تصحيح حديث " يطلع عليكم رجل من أهل الجنة "
بسم الله وبعد :
فهذه دراسة مختصرة لحديث «يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة»، كتبته بطوله على هذا الرابط http://www.alukah.net/sharia/0/94008/
حيث علله قوم سندا ومتنا :
المسألة الأولى : الكلام على إسناده : حيث ورد عن أربعة من الصحابة رضي الله عنهم :
الحديث الأول : حديث أنس بن مالك وهو المشتهر في الباب :
وهذا بطوله قد رواه الزهري واختلف عنه في الإسناد ، هل رواه مباشرة عن أنس؟ وهل عنعن ؟ أم سمعه عنه ؟ أم أن هنالك واسطة بينه وبين أنس ؟ أم هو محفوظ من الوجهين ؟
1/ فرواه عبد الله بن المبارك عن معمر عن الزهري عن أنس مباشرة معنعنا :
2/ ورواه الإمام عبد الرزاق عن معمر مصرحا فيه بالتحديث : فقال عبد الرزاق (الملحق جامع معمر 20559) أخبرنا معمر عن الزهري قال: أخبرني أنس بن مالك قال : فذكره
وقد صححه الضياء والبوصيري والعراقي .
3/ ورواه قوم عن الزهري لكن بواسطة بينه وبينَ أنس :
أ*. رواية عقيل عن الزهري وسمى الصحابي سعدا ، لكن اختلف عنه في ذكر الواسطة :
. فخرجها ابن عساكر (20/326) عن حرملة عن بن وهب: أخبرني حيوة أخبرنا عقيل عن ابن شهاب [حدثني من لا أتهم] عن أنس قال: بينا نحن جلوس ...
. لكن خرجها البزار 6307- حدثنا محمد بن علي الأهوازي حدثنا عمرو بن خالد حدثنا ابن لهيعة عن عقيل أنه سمع ابن شهاب يخبر عن أنس بن مالك بلا واسطة.
أ*. رواية شعيب :
قال البيهقي في الشعب (9/8) كما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرني أبو محمد أحمد بن عبد الله المزني ببخارى، أنا علي يعني ابن محمد بن عيسى نا الحكم بن نافع أبو اليمان أخبرني شعيب عن الزهري قال: [حدثني من لا أتهم] عن أنس بن مالك أنه قال: ....
ج. رواية معاوية عنه :
قال الخرائطي حدثنا أحمد بن منصور الرمادي ثنا أبو صالح عبد الله بن صالح عن الهقل بن زياد عن الصدفي يعني معاوية بن يحيى حدثني الزهري [حدثني من لا أتهم] عن أنس مثل حديث معمر، وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. يطلع عليكم رجل ".
ولذلك قال الحافظ حمزة بن محمَّد الكناني كما في "تحفة الأشراف" (1/ 395) :" لم يسمعه الزهري عن أنس، رواه عن رجل عن أنس؛ كذلك رواه عقيل وإسحاق بن راشد وغير واحد عن الزهري وهو الصواب " أهـ .
إلا أنَّ حاصل الكلام عن إسناده أنه هو محفوظ من الوجهين بروايات الثقات :
فقد رواه الزهري بالعنعنة ، ثم رواه بلفظ السماع فقال :" حدثني أنس"، وهما متوافقتان، وكذلك رواه بواسطة فقال :" حدثني من لا أتهم "، فحدث بجميع الطرق التي وصله الحديث بها ، فيمكن أن يكون سمعه أولا بالواسطة، ثم استثبت من أنس وسمعه منه أيضا .
وأما من اتهم الزهري بالتدليس فإنما أخذًا من هذا الحديث ، وهذا اتهام خطأ، وزلل كبير، على إمام كبير يدور عامة حديث النبي عليه السلام بالمدينة عليه، ولحديثه وأطراف متنه شواهد أخرى :
حديث ثاني: حديث عبد الله بن عمرو، وهو المذكور أنه تبع ذلك المبشر إلى بيته :
. قال أحمد (2/222): حدثنا قتيبة ثنا رشدين بن سعد عن يحيى بن الحجاج بن شداد عن أبي صالح الغفاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله قال :" أول من يدخل من هذا الباب رجل من أهل الجنة، فدخل سعد بن أبي وقاص "، رشدين ضعيف وقد توبع كما مضى ، وله شواهد أخرى:
الحديث الثالث: حديث عبد الله بن عمر : رواه عنه سالم وأيوب :
أ. رواية سالم عنه وسمى الصحابي سعدا :
. قال البيهقي في الشعب (9/9) بعد أن ذكر حديث الزهري: وأخبرنا أبو طاهر الفقيه أنا حاجب بن أحمد نا عبد الرحيم بن منيب نا معاذ يعني ابن خالد أنا صالح عن عمرو بن دينار عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال: كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " ليطلعن عليكم رجل من هذا الباب من أهل الجنة "، فجاءه سعد بن مالك، فدخل منه، فذكر الحديث، ...
وهذا سند لا بأس به لكن في الاعتبار، فهو معلول بعلتين هما: ضعف صالح المري وعمرو بن دينار، ولحديثهما متابعات وشواهد كما مر وسيأتي، والبقية ثقات : .....
. وفي الباب متابعة مختصرة من هذا الحديث الطويل :
. قال ابن عدي في ترجمة صالح: حدثنا عبد الرحمن بن عبيد الله بن أخي الإمام حدثنا إبراهيم بن سعيد حدثنا داود بن منصور حدثنا صالح المري حدثنا عمرو مولى آل الزبير عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال: كنا جلوسا مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال يطلع عليكم من هذا الباب رجل من أهل الجنة فإذا سعد "، وقد توبع صالح المري عن عمرو بن دينار، كما في :
ب . رواية أيوب عنه :
خرجها البزار " الكشف 1982" حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الله بن قيس حدثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يدخل عليكم رجل من أهل الجنة ، فدخل سعد ، قال ذلك في ثلاثة أيام كل ذلك يدخل سعد ". ...
. وأما ابن حبان فقد جعله عن عبد الله بن عيسى الرقاشي ووثقه ، فالله أعلم، هل حفظه أبو موسى من الوجهين أم لا :
فقد قال ابن حبان في صحيحه 6991 - أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الله بن عيسى الرقاشي حدثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: كنا قعودا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يدخل عليكم من ذا الباب رجل من أهل الجنة"، قال: وليس منا أحد إلا وهو يتمنى أن يكون من أهل بيته، فإذا سعد بن أبي وقاص قد طلع "، وابن حبان والحسن ثقتان كبيران، ثم استدركت، لما وجدتُ أن عبد الله بن عيسى هو نفسه عبد الله بن قيس، فنسب مرة أخرى لأحد أجداده أو بعضهم، ممن له اسمان، يؤكد ذلك ....
. فقال ابن الفاخر في الموجبات 397 - ثنا حمد بن علي ثنا الفضل بن سعيد ثنا أبو الشيخ نا محمد بن يحيى ثنا أبو موسى ثنا عبد الله بن قيس جد أبي قلابة الرقاشي أبو سعيد الخزاز، ثنا أيوب السختياني عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا قعوداً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((يدخل عليكم من ذا الباب رجلٌ من أهل الجنة .... الحديث.
وهذا سند قوي حسن ، فإن حمد بن علي هو أبو شكر الحبال صالح الحديث، والفضل بن محمد هو ابن سعيد القاساني أبو نصر المعدل، وأبو الشيخ هو عبد الله بن محمد بن جعفر الاصبهاني المعروف، ومحمد بن يحيى هو ابن منده الحافظ، وللحديث شاهد آخر يؤكد تعدد المتبعين لهذا المبشر بغية الاقتداء به :
الحديث الرابع : خرجه ابن الفاخر في موجبات الجنة: بابٌ في ذكر يطلع عليكم رجلٌ من أهل الجنة 398 - ثنا عبد الكريم بن أبي الفتح ثنا أبو محمد الفضل بن أبي الفضل الجارودي في كتابه ثنا أبو محمد بن أبي شريح ثنا ابن صاعد ثنا علي بن حرب الطائي ثنا محمود بن خداش حدثني أبو هاشم ثنا المعافى بن عمران عن إسرائيل عن جابر لعله الجعفي عن عطاء عن جابر هو ابن عبد الله رضي الله عنه قال: خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((يطلع عليكم رجلٌ من أهل الجنة))، ثم يوماً آخر يقول مثل ذلك إذ دخل من غلام بني سلمة، فاتبعت الغلام، فقلت: أخبرني ما عملت؟، قال: ما من عملي شيء أرجوه أني لا أبيت وفي قلبي غش على مسلم، قال: فبشرته"،
ابن أبي شريح هو عبد الرحمن بن أحمد بن محمد، وشيخه ابن صاعد قد توبع على ثقته :
فقال الخطيب في المفترق (587) خبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الصلت الأهوازي أخبرنا محمد بن أبي جعفر المطيري حدثنا علي بن حرب حدثنا أبو هاشم بن أبي خداش حدثنا المعافى بن عمران عن إسرائيل عن جابر عن عطاء عن جابر رضي الله عنه قال خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال:" يطلع عليكم رجل من أهل الجنة ثم يوما آخر ثم يوما أخر ثم يوما آخر يقول مثل ذلك كل ذلك يدخل غلام من بني سلمة، فاتبعت الغلام فقلت أخبرني ما عملكم قال ما من عمل أرجوه إلا أني لا أبيت وفي قلبي غش لمسلم قال فبشرته ".
وهذا حديث رجاله ثقات إلا جابر، وهو ابن يزيد الجعفي وثقه الثوري وشعبة وزهير بن معاوية ووكيع، وتركه القطان وابن معين والنسائي وأبو أحمد ومن اتهمه فإنما لسوء مذهبه وتدليسه ، كما قال ابن عدي:" له حديث صالح وشعبة أقل رواية عنه من الثوري وقد احتمله الناس وعامة ما قذفوه به أنه كان يؤمن بالرجعة وهو مع هذا إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق "، وهذا هو العدل فيه، فهو إذًا ممن يُعتبر به .
وأما أبو هاشم: فهو محمد، ويقال زيد بن علي بن أبي خداش بن زيد أبو هاشم الأسدي الموصلي العابد راوية المعافى، ثقة مأمون كما قال الحاكم وغيره، وأثنى عليه تلميذه المعافى فيما نقله الخطيب عن المعافى كان يقول:" ليس من باب خير إلا ولزيد فيه حظ "،
المسألة الثانية : الكلام على تعليل متن الحديث : ...
فقد عله بعض المتأخرين بأمور منها :
1/ أن هذا الصحابي عبد الله رضي الله عنه قد كذب على هذا الرجل المبشر في زعمه أن بينه وبين والده خصومة حتى يدخله بيته ، وهذا غير وارد في حق الصحابة .
وأقول: .......... http://www.alukah.net/sharia/0/94008/