(1)
مناظرة بين واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد
كان واصل بن عطاء الغزالي طويل العنق جدا حتى عابه بذلك عمرو بن عبيد وذلك أنه لما حضر واصل يوم أراد مناظرة عمرو فراءاه عمرو من قبل أن يكلمه قال: أرى عنقا لا يفلح صاحبها فسمعه واصل، فلما سلم وجلس قال لعمرو: أما علمت أن من عاب الصنعة فقد عاب الصانع لتعلق ما بينهما؟ فاسترجع عمرو، وقال: لا أعود إلى مثلها يا أبا حذيفة، ثم ناظره واصل فقطعه.
راجع: الفهرست لابن النديم (1/209/ط دار المعرفة).
(2)
مناظرة بين أبو الحسن الأشعري وأبو علي الجبائي
يقال إن أبا الحسن المذكور سأل أستاذه أبا علي الجبائي عن ثلاثة إخوة: أحدهم كان مؤمنا براً تقيا، والثاني كان كافرا فاسقا شقيا، والثالث كان صغيرا، فماتوا فكيف حالهم فقال الجبائي: أما الزاهد ففي الدرجات، وأما الكافر ففي الدركات، وأما الصغير فمن أهل السلامة، فقال الأشعري:
إن أراد الصغير أن يذهب إلى درجات الزاهد هل يؤذن له فقال الجبائي: لا، لأنه يقال له: إن أخاك إنما وصل إلى هذه الدرجات بسبب طاعاته الكثيرة، وليس لك تلك الطاعات، فقال الأشعري: فإن قال ذلك الصغير: التقصير ليس مني، فإنك ما أبقيتني ولا أقدرتني على الطاعة، فقال الجبائي: يقول الباري جل وعلا: كنت أعلم أنك لو بقيت لعصيت وصرت مستحقا للعذاب الأليم، فراعيت مصلحتك، فقال الأشعري: فلو قال الأخ الكافر: يا إله العالمين، كما علمت حاله فقد علمت حالي، فلم راعيت مصلحته دوني فقال الجبائي للأشعري: انك لمجنون فقال لا بل وقف حمار الشيخ في العقبة فانقطع الجبائي وهذه المناظرة دالة على أن الله تعالى خص من شاء برحمته، وخص آخر بعذابه، وأن أفعاله غير معللة بشيء من الأغراض؛ ثم وجدت في تفسير القرآن العظيم تصنيف الشيخ فخر الدين الرازي في سورة الأنعام: أن الأشعري لما فارق مجلس الأستاذ الجبائي وترك مذهبه وكثر اعتراضه على أقاويله عظمت الوحشة بينهما، فاتفق يوما أن الجبائي عقد مجلس التذكير، وحضر عنده عالم من الناس، فذهب الأشعري إلى ذلك المجلس، وجلس في بعض النواحي مختفيا عن الجبائي، وقال لبعض من حضره من النساء: أنا أعلمك مسألة فاذكريها لهذا الشيخ، ثم علمها سؤالا بعد سؤال، فلما انقطع الجبائي في الأخير رأى الأشعري، فعلم أن المسألة منه لا من العجوز؛ ورأيت في كتاب المسالك والممالك لابن حوقل في فصل خوزستان أن جبى مدينة ورستاق عريض مشتبك العمائر بالنخل وقصب السكر وغيرهما. قال: ومنها أبو علي الجبائي الشيخ الجليل إمام المعتزلة ورئيس المتكلمين في عصره.
راجع: وفيات الأعيان لابن خلكان (4/269)
(3) .
مناظرة أبي الهذيل العلاف ليهودي في نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية" (4/101/ط مجمع الملك فهد): يذكر عن أبي الهذيل العلاف أنه قال: دخلت دار النظر وفيها يهودي قد ناظر قوماً من المتكلمين في نبوة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لهم: ألستم توافقوني على أن موسى رسول الله،
فقالوا بلى،
قال: وأنا أخالفكم على أن محمداً رسول الله، والمتفق على نبوته خير من المختلف في نبوته أو نحو هذا الكلام،
قال فقلت: تعالَ ناظرني،
قال: قد انقطع شيوخك معي،
فقلت: ناظرني فأعاد حجته،
فقلت له: من موسى الذي وافقتك على نبوته؟ أموسى بن عمران الذي أنزل الله عليه التوراة التي فيها خبر محمد صلى الله عليه وسلم، وموسى الذي بشر بمحمد صلى الله عليه وسلم، وأخذ الله عليه الميثاق ليؤمنن به ولينصرنه، وأخذ الميثاق على قومه ليؤمنن به ولينصرنه، أم موسى الذي قال تمسكوا بالسبت ما دامت السموات والأرض، وذكر أن شريعته لا تنسخ أبداً، أما الأول فإني أوافقك على نبوته ونبوته مستلزمة لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وأما الثاني فلا أؤمن به، ولا أوافقك على نبوته.