السلام عليكم و رحمة الله و بركاته إخوتي في الله...
تحية أخوية صادقة... تقبلوا مشاركتي المتواضعة و التي أتمنى أن تليها أخر... مع كتب أخرى إن شاء الله
كتاب جديد عن...
الماضي الأندلسي الجميل
بعنوان...
‘‘فتح الأندلس والتحاق الغرب بدار الإسلام‘‘
للدكتور: أحمد الطاهري (المغرب)

تنظم بلدية فيلا ريال ذي سانطو أنطونيو ومركز البحث وتوثيق تراث قسطلة بالبرتغال، يوم الجمعة 2 مارس المقبل، حفل توقيع كتاب "فتح الأندلس والتحاق الغرب بدار الإسلام"، لمؤلفه الدكتور أحمد الطاهري بمقر المكتبة البلدية فسينتي كامبيناس. كما يتخلل حفل التوقيع تنظيم محاضرة على هامش توقيع الكتاب يلقيها المؤلف.

والمؤلف الجديد الصادر باللغتين العربية والإسبانية، في بلنسية، ضمن منشورات مؤسسة الإدريسي المغربية الإسبانية للبحث التاريخي والأثري والمعماري والمركز الثقافي الإسلامي ببلنسية بمناسبة مرور ثلاثة عشر قرنا على الفتح، يرجع بنا إلى اللحظة التي تبلورت فيها فكرة فتح الأندلس لأول مرة في ذهن ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان، الذي يعود إليه الفضل، حسبما تجلى من خلال استنطاق المصادر العربية والكتابات اللاتينية والمخلفات الأثرية، في تجهيز أقدم حملة بحرية إسلامية على شواطئ الأندلس الشرقية، انطلاقا من مراسي إفريقية (تونس الحالية) سنة 29 هجرية (649م). وتم ذلك في سياق أكبر عملية فتح وُجّهت نحو الغرب في تاريخ الإسلام، وقد اختفت آثارها بفعل أهوال ما يسمى الفتنة الكبرى.

ويفيض الكتاب في شرح تفاصيل المحاولة الثانية لفتح الأندلس التي جرت بعدئذ بنحو 33 سنة في عهد الخليفة الأموي يزيد بن معاوية، بقيادة عقبة بن نافع الفهري الذي شارف بقواته من العرب والبربر أحواز مدينة سبتة. وهي المحاولة التي تمكن داهية المجاز يليان النصراني ملك غمارة من تحويرها عن هدفها. وبدلا من العبور نحو الضفة الأخرى، تطورت الأحداث بسرعة نتيجة إصرار القيادة العربية على الاستفراد بحكم المغرب، فاشتعل سعير الحرب بين المشارقة والمغاربة، وقد ظلت على مدار 17 سنة تحصد الأرواح، وكادت تشل حركة الفتوحات التي انكفأت إلى ما وراء بلاد برقة من أرض مصر.

وجاء في ورقة تقنية تم توزيعها على الصحافة، وتوصلت "الرابطة" بنخسة منها، أنه لا يخفى كيف ظلت أقلام الدارسين على مدار نحو قرن ونصف تراوح مكانها دون القدرة على تقديم الجواب الشافي على كافة الأسئلة المطروحة بخصوص أحد أبرز المنعطفات في تاريخ الشرق والغرب ممثلا في فتح الأندلس.

وبدلا من وضع أسس البحث وفق المناهج الحديثة في هذه الحقبة المظلمة من تاريخ الإسلام، مال رواد الباحثين إلى الاهتمام بالأساطير التي علِقت بهوامش الأخبار. ولم يتوقف المستعربون عن إعادة إنتاج ما تضمنته المصادر العربية من شذرات وأخبار وروايات وحكايات، وقد أسرفوا في إبداء الملاحظات والانتقادات والانطباعات، بينما ذهبت الجرأة بالبعض إلى حد إنكار حدوث أي فتح للأندلس.

وحسب المصدر نفسه فإنه غني عن البيان أن المؤرخين العرب لم يتمكنوا بعد من الانعتاق من آفة التقليد، ولم يفلح المؤرخون المغاربة في استكمال كتابة تاريخ بلدهم، إذ ظلوا إلى اليوم برغم اتقانهم للغات مختصين في ترديد نتائج أبحاث الآخرين. وسرعان ما تم إغراق هذا الموضوع في بحر مضطرب بالآراء المتصارعة والمواقف المتلاطمة والتصورات المتباينة والتحاليل المتشعبة، بما كان وراء اليأس من إمكانية الخروج من الدائرة المغلقة التي زُج فيها؛ بحيث لا نبالغ إذا ما أقررنا بأن تاريخ فتح الأندلس لم يكتب بعد.
ويمعن مؤلف الكتاب والمؤرخ المغربي، أحمد الطاهري، في إعادة تفكيك حلقات الأحداث وتركيبها من جديد في سياقاتها التاريخية، بدءا بتأمير طارق بن زياد، البربري الأصل، النفزي الدار، اليزناسني العشيرة، على برقة نحو سنة 68 هجرية (687م)، ثم على سجلماسة سنة 83 هجرية (702م)، إلى أن تسلم مقاليد حكم المغرب سنة 85 هجرية (704م)، باعتباره أول أمير للبلاد في الإسلام. وقد شرع على إثر ذلك في تكوين الجيش الذي فتح به الأندلس من 12 ألف مقاتل من خيرة الشباب قد اختارهم من كافة قبائل المغرب.

وبعدما بسط نفوذه على امتدادات المغرب من وادي شلف إلى سواحل المحيط الأطلسي وتخوم بلاد السودان، شرع طارق بن زياد في حرب مملكة غمارة وصاحبها يليان المتحصن في مدينة سبتة المدعوم بالقوة والعتاد من طرف مملكة القوط بطليطلة. وأثناء ذلك فتح مدينة طنجة وأحوازها سنة 89 هجرية (709)، فاتخذها عاصمة لحكمه وأنشأ أقدم قاعدة بحرية في تاريخ المغرب بمرسى قصر المجاز (القصر الصغير). ومن هناك جهز في شهر رمضان 90 هجرية (709م) أول حملة عسكرية بالأسطول نحو الضفة الأندلسية، يقودها أمير البحر طريف بن شمعون المصمودي الحديث العهد بالإسلام، بهدف قطع الإمدادات القوطية عن سبتة وإحكام الحصار برا وبحرا على صاحبها يليان.

وأثناء ذلك حدث ما لم يكن في الحسبان، إذ انقلب الجيش ورجال الدين الكاثوليك بقيادة لذريق وبدعم من النظام الكنسي بروما على الشرعية الملكية القوطية بطليطلة التي كانت بصدد إدخال إصلاحات جذرية في الاقتصاد والمجتمع والفكر، بترسيخ قواعد المذهب الأرياني المقر بوحدانية الله، فانفجرت الحرب الأهلية بين الطرفين في كافة أراضي شبة الجزيرة الإيبيرية. فما كان عندئذ إلا أن وفد الملك القوطي المخلوع وحليفه يليان صاحب سبتة على طارق بن زياد بطنجة، طالبين منه العون لاسترجاع عرشهم، فكانت بداية فتح الأندلس.

ويتعلق الأمر هنا بإحدى كبريات عمليات العبور والإنزال البحري في التاريخ، وقد ظلت ـ عن قصدـ باهتة الصورة مختلة الفصول، في تصورات عامة الناس وخاصة الباحثين. استغرقت العمليات التي شارك فيها 12 ألف مقاتل من أبناء كافة قبائل المغرب يرافقهم 27 رجلا من العرب نحو شهر ونصف. ولأول مرة، يتم الكشف ـ مع خرائط ـ عن تفاصيل المعركتين الفاصلتين في تاريخ الإسلام بالغرب بين جيش طارق بن زياد وجيوش القوط، بموقعة البَحيرة بوادي برباط يوم الأحد 28 رمضان 92 هجرية (19 يوليوز 711م)، ثم بموقعة وادي لكة بكورة شذونة يوم الأحد 5 شوال 26 يوليوز.

وعبر فصول الكتاب، يرصد المؤلف حرب الحصون ـمع خرائط توضيحيةـ التي خاضها جيش المغرب بموسطة وشرق وغرب الأندلس وشمال شبه الجزيرة الإيببيرية، إلى أن تمكن من إحكام قبضته على كافة بلاد الأندلس، فأعيد تنصيب الملك القوطي على عرشه بطليطلة، وفق نظام الحماية بالعهود والمواثيق التي تجعل من طارق بن زياد أول أمير على الأندلس.
وأثناء البحث في متون المصادر العربية واللاتينية والإسبانية، عمد المؤلف إلى ضبط مواطن التدليس والتزوير الذي تعرض له هذا الفصل من تاريخ المغرب على أيدي البعض من المهتمين.

لذلك فقد وطدنا، تقول الجهات المسؤولة عن حفل توقيع الكتاب، العزم على أن يكون مرور ثلاثة عشر قرنا عن فتح الأندلس محطة للشروع في إلقاء الأضواء الكاشفة عن أكثر من زاوية مظلمة في تاريخنا، من خلال استنطاق نحو 88 مصدرا عربيا من مختلف أصناف التأليف، ونحو 55 من الحوليات اللاتينية والاسبانية والدراسات الحديثة.

المصدر الأصلي:
الموقع الرسمي للرابطة المحمدية للعلماء
http://www.arrabita.ma