بسم الله الرحمن الرحيم:
لقد بلغني نبأ وفاة أخينا (عالي الهمة) فوقع ذلك مني موقعا عظيما ولم أصدق هذا النبأ المفجع،بسبب الوشيجة الأخوية الطيبة التي كانت تربطني به ، فوالله إنها داهية دهياء ،ومصيبة عثواء،وها قد رزأنا الدهر في هذا الأخ الحدب ، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ولم أجد لي عزاء في مصابي سوى هذه الأبيات المتكسرة والتي نظمتها وانا كسير القلب مضطرب البال، مع بعد العهد عن نظم الشعر،والدمع قد جلل خدي تأسفا على فقدانه، والذي لم يوافني نبأه إلا بعد حين،فأسأل الله أن يتغمده برحمته ويرزق أهله الصبر والسلوان.
طــوى القلبَ رزءٌ بالشـجى / فالــدمع لم يرقأْ ســاجمُه
وأخرس اللســانَ وتحجرتْ/ لما رامتِ الشــعرَ مبــاسمه
صُغتها مرثيةً من الأسـى / وإن لم يطِــب للشعر نـــاظمه
أصـــابني الدهر في أخٍ / بالأمس كنت طرَبا أنـــادمه
وصــدَّ الصبرُ لما رُمتُ تصبُّرًا/ فأبى وكنت قِدمــًا ألازمـه
نُقَضِّي الأيـــام في غفلة /والمــوت يحصد ما الله عــالمُه
إذا وفَّــى العبــد كتـــابه/ لــم تُجْـدِ وقتئذ تمـائمُه
يــاويح نفســي علــى أخٍ/ بتطـــوان شيدت مــآتمه
أبيت ليلي متحرق الحشــا/ بجمر فــراقه والدمع ضـــارمُه
دهــاني البحر بداهيــة فبحـ/ ــر حزني لم تهدأ عـوارمه
ربـــاه أبرد قلبا متلهبا/ وخفف عنــي حزنا أكـــاتمـه
فديته مــن أخٍ لا تُحْــ / ــــصى إذا عــدت مكـارمه
عــلا بهمــة حتى أضــحى / البــدرُ السني غيرةً يزاحمــه
ومضى بحــزم ولم تلــنْ/ لوقع الرزايــا طـــرًّا عزائــمه
رابــط الجـأش مـاض العزم/ لا تلوي عن العــلا شكــائمه
وله بالعلم عنـــاية علــى/ أركــانــه سمت دعــائمـه
أمســى بالشهـــادة ظــافرا/ بين أمـــواج بحـر تلاطمه
ما بال الروض ادلهــم نَضــاره/ وتفتحت عن الآهات كمــائمه
وصوَّح الزهــرُ كما انتحبت/ مــن فــرط حُزنهــا حمـائمه
وغــدا في ثــوب الحـــداد/ متســربلا تبكيــه غمـائمه
تــوارى في لــحد مظلم /ولــه رســم لم تعــفى معــالمه
نرجــو له الجنــــان تحفه / الحـــور والمــلَك خــادمه
ذكره خـــالد مــا أسفر/ صبـــح وهبت بالشذى نســائمـه
فاللهــم جُـــد عليه بوابـــل/مــن عوفك أنت راحــمُه
سطرتها اليوم.