قال ابن القيم: (المتأخرون يتصرفون في نصوص الأئمة، ويبينونها على ما لم يكن لأصحابها ببال، ولا جرى لهم في مقال، ويتناقله بعضهم عن بعض، ثم يلزمهم من طرد لوازم لا يقول بها الأئمة، فمنهم من يطردها ويلزم القول بها، ويضيف ذلك إلى الأئمة، وهم لا يقولون به، فيروج بين الناس بجاه الأئمة، ويفتي به، ويحكم به، والإمام لم يقله قط، بل يكون نص على خلافه، وقال لا يحل أن ينسب إلى إمامه القول، ويطلق عليه أنه قوله، بمجرد ما يراه في بعض الكتب التي حفظها أو طالعها من كلام المنتسبين إليه، فإنه قد اختلطت أقوال الأئمة، وفتاويهم بأقوال المنتسبين إليهم واختياراتهم، فليس كل ما في كتبهم منصوصًا عن الأئمة بل كثير منه يخالف نصوصهم، وكثير منه لا نص لهم فيه وكثير منهم يخرج على فتاويهم وكثير منهم أفتوا به بلفظه، أو بمعناه، فلا يحل لأحد أن يقول هذا قول فلان ومذهبه، إلا أن يعلم يقينا أنه قوله ومذهبه). الطرق الحكمية: (2/ 608).
قال ابن قاسم في مقدمة حاشيته الروض المربع: (وإذا تتبع المنصف تلك الكتب، واستقرأ حال تلك الأتباع، وعرضها على الكتاب والسنة، وعلى أصول الأئمة، وما صح عنهم، وجدها كما قالوا رحمهم الله، وقد يؤصل أتباعهم ويفصلون على ما هو عن مذاهب أئمتهم الصحيحة بمعزل يعرف ذلك من كان خبيرا بأصولهم ونصوصهم، ومع ذلك عند بعضهم كل إمام في اتباعه بمنزلة النبي في أمته، لا يلتفت إلى ما سواه، ولو جاءته الحجة كالشمس في رابعة النهار).