هو محمد أبو الفضل إبراهيم المصري، علاَّمة، أديب، من شيوخ فنّ التحقيق والبحث العلمي الكبار بمصر في العصر الحديث.
ولد بصعيد مصر سنة (1322هـ= 1905م) وحفظ القرآن الكريم وهو في سن مبكرة، وتعلم ببلدته وبالأزهر، والتحق بدار العلوم بالقاهرة وتخرج منها سنة (1354هـ= 1934م) ومارس التعليم، وتدرج في الوظائف إلى أن صار مديراً للقسم الأدبي بدار الكتب المصرية، ثم مديراً للشؤون المكتبية فيها، ثم رئيساً للجنة إحياء التراث بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وعضواً في لجنة إحياء التراث في المجلس الأعلى للفنون والآداب والعلوم الاجتماعية بالقاهرة. وكانت له ندوة تعقد في بيته كل أسبوع. وكان متواضعاً وعلى خلق كريم، يأخذ بأيدي طلبة العلم ويحثهم على الجد والاجتهاد والعمل في كنوز الأجداد وإحيائها بإخراجها محققة مدققة مفهرسة، وكان مقصوداً من طلبة الدراسات العليا في منزله ومكتبه يستعينون به على الوصول إلى غاياتهم من أقرب سبيل، وقد كانت له جهود مشكورة في تحقيق وإخراج العشرات من نفائس كتب التراث بنفسه مستقلاً وبالاشتراك مع آخرين، منها "إنباه الرواة على أنباء النحاة" للقفطي، و "تاريخ الرسل والملوك" للطبري "وذيوله" و "شرح نهج البلاغة" لابن أبي حديد، و "شرح مقامات الحريري" للشريشي، و "الكامل في الأدب" للمبّرد، و "درّة الغواص في أوهام الخواص" للحريري، و "الفائق في غريب الحديث" للزمخشري، و "طبقات النحويين واللغويين" للزبيدي، و "ديوان امرئ القيس" و "الوساطة بين المتنبي وخصومه" و "ثمرات الأوراق" لابن أبي حجلة، و "المزهر في علوم اللغة" و "مجمع الأمثال" للميداني، و "المحاسن والمساوئ" للبيهقي، و "تاريخ الخلفاء" للسيوطي، و "ثمار القلوب في المضاف والمنسوب" للثعالبي، و "الاتقان في علوم القرآن" للسيوطي، و "جمهرة الأمثال" للعسكري.. وخلَّف مؤلفات عدة ذوات صبغة تراثية صرفة اشترك في تأليفها مع عدد العلماء والمحققين الكبار، منها "أيام العرب في الجاهلية" و "أيام العرب في الإسلام" و "قصص القرآن" و "قصص العرب"، وانتقده البعض لتسرعه في إخراج بعض المصنفات التراثية قبل أن تنال حقها من التدقيق والتصحيح ولا سيما في أواخر عمره. وبالجملة فقد كان نادرة من نوادر الدهر علماً وخبرة وفضلاً، وله أياد بيضاء على المكتبة العربية الإسلامية وعلى المشتغلين فيها. مات بالقاهرة سنة (1401هـ = 1981م) فحزن على فقده أصحابه وطلابه والمشتغلون بالعلم في مصر والعالم الإسلامي وشعروا بالفراغ الكبير الذي خلفه برحيله عن الدنيا، رحمه اللَّه برحمته الواسعة وأسكنه فسيح جنانه وجزاه عن طلبة العلم من المسلمين كل خير.
جريدة الاسبوع الادبي العدد 705 تاريخ 22/4/2000