تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الملخص الفقهي للشيخ صالح آل فوزان

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي الملخص الفقهي للشيخ صالح آل فوزان


    الملخص الفقهي
    الجزء الأول
    قسم العبادات
    تلخيص الشيخ
    صالح بن فوزان آل فوزان

    صـــ 1 الى صــ 10
    (1)

    المقدمة
    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم النبيين , وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
    وبعد : فهذا ملخص في الفقه , مقرون بأدلته من الكتاب والسنة , كنت ألقيته في الإذاعة على حلقات , وقد تكرر الطلب ممن سمعوه , وألحوا علي بطباعته ; ليبقى الانتفاع به إن شاء الله , وما كنت أنوي ذلك حال إعداده , ولكن نزولا عند رغبة الكثير ; أعدت النظر فيه , ورتبته , وقدمته للطباعة . وها هو بين يديك أيها القارئ الكريم ; فما وجدت فيه من صواب وفائدة ; فالفضل فيه راجع إلى الله وحده , وما وجدت فيه من خطأ ; فهو مني , واستغفر الله . وقد لخصته من كتاب " شرح الزاد - الروض المربع " , ومن حاشيته للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم , مع بعض التنبيهات مني إذا مرت مناسبة .
    هذا ; وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعا للعلم النافع والعمل الصالح . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .
    فضل التفقه في الدين
    الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحابته والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
    وبعد : فإن التفقه في الدين من أفضل الأعمال , وهو علامة الخير : قال صلى الله عليه وسلم : من يرد الله به خيرا ; يفقه في الدين وذلك لأن التفقه في الدين يحصل به العلم النافع الذي يقوم عليه العمل الصالح .
    قال الله تعالى : هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق فالهدى هو العلم النافع , ودين الحق هو العمل الصالح .
    وقد أمر الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم أن يسأله الزيادة من العلم : قال تعالى : وقل رب زدني علما قال الحافظ ابن حجر : " وهذا واضح الدلالة في فضل العلم ; لأن الله لم يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بطلب الازدياد من شيء ; إلا من العلم , وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم المجالس التي يتعلم فيها العلم النافع ب ( رياض الجنة ) , وأخبر أن العلماء هم ورثة الأنبياء .
    ولا شك أن الإنسان قبل أن يقدم على أداء عمل ما , لا بد أن يعرف الطريقة التي يؤدي بها ذلك العمل على وجهه الصحيح , حتى يكون هذا العمل صحيحا , مؤديا لنتيجته التي ترجى من ورائه ; فكيف يقدم الإنسان على عبادة ربه التي تتوقف عليها نجاته من النار ودخوله الجنة : كيف يقدم على ذلك بدون علم ؟ ! ومن ثم افترق الناس بالنسبة للعلم والعمل ثلاث فرق :
    الفريق الأول : الذين جمعوا بين العلم النافع والعمل الصالح , وهؤلاء قد هداهم الله صراط المنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين , وحسن أولئك رفيقا .
    الفريق الثاني : الذين تعلموا العلم النافع ولم يعملوا به , وهؤلاء هم المغضوب عليهم من اليهود ومن نحا نحوهم .
    الفريق الثالث : الذين يعملون بلا علم , وهؤلاء هم أهل الضلال من النصارى ومن نحا نحوهم .
    ويشمل هذه الفرق الثلاث قوله تعالى في سورة الفاتحة التي نقرؤها في كل ركعة من صلواتنا : اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله : وأما قوله تعالى : غير المغضوب عليهم ولا الضالين فالمغضوب عليهم هم العلماء الذين لم يعملوا بعلمهم , والضالون العاملون بلا علم :
    فالأول: صفة اليهود
    والثاني: صفة النصارى

    وكثير من الناس إذا رأى في التفسير أن اليهود مغضوب عليهم وأن النصارى ضالون ; ظن الجاهل أن ذلك مخصوص بهم , وهو يقرأ أن ربه فارض عليه أن يدعو بهذا الدعاء , ويتعوذ من طريق أهل هذه الصفات ! ! فيا سبحان الله ! كيف يعلمه الله ويختار له ويفرض عليه أن يدعو ربه دائما ; مع أنه لا حذر عليه منه , ولا يتصور أن فعله هذا هو ظن السوء بالله ؟ ! انتهى كلام الشيخ رحمه الله .
    وهو يبين لنا الحكمة في فريضة قراءة هذه السورة العظيمة - سورة الفاتحة - في كل ركعة من صلاتنا ; فرضها , ونفلها ; لما تشتمل عليه من الأسرار العظيمة , التي من جملتها هذا الدعاء العظيم : أن يوفقنا الله لسلوك طريق أصحاب العلم النافع والعمل الصالح , الذي هو طريق النجاة في الدنيا والآخرة , وأن يجنبنا طريق الهالكين , الذين فرطوا بالعمل الصالح أو بالعلم النافع .
    ثم اعلم أيها القارئ الكريم أن العلم النافع إنما يستمد من الكتاب والسنة تفهما وتدبرا , مع الاستعانة على ذلك بالمدرسين الناصحين وكتب التفسير وشروح الحديث وكتب الفقه وكتب النحو واللغة العربية التي نزل بها القرآن الكريم , فإن هذه الكتب طريق لفهم الكتاب والسنة .
    فواجب عليك يا أخي المسلم - ليكون عملك صحيحا - أن تتعلم ما يستقيم به دينك ; من صلاتك وصومك وحجك , وتتعلم أحكام زكاة مالك , وكذلك تتعلم من أحكام المعاملات ما تحتاج إليه ; لتأخذ منها ما أباح الله لك ; وتتجنب منها ما حرم الله عليك ; ليكون كسبك حلالا , وطعامك حلالا ; لتكون مجاب الدعوة , كل ذلك مما تمس حاجتك إلى تعلمه , وهو ميسور بإذن الله متى ما صحت عزيمتك وصلحت نيتك .
    فاحرص على قراءة الكتب النافعة , واتصل بالعلماء ; لتسألهم عما أشكل عليك , وتتلقى عنهم أحكام دينك , وكذلك تعني بحضور الندوات والمحاضرات الدينية التي تقام في المساجد وغيرها , وتستمع إلى البرامج الدينية من الإذاعة , وتقرأ المجلات الدينية والنشرات التي تعني بمسائل الدين , فإذا حرصت وتتبعت هذه الروافد الخيرية ; نمت معلوماتك , واستنارت بصيرتك .
    ولا تنس يا أخي أن العلم ينمو ويزكو مع العمل فإذا عملت بما علمت ; زادك الله علما ; كما تقول الحكمة المأثورة : " من عمل بما علم ; أورثه الله علم ما لم يعلم " , ويشهد لذلك قوله تعالى: واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم والعلم أحق ما تصرف فيه الأوقات , ويتنافس في نيله ذوو العقول , فبه تحيا القلوب وتزكو الأعمال .
    ولقد أثنى الله جل ذكره وتقدست أسماؤه على العلماء العاملين , ورفع من شأنهم في كتابه المبين قال تعالى : قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب وقال تعالى: يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير فبين سبحانه وتعالى ميزة الذين أوتوا العلم المقرون بالإيمان , ثم أخبر أنه خبير بما نعمله , ومطلع عليه ; ليدلنا على أنه لا بد من العلم والعمل معا , وأن يكون كل ذلك صادرا عن الإيمان ومراقبة الله سبحانه .
    ونحن عملا بواجب التعاون على البر والتقوى سنقدم لك بحول الله من خلال هذا الكتاب بعض المعلومات من الرصيد الفقهي الذي استنبطه لنا علماؤنا ودونوه في كتبهم , سنقدم لك ما تيسر من ذلك , لعله يكون دافعا لك على الاستفادة والاستزادة من العلم النافع .
    ونسأل الله أن يمدنا وإياك بالعلم النافع , ويوفقنا للعمل الصالح , ونسأله سبحانه أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه , ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه , إنه سميع مجيب .
    كتاب الطهارة
    باب في أحكام الطهارة والمياه
    بسم الله الرحمن الرحيم

    إن الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين , وهي الفارقة بين المسلم والكافر , وهي عمود الإسلام , وأول ما يحاسب عنه العبد , فإن صحت وقبلت ; قبل سائر عمله . وإن ردت ; رد سائر عمله .
    وقد ذكرت الصلاة في مواطن كثيرة من القرآن الكريم على صفات متنوعة ; فتارة يأمر الله بإقامتها , وتارة يبين مزيتها , وتارة يبين ثوابها , وتارة يقرنها مع الصبر ويأمر بالاستعانة بهما على الشدائد . ومن ثم كانت قرة عين الرسول صلى الله عليه وسلم من هذه الدنيا ; فهي حلية النبيين , وشعار الصالحين , وهي صلة بين العبد وبين رب العالمين , وهي تنهى عن الفحشاء والمنكر .
    ولما كانت هذه الصلاة لا تصح إلا بطهارة المصلي من الحدث والنجس حسب القدرة على ذلك , وكانت مادة التطهر هي الماء أو ما يقوم مقامه من التيمم عند عدم الماء ; صار الفقهاء رحمهم الله يبدءون بكتاب الطهارة ; لأنها لما قدمت الصلاة بعد الشهادتين على غيرها من بقية أركان الإسلام ; ناسب تقديم مقدماتها , ومنها الطهارة , فهي مفتاح الصلاة ; كما في الحديث : مفتاح الصلاة الطهور وذلك لأن الحدث يمنع الصلاة ; فهو كالقفل يوضع على المحدث , فإذا توضأ ; انحل القفل . فالطهارة أوكد شروط الصلاة , والشرط لا بد أن يقدم على المشروط .
    ومعنى الطهارة لغة : النظافة والنزاهة عن الأقذار الحسية والمعنوية , ومعناها شرعا : ارتفاع الحدث وزوال النجس . وارتفاع الحدث يحصل باستعمال الماء مع النية : في جميع البدن إن كان حدثا أكبر , أو في الأعضاء الأربعة إن كان حدثا أصغر , أو استعمال ما ينوب عن الماء عند عدمه أو العجز عن استعماله - وهو التراب - على صفة مخصوصة , وسيأتي إن شاء الله بيان لصفة التطهر من الحدثين .
    وغرضنا الآن بيان صفة الماء الذي يحصل به التطهر والماء الذي لا يحصل به ذلك . قال الله تعالى : وأنزلنا من السماء ماء طهورا وقال تعالى : وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به والطهور هو الطاهر في ذاته المطهر لغيره , وهو الباقي على خلقته - أي : صفته التي خلق عليها - , سواء كان نازلا من السماء كالمطر وذوب الثلوج والبرد , أو جاريا في الأرض كماء الأنهار والعيون والآبار والبحار , أو كان مقطرا . فهذا هو الذي يصح التطهر به من الحدث والنجاسة , فإن تغير بنجاسة ; لم يجز التطهر به ; من غير خلاف , وإن تغير بشيء طاهر لم يغلب عليه ; فالصحيح من قولي العلماء صحة التطهر به أيضا .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " أما مسألة تغير الماء اليسير أو الكثير بالطاهرات ; كالأشنان , والصابون , والسدر , والخطمي , والتراب , والعجين . .. وغير ذلك مما قد يغير الماء , مثل الإناء إذا كان فيه أثر سدر أو خطمي , ووضع فيه ماء , فتغير به , مع بقاء اسم الماء ; فهذا فيه قولان معروفان للعلماء " .
    ثم ذكرها مع بيان وجه كل قول , ورجح القول بصحة التطهر به , وقال : " هو الصواب ; لأن الله سبحانه وتعالى قال : وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه وقوله : فلم تجدوا ماء نكرة في سياق النفي , فيعم كل ما هو ماء , لا فرق في ذلك بين نوع ونوع " انتهى .
    فإذا عدم الماء , أو عجز عن استعماله مع وجوده ; فإن الله قد جعل بدله التراب , على صفة لاستعماله بينها النبي صلى الله عليه وسلم في سنته , وسيأتي توضيح ذلك إن شاء الله في بابه . وهذا من لطف الله بعباده , ورفع الحرج عنهم , قال تعالى : وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إن الله كان عفوا غفورا
    قال ابن هبيرة : " وأجمعوا على أن الطهارة بالماء تجب على كل من لزمته الصلاة مع وجوده , فإن عدمه ; فبدله , لقوله تعالى : فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا ولقوله تعالى : وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به انتهى .
    وهذا مما يدل على عظمة هذا الإسلام , الذي هو دين الطهارة والنزاهة الحسية والمعنوية , كما يدل ذلك على عظمة هذه الصلاة , حيث لم يصح الدخول فيها بدون الطهارتين : الطهارة المعنوية من الشرك , وذلك بالتوحيد وإخلاص العبادة لله , والطهارة الحسية من الحدث والنجاسة , وذلك يكون بالماء أو ما يقوم مقامه .
    واعلم أن الماء إذا كان باقيا على خلقته , لم تخالطه مادة أخرى ; فهو طهور بالإجماع , وإن تغير أحد أوصافه الثلاثة - ريحه أو طعمه أو لونه - بنجاسة ; فهو نجس بالإجماع , لا يجوز استعماله , وإن تغير أحد أوصافه بمخالطة مادة طاهرة - كأوراق الأشجار أو الصابون أو الإشنان والسدر أو غير ذلك من المواد الطاهرة - , ولم يغلب ذلك المخالط عليه ; فلبعض العلماء في ذلك تفاصيل وخلاف , والصحيح أنه طهور , يجوز التطهر به من الحدث , والتطهر به من النجس .
    فعلى هذا ; يصح لنا أن نقول : إن الماء ينقسم إلى قسمين
    القسم الأول : طهور يصح التطهر به , سواء كان باقيا على خلقته , أو خالطته مادة طاهرة لم تغلب عليه ولم تسلبه اسمه .
    القسم الثاني : نجسه لا يجوز استعماله ; فلا يرفع الحدث , ولا يزيل النجاسة , وهو مما تغير بالنجاسة . ...
    والله تعالى أعلم .

    باب
    في أحكام الآنية وثياب الكفار

    الآنية هي الأوعية التي يحفظ فيها الماء وغيره , سواء كانت من الحديد أو الخشب أو الجلود أو غير ذلك .
    والأصل فيها الإباحة , فيباح استعمال واتخاذ كل إناء طاهر , ما عدا نوعين هما :
    1: إناء الذهب والفضة , والإناء الذي فيه ذهب أو فضة , طلاء أو تمويها أو غير ذلك من أنواع جعل الذهب والفضة في الإناء , ما عدا الضبة اليسيرة من الفضة تجعل في الإناء للحاجة إلى إصلاحه . ودليل تحريم إناء الذهب والفضة قوله صلى الله عليه وسلم : لا تشربوا في آنية الذهب والفضة , ولا تأكلوا في صحافهما ; فإنها لهم في الدنيا ولنا في الآخرة رواه الجماعة , وقوله صلى الله عليه وسلم : الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم متفق عليه , والنهي عن الشيء يتناوله خالصا أو مجزءا , فيحرم الإناء المطلي أو المموه بالذهب أو الفضة أو الذي فيه شيء من الذهب والفضة , ما عدا الضبة اليسيرة من الفضة كما سبق ; بدليل حديث أنس رضي الله عنه : أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم انكسر , فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة رواه البخاري .
    قال النووي رحمه الله : " انعقد الإجماع على تحريم الأكل والشرب فيها , وجميع أنواع الاستعمال في معنى الأكل والشرب بالإجماع " . انتهى .
    وتحريم الاستعمال والاتخاذ يشمل الذكور والإناث ; لعموم الأخبار , وعدم المخصص , وإنما أبيح التحلي للنساء لحاجتهن إلى التزين للزوج .
    وتباح آنية الكفار التي يستعملونها ما لم تعلم نجاستها , فإن علمت نجاستها ; فإنها تغسل وتستعمل بعد ذلك .
    2: جلود الميتة يحرم استعمالها ; إلا إذا دبغت ; فقد اختلف العلماء في جواز استعمالها بعد الدبغ , والصحيح الجواز , وهو قول الجمهور ; لورود الأحاديث الصحيحة بجواز استعماله بعد الدبغ , ولأن نجاسته طارئة , فتزول بالدبغ ; كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : يطهره الماء والقرظ وقوله صلى الله عليه وسلم : دباغ الأديم طهوره
    وتباح ثياب الكفار إذا لم تعلم نجاستها ; لأن الأصل الطهارة ; فلا تزول بالشك , ويباح ما نسجوه أو صبغوه ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يلبسون ما نسجه الكفار وصبغوه . والله تعالى أعلم .

    باب
    فيما يحرم على المحدث مزاولته من الأعمال

    هناك بعض من الأعمال التي يحرم على المسلم إذا لم يكن على طهارة أن يزاولها لشرفها ومكانتها , وهذه الأعمال نبينها لك بأدلتها ; لتكون منك على بال ; فلا تقدم على واحد منها إلا بعد التهيؤ له بالطهارة المطلوبة .
    اعلم يا أخي أن هناك أشياء تحرم على المحدث , سواء كان حدثه أكبر أو أصغر , وهناك أشياء يختص تحريمها بمن هو محدث حدثا أكبر . فالأشياء التي تحرم على المحدث أي الحدثين :
    1 - مس المصحف الشريف ; فلا يمسه المحدث بدون حائل ; لقوله تعالى : لا يمسه إلا المطهرون أي : المتطهرون من الحدث جنابة أو غيرها , على القول بأن المراد بهم المطهرون من البشر , وهناك من يرى أن المراد بهم الملائكة الكرام . وحتى لو فسرت الآية بأن المراد بهم الملائكة ; فإن ذلك يتناول البشر بدلالة الإشارة , وكما ورد في الكتاب الذي كتبه الرسول صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم ; قوله : لا يمس المصحف إلا طاهر رواه النسائي وغيره متصلا .
    قال ابن عبد البر : " إنه أشبه المتواتر لتلقي الناس له بالقبول " . قال شيخ الإسلام عن منع مس المصحف لغير المتطهر : " هو مذهب الأئمة الأربعة " .
    وقال ابن هبيرة في " الإفصاح " : " أجمعوا ( يعني : الأئمة الأربعة ) أنه لا يجوز للمحدث مس المصحف " انتهى .
    ولا بأس أن يحمل غير المتطهر المصحف في غلاف أو كيس من غير أن يمسه , وكذلك لا بأس أن ينظر فيه ويتصفحه من غير مس .

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: الملخص الفقهي للشيخ صالح آل فوزان


    الملخص الفقهي
    الجزء الأول
    قسم العبادات
    تلخيص الشيخ
    صالح بن فوزان آل فوزان

    صـــ 11 الى صــ 20
    (2)


    2 - ويحرم على المحدث الصلاة فرضا أو نفلا وهذا بإجماع أهل العلم , إذا استطاع الطهارة ; لقوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا الآية , وقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا يقبل الله صلاة بغير طهورا رواه مسلم وغيره , وحديث : لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ فلا يجوز له أن يصلي من غير طهارة مع القدرة عليها , ولا تصح صلاته , سواء كان جاهلا أو عالما , ناسيا أو عامدا , لكن العالم العامد إذا صلى من غير طهارة ; يأثم ويعزر , وإن كان جاهلا أو ناسيا ; فإنه لا يأثم , لكن ; لا تصح صلاته .
    3 - يحرم على المحدث الطواف بالبيت العتيق لقوله صلى الله عليه وسلم : الطواف بالبيت صلاة ; إلا أن الله أباح فيه الكلام وقد توضأ النبي صلى الله عليه وسلم للطواف , وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه منع الحائض من الطواف بالبيت حتى تطهر , كل ذلك مما يدل على تحريم الطواف على المحدث حتى يتطهر .
    ومما يدل على تحريمه على المحدث حدثا أكبر قوله : يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا أي : لا تدخلوا المسجد وأنتم جنب إلا ماري طريق ; فمنعه من دخول المسجد للبقاء فيه يقتضي منعه من الطواف من باب أولى . وهذه الأعمال تحرم على المحدث سواء كان حدثه أكبر أو أصغر .
    وأما الأشياء التي تحرم على المحدث حدثا أكبر خاصة فهي :
    1 - يحرم على المحدث حدثا أكبر قراءة القرآن , لحديث علي رضي الله عنه : لا يحجبه ( يعني : النبي صلى الله عليه وسلم ) عن القرآن شيء , ليس الجنابة رواه الترمذي وغيره , ولفظ الترمذي : " يقرئنا القرآن ما لم يكن جنبا " ; فهذا يدل على تحريم قراءة القرآن على الجنب وبمعناه الحائض والنفساء , ولكن رخص بعض العلماء - كشيخ الإسلام - للحائض أن تقرأ القرآن إذا خشيت نسيانه .
    ولا بأس أن يتكلم المحدث بما وافق القرآن إن لم يقصد القرآن بل على وجه الذكر ; مثل : بسم الله الرحمن الرحيم , والحمد لله رب العالمين , لحديث عائشة رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه
    2 - ويحرم على المحدث حدثا أكبر من جنابة أو حيض أو نفاس اللبث في المسجد بغير وضوء , لقوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا أي : لا تدخلوا المسجد للبقاء فيه , ولقوله صلى الله عليه وسلم : لا أحل المسجد لحائض ولا جنب رواه أبو داود من حديث عائشة , وصححه ابن خزيمة .
    فإذا توضأ من عليه حدث أكبر ; جاز له اللبث في المسجد ; لقول عطاء : رأيت رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضؤوا وضوء الصلاة والحكمة من هذا الوضوء تخفيف الجنابة .
    وكذلك يجوز للمحدث حدثا أكبر أن يمر بالمسجد لمجرد العبور منه من غير جلوس فيه ; لقوله تعالى : إلا عابري سبيل أي : متجاوزين فيه للخروج منه , والاستثناء من النهي إباحة , فيكون ذلك مخصصا لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : لا أحل المسجد لحائض ولا جنب وكذلك مصلى العيد لا يلبث فيه من عليه حدث أكبر بغير وضوء , ويجوز له المرور منه ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : وليعتزل الحيض المصلى
    باب
    في آداب قضاء الحاجة

    اعلم وفقني الله وإياك وجميع المسلمين أن ديننا كامل متكامل , ما ترك شيئا مما يحتاجه الناس في دينهم ودنياهم ; إلا بينه , ومن ذلك آداب قضاء الحاجة ; ليتميز الإنسان الذي كرمه الله عن الحيوان بما كرمه الله به ; فديننا دين النظافة ودين الطهر ; فهناك آداب شرعية تفعل عند دخول الخلاء وحال قضاء الحاجة .
    فإذا أراد المسلم دخول الخلاء - وهو المحل المعد لقضاء الحاجة - ; فإنه يستحب له أن يقول : بسم الله , أعوذ بالله من الخبث والخبائث . ويقدم رجله اليسرى حال الدخول , وعند الخروج يقدم رجله اليمنى , ويقول : غفرانك , الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني . وذلك لأن اليمنى تستعمل فيما من شأنه التكريم والتجميل , واليسرى تستعمل فيما من شأنه إزالة الأذى ونحوه .
    وإذا أراد أن يقضي حاجته في فضاء - أي : في غير محل معد لقضاء الحاجة - ; فإنه يستحب له أن يبعد عن الناس ; بحيث يكون في مكان خال , ويستتر عن الأنظار بحائط أو شجرة أو غير ذلك , ويحرم أن يستقبل القبلة أو يستدبرها حال قضاء الحاجة , بل ينحرف عنها ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة , وعليه أن يتحرز من رشاش البول أن يصيب بدنه أو ثوبه , فيرتاد لبوله مكانا رخوا , حتى لا يتطاير عليه شيء منه .
    ولا يجوز له أن يمس فرجه بيمينه , وكذلك لا يجوز له أن يقضي حاجته في طريق الناس , أو في ظلهم , أو موارد مياههم ; لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ; لما فيه من الإضرار بالناس وأذيتهم .
    ولا يدخل موضع الخلاء بشيء فيه ذكر الله عز وجل أو فيه قرآن , فإن خاف على ما معه مما فيه ذكر الله ; جاز له الدخول به , ويغطيه . ولا ينبغي له أن يتكلم حال قضاء الحاجة ; فقد ورد في الحديث أن الله يمقت على ذلك , ويحرم عليه قراءة القرآن .
    فإذا فرغ من قضاء الحاجة ; فإنه ينظف المخرج بالاستنجاء بالماء أو الاستجمار بالأحجار أو ما يقوم مقامها , وإن جمع بينهما ; فهو أفضل , وإن اقتصر على أحدهما ; كفى .
    والاستجمار يكون بالأحجار أو ما يقوم مقامها من الورق الخشن والخرق ونحوها مما ينقى المخرج وينشفه , ويشترط ثلاث مسحات منقية فأكثر إذا أراد الزيادة .
    ولا يجوز الاستجمار بالعظام ورجيع الدواب - أي : روثها - ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك , وعليه أن يزيل أثر الخارج وينشفه ; لئلا يبقى شيء من النجاسة على جسده , ولئلا تنتقل النجاسة إلى مكان آخر من جسده أو ثيابه .
    قال بعض الفقهاء : إن الاستنجاء أو الاستجمار شرط من شروط صحة الوضوء لا بد أن يسبقه , فلو توضأ قبله ; لم يصح وضوؤه , لحديث المقداد المتفق عليه : يغسل ذكره , ثم يتوضأ
    قال النووي : والسنة أن يستنجي قبل الوضوء , ليخرج من الخلاف , ويأمن انتقاض طهره .
    أيها المسلم ! احرص على التنزه من البول ; فإن عدم التنزه منه من موجبات عذاب القبر ; فعن أبي هريرة رضي الله عنه , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : استنزهوا من البول ; فإن عامة عذاب القبر منه رواه الدارقطني , قال الحافظ : " صحيح الإسناد , وله شواهد , وأصله في " الصحيحين " .
    أيها المسلم ! إن كمال الطهارة يسهل القيام بالعبادة , ويعين على إتمامها وإكمالها والقيام بمشروعاتها .
    روى الإمام أحمد رحمه الله عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم الصبح , فقرأ الروم فيها , فأوهم , فلما انصرف ; قال : إنه يلبس علينا القرآن , إن أقواما منكم يصلون معنا لا يحسنون الوضوء , فمن شهد الصلاة معنا ; فليحسن الوضوء وقد أثنى الله على أهل مسجد قباء بقوله : فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ولما سئلوا عن صفة هذا التطهر ; قالوا : إنا نتبع الحجارة الماء رواه البزار .
    وهنا أمر يجب التنبيه عليه , وهو أن بعض العوام يظن أن الاستنجاء من الوضوء , فإذا أراد أن يتوضأ ; بدأ بالاستنجاء , ولو كان قد استنجى سابقا بعد قضاء الحاجة , وهذا خطأ ; لأن الاستنجاء ليس من الوضوء , وإنما هو من شروطه ; كما سبق , ومحله بعد الفراغ من قضاء الحاجة , ولا داعي لتكراره من غير وجود موجبه - وهو قضاء الحاجة وتلوث المخرج بالنجاسة .
    أيها المسلم ! هذا ديننا دين الطهارة والنظافة والنزاهة , أتى بأحسن الآداب وأكرم الأخلاق , استوعب كل ما يحتاجه المسلم , وكل ما يصلحه , ولم يغفل شيئا فيه مصلحة لنا ; فلله الحمد والمنة , ونسأله الثبات على هذا الدين , والتبصر في أحكامه , والعمل بشرائعه , مع الإخلاص لله في ذلك , حتى يكون عملنا صحيحا مقبولا .
    باب في السواك وخصال الفطرة
    روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ; أن النبي صلى الله عليه وسلم ; قال : السواك مطهرة للفم مرضاة للرب رواه أحمد وغيره .
    وثبت في " الصحيحين " عن أبي هريرة رضي الله عنه ; قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خمس من الفطرة : الاستحداد , والختان , وقص الشارب , ونتف الإبط , وتقليم الأظافر
    وفي " الصحيحين " أيضا عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا : أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى من هذه الأحاديث وما جاء بمعناها أخذ الفقهاء الأحكام التالية :
    مشروعية السواك , وهو استعمال عود أو نحوه في الأسنان واللثة , ليذهب ما علق بهما من صفرة ورائحة . وقد ورد أنه من سنن المرسلين ; فأول من استاك إبراهيم عليه الصلاة والسلام , وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أنه مطهرة للفم ; أي : منظف له مما يستكره , وأنه مرضاة للرب ; أي : يرضي الرب تبارك وتعالى , وقد ورد في بيانه والحث عليه أكثر من مائة حديث , مما يدل على أنه سنة مؤكدة , حث الشارع عليه , ورغب فيه , وله فوائد عظيمة , من أعظمها وأجمعها ما أشار إليه في هذا الحديث : أنه مطهرة للفم مرضاة للرب . ويكون التسوك بعود لين من أراك أو زيتون أو عرجون أو غيرها مما لا يتفتت ولا يجرح الفم .
    ويسن السواك في جميع الأوقات , حتى للصائم في جميع اليوم , على الصحيح , ويتأكد في أوقات مخصوصة ; فيتأكد عند الوضوء ; لقوله صلى الله عليه وسلم : لولا أن أشق على أمتي ; لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء فالحديث يدل على تأكد استحباب السواك عند الوضوء ويكون ذلك حال المضمضة ; لأن ذلك أبلغ في الإنقاء وتنظيف الفم , ويتأكد السواك أيضا عند الصلاة فرضا أو نفلا ; لأننا مأمورون عند التقرب إلى الله أن نكون في حال كمال ونظافة ; إظهارا لشرف العبادة , ويتأكد السواك أيضا عند الانتباه من نوم الليل أو نوم النهار ; لأنه صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل ; يشوص فاه بالسواك , والشوص : الدلك , وذلك لأن النوم تتغير معه رائحة الفم ; لتصاعد أبخرة المعدة , والسواك في هذه الحالة ينظف الفم من آثارها , ويتأكد السواك أيضا عند تغير رائحة الفم بأكل أو غيره , ويتأكد أيضا عند قراءة قرآن ; لتنظيف الفم وتطييبه لتلاوة كلام الله عز وجل .
    وصفة التسوك أن يمر المسواك على لثته وأسنانه ; فيبتدئ من الجانب الأيمن إلى الجانب الأيسر , ويمسك المسواك بيده اليسرى .
    ومن المزايا التي جاء بها ديننا الحنيف خصال الفطرة التي مر ذكرها في الحديث , وسميت خصال الفطرة ; لأن فاعلها يتصف بالفطرة التي فطر الله عليها العباد , وحثهم عليها , واستحبها لهم ; ليكونوا على أكمل الصفات وأشرفها , وليكونوا على أجمل هيئة وأحسن خلقة , وهي السنة القديمة التي اختارها الأنبياء واتفقت عليها الشرائع , وهذه الخصال هي :
    1 - الاستحداد : وهو حلق العانة , وهي الشعر النابت حول الفرج , سمي استحدادا ; لاستعمال الحديدة فيه , وهي الموسى , وفي إزالته تجميل ونظافة ; فيزيله بما شاء من حلق أو غيره .
    2- الختان : وهو إزالة الجلدة التي تغطي الحشفة حتى تبرز الحشفة , ويكون زمن الصغر ; لأنه أسرع برأ , ولينشأ الصغير على أكمل الأحوال . ومن الحكمة في الختان تطهير الذكر من النجاسة المتحقنة في القلفة وغير ذلك من الفوائد .
    3- قص الشارب وإحفاؤه وهو المبالغة في قصه ; لما في ذلك من التجميل والنظافة ومخالفة الكفار . وقد وردت الأحاديث في الحث على قصه وإحفائه وإعفاء اللحية وإرسالها وإكرامها ; لما في بقاء اللحية من الجمال ومظهر الرجولة , وقد عكس كثير من الناس الأمر ; فصاروا يوفرون شواربهم ويحلقون لحاهم أو يقصونها أو يحاصرونها في نطاق ضيق ; إمعانا في المخالفة للهدي النبوي , وتقليدا لأعداء الله ورسوله , ونزولا عن سمات الرجولة والشهامة إلى سمات النساء والسفلة , حتى صدق عليهم قول الشاعر :
    …يقضى على المرء في أيام محنته…حتى يرى حسنا ما ليس بالحسن…
    وقول الآخر :
    …ولا عجب أن النساء ترجلت……ولكن تأنيث الرجال عجيب
    4- ومن خصال الفطرة : تقليم الأظافر , وهو قطعها ; بحيث لا تترك تطول ; لما في ذلك من التجميل وإزالة الوسخ المتراكم تحتها , والبعد عن مشابهة السباع البهيمية , وقد خالف هذه الفطرة النبوية طوائف من الشباب المتخنفس والنساء الهمجيات ; فصاروا يطيلون أظافرهم ; مخالفة للهدي النبوي , وإمعانا في التقليد الأعلى .
    5- ومن خصال الفطرة : نتف الإبط - أي : إزالة الشعر النابت في الإبط - , فيسن إزالة هذا الشعر بالنتف أو الحلق أو غير ذلك , لما في إزالة هذا الشعر من النظافة وقطع الرائحة الكريهة التي تتضاعف مع وجود هذا الشعر .
    أيها المسلم ! هكذا جاء ديننا بتشريع هذه الخصال ; لما فيها من التجمل والتنظف والتطهر ; ليكون المسلم على أحسن حال وأجمل مظهر ; مخالفا بذلك هدي المشركين , ولما في بعضها من تمييز بين الرجال والنساء ; ليبقى لكل منهما شخصيته المناسبة لوظيفته في الحياة , لكن ; أبى كثير من المخدوعين , الذين يظلمون أنفسهم , فأبوا إلا مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم , واستيراد التقاليد التي لا تتناسب مع ديننا وشخصيتنا الإسلامية , واتخذوا من سفلة الغرب أو الشرق قدوة لهم في شخصيتهم ; فاستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير , بل استبدلوا الخبيث بالطيب , والكمال بالنقص ; فجنوا على أنفسهم وعلى مجتمعهم , وجاءوا بسنة سيئة , باءوا بإثمها وإثم من عمل بها تبعا لهم , ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
    اللهم وفق المسلمين لإصلاح أعمالهم وأقوالهم , وارزقهم الإخلاص لوجهك الكريم , والتمسك بسنة نبيك صلى الله عليه وسلم .
    باب
    في أحكام الوضوء

    يقول الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين الآية ; فهذه الآية الكريمة أوجبت الوضوء للصلاة , وبينت الأعضاء التي يجب غسلها أو مسحها في الوضوء , وحددت مواقع الوضوء منها , ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم صفة الوضوء بقوله وبفعله بيانا كافيا .
    اعلم أيها المسلم ! أن للوضوء شروطا وفروضا وسننا , فالشروط والفروض لا بد منها حسب الإمكان ; ليكون الوضوء صحيحا , وأما السنن ; فهي مكملات الوضوء , وفيها زيادة أجر , وتركها لا يمنع صحة الوضوء :
    فالشروط هي :
    - الإسلام , والعقل , والتمييز , والنية ; فلا يصح الوضوء من كافر , ولا من مجنون , ولا من صغير لا يميزه , ولا ممن لم ينو الوضوء ; بأن نوى تبردا , أو غسل أعضاءه ليزيل عنها نجاسة أو وسخا .
    - ويشترط للوضوء أيضا أن يكون الماء طهورا كما سبق , فإن كان نجسا ; لم يجزئه . ويشترط للوضوء أيضا أن يكون الماء مباحا , فإن كان مغصوبا أو تحصل عليه بغير طريق شرعي ; لم يصح الوضوء به .
    - وكذلك يشترط للوضوء أن يسبقه استنجاء أو استجمار على ما سبق تفصيله .
    - ويشترط للوضوء أيضا إزالة ما يمنع وصول الماء إلى الجلد ; فلا بد للمتوضئ أن يزيل ما على أعضاء الوضوء من طين أو عجين أو شمع أو وسخ متراكم أو أصباغ سميكة ; ليجري الماء على جلد العضو مباشرة من غير حائل .

    وأما فروض الوضوء - وهي أعضاؤه - ; فهي ستة :

    أحدها : غسل الوجه بكامله , ومنه المضمضة والاستنشاق , فمن غسل وجهه وترك المضمضة والاستنشاق أو أحدهما ; لم يصح وضوءه , لأن الفم والأنف من الوجه , والله تعالى يقول : فاغسلوا وجوهكم فأمر بغسل الوجه كله , فمن ترك شيئا منه ; لم يكن ممتثلا أمر الله تعالى , والنبي صلى الله عليه وسلم تمضمض واستنشق .

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •