المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عبد الله القرشي
أوافقك أخي أبا بكر على أن الإعجام كان منتشرًا ومعمولًا به وقتها، ولكن لا يخفى عليك أن هناك كثيرًا من العلماء بله النساخ ممن يُهملون الحروفَ في كتاباتهم، ويكاد يغلب عليهم ذلك، ومن هؤلاء العلماء: برهان الدين سبط ابن العجمي، وكذا ابن المحب الصامت، والحافظ ابن حجر، بل والذهبي أيضًا في بعض كتاباته، وغيرهم كثير.
وعلى الرغم من هذا، فإنهم يقيدون الكلمات المشكلة في القراءة بعلامات الإهمال ولا يتركونها هملًا، كالمثال الذي ضُرب بالأعلى وهو كلمة "صخر"، فيكتبونها هكذا: "صحر" لأنها لا تشتبه في مجال الأسماء بشيء آخر، اللهم إلا صحر بنت لقمان، فإذا جاءت هذه فيرسمون تحت الحاء في كلمة "صحر" صورةَ حاءٍ صغيرة؛ ليدللوا على أن هذا الحرف مهمل، وإلا فالأصل فيه إعجامه لشدة جلائه وعدم اللبس فيه، أما إذا كانت الكلمة مشتبهة في الرسم مع كلمة أخرى، فإنهم يعجمون الحرف حتى لا يشتبه في القراءة، أو يقيدونه بالعبارة كما تفضل أخونا الشافعي بالبيان.
وهذا كما تعلمون أمر فاشٍ في كثير من المخطوطات القديمة، سيما مخطوطات الحديث والمحدثين، وهو من أدل الأدلة على سبق المحدثين والعلماء إلى التحري الشديد في معاملة النصوص، والدقة البالغة في ضبطها، لا ما يزعمه أولئك النفر من المستشرقين من ادعاء سبقهم إلى هذا، وأن لهم الفضل في وضع مناهج لذلك.
وبالنسبة لأصل المسألة، فكما تفضل أخونا العتيبي أن الرمز (ق) أتى من نسبة ابن ماجه الـقـزويني، ويحتمل الأمرُ العلةَ التي ذكرها الصلاحُ الصفديُّ، وهي علةٌ وجيهةٌ، كما أود أن ألفت الانتباهَ أن دأبَ المحدثين في كتبهم الاصطلاح على ابن ماجه بالرمز (ق)، وهناك مذهب لبعض العلماء يجعل الرمز (ق) علامة للمتفق عليه ويحلون محله لابن ماجه رمز (هـ)، أما الأولون فإذا أرادوا ذكر المتفق عليه قالوا: رواه البخاري ومسلم (خ ، م). وهناك مذهب آخر كما تفضل الشيخ الحمراني حفظه الله باصطلاح رمز (جه) عليه، والأخيران ليس عليهما عمل أئمة الحديث، والله أعلم.
أعتذر على الإطالة، وما أحببت إلا المذاكرة،
وقد أرفقت لك صورًا توضح لك ما أردتُ، وإن كنتُ
لم أفهم مقصدك أخي الكريم أبا بكر فليتك تبسط لي عبارتك،
وفقنا الله جميعًا للخير والصلاح، وزادنا من العلم والنافع، والعمل الصالح.