يقول الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه (الماتع التبيان في أقسام القرآن/ ص 128) :
أقسم سبحانه بـ(القلم وما يسطرون) ؛ فأقسم بالكتاب وآلته وهو القلم الذي هو إحدى آياته وأول مخلوقاته ، الذي جرى به قدره وشرعه وكتب به الوحي ، وقيد به الدين ، وأثبتت به الشريعة ، وحفظت به العلوم ، وقامت به مصالح العباد في المعاش والمعاد . فوطدت به الممالك، وأمنت به السبل والمسالك، وأقام في الناس أبلغ خطيب وأفصحه، وأنفعه لهم وأنصحه، وواعظا تشفي مواعظه القلوب من السقم، وطبيبا يبرئ بإذنه من أنواع الألم ؛ يكسر العساكر العظيمة على أنه الضعيف الوحيد ، ويخاف سطوته وبأسه ذو البأس الشديد .
بالأقلام تدبر الأقاليم وتساس الممالك ، والعلم لسان الضمير يناجيه بما استتر عن الأسماع ، فينسج حلل المعاني في الطرفين فتعود أحسن من الوشي المرقوم ، ويودعها حكمه فتصير بوادر الفهوم.
والأقلام نظام الأفهام ، وكما أن اللسان بريد القلب ، فالقلم بريد اللسان ، ويولد الحروف المسموعة عن اللسان كتولد الحروف المكتوبة عن القلم ، والقلم بريد القلب ورسوله وترجمانه ولسانه الصامت .