بسم الله الرحمن الرحيم
لماذا تسوف وتؤجل التوبة؟
إن قلت لعل الله لا يتوب علي فهذا سوء الظن بالله وقد قال الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي
إن قلت لأنني من المؤكد أن أعود إلى الذنب
فهذا فيه محظوران:
الأول :أنك تزعم العودة للذنب جازما وهذا من الخرص بالغيب الذي لا يعلمه إلا الله
ومحال أن تجزم أنك واقع لا محالة في الذنب إذ هل لديك من الله كتاب أو برهان أنك لا شك واقع في الذنب مرة أخرى
إن قلت سأعود إلى الذنب جزما ويقينا فأنت تزعم العلم بالقدر والأقدار قدرها الله وحده.
أم إنك منجم وحاشاك ، وكذب المنجمون ولو صدقوا وقال الله تعالى قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله
المحظور الثاني أنك قد طال أملك حتى ظننت أنك تعيش حتى تذنب مرة أخرى وهذا من طول الأمل المحظور فان السلف الكرام كانوا لا يأمنون إن خرج زفير أن يعود شهيق فكيف تجزم بشيء قد لا تفعله إما لعفو وإما لقهر.
ربما أذن الله بالعفو بالتوبة و ألقى نورا في فؤادك فلن تفعل الذنب بعدها أو بالقهر بأن تموت أو تسجن لا سمح الله أو أن تمنع من ذلك الذنب بمنع سببه
إذا لا تجزم أنك تعود إلى الذنب
الله تعالى كان يعد لقاتل المائة نفس توبة انتقل بها فجأة من الأشقياء إلى المرحومين
فهو يعصي ويقتل ويعد الله له رحمة
لذلك لا يجوز لك أن تقول سأعود للذنب يقينا فهذا من التقول على الله سواء قلت ذلك عن نفسك أو عن غيرك كما قال المتألي على الله الذي عير أخاه بالمعصية وأقسم لا يدخله الله الجنة فتاب الله على العاصي وأدخل الحالف النار فان كنت لا بد قائلا فقل يغلب على ظني أني سأفعل ذلك الذنب.
إن موعد إلقاء النور في قلبك ليس إليك بل هو لله وحده فاسأل الله العافية وتب يتب الله عليك.
ولماذا تنتظر أن تكون بلا ذنب وأنت لا بد لك من ذنب وقد قال صلى الله عليه وسلم :ما من عبد مؤمن إلا و له ذنب يعتاده الفينة بعد الفينة أو ذنب هو مقيم عليه لا يفارقه حتى يفارق الدنيا إن المؤمن خلق مفتنا توابا نسيا إذا ذكر ذكر رواه الطبراني عن ابن عباس وصححه الألباني
تب وإن غلب على ظنك أنك تعود للذنب فربما تكون آخر توبة أسأل الله أن يبارك في عمرك.
أما إن قلت وهو المشهور سأتوب (بَعدَين) وهو طول أمل أيضاً : فأقول لك هلا جعلتها (بَعداً) واحداً وهو أن تتوب بعد أن تقرأ هذه المقالة المتواضعة.
اللهم اغفر لنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
أما إخواني المحسنون فأقول لهم : إن الله تعالى دعا جميع المؤمنين إلى التوبة فقال : وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون.
فدعا جميع فئات المؤمنين وهي ثلاث كما بينها القرآن الكريم فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله.
فأنتم -إخواني المحسنين- توبوا فإن رسول الله كان يتوب إلى الله في المجلس سبعين مرة وكان يتوب إلى الله ويستغفر في اليوم مائة مرة.