بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
أمـــا بــعــد..

فلا يشك مسلم في عداوة الشيطانلنا...فهو عدو مبين لا تخفى عداوته ...
كما قال الله جل وعلا:"ولاتتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين"
وقال جل وعلا لأبوينا من قبل :"ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين"
وقال تبارك وتعالى:"يا بني آدم لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين "
وقال جل وعلا:"إن الشيطان للإنسان عدو مبين"

وأمرنا ربنا جل وعلا أن نتخذه عدوا ولا نتساهل في أمره ونظنه يتركنا لا , بل تجب عداوته ومدافعته ,قال الله جل وعلا:"إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير"

ومن العجب أن نعلم بعظيم عداوةالشيطان وشدة بغضه للإنسان ثم نتخذه وليا ونجيا وقريبا ,قال ربنا جل جلاله:"أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو "
وقال جل وعلا :"ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا"

ثم هو بعد ذلك خذول لمن اتخذه وليا,يورده المهالك ثم يتبرأ منه ويهرب عنه,قال الله جل وعلا:"وكان الشيطان للإنسان خذولا"
ومن ذلك مايرمي به من شباك الوساوس في الصدور وما يطرق به على أبواب القلوب من الشبهات والشكوك فإذا ما استجاب له الإنسان واستسلم للشباك وفتح له الباب الذي طرقه تركه بعد ذلك والكفر الذي أوقعه فيه,قال ربنا تبارك وتعالى:" كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك "

هو عاقبته النار لكن حقدا وحسدا لايريد أن يكون وحده بل يجمع له إخوانا من أعدى أعدائه ليدخلوا النار كما دخلها نعوذ بالله تعالى من النار وما قرب إليها من قول وعمل ونية...

حينما هممت بكتابة هذا الموضوع ..فقط مجرّد هم ولم أفعل.. فاجأتني حرب شديدة وهجوم لاذع من حيث لا أدري ..أردت أن أنصح للمسلمين وأبين لهم بعض خفايا الشيطان لعنه الله تعالى وقد عرفتها من خلال تجربة مررت بها وليس من جرّب وذاق وعرف كمن لم يجرّب ويذق ويعرف..فالذي حصل أنه حاول أن يثنيني عن ذلك بأمور وخواطر ووساوس شديدة قطعتني لفترة عن متابعة ترتيب الموضوع وكتابته..بل أجلب علي بخيله ورجله وزاد انقطاعي .. فأيقنت انه كيد عدوي المبين وازددت عزما على المضي في كتابة الموضوع مستعينة بالله جل وعلا سائلة إياه الهدى والسداد والقبول وأن ينفع بالموضوع المسلمين وذرياتهم..آمين

المحور الأساس لهذا الموضوع هي مكيدةعظيمة من مكائد الشيطان ,الذي رأى أن أبواب الصالحين محكمة الغلق فلا يجد إلى قلوبهم مدخلا .. فضعُف كيده وقارب اليأس أن يقضي عليه ..فالأبواب لا تُفتح له بل وعليها حراس ولها أقفال دونه..هكذا هي قلوب الصالحين والمؤمنين.. بمنّة الله وفضله ورحمته وما أعظمها من نعمة ومنّة والله ..الهداية والصلاح وسلامة الدين كنز لاتعادله كنوز الدنيا منذ خلق الله خليقته..وهدية جليلة رفيعة شريفة آتانا إياهاربنا بلا منّة مّنا ولا فضل بل لله الحمد من قبل ومن بعد..

لذلك حزن الشيطان وغاضه حال أولئك الصالحين لكنه لن يكل ولن يمل..فعمد إلى إزعاج ذلك العبد الصالح بطرق الأبواب عليه وإن لم تُفتح ..لكنه لخبثه ينتظر ولو هزة تهز الباب يريد إستجابة ولو ضعيفة من المؤمن.. ينتظر ولو التفاتةً من المؤمن ناحية الباب ليفتحه ..ينتظر ولوأن المؤمن يصغي أذنه من خلف الباب فقط ليستمع للطارق..يريد أي استجابة ولو ضعيفة فهي منفذ له وإن كانت بحجم رأس الإبرة..

تلك هي أيها المسلمون وســـــــــــاو س الشيطــــــــــ ـان .. تلك الطرقات منه وتلك الجعجعة من فعله ..
كم صرع بها من المسلمين.. وكم جرح بهامن القلوب ..وكم ضيق بها من الصدور
فلا إله إلا الله كم له من مجيب ..وكمله من مضيفين..وكم له من مقربين..
لا إله إلا الله كم تحير منه مسلم..وكم انتكس بسبب ذلك مؤمن..وكم قعد عن المسير مجتهد..

لكن...هل نؤمن بقول الله تعالى:"إن كيد الشيطان كان ضعيفا"؟
هل نؤمن بقول الله جل وعلا:"وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي"
يا صاحب الوسواس تأمّل:"وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي"
ثم تأمل: "فلا تلوموني ولوموا أنفسكم"

هو يطرق فقط فمن شاء فليفتح له الباب..هو ليس عنده إلا جعجعة ولا طحن فيها إنما أنت الذي تطحن إن شئت.. هو يقف بالبذور على الباب لتزرعها إن شئت..لا سلطان له عليك هو مجرد داعي يحمل كرت دعوة وأنت إن شئت فخذ الكرت أو لا تفتح له من الأصل ..هو يعطيك طرف حبل موصول بجهنم وإن شئت فأمسك به وهو سيتكفل بجرّك إليها..

لذلك روي في الصحيحين ( البخاري ومسلم ) عن أبي هريرة - رضي الله عنه – قال : قال رسول الله :
( يأتي الشيطان أحدكم فيقول : من خلق كذا من خلق كذا ؟ حتى يقول : من خلق ربك؟ فإذا بلغه ذلك فليستعذبالله ولينته )

وعن عائشة – رضي الله عنها – قالت : قال رسول الله :
( إن أحدكم يأتيه الشيطان فيقول : من خلقك ؟ فيقول : الله ، فيقول : فمن خلق الله ؟فإذا وجد ذلك أحدكم فليقل : آمنت بالله ورسوله ، فإن ذلك يذهب عنه )(أخرجه الإمام أحمد في مسنده ، وقال الألباني حديث صحيح ، أنظر صحيح الجامع ..

فهنا امرنا النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الأول بأمرين: بالاستعاذة بالله تعالى من الشيطان الرجيم ,ثم قطع الطريق عليه وعدم مسايرته وعدم متابعة النجوى معه وعدم الالتفات لتلك الطّرَقات وإلا فلا تلومن إلا نفسك إن فتحت له الباب..

وفي الحديث الثاني أمرنابقول"آمنت بالله ورسوله"وهذا فيه قطع أيضا لطريق الشيطان وسد للأبواب فيوجهه وحذر من فتح الباب له
إذن هي أمور ثلاثة بإذن الله تعالى مع المداومة عليها سينتفع المريض بهذا البلاء وسيشفيه الله جل وعلا..الاستعاذة بالله جل وعلا من الشيطان الرجيم..
ثم الانتهاء وقطع الطريق وعدم متابعةالخاطر..
قول آمنت بالله ورسوله..

هذه هي الحقيقة العظمى التي ينبغي أن يعيها كل مسلم وهي التي أردت أن أذكّر بها كل مؤمن :
· علينا أن نصدق الله جل وعلا الذي أخبرنا بأن الشيطان أعظم أعدائنا في هذه الحياة ..وعليناأن نوقن بأنه يحاول جرّنا بكافة وسائله وقدراته ومكائده إلى مرافقته في جهنم والعياذ بالله..
· ثم علينا أن نصدق الله جل وعلا أن الشيطان كيده ضعيف ..لا سلطان له علينا.. واعلم أن وساوسه مجرد طرقات لإزعاجك وإشغالك ولتفتح له الباب..وإلا فأنت مؤمن ولله الحمد ولو لم تكن مؤمنا لما أتاك بهذه الحيلة ولماكلّف نفسه أن يطرق أبوابك ليزعجك ويشغلك وما دمت تسمع طرقات الوساوس فاعلم أن لديك إيمان ويقين يحاول الشيطان زعزعته..

· الأمر الآخرأن الهزيمة ستلحق بك إن وضعت كفك في كفه أو أصغيت سمعك لقوله ,وكل ما عليك هو أن تتجاهله ولا تبالي به.. وقبل ذلك عليك بالاستعاذة بالله جل وعلا والانتهاء وقول آمنت بالله ورسوله كما أخبرك بذلك رسولك صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى..

· وتأكد أن هذه الأفكار ليست منك أنت بل هي من عدوك والزم هذا الفهم فإنه سيفيدك كثيرا لا تقل أنامنافق وكافر ومشرك فهذه غاية الشيطان واكبر أهدافه تشكيكك وإيقاعك في الضلال..لا بل انسب ذلك الكفر والشك للشيطان وارمي حباله عليه وقل لست أنا الكافر والضال بل هو أنت, وانوِ بذلك إرغام الشيطان طلبا لمرضاة الله تعالى.. وأيقن بذلك ولاتجعل من وساوسه وأوهامه حقيقةً تعمل بمقتضاها فتخسردينك..

هذه حقيقةأردت تقريرها وتحريرها وبيانها للمسلمين وإن كنت لم آتي بجديد لكن حسبي أن أكون مذكّرة فإن الذكرى تنفع المؤمنين..

وهناك أمورأخرى تجدر الإشارة إليها وتوضيحها ليندحر عدو الله وليُفضح وتُعلم حقيقة حيلته هذه..ليكون العلم بذلك وسيلة بإذن الله تعالى إلى الإقبال على الله جل وعلا واستعادةالسلاح لمجاهدة هذا العدو ومدافعته ..ولينفض غبار الوهم والعجز والكسل والخور والضعف كل من ابتلي بهذاالأمرويستعي د ثقته بالله جل وعلا ولا يستسلم ويدعو إلى السلم وهو الأعلى وهوالغالب بإذن الله تعالى..

فمن وقع فيهذا البلاء وعرفه لابد وأنه قد اكتسب خبرة بعد هذه التجربة .. وعرف شيئا عن مكائدعدوه ومداخله.. ولابد انه قد عرف سرا من أسراره فليكتب لنا هنا بعض تلك الخبرات والأسرار والفوائد لعلها أن تكون بإذن الله تعالى مفتاحا لإصلاح احوال الكثير ممن ابتلوا بوساوس الإيمان والعقيدة ...

لي عودة بإذن الله تعالى...
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات..