أحياناً نتصدق على فقير أو مسكين أو نقدم لأحد أي شيء ونقول: خذ هذه وادع لي، أو نقول: لا أريد منك إلا الدعاء.

أتدري أن ذلك يفوت عليك شيئاً من الأجر ؟!

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:
والإحسان إلى الفقراء الذين ذكرهم الله في القرآن قال الله فيهم : { إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم } - إلى قوله - { للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله } وأهل الفيء وهم الفقراء المجاهدون الذين قال الله فيهم : { للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم } الآية . والمحسن إليهم وإلى غيرهم عليه أن يبتغي بذلك وجه الله ولا يطلب من مخلوق لا في الدنيا ولا في الآخرة .

كما قال تعالى : { وسيجنبها الأتقى } { الذي يؤتي ماله يتزكى } { وما لأحد عنده من نعمة تجزى } { إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى } { ولسوف يرضى } وقال : { ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا } { إنما نطعمكم لوجه الله } الآية .

ومن طلب من الفقراء الدعاء أو الثناء خرج من هذه الآية ; فإن في الحديث الذي في سنن أبي داود { من أسدى إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئوه فادعوا له حتى تعلموا أنكم قد كافأتموه } ولهذا كانت عائشة إذا أرسلت إلى قوم بهدية تقول للرسول : اسمع ما دعوا به لنا ; حتى ندعو لهم بمثل ما دعوا ويبقى أجرنا على الله .

[ ص: 112 ] وقال بعض السلف : إذا أعطيت المسكين فقال : بارك الله عليك . فقل : بارك الله عليك . أراد أنه إذا أثابك بالدعاء فادع له بمثل ذلك الدعاء حتى لا تكون اعتضت منه شيئا . هذا والعطاء لم يطلب منهم .

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم { ما نفعني مال كمال أبي بكر } أنفقه يبتغي به وجه الله كما أخبر الله عنه لا يطلب الجزاء من مخلوق لا نبي ولا غيره لا بدعاء ولا شفاعة .
مجموع الفتاوى (ج11ص109ألى 111)