تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: الأمة الإسلامية من التبعية إلي الريادة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    137

    Post الأمة الإسلامية من التبعية إلي الريادة

    الأمة الإسلامية من التبعية إلي الريادة
    تأليف
    محمد محمد بدري
    إهداء:
    إلي الطليعة المؤمنة التي عزمت العزمه،ومضت في الطريق تسعي لانتشال الامه الاسلاميه من مؤخره القافلة البشرية والانطلاق بها إلي قياده تلك القافله.
    محمد محمد بدري
    المقدمة
    إن الحمد لله ،نحمده ونستعينه،ونستغف ره ونستهديه ،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ،ومن يضلل فلا هادي له،وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له،وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلي الله عليه وعلي آله وأصحابه ومن سلك سبيله وأهتدي بهداه وسلم تسليما كثيرا.
    أمّا بعد:
    فان المسلم الذي يري الحياة من خلال واقعه، وليس من خلال أمانيه،لابد أن يري أن "واقع"الأمة الاسلاميه اليوم هو مصداق قول رسول الله صلي الله عليه وسلم:"يوشك أن تداعي عليكم الأمم كما تداعي الأكلة إلي قصعتها" ، قالوا:أمن قله يومئذ يا رسول الله ؟ قال :"بل انتم يومئذ كثير،ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ولينزعن الله المهابة من صدور أعدائكم ، وليقذفن في قلوبكم الوهن" ، قالوا :وما الوهن يارسول الله ؟ قال :"حب الدنيا وكراهية الموت"أخرجه أحمد وأبو داود
    فقد أصبحت الأمة الإسلامية "غثاء" من النفايات البشرية الخاوية ، تعيش علي ضفاف مجري الحياة الإنسانية كدويلات متناثرة ومتصارعة تفصل بينها حدود جغرافيه ونعرات قوميه مصطنعه ، وتعلوها راية "الوطنية"، وتحكمها قوانين الغرب العلمانيه،تدور بها "الدوامات" السياسية فلا تملك نفسها عن الدوران ولا تختار حتى المكان الذي تدور فيه!!
    لقد قذف الله في قلوب المسلمين "الوهن" فأصبحت أمتهم تخاف من تكاليف الحرية ومجابهه الظلم في الداخل،وتجبن عن صد الغزاة في الخارج،فتداعت عليها الأمم ،وأحاط بها الأعداء الذين أوصلوها إلي مرحله " القصعة المستباحة" التي أنذرها إياها رسول الله صلي الله عليه وسلم.
    وهكذا بعد أن كانت الأمة الإسلامية ــ يوما من الأيام ــ تحتل مكانها في قياده البشرية ، صارت تزحف وراء غبار الركب البشري في "تبعية" ذليلة تضيع معها الذاتية ويتحول أصحابها إلي "خدم" للآخرين!!!
    ولا ريب أن هذا الحال تؤرق أكثر المسلمين وتقض مضاجعهم ، فتقفز إلي أذهانهم أسئلة كثيرة : كيف نخرج بأمتنا من أزمتها ، وننتقل بها من الاستضعاف إلي التمكين ؟ ومن التبعية إلي الرياده ؟
    كيف نرفع "غثاء" الأمة الإسلامية من حضيضه الذي يعيش فيه ليعود كما أراد الله ** خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}؟
    ولكي نكون قادرين علي تحديد الجواب الكافي لكل هذه الأسئلة ، لابد أن نؤمن أن واقعنا الذي نعيشه اليوم لا يخرج عن أن يكون نتيجة طبيعيه للمقدمات التي صغناها بأيدينا ، وأن نزول الأمة الاسلاميه من عليائها إلي هذا الدرك من الذل والهوان الذي وصلت إليه اليوم كل ذلك إنما حدث وفق سنن ربانيه لا تحابي أحدا من الخلق مهما زعم لنفسه من مسوّغات المحاباة؟!
    ومن ثم ، فان عوده الأمة الإسلامية إلي الرياده البشرية من جديد تخضع لذات السنن الربانية التي لا يجدي معها "تعجّل" الأذكياء أو "أوهام" الأصفياء ، والتي تربط النجاح في الوصول إلي الأهداف بالوسائل الموصلة إليها ، وليس بأمور سحريه غامضة الأسباب وتجعل المنتصر في أمور الدنيا هو من يملك إلي أهدافه "منهاجا واضحا" يوصّل إليها ، سواء كانت أهدافه سليمة أم لا .
    **كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُوراً }الإسراء 20
    ومن هنا ، فقد مسّت الحاجة إلي "منهاج محدد" يغطي كافه المراحل التي بها الأمة الاسلاميه حتي النصر والتمكين وقياده البشريه يغطي كل ذلك بالاستراتيجيه والتخطيط والمعرفة.
    ولأن واقع الأمة الاسلاميه اليوم هو واقع أمه ماتت أو كادت أن تموت،فان المنهاج المنشود لتغيير هذا الواقع ،لابد أن يكون منهاج"إحياء شامل"يجد للامه أمر دينها علما وعملا ودعوه وجهادا حتي تسترد عافيتها وتدرج علي طريق الرشد من جديد.
    ولكي يظهر في الأمة ذلك المنهاج للإحياء الإسلامي،لابد من" معالم" مرشده ،توفر الجهود وتطلق الطاقات تحكم خطي الأمة وتوجه سير أفرادها.
    لابد من معالم في طريق الإحياء الإسلامي : حتي لا نبتعد عن الإسلام "وسيله" ونحن نتجه إليه "هدفا" ،وحتي نجمع إلي "إخلاصنا" ، " الاستراتيجيه الصائبة " فتثمر جهودنا في الدنيا ، ويقبلها الله في الآخره.
    لابد من معالم في طريق الإحياء الإسلامي : حتي لا نبقي نتطلع إلي قياده البشرية كما يتطلع "الحالمون" إلي أحلامهم من بعيد ، دون أن يملكوا السبيل إلي تحويلها إلي "واقع" حيّ ثابت.
    وعلي طريق بيان هذه المعالم ، كتبت هذا البحث الذي أستمد أفكاره من القرآن والسنة ، ومن طروحات أهل السنة والجماعة المتميزة حاضرا وماضيا ، ومن مبدأ "التجديد" و "الإحياء" المعروف في التاريخ الإسلامي .
    وأحاول فيه أن أرسم معالم الميدان الذي أود أن تتضام فيه جهود المسلمين في إصرار علي الانتصار للإسلام ، لا يطفئ غلتهم فيه إلا أن يروا حكم الله قائما ، وأمة الإسلام تقود البشرية.
    ولا أزعم لنفسي العصمة ، ولا أدعي لها الاحاطه ، وكلي رجاء أن أجد في وعي الأخوة القراء الفكر الناقد الذي يواجه القراء بروح "نافذة " تهدف إلي إثراء أفكار البحث ، وتعميق معالجتها ، وتدقيق طرحها.
    فليكن هذا البحث "دعوه" لكل فقهاء الصحوة الاسلاميه من الدعاة القادرين والقادة المخلصين ، إلي مزيد من إمعان الفكر وتدقيق النظر حول "منهاج إحياء" الأمة الإسلامية الذي يخرجها الله من التبعية إلي الريادة.
    وليكن هذا البحث " نقطه البدء " للذين سوف يختارهم الله لصياغة "المشروع الحضاري الإسلامي" الذي يتنزل فيه الإسلام علي واقع الحياة فيغطي مختلف جوانبها التي تحكمها اليوم مشروعات "وضعيه" تناقض الاسلام.
    أسأل الله عز وجل أن يجعل عملنا خالصا صائبا ، وخالصا لوجهه الكريم صائبا وفق كتابه وسنه نبيه صلي الله عليه وسلم.
    ورحم الله أخا قرأ فدعا لي بظهر الغيب ، أو وجد عيبا فأصلحه.
    والله المستعان وعليه التكلان ، ولا حول ولا قوه إلا بالله العلي العظيم.
    والحمـــــد لله رب العـــالمــــين
    (دين الإسلام: أن يكون السيف تابعاً للكتاب، فإذا ظهر العلم بالكتاب والسنة وكان السيف تابعاً لذلك: كان أمـــر الإسلام قائماً..)مجموع الفتاوى، جـ20، ص393.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    137

    افتراضي رد: الأمة الإسلامية من التبعية إلي الريادة

    الباب الأول
    الفرقان الاسلامي وانطلاقه الإحياء
    ويشتمل علي أربعه فصول:
    الفصل الأول : حتي يغيروا ما بأنفسهم
    الفصل الثاني : الأفكار أساس التغيير
    الفصل الثالث : تصحيح الأفكار والمفاهيم
    الفصل الرابع : إقامة الفرقان الإسلامي
    الفصل الأول
    حتي يغيروا ما بأنفسهم

    يخضع إحياء أمة من الأمم أو حماية مجتمع ما لسنن ربانية جارية تنطبق علي الأمة الإسلامية كما تنطبق علي غيرها من الأمم ، وكل من يريد بناء مجتمع وإحياء أمة إذا لم يسر وفق هذه السنن ولم يفقه عوامل الهدم والبناء فلن يتمكن من إحياء هذه الأمة أو بناء ذلك المجتمع ،وسيخر صنيع السنن الربانية الجارية التي لاتحابي أحدا!!
    انه" لا شيء في هذا العالم يحدث اعتباطاً ، ولا يمكن أن يحدث شيء واحد في حياه البشر اعتباطاً ،إنما يجري كل شيء في حياه البشر حسب سنة الله التي لا تتخلف ولا تحابي أحداً من الخلق**فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً }-فاطر 43"(1) وهيهات أن يجدي (تعجل) الأذكياء أو (أوهام) الأصفياء مع سنن الله الجارية ،فسنن الله غير قابله للتغيير ولا تحابي أحداً من الخلق مهما زعم لنفسه من مسوغات المحاباه.
    "ومن سنن الله أن البشر يتحملون مسؤوليتهم في الرّقيّ والانحطاط ، فالتغيير يبدأ من النفس سواء بالارتقاء والارتفاع إلي أعلي أو بالانتكاس والهبوط إلي أسفل"(2) وقد طرح القرآن أن الحد الإيجابيّ لهذا التغيير بقول الله عز وجل : ** إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ } الرعد11 وطرح حدّه السلبي بقوله سبحانه : **ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } الأنفال53
    "لقد أنعم الله علي الأمة الإسلامية بالتمكين والاستخلاف والتأمين ، وفتح عليها بركات من السماء والأرض كما وعد المتقين **وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَن َّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنّ َ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنّ َهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئا } النور55 ، وقال سبحانه ** وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ } الأعراف96 ثم تغير الحال من الاستخلاف والتمكين والتأمين إلي الذل والضعف والهوان والتشريد والتنكيل والتقتيل حين صاروا إلي الصورة التي أنذرهم بها رسول الله صلي الله عليه وسلم وحذرهم منها " يوشك أن تداعي عليكم الأمم كما تداعي الأكلة إلي قصعتها " قالوا أمن قله نحن يومئذٍ يا رسول الله قال : " أنتم يومئذٍ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل)أخرجه أحمد" (3)
    إن رسول الله صلي الله عليه وسلم في هذا الحديث " يقرأ التاريخ قبل أن يقع ، ويحذّر من الوقوع فيه ، علي أساس أن الأمر علي نظام وسنن ، سواء في الوقوع في القصعة المستباحة أو الخروج منها " (4) وما كان تأخر الأمة الإسلامية حضارياً وعسكرياً وسياسياً واقتصاديا إلا بعد أن فسد تصورها ، وتبدّل سلوك أفرادها فاستحقت أن يغير الله ما بها مما أعطاها إياه من النعم التي لم تقدرها ولم تشكرها ، فما حدث لها هو انطباق لسنه الله عليها حين عرضت نفسها لها "والإنسان حين يعرض نفسه لسنه الله لابد أن تنطبق عليه مسلماً كان أو مشركاً،ولا نتخرق محاباة له" (5)
    وإذن فسواء شئنا أم أبينا " فنحن ــ أولاً وأخيراً ــ مسؤولون عن هزائمنا ، وتخلفنا الحضاري ومرفوضة كل محاولة تسعي إلي اتخاذ ممارسات الأمم الأخرى مشجباً لتعليق هذه الهزائم وتبريرها" (6)**قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ} ــآل عمران165 بل كل من يحاول أن يزحزح مسؤوليتنا عن عاتقنا ليضعها علي كاهل الغير ، هو في الحقيقة يلحق بنا الضرر ويؤخر خروجنا من مرحله (القصعة ) التي وصلنا اليها.
    إن بداية الخروج مما نحن فيه ، هو أن نخرج من نطاق التعميمات والشعارات والاقتصار علي التوجه صوب (الآخر) ، والإلقاء بالتبعة عليه ، لنضع أيدينا علي الأسباب الحقيقية التي هيأت الأمة ( للإصابة) فإذا فعلنا ذلك كانت هذه هي الخطوة الأولي والحاسمة التي توقفنا علي الأرض التي تسمح برؤيه الأشياء علي حقيقتها ، ومواجهة مشاكل الواقع من خلال سنه الله الربانية في تغيير النفس والمجتمع ، والتي تقرر أن التغيير إلي الأفضل أو الأسوأ لا يحدث إلا إذا سبقه تغيير جماعي يقوم به ( القوم ) لما بالأنفس من أفكار ومفاهيم واتجاهات " فيغير الله ما بهم وفق ما صارت إليه نفوسهم وأعمالهم وتنفذ فيهم سنته بناء علي تعرضهم لهذه السنة بسلوكهم "(7)
    إن سنه الله وشرعة السماء (غيّر نفسك تُغَيّر واقعك) ولكنها ليست سنه (فرد) وإنما سنة (مجتمع) و( أمة) ، بمعني أنه وإن كان التغيير ينصب علي الذات في إطارها الفردي بالدرجة الأولي ، لكنه لا يؤتي ثماره المرجوة إلا إذا انسحب علي الأمة والقوم ، فالله عز وجل يقول : ** إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا
    بِأَنْفُسِهِمْ }ـــ الرعد11 فالآية تربط التغيير بتغيير ما (بقوم )و (أمة) وليس فرداً واحداً(8)
    وهذا هو مافعله الإسلام يوم جاء من عند الله فإنه " لكي ينشئ الإسلام الواقع الجديد – الذي ارتضاه الله للبشر ــ ولكي يغير الواقع الجاهلي الذي يعبد الناس فيه بعضهم بعضا، ثم لكي يقيم الضمانات دون ارتداد البشرية في طور من أطوارها إلي الجاهليه لم يكن بد أن يغيّر تصوراتها الجاهلية ،وينشئ لها تصوراً آخر ربانياً ،يقوم عليه واقعها –أو بتعبير أصح وأدق ينبثق منه واقعها "(9)
    لقد كانت خطوة هذا الدين الأولي في سبيل إحياء الأمة الإسلامية هي تغيير لما بالأنفس غايته هجر الأفكار والثقافات والقيم الخاطئة بكل موروثاتها الصنمية ، إلي الإسلام بقيمته التوحيدية ،ولم يكتف صحابه رسول الله صلي الله عليه وسلم بالالتفاف حول صاحب الدعوة" بل جاهدوا أنفسهم حتي تتغير وتتلاءم وطبيعة هذه الدعوه وكان نطق الواحد منهم بالشهادتين بمثابة ولادة جديدة له ، فكان علي أعتاب الدخول في الإسلام ، يخلع عنه كل ماضيه ليرتدي حله الإسلام ، التي تصوغ نفسه صياغة ربانيه وبمثل هذا التغيير الذي حدث في نفوس السلمين الأوائل ، حصل التغيير الحضاري ، الذي لم تشهد البشرية مثيلاً له ، لا قبله ولا بعده والسبب أن هذا التغيير يساير السنة التي فطر الله عليه أمور خلقه ، والتي بينتها الآية الكريمة في قول الله تعالي : ** إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ } ــالرعد11 ـــ فعندما تغيرت تلك النفوس بالإيمان ، غيّر الله مابها من جاهليه ، وخلّصها من ربقة القبلية الضيقة الشقية إلي آفاق الأمة الموحدة المتكاملة" (10)
    إن التغيير ليس هديه تُعطي ، ولا غنيمة تُغْتصب ، وإنما هو نتيجة حتمية للقيام بتغيير ما بالأنفس ، فهما متلازمان ولا يتغيّر واقع الأمة إلا تغير ما بأنفس أفرادها " تغييراً يمتد إلي كافه المساحات وسائر المكونات النفسية الأساسية : العقلية والروحية والجسدية ، وكل العلاقات والبني الداخلية مع الذات ومع الآخرين ، والتي تمكن الجماعة المسلمة من مواجهه حركة التاريخ " (11) فإذا أردنا تغيير واقعنا الذي نشكو منه ، وإذا أردنا إحياء الأمة الإسلامية فإن السبيل إلي ذلك هو تصفيه أفكارنا وإطارنا الخلقي مما فيه من عوامل ( قتّالة) و ( ورمم ) لا فائدة منها حتي يصفو جو الأمة للعوامل ( الحيّة) والداعية للحياة ، والتي بها يتم إحياء الأمة
    وإذا كنا نرغب في تطبيق الإسلام في دنيا الواقع ، وتحكيم الشريعة الربانية في ظل دوله الإسلام ن فإن هذه الدولة يرتبط وجودها بسنن الكون وأسبابه ، ولابد من جمع أسباب تلائم طبيعة هذه الدولة المنشودة "فإذا تجمعت هذه العوامل ولأسباب وتفاعل بعضها مع بعض وعلا شأنها وقوي أمرها بعد مراس وصبر عظيم ، حتي لتكاد تندفع اندفاع السيل ، لم يبق في مُكنة نظام آخر أن يقوم في وجه المجتمع الذي تولّد من تفاعلات تلك الأسباب والعوامل،فحينذا ك يحل محله النظام المنشود الذي سعت في إيجاده وتكوينه تلك الأسباب القوية والعوامل المؤثرة النافذة ،فمثله كمثل بذره تعيش إلي ما شاء الله في باطن الأرض ثم تخرج علي وجه الأرض شجره تنمو وتكبر حتي تصير باسقة وتثمر من الثمار ما تنزع إليه بنيتها الفطرية" (12)
    إن من الأهمية بمكان أن نقوم بعمليه تغيير ما بالأنفس وفق منهج واضح يحيط بما ينبغي تغييره ،والزمن الذي يحتاج إليه التغيير إذا استخدمت الإمكانيات بكفاءة ،فإذا فعلنا ذلك تغيّر ما بنا من أزمات سياسيه واجتماعيه واقتصاديه ،وخرجت أمتنا من التبعية إلي الرياده ومن الاستضعاف إلي التمكين ومن الفرقة والضعف إلي الائتلاف والقوة.
    وبكلمة :
    إن تغيير ما بأنفس الأفراد هو الشرط الجوهري لكل تغيير للمجتمع ولأمه ،ولن يكون هناك سحر يمحو ضعف أمتنا وتخلفها في لحظات ويبدلهما تقدماً وقوه ،إنما هناك سنن ربانيه تقوم عليه حياه الناس في الأرض وليس من السنن الربانية أن نفسد ديننا ثم نقول :يارب يارب إنما لابد من تغيير ما بالأنفس من أفكار ومفاهيم واتجاهات ،ولن تنجو أمتنا من التبعية والاستضعاف والفرقه ،إلا إذا نجت نفوس أفرادها من أن تتسع للتبعية ،وتخلصت من تلك الروح التي تؤهلها للاستضعاف
    ولكي لانكون مستعبدين ومستضعفين ،يجب أن نتخلص من القابلية للاستعباد والاستضعاف ، وهذا هو المنهج الصحيح للتغيير،والذي أضاءته بنورها تلك الآية الكريمة:
    ** إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ }
    ثبت المراجع
    (2) منهج كتابه التاريخ الإسلامي-محمد السلمي ص64
    (4) حتي يغيروا ما بأنفسهم – جودت سعيد ص 101
    (6) العقل المسلم والرؤية الحضارية عماد الدين خليل ص 52
    (8) كتب الأستاذ جودت سعيد رسالة بعنوان"حتي يغيروا ما بأنفسهم" ركّز فيها بحث تغيير المجتمعات فراجعها إن شئت
    (10) أزمتنا الحضارية في ضوء سنة الله في الخلق-د أحمد كنعان ص 157
    (11) العقل السليم والرؤية الحضارية- د عماد الدين خليل ص 43
    (12) العقل السليم والرؤية الحضارية- د عماد الدين خليل ص 43 .
    (دين الإسلام: أن يكون السيف تابعاً للكتاب، فإذا ظهر العلم بالكتاب والسنة وكان السيف تابعاً لذلك: كان أمـــر الإسلام قائماً..)مجموع الفتاوى، جـ20، ص393.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    109

    افتراضي رد: الأمة الإسلامية من التبعية إلي الريادة

    جزاك الله خيرا
    أخانا محمد
    تسعدنا زيارتكم لموقع الشيخ العلامة أبي أويس محمد بن الأمين بوخبزة الحسني المغربي...
    /http://www.bokhabza.com/

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    137

    افتراضي رد: الأمة الإسلامية من التبعية إلي الريادة

    شكر الله لك ،علي مرورك أخي عالي الهمة .
    (دين الإسلام: أن يكون السيف تابعاً للكتاب، فإذا ظهر العلم بالكتاب والسنة وكان السيف تابعاً لذلك: كان أمـــر الإسلام قائماً..)مجموع الفتاوى، جـ20، ص393.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •