تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: ترجمة المحقق الأكاديمي احسان عباس رحمه الله وأسكنه فسيح جناته

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2011
    المشاركات
    581

    افتراضي ترجمة المحقق الأكاديمي احسان عباس رحمه الله وأسكنه فسيح جناته

    ولد إحسان عباس في قرية عين غزال قرب حيفا في فلسطين سنة 1920م، وأنهى مرحلة الدراسة الأولية في قريته وفي حيفا، وحصل على الإعدادية في صفد، وأتم المستوى الثانوي في حيفا وعكا، ثم اختير لإكمال الدراسة في الكلية العربية في القدس 1937-1941م، و لما تخرج منها خُيِّرَ بين بعثتين دراسيتين إحداهما لدراسة الأدب الإنكليزي، والثانية لدراسة الأدب العربي، فاختار الثانية، وتابع تحصيله الدراسي في قسم الأدب العربي بجامعة فؤاد الأول في القاهرة فحصل على الإجازة في الآداب عام 1950م، ثم نال الماجستير من نفس الجامعة سنة 1952م، ثم نال الدكتوراه سنة 1954م، ولم يعد إحسان إلى فلسطين بسبب نكبة 1948 وقيام دولة إسرائيل التي أزالت قريته عن الخريطة، وشرَّدَت عائلته بين الأردن والعراق وسوريا ولبنان وبلدان الشتات الأخرى، ولذلك ظلَّ يردّد عبارته المشهورة: "الشتات ممات".
    وقد كتب إحسان الشعر وهو في الخامسة عشرة من عمره، وكتب أكثر قصائده ما بين سنة 1940 وسنة 1948م، ولما بلغ الثمانين من عمره جمع تلك القصائد في ديوان سمّاه "أزهار برية" وقد ظل يقرض الشعر حتى العام 1952 الذي كان آخر عهده بكتابة الشعر.
    واشتغل في مجال التعليم منذ صباه، ثم درَّس الأدب العربي بجامعة الخرطوم حتى سنة 1961، وفي ذلك العام نفسه انتقل إلى الجامعة الأمريكية في بيروت، وشغل فيها منصب رئيس دائرة اللغة العربية ولغات الشرق الأدنى ، ومدير مركز الدراسات العربية ودراسات الشرق الأوسط ، ورئيس تحرير مجلة الأبحاث ، وقد شارك الدكتور إحسان عباس في الكثير من النشاط الأكاديمي والتربوي في جامعات ومؤتمرات وندوات عربية وعالمية كثيرة عن الدراسات العربية والإسلامية والتراث والأدب الحديث ، كما كان مستشاراً لعدد من الجامعات في تخطيطها لبرامج الدراسات العليا .

    وكان عضواً في جمعية النقد الأدبي في الأردن، و في مجمع اللغة العربية بدمشق ومصر والأردن والمجمع العلمي في العراق، والمجمع العلمي الهندي (عن فلسطين ) ومعهد المخطوطات العربية في الكويت.

    لقد نال الراحل إحسان عباس قسطاً وافراً من التكريم في حياته، فقد صدر كتاب: إحسان عباس ناقدًا، محققًا، مؤرخًا، وهو مجموعة من البحوث والمداخلات التي قُدِّمت عنه في ندوة بدعوة من مؤسسة عبد الحميد شومان في العاصمة الأردنية عام 1998م، وشارك فيها ثمانون باحثًا وناقدًا وأديبًا، وبالإضافة إلى ذلك صدر كتاب بعنوان: إحسان عباس: ناقد بلا ضفاف، تأليف الدكتور إبراهيم السعافين، دار الشروق، عمان، كان الدكتور إحسان أحد ثلاث شخصيات في كتاب: السيرة الذاتية في الأدب العربي، تأليف: تهاني عبد الفتاح شاكر، الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت 2002م.
    فاز بجائزة الملك فيصل العالمية للأدب العربي (بالاشتراك) عام 1400هـ/1980م، وكان موضوع الجائزة "الدراسات التي تناولت الشعر العربي المعاصر"، وفاز بجازة سلطان العويس للدورة الثانية من الجائزة 1990 – 1991، في مجال النقد الأدبي، وحصل على جائزة الترجمة من جامعة كولومبيا في العام 1983م، وجائزة شومان التقديرية في العام 1993م، وهكذا تمَّ تقدير الراحل إحسان عباس حياًّ، وترك وراءه سيرة أستاذ من أساتذة القرن العشرين النادرين.
    مؤلفات وتحقيقات الدكتور إحسان عباس
    مؤلفاته:
    أبو حيان التوحيدي -دراسة- بيروت 1956.
    أخبار وتراجم أندلسية مستخرجة من معجم السفر للسلفي -بيروت 1963.
    أرنست همنغواي لكارلوس بيكر -بيروت 1959.
    أزهار برية ، ديوان شعر رومنطيقي، قصائد من سنة 1940 إلى سنة 1948م، عمان 2000م.
    أمثال العرب للمفضل الضبي -1980.
    أنساب الأشراف للبلاذري -القسم الرابع -ج1- بيروت 1979.
    اتجاهات الشعر العربي المعاصر -دراسة- الكويت 1978.
    الأعمال الشعرية لكمال ناصر -بيروت 1974.
    بدر شاكر السياب، دراسة في حياته وشعره- دراسة- بيروت 1969.
    ت.س. اليوت لمائين -بيروت 1965م.
    تاريخ الأدب الأندلسي- عصر سيادة قرطبة- دراسة- بيروت 1960.
    تاريخ الأدب الأندلسي، عصر الطوائف والمرابطين، دار الشروق، بيروت 1997م.
    تاريخ الأدب الأندلسي، عصر سيادة قرطبة، دار الثقافـة، ط7، بيروت 1985م.
    تاريخ بلاد الشام أنجز منه ثمانية أجزاء حتى مشارف العهد العثماني.
    تاريخ النقد الأدبي عند العرب -دراسة- بيروت 1971.
    تاريخ النقد الأدبي عند العرب، دار الثقافة، ط5، بيروت، 1986م.
    تاريخ ليبيا- دراسة- ليبيا 1967.
    التذكرة الحمدونية لابن حمدون -بيروت 1983.
    التشبيهات من أشعار أهل الأندلس لابن الكتاني -1966.
    التقريب لحد المنطق والمدخل إليه لابن حزم -بيروت 1959.
    جوامع السيرة لابن حزم -بالاشتراك مع د. ناصر الدين الأسد- القاهرة 1958.
    الحسن البصري- دراسة- القاهرة 1952.
    دراسات في الأدب الأندلسي، بالاشتراك مع وداد القاضي وألبير مطلق -ليبيا/ تونس 1976.
    دراسات في الأدب العربي لفون غرونباوم بالاشتراك مع كمال اليازجي وأنيس فريحة ومحمد يوسف نجم - بيروت 1959.
    دراسات في حضارة الإسلام للسير هاملتون جب -بالاشتراك مع د. محمد يوسف نجم ود. محمد زايد- بيروت 1964.
    ديوان ابراهيم طوقان -بيروت 1975.
    ديوان ابن حمديس الصقلي -بيروت 1960.
    ديوان الأعمى التطيلي -بيروت 1963.
    ديوان الرصافي البلنسي -بيروت 1961.
    ديوان الصنوبري -بيروت 1970.
    ديوان القتال الكلابي- بيروت 1961.
    ديوان كثير عزّة -بيروت 1971.
    ديوان لبيد بن ربيعة العامري- الكويت 1962.
    الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة لابن بسام -8مجلدات -بيروت 74-1979.
    الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة، لابن بسام (علي بن بسام)، تحقيق ، بيروت: دار الثقافة، 1417 هـ/ 1997 م.
    الذيل والتكملة على كتاب الموصول والصلة لابن عبد الملك المراكشي -بيروت 1964.
    الذيل والتكملة -ج5- بيروت 1965.
    الذيل والتكملة -ج6- بيروت 1973.
    الرد على ابن النفريلة اليهودي ورسائل أخرى لابن حزم -1960.
    الروض المعطار في خبر الأقطار لابن عبد المنعم الحميري- بيروت 1975.
    رسائل أبي العلاء المعري -بيروت /القاهرة 1982.
    رسائل ابن حزم 3/174 تحقيق، نشر المؤسسة العربية للدراسات ط 1987 م
    رسائل ابن حزم الأندلسي -القاهرة 1955.
    رسالة في التعزية للمعري -القاهرة 1950.
    سرور النفس بمدارك الحواس الخمـس، أبو العباس أحمد بن يوسف التيفاشي، بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، الطبعة الأولى 1981،
    شذرات من كتب مفقودة- بيروت 1988.
    الشريف الرضي -دراسة- بيروت 1959.
    شعر الخوارج -بيروت 1963.
    شعر الخوارج، الناشر: دار الشروق سنة النشر :1997
    الشعر العربي في المهجر الأمريكي -دراسة بالاشتراك مع محمد يوسف نجم - بيروت 1957.
    طبقات الفقهاء لأبي إسحاق الشيرازي- بيروت 1970.
    عبد الحميد بن يحيى الكاتب وما تبقى من رسائله ورسائل أبي العلاء.
    عبد الوهاب البياتي والشعر العراقي الحديث -دراسة- بيروت 1955.
    العرب في صقيلة- دراسة- القاهرة 1959.
    عهد أردشير بن بابك -1967.
    غربة الراعي، السيرة الذاتية للراحل إحسان عباس، صدرت عن دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان 1996، وصدرها المؤلف بقول هرقليطس: "لا تستطيع ان تخطو في النهر نفسه مرتين ".
    خريدة القصر للعماد الأصفهاني -قسم مصر بالاشتراك مع أحمد أمين وشوقي ضيف -القاهرة- جزآن 1951-1952.
    فصل المقال في شرح كتاب الأمثال للبكري -بالاشتراك مع د. عبد المجيد عابدين -الخرطوم 1958.
    فلسفة الحضارة ، أو المقال في الإنسان، لأرنست كاسيرر -بيروت 1961.
    فن السيرة -بيروت 1956.
    فن الشعر - بيروت 1953.
    فن الشعر لأرسطو -القاهرة 1950
    فوات الوفيات، لابن شاكر الكتبي، تحقيق -5أجزاء- بيروت 73-1977.
    كتاب الخراج، للإمام أبي يوسف الحنفي -بيروت 1985.
    الكتيبة الكامنة في أعلام المئة الثانية لابن الخطيب - بيروت 1963.
    ليبيا في كتب التاريخ -بالاشتراك مع د.محمد يوسف نجم -بنغازي 1968.
    ليبيا في كتب الجغرافيا والرحلات - بالاشتراك مع د. محمد يوسف نجم -بنغازي 1968.
    مرآة الزمان لسبط بن الجوزي -بيروت 1985.
    معجم الأدباء – ياقوت الحموي تحقيق إحسان عباس – دار الغرب الإسلامي – بيروت – 1993م.
    ملامح يونانية في الأدب العربي -دراسة- بيروت 1977.
    من التراث العربي -دراسة 1988.
    من الذي سرق النار؟ –دراسة- بيروت 1980 "جمع وتحرير وتقديم وداد القاضي".
    مويي ديك -لهيرمان ملفيل -بيروت 1956.
    موبي ديك، رواية لهرمان ملفل، ترجمة، الطبعة الثانية 1998 م
    النقد الأدبي ومدارسه الحديثة، لستانلي هايمن -بالاشتراك مع د. محمد يوسف نجم -بيروت 1958- 1960 (جزآن).
    نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب -لابن المقري -8أجزاء- بيروت 1968.
    الوافي بالوفيات للصفدي -ج7- فيسبادن 1970.
    الوسيط في تاريخ فلسطين ، دار الشروق للنشر والتوزيع / الأردن 1999
    وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان لابن خلكان -8مجلدات- بيروت 1968-1972.
    يقظة العرب لجورج أنطونيوس -بالاشتراك مع د.ناصر الدين الأسد- بيروت 1962.
    أشهد أن لا أله ألا الله وأشهد أن محمد رسول الله
    أنا الأن أحفظ القران أدعوا لي أن الله يعينني على حفظ كتابه

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2011
    المشاركات
    581

    افتراضي رد: ترجمة المحقق الأكاديمي احسان عباس رحمه الله وأسكنه فسيح جناته

    تعامل احسان عباس مع التراث العربي, والعربي الإسلامي, بثلاثة أشكال:
    الأول: تحقيق النصوص, في شتى مجالات التراث ونتاجاته.
    والثاني: اتخاذ التراث أساساً أو مصدراً للدراسة في كتاباته في التاريخ - تاريخ الأدب والنقد الأدبي, والتاريخ السياسي والاجتماعي القديم والوسيط.
    والثالث: الاعتماد على المؤلفات التراثية, وفي أدب السمر, وتاريخ الأدب بالذات, لدراسة التواصل والتثاقف الحضاري, بانتقال الأفكار, وتقابسها, وترحلها واستقرارها وتحولاتها" واستلهام التراث التاريخي والنقدي والسياسي, لقراءة القطائع والتحولات الحادة في التاريخ الثقافي العربي, وفي الحاضر الثقافي العربي.
    في المجال الأول, أخرج إحسان عباس كماً هائلاً من النصوص التراثية في شتى مجالات التدوين الثقافي العربي القديم. وفي ما عدا النصوص المتعلقة بالعلوم العربية (مثل الطب والهندسة والكيمياء) وعلم الكلام والفلسفة, ما ترك إحسان عباس مجالاً صغُر أو كبُر واتسع إلا وأصدر في نطاقه نصوصاً قديمة نشرت من قبل نشرات غير علمية أو لم تنشر. فقد أعاد نشر "وفيات الأعيان" لابن خلكان مثلاً, لكنه نشر للمرة الأولى "الذخيرة", لابن بسام. وقد أقبل في البداية على مشاركة زملائه وأساتذته - كما هو شأننا جميعاً في سن الشباب - في إخراج النصوص, من مثل "خريدة القصر" للعماد الأصفهاني (بالاشتراك مع أستاذيه أحمد أمين وشوقي ضيف), ومن مثل "فصل المقال في شرح كتاب الأمثال" (بالاشتراك مع عبد المجيد عابدين), ومن مثل "جوامع السيرة" لابن حزم الأندلسي (بالاشتراك مع ناصر الدين الأسد). ثم استقل منذ مطالع الستينيات بإخراج النصوص المحققة منفرداً مهما طالت أجزاؤها وتعددت, مثل "وفيات الأعيان" لابن خلكان, في ثمانية أجزاء (1968 - 1972), و"نفح الطيب في غصن الأندلس الرطيب" للمقري التلمساني (1968) في ثمانية أجزاء أيضاً, و"الذخيرة في محاسن أشعار أهل الجزيرة" لابن بسام الشنتريني (1974 - 1979) في ثمانية أجزاء أيضاً, و"التذكرة الحمدونية" لابن حمدون (بالاشتراك مع شقيقه بكر) (1-8, 1987), و"رسائل ابن حزم الأندلسي" (1-4, 1980 - 1983), و"الجليس الصالح الكافي" للمعافى بن زكريا النهرواني (1-3, 1987), و"معجم الأدباء" لياقوت الحموي (1993, في سبعة أجزاء), وأخيراً كتاب "الأغاني" لأبي الفرج الأصفهاني في خمسة وعشرين جزءاً بالاشتراك مع ابراهيم السعافين وبكر عباس (2002).
    أما المجالات الاستراتيجية - إذا صح التعبير - التي تابعها عباس في تحقيق النصوص ونشرها, فيمكن تلخيصها بالآتي:
    أولاً: المجال الأندلسي. وقد بدأه بنشر رسالة لابن حزم سنة 1955 في مكتبة الخانجي بالقاهرة. وهو لا يفرّق في النصوص الأندلسية بين الأدب والتاريخ والتراجم والنوادر. لكنه أمْيل إلى النصوص الأدبية الشعرية والنثرية. وحجته في ذلك, ليس الميل المزاجي فحسب, بل أيضاً لأن الدارسين الآخرين من المستشرقين الإسبان والمصريين والمغاربة, عُنُوا بالنصوص التاريخية, أكثر مما عُنوا بالنصوص الأدبية الأندلسية الشعرية والنثرية, لعسرها, والتباس أصولها. ظل إحسان عباس طوال حياته مهتماً بالأندلسيات, لكن أكثر إنتاجه التأليفي والتحقيقي فيها ظهر ما بين الخمسينات والسبعينات من القرن الماضي. اهتم بنثر ابن حزم, وسائر تآليفه, من نشر رسالة له سنة 1955, إلى جوامع السيرة سنة 1958, والتقريب لحد المنطق سنة 1959, وصولاً الى نشر رسائله كلها في أربعة مجلدات بين (1980 و1983), وإذا أمكن اعتبار الأمثال العربية من جنس النثر, فإن عباساً نشر أولاً (بالاشتراك) "فصل المقال في شرح كتاب الأمثال" لأبي عبيد البكري الأندلسي (1958, 1972), باعتبار الشارح أندلسياً, وان غلب على شرحه فقه اللغة, وليس النثر الفني. ثم أعاد نشر "نفح الطيب" للمقري, وهو موسوعة في أدب أهل الأندلس نثراً وشعراً وتراجم.
    بيد أن عباساً كان أكثر اهتماماً بالشعر في الأندلس وخارجها. وقد بدأ اهتمامه التحقيقي بالنشرات العلمية لدواوين الأندلسيين والصقليين, مثل: "ابن حمديس الصقلي (1960), والرصافي البلنسي (1960), والأعلى التطيلي (1963), والكتيبة الكامنة للسان الدين ابن الخطيب في أشعار الأندلسيين (1963), والتشبيهات من أشعار أهل الأندلس لابن الكتّاني (1966), وتحفة القادم لابن الأبّار (1986), ومعجم الشعراء الصقليين (1995)". على أن ذروة ما حققه عباس في مجال الشعر الأندلسي, كان ولا يزال كتاب "الذخيرة في محاسن أشعار أهل الجزيرة" لابن بسام الشنتريني" إذ يتضمن إلى التراجم أكبر مجموعات أو مختارات أشعار أهل الأندلس. وهذا العمل التحقيقي فريد في بابه من حيث الإتقان في قراءة الشعر, والتمرس بتمحيصه, وتحقيق نسبته, ومقارناته, مما لم يعرفه تاريخ الدراسات الأندلسية إلى اليوم.
    ثانياً: دواوين الشعر العربي المشرقي والنصوص النثرية العربية, مثل "ديوان لبيد بن ربيعة", الشاعر المعروف, وأحد أصحاب المعلقات (1962), و"شعر الخوارج" (1963), و"ديوان الصنوبري" (1970), و"ديوان كثير عزّة" (1971). وقد سألته لماذا اختص الشاعر المعروف بلقب القتّال الكلابي بجمع شعره ونشره (1961), على رغم عدم أهميته, فقال إنه أراد إجراء تجربة في جمع شعر شاعر عربي قديم ضاع ديوانه, من طريق العودة إلى المجموعات الشعرية القديمة التي تورد مختارات من شعر القدماء, وما كان راضياً عن التجربة, وإن عاد إليها في جمع شعر الخوارج, الذي أدخل عليه تنقيحات كثيرة في نشرات زادت على الخمس. ولا يمكن القول هنا, مثلما ذكرنا من قبل في نشر الأندلسيات والصقليات, انه حقق هذه الدواوين المذكورة كثيراً في كتابه العظيم عن نظرية الشعر ونقد الشعر, عند العرب. لكنني أعرف منه أن جمعه لشعر الخوارج اهتمام قديم لديه, يعود إلى عمله على النثر الديني لدى الحسن البصري (110هـ/1952), وقد أراد بعدها أن يتأمل هذا الإبداع بدوافع دينية, في الشعر, فجمع شعر الخوارج, من تقييدات وتتبع, كما كانت عادته, على مدى عقدٍ من الزمان (1952 - 1962).
    ثالثاً: كتب التراجم وموسوعاتها. وقد شغلت إحسان عباس لأعوام طويلة. بدأ ذلك بـ"نفح الطيب" الذي سبق ذكره, ضمن أولوية الأندلسيات لديه" لكن الاهتمام بالتراجم والسير - وهو الفن الذي اختص به المثقفون العرب على اختلاف فئاتهم حتى مطالع القرن العشرين - سايره على مدى أشمل في طِوال النصوص وقِصارها, من مثل "وفيات الأعيان" لابن خلّكان, وذيله "فوات الوفيات" لابن شاكر, وانتهاءً بـ"معجم الأدباء" لياقوت الحموي, الذي حقق كشفاً فيه عندما لاحظ أن مارغليوث خلط في نشره له بين كتابين من كتب ياقوت: "معجم الشعراء", و"معجم الأدباء". ورجع عباس في إعادة النشر إلى مخطوط ظهر في عمان.
    وقد أفصح يوماً عن سر اهتمامه بكتب التراجم" قال لي: إن النخبة العالمة في عصور الثقافة العربية الزاهرة, كانت تتأمل ذاتها ودورها أو أدوارها, من خلال تدوين التراجم والطبقات, باعتبار ذلك مرآة لها, وتعبيراً عن مرجعيتها في تحمل العلم وتداوله وتوارثه في بيئات مفتوحة, تستند تراتبيتها إلى التطوير والإنجاز. والواقع أن هذه الفكرة قديمة لدى الأستاذ عباس" فقد ظهرت في كتابه الصغير البالغ الدلالة: "فن السيرة", سنة 1956.
    رابعاً: كتب التاريخ ونصوصه. نشر إحسان عباس جزءين من كتاب "أنساب الأشراف" للبلاذري (1980), ضمن مشروع المعهد الألماني في بيروت لإعادة نشر الكتاب كله في تحقيق جديد. كما نشر الجزء الأول من "مرآة الزمان" لسِبط ابن الجوزي (1985). ونشر "الدلالات السمعية" للخُزاعي (1986), و"شذرات من كتب مفقودة" (1988). وكان يميز النص التاريخي الإسلامي في نصوص الطبقات والتراجم" بأن الأول جزء من مرجعية الدولة, بينما التراجم تعبير من جانب العلماء عن مرجعيتهم هم. وكان لديه اهتمام كبير بإعادة نشر كتاب "العِبَر" مع مقدمته طبعاً, لابن خلدون. وقد رأى دائماً أن نص ابن خلدون لم يُخدَم كما يجب, وكما يستحق. لكن مخطوطات "المقدمة والتاريخ" الكثيرة, والتي يصعب توفيرها وجمعها, حالت دون البدء بالمشروع. وقد كان مفتوناً إلى جانب ابن خلدون بالمؤرخ الأندلسي أبي مروان ابن حيان, وقد كتب دراسةً عنه, لكنه ما أقدم على نشر الأجزاء الباقية من تاريخه لأنه كان راضياً عن نشرات محمود علي مكي, وشالميتا.
    خامساً: كتب أدب السمر: والتسمية لي" فهي كتب تنتمي الى نوع أدبي أو جنس أدبي, تورد أقوالاً مأثورة واقتباسات وأشعاراً وخواطر شخصية, وفصولاً تاريخية, يدونها أديب موسوعي, مقسمة على أبواب وفصول, تضم ما يمكن تسميته اليوم: الثقافة العامة لدى النخبة العالمة العربية والمتعربة. وقد نشر عباس في نطاقها كتابين كبيرين هما: "التذكرة الحمدونية" (1983, 1997), و"الجليس الصالح" (1987).
    ولست أدري أين أضع كتاب "الأغاني", بين دواوين الشعر أو كتب أدب السَمَر" لكنّ نشرته له بالاشتراك في آخر عمره رحمه الله ما اعتمد فيها على مخطوطات جديدة, بل جدد في قراءة النصين النثري والشعري في آلاف المواطن. وقد تتبعت ذلك في تسعة أجزاء فتحققت من قدرة عباس وزميليه على تجاوز أربع نشرات للكتاب الكبير.
    لماذا هذا الاهتمام الموسوعي والنهضوي والنقدي" كل ذلك معاً, لدى إحسان عباس؟ وما هو معنى التحقيق والعناية بنشر مخطوطات التراث العربي, وما موقع إحسان عباس وجيله في هذه العملية؟ نشأ إحسان عباس, وتكوّن علمياً, بين الكلية العربية في القدس, وجامعة القاهرة, خلال دراسته بالقاهرة حدثت نكبة فلسطين. وفي كلا المواطنين كان هناك نزوع نهضوي مقرون بالمزيد من الإحساس بالهوية القومية, وبالانخراط في العالم في الوقت نفسه. ولو تأملنا جيل الأساتذة الذين درس معهم إحسان عباس, لتبين لنا أنهم كانوا يملكون التوجهات ذاتها, وإن اختلفت قدراتهم وكفاياتهم ومواطن تركيزهم ... يشترك هؤلاء في النزوعين النهضوي والإنساني, وفي الانفتاح على الكلاسيكيات اليونانية والأوروبية والعربية, في الوقت نفسه. ولكل منهم تقريباً أعمال تحقيقية في التراث العربي القديم, ودراسات حوله, وفي السياق نفسه إفادة من التيارات الجديدة في أوروبا ما بين الحربين. وكما عرف إحسان عباس وزملاؤه في الجامعة هؤلاء الأساتذة - ويبدو أن أحمد أمين كان الأقرب إلى قلب إحسان عباس بينهم - عرفوا أيضاً نخبة من كبار المستشرقين, ومن شبابهم, كانت تأتي إلى جامعة القاهرة للإفادة والاستفادة. انفتاح, ونهم معرفي, وهمٌّ نهضوي, وإيمان بالأمة ونهضتها, وانخراطها في العالم, واعتزاز بتراثها وحضارتها, وقدرتها على التواصل والتقدم والمشاركة والندية, والحساسية العالية التي أحدثتها لديه ولدى أبناء جيله المأساة في فلسطين. كل ذلك أفضى به وبآخرين كثيرين من زملائه وأبناء جيله إلى الاندفاع في التجديد العلمي والأكاديمي, وإلى الإقبال على إخراج نصوص التراث القديم, من أجل إعادة كتابة تاريخنا الثقافي بالمناهج الجديدة, ومن أجل تخليد تلك النصوص, باعتبارها جزءاً أساسياً في ماضينا السياسي والثقافي والرمزي
    أشهد أن لا أله ألا الله وأشهد أن محمد رسول الله
    أنا الأن أحفظ القران أدعوا لي أن الله يعينني على حفظ كتابه

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •