لفترة طويلة ،كنت أظن أن الناس أحرار فيما يذهبون إليه ،
وكنت جد مقتنعة بالمقولة التي مفادها:"حريتك تنتهي حينما تبدأ حرية الآخرين"
ولسبب ما اعتقدت أن منطقية هذه العبارة ووضوحها وضوح الشمس في يوم مشرق ستجعل الناس يقتنعون بأن ينشغلوا بأمورهم عن أمور غيرهم وستحدد لهم حماهم فلا يداسون ولا يدوسون..
لكنني فوجئت ولأكثر من مرة أنما ذلك الوضوح واعتبار المنطقية فيها إنما كان في ذهني
وقلة قليلة من تلزم نفسها بمقتضاها
فإن أراد أحد الزواج فإنه لا يسلم من ثلة أسئلة من قبيل :(كيف ؟وأين ؟ومتى؟) التي -في الغالب -لا يأنف من الإجابة عنها(إلا إذا اختار قضاء حاجته بالكتمان) ومن أسئلة أخرى أكثر إحراجا من قبيل:(لم؟)
ولست أرى من أراد الطلاق بناج من تلكم الأسئلة ،
والأمر نفسه لمن أراد شراء بيت أواقتناء سيارة أوبيع قطعة أثاث .
حتى صار أحدنا ؛إن أراد أن يتخذ قرارا في حياته ؛ملزما بوضع تقرير مفصل يجيب فيه عن كل تلكم الأسئلة ومن باب الاحتياط ؛عن أسئلة أخرى حسب الموضوع وملابساته تحسبا لأي طارئ وأية مداخلات جديدة لم تكن في الحسبان..
وليت الأمر يقف عند حد الاستفسارات والاستنطاقات،
فلربما كنت مضطرا-بعد جعلك التقرير المفصل رهن إشارتهم-إلى مزيد من توضيحات تستعين فيها بكل ما أوتيت من مهارات الحوار وفنون الإقناع ،
فلعل قرارك لم يحظ بقبولهم واختيارك لم ينل منهم الرضا .فما عليك سوى الدفاع باستماتة واستنزاف كل طاقاتك وجهودك لأجل ذلك ؛وإلا فدعهم يختارون لك وأذعن لقراراتهم -حتى و إن كانت لا تناسبك -كي ينظروا إليك بعين الرضا ويسمحوا لك أن تكون فردا نجيبا مطيعا تساير أفكارهم وتسلك منهاجهم وتقتفي خطاهم وتشبع رغبتهم في حب السيطرة والتملك وتساعدهم على تنفيذ وصايتهم عليك..


وعدا هذا وذاك،فما أنت سوى فرد متمرد خارج عن فروض الطاعة
حق فيك الجلد والتعزير أو النفي إلى كوكب يليق بك وبأمثالك ممن كسروا حواجز التبعية وفرطوا سلاسل الركون وهدموا أسوارالخنوع وقلاع الاستكانة.


(أمة الستير)