وأخيرًا ...
أحب أن أشير إلى الجزء المحذوف من هذه المنظومة والذي يتضح به أنها في الأصل منظومة علمية وليست قصيدة شعرية ، كما أشار أستاذنا عمر خلوف- أحسن الله إليه -
وهاكم الجزء المحذوف من أولها :
عزاء الغرباء
في محنة الضاد والظاء
ضَـادُ الْفَـصيحِ وَ ظَـاؤُهُ إنْ أُعْـجـمَا *** صَـوْتـَانِ مُـشْـتَـبهَانِ فِي الآذَانِ
وَ بدُونَ مَـزْجِ الْمَـخْرَجَـيْ نِ تَــقَــارَبـا *** فِي اللَّـفْظِ ، وَ التَّمْـييزُ بالإمْكَانِ
لَـكِـنَّـهُ عِــنْـدَ الأَعَـاجـمِ مُــعْـضِـلٌ *** وَ مِنَ الصُّـعُـوبَةِ عِـنْدَهُمْ بمَكَانِ
وَ لَدَى الْمُـوَلَّدِ مُـشْكِلٌ مُـتَـعَـسِّـرٌ *** إِلاَّ قَــلِـيـلاً مِــنْ ذَوِي الإتْـقَــانِ
وَ بـذَاكَ نَـصَّ أَئِـمَّـةُ الإسْــلامِ فِي *** آثَـارِهِـمْ مِـنْ سَـالِـفِ الأَزْمَـــانِ
حَـفِـظُوا الْقَـوَاعِدَ وَ الأُصُـولَ نَقِـيَّةً *** خَـوْفًا مِنَ التَّـحْرِيفِ وَ النِّسْـيَانِ
فَاغْـنَمْ بمَا قَدْ أَوْدَعُـوا فِي كُـتْبـهِمْ *** تَـنْـعَمْ بـنُـورِ الْحَـقِّ وَ الْـفُـرْقَـانِ
وَ اظْـفَـرْ بـشَـيْـخٍ حَـاذِقٍ مُـتَمَـكِّنٍ *** مُسْـتَمْـسِكٍ بالْحَـقِّ دُونَ تَـوَانِ
جَـــمَــعَ الـرِّوايـَةَ وَ الـدِّرايـَةَ دَ يِّـنٍ *** وَ امْـتَـازَ بالتَّـحْـقـيقِ وَ الإمْـعَـانِ
فَـاقْـرَأ عَــلَـيْـهِ مُــرَ تِّـلاً مُـتَـمَـهِّـلا ً *** مُـتَـأَدِّبـًا مُـسْـتَـحْـضِـ رَ الأذْهَـانِ
حَـقِّقْ وَ زَيِّنْ كُلَّ حَـرْفٍ وَ اجْــتَهِدْ *** فِي النُّصْـحِ بَعْدَ الْفَهْمِ لِلإخْـوَانِ
عَــمَـلاً بـقَــوْلِ نَـبـيِّـنَـا أَنْ خَــيْـرُنَا *** مُـتَـعَـلِّـمُ ـو وَ مُـعَـلِّـمُـو الْـقُــرْآنِ
و أرجو أن تُفهم الأبيات فهمًا صحيحًا حتى لا تُثار الفتنة مرةً أخرى ، فهناك أكثر من 95 عالمًا صنَّفوا في الفرق بين الضاد والظاء ، وأثبتوا التشابه الواقع بين الحرفين الذي لا ينكره إلا مَن يعجز عن نطقهما نطقًا صحيحًا ، أمَّا مَن ينجح في إخراج كل منهما من مخرجه الدقيق ويحقق صفات كل منهما فلا بد أن يلحظ ذلك التشابه الذي نص عليه العلماء وأهل الأداء كالإمام مكي القيسي (ت437هـ) في الرعاية ، والمحقق ابن الجزري (ت833هـ) في التمهيد ، وغيرهما كثير حتى شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى قد أشار إلى ذلك التشابه .
وغلقًا لباب الفتن ابتداءً أؤكد أنه تَشابُه وليس تماثلاً ولا امتزاجًا ولا إشابة ولا اختلاطًا ، بل هو مُجرَّد تشابه كالذي بين السين والصاد في كلمتَيْ : {محسنين}{محصِنين} مع ملاحظة أن الصاد مكسورة فتكون في أقل مراتب التفخيم .
ولا أقول أبدًا بأنَّ الضاد في القرآن تُقلب ظاءً !!
كيف وقد أنزل الله - عز و جلَّ - قراءتين في سورة التكوير قراءة بالضاد وأخرى بالظاء : {ضنين} و {ظنين} فلو كانا حرفًا واحدًا ما اختلفت القراءتان ، وكذلك لا أقول بأنَّ الضاد تُنطق ممزوجة أو مشوبةً أو مُشَمَّاة بالظاء المعجمة ، لم أقل بذلك أبدًا .
وإنما نص العلماء على تشابه بين الصوتين وليس تطابقًا ، أما مزج الضاد بالطاء المهملة كما هو حال كثير من القراء الآن ، فلم ينص عليه أحد من أهل العلم ، بل النصوص مستفيضة في التحذير من ذلك فهو أحط مراتب الخطإ في نُطق الضاد .
والخلاصة أن الضاد الفصيحة ليست ظائية ولا طائية ولا دالية ، بل يجب أن تكون خالصةً من شوائب تلك الحروف وأن تتحقق فيها رخاوتها واستطالتها وسائر صفاتها .
والتشابه بين الضاد والظاء المعجمتين ليس غاية في ذاته ، بل هو نتيجة وملاحظة .
وهذه المنظومة كانت إعلانًا لمنهجي في التمييز بين الضاد والظاء المعجمتين مع إثبات نوع تشابه بينهما كما نص عليه جمع غفير من أهل العلم دون مزج المخرجين ، فجاءت الأبيات ردًا على من اتهمني - في بلدتي - بقلب الضاد ظاءً معجمة دون أن يستمع لتلاوتي ولو مرة واحدة وبعضهم لم يكن يحفظ جزء عمَّ بل سمعوا أني أدعو إلى الاهتمام بنطق الضاد المعجمة وتخليصها من الطاء المهملة فأوحى إليهم شيطان محسوب على القراء أنني أنادي بقلب الضاد ظاءً معجمة حتى وصل الحال ببعضهم أنَّ كفَّرني !!
والله حسبي ونعم الوكيل .
وكان ذلك في أواخر عام 1427 هـ ، ولكن زالت الغمة بفضل الله وتبين الحق بل وصار الذين اتهموني بالأمس يحاولون إخراج الضاد الفصيحة وبعضهم يعجز فيُخرجها ظائية أو ظاءً خالصةً ولا ينكر عليه أحد لأنه مشهور في بلدتنا ولا حول ولا قوة إلا بالله .
أعتذر عن الإطالة في هذه الفضفضة وأرجو أن يكون الأمر قد اتضح
بحيث لا يُفتح باب الجدال في المسألة من جديد .
و بَقِيَ أن أشير إلى سبب استخدامي لكلمة "الحجة الوضاء" ، ففيها إشارة من بعيد إلى كتاب : (( الحجة الوضاء في إثبات الشبه بين الضاد والظاء ))
للدكتور/ محمود عبد الرحمن اليحيى .
وجزاكم الله خيرًا ووفقنا وإياكم لما يحب ويرضى