يوسف أبا الخيل كاتب عصراني دأب في كتاباته على إثارة الشبهات الواحدة تلو الأخرى
في مقالات نتنة بنتانة الفكر العصراني الخبيث ، في مقال له الثلاثاء الماضي تعرض لمسالة خلق القرآن وصراع ما أسماهم بالحنابلة والمعتزلة ، وحاول خلال هذا المقال المتضلع بالضلال أن يلصق بالمنهج السلفي تهم الجمود وووالخ من التهم الجاهزة ، ناهيك عن تسيس ظهور المبتدعة.. الخ
هذه مقاطع من مقاله مع تعليق سريع بحسب ما سمح لي الوقت وعجالته..
يقول هداه الله وكف عن المسلمين شره :
كيف تكون مقولة أن القرآن منزل غير مخلوق حق في عمومها؟ولأن طبائع العمران البشري (بلغة ابن خلدون) تقتضي بأن تتطرف النظرية المسيطرة على الساحة - لا بإقصاء منافستها فحسب - بل ويفرض أيديولوجية تذهب إلى أٍقصى اليمين فيما يتعلق بالتبشير بأدبيات الفكرة أو النظرية التي تتبناها، فقد أيَّدت النظرة التقليدية، التي أقصت النظرة الاعتزالية من الساحة، نسخة غير قابلة لتطوير مفهوم تفسير النص القرآني ليتوأم مع مستجدات العصر، من خلال أعمال معيارها المشهور (القرآن منزل غير مخلوق) وهو قول حق في عمومه، إلا أنه أنتج فيما بعد تفسيراً للقرآن غير قادر على التفريق بين محاور النص القرآني، ليأتي الاستشهاد في أغلب الأحيان - خاصة فيما يتعلق بنصوص السلوك والعلاقات والحرية الإنسانية - معاكساً تماماً لمراد الله تعالى منها، وسيتضح الأمر أكثر عند عرض نماذج من تلك الاستشهادات المضطربة.
وكيف ينتج اعتقاد أهل السنة والجماعة في القرآن تفسيراً للقرآن غير قادر على التفريق بين محاور النص القرآني، ليأتي الاستشهاد في أغلب الأحيان معاكس لمراد الله؟؟
واضح أن مراده الوصول لتنظير يعطي مساحات أوسع للتلاعب بمعاني نصوص القرآن ، وتجييرها لصالح حرياتهم التي لا يحدها حد دين ولا خلق..!
ثم يأتي بالطامة الكبرى والنظرية المخترعة من لدن شيخ العصريين السعوديين ، والتي حقيقة لأول مرة أقرأها فلم يسبق أن مر علي من يقول بمثلها..!
حيث يقول :
أنظر لخبث قوله: " فما قد يأتي من نصوصه على لسان المستقبل مثلاً، فليس هو من كلام المتكلم تعالى،" هنا لب القصيد لدى أبا الخيل هو يريد نسخ أحكام آيات من القرآن الكريم بقاعدة عصرية جديدة..!! فيأتي لكل ما تكلم به الله حكاية عن بعض المخلوقين ليقول هو ليس من كلام الله وبالتالي فلا يؤخذ منه حكما..!!إلا أن الأمر يستلزم قبل ذلك، الإشارة إلى أن القرآن الكريم عبارة عن نص مركزي تتوزع نصوصه على ثلاثة محاور رئيسية: محور المتكلم ومحور المستقبل ومحور الغائب المتكلم عنه. فما قد يأتي من نصوصه على لسان المستقبل مثلاً، فليس هو من كلام المتكلم تعالى، وإنما هو كلام ساقه الله تعالى على لسان المستقبل (الرسول) لغرض رئيسي في وظيفة النص،
يؤكد ذلك قوله :
ثم يأتي بنماذجه العجيبة :سأعرض هنا نماذج من بعض النصوص القرآنية التي هي محسوبة على محور الغائب، والتي نقرؤها عادة على أنها من كلام الله تعالى ومرادة له سبحانه، والتي تأبدت في المنهج السلفي، كنتيجة نهائية لما أسفرت عنه المعرفة الفكرية والعملية بين (الصفاتية) و(المنزهة) في بدايات التاريخ الإسلامي.
انظروا لمدى مكر وخبث هذا العصراني المأفون..!! يريد نفي ما تكلم الله به وأقره في كتابه وإن كان حكاية عن العزيز ..!!فعندما يريد الوعاظ والقصاص - وما أكثرهم في مجتمعنا - إسقاط نزواتهم الذكورية على المرأة، بصفتها مسؤولة وحدها عن إغواء الرجل، لا يتأخرون عن الاستشهاد بعجز الآية رقم 28من سورة يوسف وهي: (إن كيدكن عظيم)، رغم أنه في حقيقته كلام يحكيه الله تعالى عن غائب معين هو عزيز مصر (رئيس وزرائها) أيام الهكسوس، عندما تأكد من براءة يوسف وتورط زوجته بالذنب، وليس هو بالتالي حكم الله تعالى على المرأة، والغريب أن هؤلاء القصاص لا يجدون حرجاً في أن يصفوا المرأة بنقصان العقل والدين في معرض تأكيدهم تفوق وسيطرة الرجل عليها، وهو قول يتناقض مع القول بعظم كيدها الذي لا يكون عظيماً إلا مع قوة عقلها.
لقد أورد الله تعالى في القرآن مقولات كثيرة تكلم بها غيره فما كان منها باطلا رده وبينه كقول اليهود يد الله مغلولة ، وما كان حقا اقره..!
ناهيكم عن تقسيم أبا الخيل المستحدث للقرآن بجعل شيء منه كلام الله وشيء منه كلام المخلوقين ، وهو مايرمي إليه بقوله في مطلع مقاله أن مقولة ( القرآن منزل غير مخلوق حق في عمومها ) ، أي أننا لو نظرنا للقرآن على التفصيل لوجدنا فيه ما ليس من كلام الله -حسبنا الله وكفى-
ثم انظر للمثال المتوافق مع العصرنة النسوانية ، ومحاولة الظهور وكعادتهم بمظهر المنافح عن هذا المخلوق المضطهد من قبل المتقوقعين على فهوم السلف الصالح الرافضين..!!
ثم وبكل جراة وتطاول يسمي من وصف المرأة بنقص العقل والدين بالقصاص ، اليس رسول الله من وصفها بنقص العقل والدين ..؟؟ هل يرى هذا الضال الأحاديث عبارة عن قصص والرسول قاص..؟؟
ثم النماذج النسواني الثاني :
هذه الاية قد اختلف المفسرو في اسناد قوله تعالى: وليس الذكر كالأنثى أهي أم مريم ، أو رب العزة والجلال ، ومع هذا وعلى فرض أن من قالها هي أم مريم أليس الله تعالى قد اقرها ولم ينكرها..؟؟وبالمثل عندما يريدون تشريع العنصرية الذكورية قبل المرأة، فإنهم لا يترددون عن استصحاب ما جاء في الآية 36من سورة آل عمران (وليس الذكر كالأنثى) وينسبون هذه التفرقة العنصرية لله تعالى، مع أنه معيار عنصري ذكوري إسرائيلي يسوقه الله تعالى في معرض نعيه تلك التفرقة، على هامش سوقه لقصة أم مريم بنت عمران مع نذرها تحرير ما في بطنها ليكون في خدمة المعبد الإسرائيلي الذي لا يقبل في شرف خدمته إلا الذكور.
ثم يا دعاة العقلنة ألا ترون الفوارق الفطرية والطبعية بين المرأة والرجل..؟؟
اي عاقل يقول بالمساواة بينهما سواء في التكوين الخلقي أو الوجداني..؟؟
لم لا يقرأ هذا العبقري كتب أسياده الغرب ممن تكلموا بمنطق العقل وبمنظور الطب عن الفوارق التي لا تعد ولا تحصى بين الرجل والمراة وأقروا بمعنى ليس الذكر كالأنثى ، لأنها موافقة ومتفقة مع العقل والفطرة..؟؟
ثم النماذج الثالث :
هنا يتجلى مدى الضياع والتخبط الذي يعانيه هذا الرجل..!!وفي سياق آخر، يريد هؤلاء إثبات أن التفاوت الاجتماعي بين البشر مراد لله تعالى لكي يسخر الناس بعضهم من بعض، وحاشا رب العزة والجلال عن ذلك، فيأتون بقوله تعالى (أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً). بينما أن هذه الآيات في حقيقتها نعي من الله تعالى على تلك المجتمعات التي اتخذت التفاوت الاجتماعي، والذي هو من صنع البشر أنفسهم، ذريعة للتفاخر والكبر والبطر والسخرية ممن هم أقل مستوى منهم، بدليل أنه تعالى عقّب على هذا المعنى بقوله في نهاية الآية (ورحمة ربك خيرٌ مما يجمعون).
فالآية يتكلم فيها الله بنا الفاعلين الدالة على التعظيم ، وأبا الخيل يقول انها نعي من الله ..الخ
أي تلاعب هذا وأي سقامة فكر..؟؟!
هذه الاية جاءت في سياق الرد على كفار قريش ، الذين قال الله تعالى عنهم في الاية السابقة :
وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم
قال الطبري : يقول تعالى ذكره: وقال هؤلاء المشركون بالله من قريش لما جاءهم القرآن من عند الله: هذا سحر، فإن كان حقا فهلا نزل على رجل عظيم من إحدى هاتين القريتين مكة أو الطائف.
ثم يقول رحمه الله في تفسير الآية وقوله: نَحْن قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الحَياةِ الدُّنيْا يقول تعالى ذكره: بل نحن نقسم رحمتنا وكرامتنا بين من شئنا من خلقنا، فنجعل من شئنا رسولاً، ومن أردنا صدّيقا، ونتخذ من أردنا خليلاً، كما قسمنا بينهم معيشتهم التي يعيشون بها في حياتهم الدنيا من الأرزاق والأقوات، فجعلنا بعضهم فيها أرفع من بعض درجة، بل جعلنا هذا غنيا، وهذا فقيرا، وهذا ملكا، وهذا مملوكا لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضا سُخْرِيًّا. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.ا.هـ
فالله تعالى قدر هذا التفاوت تقديرا كونيا ، -ومنه ما هو من التقدير الكوني الشرعي كاختيار الأنبياء والصالحين - ولا يخلو من مصالح ذكرها تعالى في الاية نفسها من تسخير الناس بعضهم لبعض ، فلو استغنوا عن بعضهم لتعطلت كثير من المصالح ، وهذا مشاهد الآن في الواقع ودل عليه العقل الذي يتشدقون به ، فعلى سبيل المثال أليس ثم دول نفطية ، وأخرى صناعية ، كل منها مسخر للآخر ، وكذا على مستوى الأفراد سواء في النواحي المادية ، أو اختلاف وتفاوت المهن والصناعات..
وما يؤلم حقا ان يتم نشر هذا المقال عبر صحيفة تابعة لبلاد التوحيد ، فاين الرقابة الإعلامية ، واين الالتزام بنظام الإعلام لدين والمرتكز على موافقة الكتاب والسنة ..؟؟
نرجو من علماءنا وولاة أمرنا القيام بما تبرا به ذممهم تجاه هؤلاء الموتورين ..والله ولي التوفيق.
هذا التعليق كتبته على عجالة ومن لديه اضافة ممن هو اكثر أهلية وعلما فساكون شاكرة له ما يثري به هذا الرد المتواضع ، ومن وجد مني خطأ فردني فله مني الشكر سلفا ، ورحم الله امرئ اهدى إلي عيوبي..
رابط المقال :
http://www.alriyadh.com/2007/11/27/article297237.html