بسم الله الرحمن الرحيم
منار السبيل في شرح الدليل
الدرس [ 21]
صلاة أهل الأعذار_صلاة المسافر_ فصل في الجمع
إن الحمد لله تعالى نحمده، ونستعين به ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. ثم أما بعد. قال الشيخ مرعي رحمه الله: (ويلزم المريض أن يصلى المكتوبة قائماً ولو مستنداً، فإن لم يستطع فقاعداً، فإن لم يستطع فعلى جنبه، والأيمن أفضل ويومئ بالركوع، والسجود، ويجعله أخفض، فإن عجز أومأ بطرفه، واستحضر الفعل بقلبه. وكذا القول إن عجز عنه بلسانه، ولا تسقط ما دام عقله ثابتاً، ومن قدر على القيام والقعود في أثنائها، انتقل إليه). باب من الأبواب المهمة وهو باب صلاة أهل الأعذار، كما ذكرنا قبل ذلك أن من قواعد الشريعة التيسير، التيسير في كل أمر نابه تعسير فالشريعة جاءت برفع الحرج ورفع المشقة عن هذه الأمة، فإذا كان الإنسان معذور إذا كان مريض إذا كان كبيرا في السن عاجزا عن بعض العبادات فالشريعة جاءت برفع الحرج والمشقة عنه. فيلزم المريض أن يصلي المكتوبة قائما ولو مستندا، وهذا الأصل،لكن إن عجز عن القيام يقول (يلزم المريض أن يصلي المكتوبة قائما ولو مستندا،) قد يعجز الإنسان أن يقوم في الصلاة لكن لابد أن يتكئ على شيء لكي يستقيم في الصلاة ويقوم يعني يتكئ على شيء فقال يلزمه ذلك، إن عجز عن القيام إلا أن يستند لزمه أن يستند، لحديث« إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم. » طيب سلمنا لا يستطيع الإنسان لا يقوم وحده ولا هو متكئ ماذا يفعل؟ لقوله عليه الصلاة والسلام لعمران بن حصين «صلي قائما فإن لم تستطع فجالسا فإن لم تستطع فعلى جنب»، الحديث هذا رواه الجماعة إلا مسلم. هذا في صلاة الفريضة يلزم الإنسان أن يصلي صلاة الفريضة، صلاة المكتوبة وهو قائم أما صلاة النافلة فيجوز أن يصليها الإنسان من قعود ولكن إن كان يقدر على القيام فله نصف الأجر، وإن كان عاجز عن القيام فله الأجر كامل. يبقى يلزم المريض أن يصلي المكتوبة قائما هذا الأصل، لذلك قال المكتوبة، المكتوبة يعني المفروضة، يبقى احتراز من غير المكتوبة يبقى احتراز من نافلة، فلو أن الإنسان صلى النافلة من غير الفريضة وهو جالس وكان يستطيع القيام فصلاته صحيحة، لكن إذا كان مستطيع كما ذكرنا له نصف الأجر، إذا كان عاجز فالله تبارك وتعالى رحيم له الأجر كامل. عمران بن حصين كان به مرض الباسور أو الناسور فأتى النبي عليه الصلاة والسلام فقال: «صلي قائما فإن لم تستطع فجالسا فإن لم تستطع فعلى جنب»، يبقى بحسب حال الإنسان وبحسب استطاعته والمريض يعلم من حاله كيف يؤدى الصلاة، هو يا ترى يستطيع على الجنب الأيمن أو الأيسر له الجنب الأيسر، أو يا ترى الأيسر من قعود ولا من اتكاء ولا من استناد كل إنسان مريض عافانا الله وإياكم والمسلمين أدرى بحاله، فهو على حسب حاله، لذلك قال عليه الصلاة والسلام: «صلي قائما فإن لم تستطع فجالسا فإن لم تستطع فعلى جنب».طيب الجنب الأيمن ولا الأيسر، والله بالنسبة لو خير يبقى الأيمن أفضل: (الأيمن أفضل ويومئ بالركوع، والسجود، ويجعله أخفض )يبقى الكلام هذا لو خير الإنسان طيب سلمنا إنسان مريض به جروح أو قروح في الجانب الأيمن ولا يستطيع أن يتكئ على الجانب الأيمن يبقى لا يكلف الله نفسا إلا وسعها يبقى على حسب استطاعته يصلي على الجانب الأيسر، يبقى الأيمن أفضل في حالة الاستطاعة أو في حالة التخيير، (ويومئ بالركوع، والسجود، ويجعله أخفض،) الإيماء: الذي هو حركة الرأس، يعني رفع وخفض، هذا الإيماء، يعني يحرك رأسه لا قيام ولا قعود، لا سجود ولا ركوع حقيقي ولكن إيماء، حركة الرأس ( قال الأيمن أفضل ويومئ بالركوع، والسجود، ويجعله أخفض) يعني يجعل السجود أخفض من الركوع وهو ذكر هنا حديث ضعيف ولكن العمل عليه قال لحديث علي مرفوعا وفيه: فإن لم يستطع أن يسجد أومأ إيماء، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه( وإن لم يستطع أن يصلي قاعدا صلى مستلقيا ورجالا مما يلي القبلة،) هذا الحديث حديث ضعيف مرفوع، رواه الدار قطني وضعفه الشيخ الألباني.لكن الصورة هو لن يستطيع أن يفعل غير ذلك، إن لم يستطيع أن يصلي قاعدا سلمنا إنسان لا يستطيع أن يصلي وهو جالس ماذا يفعل؟، قال: ( صلى مستلقيا ورجلاه مما يلي القبلة)،الصورة: ينام مستلقيا، على ظهره رجلاه مما تلي القبلة، بحيث لو رفع رأسه قليلا يبقى يتوجه إلى القبلة شأنه شأن الميت ، هذا الذي يذكره هنا وكان الحديث ضعيف ولكن هذه الصورة التي يستطيع الإنسان أن يفعلها عافانا الله وإياكم. (فإن عجز أومأ بطرفه، واستحضر الفعل بقلبه. وكذا القول إن عجز عنه بلسانه) هذه المسألة مختلف فيها وغير متفق عليها من أهل العلم، سلمنا إنسان متجبس متجبر: كله في حادثة شديدة لا يستطيع له حراك، هل تسقط عنه الصلاة كما هو مذهب يعني قول الإمام أحمد وكما هو مذهب الأحناف أو كما هو اختيار شيخ الإسلام أو قول شيخ الإسلام ابن تيمية، ولا يجب عليه الصلاة ؟كما هي على جماهير أهل العلم من الشافعية والراجح عند الحنابلة وكذلك علماء المالكية وهذا هو الصواب، الصواب فيها قول جماهير أهل العلم إن عجز عن الصلاة أومأ بطرفه،واستحضر الفعل بقلبه، هذا الذي هو يستطيعه ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها وهذا الذي عليه جماهير أهل العلم. وهو الراجح من حيث الدليل.