تعرف على الإمام الألباني رحمه الله .

الشيخ الألباني علم على نار، ولن أدخل في ذكر سيرته، فسيرته العطرة مبثوثة يعرفها القاصي والداني ..

ولكن سأقف اليوم معكم على أكمة رقِيها الإمام الألباني ببسالة ، تِلكم الأكمة "العمل لله"، نحسبه كذلك ولا نزكي على الله، وما قبوله بين الناس وانتشار علمه إلا أمارة ذلك .

وقِف معي على هاتين القصتين :

جاء إليه أحد الإخوة من بنجلادش وقال للشيخ هناك أربعة ملايين أخ وَدُّوا لو رأَوْك وسمعوا كلامك ، فتأتي إليهم وتجلس معهم أسبوعا .. تفيد طالبَهم وتعلِّم جاهلَهم ، وقد هيئوا لك مَلعبا كبيرا يسع لعدهم الهائل ..

فما كان من الشيخ إلا أن رد هذه الدعوة واستنكف من المجيء !
فدُهش الداعي وتعجب الناس منه ؟
فقال : ياشيخ طيب ثلاثة أيام وترجع من حيث أتيت مشكورا .
قال : ولا هذه !
قال : فيوم !
فأبى الشيخ ..
إلى أن قال ياشيخ : تلقي المحاضرة وترجع بالطائرة نفسها .
فما كان من الشيخ إلا الرفض والإصرار على ذلك ..
فذهب هذا الرجل كسيفا أسيفا
فقال له من حوله : ياشيخ كيف ترفض هذه الدعوة ؟ وما سبب ذلك ؟ لقد فعلت أمرا عجبا ورددت خيرا عظيما !
فهز الشيخ رأسه وقال : ألم تسمع ما يقول ؟ يقول أربعة ملايين ! وهل ءامن على نفسي الرياء أمام هؤلاء !

وسأدَعكم كي تسبحوا في دراسة هذا الموقف وتعتبروا !!
وهل هذا شأن الشيخ في أحواله كلها ؟

تعالوا إلى الموقف الآخر حتى تنظروا إلى صورة الشيخ من جهات شتى !

حدثني اليوم أحد المقربين من الشيخ وكانت له مع الشيخ جلسات ومداعبات …
يقول : أحببت أن يزورني الشيخ إلى بيتي ، وحتى لا ترد دعوتي ذهبت إلى الشيخ نفسه ولم أدخل بواسطة .
فهاتفته وقلت : ياشيخ هلا تزورني وتشرفني في البيت ؟ فلدَيَّ ثُلَّة من الشباب الصالحين يتمنَّوْن أن يكحلوا أعينهم برؤياك .
فقال الشيخ : مرحبا ، وأنا ملبٍ دعوتك فاتَّصِل على فلان وحَدِّثه بالأمر فهو المنسق .
يقول هذا الأخ : فاتصلت بالمنسق وقلت له جواب الشيخ .

فقال المنسق : أنت تعرف منهج الشيخ ، فلا تُكثر عليه من الإخوة والشباب بل اقتصر على العدد القليل .
يقول الأخ : فأنعَمْت على المنسق وقلت له لا تقلق لهذا الأمر .
فما كان من هذا الأخ إلا أن دعى أكثر من مئتي نفس أعلم بعضهم ولكن عند سماع الناس الخبر انتشروا وتحَلَّقُوا حول الشيخ كالسِّوار .
وبعد انتهاء الجلسة وسؤالهم للشيخ عن مسائل من العلم والدين تفرقوا ورجع الشيخ إلى بيته متعجبا من عددهم الكبير .

فاتصل الشيخ الألباني- رحمه الله- بهذا الأخ وقال :
يا أخي هل كل هؤلاء تعرفهم ؟
قال : ياشيخ هؤلاء كلهم في ميزانك محبون لك ، وقد جعلوك شيخا لهم وأستاذا فهل تريد أن أقتصر على القليل منهم كما قال لي المنسق !
قال الشيخ : لا ، ولو كانوا في المرة القادمة خمسمئة !

فانظر إلى هاتين الحادثتين ترى الرجال الذين يفرون من الشهرة فتتبعهم ، يفرون منها إن خافوا منها ووجلوا ، ويسعون إليها من غير حرص إذا رأوا في ذلك خدمة للدين !