوى الترمذي، وفي تحرير حكمه مبحث سنذكره ان شاء الله.
    أولا: ذكرت أن الترمذي، ممن صحح بعض طرقه،
    أقول: لا ريب أن الترمذي إمام، ولكن يحتاج نقل حكمه إلى إثباته إليه، فإن النسخ من جامعه فيها اختلاف معروف.
    وأما ابن حبان. فإمام معروف وعلى منهجه في التصحيح اعتراضات كلنا يعلمها.
    ثانياً: قلت: صححه الحاكم، وأقره الذهبي.
    أقول: الحاكم معروف، وهو في الربع الأول من كتابه يعتبر بحكمه، خلافا لبقسة كتابه، فإنه جمع كتابه ولما جاء ينقحه اخترمته المنية.
    وأما إقرار الذهبي له، فالذهبي نفسه لم يكن راضيا على تعليقه على المسند، هذا فضلا عن اعتبار سكوته اقرارا للحاكم، فتدبر.
    ثالثا: قلتَ: فقد نقل ابنالقيم، والعراقي، والسخاوي، تحسين الترمذي له ، ولم يتعقبوه.
    أقول: وهؤلاء كلهم إنما بنوا نقلهم على فهمهم لمعنى الحسن عند الترمذي والذي يساوي معنى الحسن عند المتأخرين.
    وكذلك المباركفوري. وكذلك ابن حجر ومثلهم الشوكاني.
    وقلت: احتج به : الآجري، والبيهقي، والسمعاني، والأصبهاني، وشيخ الإسلام، وابن القيم، وابن كثير، والشاطبي.
    أقول: وهؤلاء كلهم منهجهم واحد، وهو التوسع في باب المتابعات والشواهد.
    رابعاً: وذكرت من صححه فذكرت: المنذري وابن الوزير.
    أقول: وهما لا ريب في تمكنهما في هذا الباب ولكنه لا يفارق منهجما منهج المتأخرين، فأين الجديد.
    خامساً: قلت: ورمز له السيوطي بالصحة.
    أقول: السيوطي جماع نقال، لايثبت على جواد، يصحح الحديث في كتاب ويضعفه في آخر، وهو من أشهر الأئمة الذين جروا في مضمار المتاخرين.
    سادساً: وذكرت الألباني وشعيب الأرناؤوط وحسين اسد.
    أقول: أما الألباني، فهو معروف، وقد تبين بعد استقراء أحكامه ومقارنتها مع غيره أنه يزلق كثيرا في باب المتابعات والشواهد، وفي باب العلل، ومثله حسين سليم أسد، وهذا الحديث من كلا البابين.
    وأما شعيب الأرناؤوط فهو وإن كان أقعد منهما في هذا الفن من جهة الصنعة الحديثية، لكنه لا يقل عنهما شأنا في التوسع في المتابعات والشواهد، ولا زللا في باب العلل.
    سابعا:
    أقول: أما ، فلا أعلم احدا عده حجة في الحكم على الأحاديث، فضلا عن ادراجه في سلسلة الأئمة في هذا الشأن.
    ودونه في المرتبة سعد بن عبد الله السعدان، وعبد الكريم مراد. ومحققو المسند، وعبد الله الدميجي، علي محمد جماز. وعبد الكريم مراد وعبد السلام علوش والمقبلي.
    ثامنا: ذكرت الهلالي والحلبي.
    أقول: أما سليم الهلالي، فلص سارق مشهور بسرقة جهود غيره، فضلا عن كونه لا يخالف شيخه الألباني، ومثله علي حسن الحلبي، وهو من حذر منه الأئمة الكبار ومن نقوله ومنهجه.
    هذا ما أحببت ان ابينه من جهة احتجاجك بمن ذكرت.

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    9

    افتراضي رد: حديث الافتراق "تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة"-منقول-

    أخ الحارث بن على
    السلام عليكم ورحمة الله
    ذكرت الرد على اجابة الأخ أبو سفيان الذهبي لاكن كلها عقلية ولا يخلو من العصمة إلا الأنبياء عليهم السلام
    في العلماء وإن كان ما قلت لاكن تقبل قولهم وتوخذ بتصحيحهم وتحسينهم وتضعيفهم للأحاديث
    فهؤلاء العلماء المتخصصين في هذا الفن صححوا او حسنوا الروايات لاكن رددت عليهم
    هل انتم درستم دراسة هذه الروايات التى صحح الأئمة أو حسن
    فلو تكرم بدراسة هذه الأسانيد وكان الأمر كما قلتم لقبلنا قولكم فكيف نقبل قولكم عشوائيا

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    792

    افتراضي رد: حديث الافتراق "تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة"-منقول-

    كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا
    فتأمل.

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    المشاركات
    535

    افتراضي رد: حديث الافتراق "تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة"-منقول-

    الحارث بن علي بصره الله بعيوب نفسه وسدده
    لم تترك أحداً إلا حططت من قدره أو فهمه....!! فجميع من صحح حديث الإفتراق أو حسنه ممن ذكرتهم تكلمت في علمه أو منهجه أو فهمه :
    فابن حبان رددت تصحيحه بأن منهجه في التصحيح معروف! ولا أدري ماهو المعروف لديك؟
    وابن القيم، والعراقي، والسخاوي، وابن حجر، والشوكاني والمباركفوري، هؤلاء لم يفهموا مراد
    الترمذي في الحسن.؟
    والآجري، والبيهقي، والسمعاني، والأصبهاني، وشيخ الإسلام، وابن القيم، وابن كثير، والشاطبي.والمنذ ي وابن الوزير، فهؤلاء يتوسعون في باب المتابعات والشواهد.على منهج المتأخرين!!
    والسيوطي نقال جماع لا يثبت على جواد؟
    والألباني يزلق كثيرا في باب المتابعات والشواهد، وفي باب العلل، ومثله حسين أسد، وشعيب .!!
    ثم أبنت عن علمك النقدي!! عندما حططت من قدر قائمة من أهل العلم وطلبته ـــ مع أن بعضهم متخصص في علم الحديث إما بدرجة علمية أو ببحوث وتحقيقات في الحديث ــ تدل على عناية وفهم، ومع ذلك قللت من مفاهيمهم ولمزت في عدالة بعضهم .. ؟ وأجزم بأنك لن تبلغ في علم بعضهم أي مبلغ، فواضح ولَعك في النقد والتجريح على منهج الطائفة المعروفة التي بُلينا بها وأشغلت طلاب العلم بالنقد والتجريح والتبديع. اترك التعالي وادعاء الفهم بأنك تعلم وتفرق بين مناهج المحدثين ، واطرح علماً إن كان لديك...؟ وتجاوز القدح في مفاهيم من يخالفك، أو التنقص من قدرهم، أو الحكم عليهم وأشخاصهم، حتى يقبل منك الكلام، فهذا يبين أنك طالب مبتدئ تحتاج لكثير من تعلم أصول الأدب قبل الطلب.
    بصرني الله وإياك بحقيقة أنفسنا ورزقنا العلم النافع والفهم، وحلانا بالتواضع وتقدير من يخالفنا في مسائل العلم بعدل وإنصاف.

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    792

    افتراضي رد: حديث الافتراق "تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة"-منقول-

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عالي السند مشاهدة المشاركة
    .....
    ثم أبنت عن علمك النقدي!! عندما حططت من قدر قائمة من أهل العلم وطلبته ـــ مع أن بعضهم متخصص في علم الحديث إما بدرجة علمية أو ببحوث وتحقيقات في الحديث ــ تدل على عناية وفهم، ومع ذلك قللت من مفاهيمهم ولمزت في عدالة بعضهم .. ؟ وأجزم بأنك لن تبلغ في علم بعضهم أي مبلغ، فواضح ولَعك في النقد والتجريح على منهج الطائفة المعروفة التي بُلينا بها وأشغلت طلاب العلم بالنقد والتجريح والتبديع. اترك التعالي وادعاء الفهم بأنك تعلم وتفرق بين مناهج المحدثين ، واطرح علماً إن كان لديك...؟ وتجاوز القدح في مفاهيم من يخالفك، أو التنقص من قدرهم، أو الحكم عليهم وأشخاصهم، حتى يقبل منك الكلام، فهذا يبين أنك طالب مبتدئ تحتاج لكثير من تعلم أصول الأدب قبل الطلب.
    بصرني الله وإياك بحقيقة أنفسنا ورزقنا العلم النافع والفهم، وحلانا بالتواضع وتقدير من يخالفنا في مسائل العلم بعدل وإنصاف.
    ما أحسنه من رد.
    كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا
    فتأمل.

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    المشاركات
    10,732

    افتراضي رد: حديث الافتراق "تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة"-منقول-

    ............
    لا إله إلا الله
    اللهم اغفر لي وارحمني ووالديّ وأهلي والمؤمنين والمؤمنات وآتنا الفردوس الأعلى

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: حديث الافتراق "تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة"-منقول-

    هل حديث الافتراق ضعيف ؟
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
    أما بعد :

    فيطعن بعض الزنادقة والجهلة بحديث الافتراق لغرض التمييع، ويتابعهم من ليس له هذا الغرض غير أنه اغتر بكلامهم
    ويقول كيف تبنون اعتقادكم على حديث ضعيف
    ويجاب على هذا : بأن ما يغيظ القوم في حديث الافتراق اعتبار عدد من الفرق المنتسبة للإسلام ضالة وفي النار ووجود فرقة ناجية نجت بالاتباع
    وهذا المعنى موجود في أحاديث متواترة بل موجود في القرآن
    فكون النجاة في الاتباع ففي مثل قوله تعالى : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه )
    وقوله تعالى : ( فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا )
    وقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين )
    وثناء رب العالمين على المهاجرين والأنصار وبقية الصحابة ووعدهم لهم سبحانه بالجنة وهي الحسنى دليل على أن طريقتهم وأحوالهم في كل شيء هي المرضية عند رب العالمين
    وأما وجود فرق ضالة تسير على البدعة
    فعندنا حديث الذين يذادون عن الحوض ويقال ( إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك )
    وهذا الحديث مخرج في الصحيح من حديث ابن عباس وأبي سعيد وابن مسعود وأنس
    وخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وأم سلمة
    وهو في المسند من حديث حذيفة
    فهؤلاء سبعة وهذا تواتر وجعل سبب ذودهم عن الحوض إحداثهم في الدين فدل على أن الابتداع سبب في دخول النار والحرمان من الحوض
    وعندنا أيضاً حديث ( كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة )
    فقد صح في حديث جابر المعروف في الحج وورد في بعض ألفاظ حديث العرباض بن سارية( عليكم بسنتي )
    وصح عن عمر موقوفاً عليه
    قال ابن وضاح في البدع 56 - نا أَسَدٌ , عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ , عَنْ هِلَالٍ الْوَرَّاقِ قَالَ: نا شَيْخُنَا الْقَدِيمُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُكَيْمٍ , عَنْ عُمَرَ , أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «أَصْدَقُ الْقِيلِ قِيلُ اللَّهِ , وَأَنَّ أَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَإِنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا , أَلَا وَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ , وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ , وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ»
    وقال المروزي في السنة 79 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِرْدَاسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «كُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ»
    عبد الله بن مرداس تابعي كبير من أصحاب عبد الله فمثله يحتمل في هذا وله شاهد
    قال الطبراني في الكبير 8521 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ الْأَزْدِيُّ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا زَائِدَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: " إِنَّمَا هُمَا اثْنَتَانِ: الْهَدْيُ وَالْكَلَامُ، وَأَصْدَقُ الْحَدِيثِ كَلَامُ اللهِ وَأَحْسَنُ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ "
    إبراهيم الهجري إنما نقموا كثرة رفعه للموقوفات وهو هنا يروي موقوفاً وقد اعتضد
    وقولهما ( وكل ضلالة في النار ) كالوارد في حديث الافتراق ( كلها في النار إلا واحدة )
    ثم إنه قد صح في حديث تواتر ( لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين )
    وهذا الحديث رواه جمع كالمغيرة ومعاوية وثوبان وجابر وسعد بن أبي وقاص وعمران بن الحصين وقرة المزني وغيرهم وعامتهم أحاديثهم في مسلم
    وهذا تواتر
    فنص على أن الحق في طائفة وذكرها لها مخالفاً وخاذلاً ولا شك أنهم في هذا الخذلان وهذه المخالفة داخلون في الوعيد فهذا في معنى حديث الافتراق
    والآن مع طرق حديث الافتراق والتي كل من نظر فيها علم أن للحديث أصلاً أصيلاً عن نبي الله صلى الله عليه وسلم بعيداً عن تعنتات الظاهرية
    قال أبو داود في سننه 4596 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى أَوْ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَتَفَرَّقَتِ النَّصَارَى عَلَى إِحْدَى أَوْ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً»
    ومحمد بن عمرو يحتمل في الشواهد بل هو قائم بنفسه في مثل هذا وقد فرح بعضهم بروايته هذه لأنها لا ذكر فيها لهلاك الفرق بالنار
    والواقع أن هذا مفهوم إذا أضفنا إلى هذا الحديث الأحاديث الأخرى في ذم الإحداث وحديث الطائفة المنصورة ومعلوم أن هذه الفرق عامتها بدعية
    وقد استخرج الآجري بعظيم فقهه معنى حديث الافتراق والأمر بالجماعة من القرآن الكريم
    قال الآجري في الشريعة :" ثُمَّ اعْلَمُوا رَحِمَنَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِيَّاكُمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَعْلَمَنَا وَإِيَّاكُمْ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ خَلْقِهِ لِيُضِلَّ مَنْ يَشَاءُ، وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ مَوْعِظَةً يَتَذَكَّرُ بِهَا الْمُؤْمِنُونَ، فَيَحْذَرُونَ الْفُرْقَةَ، وَيَلْزَمُونَ الْجَمَاعَةَ وَيَدَعُونَ الْمِرَاءَ وَالْخُصُومَاتِ فِي الدِّينِ , وَيَتَّبِعُونَ وَلَا يَبْتَدِعُونَ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: أَيْنَ هَذَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى؟ قِيلَ لَهُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ هُودَ: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ وَكُلًّا نَقَصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ } [هود: 118] ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَّبِعَ مَا أَنْزَلَهُ إِلَيْهِ، وَلَا يَتَّبِعَ أَهْوَاءَ مَنْ تَقَدَّمَ مِنَ الْأُمَمِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَفَعَلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَذَّرَ أُمَّتَهُ الِاخْتِلَافَ وَالْإِعْجَابَ وَاتِّبَاعَ الْهَوَى، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ حم الْجَاثِيَةِ: {وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُم ْ عَلَى الْعَالَمِينَ وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ، وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ}"
    فالجماعة المجتمعون على الحق هم أهل الرحمة في أمة أهل الكتاب وفي أمتنا وأهل الفرقة ليسوا أهل رحمة فهم أهل عذاب
    وقد ورد في موقوف ثابت على ابن مسعود ذكر هلاك فرق أهل الكتاب إلا واحدة
    قال ابن أبي الدنيا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 78 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَارَةَ الرَّقِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ عُمَيْلَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: " إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا طَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ، فَاخْتَرَعُوا كِتَابًا مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِهِمْ فَاسْتَهْوَتْهُ قُلُوبُهُمْ، فَاسْتَحْلَتْهُ أَلْسِنَتُهُمْ، فَقَالُوا: تَعَالَوْا حَتَّى نَدْعُوَ النَّاسَ إِلَى كِتَابِنَا هَذَا، فَمَنْ تَابَعَنَا تَرَكْنَاهُ، وَمَنْ خَالَفَنَا قَتَلْنَاهُ، فَقَالُوا: انْظُرُوا فُلَانًا، فَإِنْ تَابَعَكُمْ فَلَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْكُمْ أَحَدٌ، وَإِنْ خَالَفَكُمْ فَاقْتُلُوهُ، فَبَعَثُوا إِلَيْهِ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ، فَأَخَذَ كِتَابًا مِنْ كُتُبِ اللَّهِ فَجَعَلَهُ فِي قَرَنٍ، ثُمَّ تَقَلَّدَهُ تَحْتَ ثِيَابِهِ، فَأَتَاهُمْ فَقَرَءُوا عَلَيْهِ كِتَابَهُمْ، فَقَالُوا: تُؤْمِنُ بِمَا فِي هَذَا الْكِتَابِ؟ فَقَالَ: وَمَا لِي لَا أُؤْمِنُ بِهَذَا الْكِتَابِ، وَأَشَارَ إِلَى صَدْرِهِ، فَرَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى مَاتَ، فَجَاءَ إِخْوَانٌ مِنْ إِخْوَانِهِ فَنَبَشُوهُ فَوَجَدُوا ذَلِكَ الْكِتَابَ فِي ذَلِكَ الْقَرَنِ، فَقَالُوا: كَانَ إِيمَانُهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: فَتَفَرَّقَتِ النَّصَارَى عَلَى سَبْعِينَ فِرْقَةً، فَأَهْدَاهُمْ فِرْقَةُ أَصْحَابِ ذِي الْقَرَنِ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: يُوشِكُ مَنْ عَاشَ مِنْكُمْ أَنْ يَرَى مُنْكَرًا لَا يَسْتَطِيعُ فِيهِ غَيْرَ أَنْ يَعْلَمَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ أَنَّهُ لَهُ كَارِهٌ "
    وهذا ثابت على ابن مسعود وقد حذف الكسر ، وقد قال النبي ( لتتبعن سنن من كان قبلكم ) فإذا أضفنا هذا الحديث إلى أثر ابن مسعود خرجنا بمعنى حديث الافتراق
    وقال أبو داود في سننه 4597 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ، ح وحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي صَفْوَانُ، نَحْوَهُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَزْهَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَرَازِيُّ، عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْهَوْزَنِيِّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، أَنَّهُ قَامَ فِينَا فَقَالَ: أَلَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فِينَا فَقَالَ: " أَلَا إِنَّ مَنْ قَبْلَكُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ افْتَرَقُوا عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَإِنَّ هَذِهِ الْمِلَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ: ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ، وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ «زَادَ ابْنُ يَحْيَى، وَعَمْرٌو فِي حَدِيثَيْهِمَا» وَإِنَّهُ سَيَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ تَجَارَى بِهِمْ تِلْكَ الْأَهْوَاءُ، كَمَا يَتَجَارَى الْكَلْبُ لِصَاحِبِهِ " وَقَالَ عَمْرٌو: «الْكَلْبُ بِصَاحِبِهِ لَا يَبْقَى مِنْهُ عِرْقٌ وَلَا مَفْصِلٌ إِلَّا دَخَلَهُ»
    وهذا إسناد حسن ولو فرضنا ضعفه جدلاً فهو معتضد بخبر أبي هريرة
    وهذا الخبر مخرجه شامي ، وخبر أبي هريرة مخرجه مدني وأثر ابن مسعود مخرجه كوفي وهذا معناه انتشار الخبر بين البلدان دون إنكار من أهل العلم
    قال ابن أبي عاصم في السنة 69 - ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا قَطَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو مَرِيٍّ، عَنْ أَبِي غَالِبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: " افْتَرَقَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، أَوْ قَالَ: اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَتَزِيدُ هَذِهِ الْأُمَّةُ فِرْقَةً وَاحِدَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا السَّوَادَ الْأَعْظَمَ ". فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا أُمَامَةَ مِنْ رَأْيِكَ أَوْ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: إِنِّي إِذًا لَجَرِيءٌ، بَلْ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ وَلَا ثَلَاثَةٍ
    قطن مجهول الحال
    وقال المروزي في السنة 56 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا الْمُقْرِئُ، ثنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ، حَدَّثَنِي أَبُو غَالِبٍ، أَنَّ أَبَا أُمَامَةَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ افْتَرَقَتْ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَهَذِهِ الْأُمَّةُ تَزِيدُ عَلَيْهَا وَاحِدَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا السَّوَادُ الْأَعْظَمُ وَهِيَ الْجَمَاعَةُ، قُلْتُ: قَدْ تَعْلَمُ مَا فِي السَّوَادِ الْأَعْظَمِ،
    وهذا إسناد قوي إلى أبي غالب وهو صدوق يخطيء ولم يطعن أحد في عدالته وهو هنا يروي خبراً موقوفاً على أبي أمامة والموقوف يحتمل خصوصاً وهو يروي عن شيخه مباشرة
    خصوصاً وأن هذا المتن روي من طرق أخرى
    وقد رأيت كلاماً لخالد الحايك يتهم فيه أبا غالب باختلاق حديث ( الخوارج كلاب أهل النار ) مع أنه ما طعن في عدالته أحد وهذه مجازفة فجة
    ولفظة ( السواد الأعظم ) لها ثلاث تخريجات
    إما أنه يعني أنه السواد المتناهي في العظم وهو يعني الإجماع فهو بمعنى الجماعة وهذا التفسير وارد في هذه الرواية فيعني به ما أجمع عليه الصحابة فهو موافق لرواية ( ما أنا عليه اليوم وأصحابي ورواية ( الجماعة ) _ وهذا توجيه الكلوذاني في التمهيد _
    وإما أنه يعني أنه السواد الأعظم عند الله عز وجل يعني الذين قدرهم عند الله عظيم وهذا في معنى السابق وذلك أن هذا وصف الصحابة
    وإما أنه يعني السواد الأعظم في القرون الثلاثة الفاضلة فهي وإن كانت قد ظهرت فيها البدع إلا أن السنة كانت هي الغالبة خصوصاً في مكة والمدينة
    وأبو غالب وداود بصريان
    وقال المروزي في السنة 60 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ الْبَجَلِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي الصَّهْبَاءِ الْبَكْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَقَدْ دَعَا رَأْسَ الْجَالُوتِ وَأُسْقُفَّ النَّصَارَى، فَقَالَ: إِنِّي سَائِلُكُمْ عَنْ أَمْرٍ وَأَنَا أَعْلَمُ بِهِ مِنْكُمَا فَلَا تَكْتُمَانِي يَا رَأْسَ الْجَالُوتِ أَنْشَدْتُكَ اللَّهَ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى وَأَطْعَمَكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى وَضَرَبَ لَكُمْ فِي الْبَحْرِ طَرِيقًا، وَأَخْرَجَ لَكُمْ مِنَ الْحَجَرِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ عَيْنًا، لِكُلِّ سَبْطٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَيْنٌ إِلَّا مَا أَخْبَرْتَنِي عَلَى كَمِ افْتَرَقَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ بَعْدَ مُوسَى؟ فَقَالَ لَهُ: وَلَا فِرْقَةً وَاحِدَةً، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ ثَلَاثَ مِرَارٍ: كَذَبْتَ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَقَدِ افْتَرَقَتْ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا فِرْقَةً، ثُمَّ دَعَا الْأُسْقُفَّ فَقَالَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى وَجَعَلَ عَلَى رَحْلِهِ الْبَرَكَةَ وَأَرَاكُمُ الْعِبْرَةَ فَأَبْرَأَ الْأَكْمَهَ وَأَحْيَا الْمَوْتَى، وَصَنَعَ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ طُيُورًا وَأَنْبَأَكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ، فَقَالَ: دُونَ هَذَا أَصْدُقُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: عَلَى كَمِ افْتَرَقَتِ النَّصَارَى بَعْدَ عِيسَى مِنْ فِرْقَةٍ؟ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ وَلَا فِرْقَةً [ص:24]، فَقَالَ ثَلَاثَ مِرَارٍ: كَذَبْتَ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَقَدِ افْتَرَقَتْ عَلَى اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا فِرْقَةً، فَأَمَّا أَنْتَ يَا يَهُودِيُّ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونُ} [الأعراف: 159] فَهِيَ الَّتِي تَنْجُو وَأَمَّا أَنْتَ يَا نَصْرَانِيُّ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ} [المائدة: 66] فَهِيَ الَّتِي تَنْجُو، وَأَمَّا نَحْنُ فَيَقُولُ: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} [الأعراف: 181] وَهِيَ الَّتِي تَنْجُو مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ
    حميد بن زياد صدوق يهم وأبو معاوية لم يسمع سعيد بن جبير ولعل مثل هذا يحتمل في الموقوف والذي يهمنا من هذه الرواية أنها تحتمل في الشواهد وأن فيها استخراجاً لمعنى حديث الافتراق من القرآن
    وقد صحح الترمذي حديث أبي هريرة
    وقال في جامعه 2641 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الحَفَرِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ الأَفْرِيقِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أُمَّتِي مَا أَتَى عَلَى بني إسرائيل حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ، حَتَّى إِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ أَتَى أُمَّهُ عَلاَنِيَةً لَكَانَ فِي أُمَّتِي مَنْ يَصْنَعُ ذَلِكَ، وَإِنَّ بني إسرائيل تَفَرَّقَتْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلاَّ مِلَّةً وَاحِدَةً، قَالُوا: وَمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي.
    عبد الرحمن الافريقي ضعيف غير أن هذا سند مصري
    فهذا الحديث رواه أهل المدينة وأهل الكوفة وأهل الشام وأهل مصر وأهل البصرة ولم يستنكره أحد وخرجه الأئمة في مصنفاتهم وما طعن فيه أحد ولا ضعفه
    وإنما ابتدأ الطعن من ابن حزم الذي احتج به في كتابه الذي في نفي القياس
    وإذا كانت الأحاديث قد تواترت في ذم الخوارج وأنهم على ضلالة مع انتحالهم الدين ، وثبت عن ابن عمر وابن عباس ذم القدرية مع انتحالهم الدين فما المستغرب في وجود فرق هالكة تنتسب للدين وتدعي الحق
    وقد شهد ابن عمر على القدرية بالمروق من الدين والأحاديث في الخوارج واردة بمعنى المروق من الدين
    وما قاله ابن عمر وابن عباس في القدرية ينطبق من باب أولى على منكري الصفات فأمرها أظهر من أمر القدر في النصوص والشبهة العارضة للقدرية أقوى من الشبهة العارضة للجهمية
    وإذا كان وجد في الأمة من غلا حتى نفى القدر فلا يبعد أن يوجد من يجفو حتى يقول بالجبر وكذلك إذا وجد من غلا حتى قال بقول الخوارج فلا يبعد أن يوجد من يجفو حتى يقول بقول المرجئة
    وهذه سنة الله عز وجل في الخلق ما يظهر غلاة حتى يقابلهم جفاة والعكس بالعكس وما شأن المسيح عليه الصلاة والسلام عنا ببعيد
    قال ابن أبي شيبة في المصنف [32796]:
    حَدَّثَنَا وَكِيعٌ , عَنْ شُعْبَةَ , عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ , عَنْ أَبِي السَّوَّارِ الْعَدَوِيِّ , قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ:
    لَيُحِبُّنِي قَوْمٌ حَتَّى يَدْخُلُوا النَّارَ فِي حُبِّي وَلَيُبْغِضُنِي قَوْمٌ حَتَّى يَدْخُلُوا النَّارَ فِي بُغْضِي.
    قال عبد الله بن الإمام أحمد في السنة [1337]:
    حدثني أبي نا وكيع عن شعبة عن أبي التياح عن أبي السوار قال: قال علي - رضي الله عنه:
    ليحبني قوم حتى يدخلوا النار في حبي , وليبغضني قوم حتى يدخلوا النار في بغضي

    وهذا إسناد صحيح
    وهذا واضح في أن الروافض والشيعة داخلون في الوعيد وأن النواصب والخوارج داخلون في الوعيد وهذا جزء من معنى حديث الافتراق في شأن الفرقتين
    وهذا إذا كان الغلو في بغض علي يؤدي إلى النار فما بالك ببغض الصحابة كلهم أو عامتهم والعكس بالعكس
    والمسائل التي أنكرها أهل البدع أو خالفوا فيها كثير منها أظهر من فضل علي على ظهور فضل علي
    ويبقى هنا تنبيه : حديث الافتراق مشهور حتى عند أهل البدع غير أنهم يزيدون فيه زيادات لا يشهد لها القرآن وإنما ذلك فقط في روايات أهل السنة ولكن يقال هذا إلزاماً للجهلة كعدنان إبراهيم وحسن المالكي وحسن السقاف الذين يخصون أهل السنة بالرد في هذا الباب
    والعجيب أنهم يصححون حديثاً كحديث ( أنا مدينة العلم وعلي بابها ) وليس له طرق حديث الافتراق ولا هو مروي في عدة بلدان ولا له شواهد من الموقوف ومن القرآن ومن أصول الشريعة العامة
    ويصحح السقاف حديثاً كحديث ( حياتي خير لكم من مماتي )
    وحديث ( يا عباد الله احبسوا ) وغيرها من الأخبار التي يظن سفهاً أنها تدل على قبوريته وحديث الافتراق أقوى منها كلها
    وأما عن إيمانهم بالبواطيل التي تروى في ثلب معاوية وطعنهم في حديث الافتراق فحدث ولا حرج وهذا التناقض اللازم لأهل البدع والزندقة وإلا أين هم عن كم الأحاديث الباطلة والمنكرة الهائلة التي يحتج بها الرافضة والصوفية لا يبينونها ولا يحكمون عليها بشيء وفقط يتكلمون في حديث الافتراق

    وأيضاً الذي ليس له كبير تنبيهات على الأخبار المعلولة والمنكرة وإنما تراه فقط يظهر له نشاط في تضعيف حديث الافتراق وتضعيف حديث الوعيد في مصافحة المرأة
    ولحديث الافتراق طرق أخرى تركت ذكرها وإن كان رواتها ما فيهم متهم بالكذب ولكن منهم من ضعفه شديد

    ثم وجدت آية تشهد للحديث بشكل قوي قال تعالى : ( وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ) وهذا معنى حديث الافتراق
    هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

    كتبه/ عبدالله الخليفي

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: حديث الافتراق "تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة"-منقول-

    تفرق الأمة إلى 73 فرقة


    تخريج الحديث
    الحديث الأول

    أخرج الترمذي (2640) وأبو داود (4596) في السنن، وأحمد في المسند (2|332) وغيرهم من طرق عن محمد بن عمرو بن علقمة (حسن الحديث)، عن أبي سلمة (ثقة فقيه إمام باتفاق)، عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: «تَفَرَّقَتْ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ أَوْ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً. وَالنَّصَارَى مِثْلَ ذَلِكَ. وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً».
    و صحّحه الترمذي، و ابن حبان (14|140)، و الحاكم (1|128)، والمنذري، و الشاطبي في الاعتصام (2|189) و السيوطي في الجامع الصغير (2|20)، وجوّده الزين العراقي في تخريج أحاديث الإحياء.
    أقوال العلماء في محمد بن عمرو بن علقمة:
    * الإمام ابن المبارك: قال: لم يكن به بأس.
    * الإمام أحمد بن حنبل: قال ابنه عبد الله: سألته عن سهيل بن أبي صالح ومحمد بن عمرو بن علقمة أيهما أحب إليك؟ فقال: ما أقربهما! ثم قال: سهيل –يعني أحب إلي-. وسهيل هذا أقل ما يقال عنه إنه حسن الحديث.
    * يحيى بن سعيد القطان (متعنّت) [قال الذهبي في الميزان (3\247): «يحيى بن سعيد القطان متعنِّتٌ جداً في الرجال». وقال الذهبي في سير الأعلام (9\183): «كان يحيى بن سعيد متعنّتاً في نقد الرجال. فإذا رأيتَهُ قد وثّق شيخاً، فاعتمد عليه. أما إذا لَيَّن أحَداً، فتأنّ في أمره، حتى ترى قول غيره فيه. فقد لَيَّن مثل: إسرائيل وهمّام وجماعة احتج بهم الشيخان». وقال الحافظ في مقدمة فتح الباري (ص424): «يحيى بن سعيد شديد التعنت في الرجال، لا سيما من كان من أقرانه».]: قال ابن المديني: قلت ليحيى: محمد بن عمرو كيف هو؟ قال: تريد العفو أو تشدد؟ قلت: بل أشدد، قال: ليس هو ممن تريد... وسألت مالكاً عن محمد بن عمرو فقال فيه نحواً مما قلت لك. اهـ. أقول: قد أخرج له مالك في "الموطأ" وهو لا يروي إلا عن ثقة عنده.
    وهذا القول من الإمام يحيى يدل على أن محمد بن عمرو ليس هو ممن يذكر في الدرجة العليا من الحفظ والذين يقتصر عليهم عند التشدد، أما في حال الاعتدال فلا يدلنا على رأيه فيه إلا كلامه هو. فقد قال: وأما محمد بن عمرو فرجل صالح ليس بأحفظ الناس للحديث.
    وسئل عن سهيل بن أبي صالح ومحمد بن عمرو بن علقمة فقال: محمد بن عمرو أعلى منه. وقال ابن المديني: سمعت يحيى بن سعيد يقول: محمد بن عمرو أحب إلي من ابن حرملة.
    ونجد هنا أن يحيى بن سعيد القطان قد فضله على ابن إسحاق وابن حرملة وكل منهما جيد حسن الحديث، فماذا يكون قول الإمام يحيى في من هو أفضل منهما؟ لا بد أنه لا ينزل عن رتبة الحسن.
    * يحيى بن معين (متشدد): قال ابن أبي خيثمة: سئل يحيى بن معين عن محمد بن عمرو، فقال: ما زال الناس يتقون حديثه، قيل له: وما علة ذلك؟ قال: كان يحدث مرة عن أبي سلمة بالشيء من رأيه ثم يحدث به مرة أخرى عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
    وهذا مفاده أن مأخذ الإمام ابن معين على محمد بن عمرو يتناول جزئية تتعلق ببعض رواياته لفتاوى أبي سلمة ونسبتها خطأ إلى أبي هريرة رضي الله عنه، وقبل أن يتهمنا أحد بالتعنت ولي أعناق النصوص، ليجبنا عن قول ابن معين في محمد بن عمرو: «ثقة»، كما رواه عنه كل من ابن طهمان وابن محرز وابن أبي مريم وابن أبي خيثمة؟
    وقد قدمه على ابن إسحاق أيضاً كما رواه الكوسج عنه، وابن إسحاق (صاحب السّيَر) جيدٌ حسن الحديث كما هو معلوم.
    وقال عبد الله بن أحمد عنه: سهيل والعلاء وابن عقيل حديثهم ليس بحجة ومحمد بن عمرو فوقهم.
    وجدير بالانتباه أن حديث افتراق الأمة ليس مما يقال بالرأي بل هو من النبوءات، فلا يرد عليه أن يكون من رأي أبي سلمة أصلاً فزال ما يخشى من خطئه في أسوأ الأحوال.
    * الإمام علي بن المديني (متشدد): قال: ثقة.
    * أبو حاتم الرازي (متعنتً): قال: «صالح الحديث يكتب حديثه، وهو شيخ». وقد قال الذهبي في السير (13\260): «إذا وَثَّقَ أبو حاتم رجلاً فتمسّك بقوله. فإنه لا يوثِّق إلا رجلاً صحيح الحديث».
    * النسائي (متشدد): قال: ليس به بأس. وقال: ثقة.
    * ابن عدي: «له حديث صالح. وقد حدث عنه جماعة من الثقات، كل واحد منهم ينفرد عنه بنسخة ويغرب بعضهم على بعض. ويروي عنه مالك غير حديث في الموطأ. وأرجو أنه لا بأس به».
    * ابن حبان: ذكره في الثقات وقال: «كان يخطئ». وقال في مشاهير علماء الأمصار: «من جلة أهل المدينة ومتقنيهم». وصحح له هذا الحديث.
    * ابن شاهين: ثقة.
    * محمد بن يحيى الذهلي: وثقه كما ذكر الحاكم عنه.
    * الحافظ البيهقي: «كان لا يبلغ درجة يحيى – يعني ابن أبي كثير من كبار الأئمة-. قَبِلَ أهلُ العلم بالحديث حديثه فيما لا يخالف فيه أهل الحفظ».
    وهذا كله يوجب اعتبار حديثه مما لا ينزل عن رتبة الحسن، ويكون إسناد هذا الحديث في أقل الأحوال حسناً لذاته. أما متن الحديث فهو صحيح متواتر كما نص الإمام السيوطي. ولذلك قال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (1|408): «الحديث ثابت لا شك فيه، ولذلك تتابع العلماء خلفا عن سلف على الاحتجاج به... ولا أعلم أحدا قد طعن فيه، إلا من لا يعتد بتفرده وشذوذه».
    الحديث الثاني

    أخرج أبو داود (4597)، وأحمد في المسند (4\102) وغيرهم من طرق عن صفوان بن عمرو (ثقة ثبت)، حدثنا أزهر بن عبد الله (صدوق ناصبي)، عن أبي عامر عبد الله بن لحي الهوزني (ثقة)، عن معاوية بن أبي سفيان t، أن رسول الله r قام فينا، فقال: «إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابَ افْتَرَقُوا فِي دِينِهِمْ عَلَى اثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً وَإِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً –يَعْنِي الْأَهْوَاءَ–، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلا وَاحِدَةً، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ. وَإِنَّهُ سَيَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ تَجَارَي بِهِمْ تِلْكَ الْأَهْوَاءُ كَمَا يَتَجَارَى الْكَلْبُ بِصَاحِبِهِ، فلا يَبْقَى مِنْهُ عِرْقٌ وَلا مَفْصِلٌ إِلا دَخَلَهُ». قال معاوية t: «والله يا معشر العرب لئن لم تقوموا بما جاء به نبيكم r، لغيركم من الناس أحرى أن لا يقوم به».
    و قد صحّحه الحاكم أبو عبد الله في المستدرك (1|128)، و جوّده الحافظ العراقي في تخريج الإحياء (3\230) و حسّنه أمير المؤمنين في الحديث ابن حجر العسقلاني في تخريج الكشاف (63)، و صحّحه شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط (1\118).
    هذا إسناد قوي: صفوان وأبو عامر ثقتان. وأزهر بن عبد الله الحمصي (وجزم البخاري أنه أزهر بن سعيد) هذا، ناصبي ثقة. وقد تكلم فيه ابن الجارود والأزدي وأبو داود لأجل بدعة النصب كما نص الحافظ ابن حجر في التهذيب (1\178)، أما في الرواية فهو حجة. ولذلك احتج به أبو داود في سننه، والنسائي في المجتبى. وقد وثقه كذلك ابن خلفون وابن وضاح والعجلي وابن حبان، وقال الذهبي في الميزان: تابعيٌّ حسن الحديث.
    وقد علم من طريقة الحفاظ أن المبتدع له بدعته ولنا روايته. وقد نصوا على أن في الصحيحين جملة من غلاة المبتدعة لم يتوقف أهل الصحيحين عن الاحتجاج بهما. فالناصبي يكره علياً t بينما الخوارج تكفره. و مع ذلك فالبخاري احتج في صحيحه بعمران بن حطان وهو من زعماء الخوارج و كان داعي إلى بدعته، وله قصيدة في مديح قاتل علي t. و كذلك مذهب جمهور علماء الحديث أن يأخذوا بالحديث عن صاحب البدعة إن كان ثقة، اللهم إلا الروافض لأنهم كانوا يستحلون الكذب. وإنما ذكر بعض الحفاظ كالجوزجاني أنه يتوقف في رواية المبتدع الغالي إذا روى ما يؤيد بدعته، وليس هذا على تسليمه مما نحن فيه. إذ ليس هذا الحديث بأي حال متعلق ببدعة النصب وخاصة أنه روي من وجوه كثيرة عن طريق رواة كانوا معادين للدولة الأموية وبعضهم شيعة (وليس رافضة) كما سنرى.
    وكتطبيق عملي نرى الحفاظ تتابعوا على تقوية هذه الطريق وتثبيتها: كالذهبي وابن تيمية والعراقي وابن حجر. فما الذي تريد أن تُعَلّمه لهؤلاء الحفاظ يا دكتور، دون أن يكون معك نصير من مثلهم؟!
    أحاديث مرفوعة أخرى

    وقد روي هذا الحديث عن عدد من الصحابة. فقد روي عن أبي أمامة [أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (7\175) و المعجم الكبير (8\273) و (8\268)، وابن نصر المروزي في كتاب السنة (ص22)، والبيهقي في سننه الكبرى (8\188)، وابن أبي شيبة في مصنفه سنن البيهقي الكبرى (8\188)، من طرق عن طريق أبي غالب (حسن الحديث) عن أبي أمامة.] وعن أنس بن مالك [أخرجه أبو يعلى في مسنده (7\32) من طريق أبو سحيم مبارك بن سحم.]، وفيه أن الفرقة الناجية هي «السواد الأعظم». وقد روي بلفظ فيه أن الفرقة الناجية هي «ما أنا عليه اليوموأصحابي»، وذلك عن عبد الله بن عمرو بن العاص [أخرجه الترمذي في سننه (2641) وقال حسن غريب، والحاكم في المستدرك (1\218) استشهاداً، وابن نصر المروزي في السنة (ص23)، من طريق عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي، وقد حسّنه العراقي في تخريج الإحياء (3\230).] وأنس بن مالك [أخرجه الطبراني في المعجم الصغير (2\29) وفي الأوسط (8\22) من طريق عبد الله بن سفيان الخزاعي الوسطي.]. وروي بلفظ فيه أن الفرقة الناجية هي «الجماعة» من طريق سعد بن أبي وقاص [أخرجه ابن نصر المروزي في السنة (ص22) من طريق موسى بن عبيدة الربذي.] وعوف بن مالك [أخرجه ابن ماجة (2\1322) وفيه عباد بن يوسف (جيد الحديث، وثقه ابن ماجة وابن أبي عاصم وعثمان بن صالح وابن حبان، ولم يضعّفه أحد. وقال عنه الذهبي: صدوق يغرب. قلت: كأن قلة الرواية عنه لأنه من أصحاب الكرابيسي).] وأنس بن مالك [أخرجه المروزي في السنة (1\21)، وأبو يعلى في مسنده (7\154)، و عبد الرزاق في مصنفه (10\155)، من طريق يزيد بن أبان الرقاشي. وأخرجه ابن ماجة من طريق هشام بن عمار، وصححه البوصيري مصباح الزجاجة (4\179). وقال الألباني عنه في هامش كتاب السنة لابن أبي عاصم (1\32): «حديث صحيح ورجاله ثقات، على ضعف في هشام بن عمار، لكنه قد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه ابن ماجه بإسناد المصنف هذا وصححه البوصيري. والحديث صحيحٌ قطعاً لأن له ست طرق أخرى عن أنس وشواهد عن جمع من الصحابة. وقد استقصى المصنِّف –رحمه الله– الكثير منها –كما يأتي ومضى قبله– من حديث عوف بن مالك، وقد خرجته في الصحيحة من حديث أبي هريرة من حديث معاوية وسيذكرهما المصنف. وقد ضل بعض الهلكى من متعصبة الحنفية في ميله إلى تضعيف هذا الحديث مع كثرة الإشارة لمخالفته هوى في نفسه، وقد رددت عليه المذكور آنفا فليراجعه من شاء». وصححه صاحب الأحاديث المختارة (7\89) مع قصة طويلة له من غير رواية هشام بن عمار، لكن لم يصرح قتادة بالتحديث من أنس. وقد رواه أحمد في مسنده (3\120) دون لفظ الجماعة، وفي إسناده زياد بن عبد الله النميري. وللحديث شواهد أكثر من هذه ترجح ثبات الحديث عن أنس.]. وقد روي عن عوف بن مالك مرفوعاً بلفظ: «ستفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة. أعظمها فرقة قومٌ يقيسون الأمور برأيهم، فيحرمون الحلال ويحللون الحرام» [أخرجه البزار في كشف الأستار (1\98) و الطبراني في الكبير و البيهقي في المدخل (ص188) و ابن بطة في الإبانة الكبرى (1\227)، و الحاكم في المستدرك على الصحيحين (4\477) و صححه على شرط البخاري، و أخرجه أيضاً في (3\631) وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين. وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح. وهو كما قال، إلا أن البخاري لم يحتج بنُعَيم بن حماد بل أخرج له بالشواهد. ونعيم –وإن كان ثقة من أئمة أهل السنة– فإن له أوهاماً، وهذا الحديث انتقده جماعة لتفرّده به. وقد توبع بمجموعة من الضعفاء كما أشار إلى ذلك الخطيب البغدادي والمزي وابن عدي وغيرهم، لكنهم لم يصحّحوا حديثه رغم ذلك. وقد قوّاه ابن حزم في إنكاره للقياس كما سنرى. قال محمد بن علي بن حمزة المروزي: «سألت يحيى بن معين عن هذا فقال: ليس له أصل. قلت: فنعيم؟ قال: ثقة. قلت: كيف يحدث ثقة بباطل؟ قال: شبه له». قال الخطيب: «وافقه على روايته سويد (الأنباري) وعبد الله بن جعفر عن عيسى». وقال: ابن عدي: «رواه الحكم بن المبارك الخواستي –ويقال لا بأس به– عن عيسى». قال الذهبي في ميزان الإعتدال (7\42): «هؤلاء أربعة لا يجوز في العادة أن يتفقوا على باطل. فإن كان خطأ فمن عيسى بن يونس». قلت عيسى بن يونس ثقة، وليس من دليلٍ واضحٍ على خطأه. ومع ذلك فأنا أتوقف عن تصحيح مثل هذا الحديث.]. وعن عبد الله بن مسعود في حديث طويل [أخرجه الحاكم في مستدركه (2\522)، والطبراني في الكبير (10\220) وفيه عقيل بن يحيى الجعدي. ولكن أخرجه الطبراني في الكبير (10\171) من طريق الوليد بن مسلم وكان يدلّس ويسوّي. ومرسل عبد الرحمان عن أبيه ابن مسعود مقبول.]، وعن عبد الله بن سلاّم [مرسل أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة، ورجاله ثقات أثبات]، وعن جابر بن عبد الله [أخرجه الواسطي في تاريخ واسط (ص235)، قال عنه ابن حجر في الكافي الشاف (63): «و في إسناده راو لم يسمّ»، يقصد جدة عمرو بن قيس.].
    وهذه الطرق –وإن كان في بعضها مقال– إلا أنها تقوّي الحديثين المحفوظين الذين تقدما آنفاً، وترفعهما بكل هذه الطرق الكثيرة إلى درجة التواتر المعنوي. والحديث ثبت عند أهل السنة كما أسلفنا، وثبت عند الأباضية في مسند الربيع (ص36)، وثبت عند الرافضة أيضاً لكن بزيادة موضوعة هي "ما أنا عليه وأهل بيتي"!
    أحاديث موقوفة

    أخرج أبو النعيم من طرق في حلية الأولياء (5\8) والدَّارَقطني في عِلَلِه (4\188) عن محمد بن سوقة (ثقة بالاتفاق) عن أبي الطفيل (صحابي) t عن علي بن أبي طالب t موقوفاً: «تفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، شرها فرقة تنتحل حبنا وتفارق أمرنا».
    وقال ابن نصر المروزي في كتابه السنة (1\23): حدثنا يونس بن عبد الأعلى (ثقة إمام) أنبأ ابن وهب (ثقة إمام) أخبرني أبو صخر (جيد) عن أبي معاوية البجلي (عمار بن معاوية الدهني، ثقة يتشيع، لم يسمع من سعيد) عن سعيد بن جبير (ثقة إمام) عن أبي الصهباء البكري قال: سمعت علي بن أبي طالب، وقد دعا رأس الجالوت وأسقف النصارى. فقال: «إني سائلكم عن أمرٍ، وأنا أعلم به منكما، فلا تكتماني. يا رأس الجالوت، أنشدتك الله –الذي أنزل التوراة على موسى، وأطعمكم المن والسلوى، وضرب لكم في البحر طريقاً، وأخرج لكم من الحجر اثنتي عشرة عيناً، لكل سبط من بني إسرائيل عين– إلا ما أخبرتني على كم افترقت بنو إسرائيل بعد موسى؟ فقال له: ولا فرقة واحدة. فقال له –على ثلاث مرار–: «كذبت. والله الذي لا إله إلا هو لقد افترقت على إحدى وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة». ثم دعا الأسقف فقال: «أنشدك الله الذي أنزل الإنجيل على عيسى، وجعل على رحله البركة، وأراكم العبرة، فأبرأ الأكمه، وأحيا الموتى، وصنع لكم من الطين طيوراً، وأنبأكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم». فقال: «دون هذا أصدقك يا أمير المؤمنين». فقال: «على كم افترقت النصارى بعد عيسى من فرقة»؟ فقال: لا والله ولا فرقة. فقال –ثلاث مرار–: «كذبت. والله الذي لا إله إلا هو لقد افترقت على اثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة. فأما أنت يا زفر فإن الله يقول ]ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون[ فهي التي تنجو. وأما أنت يا نصراني فإن الله يقول ]منهم أمةٌ مقتصدةٌ وكثير منهم ساء ما يعملون[ فهي التي تنجو. وأما نحن فيقول ]وممن خلقنا أمةٌ يهدون بالحق وبه يعدلون[ وهي التي تنجو من هذه الأمة».
    قلت هذا إسنادٌ رجاله ثقات من رجال مسلم. وأبو صخر هو حميد بن زياد الخراط: مدني مشهور مختلف فيه، و الصواب أنه جيد صدوق لكن له حديثين لا يتابع عليهما، ذكرهما ابن عدي. ويشهد لذلك ما أخرجه ابن بطة في الإبانة عن عبد الله بن قيس (هو أبو موسى الأشعري t) قال: اجتمع عند علي t جاثليتو [الجاثَليقُ: هو رَئيسٌ للنَّصارَى في بِلادِ الإسْلامِ] النصارى و رأس الجالوت كبير علماء اليهود. فقال الرأس: «تجادلون على كم افترقت اليهود»؟ قال: «على إحدى و سبعين فرقة». فقال علي t: «لتفترقن هذه الأمة على مثل ذلك، و أضلها فرقة و شرها: الداعية إلينا (أهل البيت)! آية ذلك أنهم يشتمون أبا بكر و عمر رضي الله عنهما» [رواه ابن بطة في "الإبانة الكبرى": باب ذكر افتراق الأمم في دينهم، و على كم تفترق الأمة (1\1229 #254) قال: حدثنا أبو علي إسماعيل بن العباس الورّاق (ثقة)، قال حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني (ثقة)، قال حدثنا شبابة (ثقة)، قال حدثنا سوادة بن سلمة، أن عبد الله بن قيس قال (فذكر الحديث). و أبو علي ابن العباس الوراق روى عنه الدارقطني و وثقه، و قال الذهبي عنه: المحدث الإمام الحجة، و ذكره يوسف بن عمر القواس في جملة شيوخه الثقات. انظر تاريخ بغداد (6\300)، و المنتظم لابن الجوزي (6\278)، و سير أعلام النبلاء (15\74). و الحسن بن محمد بن صالح الزعفراني، ثقة مشهور. وشبابة بن سوار (ت204): ثقة ثبت احتج به الشيخان، كما نص الذهبي في "الرواة الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب" (1\107). أي الإسناد رجاله ثقات، لكني اسم سوادة بن سلمة في تصحيف ولم أعثر على اسمه الصحيح، والله أعلم. على أية حال يصلح هذا كشاهد قويٍَ للحديثين قبله.].
    ويشهد له كذلك ما أخرجه ابن نصر المروزي في "السنة" (ص24): حدثنا إسحاق بن إبراهيم (هو الإمام الشهير ابن راهويه) أنبأ عطاء بن مسلم [وصفه ابن حجر بأنه «صدوق يخطئ كثيراً». ولكنه قد توبع عند ابن وضَّاح في "البدع والنهي عنها" (ص85).]، قال سمعت العلاء بن المسيب (ثقة) يحدث عن شَريك البُرجُمي (مستور ذكره ابن حبان في الثقات)، قال حدثني زاذان أبو عمر (ثقة)، قال: قال علي: «يا أبو عمر. أتدري على كم افترقت اليهود؟».قلت: «الله ورسوله أعلم». فقال: «افترقت على إحدى وسبعين فرقة، كلها في الهاوية إلا واحدة وهي الناجية. والنصارى على اثنتين وسبعين فرقة، كلها في الهاوية إلا واحدة هي الناجية. يا أبا عمر. أتدري على كم تفترق هذه الأمة؟». قلت: «الله ورسوله أعلم». قال: «تفترق على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في الهاوية إلا واحدة وهي الناجية». ثم قال علي: «أتدري كم تفترق فيَّ؟». قلت: «وإنه يفترق فيك يا أمير المؤمنين؟!». قال: «نعم. اثنتا عشرة فرقة، كلها في الهاوية إلا واحدة فيّ الناجية وهي تلك الواحدة –يعني الفرقة التي هي من الثلاث والسبعين– وأنت منهم يا أبا عمر».
    واعلم أن هذه الأحاديث –وإن كانت موقوفة على علي بن أبي طالب t– فإن حكمها بحكم الحديث المرفوع إلى رسول الله r. لأن هذا لا يعلمه أحد إلا بإخبارٍ من الوحي.
    من فقه الحديث

    نلاحظ من الجمع بين تلك الأحاديث النبوية الشريفة أن الفرقة الناجية: هي الجماعة، وهي السواد الأعظم من المسلمين، وهي الباقية على ما كان عليه رسول الله r وأصحابه رضوان الله عليهم. وأما باقي الفرق فكلها فرقٌ صغيرةٌ لا تبلغ الواحدة منها حجم الفرقة الناجية. وأعظم هذه الفرق الضالة عدداً وحجماً، قومٌ يقيسون الأمور برأيهم (أي وفق هواهم الشخصي)، فيحرمون الحلال ويحللون الحرام. وسبحان الله، ما أكثر ما نشاهد هؤلاء! أما أخبث هذه الفرق وأضلها، فهي الفرقة التي تدعي حب أهل البيت، لكنها تعصيهم وتفارق أمرهم.
    وهذا التفرق هو في أصول العقيدة، وليس في المسائل الفرعية الفقهية. فإن الخلاف في مسائل الاعتقاد يسمى فرقة، بعكس الخلاف في مسائل الفقه الذي يسمى مذهباً. ومن هنا نعلم مقدار تخبط الجهلة الذين يقولون طالما أن المذاهب أربعة (حنفي، شافعي، مالكي، حنبلي)، فلم لا تكون خمسة بإضافة المذهب الإمامي؟ فهذا سؤال فاسد. لأنه لا يوجد شيء اسمه مذهب شيعي، إنما هي فرقة الشيعة. وهي في الواقع مقسمة لفرق كثيرة: منها من بقي في حظيرة الإسلام رغم انحرافهم كالزيدية، ومنهم من خرج من الإسلام كلية كالإمامية وبخاصة أتباع الخميني. والخلاف بيننا وبينهم هو في أصول العقيدة لا في الأمور الفقهية!
    قال الإمام القرطبي في تفسيره (12\130): «هذا بين أن الافتراق المحذر منه في الآية والحديث، إنما هو في أصول الدين وقواعده. لأنه قد أطلق عليها مِللاً، وأخبر أن التمسك بشيء من تلك الملل موجبٌ لدخول النار. ومثل هذا لا يقال في الفروع، فإنه لا يوجب تعديل الملل ولا عذاب النار». وقال الإمام أبو منصور عبد القاهر بن طاهر التميمي: «قد علم أصحاب المقالات أنه r لم يُرِد بالفرق المذمومة: المختلفين في فروع الفقه من أبواب الحلال والحرام، وإنما قصد بالذم: من خالف أهل الحق في أصول التوحيد وفي تقدير الخير والشر، وفي شروط النبوة والرسالة وفي موالاة الصحابة، وما جرى مجرى هذه الأبواب. لأن المختلفين فيها قد كفَّر بعضهم بعضاً، بخلاف النوع الأول، فإنهم اختلفوا فيه من غير تكفير ولا تفسيق للمخالف فيه. فيرجع تأويل الحديث في افتراق الأمة إلى هذا النوع من الاختلاف».
    والحديث يعتبر من أهم الأصول التي تدعو لتوحيد الأمة تحت عقيدة واحدة، وهو مثالٌ واضحٌ للأمر بالالتزام بالجماعة. وقد فهم بعض الحمقى الحديث بعكس ذلك. فظنوا أن الحديث يسبب تفريق الأمة. فقاموا –لا زادهم الله خيراً– بتحريف زيادة "كلها في النار إلا واحدة"، إلى "كلها في الجنة إلا واحدة، وهي الزنادقة" أو إلى "تفترق هذه الأمة على بضع وسبعين فرقة، إني أعلم أهداها الجماعة". وهذه كلها زيادات موضوعة باتفاق علماء الحديث. ومعناها باطلٌ لا ريب في ذلك، فإن الحقّ واحدٌ والصراط المستقيم واحد، لا طريق سواه.
    وقد شرح شيخ الإسلام ابن تيمية هذا الحديث في مجموع الفتاوى (3\345-358)، فكان مما قاله: «ولهذا وصف الفرقة الناجية بأنها أهل السنة والجماعة و هم الجمهور الأكبر والسواد الأعظم. و أما الفرق الباقية فإنهم أهل الشذوذ والتفرق و البدع و الأهواء. و لا تبلغ الفرقة من هؤلاء قريباً من مبلغ الفرقة الناجية، فضلاً عن أن تكون بقدرها. بل قد تكون الفرقة منها في غاية القلة. وشعار هذه الفرق مفارقة الكتاب والسنة والإجماع، فمن قال بالكتاب والسنة والإجماع كان من أهل السنة والجماعة».
    أقول: من الملاحظ هنا أن جميع الفرق الضالة -تقريباً- تشترك في أمر واحد و هو زعمهم أن أغلب المسلمين على ضلال. بل يريد بعضهم أن يقنعنا بأن فرقتهم –التي لا تتجاوز نسبة صغيرة جداً من المسلمين– هي على الصواب و باقي المسلمين على ضلال! وكل الفرق تدعي اتباع القرآن، لكن بعضها يحاول إنكار السنة جزئياً. أما من أنكرها كليةً فقد كفر، ولا يعتبر من هذه الفرق أصلاً. إذ أن هذه الفرق هي من المسلمين الضالين العصاة، وليست من الكفار. ولذلك لا يدخل الجهمية وغلاة الرافضة (الشيعة الإمامية) في هذه الفرق. ويبقى مخالفة إجماع السلف هو الذي يثبت به التفرق من الجماعة.
    ثم قال شيخ الإسلام: «وبهذا يتبين أن أحق الناس بأن تكون هي الفرقة الناجية: أهل الحديث والسنة، الذين ليس لهم متبوع يتعصبون له إلا رسول الله. وهم أعلم الناس بأقواله وأحواله، و أعظمهم تمييزاً بين صحيحها وسقيمها. وأئمتهم فقهاء فيها، وأهل معرفة بمعانيها واتباعاً لها تصديقاً وعملاً، وحباً وموالاة لمن والاها ومعاداةً لمن عاداها. الذين يروون المقالات المجملة إلى ما جاء به من الكتاب والحكمة، فلا ينصبون مقالة ويجعلونها من أصول دينهم و جمل كلامهم، إن لم تكن ثابتة فيما جاء به الرسول. بل يجعلون ما بعث به الرسول من الكتاب و الحكمة (أي السنة) هو الأصل الذي يعتقدونه ويعتمدونه. وما تنازع فيه الناس من مسائل الصفات والقدر والوعيد والأسماء والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك، يردونه إلى الله ورسوله. ويفسرون الألفاظ المجملة التي تنازع فيها أهل التفرق والاختلاف. فما كان من معانيها موافقاً للكتاب والسنة أثبتوه، وما كان منها مخالفاً للكتاب والسنة أبطلوه. و لا يتبعون الظن وما تهوى الأنفس، فإن اتباع الظن جهلٌ. واتباع هوى النفس بغير هدى من الله، ظلمٌ. وجماع الشر: الجهل والظلم. قال الله تعالى ]وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا[ إلى آخر السورة».
    ثم قال مستدركاً: «ومما ينبغي أيضاً أن يعرف أن الطوائف المنتسبة إلى متبوعين في أصول الدين والكلام على درجات: منهم من يكون قد خالف السنة في أصول عظيمة. ومنهم (الكلام هنا عن الأشاعرة) من يكون إنما خالف السنة في أمورٍ دقيقة، ومن يكون قد رد على غيره من الطوائف الذين هم أبعد عن السنة منه، فيكون محموداً فيما رده من الباطل وقاله من الحق، لكن يكون قد جاوز العدل في رده بحيث جحد بعض الحق وقال بعض الباطل. فيكون قد رد بدعة كبيرة ببدعةٍ أخف منها. ورد بالباطل باطلاً بباطلٍ أخف منه. وهذه حال أكثر أهل الكلام المنتسبين إلى السنة والجماعة (أهل الكلام من أهل السنة و الجماعة هم الأشاعرة الذين ردوا على المعتزلة). ومثل هؤلاء إذا لم يجعلوا ما ابتدعوه قولا يفارقون به جماعة المسلمين، يوالون عليه ويعادون كان من نوع الخطأ. والله –سبحانه وتعالى– يغفر للمؤمنين خطأهم في مثل ذلك. ولهذا وقع في مثل هذا كثير من سلف الأمة وأئمتها: لهم مقالات قالوها باجتهاد، وهي تخالف ما ثبت في الكتاب والسنة. بخلاف من والى موافقه، وعادى مخالفه، وفرّق بين جماعة المسلمين، وكفّر وفسّق مخالفه دون موافقه في مسائل الآراء والاجتهادات، واستحل قتال مخالفه دون موافقه، فهؤلاء من أهل التفرق والاختلافات».
    قلت: فخلاصة الأمر أن الأشاعرة نوعان: من رد على الرافضة و المعتزلة لكنه لم يضلل متبعي مذهب السلف و هؤلاء من أهل السنة و الجماعة و إن كانوا على خطأ. وأمثال هؤلاء الكثير من فقهاء أهل السنة كالعز بن عبد السلام. و نوع ممن ضلل متبعي السلف و فرق جماعة المسلمين، فهؤلاء أهل بدعة ولا شك. ومثال على ذلك الكوثري الهالك [مثال ذلك قوله في كتابه " تبديد الظلام المخيم من نونية ابن القيم"، في وصف الإمام ابن القيم الجوزية: «ضالٌّ مضل زائغ مبتدع وقح كذاب حشوي بليد غبي جاهل مهاتر خارجي تيس حمار ملعون، من إخوان اليهود والنصارى، منحل من الدين والعقل. بلغ في الكفر مبلغاً لا يجوز السكوت عليه... إلخ».].
    مناقشة تضعيف البعض للحديث

    لقد قام–هداه الله– في كتابه "الصحوة الإسلامية" بمحاولة للتشكيك بهذا الحديث العظيم القدر الذي يدعو المسلمين للوحدة في جماعة واحدة. وهو الحديث الذي تلقته الأمة على مر العصور بالقبول، واستشهد به العلماء في كتب العقائد والأحاديث. والرجل ليس من المختصين بعلم الحديث، لكن وجدت أنه قد تبعه اثنان من المختصين وهما: صلاح الدين الإدلبي (متعنت طاعن بالصحيحين على منهج المتأخرين). ولكن كلامهما الحديثي كان مختصرا جدا، ولم يذكرا الآثار الموقوفة. فجعلت الكلام عن الشيخ القرضاوي كونه الأشهر والأشمل.
    إذ بدأ الدكتور بالطعن بحديث أبي هريرة بطعنه براويه محمد بن عمرو بن علقمة، فقال عنه: «ومن قرأ ترجمته في "تهذيب الكمال" للمزي وفي "تهذيب التهذيب" لابن حجر: عَلِمَ أن الرجل مُتَكلّمٌ فيه من قِبَلِ حِفظه، وأن أحدًا لم يوثقه بإطلاق، وكل ما ذكروه أنهم رجحوه على من هو أضعف منه؛ ولهذا لم يزد الحافظ في التقريب على أن قال: صدوق له أوهام. والصدق وحده في هذا المقام لا يكفي، ما لم ينضم إليه الضبط، فكيف إذا كان معه أوهام؟؟».
    قلت بل وثقه بإطلاق علي بن المديني (متشدد) و النسائي (متشدد) وابن معين (متشدد) و ابن شاهين و محمد بن يحيى الذهلي. وذلك تجده في ترجمته بتهذيب التهذيب لابن حجر (1\179)، بالخط العربي الواضح. فما بال الشيخلم ير ذلك، أم أنها العجلة وعدم التأني؟ وبعض هذا التوثيق في ترجمته في تهذيب الكمال (26\212) كذلك. وأخشى أن نظارات الشيخ صارت بحاجة إلى تغيير! أما أنهم رجحوه على غيره، فقد وضّحنا رجحوه على رجالٍ أقل ما يقال عنهم أن حديثهم حسن، فماذا يكون حاله إذاً؟ لا بد أنه لا ينزل عن رتبة الحسن، إن لم يكن في مرتبة الصحيح. وهذا يُفترض أن يكون من البداهة!
    أما عن وصف ابن حجر له بأنه صدوقٌ له أوهام، فلا يفيد تضعيفه مطلقاً كما ظن الشيخ . فهذا اللفظ أولاً مأخوذٌ من كتاب "تقريب التقريب" الذي يعطي فكرة مختصرة جداً عن الراوي، ولا يمكن أبداً الاقتصار عليه، كما يفعل أحيانا صلاح الإدلبي. بل لا بد من العودة لكتب التراجم الطويلة مثل تهذيب الكمال وتهذيب التهذيب، فضلا عن الكتب الأصلية ليراجع سياق أقوال النقاد، وهذا عدا الكتب المتخصصة في مواضيع معينة مثل: "طبقات المدلسين"، و " كتاب المختلطين"، و "الاغتباط لمعرفة من رمي بالاختلاط"، و"جامع التحصيل في أحكام المراسيل"، و"ذكر أسماء من تكلم فيه وهو موثق"، وكتب العلل والسؤالات. فقراءة عناوين ليس بكافٍ أبداً.
    وعلماء الحديث يعلمون أن ابن حجر له اصطلاح خاص بكلمة صدوق في كتابه تهذيب التهذيب [وإن كانت في الأصل لفظ تجريح لقوة الحفظ]. فهو يطلق كلمة صدوق على الثقة، فتراه يقول: «الطبقة الثالثة: ومنهم الصدوق، الثبت الذي يهم أحياناً - وقد قبله الجهابذة النقاد، وهذا يحتج بحديثه». وكم من ثقةٍ يُصحّح ابن حجر حديثه، وقد وصفه في التهذيب بأنه صدوق. أما أنّ له أوهاماً، فهذا عنوان مختصر (كما يسميه ابن حجر) يدلك على وجوب قراءة تراجمه جيداً وأن تعرف أين هذه الأوهام، كما تجده في التفصيل في "تهذيب التهذيب" لإبن حجر، و "ميزان الاعتدال" للذهبي، و "الكامل" لإبن عدي وغيره، فنتجنب عندها هذه الأوهام. وقد سبق وأوضحنا هذه الأوهام وأنها لا تؤثر في هذا الحديث. وإذا كان رأي الحافظ ابن حجر مقبول عند الشيخ القرضاوي، فلماذا لم يأخذ بقبوله للحديث مع زيادة «كلها في النار إلا واحدة»؟ أم أنه لا يأخذ إلا ما وافق هواه؟
    ثم قال الشيخ عن زيادة "كلها في النار إلا واحدة": «وقد روي الحديث بهذه الزيادة من طريق عدد من الصحابة: عبد الله بن عمرو، ومعاوية، وعوف بن مالك، وأنس، وكلها ضعيفة الإسناد، وإنما قووها بانضمام بعضها إلى بعض». أقول هذه دعوى باطلة و على المدعي البينة. فليس من أسهل أن تقول عن رواية –لا توافق مزاجك الشخصي– أنها ضعيفة. لكن هذا القول ليس له وزن حتى تثبت ذلك. بل ثبت كثير من تلك الروايات أنها صحيحة بنفسها، كما سبق وأوضحنا بعون الله. وباعتبار أن الشيخ لم يجد مطعناً حقيقياً في حديث معاوية، فإنه استعان ليطعن في الحديث برأي ابن حزم الظاهري وابن الوزير الزيدي الشيعي!
    هناك الكثير من علماء الشيعة الزيدية في اليمن ممن نبذوا التقليد واجتهدوا فتحولوا إلى المذهب السني. ومن هؤلاء: محمد بن إبراهيم الوزير (ت 840هـ)، و صالح بن مهدي المقبلي صاحب كتاب "العلم الشامخ"، و محمد بن إسماعيل الصنعاني (ت 852هـ) صاحب كتاب "سبل السلام"، و محمد ابن علي الشوكاني (ت 1250هـ) صاحب كتاب "نيل الأوطار" [انظر رسالته أدب الطلب ومنتهى الأرب، والتي ينصح بها بتعلم الأصول من المعتزلة والزيدية. فهذا دليلٌ على أن معتقده خليطٌ بين السنة والزيدية.]، و مقبل الوادعي (ت 1422هـ) صاحب كتاب "إسكات... ". لكن أكثر هؤلاء لم يتحول للمذهب السني بشكل كامل، بل بقيت عنده آثار من فلسفة المعتزلة وتأثيرات من تشيع الزيدية. وقد أشار الشيخ مقبل الوادعي إلى أن صالح بن مهدي المقبلي [قال العلامة المعلمي في "الأنوار الكاشفة" (ص279): «والمقبلي نشأ في بيئة اعتزالية المعتقد، هادوية الفقه، شيعية تشيعاً مختلفاً، يغلظ في أناس ويخف في آخرين. فحاول التحرر فنجح تقريباً في الفقه، وقارب التوسط في التشيع. أما الاعتزال فلم يكد يتخلص إلا من تكفير أهل السنة مطلقاً».] قد بقي في مذهب وسط بين السنة من جهة، وبين المعتزلة والشيعة من جهة أخرى. علماً بأن هذا الأخير قد شنّع كثيراً على ابن الوزير وأشار إلى أنه باقٍ على اعتزاله. فماذا يكون ابن الوزير إن شنع عليه من كان متأثراً بالمعتزلة؟
    ومن المعروف أن الزيدية قد أخذوا عقيدتهم من المعتزلة. وفي كتاب "العلم الشامخ في تفضيل الحق على الآباء و المشايخ" للمقبلي اليمني: «قال السيد الهادي بن إبراهيم الوزير [هو الأخ الأكبر لمحمد بن الوزير، توفي سنة 822هـ. وذكرنا هذا لنبيّن البيئة التي نشأ بها محمد بن الوزير.] –و هو من أشد الناس شكيمة في نصرة مذهب الزيدية و التعصب لهم، و الرد على مخالفيهم–، فقال فيهم و في المعتزلة: "و إنهما فرقة واحدة في التحقيق إذا لم يختلفوا فيما يوجب الإكفار و التفسيق". ذكر هذا في خطبة منظومته التي سماها "رياض الأبصار" عدد فيها أئمة الزيدية و علماءها و علماء المعتزلة متوسلاً بهم. فذكر الأئمة الدعاة من الزيدية، ثم علماء المعتزلة، ثم علماء الزيدية من أهل البيت، ثم من شيعهم. و اعتذر عن تقديم المعتزلة على الزيدية بما لفظه: "و أما المعتزلة فقد ذكرت بعض أكابرهم، و كراسي منابرهم (قلت: يقال للعلماء، الكراسي) إذ هم الأعداد الكثيرة، و الطبقات الشهيرة. و رأيت تقديمهم على الزيدية لأنهم سادتها و علمائها. فألحقت سمطهم بسمط الأئمة و ذلك لتقدمهم في الرتبات، و لأنهم مشايخ سادتنا و علمائنا القادات"».
    فإذا علمت هذا، لما استغربت دفاع ابن الوزير الشديد عن المعتزلة والشيعة، وإنكاره لحديث تفرق الأمم الصحيح الذي تلقته الأمة بالقبول، لأنه يطعن بقوة بالمعتزلة والشيعة. ولا يختلف أحد بأن ابن الوزير ليس من علماء الحديث باعترافه نفسه [قال في مقدمة كتابه "العواصم والقواصم": «وقد قصدت وجه الله تعالى في الذب عن السنة النبوية. وليس يضرني وقوف أهل المعرفة على مالي من التقصير، ومعرفتهم أن باعي في هذا الميدان قصير، لاعترافي أني لست من نقاد هذا الشأن، وإقراري أني لست من فرسان هذا الميدان. لكني لم أجد من الأصحاب من يتصدى لجواب هذه الرسالة، لما يجر إليه ذلك من القالة. فتصيدت لذلك في غير إحسان ولا إعجاب، ومن عدم الماء يتمم التراب... إلخ».]، ولذلك لم يطعن بالحديث من جهة سنده بل طعن فيه برأيه ومزاجه الشخصي. ولهذا نقول أن شهادة ابن الوزير مردودة غير مقبولة: لأنه شيعي متعزلي، ولأنه ليس من علماء الحديث، ولأنه ليس له سلف من المتقدمين. وقد حاول الطعن حديث معاوية t الذي فيه «وواحدة في الجنة وهي الجماعة»، لأنها تدل على ضلال قومه. فزعم أن الحديث لم يصح لأن في إسناده ناصبي، يقصد أزهر بن سعيد. وقد سبق وتكلمنا عن هذا في تخريج الحديث، وقلنا أن الرجل كان ثقة في الحديث. فكيف نرد حديثه؟ و أئمة الحديث متفقين على جواز النقل عن صاحب البدعة إلا إن كانت مكفرة (كحال الرافضة). قال العراقي في "شرح مقدمة ابن الصلاح": «فاحتج البخاري بعمران بن حِطّان، و هو من الدعاة –أي دعاة الخوارج-. و احتجّا (أي البخاري ومسلم) بعد الحميد بن عبد الرحمان الحماني، و كان داعية إلى الإرجاء». وقد سبق وتكلمنا عن هذا بالتفصيل، فراجعه إن شئت.
    ثم إن ابن الوزير (لما زاد ميله للسنة) قد صحح حديث معاوية هذا في كتابه "الروض الباسم في الذَّبِّ عن سُنة أبي القاسم" عندما تكلم في فصل خاص عن الصحابة الذين طعن فيهم الشيعة و منهم معاوية t. فسرد ما له من أحاديث و منها هذا الحديث! و بيّن الشيخ صالح المقبلي اليمني معنى الحديث، و تكلم عليه بكلام مطوّل رد فيه استشكال ابن الوزير معنى الحديث و وجهه التوجيه الصحيح. و قد نقل كلامه الإمام الألباني -رحمه الله- كاملاً في السلسلة عند الكلام عن الحديث المذكور [راجع السلسلة الصحيحة برقم 204، المجلد الأول، (ص 409-414).].
    هذا كله مع العلم أن مطاعن ابن حزم وابن الوزير كانت في زيادة «كلها في النار إلا واحدة»، وليس في أصل الحديث. فقد روى ابن حزم حديث: «ستفترق أمتي على بضعٍ وسبعين فرقة، أعظمها فرقة قوم يقيسون الأمور برأيهم فيحرمون الحلال ويحللون الحرام». و احتج به في المحلى (1\62) –وهو لا يحتج إلا بصحيح كما اشترط ذلك في مقدمة المحلى– وكذلك في الإحكام (8\506) ثم قال: «حريز بن عثمان ثقة، وقد رُوينا عنه أنه تبرأ مما أنسب إليه من الانحراف عن علي t. ونُعَيم بن حماد قد روى عنه البخاري في الصحيح».
    وابن حزم الأندلسي لم تصله الكثير من السنن و كتب الحديث (مثل سنن الترمذي وسنن ابن ماجة)، ففاته الكثير من الطرق. و بالتالي فتضعيفه لتلك الزيادة هي لإحدى تلك الروايات، و لم يطلع قطعاً على كل تلك الروايات المتواترة. ثم إن ابن حزم الظاهري، على الرغم من ذكاءه و علمه، فقد كان له منهجاً شاذاً في الفقه و العقيدة و الحديث خالف به الجمهور. و لشدة تشدده في الحديث فقد ضعّفَ أحاديث في صحيحي البخاري ومسلم ونسب إحداها للوضع. لكنه كذلك كان يصحّح أحاديث موضوعة اتفق العلماء المتقدمون على ضعفها. و الرجل له أوهام كثيرة لأنه كان يعتمد في بحوثه على حافظته الواسعة. قال مؤرّخ الأندلس أبو مروان بن حَيّان: «كان ابن حزم حاملَ فنون... وكان لا يخلو في فنونه من غلطٍ، لجرأته في الصِّيال على كل فن. ولم يكن سالماً من اضطرابٍ في رأيه». وقال ابن حجر عنه في لسان الميزان (4\198): «كان يَهجُمُ على القول في التعديل والتجريح وتبيين أسماء الراوة، فيقع له من ذلك أوهام شنيعة». ولأبي إسحاق الحويني الأثري كتاب بعنوان "الجزم في شذوذ ابن حزم" أعطى أمثلةً على شذوذاته.
    وابن حزم ليس من علماء الحديث، ولا يقارن بالجهابذة الحفاظ أمثال الحافظ العراقي والحافظ الإمام الذهبي والحافظ ابن حجر ومن هم في طبقتهم. لكن ابن حزم –على أية حال– لم يقل عن الحديث أنه موضوع، كما زعم الشيخ القرضاوي. بل إنه توقف في تصحيحه فقال عن الزيادة أنها «لا تصح». وقولُه: "لا تصح"، لا ينفي كونَها حسنة. بينما نسب له الشوكاني عبارة: «إنها موضوعة»!!! وللأسف فإن الشيخ القرضاوي –كعادته– نقل كلام هذا الزَّيدي، بلا تدقيقٍ ولا مُراجعة. أما قول الشوكاني عن الزيادة: «فقد ضعفها جماعة من المحدثين»، فمن هم هؤلاء الجماعة؟ فإنه لم يُعلم أن أحداً من المحدثين قد ضعّفها من قبل! إلا إذا قصد قومه الشيعة، وهم طائفةٌ لا يُعتدُّ بها.
    أما تضعيف الشيخ القرضاوي للحديث لمجرد أنه بظن القرضاوي سيسبب تمزق الأمة، فهذا فهم عجيب غريب. فالحديث يحذر الأمة من التفرق و يدعوهم للالتفاف حول الجماعة و حول السواد الأعظم، و أن يكونوا على ما كان عليه رسول r و أصحابه. فأين المشكلة في هذا يا دكتور؟! هل المشكلة في قول رسول الله –عليه الصلاة و السلام– أم في فهمكم لقوله؟!
    و كم من عائبٍ قولاً صحيحاً و آفته من الفهم السقيم
    و لسنا أكثر غيرة على هذه الأمة من رسول الله عليه أتم الصلاة و السلام، و هو الذي قال الله تعالى عنه في القرآن: ]لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم بالمؤمنين رؤوف رحيم[.
    فهل عندما ادعى أبو حنيفة و الشافعي و مالك و أحمد بن حنبل و البخاري و غيرهم من الأئمة أنهم من أنصار الفرقة الناجية و على منهاجها و ردوا على المخالفين من أهل البدع و ضللوهم و نسبوهم للفرق الهالكة، هل عندما ادعى هؤلاء الأعلام ذلك، مزّقوا الأمّة و طعنوا فيها و ضعّفوا من شوكتها و وقووا عدوّها عليها و أغروه بها؟! كلا و الله. بل أن الأمة حفظها الله بحفظ أولئك لدينه و لسنة نبيه r و على منهاج القرون المفضلة. فهم جمعوا الأمة و وحدوها و رفعوا من شأنها و قووها و جعلوها الأعلى قدرا من بين الأمم و حفظوا أصول دينها و جعلوا أعداءها يهابونها. و قد عاشت الأمة أيام عزها و مجدها في تلك العصور. فرحمهم الله رحمة واسعة و أسكنهم فسيح جنانه بما خدموا الأمة و بذلوا لأجلها الغالي و النفيس.
    وباعتبار أن الشيخ القرضاوي قد اعتمد على نقول من إمامٍ زيدي تسنن، فنحن نرد عليه من رجل كان من أئمة الزيدية قبل أن ينتقل لمذهب السنة والجماعة، وهو الإمام محمد بن إسماعيل الأمير الصَّنْعاني –رحمه الله– [وهو إجمالاً أفضل وأقرب لأهل السنة من ابن الوزير]. يقول الإمام الصنعاني في كتابه "افتراق الأمة إلى نيِّفٍ وسبعين فِرقة" (ص66): «هذه الفرق المحكوم عليها بالهلاك قليلة العدد، لا يكون مجموعها أكثر من الفرقة الناجية. فلا يتم أكثرية الهلاك، فلا يَرِدُ الإشكال. و إن قيل يمنع عن هذا أنه خلاف الظاهر من ذكر كثرة عدد فرق الهلاك، فإن الظاهر انهم أكثر عدداً. قلت: ليس ذكر العدد في الحديث لبيان كثرة الهالكين، وإنما هو لبيان اتساع طرق الظلال وشعبها ووحدة طريق الحق نظير ذلك. ذلك ما ذكره أئمة التفسير في قوله ]ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله[ أنه جمع السبل المنهي عن اتباعها، لبيان شعب طرق الضلال وكثرتها وسعتها وأفرد سبيل الهدى والحق لوحدته وعدم تعدده.
    وبالجملة فكلٌّ يَدعي وصلاً لليلى، وليلى لا تُقِرُّ لهم بذاكا. وكان الأحسن بالناظر في الحديث، أن يكتفي بالتفسير النبوي لتلك الفرقة، فقد كفاه r –معلِّم الشرائع الهادي إلى كل خير r– المؤنة، وعين له الفرقة الناجية: بأنها من كان على ما هو r وأصحابه. وقد عَرَف بحمد الله –من له أدنى همة في الدين– ما كان عليه النبي r وأصحابه. ونُقِلَ إلينا أقوالهم وأفعالهم –حتى أكلهم وشربهم ونومهم ويقظتهم– حتى كأنا رأيناهم رأي عين. وبعد ذلك فمن رزقه الله إنصافاً من نفسه وجعله من أولي الألباب، لا يخفاه حال نفسه أولاً: هل هو متبع لما كان عليه النبي r وأصحابه، أو غير متبع؟ ثم لا يخفى حال غيره من كل طائفة: هل هي متبعة أو مبتدعة؟». أهـ.
    ثم إن القرضاوي قد رد على نفسه بنفسه عندما بيّن أن المقصود بعبارة «كلها في النار»، أي: ابتداءً، و أنهم لا يخلدون فيها. فهذا يدل على أن الحديث لا يتعارض مع أصول الدين البتة. فلم إنكاره إذاً؟ أما قوله في بعض من قد يكون من بين تلك الفرق الضالة «... ولا سيّما إذا كانوا قد بذلوا وسعهم في معرفة الحق، ولكنهم لم يوفقوا وأخطئوا الطريق، وقد وضع الله عن هذه الأمة الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه». فتناقضٌ صريحٌ مع ما قبله، ودليلٌ على أنه لم يفهم الحديث بعد. فهؤلاء لا يشملهم الحديث أصلاً! بل إن كانوا قد أخطئوا باجتهادهم في معرفة الحق –و هذا علمه عند الله– فهؤلاء مأجورون بإذن الله تعالى. لكن الكلام على من سلك غير سبيل المؤمنين و عاند أهل السنة و الجماعة، أو من تعالَمَ و ظن أنه أهل للاجتهاد في اختيار الطريق التي سلكها فيما ظن فيه اتباع النبي r، فهذا جاهلٌ مركبٌ أصر على جهله.
    ثم حاول الشيخ الإيهام بأن الحافظ ابن كثير يوافقه في تضعيف الحديث! فقال أن ابن كثير قد سرد الحديث في تفسيره «ولم يزد على ذلك فلم يصفه بصحة ولا حسن». قلت وهذا أيضاً من تسرعه في إطلاق الأحكام. فمن المعروف أنه لا يُنسبُ لساكتٍ قول. وابن كثير إن سكت عن حديث فليس ذلك دلالة ضعف، لأنه لم يلتزم الإشارة إلى صحة الحديث كلما ذكره. فكيف لو أنه قد أثبته في موضوع آخر؟ فالحديث أثبته ابن كثير في تفسيره (2\466) بزيادة "ما أنا عليه وأصحابي". وقاتل الله التسرع والعَجَلة.
    الأخطاء في مقال الشيخ لى صغر حجمه– كثيرةٌ يصعب إحصائها. وهي أخطاءٌ واضحةٌ لا تُقبل من طالبٍ في كلية الشريعة، فما بالك بدكتور يزعم أنه فقيه العصر؟! وكم كنت أتمنى لو أن الشيخ القرضاوي عرض مقاله على عالم بالحديث، أو حتى طالب علم يدرس الحديث، قبل أن ينشر تلك الأخطاء ويسيء إلى نفسه بها. أما عِلْمُ الحديث فلا يمكن الوصول إليه بقراءة كتابٍ أو كتابين. وإنما يصل إليه المُجِدُّ بإدمان النظر في كتب الأحاديث والرجال والعِلل، وبسؤال أهل المعرفة بالحديث، وبالاطلاع على أقوال جهابذة علماء الحديث من المتقدمين. مع تصحيح النية، والبعد عن التلاعب في تخريج الحديث بسبب الهوى والعصبية. وإلا، فعليه أن يعرف قدر نفسه، ويعتمد على تخريجات الحُفّاظ الكبار الذين أفنوا عمرهم في هذا العلم، ويُسلّم لهم بما يقولون.
    قال إمام الرجال العلامة الذهبي –رحمه الله– في تذكرة الحفاظ (1\4): «حقٌ على المحدّث أن يتورّع في ما يؤديه، وأن يسأل أهل المعرفة والورع ليعينوه على إيضاح مَروياته. ولا سبيل إلى أن يصير العارف –الذي يُزكّي نقَلَة الأخبار ويجرحُهم– جِهْبِذاً، إلا بإدمان الطلب والفحص عن هذا الشأن، وكثرة المذاكرة والسهر والتيقظ والفهم، مع التقوى والدين المتين والإنصاف والتردد إلى مجالس العلماء، والتحري والإتقان. وإلا تفعل:
    فدَع عنك الكتابة، لستَ منها * ولو سوَّدت وجهك بالمِداد
    قال الله تعالى –عز وجل–: ]فاسألوا أهلَ الذكر إن كنتم لا تعلمون[. فإن آنستَ –يا هذا– من نفسِك فهماً وصدقاً وديناً وورعاً، وإلا فلا تَتَعنَّ. وإن غَلَب عليك الهوى والعصبية للرأي والمذهب، فبالله لا تَتعب. وإن عرفتَ أنك مخلِّطٌ مخبِّطٌ مهمِلٌ لحدود الله، فأرحنا منك. فبعد قليل ينكشف البَهْرَج، ويَنكَبُّ الزّغَل، ]ولا يَحيقُ المكرُ السيّئ إلا بأهله[، فقد نصحتك. فعِلمُ الحديث صَلِفٌ. فأين علمُ الحديث؟ وأين أهله؟! كدت أن لا أراهم إلا في كتابٍ أو تحت تًراب».
    وأنصح الدكتور أن لا يكتب إلا في علم أتقنه، و تمرس فيه مدة من الزمان، و أن يكون رائده في ذلك النصح للمسلمين و الإخلاص لرب العالمين، بعيداً عن التأثر بخلق الحقد و الحسد، فذلك أجدى له و أنفع في الدنيا و الآخرة، قال الإمام النووي –رحمه الله تعالى– في "التقريب" (ص232) ما مختصره: «علم الحديث شريف، يناسب مكارم الأخلاق، و محاسن الشيم. و هو من علوم الآخرة، من حُرمه حُرِم خيراً عظيماً، و من رُزِقَه نال فضلاً جزيلاً، فعلى صاحبه تصحيح النية، و يطهر قلبه من أغراض الدنيا. و ليستعمل الأخلاق الجميلة و الآداب، ثم ليفرّغ جهده في تحصيله. و لا يحملنه الشَّرَهُ على التساهلِ في التحمّل، فيخلّ بشيءٍ من شروطه. و ينبغي أن يستعمل ما يسمعه من أحاديث العبادات و الآداب، فذلك زكاة الحديث و سبب حفظه. و ليحذر –كل الحذر– من أن يمنعه الكِبَر، من السعي التام في التحصيل و أخذ العلم ممن دونه في نسب أو سن أو غيره. و لا ينبغي أن يقتصر على سماعه و كَتبه، دون معرفته و فهمه. فليتعرف صحته و ضعفه، و معانيه و لغته و إعرابه، و أسماء رجاله، محققاً كل ذلك. و ليشتغل بالتخريج و التصنيف إذا تأهل له. و ليحذر إخراج تصنيفه إلا بعد تـهذيبه و تحريره، و تكريره النظر فيه. وليحذر من تصنيف ما لم يتأهل له».
    http://www.ibnamin.com/73.htm

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: حديث الافتراق "تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة"-منقول-

    السؤال:له سؤال أخير، يقول: وجدت في تفسير ابن كثير حديثاً يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم ما معناه: ستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار، إلا واحدة. فهل هذا الحديث صحيح، وما هي الفرق الضالة، ومن هي هذه الفرقة الناجية؟الجواب:
    الشيخ: هذا الحديث صحيح لكثرة طرقه، وتلقي الأمة له بالقبول، فإن العلماء قبلوه وأثبتوه، حتى في بعض كتب العقائد، وقد بين النبي عليه الصلاة والسلام أن الفرقة الناجية هي الجماعة الذين اجتمعوا على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من عقيدة وقول وعمل، فمن التزم ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من العقائد الصحيحة السليمة والأقوال والأفعال المشروعة، فإن تلك هي الفرقة الناجية، ولا يختص ذلك بزمن ولا بمكان، بل كل من التزم هدي الرسول عليه الصلاة والسلام ظاهراً وباطناً، فهو من هذه الجماعة الناجية، وهي ناجية في الدنيا من البدع والمخالفات، وناجية في الآخرة من النار.



    http://binothaimeen.net/content/8332

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •