تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: الأندلس غروب الشمس وبزوغ الفجر

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    المشاركات
    84

    افتراضي الأندلس غروب الشمس وبزوغ الفجر

    في ليلة أرق بها الفؤاد وأصبح ينوح بصوت خافت فمسحت دمع عينيه قائلا : ما بالك أيها المكلوم ، أوَ تشتكي ألما أو تعاني حزنا ، أجفاك حبيب ، أأغضبك قريب ..

    فشهق شهقة كادت تمزق أضلاعي ونحب بصوت عال ، ضممته إلى صدري ، ووضعت أناملي بين جفونه قلت : بح يا قلبُ ، اشكِ ، أنا أسمع أنا أُصغِ ..

    قال : يا مَلِكِي .. أو ما تعلم أن هذه الليلة في تاريخ أمتي ليلة ليلاء سوداء كالقطران ، في هذا اليوم طُعنت أمتي طعنة أنفذت في جسدها فما زالت تبكي دما وتنزف ألما ، ولم نرَ رجالا كصلاح الدين يُضمدون الجراح وينادون بالكفاح ، ناموا وكلما مر عليهم يوم ازداد نوما وكسلا ..

    قلت : أُحلِّفك بالذي خلقك ما هذا الحدث فقد ضقت ذرعا من كلامك ..

    قال وهو يتأوه ويتثاقل بالكلام :: الأندلس .. وما أدراك ما الأندلس، نسيتم خبرها وعفيتم على أثرها فأصبحت نسيا منسيا وتاريخا مطويا ، رضيتم بالدون ، واسترحتم للهوان، وامتطيتم الفراش الوثير ، ونسيتم تاريخا تليدا رفع من بُنيانكم ، وشاد حضارتكم فأصبحتم منارا في دياجير الظلم ، وستارا لقرون الظلام ..

    فوددت البكاء فلم تستطع عيني البكا ، قلت ياعين حتى أنت ؟! جودي بالدمع ياعين جودي ، اتق الله في ولا تذبحيني .. فجادت كالمزن تسح سحا .. فغسلت وجهي بالدمع ثم قلت يا فؤاد اربط على نفسك .. ودعني أدرس حالهم ومآلهم ، فقد خذلني الشيطان فلم أعرف من خبرهم كثيرا .

    قال أنا لها يا سيدي ، هؤلاء أمة أراد الله لهم هجرة بعد الإقامة وسفرا بعد المكث فاستوطنوا بلادا زهرُها باسم وشجرها ضاحك وماؤها جذلان ، وأهلها لم تر عيون أجمل منهم ولا أبهى ، فرفعوا راية الدين واستوثقوا من عرى الإيمان وبذلوا يد العلم، فخصبت أفكارهم وأنتجت ثمار علمهم، فآنقت بلادُهم ، وكانت ثغورهم ملأى بالرجال ، وعقولهم طافحة بالرجحان ..
    وفي كل قرن يعلو كعبهم حتى تمّوا ، وآفة التمام النقصان
    .. لكل شيء إذا ما تم نقصان ..
    فلما صعدوا أعلى المنارة هبّت عليهم ريح عاتية فهبطوا شر هبوط واستأسدت الكلاب من حولهم فتعاوت عليهم من كل ثَنِيَّة وما زالوا ينهشون لحما ويتركون لحما حتى تهارشوا عليها فأكلوها ومزقوها شر ممزق ..

    قلت ياقلب : كفى بالله ، ما هكذا تورد الإبل .. لتأتِينِّي بسلطان مبين ،
    فمكث غير بعيد ثم قال : بلى كانت نعمُ الله عليهم تترى ، وفضله عليهم ظاهر ، فلما رضوا بالحياة الدنيا وخنعوا عن الجهاد سلط الله عليهم عدوا من أنفسهم فتقاتلوا فيما بينهم ، وتسابقوا إلى تيجان الحُكم ، وركلوا الثغور بأقدامهم ورفعوا سلاحهم بوجه إخوانهم فصارت دويلات في دولة ، وملوكا بلا ملك ، فهذا أسد الدين ، وهذا القائم بأمر الله إلخ ..
    ألقاب مملكة في غير موضعها ... كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد .

    فاستعان بعضهم بالشرك على الإسلام كي تسلم له الدنيا ، ورضوا بأكل الخنزير راغبين عن كرام الإبل فحفروا لإخوانهم حفرة سقطوا بها ثم كانت لهم قبرا .

    فأخذت بلادُ الكفر زهرةَ حضارتهم ، ونسبوا لأنفسهم علمهم، فسادوا على الأمم واشتروا الذِّمم ، فدانت لهم البلاد وخضع لهم العباد .
    فغدت الأندلس في التاريخ مكتوبة ، فناحت "قرطبة" وتجاوبت "غرناطة" وبكى "القصر الأحمر" ، "وشاطبة" الثكلى ( وتلك الأيام نداولها بين الناس ). ( يعز من يشاء ويذل من يشاء )
    هي الأمور كما شاهدتها دول .. من سره زمن سائته أزمان
    وهذه الدار لا تبقي على أحد .. ولا يدوم على حال لها شان

    فأطرقت إطراقة استحضرت بها تاريخنا ثم قلت له : والله لمصيبتي ببعض أبناء أمتي أشد من مصيبتي بالأندلس !! .
    فنظر إلي شزرا وقال ما تقول ؟!!
    قلت يا سيدي لم تأخذ أمتي العبرة مما نزل ، بل أعاد التاريخ نفسه ووقعوا في الشراك عَينه .
    فابتسم ضاحكا كالشيخ حين يحدث صبيّه وقال : ارفع رأسك فأنت شامخ ، ورابئ بنفسك أن ترعى مع الهمل ، فما زال الدين قائما ، ورايةُ الله مرفوعة ، وكل يوم يزداد ضياء الإسلام ، وإن نُكبنا في موضع فنحن في غيره قائمون ، وإن ذهبت منا الدماء فلأجل الله نسترخصها ، وإن موعدنا الصبح أليس الصبح بقريب ؟!!

    هذه بوادر النصر لاحت ، وضياء الفجر برق ، فما هي إلا أن نصلي الفجر في جماعة فنكون صفا واحدا يتقدمنا العلماء وتمشي عساكر الإسلام تنبض بشباب الإسلام فنفتح القدس ونصلي فيها الظهر وما تشرق الشمس إلا ونحن على تلال قرطبة ..

    قلت : أراك متفائلا وأنت ..
    فقطع كلامي قائلا : ما خاب من اعتصم بالله واستمسك بحبل رسوله وإن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم والله أكبر والعزة لله .

    فجافيت جنبي عن مضجعي وذهبت لصلاة الفجر .

    تنبيه : تم سقوط غرناطة في 2 ربيع الأول عام 897 هـ ما يوافق 2 يناير 1492
    فقد مضى على سقوطها 520 عاما .

  2. افتراضي رد: الأندلس غروب الشمس وبزوغ الفجر

    حديثٌ ذو شجون ..
    فإنالله وإنا إليه راجعون
    أسأل الله أن يعيد للأمة عزتها .. وأن يمكن لأهل السنة في الأرض ليُعلوا كلمة الله
    ويدعوا الناس إلى لا إله إلا الله ..
    ..
    جزاكم الله خيرا
    كل خير في اتباع من سلف** وكل شر في ابتداع من خلف.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Aug 2009
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    616

    افتراضي رد: الأندلس غروب الشمس وبزوغ الفجر

    سامحك الله
    كم اقشعرَّ جلدي من هذه الذكرى
    كنتُ أسمع أنشودة ترثي المسلمين و تستنصر المسلمين !
    و تهجو الغرب في اعتدائهم على رسول الله صلى الله عليه و سلم
    فصادف أن قرأتُ موضوعك هذا
    فكم ذاب قلبي
    و كم اهتزَّ جسدي
    و إلى الله المشتكى

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    المشاركات
    84

    افتراضي رد: الأندلس غروب الشمس وبزوغ الفجر

    اللهم ءامين بارك الله فيكم طويلبة ..

    يا أيها الطيب صياد فكيف لو سمعت قصيدة أبي البقاء الرندي وإن كانت حين غروب الشمس إذ يقول :

    لِـكُلِّ شَـيءٍ إِذا مـا تَمّ نُقصانُ فَـلا يُـغَرَّ بِـطيبِ العَيشِ إِنسانُ
    هِـيَ الأُمُـورُ كَما شاهَدتُها دُوَلٌ مَـن سَـرّهُ زَمَـن سـاءَتهُ أَزمانُ
    وَهَـذِهِ الـدارُ لا تُبقي عَلى أَحَدٍ وَلا يَـدُومُ عَـلى حـالٍ لَها شانُ
    يُـمَزِّقُ الـدَهرُ حَـتماً كُلَّ سابِغَةٍ إِذا نَـبَت مَـشرَفِيّات وَخـرصانُ
    وَيَـنتَضي كُـلَّ سَيفٍ للفَناء وَلَو كـانَ ابنَ ذي يَزَن وَالغِمد غمدانُ
    أَيـنَ المُلوكُ ذَوي التيجانِ مِن يَمَنٍ وَأَيـنَ مِـنهُم أَكـالِيلٌ وَتـيجَانُ
    وَأَيـنَ مـا شـادَهُ شَـدّادُ في إِرَمٍ وَأيـنَ ما ساسَه في الفُرسِ ساسانُ
    وَأَيـنَ مـا حازَهُ قارونُ من ذَهَبٍ وَأَيـنَ عـادٌ وَشـدّادٌ وَقَـحطانُ
    أَتـى عَـلى الـكُلِّ أَمرٌ لا مَرَدّ لَهُ حَـتّى قَضوا فَكَأنّ القَوم ما كانُوا
    وَصـارَ ما كانَ مِن مُلكٍ وَمِن مَلكٍ كَما حَكى عَن خَيالِ الطَيفِ وَسنانُ
    دارَ الـزَمانُ عَـلى دارا وَقـاتِلِهِ وَأَمَّ كِـسرى فَـما آواهُ إِيـوانُ
    كَـأَنَّما الصَعبُ لَم يَسهُل لَهُ سببٌ يَـوماً وَلا مَـلَكَ الـدُنيا سُلَيمانُ
    فَـجائِعُ الـدُهرِ أَنـواعٌ مُـنَوَّعَةٌ وَلِـلـزَمانِ مَـسرّاتٌ وَأَحـزانُ
    وَلِـلـحَوادِثِ سـلوانٌ يُـهوّنُها وَمـا لِـما حَـلَّ بِالإِسلامِ سلوانُ
    أَتـى عَـلى الـكُلِّ أَمرٌ لا مَرَدّ لَهُ حَـتّى قَضوا فَكَأنّ القَوم ما كانُوا
    دهـى الـجَزيرَة أَمـرٌ لا عَزاءَ لَهُ هَـوَى لَـهُ أُحُـدٌ وَاِنـهَدَّ ثَهلانُ
    أَصـابَها العينُ في الإِسلامِ فاِرتزَأت حَـتّى خَـلَت مِـنهُ أَقطارٌ وَبُلدانُ
    فـاِسأل بَـلَنسِيةً مـا شَأنُ مرسِيَةٍ وَأَيـنَ شـاطِبة أَم أَيـنَ جـيّانُ
    وَأَيـن قُـرطُبة دارُ الـعُلُومِ فَكَم مِـن عـالِمٍ قَد سَما فِيها لَهُ شانُ
    وَأَيـنَ حـمص وَما تَحويِهِ مِن نُزَهٍ وَنَـهرُها الـعَذبُ فَـيّاضٌ وَمَلآنُ
    قَـوَاعد كُـنَّ أَركـانَ البِلادِ فَما عَـسى الـبَقاءُ إِذا لَم تَبقَ أَركانُ
    تَـبكِي الحَنيفِيَّةُ البَيضَاءُ مِن أَسَفٍ كَـما بَـكى لِفِراقِ الإِلفِ هَيمَانُ
    عَـلى دِيـارٍ مـنَ الإِسلامِ خالِيَةٍ قَـد أَقـفَرَت وَلَها بالكُفرِ عُمرانُ
    حَيثُ المَساجِدُ قَد صارَت كَنائِس ما فـيـهِنَّ إِلّا نَـواقِيسٌ وصـلبانُ
    حَـتّى المَحاريبُ تَبكي وَهيَ جامِدَةٌ حَـتّى الـمَنابِرُ تَـبكي وَهيَ عيدَانُ
    يـا غـافِلاً وَلَـهُ في الدهرِ مَوعِظَةٌ إِن كُـنتَ فـي سنَةٍ فالدهرُ يَقظانُ
    وَمـاشِياً مَـرِحاً يُـلهِيهِ مَـوطِنُهُ أَبَـعدَ حِـمص تَـغُرُّ المَرءَ أَوطانُ
    تِـلكَ الـمُصِيبَةُ أَنسَت ما تَقَدَّمَها وَمـا لَـها مِن طِوَالِ المَهرِ نِسيانُ
    يـا أَيُّـها الـمَلكُ الـبَيضاءُ رايَتُهُ أَدرِك بِـسَيفِكَ أَهلَ الكُفرِ لا كانوا
    يـا راكِـبينَ عِـتاق الخَيلِ ضامِرَةً كَـأَنَّها فـي مَـجالِ السَبقِ عقبانُ
    وَحـامِلينَ سُـيُوفَ الـهِندِ مُرهَفَةً كَـأَنَّها فـي ظَـلامِ الـنَقعِ نيرَانُ
    وَراتِـعينَ وَراءَ الـبَحرِ فـي دعةٍ لَـهُم بِـأَوطانِهِم عِـزٌّ وَسـلطانُ
    أَعِـندكُم نَـبَأ مِـن أَهلِ أَندَلُسٍ فَـقَد سَـرى بِحَدِيثِ القَومِ رُكبَانُ
    كَم يَستَغيثُ بِنا المُستَضعَفُونَ وَهُم قَـتلى وَأَسـرى فَـما يَهتَزَّ إِنسانُ
    مـاذا الـتَقاطعُ في الإِسلامِ بَينَكُمُ وَأَنـتُم يـا عِـبَادَ الـلَهِ إِخـوَانُ
    أَلا نُـفوسٌ أَبـيّاتٌ لَـها هِـمَمٌ أَمـا عَـلى الـخَيرِ أَنصارٌ وَأَعوانُ
    يـا مَـن لِـذلَّةِ قَـوم بَعدَ عِزّتهِم أَحـالَ حـالَهُم كـفرٌ وَطُـغيانُ
    بِـالأَمسِ كانُوا مُلُوكاً فِي مَنازِلهِم وَالـيَومَ هُـم في بِلادِ الكُفرِ عُبدانُ
    فَـلَو تَـراهُم حَيارى لا دَلِيلَ لَهُم عَـلَيهِم مـن ثـيابِ الذُلِّ أَلوانُ
    وَلَـو رَأَيـت بُـكاهُم عِندَ بَيعهمُ لَـهالَكَ الأَمـرُ وَاِستَهوَتكَ أَحزانُ
    يـا رُبَّ أمٍّ وَطِـفلٍ حـيلَ بينهُما كَـمـا تُـفَرَّقُ أَرواحٌ وَأَبـدانُ
    وَطفلَة مِثلَ حُسنِ الشَمسِ إِذ برزت كَـأَنَّما هـيَ يـاقُوتٌ وَمُـرجانُ
    يَـقُودُها الـعِلجُ لِلمَكروهِ مُكرَهَةً وَالـعَينُ بـاكِيَةٌ وَالـقَلبُ حَيرانُ
    لِـمثلِ هَذا يَبكِي القَلبُ مِن كَمَدٍ إِن كـانَ فـي القَلبِ إِسلامٌ وَإِيمانُ

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    450

    افتراضي رد: الأندلس غروب الشمس وبزوغ الفجر

    جزاكم الله خيرا.
    و نفع بكم هذه الأمة المكلومة.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    المشاركات
    84

    افتراضي رد: الأندلس غروب الشمس وبزوغ الفجر

    اللهم ءامين وإياكم

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •