تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: تأمّلات في حياة الشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي تأمّلات في حياة الشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني





    تأمّلات في حياة الشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني


    تأمّلات في حياة الشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني ( صاحب كتاب حصن المسلم ) :

    بسم الله الرحمن الرحيم


    • لا أظنّ أنّ أحداً خصوصاً من العُبّاد والصالحين من أمتنا - عربي أو غير عربي - إلا ويعرف كتاب " حصن المسلم " .
    هذا الكتاب العظيم الذي ضربت شهرته أقطار الدنيا ، وسيبقى إلى ماشاء الله من آماد السنين في بقاء ذكر لهذا العالِم الرباني المبارك - نحسبه والله حسيبه ، ولا نزكي على الله أحداً - وقد وافته المنية فجر يوم الأثنين الموافق ١٤٤٠/١/٢١ هجري .
    وحزن المحبون لفقده ، وغبطوه على ماترك من آثار .

    ولي مع سيرة هذا العالِم وقفات مختصرة :

    • فضل الله على عبده وهي - من آثار من وحدانيته -فمن يرفعه الله فلا خافض له ، ومن يخفض فلا رافع له .
    ففي نشأة الشيخ عبرة لأولي الألباب ، فقد نشأ في قرية من قرى عسير ، ومناطق بعيدة عن أنظار النّاس ولكنّ الله - وهو المدبّر لأمر عباده وهو الذي يختار منهم من يشاء - فمن كان يظنّ أنّ هذا الشاب اليافع الناشئ في هذه القرية يسمع به العالَمُ أجمع ، ويصل إنتاجه شرق الأرض وغربها ، وينال كتابُه هذه الشهرة الواسعة !
    والعبرة : أنّك لا تلتفت لنشأتك ، ولا تنظر لمكانك وإقامتك مادام أنّك مخلِصاً لله في عملك ، تحمل همّ نشر دين الله ، وتسعى في نفع أمّتك ، فسيعينك الله ، ويسدد عملك ، ويُبارك لك فيه .

    • أنّ الذي يرفع العبد عند ربه هو لزوم طاعته وانشغاله بما يرضيه - ولا شيء أرضى عند الله من نشر العلم بين الأمّة - . فكم من أصحاب أموال ، وأصحاب جاه عاشوا وماتوا ولم يعلم بهم أحدٌ إلا أهليهم وخاصتهم ولكنّ ناشر علم رسول الله ﷺ مثل صاحب " حسن المسلم " قد ضربت شهرته الآفاق ، فاشتغل بالعلم واسع بنشره سواءً كنتَ كاتباً أو صحاب مال ، أو حريصاً على نشر علم علماء الأمّة .

    • أنّ أشرف أنواع الشهرة ماكانت متعلقة بمايرضي الله ، متصلة بالآخرة ، فهي الباقية التي لا تنقطع ، وأصحابها قد انتسبوا لربهم " فأهل القرآن هم أهل الله وخاصته " ونحسبه منهم ، فما عرفه النّاس إلا بالعلم ونشره .
    وهنا أمرٌ مهم في - قضية الشهرة - فقد يُكتب لبعض النّاس الشهرة ولكنّها قد تكون شهرة وبالاً لصاحبها لا تنفعه بل تضره ، وقد تتولى وسائل الإعلام إعلاء أناس يغترّ العامة بهم ، ومن التلبيس العظيم أنّهم يرفعون شأنهم حتى بعد مماتهم ليستمر النّاس في الضلال وتبقى الجماهير الغفيرة في التيه .

    • مع شهرة كتاب " حصن المسلم " إلا أنّ صاحبه حريصاً على البعد عن الشهرة ، فالشيخ إلى زمن قريب جداً لا يعرف صورته أحد لبعده عن الأضواء وحرصه على الخفاء ، بل أجزم أنّ جمعاً من النّاس لم يشاهدوا وجهه إلا مع خبر وفاته - وقد أخبرني بعضهم بهذا - وهذا هو هدي الصالحين الحريصين على الخفاء .
    فمع شهرة كتابه التي لا يدانيها ولا يقاربها كتاب معاصر إلا أنّ مؤلفه هارباً من الشهرة ساعياً في الخفاء ؛ فليت شعري ماحال من يختار أجمل صورة عنده ليضعها على أغلفة كتبه ، ومونتاجه من صوتيات ونحوها !
    نعم اسع في نشر الخير في أمّتك وقد يتطلب الأمر ظهورك في كثير من الأحيان ولكن اعلم أنّ النّاس ينظرون لظاهرك ، والملك العلاّم خبير بباطنك ، فليكن الإخلاص ورضا الله همّك الأًعظم .

    • جِدِّه في اغتنام حياته ( فأكثر من مائة وثلاثين كتاب ) هي إنتاج الشيخ مابين كتاب كبير ورسائل صغيرة بتحرير وإتقان لم تكن تتأتّى إلا لرجل حريصاً على وقته ، شحيحاً بساعات عمره ، مسابقاً لزمانه ، فليت شعري ما إنتاج من عمّر طويلاً - حتى وإن كان من أهل العلم القادرين على التأليف ونفع الأمّة - ! ( ومن تأمّل في حال الشيخ وجد أنّ التأليف أبقى للعبد ، وأنسأ في الذكر )

    • سلامة قلب الرجل على إخوانه - نحسبه والله حسيبه ولا نزكي على الله أحداً - فلم يعهد عنه أقوالاً تقدح في إخوانه ، ولم يترك كتاباً يضع من قدرهم أو يسمهم بسمات هم براءٌ منها ، فقد كان عفيف القلب ، سليم الجنان ، فعاش نقي القلب ، طاهر السريرة . والتأريخ لا يرحم أحداً .

    • اعتزازه بعلماء عصره ومعرفته لقدره وقدرهم . تأمّل في مؤلفاته لترى تقديره لعلماء العصر ونقله لأقوالهم واعتداده باختياراتهم . وقوفاً عند قدر النفس ، واعترافاً لهم في الفضل ؛ فليت شعري ماحال أنصاف المتعلمين الذي تطفلوا على موائد العلم ، وصاروا يقدحون في العلماء ويحطون من قدرهم .
    إنّ دين الله نصوصه واضحة ، وأحكامه ثابته ، وهي صالحة لكل عصر " والحق قديم " كما قال عمر رضي الله عنه ، لا تغيره الأزمنة ولا يغلبه الباطل .

    • عصامية الشيخ فقد بدأ الشيخ تعليمه وهو في الخامسة عشرة من عمره ، وفي هذا درسٌ وأي درس للخاملين والكسالى ؛ فهذا السنّ الذي بدأ به الشيخ تعليمه ليس هو سنّ الدراسة المعهودة في بلادنا بل صاحب هذا السنّ في الغالب في نهاية المرحلة المتوسطة ، ومع هذا التأخر في الإلتحاق في التعليم إلا أنّه لم يثنه عنه ، بل واصل الشيخ تعليمه وتفوّق حتى حصل على الشهادة العالمية - الدكتوراة - . فلا تيأس يابني ، ولا يحول بينك العلم أي سبب ، فباب التوفق مفتوح للجادين ( والجادون فقط )

    • ذكر بعض الفضلاء أنّه مع أنّ مؤلفات الشيخ زادت على المائة ، ولكنّ الذي ضربت شهرته الآفاق هو ( أصغرها ) وهو ( حصن المسلم ) . فلا تحتقر عملاً صغيراً ، أو مؤلَفاً ذا ورقات يسيرة فربما كان هو أفضل ما أنتجت ، وأبرك ماجمعت ، وقس عليه سائر أعمالك ، فربما كانت أعظم حسنة ما حقرتها عيناك ، وربما كان أثقل عملٍ من أعمالك مالم ترفع به رأساً .

    • سأل بعض الفضلاء : ما الجامع بين انتشار كتاب رياض الصالحين وكتاب حصن المسلم ؟
    فجاء في نفسي أنّ الجواب لسبيبين :
    أولهما : نية الرجلين وإخلاصهم - نحسبهم كذلك ولا نزكي على الله أحداً - . وثانيهما : أنّ الكتابين كلاهما ( مجموع أحاديث نبينا عليه الصلاة والسلام ) فبركة العلم ببركة هذا النبي الكريم وأقواله عليه الصلاة والسلام .
    فينبغي للأمّة أن تهتم بحديث نبيها عليه الصلاة والسلام - علماً وعملاً ومدارسة ونشراً - ففيه الخير والعزة والكرامة .

    • حسن خاتمة الصالحين ، ومن عاش على شيء مات عليه . فقد ذكر أحد أبنائه أنّ آخر يومين للشيخ كان لسانه لا يفتر عن ذكر الله ، وكان يدعو كثيراً ( اللهم اجعل عملي خالصاً لوجهك الكريم ) وقد كانت وفاة الشيخ بسبب مرض السرطان - جعلها الله شهادة ورفعة في الدرجات - وهنا ألفت النظر لأمر لا يعرفه إلا القليل وهو أنّ الشيخ قد مات لها ولدان صالحان هما ( عبدالرحمن وعبدالرحيم ) فاحتسبهم وكانوا له فرطاً بين يديه ، جمعهم الله وأهليهم في جنّته

    • احفظ الله يحفظك . تطالعنا الأخبار ومواقع التواصل حفظ الله لتراث الشيخ ، فهذا يتبرع بطباعة بعض كتبه ، وآخر يتكفل بترجمتها ، وجهات تتولى توزيعها.. في بقاء لعلم الشيخ . فمن حفظ الله وأخلص العمل له حفظه الله وحفظ علمه وأبقى له حسناته .


    ختاماً فالدروس في حياة شيخنا أكثر من تُجمع بمقال صغير ، ولكنّها من باب الواجب علينا ، ولعل الله أن ينفع بها .
    منقول









    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,608

    افتراضي رد: تأمّلات في حياة الشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني

    جزاكم الله خيرا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •